• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : مواضيع مشتركة ومتفرقة .
              • القسم الفرعي : شعائري / فقهي شعائري .
                    • الموضوع : الثابت في الأخبار وجود محامل لموكب السبايا الصدّيقات الطاهرات (عليهنَّ السلام) .

الثابت في الأخبار وجود محامل لموكب السبايا الصدّيقات الطاهرات (عليهنَّ السلام)

الإسم : *****

النص :
السلام على أخي الكريم علي
كيف حالكم سماحة المرجع كيف صحتكم..؟
لديَّ بعض الاسئلة لو تتفضلون علينا بالجواب وهي التالي:
س1وهو كيف وجه الجمع بين القول أن السيدة زينب (ع) نطحت رأسها بمقدم المحمل وسال الدم ,وبين الروايات القائلة أن الجيش الأموي الظالم حمل الفاطميات على بعير ضالع بغير غطاء ولا وطاء وهذا يعني عدم وجود محمل ؟
س2 ما هو رأي سماحة المرجع في ظاهرة كلاب رقية ؟ وهل لها أصل في الشعائر وهل هناك من عمومات تدخل تحتها ؟
س3 ما صحة هذا الحديث المنسوب الى النبي (ع) على الحسين فلتشق القلوب لا الجيوب

 
(الموضوع الفقهي الشعائري): الثابت في الأخبار وجود محامل لموكب السبايا الصدّيقات الطاهرات (عليهنَّ السلام) / لا يوجد في الأخبار لفظ بعير ضالع / معنى البعير الضالع على فرض صحته / لا ملازمة بين البعير الضالع وبين نفي وجود محامل/ ظاهرة كلاب الصدّيقة الصغرى السيّدة الطاهرة مولاتنا رقية (عليها السلام) مندرجة تحت الإطلاقات والعمومات الدالة على استحباب تذليل النفس الأمارة بالسوء واستحباب التأسي بما جرى على الفاطميات الطاهرات (عليهنَّ السلام) من الذل والهوان في سبيل الله تعالى/ الحديث القائل (على الحسين عليه السلام فلتشق القلوب لا الجيوب) لم نعثر له على مستند في المصادر الحديثية .
   (ردّ السلام والتحية على الأخ الأستاذ الكعبي النجفي الفاضل والمجاهد المناضل في سبيل النبيّ وآله الطيبين الطاهرين عليهم السلام)
بسمه تعالى
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
   نتمنى لكم التوفيق والسداد، وأرجو دعاءكم الشريف، ونحن تأخرنا عليكم بالإجابة لأننا في صدد تصنيف رسالة حول الشبهة التي أثارها البتريون للتشكيك بضرب مولاتنا الصدّيقة الكبرى الحوراء زينب (سلام الله عليها)، وسوف نقوم بطبعها عما قريب بإذن الله وإذن الحجج عليهم السلام، ونحن منذ أمدٍ غير بعيد قد اخذنا على أنفسنا وعداً وعهداً لأحد المؤمنين الغيارى مثلكم عندما سألونا عن مسألة ضرب مولاتنا الحوراء عليها السلام جبينها في مقدَّم المحمل، وشغلتنا بعض الأمور إلى أن جاء سؤالكم الكريم فعقدنا العزم على أن نقوم بتصنيف تلك الرسالة التي وعدنا ذاك المؤمن بتصنيفها، ولعلّ الله تعالى أراد أن يثيبكم لأنكم كنتم الدافع القوي للبدء في تصنيفها، وقد قطعنا شوطاً كبيراً في التحقيق برد الشبهة التي أثارها البتريون للتشكيك بشعيرة التطبير من خلال التشكيك بخبر مسلم الجصاص الدال على ضرب مولاتنا الحوراء زينب (سلام الله عليها) جبينها الشريف في مقدم المحمل، ونحن سنجيبكم بالإجمال، وتركنا البحث التفصيلي لوقت آخر تقرأونه بعد طبعه إن شاء الله تعالى .
      استعراض أسئلتكم الكريمة والإجابة عليها:
 
