• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : الأدلة الشرعية على وجوب الحجاب .

الأدلة الشرعية على وجوب الحجاب

الموضوع: الأدلة الشرعيَّة على وجوب الحجاب وماهيته/والعباءة هي اللباس الشرعي

 

السلام عليكم 
 كيف نستدل على وجوب الحجاب بالأخبار فإننا نحتاج إلى روايات تدعو وتشجع على الحجاب لنشرها بين المؤمنين في شهر محرم وهي غير متوفرة لدينا فحبذا ارسال شيء منها للفائدة والمساهمة... وشكرا لكم
نسألكم الدعاء

 

والجواب
 

قبل الإستدلال بالأخبار عليكم التمسك بالآيات الشريفة الدالة على وجوب الحجاب على المرأة،وهي قوله تعالى في سورة الأحزاب/59:﴿يا أيها النبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنَّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً﴾،وقوله تعالى في سورة النور/31:﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها وليضربن بخمُرهنّ على جيوبهنّ...﴾
فلفظتا "جلابيبهنّ" و "خمرهنّ" دالتان على تحديد ماهية الحجاب وحدوده،فخمرهنّ أي مقانعهنّ،والمقنعة هي غطاء الرأس  المنسدل على جيبهاـ أي صدرهاـ بالإضافة إلى تغطية الوجه دون العينين، وقد أمر اللهُ عزّ وجلّ النساءَ بإلقاء المقانع على وجوههنَّ وصدورهنّ تغطيةً لوجوههنَّ ونحورهنّ وذلك لأن النساء قبل نزول الآية كنّ يلقين مقانعهنّ على ظهورهنّ فتبدوا صدورهنّ،وكنّى عن الصدور بالجيوب لأنها ملبوسة عليها،وقيل:إنهنّ أُمرن بذلك ليسترن شعورهنّ وقرطهنّ وأعناقهنّ،وعن إبن عباس قال:تغطي شعرها وصدرها وترائبها وسوالفها ـ الترائب جمع تريبة وهي عظام الصدر والنحرـ .
 وأما الجلابيب جمع جلباب وهو الرداءة أو الملاءة التي تلبسها المرأة فوق ثيابها فتغطي الرأس وسائر الجسد،ولعلّ من معانيه إسداله على الوجه...ووظيفته هي ستر الثياب التي قد تكون عليها زينة وقد تكون ضيّقة تبرز نتوءات جسم المرأة،وقد تكون قصيرة الأردان أو الذيول فيبدو منها بعض الذراعين والساقين أو مفتوحة الأعلى فيبدو منها بعض العنق والكتفين،فالمراد من آية الجلابيب ـ والله تعالى أعلم بحقائق كلامه ـ  زيادة الحيطة في ستر الزينة المنهي عن إبدائها لغير الزوج ومن ذُكروا في آية الغض في سورة النور.
