• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : للجن أعضاء تناسلية كالإنس ولكنَّها تختلف عن الإنسيّ في الماهية / الجن قادرٌ على التشكل بأيّ صورة شاء / الجن ممكن الرؤية / لا يجوز إستحضار الجن للتلبيس / الجن كالإنس ذكور وإناث ومؤمنون وكفار ونواصب .

للجن أعضاء تناسلية كالإنس ولكنَّها تختلف عن الإنسيّ في الماهية / الجن قادرٌ على التشكل بأيّ صورة شاء / الجن ممكن الرؤية / لا يجوز إستحضار الجن للتلبيس / الجن كالإنس ذكور وإناث ومؤمنون وكفار ونواصب

الإسم: *****
النص: تحية لكم ووفقكم الله لما يحب ويرضى ,
س1- ماصحة اعتقاد بعض الناس من الزواج من الجنية خصوصا أن هناك جني صالح وجني غير صالح ,وما هيئتهم الجسمانية (عورة مغلظة تناسلية - طمث - غائط وبول ومني ) وما صحة ما يشاع على ان الجنية كالعجينة يمكنها أن تتصور بصورة وشكل أي كائن بشري أخر كالأستنساخ .
س2- هل الجني ممكن الرؤية إذا ما أراد الرجل الذي استدعاها أن يشاهدها الناس أم أن الجنية تكون كالحور العين في الجنة خلقت لعينا المؤمن فلا يراها غيره .
س3- هل المعاشرة الجنسية بين الجني والانسي جائز شرعا وعقلا ,
س4- هل من الممكن أن يلتبس ويسكن المؤمن أوالمؤمنة جني أو جنية صالحة فتصبح له قدرات عقلية وجسدية خارقة من قوة و ذكاء .
س5 -ماهي حدود قدرات الجني وهل الجني ذكر ام إنثى ام انهم كالملائكة لا ذكر ولا إنثى .
عذرا على الإطالة واللهم صلي على محمد وعلى ال محمد وعجل بفرج وليه الشريف.

 

الموضوع الفقهي: للجن أعضاء تناسلية كالإنس ولكنَّها تختلف عن الإنسيّ في الماهية/ الجن قادرٌ على التشكل بأيّ صورة شاء/ الجن ممكن الرؤية/  لا يجوز إستحضار الجن للتلبيس / الجن كالإنس ذكور وإناث ومؤمنون وكفار ونواصب.

بسم الله الرَّحمان الرَّحيم
 

الحمد لله كما هو أهله والصلاة والسلام على أشرف خلق رسول الله محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين..وبعد.
السلام عليكم ورحمته وبركاته
  سنجيب على أسئلتكم الكريمة بالإجمال ثم نعقب ذلك ببحث شبه تفصيليٍّ عن الجن، نقول وبه نستعين:

السؤال الأول: (ماصحة اعتقاد بعض الناس بالزواج من الجنية خصوصا أن هناك جني صالح وجني غير صالح ,وما هيئتهم الجسمانية (عورة مغلظة تناسلية - طمث - غائط وبول ومني ) وما صحة ما يشاع على ان الجنية كالعجينة يمكنها أن تتصور بصورة وشكل أي كائن بشري أخر كالأستنساخ) .
 

الإجابة على السؤال الأول هي التالي:إنَّ ما شاع بين الناس من تزويج رجال من الإنس بنساءٍ من الجنّ صحيح ويوافقه الوجدان، ونحن نعتقد بصحة ما شاع وتواتر نقله بين الناس، واعتقادنا ليس نابعاً من مجرد شياع النكاح بين الإنس والجنّ بما هو شياع بين الناس، وإنَّما لوجود مستند شرعي له في أخبارنا الشريفة والتي منها تزويج النبيّ آدم عليه السلام إبنه قابيل من جنيَّة، وفي أخبارٍ أخرى أن النبيّ آدم عليه السلام زوّج أولاد قابيل من جنيات كما سوف نشير بإذن الله ــ تبارك شأنه ــ في البحث التفصيلي.
  والجن كالإنس أُمَّةٌ من الأمم لها ما للإنس من الإعتقادات والأحكام والثواب وعليها ما على الإنس من الحساب والعقاب، قال تعالى. {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } الأنعام 38 . والجن مكلّفون بتكاليف شرعية كالإنس لا يختلفون عنهم بشيءٍ أصلاً إلا في موارد ضئيلة جداً وهو لا يضرُّ بأصل الإشتراك في التكليف،قال تبارك وتعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56.
 

