• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : انكار الاحتجاج بحديث العدير .

انكار الاحتجاج بحديث العدير

الموضوع:هل احتجَّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام على أبي بكر بحديث الغدير؟.

بسمه تعالى
 

اليوم الجمعة الموافق 11\7\2008م، في خطبة الجمعة في جامع الخلاني \العراق، التي كانت بإمامة السيد محمد الحيدري، المنقولة على قناة الفرات الفضائيّة، كان مما تحدث فيه عن موضوع الحرص على الوحدة الاجتماعية والوحدة بين المسلمين، ولكن الذي صعقني من كلامه، هو حينما قال -بالمضمون-: أن الإمام علي عليه السلام لم يحتجّ حتى بحديث الغدير  من أجل أن يحرص على الوحدة، نعم احتج بها بعد أن تولّى الخلافة !!! انتهى .. وكان ذكره لذلك لتأكيد حرص الإمام على الوحدة!! وقد تعجّبت من هذا الكلام الذي فيه انكار لحقائق واضحة مستقلا جهل الناس وتسليمهم ومصالحه الشخصيّة، فنرجو منكم نشر بحث مكتوب دقيق في الردّ على هكذا شبهات، ففي هذا الزمان ربما يكون الرد على الشبهات التي يطرحها أناس يدّعون أنّهم شيعة أهم من شبهات أعداء ومخالفي الشيعي ، كون خطر الداخل أخطر وأشد من خطر الخارج، وقانا الله وإيّاكم من الشرور ومن هؤلاء المنحرفين ...
نسألكم الدعاء
محبّ لأهل البيت عليهم السلام ضاق صدره من هذه الحال

بسم الله الرّحمان الرّحيم
   

 الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسَّلام على سادتنا خيرة الورى محمّد المصطفى وآله الأطهار الميامين، واللّعنة الدائمة على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم وظلاماتهم وكراماتهم ومعاجزهم من الأوّلين والآخرين إلى قيام يوم الدِّين، وعَجَّلَ الله تعالى فَرَجَنَا بظهور وليّه الأعظم بقيّة الله في الأرضين مولانا الإمام الحجّة بن الحسن عليه السلام، وجعلنا من الطّالبين بثاره والمستشهدين بين يديه بحقّ الحقّ والقائل بالصّدق محمّد وآله الغرّ الميامين...
    السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

  

  أمّا بعد...
والجواب:على فرض صحة ما نُقلَ عن السيِّد محمد الحيدري وفرض المحال ليس محالاً فهو مردود بالوجوه الآتية:
  (أوّلاً):

ما ادَّعاه السيّد محمّد الحيدري بحقّ أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) فقد سبقه فيها الشيخ المظفر في عقائد الإماميَّة وقد فندنا مقالته في الطبعة الرابعة..وهو وإن دل على شيءٍ فإنما يدل على الغفلة بل  ينمُّ عن جهلٍ بحقائق الأمور التاريخيّة والعقائديّة الواضحة، كما ينمُّ عن عدم تتبع وفحص قبل إثبات أيِّ مطلَبٍ.. وهذا من المعايب العلميّة التي وقع فيها الكثير من إخواننا أهل العلم، فيجب عليهم تصحيحه وعدم العود إليه وإلاّ فإنّ لذلك حساباً عسيراً عند الله تعالى...
    وما ادّعاه صاحب الشبهة معاند ومجافٍ للحقيقة، فالثابت الذي لا محيص عنه أنّ أمير المؤمنين عليّاً (عليه السَّلام) اعترض على أ بي بكر واستشهد بحديث الغدير مرّات متعدِّدة، ننقل لكم حادثتين للتّدليل على ذلك، ولسدّ أفواه كلّ مَن ادّعى عكس ذلك...