(السؤال الأول): وهو كيف وجه الجمع بين القول أن السيدة زينب (عليها السلام) نطحت رأسها بمقدم المحمل وسال الدم، وبين الروايات القائلة أن الجيش الأموي الظالم حمل الفاطميات على بعير ضالع بغير غطاء ولا وطاء وهذا يعني عدم وجود محمل ؟
 
بسمه تعالى
 الجواب: ليس صحيحاً ما يروّج له البتريون (خذلهم الله تعالى) من أنه لم يكن هناك محاملٌ خلال مسيرة سبي الفاطميات (عليهنَّ السلام) لأن الأخبار دلت على أن الفاطميات حملن على أحلاس أقتاب الجمال، ومعنى (القتب) هو: مركب صغير يوضع فوق سنام البعير، وهو ما يسمى بالإكاف، ولا يمكن للرجل فضلاً عن المرأة أن يركب بعيراً من دون أن يكون عليه قتب كما لا يخفى على المتخصصين في ركوب الجمال ذات السنام المحدب لا المزدوج، ولو سلّمنا قدرة الراكب على البعير من دون قتبٍ، وبغض النظر عن الروايات الكاشفة عن وجود محامل خلال السبي للطاهرات الصدّيقات عليهنَّ السلام، لكنه لا يخلو من (الغبقة) وهي كما عرّفها صاحب كتاب المخصص اللغوي: حبل أو عرقة تشد في الخشبة المعترضة على سنام البعير؛ فلا بدَّ - والحال هذه - من وجود خشبة على سنام البعير، وهي كافية بتحقيق ما ورد بشأن مولاتنا الحوراء زينب عليها السلام من ضرب جبينها بمقدم الخشبة المسماة بالغبقة.
 وبناءاً على ما تقدم: فإن الأخبار التاريخية والحديثية دلت على وجود محامل وهي الأقتاب، ودعوى أن الفاطميات (عليهنَّ السلام) حملن على بعير ضالع تخالف ما أشرنا إليه آنفاً، مع التأكيد على أنه لا توجد رواية واحدة تدل على أنها كانت على بعير ضالع، نعم ورد أن مولاتنا الصدّيقة الكبرى الحوراء زينب عليها السلام دخلت إلى الشام على بعير مهزول، وهو معنى مرادف لضالع بالملازمة، وعلى فرض وجود رواية في البعير الضالع ، فلا توجد ملازمة بين البعير الضالع وبين عدم وجود محمل عليه، وذلك لأن معنى (بعير ضالع)) هو أن البعير كان ضعيفاً أو مائلاً في مشيه، ولا دلالة فيه على نفي المحامل، ولنا تحقيق دقيق حول هذه  الشبهة سوف نطبعها إن شاء الله تعالى.  
 
(السؤال الثاني): ما هو رأي سماحة المرجع في ظاهرة كلاب رقية ؟ وهل لها أصل في الشعائر وهل هناك من عمومات تدخل تحتها ؟
 
