• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : علم الرجال .
              • القسم الفرعي : مواضيع رجاليّة .
                    • الموضوع : إشكالات الخوئي على رواية سعد بن عبد الله الأشعري الواردة في إكمال الدين ضعيفة .

إشكالات الخوئي على رواية سعد بن عبد الله الأشعري الواردة في إكمال الدين ضعيفة

الإسم:  صفاء علي حميد

النص: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

روى شيخنا الصدوق عليه الرحمة والرضوان في أكمال الدين وتمام النعمة ( ص / 462) كهيعص (فالكاف) اسم كربلاء. و(الهاء) هلاك العترة . و(الياء) يزيد، وهو ظالم الحسين عليهما السلام . من(العين) عطشه و(الصاد) صبره.

وعن هذه الرواية قال السيد الخوئي في معجم رجال الحديث ( ج 9 / ص 56 ) ما نصه ( الرواية ضعيفة السند جدا فان محمد بن بحر بن سهل الشيباني لم يوثق وهو متهم بالغلو وغيره من رجال سند الرواية مجاهيل على أنها قد اشتملت على أمرين لا يمكن تصديقهما :
أحدهما : حكايتها صد الحجة سلام الله عليه أباه من الكتابة والامام عليه السلام كان يشغله برد الرمانة الذهبية ! إذ يقبح صدور ذلك من الصبي المميز فكيف ممن هو عالم بالغيب وبجواب المسائل الصعبة ؟
الثاني : حكايتها عنه موت أحمد بن اسحاق في زمان العسكري عليه السلام مع أنك عرفت في ترجمته أنه عاش إلى ما بعد العسكري عليه السلام .
الثالثة : أن النجاشي ذكر في ترجمة سعد كما مر آنفا عن الحسين بن عبيد الله ، عن أبى القاسم ابن قولويه أنه لم يسمع من سعد إلا حديثين وقد مر في ترجمة جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه أبى القاسم قول النجاشي وقال : ما سمعت من سعد إلا أربعة أحاديث ، وبين الكلامين تهافت ظاهر وما قيل في وجه الجمع : من أن جعفر بن قولويه سمع من سعد حديثين من كتاب المنتخبات وحديثين من غير هذا الكتاب فبعيد جدا كما لا يخفى .
الرابعة : أن الصدوق ذكر في الامالي ، المجلس 63 الحديث 1 : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى . . الحديث .
وظاهر هذا الكلام رواية الصدوق عن سعد بن عبدالله بلا واسطة ، وهذا أمر غير ممكن فان سعد
بن عبدالله مات سنة ( 299 ) أو سنة ( 301 ) فكيف يمكن أن يروي عنه الصدوق المتولد بعد ذلك فمما يقطع به سقوط الواسطة في البين فان الصدوق روى عن سعد بن عبدالله بواسطه أبيه ، أو بواسطة محمد بن الحسن بن الوليد أو أحمد بن محمد بن يحيى ، والله العالم .
وأما احتمال أن يكون سعد بن عبدالله ، هذا غير من هو المعروف الذي نترجمه فبعيد جدا ) .

فما رأيكم الشريف بالرواية وكلام السيد الخوئي رحمة الله . وجزاكم الله خير الجزاء

الموضوع الرجالي ــ العقائدي: إشكالات الخوئي على رواية سعد بن عبد الله الأشعري الواردة في إكمال الدين ضعيفة.

