• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : علم الرجال .
              • القسم الفرعي : مواضيع رجاليّة .
                    • الموضوع : جابر بن يزيد الجعفي رضي الله عنه ثقة جليل .

جابر بن يزيد الجعفي رضي الله عنه ثقة جليل

الإسم:  *****

النص: 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
سماحة المرجع الديني الكبير اية الله العلامة المحقق الفقية الشيخ محمد جميل حمود العاملي دام ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سماحة المرجع دمتم بالعز والهنا
ارفع الى مقامكم العالي السؤال والاستفسار الاتي ونأمل من سماحتكم الاجابة والتوضيح والتوجيه في الفهم 
سؤالي حول ماذكره المحقق محمد هادي معرفة في كتاب - صيانة القران من التحريف - الفصل الرابع - شهادات ضافية بنزاهة موقف اعلام الامامية عن القول بالتحريف - في الرد على الشيخ خالد عبد الرحمن العكي المدرس بأدارة الاقتاء العام بدمشق عندما يستشهد بتفسير جابر بن يزيد الجعفي - ص 89 - 90 يرد الشيخ هادي معرفة ( اما جابر الجعفي فقال النجاشي روى عنه جماعة غمز فيهم وظعفوا وكان في نفسه مختلطا وكان شيخنا ابو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله ينشدنا أشعارا كثيره في معناه تدل على التخليط - وقل ماورد عنه شيء في الحلال والحرام له كتب منه التفسير ) وكانت نسخة جمع فيها مازعمه حديثا عن الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام وليس تفسيرا شاملا
- السؤال - العلامة هادي معرفة ينقل كلام الشيخ النجاشي ظاهره قدح في جابر الجعفي - كان مختلطا وعباره - وجمع مازعمه حديثا عن ابي جعفر الباقر عليه السلام يشعر من تعبير العلامة هادي معرفة ان التفسير الذي جمعه جابر بن يزيد الجعفي هو مشكوك فيه وهو من تلفيق جابر الجعفي وينسبه لمولانا الامام الباقر عليه السلام فما هو قول سماحتكم في هذة المسألة وفي وثاقة جابر بن يزيد الجعفي وكلام العلامة هادي معرفة فيه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
الموضوع الرجالي: جابر بن يزيد الجعفي رضي الله عنه ثقة جليل / الخلاف حول وثاقة جابر بن يزيد الجعفي / الأدلة الواهية في تضعيف جابر الجعفي/ الإيراد على دعاوى المضعفين لوثاقته/ أسباب الطعن على جابر رضي الله عنه/ وجوه طعن المخالفين في جابر/ سماع المكذبين لحديث جابر وروايتهم عنه/ الطعن على جابر الجعفي لم يكن لشخصه المبارك بل كان لأجل معتقده ومذهبه الحق / الطعن على جابر لم يكن عن صناعة علمية / الطعون على جابر كانت سياسية/ علو المعنى في روايات جابر / علاج الخبرين المضعفين لجابر/ الأخبار المادحة لجابر /  تأويلنا لخبر زرارة القادحة في جابر وهي قوله عليه السلام:" :" ما رأيته عند أبي قط إلا مرة واحدة ، وما دخل عليَّ قط " /  رأي الموثقين لجابر الجعفي.

بسمه تعالى
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب:
 ثمة خلاف بين الأعلام الرجاليين حول وثاقة جابر بن يزيد الجعفي، المشهور حكم بوثاقته وآخرون ضعفوه، والأقوى عندنا وثاقة الراوي الجليل جابر بن يزيد الجعفي، وسبب الإختلاف في أحاديث جابر هو نقله الأعاجيب عنهم سلام الله عليهم، وقد جاء عنهم " أن أمرهم صعب مستصعب لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد امتحن الله قلبه بالإيمان"؛ وإليكم التفصيل:
رأي المضعفين لجابر بن يزيد الجعفي:
عمدة أدلتهم على تضعيفه هو أربعة أدلة هي التالي:
(الدليل الأول): أن جلَّ من روى عنهم جابر رضي الله عنه هم من الضعفاء؛ ومنهم النجاشي وابن الغضائري؛ والثاني بالرغم من توثيقه لجابر إلا أنه ضعَّف من رووا عنه؛ فحكم بضعف الأخبار التي فيها عمرو بن شمر الجعفي ومفضّل بن صالح السكوني ومنجل بن جميل الأسدي، ورأى الترك لما رواه هؤلاء عنه والوقف في الباقي إلا ما خرج شاهداً.
(الدليل الثاني): ادعاؤهم على جابر الجعفي بأنه كان مختلطاً؛ منهم النجاشي وما نسبوه إلى المفيد في أشعاره حول اختلاط جابر .
(الدليل الثالث): قلة روايات جابر في الحلال والحرام.
(الدليل الرابع): نفي الإمام الصادق عليه السلام ـ كما في رواية ابن بكير ـ بأن يكون قد دخل عليه جابر يوماً ما، ما يعني أنه كان مخلطاً على الإمام عليه السلام والعياذ بالله تعالى.
 
نورد على الدليل الأول بالوجهين الآتيين:
(الوجه الأول): الحكم على من رووا عنه بالضعف مصادرة على المطلوب، ولا يكون مناطاً للحكم عليه بالتضعيف، إذ لا ملازمة بينهم وبين جابر الجعفي، لا سيما إذا كانت روايتهم عنه في أخبار موثوقة الصدور، لأن رواية الضعيف عن الثقة لا يخرج الثقة عن وثاقته وجلالته، فبناءاً على المسلك الأصولي القائل بحجية الخبر الموثوق الصدور لا غبار في وثاقة جابر حتى على مسلك من ضعفه؛ وأما بناءاً على القائلين بحجية خبر الثقة فلا يكون جابرٌ الجعفي ضعيفاً لمجرد ضعف الراوين عنه ، بل غاية ما يمكن القول بحقها بأنها ضعيفة من دون الحكم عليه بالتضعيف، إذ لا ملازمة كما أشرنا بينه وبينهم، ولكن تضعيف أخبارهم على كثرتها يستلزم رد أخبار ائمتنا الطاهرين عليهم السلام وهو منهيٌّ عنه شرعاً، مع التأكيد بأن مجرد كون الخبر ضعيفاً لا يبرر طرحه من الأساس كما فصّلنا ذلك في بقية بحوثنا الرجالية حول الخبر الضعيف... كما لا يكون تضعيفهم حجةً شرعيةً يحتج بها، إذ لا يعدو تضعيفهم سوى اجتهاداً منهم بحسب تصوراتهم وموهوماتهم التي لا تغني ولا تسمن من جوع، فمداركهم الضعيفة تعارضها مدارك قوية كما سوف ترون.
