• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : يحرم الجهاد الابتدائي في غيبة إمامنا المعظم الحجة القائم (سلام الله عليه) .

يحرم الجهاد الابتدائي في غيبة إمامنا المعظم الحجة القائم (سلام الله عليه)

سلام عليكم سماحة الشيخ محمد جميل حمُّود العاملي ...أتمنى لكم دوام الصحة و العافية ...عندي عدة أسئلة أرجو أن تجيبوني عليها، منها السؤال الآتي:

  ما حكم الجهاد الابتدائي والخروج على الحاكم الظالم و اقامه الحدود و تشكيل الحكومة الاسلامية وممارسة العمل السياسي زمن الغيبه (انا اعلم ان المشهور من علمائنا يَرَون الحرمه ). وكيف يجب ان نعيش في زمن الغيبة ؟..
 
الموضوع الفقهي: يحرم الجهاد الابتدائي في غيبة إمامنا المعظم الحجة القائم (سلام الله عليه) / معنى الجهاد الابتدائي / الجهاد الدفاعي جائز في أكثر الأحيان وواجب في أحيان أخرى / حكم الخروج على الحاكم الظالم / تشكيل حكومة دينية غير جائز في عصر الغيبة الكبرى / المراد من إقامة الحكومة هو العدل والإنصاف وهو ما لم يتحقق إلى الآن / ظلم الحكومات الإسلامية أكثر من عدلهم / النصوص تنهى عن تسليم الأمور إلى من لا يؤمن عليه في إقامة العدل / العمل السياسي في هذه الأزمنة كلّه غشٌّ وخديعة ورعاية مصالح شخصية /النظام الإيراني اليوم يحارب فقهاء الشيعة الموالين ويتقرب من علماء المخالفين ويدافع عنهم / من يريد إقامة دولة شيعية يجب أن يكون كزيد الشهيد عليه السلام / كيف نعيش حياة روحية في زمن العيبة الكبرى ؟.
بسمه تعالى
 