بسمه سبحانه تبارك شأنه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
     الإشكالات التي ذكرها الخوئي  ليس سديداً وفيها ضعف وتهافت بل إضطراب ظاهرفي أغلب إشكالاته..نعم الكلام والنقاش متوجهان على شيئين:
 أحدهما:ضعف سندها، وثانيهما: التشابه في تصرف الإمام الحجة القائم أرواحنا لتراب نعليه الفداء في لعبه بالطابة الذهبية.
   أما ضعف السند فواضح لا غبار عليه على حسب مبناه في التشدد في الأسانيد بناءً على حجية الخبر الثقة، واما بناءً على مسلكنا وهو حجية الخبر الموثوق الصدور فإن الرواية صحيحة ولا ريب يعتريها، ومسلكنا في الحجية تابع لمسلك المتقدمين من أصحابنا الإمامية رضوان الله تعالى عليهم أمثال المفيد والمرتضى والطوسي وثلة من محققي الإمامية بل هو مسلك له أنصاره وأتباعه في الوسط العلمي عند المتأخرين ايضاً.
  ونعني بالخبر الموثوق الصدور هو الخبر الذي دلت القرائن والشواهد المتصلة والمنفصلة على صحة دلالته، وحيث لا توجد قرائن معاكسة على الصحة فإن الحكم يقتضي الجزم بصحة الخبر...ودعوى أن الخبر يشتمل على أحكام تخالف ما صح عنهم عليهم السلام... نظير ما أشار إليه المحشي على الخبر في كتاب الإكمال مستشكلاً بما ورد في الخبر من أن المساحقة تستحق الرجم في حين أنها تستحق الجلد...هذه الدعوى دونها خرط القتاد، لأن ما تنظر له المستشكل ينم عن عدم السعة في الإطلاع الفقهي، ذلك لأن ما ورد في الخبر هو رجم المحصنة لا العزباء بقرينة ما جاء في صدر الخبر كما في قول السائل للإمام عليه السلام:( فأخبرني عن الفاحشة المبيّنة التي إذا اتت المرأة بها في عدتها حلّ للزوج أن يخرجها من بيته ؟) فالسائل إنما سأل الإمام عليه السلام عن حكم المساحقة المتزوجة لا العزباء..فكان جواب الإمام المعظم عليه السلام طبقاً لسؤال السائل عن حكم المساحقة المتزوجة، وقد حكم له الإمام عليه السلام بالحد باعتبارها محصنة لا باعتبار أنها عزباء...وشتان ما بين الأمرين ..! ولا أدري كيف خلط المحشي بينهما..؟!! فما ذهب إليه لا يخلو من أمرين: إما الجهل، وإمّا الخلفية العقائدية والفقهية المعوجة التي يسير عليها المحشي ومن لف لفه..ووراء الأكمة ما وراءها..!!.
   وأما ضعف الدلالة ــ بحسب زعمه ــ كما في الإشكال الأول، فواضح البطلان بنظرنا، ذلك لأن لأفعال أهل البيت عليهم السلام وجوه حكمية لا يطلع على حقائقها إلا من جاس خلال ديارهم وعرف لحن كلامهم ومرادهم... ولو سلَّمنا جدلاً بما استشكله صاحب الدعوى فلا بد من عرضه على المحكمات ليتضح وجه الحكمة من فعله المتشابه، لذا يجب على الفقيه المتمرس بالأخبار أن لا يتسرع بالحكم على الرواية لمجرد عدم فهمه للمراد بل يجب عليه بذل الجهد في البحث والتنقيب والتدبر والسؤال من الأعلم منه والأفهم بمراد كلامهم عليهم السلام... لأن لكلامهم حلاوة وطراوة ولافعالهم حكم واسرار لا يوفق لفهمها الأغياربل لا بد من التوسل والبخوع لتلك الذوات الطاهرة لكي تدلف على القاصرين عن إدراك معاني افعالهم في أن يسددوهم ويعرفوهم معاني كلاماتهم ومتشابه أفعالهم الشريفة...  وفي هذه الحالة يجب تأويل متشابه أفعالهم بما يتناسب مع الأسس العقائدية التي أمرونا بسلوكها...وها نحن نقوم با يتوجب علينا فعله من التأويل حرصاً على  طرح الخبر كما هو ديدن المقصرين فيطرحون الأخبار بمجرد قصور افهامهم عن مرادها، وسنقوم بردها وتفنيدها واحدةً تلو الأخرى،  وذلك بالملاحظات التالية:
  أما الإشكال الأول: وهو حدرجت الإمام القائم عليه السلام للطابة الذهبية حتى يشغل اباه الإمام العسكري عليه السلام عن كتابة الرسالة..فظاهره واضح من حيث العبث بالطابة مع أنهم عليهم السلام معرضون عن اللهو واللعب اللهم إلا أن يكون ذلك على نحو التقية باعتبار أن السائل الذي كان مع سعد هو من غير المعتقدين بإمامة الأئمة الأطهار عليهم السلام..أو لعلّ المراد بفعل الإمام عليه السلام ــ على فرض حصول ذلك ــ أن يريهم بأن الإمام الذي يلعب بالطابة يختلف بطبعه عن بقية الأولاد...أو لعل هذا المقطع يكون من الدسائس على الرواية لكي يتم إسقاطها عن الحجية والإعتبار، ومن الواضح في علم الدراية والرواية إن سقوط مقطع من الرواية لا يستلزم إسقاط الرواية بأكملها عن الحجية... فالتبعيض بالحجية لا يسقط حجية بقية المقاطع في الرواية.
    وبعبارة أخرى: إن إمامنا الحجة صاحب الزمان عليه السلام كان يتظاهر بالصباوة، والتظاهر غير الواقع، وله نظير في الأخبار من أنهم عليهم السلام كانوا يتظاهرون بالجهل من باب التقيةمن المخالفين أودفع شبهة الغلو عنهم صلوات الله عليهم...ولا يصح حمل فعله على ظاهر الصباوة المحضة لأن أفعالهم لها ظاهر وباطن ومحكم ومتشابه فرحم الله من رد متشابههم إلى محكمه حسبما ورد ذلك في أخبارهم عليهم السلام ففي خبر عن مولانا الإمام الرضا عليه السلام قال:( ان في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن فردوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا).
 فما أشكله السيد الخوئي والمعلق على الرواية في كتاب إكمال الدين غير صحيح على الإطلاق، ونفيهم أو رفضهم للرواية بسبب عدم قدرتهم على توجيه الخبر الشريف، والناس أعداء ما جهلوا..ولله في خلقه شؤون..فسبحان من لا يسهو ولا يجهل....!!. بل هو من باب كشف الواقع عبر تنوع الادوار بين الإمام الأب الحسن العسكري عليه السلام وبين الإبن الإمام الحجة القائم عليه السلام ليظهر الأبُ فضلَ إبنه القائم عليه السلام وأنه فديته بنفسي يتظاهر اللعب بالطابة ولكنه عالم هذه الأمة ورباني سفينتها وقائد مسيرتها..فهو يتظاهر باللعب لا أنه يهوى اللعب، والفرق بينهما واضح عند المتبصرين بالحقائق....! ولهذا نظير في سيرة النبي وآله حيث كانوا في بعض الأحيان ينكتون باصابعهم على الأرض عندما كانوا يتأملون بعض القضايا..فهل كانوا يفعلون العبث..؟! حاشا وكلا بل كانوا يشيرون للسائل بأنهم يتدبرون ويتأملون...!.
   كما أنه عليه السلام لم يمس الدراهم النجسة عندما أمره أبوه الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنْ يفتح الصرة فلم يفتحها قائلاً بأنه لا يمس الدراهم النجسة، ويشهد لهذا أن الإمام الحسن العسكري عليه السلام لم يمس الدراهم المذكورة بل أمر حاملها بمسها وبفتح الصرة...!. وكأن مولانا الإمام الحسن العسكري عليه السلام أراد أن يعرّف المخالف الذي كان بصحبة سعد بأن هذا الصبي يعلم الغيب وأنه مسدد من قبل الله تعالى...!!. والإمام العسكري عليه السلام أراد أن يمهد لإبنه القائم أرواحنا فداه الذي سيستلم الإمامة الظاهرية من بعد أبيه وهو لا يزال صبياً ولكنه صبي لا كبقية الصبيان فهو نظير يحيى وعيسى عليهما السلام اللذان استلاما النبوة وهما صبيان..!.
 وأما الإشكال الثاني الذي أثاره السيّد الخوئي وهو: (حكايتها عنه موت أحمد بن اسحاق في زمان العسكري عليه السلام مع أنك عرفت في ترجمته أنه عاش إلى ما بعد العسكري عليه السلام) .فمردود ايضاً بأن الرواية لم تشر إلى موت أحمد بن إسحاق في حياة الإمام العسكري عليه السلام بل كل ما هنالك أن( أحمد بن إسحاق حُمَّ  وثارت به علََّة صعبة آيس من حياته فيها) ولم يرد فيها موته قبل شهادة إمامنا العسكري عليه السلام، فاليأس من الحياة شيءٌ والموت شيءٌ آخر..وشتان ما بينهما..! فدعوى موته قبل شهادة الإمام عليه السلام إشتباه محض من السيد الخوئي غفر الله له..! فالصحيح أن أحمد بن إسحاق عاش إلى ما بعد شهادة إمامنا المعظم الحسن العسكري عليه السلام ولم تشر الرواية لا من قريب ولا من بعيد إلى موت أحمد إبن إسحاق قبل رحيل مولانا الإمام العسكري عليه السلام...ويشهد لما قلنا أن نفس احمد بن إسحاق راسل الإمام الصاحب عليه بمراسلة ذكرها الطبرسي في الإحتجاج باب المراسلات، والمراسلة إنما تمت بعد رحيل مولانا الإمام العسكري عليه السلام وليس قبله فيرجى التأمل.. وليراجع الإحتجاج.
