• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : الحنث بالقسم بمولاتنا الصدّيقة الكبرى (سلام الله عليها) يوجب الكفارة على الأحوط لأنه يخلّ بموازين المحبة والولاء لها، لأنها الصفة الفعلية الكبرى لله تعالى والكاشفة عن الصفات الذاتية لله تعالى .

الحنث بالقسم بمولاتنا الصدّيقة الكبرى (سلام الله عليها) يوجب الكفارة على الأحوط لأنه يخلّ بموازين المحبة والولاء لها، لأنها الصفة الفعلية الكبرى لله تعالى والكاشفة عن الصفات الذاتية لله تعالى

الإسم: *****

النص: الشيخ العاملي حفظه الله
السلام عليكم
   أنا شاب أبتلاني الله بالنظر للأفلام المحرمة ولقد حاولت كثيرا الإقلاع عن هذا الذنب ولكن دون جدوى، ولذلك عاهدت سيدتي ومولاتي السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام أن لا أعود لهذا الذنب مرة أخرى، ولكني بين الحين والآخر أحوم حول هذه المشاهدات المحرمة، وإني في شك هل يعتبر ماقمت به حنثاً ونكثاً للعهد الذي بيني وبين سيدتي عليها السلام أم لا؟
لذلك لدي مجموعة من الأسئلة:
  السؤال الأول: لنفرض أنني نكثت العهد في يوم من الأيام، فما هو الواجب علي؟ هل هناك كفارة لنكث العهد؟ وما هي؟
   السؤال الثاني: إذا أردت أن أتحلل من هذا العهد فما هو الواجب علي فعله؟ وما هي كفارة التحلل من العهد؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  الموضوع الفقهي: الحنث بالقسم بمولاتنا الصدّيقة الكبرى (سلام الله عليها) يوجب الكفارة على الأحوط لأنه يخلّ بموازين المحبة والولاء لها، لأنها الصفة الفعلية الكبرى لله تعالى والكاشفة عن الصفات الذاتية لله تعالى.
   التفاصيل: لو قسم المؤمن على الله تعالى بمولاتنا سيِّدة نساء العالمين وبعلها أمير المؤمنين وأولادهما المطهرين (سلام الله عليهم) تتعين الكفارة على الأقوى عندنا / لقد قسم الله تعالى بالنبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وبأمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام/ النبيُّ وأهل بيته الأطهار (سلام الله عليه) هم الصفات الفعلية لله تبارك اسمه.
بسمه تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
     الجواب: الحنث في اليمين والعهد لا يكون محرّماً إلا إذا كان متعلقاً بالذات الإلهية، ولا حرمة في حنث العهود والأيامين مع غير الله تعالى، إلا أن حنث اليمين مع أهل البيت عليهم السلام يخلُّ بموازين الولاء والمحبة والقربى إليهم، فالأحوط وجوباً دفع كفارة الحنث باليمين والعهد لهم...وكفارة حنث العهد إطعام ستين مسكيناً، أو يوزع عليهم الطحين بمقدار ستين كيلواً من الطحين ، وكفارة حنث اليمين إطعام عشرة مساكين؛ والحلف والعهد بهم جائز إلا أنهما لا ينعقدان إلا بالحلف بالله تعالى كأن يقرن الحالف ذوات الأئمة الأطهار عليهم السلام بذات الله تعالى كأن يقول:" أقسم بالله تعالى بحق مولاتنا فاطمة أو أمير المؤمنين عليهما السلام.."؛ وذلك لأن الله تعالى قسم بهم في محكم آياته كما في سورة البلد قال تعالى (فلا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ووالد وما ولد) وقد جاء في تفسير (ووالد وما ولد) بأمير المؤمنين وأولاده الطاهرين عليهم السلام، ففي الكافي عن أحمد بن محمد بن عبد اللَّه رفعه : في قوله تعالى « لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وَوالِدٍ وَما وَلَدَ » قال « أمير المؤمنين وما ولد من الأئمة » ..وفي بصائر الدرجات بإسناده عن عبد الله عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال أخبرنا إسماعيل بن يسار حدثني علي بن جعفر الحضرمي عن سليم الشامي انه سمع أمير المؤمنين عليَّاً عليه السلام يقول: إنى وأوصيائي من ولدى مهديون ،كلنا محدثون فقلت: يا أمير المؤمنين من هم ؟ قال: الحسن  والحسين عليهما السلام ثم ابني علي بن الحسين عليهم السلام قال: وعليٌّ عليه السلام يومئذ رضيع ثم ثمانية من بعده واحداً بعد واحد وهم الذين أقسم الله بهم فقال: ( ووالد وما ولد)، أمَّا الوالد فرسول الله صلى الله عليه وآله وما ولد يعنى هؤلاء الأوصياء قلت يا أمير المؤمنين عليه السلام تجمع إمامان ؟ قال: لا الا وأحدهما مصمت لا ينطق حتى يمضى الأول، قال سليم الشامي: سألت محمد بن أبي بكر قلت: كان عليٌّ عليه السلام محدثاً ؟ قال: نعم، قلت: وهل يحدث الملائكة الا الأنبياء قال: أما تقرأ (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث) قلت فأمير المؤمنين عليه السلام محدث قال نعم وفاطمة كانت محدثة ولم تكن نبية ".