(الوجه الثاني): إن جلَّ من حكموا عليه بالتضعيف لروايته عن جابر ليس سوى نظرة حدسية لا حسية فلا تكون حجةً شرعية على الباقين المعارضين لهم، فمثلاً:
 عمرو بن شمر: وإن ضعفه النجاشي إلا أن ابن قولويه القمي قد وثقه وروى عنه في كتابه كامل الزيارات الذي أشار في مقدمته بأنه لا يروي فيه إلا عن الثقاة، وكذا وثقه الشيخ المفيد باعتماده على أخباره وكذا المحدث النوري في المستدرك/ الفائدة الخامسة في شرح مشيخة الفقيه في طريق الصدوق إلى جابر بن يزيد الجعفي معتمداً في ذلك على رواية الأجلاء وخمسة من أصحاب الإجماع عنه.
والمفضل بن صالح السكوني: فهو ضعيف عند النجاشي وابن الغضائري إلا أنه ثقة عند آخرين وذلك لرواية الأجلاء عنه ومن أجمعت الطائفة على الأخذ بأخبارهم: كابن أبي عمير وابن المغيرة والحسن بن محبوب، وقد شهد البزنطي بوثاقته والاعتماد عليهن ويؤيده كونه كثير الرواية وسديدها ومفتيّ بها ورواياته صريحة في خلاف الغلو الذي ألصقوه بهن نعم فيها زيادة ارتفاع شانهم عليهم السلامن ولعلّه لهذا حكم عليه بالغلو لزعمهم أن هذا تعدٍّ عن القدر الذي ينبغي أن ينسب أهل البيت عليهم السلام إليه ولا يخفى فساد هذا التصور.
ومنخل بن جميل الأسدي: فهو وإن ضعفه بعضٌ لكن بعضاً آخر وثقه، وعمدة تضعيفهم له هو تصورهم لأخبار الغلو التي رواها، وقد انكرها العلامة البهبهاني نافياً أن تكون أخباره فيها شيء من الغلو....
 وبما تقدم يتضح: أن ما حكموا عليه بالتضعيف لمن روى عن جابر يتعارض مع من حكموا عليهم بالوثاقة، فيترجح قولهم على قول أولئك من حيثية صدق القائلين بالوثاقة لأكثريتهم ولموافقتها لحجية الأخبار الموثوقة الصدور...وبهذا الإيراد يتم نقض ما أوردوه على تضعيف جابر بن يزيد الجعفي.
 
الإيراد على الدليل الثاني الذي أسسوه لتضعيف جابر الجعفي بالوجوه الآتية:
(الوجه الأول): إن الأخبار الصحيحة مدحت جابر بن يزيد الجعفي وأطرت عليه كثيراً؛ وعلى فرض تخليطه وفساد عقله في آخر عمره، فلا يمنع ذلك من لزوم الأخذ برواياته حين اعتداله وسلامته.
(الوجه الثاني): إن دعوى النجاشي في اختلاط جابر الجعفي وعدم الاعتداد برواياته، يعارضها شهادة الأجلاء بوثاقته كابن قولويه وعلي بن ابراهيم والشيخ المفيد في رسالته العددية، وكذلك شهادة ابن الغضائري بالوثاقة ولقول الإمام المعظم الصادق عليه السلام في صحيحة زياد:" إنه كان يصدق علينا "؛ فهذه الأمور لا يمكن أن يعارضها قول النجاشي وأشعار المفيد الدالة على اختلاطه .
(الوجه الثالث): إن دعوى الاختلاط لم تكن واقعية بل إن ما حصل لجابر إنما هو تجنن ـ أي تظاهر بالجنون ـ لما ورد في صحيحة النعمان بن بشير الواردة في أصول الكافي باب الحجة ح رقم 4؛ ويؤيدها أخبار أُخرى.
والرواية هي التالي: الكليني بإسناده عن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كُنْتُ مُزَامِلاً لِجَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ فَلَمَّا أَنْ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ دَخَلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَوَدَّعَه وخَرَجَ مِنْ عِنْدِه وهُوَ مَسْرُورٌ حَتَّى وَرَدْنَا الأُخَيْرِجَةَ ـ أَوَّلَ مَنْزِلٍ نَعْدِلُ مِنْ فَيْدَ إِلَى الْمَدِينَةِ ـ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَصَلَّيْنَا الزَّوَالَ فَلَمَّا نَهَضَ بِنَا الْبَعِيرُ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ طُوَالٍ آدَمَ مَعَه كِتَابٌ فَنَاوَلَه جَابِراً فَتَنَاوَلَه فَقَبَّلَه ووَضَعَه عَلَى عَيْنَيْه وإِذَا هُوَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ وعَلَيْه طِينٌ أَسْوَدُ رَطْبٌ فَقَالَ لَه مَتَى عَهْدُكَ بِسَيِّدِي فَقَالَ السَّاعَةَ فَقَالَ لَه قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَالَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَفَكَّ الْخَاتَمَ وأَقْبَلَ يَقْرَؤُه ويَقْبِضُ وَجْهَه حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِه ثُمَّ أَمْسَكَ الْكِتَابَ فَمَا رَأَيْتُه ضَاحِكاً ولَا مَسْرُوراً حَتَّى وَافَى الْكُوفَةَ فَلَمَّا وَافَيْنَا الْكُوفَةَ لَيْلاً بِتُّ لَيْلَتِي فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُه إِعْظَاماً لَه فَوَجَدْتُه قَدْ خَرَجَ عَلَيَّ وفِي عُنُقِه كِعَابٌ قَدْ عَلَّقَهَا وقَدْ رَكِبَ قَصَبَةً وهُوَ يَقُولُ أَجِدُ مَنْصُورَ بْنَ جُمْهُورٍ أَمِيراً غَيْرَ مَأْمُورٍ وأَبْيَاتاً مِنْ نَحْوِ هَذَا فَنَظَرَ فِي وَجْهِي ونَظَرْتُ فِي وَجْهِه فَلَمْ يَقُلْ لِي شَيْئاً ولَمْ أَقُلْ لَه وأَقْبَلْتُ أَبْكِي لِمَا رَأَيْتُه واجْتَمَعَ عَلَيَّ وعَلَيْه الصِّبْيَانُ والنَّاسُ وجَاءَ حَتَّى دَخَلَ الرَّحَبَةَ وأَقْبَلَ يَدُورُ مَعَ الصِّبْيَانِ والنَّاسُ يَقُولُونَ جُنَّ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ جُنَّ فَوَاللَّه مَا مَضَتِ الأَيَّامُ حَتَّى وَرَدَ كِتَابُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى وَالِيه أَنِ انْظُرْ رَجُلاً يُقَالُ لَه - جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ فَاضْرِبْ عُنُقَه وابْعَثْ إِلَيَّ بِرَأْسِه فَالْتَفَتَ إِلَى جُلَسَائِه فَقَالَ لَهُمْ مَنْ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ قَالُوا أَصْلَحَكَ اللَّه كَانَ رَجُلاً لَه عِلْمٌ وفَضْلٌ وحَدِيثٌ وحَجَّ فَجُنَّ وهُوَ ذَا فِي الرَّحَبَةِ مَعَ الصِّبْيَانِ عَلَى الْقَصَبِ يَلْعَبُ مَعَهُمْ قَالَ فَأَشْرَفَ عَلَيْه فَإِذَا هُوَ مَعَ الصِّبْيَانِ يَلْعَبُ عَلَى الْقَصَبِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي عَافَانِي مِنْ قَتْلِه قَالَ ولَمْ تَمْضِ الأَيَّامُ حَتَّى دَخَلَ مَنْصُورُ بْنُ جُمْهُورٍ الْكُوفَةَ وصَنَعَ مَا كَانَ يَقُولُ جَابِرٌ ".