ولسان آية الجلابيب والنور هو لسان الإلزام والوجوب في ستر الرأس وكامل الجسد بالجلباب الذي أُخذ في مفهومه اللغوي الفضفاضية والوسع...وهل يجب ستر الوجه والكفين أو لا؟فيه خلاف،والظاهر لدينا أخيراً هو عدم جواز كشفهما على الأحوط وجوباً إلا إذا أوجب  تكشفهما الريبة فيجب تغطيتهما حينئذٍ على الأقوى،.
وآية الغض في سورة النور سابقة في نزولها زماناً على آية الجلباب في سورة الأحزاب،ويستفاد من آية الجلباب إن حكم الحجاب بالنسبة للحرائر كان قد نزل من قبل إلاّ أن بعض نساء المسلمات لم يكُنّ ليطبّقنّه،فنزلت آية الحجاب للتأكيد على الدقة في التطبيق.
 والجلباب هو العباءة المتعارف عليها في الأوساط الإسلامية في العراق وإيران والخليج ولبنان، وذلك لقرينتين هامتين:
 (القرينة الأولى):تفسير أهل اللغة والعرف للجلباب بأنّه الملاءة أو الملحفة تشتمل بها المرأة،وهذا عين ما وردفي الأخبار الشريفة المصرّحة بالملحفة والريطة،بل وقد دلّ بعضها بوضوح على لفظ "العباءة" كما سوف نرى...فالتعبير بالملحفة والريطة والعباءة إشارة واضحة إلى العباءة التي تعارف عليها المسلمون أباً عن جد في سيرتهم المتصلة بعصر النص مما يصبغ على المسألة عنوان وجوب كون لباس المرأة فضفاضاً على هيئة العباءة.
 (القرينة الثانية):ما ظهر من النصوص الشريفة الدالة على ماهيّة الحجاب الشرعي وهو ما قلنا العباءة،وخير دليل على صحّة مدعانا هو ما عكسته النصوص الشرعيّة عما كانت تلبسه سيّدتنا ومولاتنا الصدّيقة فاطمة عليها السلام وبناتها ونساء المسلمين،فإنحراف المسلمات اليوم عن المفهوم الشرعي للحجاب لا يعني عدم وجوب العباءة كلباسٍ شرعيٍّ لهنّ،وسبب الإنحراف هو سوء فهم بعض العلماء لمفردات "جلباب" الواردة في الآية،وتغاضيهم عن الأخبار العاكسة لحجاب سيدة النساء الصدِّيقة الكبرى فاطمة عليها السلام نظير ما ادّعاه فضل الله من أنّ الشادر والعباءة شيئ إستحدثه الناس من خلال تقاليدهم الناشئة من أوضاع بيئيّة معيّنة أو إستحسانية معيّنة فأجاز لأتباعه من النساء إرتداء البنطلون أو البيجاما مع أنهما من لباس الزينة الذي يُظهر معالمَ الجسد ويُثير ناظريه...مع أنَّ الأخبار التي سنطرق مسامعكم بها تُكذّب دعواه حيث ورد فيها لفظ العباءة والملحفة التي هي الشادور بعينه،فلتذهب دعواه أدراج الرياح وسيلاقي-يوم لا ينفعه مالٌ ولا بنون ولا أتباع-ما جنته يداه..!!!
 وبالجملة:

فإنّ ملاحظة النصوص الشريفة تفيد بأن العباءة هي لباس سيدتنا المعظّمة الزهراء البتول عليها السلام...ومنها النصوص المعتبرة والصحيحة وهي الآتي: 
 (الحديث الأوّل):ما أورده صاحب البحار ج43/62 حديث 53 نقلاً عن الكافي:
العدّة،عن البرقيّ،عن إسماعيل بن مهران عن عبيد بن معاوية،عن معاوية بن شريح،عن سيف بن عميرة،عن عمرو بن شمر،عن جابر،عن أبي جعفر عليه السلام،عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال:خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله يريد فاطمة عليها السلام وأنا معه،فلما انتهينا إلى الباب وضع يده عليه فدفعه ثمّ قال:السلام عليكم فقالت فاطمة عليها السلام:عليك السلام يا رسول الله،قال:أدخل؟قالت:أدخل يا رسول الله!قال:أدخل أنا ومن معي؟فقالت:يا رسول الله ليس عليّ قناع،فقال:يا فاطمة خذي فضل ملحفتك،فقنّعي به رأسك،ففعلت،ثمّ قال:السلام عليكم،فقالت:وعليك السلام يا رسول الله،قال:أدخل؟قالت:نعن أدخل يا رسول الله قال:أنا ومن معي؟قالت:أنت ومن معك،قال جابر:فدخل رسول اله (ص)ودخلت أنا وإذا وجه فاطمة أصفر كأنّه بطن جرادة فقال رسول الله(ص) مالي أرى وجهك أصفر؟قالت:يا رسول الله الجوع،فقال:اللهم مشبّع الجوعة ورافع الضيعة أشبع فاطمة بنت محمّد،فقال جابر:فوالله فنظرت إلى الدم ينحدر من قصاصها حتّى عاد وجهها أحمر فما جاعت بعد ذلك اليوم.
(الحديث الثاني):كمافي تفسير فرات بن إبراهيم عن الحسين بن سعيد معنعناً عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام ،عن أبيه قال:قال رسول الله صلّى الله عليه وآله:إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش:يا معشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ بنت حبيب الله إلى قصرها (فتمر إلى قصرها) فاطمة إبنتي وعليها ريطتان خضراوان حواليها سبعون ألف حوراء فأذا بلغت إلى باب قصرها وجدت الحسن قائماً والحسين نائماً مقطوع الرأس فتقول للحسن:من هذا؟فيقول:هذا أخي إنّ أمة أبيك قتلوه وقطعوا رأسه،فيأتيها النداء من عند الله يا بنت حبيب الله إنّي إنّما أريتك ما فعلت به أمة أبيك لأنّي ادّخرت لك عندي تعزية بمصيبتك فيه،إني جعلت تعزيتك اليوم أني لا أنظر في محاسبة العباد حتى تدخل الجنة أنت وذريتك وشيعتك ومن أولاكم معروفاً ممن ليس هو من شيعتك قبل أن أنظر في محاسبة العبادز
 فتدخل فاطمة إبنتي الجنّة وذريتها وشيعتها ومن أولاها معروفاً ممن ليس من شيعتها فهو قول الله عزّ وجل "لا يحزنهم الفزع الأكبر" قال:هول يوم القيامة "وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون" هي والله فاطمة وذريتها وشيعتها ومن أولاهم معروفاً ممن ليس من شيعتها.
 فقد عبّر الحديثان عن أمرين:القناع والملحفة والريطة.
فالقناع هم حسبما قلنا سابقاً من أنه عبارة عن قماش تغطي به المرأة رأسها ووجهها وتترك عينييها كهيئة المقنَّع يغطي رأسه ووجهه إلى طرف الأنف الأعلى ويترك فتحتين لعينيه،من هنا ورد إستحباب التقنع بالكيفيَّة المذكورة حال الدخول للمرحاض لقضاء الحاجة.
والملحفة وهي عبارة عن قماش واسع تلتحف به المرأة،فهو شيئ واسع تضعه المرأة فوق ما سواه حسبما ورد في كلمات اللغويين.
والريطة هي الملاءة إذا كانت قطعةً واحدةً ونسجاً واحداً، قال صاحب النجد:أن الريطة هي كلّ ثوبٍ يشبه الملحفة،وقد سلك مسلك عامة اللغويين الذين فسّروا الملاءة بما ذكره وهو الصواب الذي لا محيد عنه ،وبه يتم ما قلنا من أنَّه العباءة المتعارف عليها بين المسلمين الملتزمين بالحجاب الشرعي كما في العراق وإيران والخليج وبعض الأوساط اللبنانية الشيعيَّة الورعة.
