• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : تحقيق في ختان الإناث .

تحقيق في ختان الإناث

الموضوع :تحقيقٌ في ختان الإناث

بسم الله الرحمن الرحيم
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي يتعلّق بختان الاناث الموضوع الذي يكثر الحديث عنه خصوصا في مصر والسودان وعموم الدول الافريقية، نظرا إلى انتشار انواع مختلفة من الختان في مقدمتها الختان الفرعوني وهو الاكثر انتشارا ويشمل ازالة البظر كاملا والشفرتين وتخييط المهبل لتضييقه واحيانا تخييط الرجلين بكيفية معينة، اعتمادا على الحديث الوارد في ختان الاناث، وهناك انواع اخرى اقل حده إلى ان يأتي النوع المسمى ختان السنة وهو عبارة عن ازالة البظر كاملا، ولا يخفى عليكم ان كل هذه الانواع اشبه بقتل المرأة حية واضرار كثيرة ومختلفة ،
فسؤالنا ما حكم كل تلك الأنواع؟ وهل يجب فيها الدية سواء على الوالدين او من يشارك في العملية؟ وما نظرتكم إلى الأحاديث الواردة في ذلك؟ وكيف تشرحونها؟ وما هي فوائد ذلك الناتجة من التجربة العملية للختان الصحيح لا ما ورد فقط في النصوص؟ وما هي الطريقة الصحيحة لعمل ذلك؟ وما حكم الختان للاناث عموما؟ وشكرا نسألكم الدعاء
 

والجواب
                                   

بسمه تعالى
 

و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطيبن الطاهرين.. السلام عليكم ورحمته وبركاته..وبعد.
جاء في الأخبار المستفيضة التأكيد على وجوب الختان للرجال وإباحة أو إستحباب الخفض-وهو الختان-للإناث،ففي خبرٍ عن مولانا الإمام الصادق(عليه السلام) قال:إنّ ثقب أُذن الغلام من السنّة،وختانه من السنّة لسبعة أيام ،وخفض النساء مكرمة وليست من السنّة ولا شيئاً واجباً، وأيّ شيء أفضل من المكرمة؟
وعن مولانا الإمام الرضا(عليه السلام) قال:"..والختان سنّة واجبة للرجل ومكرمة للنساء".راجعوا البحار/الجزء 101باب الختان والخفض....وقد روى العامة نظير هذه الأحاديث،وهو مستفيضة عندهم مثل ما عندنا.
ملاحظة هامة:

لعلّ المراد من ثقب أُذن الغلام هو الانثى وليس الذكر لأنّ من تثقب أذنه للتزيين إنّما هو الأنثى ،فيكون لفظ غلام هو تصحيف "غلامة" وهي أنثى الغلام أو الامة،إذ أنّ السيرة دالة على خرم أُذني الفتاة وليس الذكر،وعلى فرض عدم التصحيف ،فيكون المراد ثقب أذن واحدة للغلام لحكمة إخراج الدم كالحجامةأو لتنشيط مشاعر المولود بوخز الإبرة ،والمعنى الثاني للرواية-أي ثقب أذن واحدة للغلام-هو المتعيّن،   فتأمل جيداً.
وفي تهذيب الأحكام للطوسي عن مولانا الإمام الصادق(عليه السلام) قال: لمّا هاجرت النساء إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هاجرت معهنَّ إمرأة يُقال لها:أُم حبيبة وكانت خافضة تخفض الجواري،فلما رآها رسول الله (صلوات الله عليه وآله) قال لها:يا أُمّ حبيبة !العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟قالت:نعم يا رسول الله إلاَّ أن يكون حراماً فتنهاني عنه،قال:لا،بل هو حلالٌ فادني مني حتى أُعلّمك،فدنت منه فقال:يا أُمّ حبيبة إذا أنت فعلت فلا تنهكي أي لا تستأصلي وأشمّي،فإنّه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج..." وفي رواية عمرو بن ثابت عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:كانت امرأة يقال لهل أم ظبية تخفض الجواري فدعاها النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال:يا أُمّ ظبية إذا خفضت فاشمي ولا تجحفي فإنّه أصفى للون الوجه وأحظى عند البعل" الوسائل/باب 18 من أبواب ما يكتسب به.
وقبل شرح الفقرة المهمة في الحديث وهي قوله:"فلا تنهكي أي لا تستأصلي وأشمّي" ينبغي لكم معرفة الحكمة التي من أجلها وجب الختان على الرجال دون النساء،فلعلّ من أسرارها أنّ الرجل إذا لم يُختتن تتدلى الجلدة على الكمرة أو القلفة فتحبس النجاسة فتمنع صحة الصلاة كمن أمسك نجاسة بفمه وتعقّب بالدعاء والذكر،كما أنّ فيه عدة مصالح كمزيد الطهارة والنظافة،فإنّ القلفة من المستقذرات من هنا صار واجباً على الرجال دون النساء،وقد كثُر ذمّ الأقلف في الأخبار وأشعار العرب،وكان للختان قدرٌ مهم، وله وليمة خاصة.
  وأمّا الخفض-أي الختان- للنساء فقد عبّرت الأخبار عنه بانّه مكرمة،ويستفاد من لفظ "المكرمة"الإباحة اي أنّه أمرٌ مباح شرعاً بشرط أن لا يؤدي إلى ضررٍ وأذية للمرأة فإذا أدّى إلى ضرر ٍ فيحرم ،وقد يستفاد من المكرمة الإسحباب،وعلى كلا الأمرين يجوز للمرأة الخفض إذا لم يؤدِ إلى ضررٍ كما قلنا.
 ومعنى"مكرمة" هو أنّ المرأة المختتنة مكرّمة عند زوجها كما سوف نشرح ذلك بعد قليلٍ. واما حقيقة الخفض للمرأة فهو كالختن للرجل ،لكن بكيفيّة أخرى ومحلها قطعة من اللحم مدلاّة من الغدة أو البظر،والبظر يشبه عُرْف الديك بين الشفرين في أعلى الفرج فوق مدخل الذكر وفوق مخرج البول،فهذه القطعة المدلاة تشاهد عند هزال المرأة وتستر عند السمن ،فيستحب إزالتها لفوائد طبيّة،ولا يجوز لاحدٍ إجبارها على إزالتها،ولو أجبرها أحدٌ وتضررت ضمن الأرش في حال السراية كما لو قطع الجرّاحُ َبظَرَها من أساسه أو بعضاً منه،ولم يتعرّض -بحسب الظاهر- غيرنا من فقهاء الإمامية قديماً وحديثاً عن مقدار الدية،وحيث لم يرد نصٌ خاصٌ يشير إلى مقدار الدية،فيتعيّن فيه الحكومة،بمعنى أنّ تعيين الأرش إنّما يكون بنظر الفقيه المجتهد وهو بدوره يرجع إلى ذوي عدلٍ من المؤمنين كما دلت على ذلك صحيحة عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام قال: دية اليد إذا قُطعت خمسون من الإبل،وما كان جروحاً دون الإصطلام فيحكم به ذوا عدلٍ منكم، ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون" الوسائل/الجزء 19الباب 9من أبواب الشجاج والجراح.
 