 ملاحظة هامة: إن ما أخبر به جابر الجعفي كان مما أخبره وصي الأوصياء الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين باقر علوم النبيين ( عليهم السلام ) .  ثم إن الحديث الذي رواه الكليني كما مر قد رواه محمد بن محمد بن النعمان المفيد في الإختصاص بإسناد صحيح عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن أحمد بن النضر الخزاز ، عن النعمان بن بشير ، قال : زاملت جابر بن يزيد الجعفي إلى الحج . وذكر الحديث نحو ما في الكافي ، مع اختلاف في بعض ألفاظه :
منها قوله : ( وأقبل يدور في أزقة الكوفة وهو يقول . . . ) . ومنها قوله : ( فلما كان بعد ثلاثة أيام ورد كتاب هشام بن عبد الملك على يوسف بن عثمان أن انظر رجلا من جعفي يقال له . . . ) . ومنها قوله : ( فلما قرأ يوسف بن عثمان الكتاب التفت إلى جلسائه فقال : من جابر بن يزيد ؟ فقد أتاني من أمير المؤمنين يأمرني بضرب عنقه ، وأن أبعث إليه برأسه ، فقالوا : أصلح الله الأمير ، هذا رجل علامة ، صاحب حديث وورع وزهد ، وإنه جن وقد خولط في عقله ، وهو ذا في الرحبة . . . ) . ومنها قوله : ( فما مضت الأيام حتى جاء منصور بن جمهور فقتل يوسف بن عثمان ، فصنع ما صنع ) .
وقد روى الحديث ابن شهرآشوب في المناقب في آيات الأمام أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) .
  ومن روايات تجنن جابر الجعفي ما رواه أبو عمرو الكشي في رجاله ( ص 194 / رقم 344 ) : نصر بن الصباح ، قال :حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن محمد البصري ، قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : خرج جابر ذات يوم وعلى رأسه قوصرة راكبا قصبة ، حتى مر على سكك الكوفة ، فجعل الناس يقولون : جن جابر ، جن جابر ، فلبثنا بعد ذلك أياما ، فإذا كتاب هشام قد جاء ، بحمله إليه ، قال : فسأل عنه الأمير ، فشهدوا عنده أنه قد اختلط ، وكتب بذلك إلى هشام ، فلم يعرض له ، ثم رجع إلى ما كان من حاله الأول .
 وروى الكشي أيضا ( ص 192 / رقم 337 ) : عن حمدويه ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الحميد بن أبي العلاء ، قال : دخلت المسجد حين قتل الوليد ، فإذا الناس مجتمعون ، قال : فأتيتهم ، فإذا جابر الجعفي عليه عمامة خز حمراء ، وإذا هو يقول : حدثني وصي الأوصياء ، ووارث علم الأنبياء محمد بن علي ( عليهما السلام ) ، قال : فقال الناس : جن جابر ، جن جابر .
  وروى الكشي أيضا ( ص 195 / رقم 346 ) : عن نصر ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، قال : حدثنا علي بن عبيد ومحمد بن منصور الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صدقة ، عن عمرو بن شمر ، قال : جاء العلاء بن يزيد رجل من جعفي ، قال : خرجت مع جابر لما طلبه هشام حتى انتهى إلى السواد ، قال : فبينا نحن قعود ، وراعي قريب منا ، إذ لفتت نعجة من شاته إلى حمل ، فضحك جابر . فقلت له : ما يضحكك يا أبامحمد ؟ قال : إن هذه النعجة دعت حملها فلم يجئ . فقالت له : تنح عن ذلك الموضع ، فإن الذئب عام أول أخذ أخاك منه . فقلت : لأعلمن حقيقة هذا أو كذبه ، فجئت إلى الراعي ، فقلت له : يا راعي ، تبيعني هذا الحمل . قال : فقال : لا . فقلت : ولم ؟ قال : لأن امه أقوة [ أفرة ] شاة في الغنم ، وأغرز هادرة ، وكان الذئب أخذ حملا لها عند عام الأول من ذلك الموضع ، فما رجع لبنها حتى وضعت هذا ، فدرت . فقلت : صدق . ثم أقبلنا ، فلما صرت على جسر الكوفة نظر إلى رجل معه خاتم
ياقوت . فقال له : يا فلان خاتمك هذا البراق أرنيه . قال : فخلعه ، فأعطاه ، فلما صار في يده رمى به في الفرات . قال الآخر : ما صنعت ؟ ! قال : تحب أن تأخذه ؟ قال : نعم . فقال بيده إلى الماء ، فأقبل الماء يعلوه بعضه على بعض حتى إذا قرب تناوله ، وأخذه .
  والحاصل: إن اختلاط جابر الجعفي لم يكن واقعياً وإنما هو تجنن أمره به إمامنا الباقر عليه السلام حفظاً على حياته؛ ذلك لان الاختلاط قد يكون قهريا بالقصور ذاتا كما يقال للأحمق ، أو بالعرض، وظاهر إطلاق قول النجاشي ( وكان في نفسه مختلطا ) بقرينة زنة الماضي ، أنه أمر سابق مستمر . وهذا ما لا ينطق به أعداء جابر من العامة أيضا ، فهم وصفوه تارة ب‍ ( أكبر علماء الشيعة ) ، وأخرى ( من أكبر علماء الشيعة ) ، وثالثة ( أحد أوعية العلم ) ، وغير ذلك من عبارات المديح لجابر. ونعته بالجنون والتخليط لا يوافق منزلته عند الإمام السجاد والباقر والصادق ( عليهم السلام ) على ما دلت عليه بعض رواياتهم ، كما لا يجتمع مع كثرة رواية الثقات الأعيان الأثبات ووجوه الشيعة عنه .
  والعجب من استناد النجاشي بأشعار ينشدها شيخه مع ذلك ، وإهماله الروايات التي رواها وسائر المشايخ كالكليني ، والصدوق ، والشيخ ، ومن سبق ذكر رواياتهم في مدحه ، بل ما ذكره الكشي وغيره في حديث جنون جابر وتجننه بأمر إمام زمانه صلوات الله عليه  حفظا له ، ولكرامة الشيعة كما ستأتي الإشارة إليها .
 
الإيراد على الدليل الثالث:
ومما عاب النجاشي ( رحمه الله ) على جابر قلة ما يورد عنه في شئ من الفقه .