فقد روى العلاّمة المجلسي ــ أعلى الله مقامه ــ ذلك في بحاره ج29 باب5/إحتجاج أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) على أبي بكر وغيره في أمر البيعة حديثين عن الخصال والإرشاد...
    الأوّل: بحار الأنوار/العلامة المجلسي:ج 29 ص 3 ــ 17 ح1:
    الخصال القطان، عن محمد بن عبد الرحمن بن محمد الحسني، عن محمد بن حفص الخثعمي، عن الحسن بن عبد الواحد، عن أحمد بن محمد الثعلبي، عن محمد بن عبد الحميد، عن حفص بن منصور، عن أبي سعيد الوراق، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده ــ عليهم السلام ــ قال: لما كان من أمر أبي بكر ــ وبيعة الناس له، وفعلهم بعلي بن أبي طالب عليه السلام ــ ما كان، لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط ويرى منه انقباضا، فكبر ذلك على أبي بكر، فأحب لقاءه واستخراج ما عنده، والمعذرة إليه مما اجتمع الناس عليه، وتقليد هم إياه أمر الأمة وقلة رغبته في ذلك وزهده فيه. أتاه في وقت غفلة وطلب منه الخلوة، وقال له: والله يا أبا الحسن ما كان هذا الامر مواطاة مني، ولا رغبة فيما وقعت فيه، ولا حرصا عليه، ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأمة، ولا وقة لي بمال ، ولا كثرة العشيرة، ولا استئثار به دون غيري، فما لك تضمر علي ما لم أستحقه منك، وتظهر لي الكراهة فيما صرت إليه، وتنظر إلي بعين السامة مني؟! قال: فقال له عليه السلام: فما حملك عليه إذ لم ترغب فيه، ولا حرصت عليه، ولا وثقت بنفسك في القيام به وبما يحتاج منك فيه؟! فقال أبو بكر: حديث سمعته من رسول الله ــ صلى الله عليه وآله ــ: إن الله لا يجمع أمتي على ضلال، ولما رأيت اجتماعهم اتبعت حديث النبي ــ صلى الله عليه وآله ــ وأحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى، فأعطيتهم قود الإجابة، ولو علمت أن أحدا يتخلف لامتنعت! قال: فقال علي عليه السلام: أما ما ذكرت من حديث النبي صلى الله عليه وآله: أن الله لا يجمع أمتي على ضلال، أفكنت من الأمة أو لم أكن؟! قال: بلى. قال: وكذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان وعمار وأبي ذر والمقداد وابن عبادة ومن معه من الأنصار؟ قال: كل من الأمة. فقال علي عليه السلام: فكيف تحتج بحديث النبي صلى الله عليه وآله وأمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك، وليس للأمة فيهم طعن، ولا في صحبة الرسول ونصيحته منهم تقصير؟! قال: ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام الامر، وخفت إن دفعت عني الامر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدين عن الدين، وكان ممارستكم إلى أن أجبتم أهون مؤنة على الدين وأبقى له من ضرب الناس بعضهم ببعض فيرجعوا كفارا، وعلمت أنك لست بدوني في الابقاء عليهم وعلى أديانهم!. قال علي عليه السلام: اجل، ولكن أخبرني عن الذي يستحق هذا الامر، بما يستحقه؟ فقال أبو بكر: بالنصيحة، والوفاء، ودفع المداهنة ، والمحاباة، وحسن السيرة، وإظهار العدل، والعلم بالكتاب والسنة وفصل الخطاب، مع الزهد في الدنيا وقلة الرغبة فيها، وانصاف المظلوم من الظالم للقريب والبعيد.. ثم سكت. فقال علي عليه السلام: والسابقة والقرابة؟! فقال أبو بكر: والسابقة والقرابة. قال: فقال علي عليه السلام: أنشدك بالله يا أبا بكر أفي نفسك تجد هذه الخصال، أو في؟! قال أبو بكر: بل فيك يا أبا الحسن. قال: أنشدك بالله أنا المجيب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذكران المسلمين، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنا الاذان لأهل الموسم ولجميع الأمة بسورة براءة، أم أنت؟! قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنا وقيت رسول الله بنفسي يوم الغار، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله ألي الولاية من الله مع ولاية رسوله في آية زكاة الخاتم، أم لك؟ قال: بل لك. قال: فأنشدك بالله أنا المولى لك ولكل مسلم بحديث النبي صلى الله عليه وآل يوم الغدير ، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله ألي الوزارة من رسول الله صلى الله عليه وآله والمثل من هارون وموسى، أم لك ؟ قال: بل لك. قال: فأنشدك بالله أبي برز رسول الله صلى الله عليه وآله وبأهل بيتي وولدي في مباهلة المشركين من النصارى، أم بك وبأهلك وولدك ؟ قال: بكم. قال: فأنشدك بالله ألي ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس، أم لك ولأهل بيتك؟ قال: بل لك ولأهل بيتك. قال: فأنشدك بالله أنا صاحب دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وأهلي وولدي يوم الكساء: اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار، أم أنت؟ قال: بل أنت وأهلك وولدك. قال: فأنشدك بالله أنا صاحب الآية [يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ]، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الفتى الذي نودي من السماء: لا سيف إلا؟؟ الفقار ولا فتى إلا علي، أم أنا؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي ردت له الشمس لوقت صلاته فصلاها ثم توارت، أم أنا؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي حباك رسول الله صلى الله عليه وآله برايته يوم خيبر ففتح الله له، أم أنا؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي نفست عن رسول الله صلى الله عليه وآله كربته وعن المسلمين بقتل عمرو بن عبد ود، أو أنا؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي ائتمنك رسول الله صلى الله عليه وآله على رسالته إلى الجن فأجابت، أم أنا؟ قال: بل أنت. قال: أنشدك بالله أنت الذي طهرك رسول الله صلى الله عليه وآله من السفاح من آدم إلى أبيك بقوله صلى الله عليه وآله: أنا وأنت من نكاح لا من سفاح، من آدم إلى عبد المطلب أم أنا؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنا الذي اختارني رسول الله صلى الله عليه وآله وزوجني ابنته فاطمة عليها السلام وقال: الله زوجك، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنا والد الحسن والحسين ريحانتيه اللذين قال فيهما: هذان سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أخوك المزين بجناحين في الجنة يطير بهما مع الملائكة، أم أخي؟ قال: بل أخوك. قال: فأنشدك بالله أنا ضمنت دين رسول الله صلى الله عليه وآله وناديت في المواسم بانجاز موعده، أم أنت؟! قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنا الذي دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله لطير عنده يريد أكله، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك بعدي، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنا الذي بشرني رسول الله صلى الله عليه وآله بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين على تأويل القرآن، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنا الذي شهدت آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وآله ووليت غسله ودفنه، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنا الذي دل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله بعلم القضاء بقوله: "علي أقضاكم"، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك الله أنا الذي أمر لي رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه بالسلام علي بالامرة في حياته ، أم أنت؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي سبقت له القرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أم أنا؟. قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي حباك الله عز وجل بدينار عند حاجته، وباعك جبرئيل عليه السلام، وأضفت محمدا صلى الله عليه وآله، وأضفت ولده أم أنا؟ قال: فبكى أبو بكر! [ و ] قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي حملك رسول الله صلى الله عليه وآله على كتفه في طرح صنم الكعبة وكسره حتى لو شاء أن ينال أفق السماء لنالها، أم أنا؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة، أم أنا؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بفتح بابه في مسجده حين أمر بسد جميع بابه ــ أبواب أصحابه وأهل بيته ــ وأحل له فيه ما أحله الله له، أم أنا؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي قدم بين يدي نجواه لرسول الله صلى الله عليه وآله صدقة فناجاه، أم أنا ــ إذ عاتب الله عز وجل قوما فقال: [ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجويكم صدقات] الآية ــ؟ قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي قال فيه رسول الله ــ صلى الله عليه وآله ــ لفاطمة: زوجك أول الناس إيمانا وأرجحهم إسلاما. في كلام له، أم انا؟. قال: بل أنت. قال: فأنشدك بالله أنت الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: الحق مع علي وعلي مع الحق، لا يفترقان حتى يردا علي حوض، أم أنا؟ قال: بل أنت. قال:.. فلم يزل عليه السلام بعد عليه مناقبه التي جعل الله عز وجل له دونه ودون غيره. ويقول له أبو بكر: بل أنت. قال: فبهذا وشبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد صلى الله عليه وآله. فقال له علي عليه السلام: فما الذي غرك عن الله وعن رسوله وعن دينه وأنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه؟ قال: فبكى أبو بكر وقال: صدقت يا أبا الحسن، أنظرني يومي هذا فادبر ما أنا فيه وما سمعت منك. قال: فقال له علي عليه السلام: لك ذلك يا أبا بكر. فرجع من عنده وخلا بنفسه يومه ولم يأذن لاحد إلى الليل، وعمر يتردد في الناس لما بلغه من خلوته بعلي عليه السلام. فبات في ليلته، فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه ممثلا له في مجلسه، فقام إليه أبو بكر ليسلم عليه، فولى وجهه، فصار مقابل وجهه، فسلم عليه فولى عنه وجهه. فقال أبو بكر: يا رسول الله! هل أمرت بأمر فلم أفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أرد السلام عليك وقد عاديت الله ورسوله وعاديت من والاه الله ورسوله! رد الحق إلى أهله. قال: فقلت: من أهله؟ قال: من عاتبك عليه، وهو علي. قال: فقد رددت عليه يا رسول الله بأمرك. قال: فأصبح وبكى، وقال لعلي عليه السلام: ابسط يدك، فبايعه وسلم إليه الامر. وقال له: أخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخبر الناس بما رأيت في ليلتي وما جرى بيني وبينك، فاخرج نفسي من هذا الامر وأسلم عليك بالامرة؟ قال: فقال علي عليه السلام: نعم. فخرج من عنده متغيرا لونه عاليا نفسه، فصادفه عمر وهو في طلبه. فقال: ما حالك يا خليفة رسول الله..؟ فأخبره بما كان منه وما رأى وما جرى بينه وبين علي عليه السلام. فقال عمر: أنشدك بالله يا خليفة رسول الله ان تغتر بسحر بني هاشم! فليس هذا بأول سحر منهم.. فما زال به حتى رده عن رأيه وصرفه عن عزمه، ورغبه فيما هو فيه، وأمره بالثبات [ عليه ] والقيام به. قال: فأتى علي عليه السلام المسجد للميعاد، فلم ير فيه منهم أحدا، فأحس بالشر منهم، فقعد إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فمر به عمر فقال: يا علي دون ما تروم خرط القتاد، فعلم بالامر وقام ورجع إلى بيته." إنتهى.

