• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : طاعة أئمتنا الطاهرين عليهم السلام ليست مرتبطة بالخلافة الظاهريّة .

طاعة أئمتنا الطاهرين عليهم السلام ليست مرتبطة بالخلافة الظاهريّة

الإسم:  *****
النص: بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العلاّمة المحقّق الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي ( دام ظلّه الوارف على المسلمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ارجوا لكم دوام الصحة والتوفيق لما فيه الخير والصلاح الى حضرتكم السؤال التالي ونامل من سماحتك الاجابة والتوضيح

الشيخ الكبير محمد بن الحسن الطوسي يذكر في كتاب الغيبة ص12-13 ان الذي هو لطفنا من تصرف الامام وانبساط يده لايتم الا بأمور ثلاث احداهما يتعلق بالله وهو ايجاده والثاني يتعلق به من تحمل اعباء الامامة والقيام بها والثالث يتعلق بنا من العزم على نصرته ومعاضدته والانقياد له فوجوب تحمله عليه فرع على وجوده لانه لايجوز ان يتناول التكليف المعدوم فصار وجوب نصرته علينا فرعا لهذين الاصلين لانه انما يجب علينا طاعته اذا وجد وتحمل اعباء الامامة وقام بها ويذكر في صفحة 90في جوابه عن عله الاستتار مولانا المهدي عليه السلام ( فان قيل اذا كان الخوف احوجه الى الاستتار فقد كان اباؤه عليهم السلام عندكم على تقيه وخوف من اعدائهم فكيف لم يستتروا قلنا ما كان على ابائه عليهم السلام خوف من اعدائهم مع لزوم التقية والعدول عن التظاهر بالامامة ونفيها عن نفوسهم وامام الزمان عليه السلام كل الخوف عليه لانه يظهر بالسيف ويدعوا الى نفسه ويجاهد من خالفه عليه ) فالحقائق التى اروردها الشيخ الطوسي 1-تكليفنا بوجوب طاعة الائمة عليهم السلام وتمكينهم متوقف على قبولهم لتكليف الامامة والقيام بأعبائها 2- ان الائمة المتقدمين الاحد عشر صلوات الله عليهم لزموا التقية وعدلوا عن التظاهر بالامامة ونفوها عن انفسهم فتكون النتيجه ان يسقط حقنا في التكليف المترتب وهو طاعة الامام وتمكينه والانقياد اليه ونصرته وهذا يتناقض مع اصول الامامة وثوابتها ويهد اعتقادنا بالمذهب الحق افيدونا ببركات علمكم والسلام عليكم ورحمة الله

 

الموضوع العقائدي : طاعة أئمتنا الطاهرين عليهم السلام ليست مرتبطة بالخلافة الظاهريّة