     والأخبار وإن صرحت بأن الله تعالى قسم بخلقه (كقسمه بالليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى..والنجم إذا هوى، والتين والزيتون وطور سنين، ولعَمْرُك إنهم لفي سكرتهم يعمهون؛ ووالدٍ وما ولد) وليس لخلقه أن يقسموا إلا به عزَّ وجلَّ، إلا أن الأخبار الأخرى كشفت عن أن النبي وأهل بيته الأطهار (سلام الله عليهم) هم الصفات الفعلية لله تعالى والمعبِّرون عن ذاته المقدَّسة، فيصح القسم بهم على الله تعالى، والأخبار الناهية عن القسم بغير الله تعالى منصرفة إلى غير النبيِّ وأهل بيته الأطهار (صلى الله عليهم أجمعين)، وليس لدينا خبرٌ صريح ينهى عن القسم بهم سوى الإطلاقات التي فهم منها غيرنا من الفقهاء المنع منها، وهي غير شاملة بنظرنا للنبيِّ وآله الأطهار (سلام الله عليهم)، بل هي خاصة بغيرهم من المخلوقات، ونحن نتأسى بالله تعالى الذي أقسم بالنبي وأهل بيته الأطهار عليهم السلام كما في سورة الحجر الآية 72 (ولعمرك..) أي أقسم بحياتك يا رسولي محمد، فعن ابن عباس قال:" ما خلق الله عز وجل ولا برأ نفساً أكرم عليه من محمد، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد إلا بحياته قال: لعمرك.." وكما في سورة البلد (ووالد وما ولد)، ويؤيده ما ورد في صحيحة صفوان بن يحيى عن أبي جرير القمي قال : قلت لأبي الحسن عليه السّلام جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك ثم إليك ثم حلفت له وحق رسول اللَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم وحق فلان وفلان حتى انتهيت إليه بأنه لا يخرج مني ما تخبرني به إلى أحد من الناس وسألته عن أبيه أحي هو أو ميت فقال قد واللَّه مات قلت جعلت فداك إن شيعتك يروون أن فيه سنة أربعة أنبياء قال قد واللَّه الذي لا إله إلا هو هلك قلت هلاك غيبة أو هلاك موت قال هلاك موت فقلت لعلك مني في تقية فقال سبحان اللَّه قلت فأوصى إليك قال نعم قلت فأشرك معك فيها أحدا قال لا قلت فعليك من إخوتك إمام قال: لا ! قلت: فأنت الإمام؟ قال: نعم ".
  وهكذا ورد في الأخبار الحلف بحقهم وبحياتهم كما جاء في خبر علي بن مهزيار قال:" قرأت في كتابٍ لأبي جعفر عليه السلام إلى داوود بن القاسم إني قد جئت وحياتك.
    والحاصل: إن القسم على الله تعالى بمولاتنا سيِّدة نساء العالمين أم المؤمنين الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء أو ببعلها أمير المؤمنين (سلام الله عليهما) وبقية أهل بيتهما الطاهرين (سلام الله عليهم) جائز كما لو قال المؤمن:" أقسم عليك بحق فاطمة أو بحق أمير المؤمنين عليّ عليهما السلام.." هو تماماً كما لو قسم بالله تعالى ويترتب عليه الكفارة لو حنث بقسمه؛ وأما لو قسم بمولاتنا فاطمة عليها السلام كما لو قال المؤمن:" أقسم بمولاتنا فاطمة عليها السلام" فهو وإن لم يكن قسماً بالله تعالى إلا أنه قسم بمن هي أقرب الخلق إلى الله تعالى وأحبهم إليه، وهي الصفة المعبّرة عن الذات الإلهية، فالأحوط للحالف دفع كفارة لو حنث بقسمه بها (سلام الله عليها)، وليس بيت الله العتيق أشرف منها حتى يقسم به أئمتنا الطاهرون (عليهم السلام) حيث ورد عنهم القسم والحلف ببيت الله العتيق، وقد حصل القسم ببيت الله في الأخبار الواردة عنهم كما في خبر عبد العزيز بن مسلم عن الإمام الرضا عليه السلام قي حديث طويل في صفة الإمام والرد على من يجوز اختياره إلى أن قال: هل يقدرون على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيختارونه كذبوا وبيت الله الحرام ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم . وفي نسخة أخرى: (كفروا وبيت الله العتيق ) ".
   إن القسم بهم هو نوع تعظيم لله تعالى، وكذلك معاهدة الله بحق مولاتنا الصدّيقة الكبرى سيّدتنا المعظمة الزهراء فاطمة البتول عليها السلام أو بحق مولانا الإمام الأعظم أمير المؤمنين علي عليه السلام كما لو قال:" أعاهد الله تعالى بمولاتنا فاطمة أو مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.. أو عهداً لله تعالى عليَّ بمولاتنا فاطمة عليها السلام..." فإنه كالقسم بالله تعالى لا يختلفان، والظاهر لنا من الأدلة أنه يترتب على الحنث بهما الكفارة شرعاً، وأما لو قسم أو عاهد بمولاتنا فاطمة عليها السلام من دون ذكر الله تعالى بصيغة القسم أو العهد، فالأحوط عندنا دفع الكفارة حال الحنث بالقسم أو العهد بها، والله العالم. 
 والسلام.
   حررها العبد الأحقر محمَّد جميل حمُّود العاملي
بيروت بتاريخ 4 شهر رمضان المبارك 1438 هجري

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1482
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 07 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18