  واما الإشكال الثالث الذي أثاره السيد الخوئي: فمردود أيضاً بأن كلام النجاشي ليس حجة شرعية حتى يتعبدنا الله تعالى بها فهو إنسان غير معصوم ومعرض للسهو والجهل والإشتباه وكم من موارد اشتبه بها النجاشي وليكن منه هذا المورد..!.
 بالإضافة إلى أن روايته أربع روايات عن سعد ثم نقله عن إبن قولويه القمي أنه روى عنه روايتين ليس نهاية العالم، إذ ليس كل أخبار سعد مدونة في كتاب إبن قولويه ولا أن كل ما عند سعد قد اعطاه لإبن قولويه القمي.. والظاهر أن إبن قولويه اشتبه عليه عدد الروايات التي رواها عن سعد لذا اختلف نقله واشتبه عليه العدد...فكلام الخوئي كله تهافت ومحض الخطأ...! إذ إن رواية القمي لخبرٍ أو خبرين لا يستلزم أن يكون ذلك كل ما في جعبة سعد من الروايات عن المعصوم عليه السلام حتى يرويها لإبن قولويه القمي...!.والتهافت بين الإثنين والأربعة غير ضائر بمن ليس معصوماً عن الإشتباه والخطأ والنسيان...!!.
  وأما الإشكال الرابع: فمردود أيضاً بأن رواية الصدوق عن سعد بلا واسطة... وهو محمول على الرواية بالواسطة البعيدة أو المقطوعة، وله نظير في كتب الصدوق فهو قد روى أخباراً عن المعصوم بحذف الإسناد عمن روى عنهم الصدوق نفسه، فأغلب رواياته في كتابه الفقيه بلا إسناد، أو بحذف بعض رواة السند عن المعصوم عليه السلام...ولو فرضنا سقوط السند لأجل ما ذكره السيد الخوئي فلا يجوز إسقاط الرواية من أساسها لوجود قرائن فيها تثبت صحة صدورها عن المعصوم عليه السلام لا سيما أن الموجود فيها له شواهد كثيرة في الأخبار الأخرى، والعبرة بالمعنون وليس بالعنوان، يرجى التأمل جيداً فإنه دقيق.
 والمحصّلة: إن ما أفاده الخوئي  من الإشكالات على رواية سعد ساقطٌ من الأساس، ولا يجوز طرح الرواية لأجل إشكالٍ أو إشكالين  مع ما طرحناه من وجوه الجمع بين الظاهر والباطن لأفعال المعصوم صلوات الله عليه التي لا تخلو من حكمة ودراية لا يتفطن لها إلا من أتى الله بقلب سليم ورضخ لأخبارهم الشريفة..فقد ورد عنهم صلوات ربنا عليهم  في الصحيح عن علي بن حنظلة الكوفي أنه قال:( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ( اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنا ).
  وورد عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال: « اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من روايتهم عنّا ، فإنّا لا نعدّ الفقيه منهم فقيهاً حتى يكون محدّثاً » ، فقيل له:  أو يكون المؤمن محدّثاً ؟ قال : « يكون مفهّماً والمفهّم : المحدّث ».
   وورد أيضاً عن  أحمد بن حاتم بن ماهويه قال : كتبت إليه - يعني أبا الحسن الثالث ( ع ) - أسأله عمن أخذ معالم ديني وكتب أخوه أيضا فكتب ( ع ) إليهما : فهمت ما ذكرتما فاعتمدا في دينكما على كل مسن في حبنا وكل كثير القدم في أمرنا فإنهم كافوكما إن شاء اللَّه).
وكل ما أمكن الجمع بين الأخبار كان هو المتعين من كلماتهم عليهم السلام بحسب ما امرونا به صلوات الله عليهم..!.
 والله الموفق للصواب والحكمة والله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين...اللهم عجِّل فرجنا بفرج وليِّك القائم أرواحنا فداه..والسلام عليكم.
الأحقر الفاني / كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد
محمد جميل حمّود العاملي ــ بيروت
بتاريخ 13 صفر 1434هـ
 الموافق 17/12/2013م.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=860
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29