 (الحديث الثالث):ما أورده العلامة المحدِّث المجلسي أعلى الله مقامه في بحار الأنوار  /ج 43  ـ  ص 30 ح36 نقلاً عن مناقب ابن شهرآشوب، الخرائج: روي أن الإمام عليَّاً استقرض من يهودي شعيرا فاسترهنه شيئا فدفع إليه ملاءة فاطمة رهنا وكانت من الصوف فأدخلها اليهودي إلى دار ووضعها في بيت فلما كانت الليلة دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة بشغل فرأت نورا ساطعا في البيت أضاء به كله فانصرفت إلى زوجها فأخبرته بأنها رأت في ذلك البيت ضوءا عظيما فتعجب اليهودي زوجها وقد نسي أن في بيته ملاءة فاطمة، فنهض مسرعا ودخل البيت فإذا ضياء الملاءة ينشر شعاعها كأنه يشتعل من بدر منير يلمع من قريب، فتعجب من ذلك فأنعم النظر في موضع الملاءة فعلم أن ذلك النور من ملاءة فاطمة، فخرج اليهودي يعدو إلى أقربائه وزوجته تعدو إلى أقربائها فاجتمع ثمانون من اليهود فرأوا ذلك فأسلموا كلهم.
 فقد ذكر الحديث الشريف الملاءة التي شعت نوراً وهي في بيت اليهودي في المدينة.
 فلينظر المنصف إلى هذا الحديث حيث أن الملاءة واضحة ومعلومة لدى المسلمين يومذاك ومع هذا جعلها أبو علي فضل الله من مستحدثات الناس و لم يرد ـــ بحسب زعمه ــ تأكيد على العباءة في النصوص التاريخيّة... أليس هذا الإدّعاء خلاف ما مر عليك أخي القارىء من الروايتين السابقتين وغيرهما مما سوف تقرأ.
 (الحديث الرابع):ما أورده الشيخ الطبرسي رحمه الله في الإحتجاج ج1 ص131 باب إحتجاج الصدّيقة الطاهرة فاطمة عليها السلام على القوم لمَّا منعوها حقّها.
 روى عبد الله بن الحسن المثنى عن الإمام الحسن المجتبى المظلوم عليه السلام قال:
لما أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة فدكاً وبلغها بذلك،لاثت خمارها على رأسها(أي لفت مقنعتها على رأسها)واشتملت بجلبابها (أي اشتملت أي أسدلت جلبابها أي عباءتها الواسعة فوق ثيابها بحيث جعلتها شاملة ومحيطة على جسدها الطاهر المقدس،ولم تسدل الفستان على بدنها كما يزعم فضل الله بأنَّ العباءة شيءٌ مستحدثٌ)وأقبلت في لمةٍ (أي جماعة)من حفدتها (أي أعوانها والخدم لديها)ونساء قومها تطأُ ذيولها (الذيول جمع ذيل وهو آخر الشيئ،وذيل الثوب:ما جُرّ منه إذا أُسبل،فلو كانت الصديقة ترتدي فستاناً لما صحّ أن يأتي بصيغة الجمع إذ لا يصح أن تلبس ثلاثة فساتين بعضها فوق بعض.فالأثواب التي كانت ترتديها والله أعلم هي:القميص الطويل،ألإزار الطويل،والملحفة أي العباءة.ـ تطأ ذيولهاـ  مما يعني أن ثمّة أثواب متعددة كانت ترتديها صاحبة المجد مولاتي فاطمة لعن الله ظالميها،فمعنى ـ تطأ ذيولهاـ  أن أثوابها كانت طويلة تستر قدميها فكانت تطأها عند المشي)،ما تخْرِمُ مشيتها مشية رسول الله حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشدٍ من المهاجرين والأنصار وغيرهم،فنيطت(أي عُلّقتْ)دونها ملاءة(أي إزاراً كبيراً واسعاً يحجبها عن الرجال)فجلست ثمّ أنّت أنّةً أجهش القوم لها بالبكاء فارتجّ المجلس..
فالنص الشريف يشير إلى ثلاثة أمور مهمة في لباس مولاتنا الحوراء سيدة النساء فاطمة عليها السلام هي:
الخمار:لاثت خمارها.
الجلباب:اشتملت جلبابها.
الذيول:تطأ ذيولها.
إذن يوجد ثلاث أثواب على جسدها الطاهر:المقنعة+ثوباً طويلاً تحت الملاءة+الجلباب أو الملاءة فوق الجميع.
 (الحديث الخامس):
ما رواه ابن طاووس أعلى الله مقامه الشريف في كتابه اللهوف على قتلى الطفوف ص180 في موضعين من كتابه من أن مولاتنا الحوراء الصدِّيقة الصغرى الحوراء زينب عليها السلام لما تسابق القوم الكافرون في يوم كربلاء على نهب بيوت آل الرسول وقرة عين الزهراء البتول حتى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة عن ظهرها.
 وروى حميد بن مسلم قال:
رأيت امرأةً من بني بكر بن وائل كانت مع زوجها في أصحاب عمر بن سعد،فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الإمام الحسين عليه السلام في فسطاطهنّ(أي خيمهنّ)وهم يسلبونهنّ،أخذت سيفاً وأقبلت نحو الفسطاط وقالت:يا آل بكر أتُسلب بنات رسول الله؟لا حكم إلا لله يا لثارات رسول الله،فأخذها زوجها فردّها إلى رحله.
 