والخلاصة:

أنَّه لا يجوز إستئصال الغدة أو البظر وهي النواة على فرج المرأة لما فيها من الفوائد الصحيَّة لها،من هنا نهى رسول الله عن إستئصالها بقوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم):"فلا تنهكي..وأشمّي فإنّه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج" والمراد بالنهك هو المبالغة في القطع ،والشمّ يراد به الأخذ قليلاً من القطعة المدلاة لما في ذلك من النفع واللذة للمرأة عند الجماع لأن الجلدة المدلاّة قد تمنع قليلاً من النفع المقرّر، وقد تكون عائقاً في التطهير من النجاسة،ولعلّ الحكمة في حرمة إستئصال الغدة من أساسها هي أنَّ هذه الغدة المسماة بالبظر إذا دلكت دلكاً ملائماً بطريقة ما تلتذ الأنثى وتحصل على كمال اللذة حتى أنّها لا تملك نفسها فتنزل منيّها بلا جماع،فإنّ هذا الموضع كثير الأعصاب فيكون حسه أقوى ولذة الحكّ هناك أشدّ،ولهذا أُمرت المرأة في ختانها بإزالة المدلاّة لتحافظ على النواة التي تجلب لها السعادة مع زوجها بملاعبة هذا الموضع فيتحرك ماءها فيسرع إنزالها فيوافق إنزال الرجل فتكمل المحبة،وقد صرّح بذلك الاطباء القدامى،وبدوري لم أكن أحبّ ولم أرغب أصلاً في ذكر هذه الأمور ولكنَّ الحاجة اقتضت التفوه بها لبيان النفع المترتب على وجود الغدة ولا يجوز إستئصالها كما يفعل المصريون والسودانيون،فإنّهم قد ألغوا الحكمة من وجود البظر فارتكبوا الجرائر بحق المرأة الضعيفة.
    وإنَّما يستحب الخفض للمرأة في حال ظهرت قلفتها أو عُرفها اي تدلّت القلفة إلى خارج الفرج وإلاّ فلا يستحب،فيدور جواز أو إستحباب الخفض في حال كان للأُنثى قلفة متدليّة،ويسقط الإستحباب في حال لم يكن لها قلفة كما في غير الشرقيات القاطنات في المناطق الباردة،وهذا نظير الختان للرجل ،فلو ولِد الذكر الطفل وليس له قلفة ،يسقط-حينئذٍ- الختان،بل ورد انّه تمر عليه الموسى فقط.
   وبما قدّمنا يتضح أنَّ الخفض ليس عاماً لكلّ النساء حتى اللاتي ليس لهنَّ قلفة،بل هو خاصٌ بمن كنَّ يملكن قلفةً متدليّةً،وذلك لأنَّ خفض الأنثى إنَّما هو لإزالة الفضلة المدلاّة التي تُحرج المرأة عند الإستنجاء في المرحاض ومع زوجها،فإذا انتفت الفضلةإنتفى حينئذٍ إستحباب الخفض،فالخفض يدور مدار وجود القلفة وإلاَّ فلا،فهي سالبة بإنتفاء الموضوع بحسب الإصطلاح المنطقي.كما يتضح أيضاً أنَّ التعدّي إلى البظر منهيٌ عنه بقوله (صلوات الله عليه وآله):"فأشمّي ولا تجحفي ومعناها لا تظلمي بأخذك كثيراً من الموضع المعتاد،وهو ما يدل عليه قوله"فأشمي" أي خذي قليلاً لأنّه أصفى للوجه وأحظى عند الزوج باعتباره يساعد على الإنزال،فإذا زاد عن حدّه ،أدّى ذلك إلى كرب المرأة نتيجة الأوجاع وشدة النزيف مما يؤدي إلى إلتهابات حادة قد تودي بحياة المرأة كما يجري في بعض البلدان التي يقطنها العامة ولا يوجد شيءٌ من هذا القبيل في مجتمعاتنا الشيعية ولله الحمد ربّ العالمين ، والسلام عليكم ورحمته وبركاته.  
 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=101
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 03 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28