وفيه نظر من وجوه :
أحدها : إن قلة إيراد الرواة عن جابر روايات الفقه لا يوجب قدحا فيه ، فلعله سمع وحفظ في الفقه والحلال والحرام شيئا كثيرا ، ولكن عدم التحديث بها لقلة السائل وطالبها ، أو أنه حدث بها أيضا ، وإنما لم يروها من سمع منه لكثرة الرواة في الفقه ، أو لعلل اخر .
وثانيها : إنه لو سلم قلة روايته في الفقه فليست قدحا ، ولم يقم على ذمه دليل ، بل لم يسبق له نظير .
ثالثها : إن قلتها نسبية ، بالإضافة إلى ما رووا عنه في الأصول والمعارف ، والأخلاق والآداب والسنن ، والتفسير وغيرها  لا حقيقة له وهو غريب صدوره من النجاشي ، فإن الروايات عنه في الكتب الأربعة كثيرة رواها المشايخ، حتى إنه قلَّ كتاب من الطهارة والصلاة إلى أحكام المواريث من كتب الفقه وأبوابه ما يخلو من رواياته . 
أسباب الطعن في جابر:
ونحن نشير إلى ضعف ما أوهم جنون جابر وذهاب عقله ، وإلى ما أوهم اختلاطه في العقيدة بتوهم الغلو والارتفاع مذهباً، لذا نقول: 
 لا ريب في صدور أعمال المجانين من جابر الجعفي في برهة من الزمن ، منها ما زعمه القاصرون من نسبة الجنون إليه ، وزوال عقله . واشتهر ذلك بين العامة وضرب به الأمثال ، وانشد فيه الأشعار ، إلا أن الأخبار قد دلت على أنها كانت لتجننه ، امتثالا لأمر سيده ومولاه أبي جعفر باقر علوم النبيين صلوات الله عليه ، حفظا له؛ وقد ظهر من الروايات المادحة لجابر وهي روايات يعاضدها غيرها ، وهن تضعيف جابر بالجنون ، فإنه قصور أو تقصير في حقه كما رمى بعض العامة جابر ابن يزيد الجعفي بالجنون .
  قال ابن حجر في ترجمته : وقال أبو بدر : كان جابر يهيج به مرة في السنة ، فيهذي ويخلط في الكلام . فلعل ما حكى عنه كان في ذلك الوقت . وخرج أبو عبيد في فضائل القرآن حديث الأشجعي ، عن مسعر ، حدثنا : جابر قبل أن يقع فيما وقع فيه . قال الأشجعي : ما كان من تغير عقله  .
  وقال مسلم في ديباجة جامعه : حدثنا الحسن الحلواني ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا مسعر ، قال : حدثنا جابر بن يزيد قبل أن يحدث ما أحدث .
  وقال الذهبي في ميزان الاعتدال في ترجمته : قال شهاب بن عباد : سمعت أبا الأحوص يقول: كنت إذا مررت بجابر الجعفي ، سألت ربي العافية .
 والحاصل: لقد اتضح فساد توهم غلو جابر وارتفاعه مذهباً، وإذا تبين عدم اختلاط جابر الجعفي بذهاب عقله بالجنون ، فلنشر إلى دفع ما يوهم كلام النجاشي وغيره من العامة من الاختلاط أو الغلو والارتفاع .
فإن أريد الغلو بالقول بالربوبية لغير الله تعالى أو النبوة لغير سيد الأنبياء والمرسلين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو الإمامة لغير الذين نصبهم الله تعالى بلسان رسوله أئمة وقادة وخلفاء للناس ، فهذا مما يقطع بفساده ، وأن جابرا هو العدو لأمثال هؤلاء الغلاة والكفرة ، بل يتبرأ منهم ، كما يتبرأ كل شيعي اثنى عشري عن القول بالربوبية لأحد من المخلوقين ، كما تبرأ وتبرؤا عن كل من قال بربوبية نبي أو إمام أو غيرهما ، لأن من غلا وارتفع بانكار الربوبية لله تعالى أو بإثباتها لغيره أو الرسالة لسيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقد كفر ، كما حققوه في الفقه ، بل صرح الفقهاء بأن من أنكر ضروريا من الدين فقد كفر ، كما في النصوص الصحيحة الكثيرة ، بل عليه دعوى إطباق الفقهاء الإمامية ( قدس سره ) ، وإن روايات جابر الجعفي تنادي بأنه ليس غاليا في الدين بإنكار ربوبية الله وربوبية غيره تعالى أو بإنكار رسالة سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو بالإقرار برسالة غيره ، فكيف يفترى عليه وينسب إلى السبأية ، وأنه من أتباع عبد الله بن سبأ القائل بربوبية غير الله تعالى وبنبوة نفسه الذي عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ؟ ! فالغلو الموجب للكفر والخروج عن الدين لا يحتمل في جابر أبدا ، وإن صرح غير واحد منهم بأن جابر من غلاة الشيعة ، كابن الأثير في الكامل في وقايع سنة 138 : وفيها توفي جابر بن يزيد الجعفي ، وكان من غلاة الشيعة ، يقول بالرجعة  .
  وأما الغلو والارتفاع باعتقاد منزلة لأحد المخلوقين في العلم والقدرة وسائر محاسن الأخلاق ، فإنما يكون قبيحاً إذا لم يكن له حجة أو كان على خلافه الحجة ، وليس من ذلك ما رواه جابر الجعفي في فضائل محمد وآله الطاهرين ( عليهم السلام ) ، من العلم بما كان ، وبما هو كائن ، وبما يكون ، وبكل ما نزل به الوحي إلى آدم ومن بعده من النبيين والأوصياء ، ومن نزول الملائكة على الأمام من الله تعالى في ليلة القدر ، وأنهم ورثوا علوم الأنبياء والمرسلين وما أودعه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأنهم صاحب الولاية والخلافة والإمامة من الله تعالى ، وأنهم مظاهر أسمائه وأن الله تعالى إذا شاء أظهر الآيات بأيديهم ، كما أظهر آياته للأنبياء وأوصياء الأنبياء حتى لآصف وصي سليمان وذي القرنين وأضرابهم من الأولياء . فهذا وأمثاله من حقيقة الأيمان بالله وبرسله وبكتبه وبما أنزل الله تعالى عليهم ، وإنه من ضروري الوحي والرسالة ، وقد دلت عليها آيات القرآن الكريم والأخبار المتواترة ، وليس شيئا منها مما تفرد به جابر الجعفي ، بل رواه أعيان الثقات من أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) ، وحفظها كل أصحاب الحديث وجمعوها أصحاب الأصول والجوامع ، كالكافي وكتب الصدوق والشيخين المفيد والطوسي وسائر مشايخ الحديث ، فمن أنكرها فهو القاصر أو المعاند ، بل معروف عند أصحاب المذاهب اعتقاد الشيعة في النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة الأوصياء ( عليهم السلام ) من بعده من عترته ، 
وجوه طعن العامة في جابر:
ولقد تعدى الأعداء من العامة بالافتراء على جابر الجعفي بأمور هو برئ منها ، وكذا كل شيعي إمامي اثنى عشري . وهي التالي :
(الوجه الأول): أنه كان سبأياً من أصحاب عبد الله بن سبأ .