والسؤال عن هيئاتهم الجسمانية كالعورة وما يستتبعها من البول والغائط والمنيّ وهل هي كالإنس أم لا؟ 

فالظاهر أنَّ هيئاتهم الجسمية هي كالإنس وإن اختلفت في بعض تفاصيلها، ونحن لا نعرف حقيقة هيئة عوراتهم هل هي كالإنس أم لا ؟ اللهم إلا من نكح من نساء الجنِّ أو نكحوا من نساء الإنس..فهؤلاء يعرفون التفاصيل، ولكن الظاهر أيضاً أن الجن عندما ينكحون نساء الإنس فإنهم يفعلون ذلك بما تعارف من العورة عند الإنس، بمعنى أن الجن يدخلون في فروج الإنس بآلة رجالية جنيّة مشابهة لآلة الرجل الإنسي، وكذلك عندما ينكحُ الرجلُ الإنسيُّ نساءَ الجنِّ فإنه يدخل في فروجٍ جنيّة نسائية مشابهة لفروج الإنس، وهذا غير بعيد بالنسبة إلى قدرة الجن على التشكل بكلِّ هيئة إنسية أو حيوانية، فتكون عوراتهم كعورات الإنس الذين يتقربون إليهم بنكاح، والله العالم.
  وكذلك الحال بالنسبة إلى منيِّهم وغائطهم وبولهم فإنه تابع للهيئة التي يتشكل بها وإن كان ربما يختلف بلونه وماهيته عمّا هو موجود في الإنس، والظاهر أن بولهم وغائطهم هي كهيئة البخار الغليظ الشديد بحيث يتناسب مع أجسامهم الشفافة النارية حسب بعض الشهادات الجنيّة الحاكية عن ماهية بولهم وغائطهم، فالبول والغائط عند الجن يخرج من منافذهم الخاصة بإخراج الفضلات كالمنافذ المعروفة عند الإنس من الفروج والادبار، والظاهر أيضاً بأن الجنَّ كالإنس من حيث الجماع والإنتصاب والقذف والشهوة والعواطف والمشاعر، والجنُّ يفضُّ بكارة الجنيّة تماماً كما يفضُّ الرجل الإنسيّ بكارة الإنسية، فلا يكاد يختلف الجنيّ عن الإنسان في شيءٍ من هذه الناحية، وقد جاء في الأخبار أن الجن الأرضي يمنون ويجنبون كما في خبر مولانا الإمام المعظَّم أبي الحسن موسى الكاظم صلوات الله وسلامه عليه:( إنَّ الجنَّ يكثرون غشيان نسائهم في أول ليلة من الهلال وليلة النصف وفي آخر ليلة) ويبولون كما في نصٍّ يشير إلى أن الشيطان ــ وهو من الجن ــ يبول في أُذن المؤمن النائم عن صلاة الصبح بسبب غفلته عن الذكر قبل نومه، وأما الجن السماوي أي الذي يسكن في الفضاء المسمَّى بالجن الطيار، فالظاهر أنه لا يختلف كثيراً عن الجن الأرضي إلا في بعض الخصوصيات، فالأرضي يأكل ويشرب ويبول بلعاً ومضغاً وله جهاز هضمي ويغوط باعتبار أن البول والغائط من الآثار الوضعية التي لا تنفك عادةً عن ملزومهما من الطعام والشراب بخلاف الجن الطيار فإنه لا يأكل ولا يشرب مضغاً وبلعاً بل إن غذاءه هو النسيم حسبما جاء في بعض الأخبار من البحار جزء ستين/باب أحوال الجن.
 وللجنيّة حمل ومخاض وولادة وترضع وليدها وتختلف فترة الحمل عند الجنية عما هو عند الإنسية، ففترة الحمل عند الجنية ـــ على ما قيل ـــ تتراوح إلى مدة خمسة عشر شهراً، وتتألم الجنية عند الولادة أكثر مما تتألم الإنسية، وتتراوح فترة رضاع الطفل الجني من أُمّه الجنيّة سنين متعددة تتجاوز عمر الإنسان العادي، وللجنيّة رحم يعيش فيه الجنين، وهل للجنّية طمث ؟ ليس لدينا دليل على طمث الجنيّة، ولكن الظاهر اشتراكها مع الإنسية في عامة التكاليف والطبيعة الأنثوية إلا ما أخرجه الدليل، وربَّما يعتقد البعض بوجود طمث ــ أي حيض ــ للجنية، إعتماداً على قوله تعالى في سورة الرّحمان(لم يطمثهنَّ إنس قبلهم ولا جان) فمنهم من حمل الطمث على الحيض، كما نقل الشيخ الطوسي رحمه الله تعالى عن إبن عباس في تفسير قوله تعالى(لم يطمثهنّ) على المسّ بمعنى أن الجنية في الجنة لم يكن مسها دم الحيض، ومنهم من حمله على المسّ أي النكاح، ومنهم من حمله على الإفتضاض للبكارة وهو النكاح بالتدمية وهو الظاهر عندنا، ذلك لأن إفتضاض البكارة يستلزم عادةً الإدماء في غشاء البكارة ما يعني أن للجنيّة كلّ ما للإنسية من اللوازم الفرجية من الإفتضاض ونزول الدم حال الإفتضاض والعادة الشهرية بناءً على أن الجن يتناولون الأطعمة والأشربة بالمضغ والبلع وهو يستلزم تجمع الدماء الخبيثة في رحمها فيؤدي تكاثرها إلى نبوع الحيض من رحمها لأجل حكمة التصريف وهو غير بعيد بحسب ظاهر قوله تعالى(لم يطمثهنَّ) المتعدد المصاديق في الطمث المحمول على المسّ والحيض والإفتضاض المستلزم للإدماء حسبما أشرنا لأن الجنّيّ يدمي بكارة الجنية كما يدمي بكارة الإنسية، والإدماء علامة وجود الدم في الجنية، ولا يشترط في مواصفات الدم في الجني أن يكون بنفس مواصفاته في الإنس أحمر اللون...والله تعالى العالم بأسرار خلقه.
 