ملاحظة:

قوله (حتى جعلوا ينتزعون حتّى ملحفة المرأة عن ظهرها) واضح الدلالة على العباءة أو الشادور لأن الملحفة لو كانت فستاناً لما أمكن الرجال أن يأخذوه عن ظهرها وإلا لتمزّق فالأخذ من الظهر دلالة واضحة على أن قماشاً فضفاضاً هو في الواقع شادور كانت النسوة يلقينه على ظهورهنّ.فتأمل.
 

وفي موضع آخر قال ابن طاووس عليه الرحمة في ص190:وسار ابن سعدٍ بالسبي،فلما قاربوا الكوفة،اجتمع أهلها للنظر إليهنّ ،قال الراوي:فأشرفت امرأةٌ من الكوفيات فقالت:من أي الأُسارى أنتنّ؟
فقلن:نحن أُسارى آل محمد،فنزلت من سطحها،فجمعت ملاءً (أي ملاحف وجلابيب)وأُزراً ومقانع،فأعطتهنّ فتغطين.انتهى.
يلاحظ في هذه النصوص أنّ مسألة الستر بالأُزر والمقانع والملاحف كان شائعاً في عصر النص،فلتذهب أقاويل المشكّك الأكبر وبعض الكُتّاب من زمرته أدراج الرياح قال تعالى (فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضربُ الله الأمثال).
 (الحديث السادس):روى صاحب ناسخ التواريخ في كتابه حسبما نقل عنه الشيخ الهمداني في بهجة قلب المصطفى ج2 ص 635:من أن مولاتنا زينب(عليها السلام) أقبلت عند وفاة أمها وهي تجر رداءِها وتنادي:يا أبتاه يا رسول الله الآن عرفنا الحرمان من النظر إليك.
وفي رواية أخرى واضحة الدلالة نقلاً عن الكافي قال:(وخرجت أم كلثوم وعليها برقعة(نقاب يغطّى بها الرأس والوجه)تجرُّ ذيلها،متجلببة برداء عليها تسحبهما(أي تسحب ذيل الثوب والجلباب،والجلباب هو العباءة).وهي تقول:يا أبتاه يا رسول الله الآن فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً.
وأم كلثوم هذه هي مولاتنا زينب(عليها السلام) من غير شك وكان عمرها عند شهادة أمها في سن السادسة أو السابعة.
إذن هذه مولاتنا زينب عليها السلام ذات المنظر الجميل والرائحة الطيّبة كانت تجرُّ ذيلها متجلببة برداء عليها تسحبهما معاً.
فهل يتصوّر أحدٌ بأن السيدة الصدِّيقة الصغرى الحوراء زينب(عليها السلام) كانت تلبس فستانين إثنين الواحد فوق الآخر تجرهما معاً أم أن الأول غير الثّاني؟ الصحيح ما قلنا آنفاً وهو أنَّ الرداء الذي كانت تجرُّه يختلف بالتفاصيل عن الجلباب الذي كان فوق الرداء الأول.
 (الحديث السّابع):ورد في الأخبار الرخصة للقواعد من النساء ـ أي العجائزـ  أن يضعن ثيابهنّ لقوله تعالى "والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهنّ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجات بزينة وأن يستعففن خير لهن" فقد وردت الرخصة بخلع الجلباب والقناع.وقد روى الحر العاملي رحمه الله تعالى في كتابه وسائل الشيعة ج 14  ـ  ص 146  ـ  147عدة أخبارٍ منها:
(1).ما عن الشيخ محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب عن العلا بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا " ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ قال: الجلباب.
 (2).  وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قرأ " أن يضعن ثيابهن " قال: الخمار والجلباب قلت: بين يدي من كان؟ فقال: بين يدي من كان غير متبرجة بزينة، فإن لم تفعل فهو خير لها، والزينة التي يبدين لهن شئ في الآية الأخرى.
(3). وعنه عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القواعد من النساء ليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن قال: تضع الجلباب وحده. 4 وعنه، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قرأ يضعن من ثيابهن قال: الجلباب والخمار إذا كانت المرأة مسنة.

