• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : يجوز للمؤمن أن يحتقر نفسه لأجل أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام / الإقعاء في الجلوس مكروه/ تعريف الضرورة الدينية .

يجوز للمؤمن أن يحتقر نفسه لأجل أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام / الإقعاء في الجلوس مكروه/ تعريف الضرورة الدينية

الإسم:  *****

النص: 
السلام عليكم شيخنا الكريم نصرك الله
عندي بعض الاسئله ارجوا(أرجو) الاجابة عليها
1-هل يجوز العمل مثل (الكلاب) الجلوس مثلهم أو ربط حبل في الرقبة أو النباح بدعوى نحن (كلاب الامام الحسين) وبالخصوص في محرم وعند طريح سيدنا الامام الحسين عليه السلام؟.
2-أريد تعريف وافي(تعريفاً وافياً) لمعرفة ضروريات الدين 
3-لماذا عندما يبتعد العلماء القدامي عن الضروريات المؤمنين بها لا نقوم بتكفيرهم أو تفسيدهم ولكن عندما عالم من العلماء الان يقوم باقل(بأقل) من ذلك نتسرع في تكفيره. .
وشكراً
 
 
الموضوع الفقهي: يجوز للمؤمن أن يحتقر نفسه لأجل أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام / الإقعاء في الجلوس مكروه/ تعريف الضرورة الدينية / الفتوى بتكفير عالم منحرف مبنية على إنكاره للضرورات الدينية/ إننا نخاف الله تعالى ولا نبيع ديننا بحظوظ دنيانا ولم نكفّر من استحق التكفير عبثاً / لنا وقفةٌ عظيمة يوم القيامة ممن ينتقصون منا ولا يرقبون فينا  حرمة ولا ذمة.
بسمه تعالى