بسمه تعالى

السلام عليكم ورحمته وبركاته
     عبارة الشيخ الطوسي رحمه الله الدالة على أن وجوب طاعة الإمام عليه السلام إذا وجِد وتحمل أعباء الإمامة توهم إشتراطه وجوب الطاعة بإستلامه منصب الإمامة الفعلية وهو أمر قامت الضرورة الدينية على بطلانه لا سيما النص المستفيض عن رسول الله صلى الله عليه وآله:( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا) أي سوآءٌ قاما بأعباء الإمامة أم لا فإن طاعتهما واجبة على عامة الرعية، مع التأكيد على أن إمامتهم عليهم السلام ليست مرتبطة بإستلامهم الحكم والإمارة لأن الإمارة ليست كل الإمامة بل هي جزء منها لأن تطبيق الأحكام الإجرائية متوقف على الإمامة الفعلية التي هي بمعنى إستلام الحكم لأجل تنفيذ الأحكام التي تحتاج إلى تنفيذ إجرائي كتطبيق الحدود وقيادة الجيوش وضبط الامن ومحاربة المستبدين والظالمين والمعتدين... فهذه الموضوعات بحاجة إلى تنفيذ فعلي يقوده الإمام العادل وهو المعصوم عليه السلام ولكنَّ بقية الأحكام الفرعية وبيان تفاصيلها ليس متوقفاً على إمامتهم الإجرائية بل متوقفة على إمامتهم الشأنية وولايتهم الفعلية التي لا ترتبط بالسلطة والحكم وشؤون الإدارة، ومن هذا القبيل بيانهم لشيعتهم ومحبيهم ومواليهم عامة التفاصيل الفرعية العبادية والتوصلية والمعاملاتية التي لا تتوقف على الإمارة والسلطة والحكم...فما اشترطه الشيخ الطوسي رحمه الله الله تعالى لم يكن مقصوداً لديه من أن الطاعة للإمام عليه السلام متوقفة على قيامه بأعباء الإمامة لبداهة بطلان الشرط المذكور بما جرت عليه سيرة أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام من قيامهم ببيان التكاليف وهم في حال التقية والخوف على شيعتهم من الظالمين والمستبدين من حكام الجور والظلم، فقد جاءنا عن ائمتنا الطاهرين عليهم السلام تفاصيل الأحكام الشرعية والعقدية مع كونهم تحت أستار التقية كما أشرنا...ولعلَّ مقصود الشيخ الطوسي رحمه الله تعالى هو بيان الوظيفة التي يجب أن يتصف بها المؤمن اتجاه إمام زمانه القائم الحجة المنتظر عليه أفضل السلام والإكرام حال ظهوره الشريف وقيامه بأعباء الإمامة، وأما قبل الظهور المبارك فلا يمكننا إطاعته وإمتثال أوامره ونواهيه باعتباره مستوراً عنا ومحتجباً عن أعيننا...ولكنه تأويله لوجوب التكليف بما أفاده مخالف لعموم الأدلة الدالة على وجوب إطاعته من خلال إطاعة آبائه الطاهرين عليهم السلام وما وردعنهم من الأوامر والنواهي، فإمتثال المؤمن لتلكم التكاليف الصادرة منهم صلوات ربنا عليهم تستلزم وجوب إطاعته والبخوع لعظيم حضرته المباركة..بالإضافة إلى ما ورد عنه صلوات ربي عليه بالتوقيع الشريف الصادر على يد سفيره الثاني محمد بن عثمان العمري رضي الله تعالى عنه مجيباً عليه السلام عن مسائل إسحاق بن يعقوب:( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) فقد أمر عليه السلام شيعته وانصاره بأن يتقيدوا بأحاديثهم التي رواها لنا آباؤه الطاهرون عليهم السلام ضمن شروط معينة داخلة في أطر الإستنباط الشرعي ضمن ضوابط وقواعد معروفة لدى الأعلام الورعون العارفون بولايتهم والمتبرؤون من ولاية أعدائهم...فالتمسك بالأحكام والفرائض الواصلة إلينا عبر أحاديثم المقدسة الموافقة للضوابط التي وضعوها لنا لمعرفة الصحيح من السقيم يستلزم التمسك بالإمام المعظم الحجة القائم أرواحنا فداه حتى ولو لم نره أو نجتمع معه وإن كانت الرؤية هي غاية المنى وكان الإجتماع به من أوجب الواجبات لما يمثله الإجتماع المخلص من شدّ أزره وإعانته على تنفيذ أمره صلوات ربنا عليه...  