السؤال الثاني:( هل الجني ممكن الرؤية إذا ما أراد الرجل الذي استدعاها أن يشاهدها الناس أم أن الجنية تكون كالحور العين في الجنة خلقت لعينا المؤمن فلا يراها غيره).

الجواب على السؤال الثاني هو التالي: إن الجن خلقهم الله تعالى من مارجٍ من نار بمقتضى قوله تعالى( وخلق الجان من مارج من نار) الرحمان 15، ومعنى "مارجٍ من نار" إما أن يكون هو الدخان أو صفاء الدخان، وإما أن يكون من لهيب النار وسمُّها وهو المتعيّن الموافق لقوله تعالى في سورة الحجر الآية 27(والجان خلقناه من قبل من نار السَّموم) ولشفافية أجسامهم لا يظهرون للإنس إلا نادراً،  من هنا قيل لغةً: إن الجن هو الستر، فجنَّ الشيء بمعنى استتر، والجان هو الساتر أو المستتر عن الإنس، ولفظ الجنّ مشتقٌ من الإجتنان وهو يعني الإستتار، فعدم رؤية الجن ليس مستحيلاً بصورتهم الحقيقية ولكنها متعذرة على عامة الخلق إلا على الخواص من عباده الصالحين كالأنبياء والأولياء ومَنْ دونهم من المؤمنين، نعم هم يظهرون في أغلب الأحيان بصور أخرى تختلف عن صورهم الحقيقية وذلك لقدرتهم ــ بحسب ما خلقهم الله تعالى عليه من القدرة على التشكل ــ على التكيّف والتشكل بالصورة التي يريدون، فالجنيّة يراها الإنسي كما أن الجني تراه الإنسية، وليس نظر كل صنفٍ إلى بعضهم البعض مقصوراً على صنفه بل الرؤية البصرية متاحة لكلِّ صنفٍ إلى مخالفه، فالجن يرى الإنس، والإنس يرون الجن في بعض الأحيان وليس مطلقاً، والجنية في الجن هي مخصوصة لجنٍّ مثلها في الجنة، وكذلك الإنسية في الجنة هي مخصوصة لإنسي مثلها في الجنة، فالحورية الجنيّة كالحورية الإنسية، كلُّ واحدة منهنَّ خاصة بنظيرها، فالإنسية الحورية لجني مثلها في الجنّة، والحورية الإنسية لرجل إنسي مثلها في الجنة، وهو ما أشارت إليه الآيتان من سورة الرَّحمان وهما قوله تعالى( فيهنّ قاصرات الطرف لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جان).
 

