• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : هل للنبي الأعظم صلوات الله عليه والأئمة المعصومين والصديقة الطاهرة السيدة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين ولاية تكوينية وولاية تشريعية أم إحدى الولايتين دون الأخرى؟؟ .

هل للنبي الأعظم صلوات الله عليه والأئمة المعصومين والصديقة الطاهرة السيدة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين ولاية تكوينية وولاية تشريعية أم إحدى الولايتين دون الأخرى؟؟

الإسم: علي

النص: سماحة المرجع الديني الكبير الشيخ محمد جميل حمود دام ظله الوارف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ارجو من سماحتكم الاجابة على السؤال التالي:

هل للنبي الأعظم صلوات الله عليه والأئمة المعصومين والصديقة الطاهرة السيدة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين ولاية تكوينية وولاية تشريعية أم أحدهما دون الآخر؟؟ أفتونا مأجورين.

ولدكم الشيخ علي ....


الموضوع العقائدي: هل للنبي الأعظم صلوات الله عليه والأئمة المعصومين والصديقة الطاهرة السيدة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين ولاية تكوينية وولاية تشريعية أم إحدى الولايتين دون الأخرى؟؟

بسمه تعالى

 

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الجواب: لا ريب في ثبوت الولاية التكوينية والتشريعية لأهل البيت (سلام الله عليهم) وعلى رأسهم أمير المؤمنين وزوجته الطاهرة الزكيَّة الصدّيقة الكبرى (سلام الله عليهما) بمقتضى آيات الكتاب الكريم كآيتي الولاية وآية الإكمال وآية الإطاعة ونظائرهم، وكذلك ما دلت عليه الأخبار الشريفة، وقد فصّلنا الموضوع بشكلٍ دقيق في الجزء الثاني من كتابنا الكريم المسمى بـ(الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية/باب عقيدتنا في طاعة الأئمة الطاهرين عليهم السلام).

  ومهما يكن الأمر:فإن لأهل بيت العصمة والطهارة (سلام الله عليهم) ولايتين:تكوينية وتشريعية، والولاية التكوينية من لوازم ولايتهم التشريعية لقربهم من الله تعالى المبدأ الفياض لكلِّ خير وفضيلة ومعجزة وكرامة وولاية على عامة المخلوقات بلا استثناء، إذ لا يعقل أن يعطيهم الله تعالى الولاية على التكوين من دون انقيادهم إليه تشريعاً ومحافظتهم عليه ودعوة الناس إليه؛ فالتشريع يستبطن انقياداً إلى المبدأ الفياض، وإلا أصبح التشريع لغواً لا فائدة فيه ولا غاية في تشريعه، فالتكوين ـــ بالنظر البدوي وبالحمل الأولي الذاتي ـــ معلول للتشريع، والتشريع علَّة لحصول الكمال وبالتالي تصير المادة في طول إرادتهم منقادة إليهم إنقياد الظل لصاحبه بمقتضى قوله سبحانه (وما خلقت الجنَّ والإنس إلا ليعبدون) فالعبادة غاية أو علَّة لحصول التكوين بمعنى أن الله تعالى خلق التكوينيات في خدمة العبادة، وليست العبادة مخلوقة للتكوين، فإذا عرف العباد الله تعالى وعملوا بتشريعه أعطاهم الولاية على التكوين فيصبح لديهم مسخراً لهم منقاداً إلى إرادتهم بمقتضى قوله تعالى (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) وبمقتضى الأخبار الكثيرة الدالة على إطاعة الكائنات للعبد المطيع لله رب العالمين وإطاعة حججه الطاهرين (سلام الله عليهم) والتي منها الحديث القدسي المتواتر بالمعنى (يا بنى آدم خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي أنا أقول للشيء كن فيكون وأنت تقول للشيء كن فيكون) ويؤيده حديث قرب النوافل (لا يزال العبد يتقرب إليّض بالنافلة حتى أحبَّه، فإذ أحببته كنت عينه التي ينظر بها ويده التي يبطش بها...).