الجواب: يحرم الجهاد الإبتدائي في غيبة إمامنا الحجة القائم (أرواحنا له الفداء)، ومعنى الجهاد الإبتدائي هو الجهاد للدعوة إلى الإسلام بغزو الكفار في ديارهم، وأما الجهاد الدفاعي فجائز بل قد يعتبر واجباً في بعض الأحيان، أمَّا الخروج على الحاكم الظالم فليس من باب الجهاد الإبتدائي بل هو جهاد دفاعي عن النفوس والأعراض والأموال، فيجب جهاد الحاكم الظالم في حال تعرض للمؤمنين بظلمٍ وحيف، ولا فرق بينه وبين الحكام العلمانيين؛ ولا ينحصر الجهاد الدفاعي بالحاكم المخالف أو الملحد...!!
  وأما تشكيل الحكومة الإسلامية في عصر غيبة الإمام المعظم الحجة القائم أرواحنا له الفداء فغير جائزٍ، لأن معنى أن تكون هناك دولة إسلامية يعني أن تبسط العدل وتدحر الجور عن المؤمنين وترفع من مقام آل محمَّد (سلام الله عليهم) وتنوّه بفضائلهم ومعاجزهم وتذكّر العالم بمصائبهم وظلاماتهم وتعمل بأحكامهم وترشد الناس إلى معارفهم وعلومهم..ولا يعني التذكير بمصائب أهل البيت عليهم السلام أننا نثير الضغائن والحساسيات..كلا ! بل هي مجرد تذكير بإقامة الشعائر الحزينة على مصائبهم والتنويه بظلاماتهم ومناقبهم وعلو قدرهم، وما من أمة إلا ولديها مراسم وتاريخ مأساوي مع الظالمين ولا زالت تذكر ظلاماتها وشجونها وآلامها ومصائبها على الملأ ، وخير شاهد على ما قلنا ما ينقله الأرمن كل عام من ظلامات حلّت عليهم من قبل الدولة التركية العثمانية منذ أكثر من مئة سنة، ويطالبون الدولة التركية المعاصرة ومن جاء قبلها بالاعتراف بحقم وظلاماتهم من قبل من سبقهم من الحكام العثمانيين منذ مئة عام، ولا أحد ــ من السنة ولا من النصارى ولا حتى اليهود ــ يصفهم أو ينعتهم بمثيري الفتنة والضغائن..! ولكن عندما يقوم الشيعة كل عام بمراسم عاشوراء تقوم الدنيا ولا تقعد علينا لأجل ذلك، وأول من يجرّح وينتقد ويهدد هم معممون من السادة ممن بسطت لهم القوة والهيمنة، وهو أمر يدخل السرور على المخالفين لأن سادة أقوياء بعسكرهم يهددون الموالين من الشيعة لأجل إقامتهم لمراسم التطبير والبكاء واللطم..! ذلك كله لأنه يزعج المخالفين ويشق أواصر الوحدة بينهم ويشتت شملهم القائم على معاداة الشعائر الحزينة التي تذكر بما فعل بنو أمية الذين بسطوا سلطانهم يومذاك على بلاد الشام والحجاز بمرسوم بكري عمري..!!
   وما نشاهده اليوم من نظام الدولة الإيرانية عكس المطلوب من قيامها، فبدلاً من بسط الجناح للمؤمنين الموالين، بسطوا الجناح للمخالفين وأكرموهم وقربوهم وأحسنوا إلى علمائهم وأحزابهم..وفي مقابل ذلك قاموا بظلم الموالين وعلمائهم وفقهائهم، فقد منع النظام المذكور الموالين من أبسط حقوقهم المشروعة، ويقوم النظام بلجم ألسنة الفقهاء والعلماء الموالين، بل وقتلهم والقضاء عليهم والتشهير بهم والانتقاص منهم ويمنع النظام من التعرض لأعمدة السقيفة ولو من باب الاستدلال على بطلان خلافتهم.. بل إن الخامنئي حكم بإسلامهم، ولهذا الرجل فتاوى تحرم التعرض بنقد أو تلميح وتلويح بحق عائشة وأعمدة السقيفة حتى من كتبهم فضلاً عن كتب الشيعة، كما له فتاوى تحرم الشعائر الحسينية كالبكاء بصوت عالٍ والصلوات على النبي وآله وغيره مما هو معلوم في سيرة هذا الرجل..وبالتالي كيف يسوغ لنا القول بوجوب إقامة دولة إسلامية في ظل هذه الدولة التي لم نرَ أنها البديل عن الدول العلمانية الديمقراطية التي يسرح فيها الموالون بحرية وأمان لا ترهبهم مخابرات الحرس الثوري الإيراني ولا غيره من أحزاب مناصرة له..!!
  إن العيش في ظلِّ دولة علمانية ديمقراطية تعطي كلّ ذي حقٍّ حقه وتحفظ الحريات وتفسح المجال للرأي والرأي الآخر، لهي أفضل من ألف دولة تتقمص ثوب الإسلام ومن ثمَّ تنخر بكيانه من داخله وتشرّع البدع باسم الدين وتنتقم من خصومها السياسيين والدينيين بحجة أنهم عملاء وأعداء للإسلام لمجرد أنهم عارضوا حاكمهم وأبدوا انزعاجاً من تشريعاته المجحفة بحق المتدينين والعلمانيين على السواء..! 