(الحديث الثامن):ما جاء في دلائل الامامة  ـ  محمد بن جرير الطبري ( الشيعي)  ـ  ص 85  ـ  88 قال: حدثنا موسى بن عبد الله الجشمي [ بإسناده ] عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام )، أنه قال: هممت بتزويج فاطمة حيناً، ولم أجسر على أن أذكره لرسول الله ( صلى الله عليه وآله )، وكان ذلك يختلج في صدري ليلا ونهارا، حتى دخلت يوماً على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال: يا علي. فقلت: لبيك يا رسول الله. فقال: هل لك في التزويج؟ فقلت: الله ورسوله أعلم. فظننت أنه يريد أن يزوجني ببعض نساء قريش، وقلبي خائف من فوت فاطمة. ففارقته على هذا، فوالله ما شعرت حتى أتاني رسول رسول الله، فقال: أجب يا علي، وأسرع. قال: فأسرعت المضي إليه، فلما دخلت نظرت إليه، فلما رأيته ما رأيته أشد فرحا من ذلك اليوم، وهو في حجرة أم سلمة فلما أبصرني تهلل وتبسم، حتى نظرت إلى بياض أسنانه لها بريق، قال: يا علي هلم فإن الله قد كفاني ما همني فيك من أمر تزويجك. فقلت: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: أتاني جبرئيل، ومعه من قرنفل الجنة وسنبلها قطعتان، فناولنيها، فأخذتهما وشممتهما، فسطع منها رائحة المسك، ثم أخذها مني، فقلت: يا جبرئيل، ما شأنهما؟ فقال: إن الله أمر سكان الجنة أن يزينوا الجنان كلها بمفارشها ونضودها وأنهارها وأشجارها، وأمر ريح الجنة التي يقال لها ( المثيرة ) فهبت في الجنة بأنواع العطر والطيب، وأمر الحور العين بقراءة سورتي طه ويس، فرفعن أصواتهن بهما. ثم نادى مناد: ألا إن اليوم يوم وليمة فاطمة بنت محمد، وعلي بن أبي طالب رضى مني بهما. ثم بعث الله ( تعالى ) سحابة بيضاء، فمطرت على أهل الجنة من لؤلؤها وزبرجدها وياقوتها، وأمر خدام الجنة أن يلقطوها، وأمر ملكاً من الملائكة يقال له: ( راحيل ) فخطب خطبة لم يسمع أهل السماء بمثلها. ثم نادى ( تعالى ): يا ملائكتي، وسكان جنتي، باركوا على نكاح فاطمة بنت محمد وعلي بن أبي طالب، فإني زوجت أحب النساء إلي من أحب الرجال إلي، بعد محمد. ثم قال ( صلى الله عليه وآله ): يا علي، أبشر، أبشر، فإني قد زوجتك بابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمن من فوق عرشه، وقد رضيت لها ولك ما رضي الله لكما، فدونك أهلك، وكفى  ـ  يا علي  ـ  برضاي رضى فيك. فقال: يا رسول الله، أو بلغ من شأني أن أذكر في أهل الجنة؟! وزوجني الله في ملائكته؟! فقال ( صلى الله عليه وآله ): يا علي، إن الله إذا أحب عبدا أكرمه بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فقال علي ( عليه السلام ): يا رب، أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي. فقال النبي: آمين آمين. وقال علي ( عليه السلام ): لما أتيت رسول الله خاطبا ابنته فاطمة، قال: وما عندك تنقدني؟ قلت له: ليس عندي إلا بعيري وفرسي ودرعي. قال: أما فرسك فلا بد لك منه، تقاتل عليه، وأما بعيرك فحامل أهلك، وأما درعك فقد زوجك الله بها. قال علي: فخرجت من عنده والدرع على عاتقي الأيسر، فذهبت إلى سوق الليل فبعتها بأربعمائة درهم سود هجرية، ثم أتيت بها إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فصببتها بين يديه، فوالله ما سألني عن عددها، وكان رسول الله سري الكف، فدعا بلالا وملأ قبضته، فقال: يا بلال، ابتع بها طيبا لابنتي فاطمة. ثم دعا أم سلمة وقال لها: يا أم سلمة، ابتاعي لابنتي فراشا من حلس مصر، واحشيه ليفا، واتخذي لها مدرعة وعباءة قطوانية، ولا تتخذي أكثر من ذلك فيكونا من المسرفين. وصبرت أياما ما أذكر لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) شيئا من أمر ابنته، حتى دخلت على أم سلمة، فقالت لي: يا علي، لم لا تقول لرسول الله يدخلك على أهلك؟ قال: قلت: أستحي منه أن أذكر له شيئا من هذا. فقالت أم سلمة: ادخل عليه، فإنه سيعلم ما في نفسك. قال علي: فدخلت عليه، ثم خرجت، ثم دخلت ثم خرجت، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): أحسبك أنك تشتهي الدخول على أهلك؟ قال: قلت: نعم، فداك أبي وأمي يا رسول الله. فقال ( صلى الله عليه وآله ): غدا إن شاء الله ( تعالى ).
  فالشاهد في الحديث ما جاء التعبير عنه بالعباءة والمدرعة التي معناها:جُبَّة مشقوقة المقدّم وهي ثوبٌ من كتانٍ كانت تلبسه المرأة التقيّة تحت العباءة زيادةً في الحشمة والستر والعفاف.