 إن الحيثية التي تقوم عليها ولايتهم التشريعية على ثلاثة أنحاء هي ما يلي:

 (الأوّل): ولاية الحفظ والرعاية: بمعنى أنْ تكون ولايتهم التشريعية هي ولاية الحفظ والرعاية للأحكام الشرعية وتبليغها إلى المكلَّفين.

(الثاني): ولاية سنِّ الأحكام: بمعنى أنْ تكون ولايتهم التشريعية مستمدة من عطاء الله تعالى لهم حق التشريع والتقنين بإذنه تبارك شأنه من حيثية إنّ الله سبحانه ترك لهم مساحةً لسَنِّ الأحكام الشرعية الموافقة لإرادته، فكأنّ المشرِّع هو الله تعالى، وليسوا إلاّ كاشفين عن رضاه، ويؤيده ما ورد في الأحاديث الشريفة قولهم (سلام الله عليهم): "رضا الله رضانا أهل البيت" و"إنّ الله يرضى لرضا فاطمة ويسخط لسخطها" و"عليٌّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ".. إلى آخر ما جاء من دلالات قطعية تثبت لهم أبعاد التشريع الإلهي الجاري على أيديهم الطاهرة بعنوان الولاية وليس تحت عنوان نبوة تشريعية جديدة في مقابل نبوة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، وله نظير في أفعال وليّ الله الخضر عليه السلام حيث كشف لنا القرآن الكريم والسنة المطهرة أنه سنَّ أحكاماً تشريعية من قتل الغلام وهدم الجدار وخرق السفينة مع أن ذلك لم يكن ممضىً في شريعة النبي موسى عليه السلام باعتباره مكلَّفاً بالظاهر، بينما كان الخضر عليه السلام مكلَّفاً بالباطن، من هنا لما اعترض عليه النبي موسى عليه السلام قال له الولي الخضر عليه السلام (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً ) الكهف82.

إن تغاير التكليفين بين النبي موسى والولي الخضر عليهما السلام لا يعني أن الخضر عليه السلام جاء بتكاليف جديدة تلغي التكاليف التي جاء بها النبي موسى عليه السلام، بل إن أحدهما يكمِّل الآخر، فالباطن يكمِّل الظاهر، والباطن أفضل من الظاهر بمقتضى ما دلت عليه الآيات والأخبار الشريفة، وذلك بسبب كمال الباطن وتمامه..فالظاهر دائماً فيه جنبة مراعاة الظروف الموضوعية والتخفيف على الخلق، بينما الباطن لا يراعي تلك الظروف ولا يجامل على حساب الواقع الأمري كما أراد الله تعالى واقعاً، فصاحب مقام الولاية لا يجاري ولا يماري، بل يعمل بالواقع الأمري..وليكن تكليف أهل البيت (سلام الله عليهم) على نحو التكليف الخضري، وتكليف جدهم النبي الأعظم صلى الله عليه وآله على نحو التكليف الموسوي؛ فما ثبت لكليهما يثبت للنبي محمد ولأهل بيته الأطهار عليهم السلام؛ من هنا قامت مولاتنا المطهرة الصدِّيقة الكبرى سيِّدتنا المعظمة الزهراء البتول (سلام الله عليها) بتكليفٍ يغاير تكليف النبيّ الأعظم وأمير المؤمنين سيدنا الإمام الأعظم علي بن أبي طالب (سلام الله عليه)، وهكذا عمل بمنهاجها الولايتي مولانا المعظم سيِّد الشهداء أبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه) ومن بعده مولاتنا المطهرة الصدّيقة الحوراء زينب (سلام الله عليها) في كربلاء وما بعدها..!

  والتغاير (حسبما أشرنا إليه أعلاه) لا يلغي شريعة النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله، بل يكمّل ويتمم من دون الأخذ بالظروف الموضوعية وأحكام التقية ومراعاة أحوال الناس..!! يرجى التأمل لأنه البحث دقيق لا يعقله إلا المتبصرون بحقائق الولاية الإلهية التي لا انقطاع لها أبداً. 

