• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : هل أن السيّدتين آسية بنت مزاحم وأم كلثم أخت النبيين موسى وهارون عليهم السلام معصومتان بالعصمة الذاتية..؟ .

هل أن السيّدتين آسية بنت مزاحم وأم كلثم أخت النبيين موسى وهارون عليهم السلام معصومتان بالعصمة الذاتية..؟

 

شيخنا الفقيه العاملي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف الحال إن شاء الله تكونوا بصحة وسلامة وخير بإذن أمير المؤمنين علي سلامُ الله عليه..

 

لدينا سؤال مهم وهو كالتالي:
هل السيدات آسية بنت مزاحم زوجة فرعون، وكلثم أخت موسى (عليه السلام)، هل هُنَّ معصومات بالعصمة الذاتية؟.
جزاك الله خير الجزاء شيخنا الكبير العاملي دام ظله الشريف..

 

الموضوع العقائدي:【هل أن السيّدتين آسية بنت مزاحم وأم كلثم أخت النبيين موسى وهارون عليهم السلام معصومتان بالعصمة الذاتية..؟】.
بسم الله جلّت عظمته
وعليكم السلام والرحمة والرضوان..
الجواب: لم يرد في النصوص بحسب تتبعنا أن إسية بنت مزاحم رضي الله عنها أنها كانت معصومةً بالعصمة الذاتية التي اتصف بها الأنبياء والأولياء العظام من آل محمد صلى الله عليهم ، وعند الشك في عصمتها الذاتية فالأصل المحكم يقول: أنها غير معصومة بالعصمة الذاتية..نعم هي معصومة بالعصمة الإكتسابية وهذه العصمة المكتسبة هي القدر المتيقن في عصمتها العرضية، وما دونه فهو مشكوك، فننفيه بالأصل المتقدم.
  يضاف الى ما ذكرنا امران مهمان:
 الأول: ان آسية بنت مزاحم كانت إبنة الريان بن الوليد فرعون النبي يوسف الأول الذي أسلم على يد النبي يوسف،  ولم تشر المصادر ان آسية اسلمت مع ابيها، ولربما كانت طفلة فلم تعلم شيئاً عن إسلام أبيها أو انها كانت تعلم ولكنها كتمت ذلك حتى تزوجها فرعون ومن ثمّ اهتدت على يد النبي موسى عليه السلام .
 الثاني: أنها لو كانت معصومة بالعصمة الذاتية لما جاز في الحكمة الإلهية أن ينكحها فرعون مصر وهو أعتى الجبابرة في الأمم السالفة، إذ لا يصح أن ينكح الكافر مؤمنةً عادية، فضلاً عن مؤمنة عارفة كآسية بنت مزاحم حتى لو كان نكاحها له من باب الإضطرار، إذ كان بمقدور الله تعالى أن يحجب فرعون عنها لو كانت معصومة بالعصمة الذاتية من باب اللطف بها والكرامة والتشريف من الله تعالى لها ولكل من اتصف بها فيبعد عنها دنس الملامسة وخبث المعاشرة كما حصل مع سيدتنا حميدة زوجة إمامنا الصادق عليه السلام حيث كان يريد سيّدها مضاجعتها فيحول بينه وبينها جدارٌ ومَلَكٌ يهدده..حتى وصلت الى إمامنا الصادق عليه السلام وهو القائل بحقها:【حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب، مازالت الاملاك تحرسها حتى أديت إليّ كرامة من الله لي والحجة من بعدي】.
وهكذا الحال في مولاتنا نرجس زوجة إمامنا الحسن العسكري عليه السلام منع الله تعالى زواجها من إبني عمها والقصة مشهورة في المصادر الحديثية عندنا نحن الشيعة الإمامية.
  وأمّا كلثم أخت النبيين موسى وهارون عليهما السلام وإسمها مريم أيضاً وكان زوجها كاليب(كالب) بن يوفنا أو يوحنا...فليس في مصادرنا ما يدل على عصمتها الذاتية..نعم لقد كانت أمها معصومة بالعصمة الذاتية وكانت ملهمة وموحى إليها بنص الآيات الحاكية عن علو قدرها عليها السلام..
 فالكلام حول أم كلثم أو كلثوم هو نفس الكلام حول آسية بنت مزاحم رضي الله عنهما.
 فلا يمكننا القول بالعصمة الذاتية وذلك لأمرين:
 الأمر الأول: إن إثبات العصمة الذاتية لها بحاجة إلى نصٍّ نبوي او ولوي وهما مفقودان في مورد البحث، ولم نعثر على واحدٍ من النصوص يشير الى عصمتها الذاتية لا من قريب ولا من بعيد...لأن الإثبات شيءٌ زائد لا بد له من قرينة شرعية تثبته وهي غير متوفرة لدينا.
  الأمر الثاني: عند عدم العثور على قرينة قطعية تحدد عصمتها الذاتية، فإن الأصل هو البناء على عدم العصمة الذاتية، فتبقى عصمتها الإكتسابية هي القدر المتيقن، فيجب التمسك به والإلتزام به.
  نعم ثمة إحتمالٌ في عصمتها الذاتية وهو: انها أخت نبيين عظيمين ووالدين معصومين، فلعل الأجواء المعصومية تستلزم العصمة الذاتية..!
  ولكنه إحتمال ضئيل الحصول ومنقوض بسيرة بعض الاولاد الكفار أو العصاة ممن عاشوا في اجواء عصمة آبائهم كقابيل إبن نبي الله آدم عليه السلام  وككنعان إبن النبي نوح عليه السلام، وكعبد الله الافطح إبن إمامنا الصادق عليه السلام، وكجعفر الكذاب إبن إمامنا الهادي عليه السلام.
 فالعيش في أجواء المعصوم لا يولّد العصمة الذاتية، نعم يولد العصمة الإكتسابية..وقد توسعنا في البحث حول حقيقة العصمة الذاتية للمعصومين من آل محمد عليهم السلام في الجزء الاول من كتابنا【 الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية】فصل: عقيدتنا في عصمة الانبياء.. فليراجع. وكذلك في الجزء الثاني: عقيدتنا في عصمة الإمام عليه السلام/ وما صنفناه حول عصمة سيدتنا الصديقة زينب الكبرى عليها السلام/ في الفصل الثاني من كتابنا【الحقيقة الغراء في تفضيل سيدتنا الصديقة الكبرى زينب الحوراء على السيدة مريم العذراء عليهما السلام】وكذلك ما صنفناه حول عصمة مولانا أبي الفضل العباس عليه السلام في كتابنا【 العصمة الكبرى لوليّ الله العباس بن امير المؤمنين علي عليهما السلام】.
والله تعالى وليّ الصالحين .
خادم الحجج الاطهار عليهم السلام/ عبدهم وكلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد محمد جميل حمود العاملي/ بيروت ٢ ربيع الأول ١٤٤٤ هجري قمري.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=2104
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 10 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19