فالشاهد هو قوله عليه السلام:"..أنشدك بالله أنا الذي أمر لي رسول الله أصحابه بالسلام عليَّ بالإمرة في حياته أم أنت؟" ولم يحصل ذلك إلاَّ في غدير خم حيث بايعه المسلمون جميعاً بعد أن قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:"من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه .."وساعتئذٍ لُقب ألأإمام عليٍّ بأمير المؤمنين لكونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم..فتأمل..
   

 الثاني: بحار الأنوار  ـ  العلامة المجلسي: ج 29  ـ  ص 35  ـ  45
 

إرشاد القلوب:

روي عن الصادق عليه السلام: أن أبا بكر لقي أمير المؤمنين عليه السلام في سكة بني النجار، فسلم عليه وصافحه وقال له: يا أبا الحسن! أفي نفسك شئ من استخلاف الناس إياي، وما كان من يوم السقيفة، وكراهيتك البيعة ؟ والله ما كان ذلك من إرادتي، إلا أن المسلمين اجتمعوا  على أمر لم يكن لي أن أخالف عليهم فيه، لان النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تجتمع أمتي على الضلال. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا أبا بكر، أمته الذين أطاعوه في عهده من بعده ، وأخذوا بهداه، وأوفوا بما عاهدوا الله عليه، ولم يبدلوا ولم يغيروا. قال له أبو بكر: والله يا علي لو شهد عندي الساعة من أثق به أنك أحق بهذا الامر سلمته إليك، رضي من رضي وسخط من سخط. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا أبا بكر! فهل تعلم أحدا أوثق من رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد أخذ بيعتي عليك في أربعة مواطن  ـ  وعلى جماعة معك فيهم: عمر وعثمان  ـ : في يوم الدار، وفي بيعة الرضوان تحت الشجرة، ويوم جلوسه في بيت أم سلمة، وفي يوم الغدير بعد رجوعه من حجة الوداع؟ فقلتم بأجمعكم: سمعنا وأطعنا الله ورسوله.
    فقال لكم: الله ورسوله عليكم من الشاهدين. فقلتم بأجمعكم: الله ورسوله علينا من الشاهدين. فقال صلى الله عليه وآله: فليشهد بعضكم على بعض، وليبلغ شاهدكم غائبكم، ومن سمع منكم فليسمع من لم يسمع. فقلتم: نعم يا رسول الله، وقمتم بأجمعكم تهنون رسول الله وتهنوني بكرامة الله لنا، فدنا عمر وضرب على كتفي وقال بحضرتكم: بخ بخ يا بن أبي طالب أصبحت مولانا ومولى المؤمنين. فقال أبو بكر: لقد ذكرتني يا أمير المؤمنين أمرا، لو يكون رسول الله صلى الله عليه وآله شاهدا فأسمعه منه. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: الله ورسوله عليك من الشاهدين، يا أبا بكر إذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله حيا ويقول لك إنك ظالم لي في أخذ حقي الذي جعله الله لي ورسوله دونك ودون المسلمين أتسلم هذا الامر إلي وتخلع نفسك منه؟. فقال أبو بكر: يا أبا الحسن! وهذا يكون؟ أرى رسول الله حيا بعد موته ويقول لي ذلك! فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: نعم يا أبا بكر. قال: فأرني ذلك إن كان حقا. فقال علي عليه السلام: الله ورسوله عليك من الشاهدين انك تفي بما قلت؟ قال أبو بكر: نعم. فضرب أمير المؤمنين عليه السلام على يده وقال: تسعى معي نحو مسجد قبا، فلما ورداه تقدم أمير المؤمنين عليه السلام فدخل المسجد وأبو بكر من ورائه، فإذا برسول الله صلى الله عليه وآله في قبلة المسجد، فلما رآه أبو بكر سقط لوجهه كالمغشي عليه. فناداه رسول الله صلى الله عليه وآله: ارفع رأسك أيها الضليل المفتون. فرفع أبو بكر رأسه وقال: لبيك يا رسول الله، أحياة بعد الموت يا رسول الله؟ فقال: ويلك يا أبا بكر [ إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شئ قدير ]. قال: فسكت أبو بكر وشخصت عيناه نحو رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال له: ويلك يا أبا بكر نسيت ما عاهدت الله ورسوله عليك في المواطن الأربعة لعلي عليه السلام؟ فقال: ما أنساها يا رسول الله. فقال: ما بالك اليوم تناشد عليا  ـ  عليه السلام  ـ  عليها، ويذكرك وتقول: نسيت..؟! وقص عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ما جرى بينه وبين علي عليه السلام.. إلى آخره...
فالشاهد قوله عليه السلام:"..وفي يوم الغدير بعد رجوعه من حجة الوداع نفقلتم بأجمعكم:سمعنا وأطعنا الله ورسوله...وقمتم بأجمعكم تهنّون رسول الله وتهنّوني بكرامة الله لنا ،فدنا عمر وضرب على كتفي وقالبحضرتكم:بخٍ بخٍ يا بن أبي طالب اصبحت مولانا ومولى المؤمنين؟.." وهو نصٌ صريحٌ وواضحٌ على إستشهاد أمير المؤمنين عليّ عليه السلام بحديث الغدير محتجاً به على القوم ..أبعد هذا الوضوح يقال أنّ الإمام عليَّاً عليه السلام لم يحتجَّ على القوم بحديث الغدير؟؟!!شنشنة أعرفها من أخزم!!
    (وثانياً): لقد احتجّ أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) بما هو أبلغ من حديث الغدير في الاستنكار على صنمي قريش أبي بكر وعمر لا سيّما ما ورد في الخبرين المتقدمين من مثل قوله (عليه السَّلام) لأبي بكر: "إنّ شيطانك ــ يقصد به عمر ــ لا يدعك أو يرديك"، والعبارات الأخرى المقرّعة شاهد آخر على ما قلنا... مضافاً إلى تقريع سيدة نساء العالمين الزّهراء البتول (عليها السَّلام) لهما وقولها لأبي بكر بالنص المتواتر: "نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة إبنتي فقد أحبّني ومَن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟!! قالا: نعم، سمعناه من رسول الله. قالت: فإني أُشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماتي، ولئن لقيت النبي لأشكونّكما إليه.. ثمّ قالت لأبي بكر: واللهِ لأدعوَنَّ اللهَ عليكَ في كلّ صلاةٍ أصلِّيها.." (إبن قتيبة في السياسة والإمامة: ص31).
    لقد عَنَّفَتْ سيّدة النساء (عليها السَّلام) هذين الصنمين بأشدّ العبارات استنكاراً وقرَّعَتهما بأعظم الألفاظ دلالةً على كفرهما وغلظتهما، ويكفي أنها لم تردّ السّلام على هذين الصّنمين لمّا دخلا إلى دارها للاعتذار منها مما يعني أنهما غير مسلمين وإلاّ لو كانا مسلمَين لوجب عليها الرّدُ لوجوب ردّ التحيّة على المسلِم...
    أبَعْدَ هذا يُقال بأنّ الإمام عليّاً (عليه السَّلام) كان يراعي قضايا الوحدة لذا لم يستشهد بأيّ حديث يخدش الوحدةَ حتى إنّه لم يحتجّ بحديث الغدير... هذه الدعوى كذب صريح على أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) بما تلوناه عليكم آنفاً...
   

والحاصل:

لو لم يكن إلاّ استنكار سيدة النساء (عليها السَّلام) على ذينك الصنمين لكفى به عبرةً لمن اعتبر لأنّ قولها (عليها السَّلام) هو قول رسول الله وأمير المؤمنين (عليهما السَّلام)، فالفصل بينهما كفر وزندقة، كما إنّ الاعتماد على قول الإمام عليّ دونها في إثبات المطالب العلمية يستلزم إهمالها وعدم الاعتبار بعلمها، وهو كفر آخر يزاد على الكفر الأوّل...والسلام عليكم .


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=12
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 03 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29