 (الثالث): ولاية التصرف بالنفوس والأموال والأعراض: بمعنى أن تكون ولايتهم التشريعية هي الهيمنة والسلطنة والحاكمية والإتباع أو الأحق بالتصرّف من الغير؛ فكما أن للنبي والأئمة عليهم السَّلام حقّ الطاعة على العباد، أيضاً لهم حقّ التشريع وتقنين الأحكام كما أراد الله سبحانه.

وبالجملة: لقد ثبت بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والعقل أن لأهل البيت (سلام الله عليهم) كلتا الولايتين بلا فصل ولا تمييز بين الأئمة والصدّيقة الكبرى مولاتنا الزهراء البتول عليها السلام، وهو أمر قام عليه الإجماع بشتى أقسامه؛ ولا شغل لنا مع الشواذ من علماء هذه الطائفة المحقة، وقد أسهبنا في ذكر الأدلة على ذلك في موضعين من كتابنا الكريم (الفوائد البهية) أحدهما في بحث عقيدتنا في المجتهد؛ وثانيهما في فصل عقيدتنا في طاعة الأئمة الأطهار عليهم السلام، كما أشرنا إلى حجية مولاتنا المطهرة الزهراء البتول (سلام الله عليها) في كتابنا الكريم الثاني الموسوم بـ(شبهة إلقاء المعصوم في التهلكة ودحضها) فليُراجع الكتابان المذكوران. 

والحاصل: إن تشريع الأئمة الأطهار (سلام الله عليهم) لا يعني بالضرورة العقلية أنهم يشرِّعون أحكاماً مناهضة للتشريع النبوي المنزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل تشريعهم إنَّما هو في طول تشريع الله تعالى المنزل على الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) حيث ترك الله تعالى لهم مساحةً في التشريع الحكمي على الموضوعات المستجدة في كلّ عصر وزمان من أزمنة وجودهم المقدس..وكيف يجوز للفقيه العادل العارف بطرق الاستدلال أن يسنَّ أحكاماً شرعية ضمن المساحة الأخبارية التي أجازه بها أئمتنا الطاهرون (عليهم السلام) ولا يجوز لأئمتنا الطاهرين وجدتهم الصدّيقة الكبرى (سلام الله عليها) ؟! فإذا جاز للفقيه الضعيف المستكين (وهو خادم نعالهم الشريفة) أن يستنبط أحكاماً من المدارك المقررة شرعاً، جاز ذلك لمن أعطى الفقيه سلطةً على التشريع من أخبارهم المقدسة بطريق أولى..!

  وليس ثمة مانع عقلي وشرعي يمنع من تشريع أهل البيت (عليهم السلام) بعد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، ولا يخلو تشريعهم من أمرين:

   (الأول): أن يكون تشريعهم في طول تشريع الله تعالى الذي أظهره على نبيِّه الأكرم صلى الله عليه وآله ولكنه (صلى الله عليه وآله) لم يظهره لعدم توفر الظروف المؤاتية له في زمانه؛ ثم أنهم كشفوا عنه، فكان كلُّ إمام منهم  (سلام الله عليهم) يُظهر بعض الأحكام التشريعية المناسبة لأهل زمانه ويكشف عنها باعتباره المنفذ للنبوة التشريعية النازلة على جدهم الأعظم صلى الله عليه وعليهم.

  وبهذا يكون تشريعهم هو تشريع الله تعالى النازل على نبيه الكريم (صلى الله عليه وآله) إلا أنه خاص بكلِّ واحد منهم على وجه الخصوص؛ فكما كان النبيُّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) مخصوصاً بمجموعة تشريعات من قبل الله تبارك شأنه، كذلك الحال بالنسبة إلى أهل بيت العصمة والطهارة (سلام الله عليهم).