الجواب
السلام عليكم
  الجواب عن السؤال الأول: يجوز للمؤمن ان يمتهن نفسه في سبيل آل محمد سلام الله عليهم، ولكن الأفضل لهؤلاء الطيبين الأشراف رضي الله عنهم أن لا يتشبهوا بالكلاب كالنباح والقعود كالكلب دون  ربط أعناقهم الشريفة برباط تشبيهاً بالكلب الذي يجره سيّده..وليحترزوا عن النباح لأن ذلك شماتة بهم وتعييرهم بنباح الكلاب التي هي صفة لازمة للكلاب...وليستعيضوا عنها بالبكاء والمناجاة مع سادة العباد سلام الله عليهم وعرض النصرة عليهم، ولا ضير في بقية الأفعال، فزادهم الله رفعة وعلواً عند الله تعالى والحجج الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين. وعليهم أن يحترزوا عن القعود كقعدة الكلب وهي الإقعاء المكروه وهو: أن يلصق الرجل إليتيه بالأرض، وينصب ساقيه وفخذيه ويضع يديه على الأرض كما يقعي الكلب... ولو قعد المؤمن على إليتيه ورفع ساقيه وفخذيه دون أن يضع يديه على الأرض فلا يصدق الإقعاء عليه وبالتالي يجوز ولا كراهة في البين وإن كان الأحوط تركه بل يستحب للمؤمن أن يقعد قعدة العبد أي يقعد على ساقيه أو يرفع الساق اليمنى ويقعد على اليسرى.
   الجواب عن السؤال الثاني: الضرورة لغةً بمعنى الحاجة، والضروري هو ما تدعو الحاجة إليه دعاءً قوياً، والضرورة بالمعنى المنطقي هي: الشيء الواضح الي لا يحتاج إثباته إلى إعمال فكرٍ ونظر ولا يحتاج إلى دليل، والتعريف المنطقي أقرب إلى التعريف الشرعي من التعريف اللغوي، لأن الضرورة الدينية هي: ما لا يحتاج إثباته في الشرع إلى دليلٍ بل هو ثابت بالبداهة في الوسط المؤمن.
 وبعبارة أُخرى: إن الضروري الديني هو ما اجمعت عليه الأُمة كالتوحيد والنبوة والإمامة والولاية ولوازمهما: كالعصمة والعلم والحب والبغض في الله، والعدل والمعاد وبقية الأجكام الثابتة بالقطع واليقين كوجوب الصلاة والصوم والحج والخمس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من العقائد والاحكام الثابتة في الشرع بالأدلة القطعية بالبداهة واليقين.
منكر الضرورة :
اتفقوا على كفر من أنكر شيئاً ثابتاً ومعلوماً من الدين بالضرورة، فقال للحرام: هذا حلال، وللحلال: هذا حرام، ودان بذلك فعندها يخرج من الإسلام ويدخل في الكفر، ففي صحيحة بُريد العجلي قال: سألته عن أدنى ما يكون به العبد مشركاً ؟ قال: من قال للنواة إنها حصاة وللحصاة إنها نواة ثمَّ دان به ".
 ولقد أجاد العلامة المحدّث محمد تقي المجلسي العاملي والد المحدث المجلسي صاحب البحار حينما قال رحمه الله تعقيباً على صحيحة بريد العجلي:« فيدخل فيه نصب الأئمة الباطلة ودفع المحقة وجميع ما ابتدعوه في دين الله تعالى وصاروا بذلك مشركين لأنهم جعلوا أنفسهم شركاء الله ، بل الشريك الغالب فإنهم يتركون النصوص بالآراء » . 
  الجواب عن السؤال الثالث: العلماء ليسوا بمعصومين، فهم بشر معرَّضون للإشتباه والخطأ والشهوات والنزوات والضلالات والكفريات...وقد حذَّرت أخبارنا الشريفة من العلماء الضالين والمنحرفين والمشككين والمنافقين والمرتدين....وهذا التحذير انصبَّ على علماء آخر الزمان على وجه الخصوص كما هو واضح لمن جاس خلال ديار أهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم، فإن بعضاً من هؤلاء سيكفرون بمعارف أهل البيت عليهم السلام لأنهم سيميلون إلى التصوف والفلسفة.... ويراد منهما تبني المنهج الصوفي السني والاعتماد على الأحكام العقلية كالقياس والاستحسان والظنون الشخصية في مقابل الأخبار القدسية الصادرة من مشكاة النبوة والولاية...وها هي صحيحة أبي هاشم الجعفري ـــــ كغيرها من النصوص المتواترة الدالة على كفر هؤلاء ـــــ تصدع بالحق وتكشف واقعهم، فقد روى  العلامة الأردبيلي في حديقة الشيعة : نقلا عن السيد المرتضى ابن الداعي الحسيني الرازي ، بإسناده عن الشيخ المفيد ، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه محمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عبد الله ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) ، أنه قال لأبي هاشم الجعفري : " يا أبا هاشم ، سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة ، وقلوبهم مظلمة متكدرة ، السنة فيهم بدعة ، والبدعة فيهم سنة ، المؤمن بينهم محقر ، والفاسق بينهم موقر ، أمراؤهم جاهلون جائرون ، وعلماؤهم في أبواب الظلمة [ سائرون ] ، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء ، وأصاغرهم يتقدمون على الكبراء ، وكل