(الحديث التاسع): ما عن دلائل الامامة  ـ  محمد بن جرير الطبري  ـ  ص 107 قال:
روى علي بن الحسن الشافعي، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، قال: حدثنا محمد بن الأشعث، عن محمد بن عوف الطائي، عن داود بن أبي هند، عن ابن أبان، عن سلمان ( رضي الله عنه ) قال: كنت خارجا من منزلي ذات يوم بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، إذ لقيني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، فقال: مرحبا يا سلمان، صر إلى منزل فاطمة بنت رسول الله، فإنها إليك مشتاقة، وإنها قد أتحفت بتحفة من الجنة، تريد أن تتحفك منها. قال سلمان: فمضيت إليها فطرقت الباب، فاستأذنت فأذنت لي بالدخول فدخلت، فإذا هي جالسة في صحن الحجرة، وعليها عباءة، قالت: اجلس. فجلست، فقالت: كنت بالأمس جالسة في صحن الحجرة، شديدة الغم على النبي، أبكيه وأندبه، وكنت رددت باب الحجرة بيدي، إذ انفتح الباب، ودخل علي ثلاث جوار، لم أر كحسنهن، ولا كنضارة وجوههن، فقمت إليهن منكرة لشأنهن، وقلت: من أين أنتن، من مكة أو من المدينة؟ فقلن: لا من أهل مكة، ولا من أهل المدينة، نحن من دار السلام، بعثنا إليك رب العالمين، يقرئك السلام ويعزيك بأبيك محمد.

(الحديث العاشر): ما عن دلائل الامامة  ـ  محمد بن جرير الطبري ( الشيعي)  ـ  ص 32 قال:حدثني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر [ بن مخلد ] بن سهل ابن حمران الدقاق، قال: حدثتني أم الفضل خديجة بنت محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قالت: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز ابن يحيى الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا جعفر [ بن محمد ] بن عمارة الكندي، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن صالح بن حي  ـ  قال: وما رأت عيناي مثله  ـ  قال: حدثني رجلان من بني هاشم، عن زينب بنت علي ( عليه السلام )، قالت: لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر على منع فدك، وانصراف وكيلها عنها، لاثت خمارها... وذكر الحديث

(الحديث الحادي عشر): دلائل الامامة  ـ  محمد بن جرير الطبري ( الشيعي)  ـ  ص 33 قال:حدثنا العباس بن بكار، قال: حدثنا حرب بن ميمون، عن زيد بن علي، عن آبائه ( عليهم السلام )، قالوا: لما بلغ فاطمة ( عليها السلام ) إجماع أبي بكر على منعها فدك، وانصرف عاملها منها، لاثت خمارها، ثم أقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشية رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، حتى دخلت على أبي بكر، وقد حفل حوله المهاجرون والأنصار، فنيطت دونها ملاءة، ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء، ثم أمهلت حتى هدأت فورتهم، وسكنت روعتهم، وافتتحت الكلام..."