بسمه تعالى
الجواب: ظاهرة كلاب مولاتنا السيِّدة الطاهرة رقية (سلام الله عليها) كالحبو على الأرض والتصريح بأنه كلب رقية وتعليق الحبل بالعنق على هيئة طوق الكلب..إلخ، ليس في إثباتها نصٌّ خاص، وليس ثمة دليلٌ على حرمتها، فالأصل فيها الحليّة، نعم هناك عمومات تدخل هذه الظاهرة تحتها وهي نوعان:
  (النوع الأول): عنوان المواساة، وهو عنوان جامع للكثير من المظاهر والأساليب العزائية، إذ ينضوي تحت هذا العنوان الجوع والعطش والبكاء والغربة والمشي على الجمر أو على الأرض أو إخراج الدم بضرب الرأس أو الكتف والظهر أو الزحف والحبو على الأرض أو تعفير الجبين وتلطيخ الوجه والبدن بالطين والفحم أو خلع الرداء والعمامة أو الجلوس في حرّ الهجير تحت حرارة الشمس، إلى غير ذلك من مظاهر الحزن الكيرة المعبرة عن المواساة لمن ذاقوا اعظم البلايا والكروبات.
 إن من لطف الله تبارك شأنه وبركات سيّد الشهداء عليه السلام أن تتعدد وتتنوع مراسم المواساة ومظاهرها، لأن ذلك يفسح المجال لكافة الناس وكلٌّ بحسب قدرته ووسع طاقته وقدر إيمانه ومعرفته وشعوره وصبره أن يواسي الإمام المظلوم أبا عبد الله الحسين وأهل بيته الأطهار عليهم السلام بأي أسلوب شاء وبأية طريقة اختار، فلا شيء أعظم مما لاقاه سيّد الشهداء وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام، فكل شيء يهون أمام ذواتهم المطهرة ومقاماتهم البلائية التي لم يمتحن نبيّ أو وليّ بها على الإطلاق، وهذا في الواقع نعمة إلهية لا يحرم منها العارفون بمقامات سيّد الشهداء وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام، وغير العارفين يجدونها صعبة المنال ويدخلونه في المحرمات إفتراءاً على الله تعالى وحججه المطهرين (سلام الله عليهم).
   (النوع الثاني): عنوان تذليل النفس بالكيفيات التي يختارها المكلّف بعدما ورد في الأخبار من استحباب تذليل النفس للأولياء من أهل البيت (عليهم السلام) بالتعميم تارةً والتخصيص تارةً أخرى ، فقد جاء في أخبار كثيرة في باب زيارة الإمام سيّد الشهداء وأهل بيته الطاهرين (سلام الله عليهم) استحباب الإستكانة والتذليل لهم صلوات الله عليهم بأي نحوٍ من الأنحاء التي يراها المكلّف تذليلاً ومحقاً لأنانية النفس اتجاه أولئك العظماء الذين لاقوا أعظم المصائب والمحن والإذلال من أجل رضا الله تعالى كما حصل لمولانا الإمام المعظم سيّد الشهداء (سلام الله عليه) حيث ربض الشمر اللعين على صدره الشريف ورفسه برجله، وكما حصل لمولانا الإمام المعظَّم زين العابدين (سلام الله عليه) حيث صفّد بالحديد وربط بالناقة، وكما حصل لمولانا الإمام المعظم موسى الكاظم (سلام الله عليه) بسلاسل من حديد في السجن ووضع في الطوامير ، فقد ورد في الصحيح كما في كامل الزيارت بإسناده عن أبي الصامت قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من أتى قبر الحسين عليه السلام ماشياً كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة ورفع له ألف درجةن فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامشِ مشي العبد الذليل...".
 والمراد بعبارة: (علّق نعليك) أي علّق نعليك في عنقك ليكون أوكد في التذليل وسحق النفس أمام سيّد الشهداء عليه السلام وأهل بيته الطيبين عليهم السلام....وليس المراد منها تعليقه على شجرة كما ربما يتوهم المتخرصون البتريون، إذ كيف يترك الزائر  نعليه معلّقاً على شجرة فاسحاً المجال للسراقين بسرقته...!.
 فإذا جاز تذليل النفس بتعليق النعل في العنق لأجل الزيارة، فلماذا لا تكون ظاهرة الكلاب من هذا القبيل لا سيَّما وأنه من مصاديق العبودية لله تعالى بالطاعة لهم والإنقياد إليهم وتأسياً بما أصابهم من الذل من قبل أعدائهم وهو ما أشار إليه نصان هما التالي: 
  النص الأول: ما ورد عن مولانا الإمام المعظم الرضا عليه السلام في الصحيح عن إبراهيم بن أبي محمود ، قال: قال الرضا(عليه السلام ): إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرِّمون فيه القتال ، فاستحلت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حرمة في أمرنا . إن يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذل عزيزنا ، بأرض كرب وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء ، إلى يوم الانقضاء ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإن البكاء يحط الذنوب العظام... ). انتهى موضع الحاجة منه.
  النص الثاني: ما ورد عن مولانا إمامنا المعظم الحجَّة القائم عليه السلام يقول في زيارته المقدّسة المعروفة بزيارة الناحية التي خرجت منه إلى أحد النواب، وقد رواها العلامة المجلسي (رحمه الله) عن المزار الكبير تأليف محمد بن المشهدي وهي مروية عن المفيد والمرتضى وعدة من أصحابنا الإمامية، وهي من كلمات إمامنا الحجة المهدي المنتظر عليه السلام، قال تقف عليه وتقول: " السلام على آدم صفوة الله من خليقته.... إلى أن قال عليه السلام:" فلئن أخرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور ، ولم أكن لمن حاربك محاربا ، ولمن نصب لك العداوة مناصباً ، فلأندبنك صباحاً ومساءً ، ولأبكين عليك بدل الدموع دماً ، حسرةً عليك وتأسفاً على ما دهاك وتلهفاً ، حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتياب..." إلى أن قال عليه السلام:" فلما رأين النساء جوادك مخزيا ، ونظرن سرجك عليه ملوياً ، برزن من الخدور ، ناشرات الشعور على الخدود ، لاطمات الوجوه ، سافرات ، وبالعويل داعيات ، وبعد العز مذللات ، والى مصرعك مبادرات والشمر جالس على صدرك ، مولغٌ سيفه على نحرك ، قابضٌ على شيبتك بيده ، ذابح لك بمهنده ، قد سكنت حواسك ، وخفيت أنفاسك ، ورفع على القنا رأسك ، وسبي أهلك كالعبيد ، وصفدوا في الحديد ، فوق أقتاب المطيات ، تلفح وجوههم حر الهاجرات ، يساقون في البراري والفلوات ، أيديهم مغلولة إلى الأعناق ، يطاف بهم في الأسواق .
  والخلاصة: ليست ظاهرة الكلاب بأعظم مما جرى على أهل البيت عليهم السلام من الذل والهوان في سبيل الله تعالى.
 