جاهل عندهم خبير ، وكل محيل عندهم فقير ، لا يميزون بين المخلص والمرتاب ، لا يعرفون الضأن من الذئاب ، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض ، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف ، وأيم الله إنهم من أهل العدول والتحرف ، يبالغون في حب مخالفينا ، ويضلون شيعتنا وموالينا ، إن
نالوا منصبا لم يشبعوا عن الرشاء ، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء ، ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين  والدعاة إلى نحلة الملحدين ، فمن أدركهم فليحذرهم ، وليصن دينه وإيمانه ، ثم قال : يا أبا هاشم هذا ما حدثني أبي ، عن آبائه جعفر بن محمد ( عليهم السلام ) ، وهو من أسرارنا ، فاكتمه إلا عن أهله " .
  أبعد هذا البيان الجلي: يقال لنا كيف يكّفر العلماء المخلصون اليوم علماءً آخرين بدعوى أن بعض العلماء المتقدمين لم يكونوا بالمستوى الضلالي الذي وصل إليه بعض العلماء اليوم...؟!!
  إن بعض العلماء السابقين ممن انحرفوا ببعض الأحكام والعقائد لم يكونوا بهذا المستوى من التشكيك والزندقة بسبب طرح الأخبار الشريفة والعمل بالظنون المنهى عنها شرعاً، بل الظاهر من خلال تتبعنا لبعض آرائهم الفاسدة أن السبب في وقوعهم في الشبهة والإنحراف إنما هو اعتمادهم على ظواهر بعض الأخبار الضعيفة من دون تحقيق ودراية لا سيما ما وقع فيه الشيخ الصدوق رحمه الله في شبهته المعروفة في عدم اعتقاده بنفي السهو عن المعصوم وأن القائل بعصمته عن السهو قد صعد أول درجة في الغلو بحسب زعمه الفاسد....وسبب اشتباهه يعود إلى ظاهر خبر يثبت السهو للمعصوم في الصلاة، والصدوق من الأخباريين الذين يعتمدون على ظواهر الأخبار مهما كانت مضطربة وفاسدة....!.
  وقد فندنا شبهته بإيرادات مهمة في كتابنا الجليل( الفوائد البهية في شرح عقائد الامامية) كما فندها غيرنا ممن سبقونا من أعلام الإمامية كالشيخ المفيد والطوسي والحر العاملي... حتى أن بعضهم نعته بنعوت جارحة...ولم يتساهلوا معه أصلاً، فما ذهب إليه الصدوق كان شبهةً منه اعتماداً على خبر ضعيف، من هنا وقف العلماء بوجهه لمجرد وقوعه في الشبهة من دون أن يكفروه ظناً منهم بأنه وقع في شبهة ولم يتعمد مستكبراً نفي العصمة بل ظاهر كلامه وقوعه في جهل مركب اعتماداً منه على خبر مصدره عامي...بخلاف بعض المنحرفين من علماء هذا العصر فقد تعمدوا طرح الأخبار الشريفة وعمدوا إلى إنكارها والعمل بظنونهم وآرائهم وأقيستهم المبنية على الإنكار للأخبار الشريفة، فلا يقاس الصدوق بغيره من المنحرفين اليوم، ولا يقاس عالم من علماء الشيعة القدامى بعالم بتري من علماء هذا العصر....فكيف يمكن المصير إلى مساواة الفريقين مع وجود بَونٍ شاسع بينهم من حيث تبني الأخبار وطرحها..؟؟! فالسابقون تبنوا الأخذ بالأخبار في حين أن البعض اليوم يرفض الأخبار...احكم يا تاريخ... واحكموا يا عقلاء...!!
 والخلاصة: ولعلَّ تقريعك في السؤال متوجه إلينا، لذا نحب أن نذكّرك بالتالي:
  إننا نخاف الله تعالى ولا نبيع ديننا بحظوظ دنيانا، ولو أردنا الدنيا لكنا دخلنا فيها وتمتعنا بلذائذها من فسيح أبوابها بعدما عرضت علينا من قبل جهات ذات ثقل سياسي وديني تموله جهات شيعية إقليمية لأجل السكوت عن الضلال والهرطقات التي تصدر من عمائم شيعية هنا وهناك فهتكت الأعراض وسفكت الدماء وحللت الحرام وحرمت الحلال وشرَّعت البدع باسم الدين والتشيع....لكن معاذ الله تعالى أن نفعل ذلك ونحن نترقب نزولنا إلى قبرٍ لوحدنا فنقوم للحساب على كل صغيرة وكبيرة فعلناها...وبأي عين سنقابل الملائكة الكرام وساداتهم الاولياء رسول الله وآله الأطهار عليهم السلام إذ حللنا حرام الله وحرمنا حلاله...؟ إننا عندما نكّفر بعض العلماء لا لأننا نحب تكفيرهم لعداوات شخصية ونزوات دنيوية..كلا ثم كلا ! بل لأننا نجد أنهم انحرفوا عن الطريقة المستقيمة والمنهج الصحيح الذي رسمه لنا القرآن الكريم وأحاديث النبي الكريم وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام..ولم نكفّر بعض العلماء القدامي لمَّا انحرفوا عن بعض الضروريات لانهم ــــ كما أشرنا سابقاً ـــ لم يتعمدوا طرح الأخبار كما يتعمده اليوم ثلة من بترية العمائم..! فعندما كفّرنا كمال الحيدري لأنه طرح مجمل الأخبار الشريفة ناعتاً لها بأنها من أخبار كعب الأحبار ولم نكفر الصدوق لأن الأول طارح للأخبار متعمداً في طرحها بضرس قاطع، وقد حكمت الأخبار بكفر كل طارح لها عن سابق تصور وتصميم...وأين هذا من الشيخ الصدوق الذي لم يطرح خبراً واحداً حرصاً منه على جمع الأخبار والحفاظ عليها..؟! فلم يصدر من الصدوق إنكار للأخبار المطلقة بل حاول الجمع بينها فكان جمعه غيرَ صائب فوقع في الشبهة والخطأ....وهكذا عندما كفّرنا أسد قصير فلأنه طرح الأخبار التي فاقت التواتر بعشرات المرات الدالة على كفر أعمدة السقيفة الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية، هؤلاء الأربعة الذين حكم عليهم أسد قصير بأنهم مسلمون وليسوا نواصب وكفاراً مع أن الأخبار القطعية الصدور حكمت عليهم بالكفر والنصب والعداوة لله ولرسوله وأهل بيته الطيبين عليهم السلام...وكذلك الحال في تكفيرنا للشيخ ياسر عودة لإنكاره الضروريات الدينية المجمع على صحتها ووجوب الإعتقاد بها....وهكذا عندما كفّرنا الشيخ عبد الأمير قبلان فلأنه طرح الأخبار التي فاقت التواتر بعشرات المرات أيضاً الدالة على أن مبغض أمير المؤمنين عليه السلام كافر وابن حرام، فقلبها الشيخ قبلان رأساً على عقب ناعتاً المبغض لأبي بكر وعمر وعثمان بأنه ابن الحرام ....وكذلك الحال عندما كفرنا محمد حسين فضل الله ومن يسير على خطاه لأنهم طرحوا الأخبار وعملوا بالظنون والأقيسة والإستحسانات وحللوا الحرام وحرموا الحلال...فالأخبار الشريفة هي التي أمرتنا بتكفيرهم ولم نفتِ بالتكفير من دون دليل وبرهان وإلا لدخلنا في الكفر والعياذ بالله..
  نحن عبيد مأمورون نعمل بأوامر أئمتنا الطاهرين عليهم السلام فنكفِّر من كفَّروا ونحكم بالصلاح والإيمان على من آمن واتقى وسلّم بما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد أوضحنا لك في جوابنا على سؤالك الثاني بأن الكافر هو من أنكر ضرورة من ضروريات الدين فكيف الحال بمن أنكر الضرورات القطعية التي قامت الأدلة والبراهين القطعية على ثبوتها في الكتاب والسنة المطهرة....!!!
 أبعد هذا تقولون لنا: بأن ما فعله اليوم بعض العلماء أقل بكثير مما فعله القدامى..؟1 لا والله بالله تاللهِ...فما ادعيتموه خلاف الواقع والحقيقة فانتبهوا جيداً ولا تتسرعوا بالحكم علينا وعلى أعلام الطائفة بما نحن منه بريئون...فإن لنا مع كلّ متهم ومنتقصٍ وقفةٌ طويلة يوم تشخص فيه القلوب والأبصار...ونتمنى ألا تكونوا واحداً منهم....فاليوم عمل بلا حساب وغداً حساب بلا عمل.
 ونحن لمَّا كفرنا من سبق منا ذكرهم لك... فإنما لأجل إنكارهم عن سابق علم وتصور وتصميم وتقصير لا عن جهل وقصور، وهو ما فعله غيرنا من أعلام الإمامية حيث كفّروا كلَّ شخصٍ منكر للضرورة الدينية الثابثة في الكتاب والسنَّة، ولكنهم لم يتجاهروا بالفتوى كما تجاهرنا رغبة منا في بيان الحق والمجاهرة به ولجم الباطل وطمسه حتى لا يغتر بهم المؤمنون وحتى لا يقولوا يوم القيامة إنّا كنا عن هذا غافلين...فالحق حقٌّ وإن كره الناس، والباطل باطل وإن أحبه الناس...فاعرف الحقَّ تعرف أهله ولا تكن أُمعة تتلقى كل باطل يحوم حولك....والعاقبة للمتقين...والسلام عليكم.
 
كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد
محمد جميل حمود العاملي
 بيروت بتاريخ 29 ربيع الاول 1436هـ.

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1109
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28