(الحديث الثاني عشر): دلائل الامامة  ـ  محمد بن جرير الطبري ـ  ص 49قال:حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن مالك الفزاري، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن بحر الجندي النيشابوري، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله، قال: حدثنا أبي، عن المفضل بن عمر، قال: حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال: قال سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ): خرجت مع رسول الله ذات يوم وأنا أريد الصلاة، فحاذيت باب علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، فإذا أنا بهاتف من داخل الدار وهو يقول: اشتد صداع رأسي، وخلا بطني، ودبرت كفاي من طحن الشعير، فمضني القول مضا شديدا، فدنوت من الباب فقرعته قرعا خفيفا، فأجابتني فضة، جارية فاطمة ( عليها السلام )، فقالت: من هذا؟ فقلت: أنا سلمان. قالت: وراءك يا أبا عبد الله، فإن ابنة رسول الله من وراء الباب، عليها اليسير من الثياب ،فرميت بعباءتي داخل الباب فلبستها فاطمة ( عليها السلام ) ثم قالت: يا فضة، قولي لسلمان يدخل، فإن سلمان منا أهل البيت فدخلت فإذا أنا بفاطمة جالسة وقدامها رحى تطحن بها الشعير، وعلى عمود الرحى دم سائل قد أفضى إلى الحجر، فحانت مني التفاتة فإذا أنا بالحسن بن علي في ناحية من الدار يتضور من الجوع، فقلت: جعلني الله فداك يا ابنة رسول الله، قد دبرت كفاك من طحن الشعير وفضة قائمة! فقالت: نعم يا أبا عبد الله أوصاني حبيبي رسول الله أن تكون الخدمة لها يوم ولي يوم، فكان أمس يوم خدمتها، واليوم يوم خدمتي. قال سلمان: فقلت: جعلني الله فداك، إني مولى عتاقة. فقالت: أنت منا أهل البيت. قلت: فاختاري إحدى الخصلتين: إما أن أطحن لك الشعير، أو اسكت لك الحسن. قالت: يا أبا عبد الله، أنا اسكته فإني أرفق، وأنت تطحن الشعير. قال: فجلست حتى طحنت جزء من الشعير، فإذا أنا بالإقامة، فمضيت حتى صليت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ). فلما فرغت من الصلاة أتيت علي بن أبي طالب وهو بيمنة من رسول الله فجذبت رداءه وقلت: أنت هاهنا وفاطمة قد دبرت كفاها من طحن الشعير؟! فقام وإن دموعه لتحدر على لحيته، وإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لينظر إليه حتى خرج من باب المسجد، فلم يمكث إلا قليلا. فإذا هو قد رجع يتبسم من غير أن تستبين أسنانه، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): يا حبيبي خرجت وأنت باك ورجعت وأنت ضاحك؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي، دخلت الدار وإذا فاطمة نائمة مستلقية لقفاها، والحسن نائم على صدرها، وقدامها الرحى تدور من غير يد. فتبسم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم قال: يا علي، أما علمت أن لله ملائكة سائرة في الأرض يخدمون محمدا وآل محمد إلى أن تقوم الساعة؟!
  هذه نبذة من الأخبار الشريفة الدالة على وجوب الستر بالحجاب وعلى وجه الخصوص بالعباءة التي إدّعى فضل الله رجل الحداثة والتحلل من القيود الدينيّة أنّ الإسلام لم يحدّد شكل اللباس المفروض على المرأة المسلمة،وقد قمنا بهذا العرض المسهب لنبيّن للناس بأنَّ هذا الرجل ومن سار على نهجه واعتقد بفكره يكذبون على أهل البيت(عليهم السلام) تحت عناوين براّقة-كالحداثة والمرجعيّة المنفتحة-ويضحكون على لحى من يتبعهم،ومما يؤسف له أنَّ مرجعيات كبرى في العراق وقم يرون كلَّ هذا بوضوحٍ ويستنكرونه في خلواتهم دون أن يتحركوا بما يملكون من أموالٍ طائلة لا نملك واحداً من مليون عشرها لإبطال زيفه باعتبار أنّ كلامهم مسموعٌ أكثر منا في العالم الشيعي الذي لا يتحرك إلاّ إذا تحركت مرجعيتهم،فصاروا عبدة مراجعهمن اللهم عجّل لوليّك الفرج ومنَّ علينا برضاه وهب لنا رأفته وخيره ودعاءه،واجعلنا ممن يعشقون خدمته ونيل الحظوة لديه والتشرف بلقائه والنظر إليه برسول الله محمّد وآله الغر الميامين..

والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
بيروت/التاسع من محرَّم الحرام 1429هج


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=84
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 03 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28