      وخلاصة القول: ان وجوب طاعتهم عليهم السلام ليس متوقفاً على تحملهم لأعباء الإمامة الفعلية التي منها بسط نفوذهم بإقامة الحدود والتعزيرات وما شابه ذلك من القوانين الإجرائية التي تتوقف على الإمامة الإجرائية حسبما فصلناه آنفاً.. بل إن طاعتهم واجبة قبل إستلامهم الخلافة الظاهرية كما هو الحال بالنسبة لأمير المؤمنين وإمام المتقين مولانا المعظم أبي الحسن عليّ صلى الله عليه وآله فقد كانت طاعته واجبة قبل إستلامه الحكم والسلطة في خلافته الظاهرية، وهكذا بالنسبة لبقية أبنائه الأئمة الطاهرين عليهم السلام فلم يستلموا السلطة ولا أنهم جلسوا على كرسي الخلافة الظاهرية ومع ذلك كلّه فقد اظهروا لنا عامة التكاليف والأحكام والفرائض والسنن والعقائد والتفسير والقصص والأخلاق...كما أن إطاعة مولانا الإمام المعظم الحجة القائم صلى الله عليه وعلى آبائه الطيبين الطاهرين هي نفس إطاعتنا لاحكام آبائه المطهرين فلا إثنينية بينه وبينهم بل هم نور واحد وإطاعتهم إطاعة له، وفي حال ظهوره الشريف تكون إطاعته إطاعة لهم بل تتأكد الإطاعة لما يمثله هذا العظيم من المعاني السامية لكل الكمالات التي تحلى بها الأنبياء والأولياء عليهم السلام حيث جعلها الله تبارك وتعالى فيه لما هو عليه من القابليات العظمى التي جعلت منه الوليّ الأكبر والخاتم للولاية العظمى لأهل بيت العصمة والطهارة والقداسة عليهم السلام فهو خاتمهم وأملهم والبقية الباقيه منهم ( بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين)...فما أفاده الشيخ الطوسي أعلى الله مقامه في باب اللطف ليس دقيقاً حسبما قدّمنا من الرد عليه، ولكن ما أفاده في علَّة الإستتار لا يتعارض مع الأسس العقدية باعتبار أنه كان في موقع الدفاع عن علّة خوف الإمام القائم عليه السلام من الظالمين وإستتاره عنهم لأن في هلاكه يندثر بسبب عدم وجود بديل عنه بخلاف خوف آبائه الطيبين الطاهرين عليهم السلام حيث لم يستتروا عن الظالمين بل عرّضوا أنفسهم الشريفة للقتل لوجود البديل عن الإمام السابق باللاحق، فالفرق بين وظيفة الإمام القائم أرواحنا فداه وبين وظيفة آبائه الطاهرين عليهم السلام....وقولكم الكريم الذي استفدتموه من فحوى كلام الشيخ الطوسي رحمه الله تعالى وهو:" أن الائمة المتقدمين الأحد عشر صلوات الله عليهم لزموا التقية وعدلوا عن التظاهر بالامامة ونفوها عن انفسهم فتكون النتيجه ان يسقط حقنا في التكليف المترتب وهو طاعة الامام وتمكينه والانقياد اليه ونصرته وهذا يتناقض مع اصول الامامة وثوابتها وبهذا اعتقادنا بالمذهب" حيث أوجدتم ملازمة بين وجوب عمل أئمتنا الطاهرين عليهم السلام وعدم التظاهر بالإمامة وبين سقوط تكليفنا بوجوب طاعة الإمام عليه السلام....فإن كنتم اعتمدتم على الكلام الثاني للطوسي رحمه الله فليس فيه ما يوجب تساؤالكم وهو غير سديد، نعم لربّما استفدتم الملازمة المذكورة من كلامه الأول في اللطف، ومعكم الحق ساعتئذ في التساؤل الذي أبديتموه خلال سؤالكم الكريم وقد أجبنا عنه فيما سبق من كلامنا.
     والحاصل:
إن وجوب طاعتهم غير مرتبطٍ بنظام خلافتهم عليهم السلام بل إن الطاعة تدور مدار العصمة والولاية ولا تدور مدار الخلافة أو الإمامة الإجرائية التنفيذية وإلا لإنتفى وجوب طاعة سيدتنا الصدّيقة الكبرى مولاتنا سيدة النساء فاطمة الزهراء صلوات الله عليها في حين أن طاعتها من أوجب الواجبات وأقدس المقدسات لقيام الأدلة من الكتاب والسنة المباركتين بوجوب الطاعة لها والإنقياد لاوامرها ونواهيها، فكما أن عصمتها لا تدور مدار الدور القيادي من النبوة والإمامة فكذلك وجوب طاعتها فلا تدور مدار الدور القيادي كالنبوة والإمامة، بل وجوب الطاعة يدور مدار العصمة والولاية والتبليغ عن الله تعالى ورسوله، والكلام هو نفس الكلام فيما يتعلق بوجوب طاعة أولادها الأئمة الطاهرين عليهم السلام فإن وجوب طاعتهم ليس مرتبطاً بخلافتهم الظاهرية أو إمامتهم التنفيذية بل الأمر أعم من ذلك، فكان ينبغي على الشيخ الجليل الطوسي رحمه الله تعالى بيانه ولكن قلمه المبارك سهى عن ذلك، فجزاه الله تعالى خيراً وجزاكم أنتم مثله لغيرتكم وحميتكم على معالم الدين والعقيدة المهدوية على صاحبها آلاف السلام والتحية... رزقنا الله تعالى الكون معه والقيام بخدمته ونصرته والإستشهاد معه بمحمد وآله الطيبين الطاهرين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمته وبركاته.   
 

كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد/ العبد الفقير إليهم محمد جميل حمود العاملي / بيروت بتاريخ 17 رمضان 1433هــ الموافق 7 آب 2012م.

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=485
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 08 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19