   (الثاني): أن يكون تشريعهم في طول تشريع الله تعالى الذي أظهره الله تعالى على كلِّ واحد منهم من دون أن يظهره على نبيّه الأكرم صلى الله عليه وآله؛ ونزول التشريع عليهم لا يلغي شريعة النبي الأعظم ولا أنه في مقابل تشريعه، بل هو من جملة رسالة النبي ومن متممات الأحكام التي لم ينزلها الوحي في زمن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، من هنا ورد في بعض الأخبار أن الله تعالى أباح لأمير المؤمنين (سلام الله عليه) أن يشرِّع زكاة الخيل وغيرها مما لم يظهره الله تعالى على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في حياته الشريفة، بل إن الله تعالى ترك تشريعه لأمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله) لإبراز فضله وعلو مقامه عند الله تعالى، وهذا التشريع الإمامي أو الولايتي مقروناً باطلاع النبي عليه في إحدى حالتين:

    (الأولى): أن يطلع عليه النبيُّ الأعظم صلى الله عليه وآله بعد نزوله على الولي عليه السلام، وهذا لم نعثر له على ما يؤيده في الأخبار. 

    (الثانية):أن يطَّلِع عليه النبيُّ الأكرم صلى الله عليه وآله قبل نزوله على الولي عليه السلام، وهو ما استفدناه من بعض الأخبار والتي مفادها أن كل أمر ينزل من السماء على الإمام عليه السلام يطلع الله تعالى عليه رسول الله ثم الإمام السابق على الإمام اللاحق حتى لا يكون اللاحق أعلم من السابق، فقد روى المحدث الشيخ الكليني رحمه الله في أصول الكافي في باب (لولا أن الأئمة عليهم السلام يزدادون لنفذ ما عندهم) في خبر يونس بن عبد الرحمان عن بعض أصحابه عَنْ الإمام أَبِي عَبْدِ اللَّه عليه السلام قَالَ:" لَيْسَ يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ عِنْدِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ حَتَّى يَبْدَأَ بِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله ثُمَّ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ثُمَّ بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ لِكَيْلَا يَكُونَ آخِرُنَا أَعْلَمَ مِنْ أَوَّلِنَا".

   ومعنى الخبر: أنه لا يخرج أمر تشريعي من عند الله تعالى إلى الإمام عليه السلام إلا بدأ برسول الله ثم عُرض على الإمام السابق، ثم الإمام اللاحق..وقوله الشريف (لا يخرج شيء من عند الله..) واضح الدلالة في كونه شاملاً لتلقي التشريعات الإلهية وتنفيذها عبر الأئمة الأطهار (سلام الله عليهم)؛ واقتصار الخبر على الأئمة الأطهار عليهم السلام لا يعني بالضرورة نفي تكليف مولاتنا الصدّيقة الكبرى سيدتنا المطهرة الزهراء البتول (سلام الله عليها)، إذ إن إثبات شيء لشيء لا ينفي ما عداه، لأن مفاد هذا الخبر وأمثاله هو تعيين وظيفة الإمام بما هو إمام لا بما هو وليّ، فإن مقام الولاية أعظم من مقام الإمامة، فما ثبت لولي الله الخضر عليه السلام (صاحب مقام الولاية) ــ حيث قتل الغلام وأقام الجدار...كل ذلك بأمر من الله تعالى، ومن الواضح أن قتل الغلام وخرق السفينة وإقامة الجدار هو من التشريع المحض الذي لا نقاش فيه ــ يثبت بطريق أولى لأهل البيت (سلام الله عليهم) باعتبارهم أفضل من الخضر عليه السلام..فبمقام الولاية قتل الغلام، وبمقام الولاية علَّم النبيَّ موسى عليه السلام، وبمقام الولاية انقاد النبيُّ موسى إلى الولي الخضر عليهما السلام..وقس على ذلك بقية التكاليف التي كان يعلمها الخضر، حيث علمها من دون مراجعة النبي موسى عليه السلام، بل كانت تصرفاته التشريعية من دون اتصال بالنبي موسى الذي كان صاحب رسالة كبرى..وبالرغم من ذلك كله، فإن الخضر عليه السلام لم يتلقَ التكاليف الإلهية منه، ولم يشرِّع التكاليف كقتل الغلام وغيرها طبقاً لتشريع النبي موسى عليه السلام، بل كان تلقيه لها مباشرة من الله تعالى، بل ظاهر الآيات أن النبي موسى عليه السلام اعترض على الخضر في تصرفاته التي تناهض شريعة النبي موسى عليه السلام، ولم يدَّع أحدٌ من علماء المسلمين سنة وشيعة أن الخضر جاء بنبوة جديدة معاكسة لشريعة النبي موسى عليه السلام وناسخة لها..!! ولماذا لا تكون هذه المنزلة لأهل البيت عليهم السلام مع كونهم أفضل من الخضر عليه السلام باتفاق الآيات والنصوص الشريفة..؟!! 