  هذا بالإضافة إلى أن من يلاحظ الأخبار التي روى جملةً منها المحدّث الحر العاملي رحمه الله في باب الجهاد من الوسائل يرى بوضوح نهيها الشيعة عن القيام بالسيف لإقامة دولة في غياب إمامنا الحجة القائم (أرواحنا له الفداء) ذلك لأنها تعلل حرمة القيام، بأن قيام أصحابها ليس كقيام زيد الذي خرج على بني أمية ليرجع الحق إلى آل محمد (سلام الله عليهم) أو للاعتراض على ظلمهم لأهل البيت وشيعتهم الموالين، فكان شعاره المقدس هو "الرضا من آل محمد (سلام الله عليهم)"، فمن رام إقامة دولة شيعية يجب أن يتصف بنفس الصفات التي اتصف بها زيد الشهيد ومنها المطالبة بحقوق آل محمد عليهم السلام ولو بالإقرار الكلامي على أقل تقدير وعدم الانبطاح للمدرسة العمرية التي تطاولت على منهج آل محمد منذ السقيفة إلى يومنا هذا...!! وقبل التفكير بإقامة دولة علينا أن نفكر في أن نكون مخلصين لله تعالى وللإمام الحجة القائم عليه السلام بحيث يكون جلُّ اهتمامنا في كيفية الإخلاص له وكيف أن نكون من أعوانه وأنصاره وخدمة عتبة داره..ونرفع الموانع الداعية إلى احتجابه عنا وابتعاده عن اللقاء بنا...! ونذكركم بشيء لا يحتاج إلى إقامة دولة شيعية لنصرة المقدسات في البقيع الشريف، فلم نسمع ولم نقرأ أن النظام الإيراني قام بمحاولة إعلامية وسياسية ضد النظام السعودي الذي انتهك حرمة قبور أهل البيت عليهم السلام في المدينة المنورة بآل محمد عليهم السلام..! أبعد هذا يقال بإن على المؤمنين أن يفكروا بإقامة دولة شيعية تأخذ الحقوق من الظالمين وتعطي الحقوق للمستضعفين الموالين..!!.
  وأما العمل السياسي في هذا الزمان فكله غشٌّ وخديعة وكذب ودجل، وكلّ من يعمل بالسياسة اليوم هم دجالون يسعون بعملهم السياسي إلى جمع الأموال والسيطرة على ثروات الشيعة وقمع كل مخالف لهم، وأغلب من يعمل بالسياسة اليوم هم من أنصار الأحزاب الملعونة التي تخرّب على الشيعة دينهم ودنياهم...
  وأما سؤالكم حول كيفية أن نعيش في زمن الغيبة فنقول: أننا نعيش كما عاش أجدادنا السابقون، كانوا أتقياء ورعون يخافون الله تعالى في عباده وبلاده وكانوا خائفين من العقاب في يوم الحساب، وكانوا منتظرين لإمام زمانهم ويترقبون إرضاءه في ليلهم ونهارهم وكانوا يتسابقون إلى اللقاء به والشوق إليه...وأين هم المؤمنون اليوم مما كان عليه آباؤنا وأجدادنا رضي الله عنهم..؟! عندما كان الشيعة تحت نير التقية كانوا من أفضل الناس عبادة وتوجهاً لله تعالى وللحجج الطاهرين (سلام الله عليهم) بعكس المؤمنين في يومنا هذا فهم بالرغم من قوتهم العسكرية إلا أنهم من أضعف الناس في عقائدهم وتوجهاتهم لله تعالى والحجج المطهرين (سلام الله عليهم) ولا تغرنكم هذا الكثرة المليونية هنا وهناك، فإنها طنطنة لا تغني من الحق شيئاً..!
  إننا ننصحكم ــ وانتم بمثابة أحد أولادنا ـــ أن تنكبوا على تهذيب نفسكم من الشوائب وتوجيهها نحو المعالي الروحية من خلال التوجه إلى الحجج الطاهرين (سلام الله عليهم) لا سيما الإمام الحجة القائم روحي له الفداء، وأن يكون همكم هو الوصول إلى عتبة الإمام الحجة القائم عليه السلام من خلال اللقاء به وخدمته شخصياً كما هو حال الأبدال الذين يبقون معه يحمونه ويخدمونه بأرواحهم وكل غالٍ ونفيس..إن من يعيش أجواء التفاعل مع قضايا الإمام الحجة القائم (أرواحنا له الفداء) من خلال قراءة قصص المؤمنين الذين شاهدوه وفازوا بصحبته واللقاء معه والانتفاع بمعارفه وعلومه وتقواه وجماله وجلاله، لا يستوحش من الخلوة ولا يستوحش من قلة خدامه والذائدين الأعداء عن جنابه المقدس..تعلّم العلم لكي تدافع عن الإمام المهدي روحي له الفداء..عبر وسطك الشيعي وعبر المواقع الإلكترونية..جاهد أعداءه، ادعِ إليه الآخرين لكي يفوزوا به.. حاول أن تكثر من أنصاره ومحبيه، وحاول أن ترضيه بعقيدتك وعملك الصالح ونصرته ونصرة اوليائه الغيارى على دينه ودين ىبائه الطاهرين، وأن توالي من والاه وتعادي من عاداه من أعمدة السقيفة وأتباعهم والمائلين إليهم من نواصب وبترية الشية اليوم...إذا عملت بهذا القانون فإننا نضمن لك أن تكون ممن يتشرفون بلقاء الحجة القائم وصحبته والكون معه، ولا يضرك الأمر إن مت أو عشت، فإن العمل بما أشرنا غليه هو ضمانة لكم من الانحراف والموت ميتة الجاهلية، وأنتم بفضل الله ممن يغنيه الغشارة عن العبارة، ولكننا أحببنا أن نفوز بسبق رضا الإمام الحجة القائم أرواحنا له الفداء من خلال تذكيرك به مع كونك من المحبين له ــ إن شاء الله ــ والفائزين بعقيدتك الصحيحة من خلال عرض أسئلتك علينا دون غيرنا...وفقك الله لكل خير، وجعلك ممن يلقي السمع وهو شهيد لا تأخذك في الله لومة لائم..نسألكم الدعاء، ودمتم موفقين ومسددين برعاية إمام الزمان ولي الرحمان صاحب العصر والزمان (سلام الله عليه). 
 
حررها كلب آل محمد محمد جميل حمود العاملي
لبنان/ بيروت بتاريخ 28 صفر 1437 هجري

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1373
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 12 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29