(السؤال الثالث): ما صحة هذا الحديث المنسوب الى النبي (ع) على الحسين فلتشق القلوب لا الجيوب ؟.
 
بسمه تعالى
الجواب: لم نعثر على الحديث المنسوب إليهم (سلام الله عليهم) في مصادرنا الحديثية، نعم هو من كلام السيد حيدر الحلي الشاعر الشيعي الفذّ حينما نعى والد صديقه المدعو صالح الكبى فقال:
قد رجب من الفخر سنامه وغاربه ، وطبق بالحزن من الكون مشارقه ومغاربه ، قد رحل بمن هو زاد المقل ، وناعش صرعة الضريك والمرمل ، وتقرب جبرئيل إلى الله برف روحه الطاهرة ، حين سمت عن الدنيا لنعيم الآخرة ، فقوض عنها رحيض الثوب من در تبعاتها ، مبرأ الجوارح من اجتراح خطيئاتها ، لم تقض بنو الدنيا حق مصابه ، ولم تكافى ما أسدت إليها يده من جزيل ثوابه ، وبماذا تقضي حق هذه النازلة ، والمصيبة الهائلة ، أبصراخ الثواكل ، أم بدمع على الوجنات سائل ، أم بوجد ولو كان كوجد يعقوب ،أم بنوح ولو كان مما تشق عليه الأكباد لا الجيوب ، هيهات :
كذبناه لم نجزع عليه ولم تقم * مآتمنا لما أقيمت مآتمه
 والحمد لله وهو حسبنا زنعم الوكيل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
   
حررها العبد الأحقر
محمَّد جميل حمُّود العاملي
بيروت بتاريخ 4 جمادى الاولى
1437  هجرية
 

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1235
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19