  قال السمعاني في الأنساب في الجعفي عند ذكر جابر : كان سبأيا من أصحاب عبد الله بن سبأ . وكان يقول : إن عليا يرجع إلى الدنيا.
  وقال الذهبي في ترجمته في ميزان الاعتدال : الحميدي عن سفيان : سمعت رجلا سأل جابرا الجعفي عن قوله : فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أو يحكم الله ، قال : لم يجئ تأويلها . قال سفيان : كذب . قلت : وما أراد بها ؟ قال : الرافضة تقول: إن عليا في السماء لا يخرج مع من يخرج من ولده حتى يأذن مناد من السماء : اخرجوا مع فلان . يقول جابر : هذا تأويل هذا . لا تروى عنه ، كان يؤمن بالرجعة ، كذب ، بل كانوا إخوة يوسف . وقال ابن حبان : كان سبأيا من أصحاب عبد الله بن سبأ ، كان يقول : إن عليا يرجع إلى الدنيا . وقال ابن عدي : عامة ما قذفوه به أنه كان يؤمن بالرجعة .
(الوجه الثاني): أنه كذاب ، وقد أكثر المعتدين على جابر الجعفي بالقول فيه بأنه كذاب .
 فروى البخاري وغيره عن إسماعيل بن أبي خالد ، قال : قال الشعبي : يا جابر لا تموت حتى تكذب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
 وقال الذهبي في الميزان عن جرير بن عبد الحميد ، عن ثعلبة ، قال : أردت جابر الجعفي ، فقال لي ليث بن أبي سليم : لا تأته فإنه كذاب .
 وقال أبو يحيى الحماني : سمعت أبا حنيفة يقول : ما رأيت فيمن رأيت أفضل من عطاء ، ولا أكذب من جابر الجعفي ، ما أتيته بشئ إلا جاءني فيه بحديث ، وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث لم يظهرها . وذكر نحوه المزي .
وقال يحيى بن يعلي المحاربي : طرح زائدة حديث جابر الجعفي وقال : هو كذاب ، يؤمن بالرجعة . قلت : وبذلك نكتفي في الإشارة إلى تعديهم على جابر ، وقولهم فيه زورا : إنه كذاب .
  والعجب من هؤلاء المتبعين لهؤلاء المعتدين ، ولا يتعقلون كيف للشعبي أن يخبر بالغيب عن صيرورة جابر بعده كذابا ؟ ! وكيف لا يسألون عن ليث في الرمي بالكذب والأثم الكبير بلا حجة ولا دليل ، ولا يتعجبون من أبي حنيفة الذي أمحق الدين بالقياس وعاند من أتاه بالخبر الصحيح عن ورثة محمد سيد المرسلين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ ! وكيف لا يجاوبون المحاربي بأن الاعتقاد بالرجعة التي محض الدين لا يجوز رميه بأنه كذاب ؟ !
بل نقول : إن جابر لم يتهم بوضع الحديث وافتعال الكذب في القول بالسماع ، بل صرح أعيان العامة وأعلام معاصريه من مخالفيه في الاعتقاد ، بأنه ثقة صدوق ، أصدق الناس ، أو نحو ذلك ، كما سبق عن سفيان الثوري بالقول فيه : ( كان جابر الجعفي ورعا في الحديث ، ما رأيت أورع منه في الحديث ) ، وقال شعبة : ( صدوق ) ، وأيضا ( كان جابر إذا قال : أخبرنا ، وحدثنا ، وسمعت ، فهو من أوثق الناس ) ، وقال وكيع :" ما شككتم في شئ فلا تشكوا أن جابر الجعفي ثقة"  حتى إن ابن عبد الحكم قال :" سمعت الشافعي يقول : قال سفيان الثوري لشعبة : لئن تكلمت في جابر الجعفي لأتكلمن فيك ".
  والأعجب من ذلك أن من ينهى عن حضور جابر لسماع حديثه يتحرى بنفسه للسماع عنه في الخلوة ، لوفور علمه وكثرة حديثه وإتقانه وعلو مضامينه ، ولساير ما يرجح حديثه على حديث غيره ، كما أن من اغتر بنهي هؤلاء ، تأسف على فوات السماع منه لأحاديث جابر فقال عبد الرحمان بن مهدي بن حسان - أبو سعيد العلم الأمام الحافظ اللؤلؤي البصري ، الذي عدوه أعلم الناس بالحديث والأفقه من يحيى القطان المتوفي سنة 198 - : ألا تعجبون من سفيان بن عيينة ، لقد تركت جابر الجعفي لقوله ، لما حكى عنه أكثر من ألف حديث ، ثم هو يحدث عنه . وقال أبو معاوية : سمعت الأعمش يقول : أليس أشعث بن سوار سألني عن حديث ؟ فقلت : لا ، ولا نصف حديث . ألست أنت الذي تحدثت عن جابر الجعفي ؟
(الوجه الثالث): أنه جاء بمناكير وما يريد أن ينقض به السقف .
   قال الذهبي في الميزان عن الشافعي ، سمعت سفيان : سمعت من جابر الجعفي كلاما بادرت ، خفت أن يقع علينا السقف ؟ ! .
قال العلامة محمد على الأبطحي في كتابه تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي :" أن الأصل في التكذيب والقول فيه بأنه كذاب ، وأنه من غلاة الشيعة ، وأنه قال كلاما يريد أن ينقض السقف ونظائرها من الأباطيل ، روايات جابر الجعفي في الرجعة عن أئمة أهل البيت مما لم ينفرد به اعتقاداً ولا رواية ، بل يعتقد به كل مؤمن بآيات الله ورسله ، وبما أنزل ، ومن ترك الأوثان والجبت والطاغوت والأهواء ، وترك القياس في الدين بفكره القاصر .
ثم إن السقوف لو كانت تقع على الناس بمقالة منكرة ، لوقعت حين أنكر الكفار والمنافقين على رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مقالاته ودعواته إلى الإسلام ".
سماع المكذبين لحديث جابر وروايتهم الأخبار عنه:
وإن من العجب أن المكذبين لجابر الجعفي والناهين للناس عن الحضور عنده والسماع عنه ، وكتابة حديثه ، كانوا يحضرون مجلسه ، ويستمعون لحديثه ، لعلو مضامين رواياته وإتقانه في الحديث ، ثم يتأسف المنتهون بنهي هؤلاء عن فوات هذه الأحاديث عنهم ، حتى سبق أنه لم يترك حديثه إلا زائدة .
قال المزي في تهذيب الكمال في ترجمته : وقال الترمذي عن محمد بن بشار : سمعت عبد الرحمان بن مهدي يقول : ألا تعجبون من سفيان بن عيينة ؟ لقد تركت جابرا الجعفي لقوله ، لما حكى عنه أكثر من ألف حديث ، ثم هو يحدث عنه . وذكر نحوه الذهبي في ميزان الاعتدال  .