     عود على بدء: ما أشرنا إليه حول اطلاع النبيّ الأعظم على التكاليف النازلة على أهل البيت عليهم السلام بناءً على أن علومهم ليست فعلية عندهم، وأما بناءً على فعلية علومهم وأنها حاضرة عندهم، فلا يتم ما أشرنا إليه آنفاً، بل إنهم عالمون بكلّ شيء بفضل الله تعالى عليهم ورحمته بهم لأنهم أهل الفضل والرحمة.

    والثابت في الأخبار الشريفة أن الله تعالى فوّض إليهم أمر الدين، وما فوّضه الله إلى رسوله، فقد فوضه إلى أوليائه من آل محمد عليهم السلام وهي أخبار كثيرة فاقت التواتر، منها ما رواه الكليني في صحيحة موسى بن أشيم عن الإمام الصادق عليه السلام قال:"...يا بن أشيم إن الله عزَّ وجلَّ فوض إلى سليمان بن داود فقال (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) وفوّض إلى نبيّه صلى الله عليه وآله فقال:" فما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" فما فوِّض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوَّضه إلينا".

   ولا يجوز بحكمة العقل والنقل أن يفوِّض الله تعالى أمور دينه إلى النبي سليمان (وهو أدنى مرتبة من آل محمد عليهم السلام) فيسمح له بأن يشرّع أحكاماً بأمره وموافقة لمشيئته ولا يفوض أمور دينه لمن هم أفضل منه وهم من أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، ورفعهم على عامة الأنبياء والمرسلين إلا رسول الله محمد فإنه منهم وهم منه..! إذ إن مقاماتهم الشريفة أعظم من مقامات الأنبياء لا سيما مقام مولاتنا الصدّيقة الكبرى الزهراء البتول (سلام الله عليها) التي دارت على معرفتها قرون الأنبياء والمرسلين، وهي التي كانت ولايتها سبباً لتنصيب الأنبياء والأوصياء لمقام السفارة الإلهية، وهي التي حجة على عامة الحجج المطهرين، وهي التي شاركت الأئمة في الولاية بل ولايتها أعظم من ولايتهم باعتبارها الأصل التكويني لهم وهي التي يرضى الله لرضاها ويسخط لسخطها، وهي التي ما تكاملت نبوة نبيّ إلا بالوفاء لها والبخوع لجنابها المقدّس...فكيف لا يكون لها مقام الولاية التشريعية والتكوينية معاً وقد نالها أنبياء وأولياء وهم أدنى منها بدرجات ولولاها ما صاروا أنبياء وأولياء...!! وقد فصَّلنا بعضاً من مقاماتها المقدسة في كتابنا الموسوم بـ" نفحات الأبرار في شرح زيارة عاشوراء" فليراجع.

 والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على محمد وآل محمد ولعن الله أعداءهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

حررها العبد الفاني محمد جميل حمود العاملي

بيروت/ بتاريخ 17 رجب الأصب 1438 هجري

 

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1453
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 05 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29