السؤال الثالث:( هل المعاشرة الجنسية بين الجني والانسي جائز شرعا وعقلاً).

الجواب على السؤال الثالث: الظاهر جواز ذلك للرجل الإنسي التزويج من الجنية على كراهة شديدة، ويحرم على الإنسية تزويج الجني على الأحوط وجوباً، والإحتياط هنا شرعيّ لا عقليٌّ، ويشترط في صحة تزويج الإنسي من الجنية عدم ترتب ضرر عليه وإلا فيحرم الزواج بينهما تحريماً قطعياً، و الكلام في جواز النكاح بين الرجل الإنسي والمرأة الجنية مبنيٌّ على أن يكون حضور الجنية بنفسها لا أن يستحضرَ الإنسيُّ الجنيّةَ لأجل مصلحة النكاح، بمعنى أنَّه لا يجوز للإنسي أن يقوم بتحضير الجنيّة لأجل النكاح بواسطة الطلاسم والرقى والتسخيرات، وإنّما يصح الزواج بينهما فيما لو طلبت الجنيّة ذلك وكان الإنسي بحاجة إلى زواج ولا يتوفر له ذلك من الإنسية، كما يشترط في صحة نكاح الإنسي للجنية أن يكون مراعياً لقانون الشرع الحنيف من العقد الشرعي وبقية الأحكام المتفرعة على النكاح بين الإنسيين، فلا يختلف النكاح بين الجنية والإنسي عن نكاح الإنسية مع الإنسي من حيث الشكل والمضمون والأحكام كما فصّلنا ذلك في البحث التفصيلي المتعلق بحقيقة نكاح الإنسي للجنية، والله تعالى هو العالم.
 

السؤال الرابع:(هل من الممكن أن يلتبس ويسكن المؤمن أوالمؤمنة جني أو جنية صالحة فتصبح له قدرات عقلية وجسدية خارقة من قوة و ذكاء ).

الجواب على السؤال الرابع: تحضير الإنسي للجن لكي يدخله إلى جسمه أو جسم إنسي آخر لأجل التميُّز والإشتهار بالقدرات العقلية الخارقة وما شاكل ذلك غير جائز شرعاً، ومجرد التصور بأن الجن قادرون على إعطاء الإنسي قدرة على الذكاء مغلوط وغير صحيح شرعاً وعقلاً لأن الذكاء هبة من الله تعالى، كما أن القدرة الجسدية كذلك يمكن تحصيلها بالسبل الطبيعية أو من خلال الدعاء والتوسل بالحجج الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين لا أن يستحضر الجني فيلبس جسمه ليهيمن عليه ومن ثمَّ التصرف به بشكل مطلق وهو مصداق قوله تعالى {وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ }الأنعام128، فإن الإستمتاع يعني التلذذ بما حصل عليه الإنسي من الجني الساكن فيه، نعم مجرد الإستعانة الخارجية المجردة من سكن الجني في داخل الإنسي لا إشكال فيها، فقد استعان بهم نبيّ الله سليمان عليه السلام، كما أن النبيّ الأعظم وأهل بيته الطيبين عليهم السلام استعانوا بهم وكذلك يفعل مولانا الإمام المعظم الحجة بن الحسن عليهما السلام سوف يستعين بهم حال ظهوره الشريف، فالمحذور هو الإستعانة على نحو التلبس والإتصال وليس على نحو الإنصال الخارجي فإنه بمنزلة إعانة مخلوق من الخارج لمخلوق آخر منفصل عنه...وهذه المسألة تدخل في مسألة تحضير الجن لأجل السكن في نفس المستحضِر وهو حرام شرعاً،والله تعالى العالم.
 