ثم قال : وقال معلى بن منصور الرازي : قال لي أبو معاوية : كان سفيان وشعبة ينهياني عن جابر الجعفي ، وكنت أدخل عليه ، فأقول : من كان عندك ؟ فيقول : شعبة وسفيان .
وقال الذهبي في الميزان : وقال أبو معاوية سمعت الأعمش يقول : أليس أشعث بن سوار سألني عن حديث ؟ فقلت : لا ، ولا نصف حديث . ألست أنت الذي تحدثت عن جابر الجعفي ؟.
الطعن في جابر لم يكن لشخصه بل كان لمذهبه ومعتقده:
  قد اتفق من عرف جابر على أنه شيعي تابع لأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) واتفق العلماء على أن ما طعن به جابر هو من معتقدات الشيعة الإمامية الاثني عشرية المحقة ، ولما قصرت العامة عن معرفة منازل الأئمة عند الله تعالى وعن صحة معتقدات الإمامية ، فقد طعنوا في جابر الجعفي بأنه كذاب بالقول بالرجعة في آخر الزمان ، وبكثرة رواياته عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) إلى سبعين ألف حديث ، وبالأمر بكتمانها ، وبأنه لا يسئل عن شئ إلا وجاء فيه بحديث ، وأنه يقول إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دعا علياً فعلمه مما تعلَّم ، وأن الإمام علياً عليه السلام علم ما تعلَّم من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابنه الإمام الحسن عليه السلام ، وإنه دعا أخاه الإمام الحسين عليه السلام ، وهكذا حتى بلغ الإمام جعفر بن محمد ( عليهم السلام ) وبذلك يطعن سفيان بن عيينة في جابر ، رووه عنه بطرق عديدة ذكره الذهبي وغيره .
كما طعنوا فيه برواياته في دولة الإمام القائم من آل محمد ( عليهم السلام ) وغير ذلك مما أكثروا بذكره في كتبهم . مثل الذهبي في الميزان : إسحاق بن موسى ، سمعت أبا جميلة يقول : قلت لجابر الجعفي : كيف تسلم على المهدي ؟ قال :" إن قلت لك كفرت" .
لكنها كلها عقائد حقة ثابتة بالأدلة حتى إن الرجعة التي أنكروها بشدة ، هي من معتقدات الإمامية التي دلت عليها الآيات والأخبار واتفقت عليها الأقوال ليس هنا محل تحقيقها .
ولقد قال شيخ الإمامية محمد بن محمد بن النعمان المفيد ، في أوائل المقالات في المقالة الثانية في الرجعة ، ما لفظه :" واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف".  
الطعن في جابر الجعفي لم يكن عن صناعة علمية:
وليعلم إن الطعن من علماء العامة والقضاة وغيرهم في جابر بن يزيد الجعفي لم يكن صناعة ، وباقتضاء فقدانه شروط حجية الأخبار والأحاديث ، من السماع من الثقات ، والفطانة والوعي ، والحفظ ، والأمانة من التحريف والتصحيف ، والوضع والافتعال والكذب ، وغير ذلك مما هو مسطور في كتب الأصول ، والدراية والحديث ، والرجال .
فلم يرو جابر الجعفي إلا عن المطهرين المعصومين أئمة أهل البيت الإمام علي بن الحسين عليه السلام ، والإمام محمد بن علي عليه السلام ، والإمام أبي عبد الله جعفر الصادق صلوات الله عليهم ، الذين أذهب الله تعالى عنهم كل رجز ورجس. وربما روى جابر عن جابر بن عبد الله الأنصاري الصحابي المخلص في الولاء لأهل البيت ، وأتباع السنة ونظرائه من أعيان ثقات الصحابة والتابعين ، مع أن أكثر الطعون في الرواة إنما هي بروايتهم عن الضعاف والمتهمين والمجاهيل والغرباء ، ولم يطعن أحد في جابر الجعفي بذلك .
  كما أنه لم يطعن في جابر بقلة الفهم والذكاء والفطانة ، مما يطعن به في غيره من الضعفاء ، بل اعترف الكل بنبوغه ونبله وكمال علمه ووفور فنون علمه ، حتى وصف بأنه : علامة ، أو أحد أوعية العلم ، كما سبق .
إن الطعون في جابر سياسية:
وإذا لم تصعد صناعة الحديث وقواعده للطعن في جابر الجعفي وأحاديثه فهل ترى عاملا لها غير التلاعب السياسي في أخريات دولة الأمويين والمروانيين ، عصر فجر الحق وبقر علوم الأولين والآخرين من النبيين صلوات الله عليهم أجمعين ، بالإمام أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، الذي لقبه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بباقر علوم النبي ، وأمر الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جابر الأنصاري بتبليغ سلامه إليه مبشرا له بإدراكه لأيام ولده سلاما ، فيه إشارات ودلائل، وأمره جابر الجعفي بكتمان ما سمعه من كثير حديثه وأخباره بالملاحم والفتن وسائر ما وصل إليه من آبائه ( عليهم السلام ) حتى حين . فلما آن وقته وأظهر غيوب علمه ، وفشا أمره حين ما فشلت دولة المروانيين ، وقد سئمت  الناس من حكومتهم وعدوانهم ، وأيقظوا لما فات عنهم بالاعراض عن بيت الوحي والرسالة ، فخافت زعماء دولتهم وحفظة أركانهم من العلماء على إنهاء أمرهم ، فصدرت الطعون منهم ، كما صدر الأمر من هشام بقتل جابر الجعفي وبعث رأسه إليه ، حفظا للخلافة والأمارة على المسلمين ، وسد باب ظهور الدولة الهاشمية والعلوية ، فهذه كلها صحائف قتله ، ومبررات للعامة في سفك دمه .
علو المعنى في روايات جابر:
إن التدبر والنظر في روايات في الأصول والفروع والتفسير وغيرها دلنا على علو معاني رواياته وشموخها ، وأن رواياته مطابقة للقرآن والأحاديث الكثيرة المروية في الكتب المعتبرة بطرق مختلفة ، وأن قصور العامة والناظرين البسطاء إليها يوجب إعجابهم أو إنكارهم . وقد حققناها في رسالتنا المؤلفة في تاريخ جابر الجعفي ومعرفته . فليست بأحاديث مخالفة للقرآن والحديث الصحيح ، والأصل في معرفة الصحيح هو عرض الخبر على الكتاب والأثر الصحيح عن رسول الله والأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، بل أكثر ما رواه جابر عن أبي جعفر ( عليه السلام ) مما لم ينفرد به ، بل رواه أيضا غيره من ثقات الرواة ، بل له روايات كثيرة في تأويل الآيات ، كما لا يخفى على أهل الخبرة والاطلاع .