السؤال الخامس: (ماهي حدود قدرات الجني وهل الجني ذكر ام إنثى ام انهم كالملائكة لا ذكر ولا إنثى).

الجواب على السؤال الخامس: لقد وهب الله تعالى الجنَّ قدرات طبيعية هائلة تفوق مئات المرات قدرات الإنس، وقد أفصح القرآن الكريم عن هذه القدرة في سورة النمل{قال يا أيُّها الملأ أيُّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ }النمل 38ــــ39.
  حيث أشارت الآية الشريفة مدى قدرة الجن على الإتيان بعرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين بثوانٍ معدودة ما يعني أن للجن قدرات هائلة لا يمكننا تصورها، كما أن لهم قدرة على التشكل في أيّ صورة شاءوا وينفذون في الأجسام الصلبة بسبب شفافية أبدانهم القادرة على النفوذ في الاشياء الصلبة، ويطوون مسافات طويلة بدقائق قليلة لعلَّها لا تتجاوز الثواني لا سيَّما الجن الطيار، وقد جاء في أخبارنا ما يشير إلى هذا الأمر، فقد ورد في دلائل الطبري بأسناده إلى محمد بن عبد الله العطار في مرفوعة معتب مولى الإمام المعظم أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّي لواقف يوماً خارجاً من المدينة وكان يوم تروية، فدنا مني رجل فناولني كتاباً طينه رطبٌ، والكتاب من أبي عبد الله عليه السلام وهو بمكة حاجٌّ، ففضضته وقرأته فإذا فيه"إذا كان غداً افعل كذا وكذا" ونظرت إلى الرجل لأسأله متى عهدك به فلم أر شيئاً، فلمّا قدم أبو عبد الله عليه السلام سألته عن ذلك، فقال ذلك من شيعتنا من مؤمني الجنّ غذا كانت لنا حاجة مهمة أرسلناهم فيها".
 

  وأمّا استفهامكم عن جنس الجن هل هم ذكور أم إناث أم لا ذكور ولا إناث؟ فجوابه: إن الجن كالإنس ينقسمون إلى ذكور وإناث، وفيهم الرغبة الجنسية ويتناكحون وتحبل نساؤهم ويتوالدون ويهرمون ويموتون بخلاف الملائكة حيث لا إناث فيهم، فهم ليسوا رجالاً بالمعنى الحقيقي للرجولية أي ليسوا كالآدميين يأكلون ويشربون وينكحون وينامون، وإنْ صدق لفظ الرجولية عليهم باللفظ فقط، لذا تكون أسماءهم مذكرة كجبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، ولم يردنا أن ثمة ملاكاً إسمه كإسم المرأة، كما ليس لديهم ما لدى الجن والإنس من الرغبة الجنسية ولا يصيبهم ما يصيب المخلوق الأرضي باعتبارهم مخلوقين من النور ومنزهين عن المادة ولوازمها.
   والجن على أصناف فمنهم الكافر والمسلم المؤمن وغير المؤمن، ومنهم الناصبي والخارجي، وهم كالإنس يتحزبون لعقائدهم ومذاهبهم كما قال تعالى( أُمم أمثالكم ما فرَّطنا في الكتاب من شيء) ولله تهالى في خلقه شؤون تبارك الله أحسن الخالقين.
  والحمد لله رب العالمين وسلام على آل ياسين لا سيَّما بقية الله في العالمين مولانا وإمامنا المعظم القائم الحجة المنتظر أرواحنا فداه، اللهم عجّل فرجه وسهِّل مخرجه واجعلنا من خيرة أعوانه وأنصاره، والعن اللهم أعداءَه والناصبين له ولأوليائه العداوة بحقّ أصفيائك المطهرين محمد وآله الطيبين، والله تعالى حسبنا وهو حرزنا وآله حصننا، والسلام عليكم.
 

حررها العبد الفقير إلى رحمة ربّه وعفو وشفاعة أئمته الطاهرين عليهم السلام
الشيخ محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ 24 ربيع الأول 1434هــ.

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=700
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 02 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20