 إن الظاهر من سيرة جابر بن يزيد الجعفي رضي الله عنه أنه كان من أصحاب أسرار الإمامين الصادقين عليهما السلام، وكان يذكر بعض المعجزات والمقامات العالية لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام التي لا تدركها عقول الضعفاء، فنسب الغلاة والعامة إليه رحمه الله ما هو بريء منه.
 
الإيراد على الدليل الرابع: 
لقد ادعى المضعفون لجابر الجعفي بما روي عن الإمام الصادق عليه السلام في موثقة زرارة قال:" ما رأيته عند أبي قط إلا مرة واحدة ، وما دخل عليَّ قط " . وهو مردود بوجهين:
الوجه الأول: إن الخبر المذكور وإن كان صحيحاً سنداً إلا أنه مجمل من حيث الدلالة، فلا يكون كافياً في الحكم على جابر بالضعف أو عدم الوثاقة، وذلك لمعارضته للأخبار المتواترة الدالة على أنه من خواص حملة أسرارهم عليهم السلام، بالإضافة إلى الأخبار الكثيرة الدالة على جلالة قدره ومدحه، وعند تعارض الخبر الواحد مع الأخبار الكثيرة لا يجوز تقديم الأول على الأخبار الكثيرة؛ فإمّا يتم طرحه أو يجمع بينه وبين الأخبار الأُخرى بتأويله ليتناسب مع بقية الأخبار وهو ما فعلناه في الوجه الثاني.
(الوجه الثاني): بعدما تبين عدم صحة معارضة الخبر الواحد للأخبار الكثيرة،  فلا بدَّ حينئذٍ من حمل موثقة زرارة على نحو من التورية، فيكون قصده من قوله" ما رأيته عند أبي إلا مرة واحدة" إما المرة النوعية ذات المصاديق المتعددة، وإما أنه لم يره علانية إلا مرة واحدة بسبب شدة تقيته وتستره...وكذلك الحال بالنسبة إلى قوله عليه السلام:" وما دخل عليّ قط" إشارة إلى عدم دخوله كثيراً على الإمام بمرأى من الناس ؛ ولكنه دخل بعض الأحيان عليه صلوات الله عليه؛ إذ لو لم يدخل جابر على الإمام عليه السلام في كل الأحيان، وكان بمرأى من الناس، لكان هذا كافياً في تكذيبه وعدم تصديقه، وبالتالي كيف اختلفوا في أحاديثه  حتى احتاج زياد بن أبي الحلال إلى سؤال الإمام عليه السلام عن أحاديثه ؟. ورواية زياد في رجال الكشي وهي التالي: حمدويه وإبراهيم ، قالا : حدثنا محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم عن زياد بن أبي الحلال ، قال : اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي ، فقلت لهم : أسأل أبا عبد الله عليه السلام ، فلما دخلت ابتدأني ، فقال : رحم الله جابر الجعفي كان يصدق علينا ، لعن الله المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا ".
(الوجه الثالث): إن عدم دخول جابر على الإمام عليه السلام لا ينافي صدقه في أحاديثه لاحتمال أنه كان يلاقي الإمام عليه السلام في غير داره فكان يأخذ منه العلوم والأحكام ويرويها، فلا ملازمة ـ إذاً ـ بين عدم دخوله على الإمام عليه السلام وبين عدم صدقه، لأن الحكم الشرعي لا يثبت بملاحظة الملازمات العرفية التي لا أصل لبعضها .
رأي الموثقين لجابر بن يزيد الجعفي:
 حيث لم يثبت صحة الدعاوى المتقدمة على جابر، يتضح ثبوت عكسه وهو الوثاقة والجلالة، فبذا يكون الرجل من أجلاء رجال الطائفة المحقة، وقد ظلمه بعض الخاصة والعامة متأثرين بأفكار المخالفين من دون تحقيق ودراية وتمحيص وتدبر في الأخبار المادحة له وعدم درايتهم لمعالجة الأخبار الذامة له التي لا بد من حملها على شيئين لا ثالث لهما هما:إمَّا انها من صنع المخالفين، وإمَّا أنها صادرة تقية للحفاظ على ذاك العملاق بالولاء والبراءة والعلم والفقاهة.
وليس في الأخبار ما يدل على ذم جابر سوى حديثين: أحدهما موثقة زرارة المروية في رجال الكشي رقم 335 وخبر عمرو بن شمر رقم 347 والأول لا يدل على المدعى كما أشرنا آنفاً؛ والثاني ضعيف سنداً ودلالة باعتباره معارضاً للأخبار الكثيرة، والخبر الثاني ظاهر في ادعاء الإلوهية للإمام عليه السلام وقد حكم عليه شيخ الطائفة الطوسي رحمه الله بالكذب ونعت الراوين للخبر بالمغالين وإليكم الخبر:
روى  الكشي - نصر بن الصباح ، قال : حدثني إسحاق بن محمد البصري ، قال : حدثنا محمد بن منصور ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عمرو بن شمر ، قال ، قال : أتى رجل جابر بن يزيد فقال له جابر : تريد أن ترى أبا جعفر ؟ قال : نعم ، قال : فمسح على عيني فمررت وأنا أسبق الريح حتى صرت إلى المدينة . قال : فبينا أنا كذلك متعجب إذ فكرت فقلت : ما أحوجني إلى وتد أوتده فإذا حججت عاما قابلا نظرت هيهنا هو أم لا ، فلم أعلم الا وجابر بين يدي يعطيني وتدا ، قال : ففزعت ، فقال : هذا عمل العبد بإذن الله فكيف لو رأيت السيد الأكبر ! قال : ثم لم أره . قال : فمضيت حتى صرت إلى باب أبي جعفر عليه السلام فإذا هو يصيح بي أدخل لا بأس عليك ، فدخلت فإذا جابر عنده ، قال ، فقال لجابر : يا نوح غرقتهم أولا بالماء وغرقتهم آخرا بالعلم فإذا كسرت فاجبر . قال : ثم قال من أطاع الله أطيع ، أي البلاد أحب إليك ؟ قال : قلت الكوفة قال : بالكوفة فكن ، قال : سمعت أخا النون بالكوفة ، قال فبقيت متعجبا من قول جابر فجئت فإذا به في موضعه الذي كان فيه قاعدا ، قال : فسألت القوم هل قام أو تنحى ؟ قال : فقالوا لا ، وكان سبب توحيدي ان سمعت قوله بالإلهية وفي الأئمة ".
 عقب الشيخ الطوسي رحمه الله على الحديث فقال:" هذا حديث موضوع لاشك في كذبه ورواته كلهم متهمون بالغلو والتفويض ".
الأخبار المادحة لجابر بن يزيد الجعفي:
336 - حمدويه وإبراهيم ، قالا : حدثنا محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم عن زياد بن أبي الحلال ، قال : اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي ، فقلت لهم : أسأل أبا عبد الله عليه السلام ، فلما دخلت ابتدأني ، فقال : رحم الله جابر الجعفي كان يصدق علينا ، لعن الله المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا .
337 - حمدويه ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الحميد بن أبي العلا ، قال : دخلت المسجد حين قتل الوليد ، فإذا الناس مجتمعون قال : فأتيتهم فإذا جابر الجعفي عليه عمامة خز حمراء وإذا هو يقول : حدثني وصي الأوصياء ووارث علم الأنبياء محمد بن علي عليه السلام ، قال : فقال الناس : جن جابر جن جابر .
338 - آدم بن محمد البلخي ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن هارون الدقاق قال : حدثنا علي بن أحمد ، قال : حدثني علي بن سليمان ، قال : حدثني الحسن ابن علي بن فضال ، عن علي بن حسان ، عن المفضل بن عمر الجعفي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن تفسير جابر ؟ فقال : لا تحدث به السفلة فيذيعونه ، أما تقرأ في كتاب الله عز وجل " فإذا نقر في الناقور " ان منا إماما مستترا فإذا أراد الله إظهار أمره نكت في قلبه ، فظهر فقام بأمر الله .
340 ـ جبريل بن أحمد، حدثني محمد بن عيسى عن عبد الله بن جبلةالكناني ، عن ذريح المحاربي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جابر الجعفي وما روى ؟ فلم يجبني ، وأظنه قال : سألته بجمع فلم يجبني فسألته الثالثة ؟ فقال لي : يا ذريح دع ذكر جابر فان السفلة إذا سمعوا بأحاديثه شنعوا ، أو قال : أذاعوا .
341 - جبريل بن أحمد الفاريابي ، حدثني محمد بن عيسى العبيدي ، عن علي بن حسان الهاشمي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن كثير ، عن جابر بن يزيد قال قال أبو جعفر عليه السلام : يا جابر حديثنا صعب مستصعب ، أمرد ذكوار وعر أجرد لا يحتمله والله الا نبي مرسل ، أو ملك مقرب ، أو مؤمن ممتحن ، فإذا ورد عليك يا جابر شئ من أمرنا فلان له قلبك فأحمد الله ، وان أنكرته فرده إلينا أهل البيت ، ولا تقل كيف جاء هذا ، وكيف كان وكيف هو ، فان هذا والله الشرك بالله العظيم .
342 - علي بن محمد ، قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن عمرو بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، قال : رويت خمسين الف حديث ما سمعه أحد مني .
343 - جبريل بن أحمد ، حدثني محمد بن عيسى ، عن إسماعيل بن مهران عن أبي جميلة المفضل بن صالح ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : حدثني أبو جعفر عليه السلام بسبعين ألف حديث لم أحدث بها أحدا قط ، ولا أحدث بها أحدا أبدا  قال جابر : فقلت لأبي جعفر عليه السلام جعلت فداك انك قد حملتني وقرا عظيما بما حدثتني به من سركم الذي لا أحدث به أحدا ، فربما جاش في صدري حتى يأخذني منه شبه الجنون ، قال : يا جابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبان فاحفر حفيرة ودل رأسك فيها ، ثم قل : حدثني محمد بن علي بكذا وكذا .
344 - نصر بن الصباح ، قال : حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن محمد البصري ، قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : خرج جابر ذات يوم وعلى رأسه قوصرة راكبا قصبة حتى مر على سكك الكوفة ، فجعل الناس يقولون : جن جابر جن جابر ! فلبثنا بعد ذلك أياما ، فإذا كتاب هشام قد جاء بحمله إليه . قال : فسأل عنه الأمير فشهدوا عنده أنه قد اختلط ، وكتب بذلك إلى هشام فلم يتعرض له ، ثم رجع إلى ما كان من حاله الأول .
345 - نصر بن الصباح ، قال : حدثنا إسحاق بن محمد ، قال : حدثنا فضيل عن زيد الحامض ، عن موسى بن عبد الله ، عن عمرو بن شمر ، قال جاء قوم إلى جابر الجعفي فسألوه أن يعينهم في بناء مسجدهم ؟ قال : ما كنت بالذي أعين في بناء شئ يقع منه رجل مؤمن فيموت ، فخرجوا من عنده وهم ينحلونه ويكذبونه ، فلما كان من الغد أتموا الدراهم ووضعوا أيديهم في البناء ، فلما كان عند العصر زلت قدم البناء فوقع فمات .
346 - نصر ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا علي بن عبيد ، ومحمد بن منصور الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل عن صدقة ، عن عمرو بن شمر ، قال : جاء العلاء بن يزيد رجل من جعفي ، قال : خرجت مع جابر لما طلبه هشام حتى انتهى إلى السواد ، قال : فبينا نحن قعود وراع قريب منا : إذ لفتت نعجة من شائه إلى حمل ، فضحك جابر ، فقلت له : ما يضحكك أبا محمد ؟ قال : إن هذه النعجة دعت حملها فلم يجئ ، فقالت له : تنح عن ذلك الموضع فان الذئب عاما أول أخذ أخاك منه فقلت : لا علمن حقيقة هذا أو كذبه ، فجئت إلى الراعي فقلت له : يا راعي تبيعني هذا الحمل ؟ قال ، فقال : لا ، فقلت : ولم ؟ قال : لان أمه أفره شاة في الغنم وأغزرها درة ، وكان الذئب أخذ حملا لها عند عام الأول من ذلك الموضع ، فما رجع لبنها حتى وضعت هذا فدرت ، فقلت : صدق . ثم أقبلت فلما صرت على جسر الكوفة نظر إلى رجل معه خاتم ياقوت ، فقال له : يا فلان خاتمك هذا البراق أرنيه ، قال : فخلعه فأعطاه ، فلما صار في يده رمى به في الفرات ، قال الآخر : ما صنعت ، قال : تحب أن تأخذه ؟ قال : نعم ، قال ، فقال بيده إلى الماء ، فأقبل الماء يعلو بعضه على بعض حتى إذا قرب تناوله وأخذه .
وروى عن سفيان الثوري : أنه قال جابر الجعفي صدوق في الحديث الا أنه كان يتشيع ، وحكي عنه أنه قال : ما رأيت أورع بالحديث من جابر .
 والأخبار في جابر أكثر من ذلك تدل على علو قدره ، فلا تغرنكم أقوال هادي معرفة ولا غيره من علماء الوحدة في هذا الزمن الكنود، وتشكيكه بتفسير جابر الجعفي لاعتقاده بتحريف القرآن دونه خرط القتاد وذلك لأن مسألة التحريف لم تقتصر على تفسير جابر بل هناك علماء آخرون يعتقدون بالتحريف منهم الكليني وعلي بن إبراهيم وغيرهم، وقد استقصينا الموضوع حول التحريف في كتابتا" أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد" فليراجع؛ والله من وراءء القصد، والحمد لله ربّ العالمين وسلام على سادة المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
حررها العبد الحقير الفاني
محمد جميل حمُّود العاملي
بيروت بتاريخ 4 جمادى الثانية
1436هـ

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1152
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 04 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28