• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : مواضيع مشتركة ومتفرقة .
              • القسم الفرعي : فقهي عقائدي .
                    • الموضوع : دعوى تفضيل آدم على النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله لأن الله تعالى خلق آدم عليه السلام من تراب بخلاف النبي محمد صلى الله عليه وآله خلقه من النطفة المتدرجة في الأصلاب والأرحام، فاسدة ومخالفة للأدلة والبراهين .

دعوى تفضيل آدم على النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله لأن الله تعالى خلق آدم عليه السلام من تراب بخلاف النبي محمد صلى الله عليه وآله خلقه من النطفة المتدرجة في الأصلاب والأرحام، فاسدة ومخالفة للأدلة والبراهين

الإسم : *****

النص: 
بسم الله الرحمان الرحيم 
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم 
سماحة المرجع الديني مولانا الشيخ محمد جميل حمود العاملي دام ظله الوارف  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
مولانا أدام الله ظلكم عندي مسألتين أود طرحها على سماحتكم هما التالي:
  (السؤال الأول): قبل 12 عام تقريباً كان في الحي الذي أسكن فيه أحد الوهابيين وكان يوزع كتيبات وأخذت واحداً منه لكي أعرف فكرهم فلم يكن هنالك أنترنت وأثناء تصفحي للكتيب وفيه سؤال وجواب وكان أحد الأسئلة  يدور حول مما خلق رسول الله ؟ والجواب: أنه خُلق من نطفة , وطبعاً مولانا فإن إجابة الغرض منها التقليل من قدر رسول الله والآن هذا الوهابي يوزع كتيبات في منطقة شيعية عن قصد فهو يعتبرنا من الغلاة وما أن أطلعنا أنا وصاحبي الموالي على  تلك العبارة حتى جاء السؤال التالي على بالنا  أليس عيسى عليه السلام لم يخلق من نطفة  بل آدم عليه السلام لم يخلق لا من نطفة ولا في داخل رحم فهذا الوهابي جعل النبي عيسى وآدم عليهما السلام أفضل من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين عليهم السلام.
  (السؤال الثاني): مولانا وشيخنا الجليل ربما يكون هذا السؤال محرجاً لي شخصياً ولكن لابد من طرحه، والآن الخواطر تتوارد، ولِمَ لا نطرحها ما دامت تجول في رأسي حتى نتعلم و نفهم من سماحتكم أدام الله نفعكم للشيعة والموالين وهو:
إن الإنسان العادي ياكل الطعام وتخرج منه الفضلات والتي قد يعبر عنها المتشرعة بالمدفوعات هذا الانسان الاعتيادي الذي قد يأكل بشهوة ويشرب بشهوة والذي حتى ربما ينسى أن يذكر الله عندما يأكل وربما يكون مأكله من الحرام, وأنا اعتقادي بأهل البيت عليهم السلام أنهم أصحاب الكساء وصفوة الله وخير الخلق وما ورد في حقهم من المنزلة الرفيعة كالزيارة الجامعة الكبيرة وليس لهم ما للناس بل لهم كرامة عند الله والله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً معنوياً ومادياً هذا من ناحية الطعام ...بل أذهب الى أبعد من ذلك وهو أنهم ليس لهم ما للناس من شهوة تجاه النساء ويكون بطريقة كرامة الله وهم أعلم بها.
فما هو نظركم الشريف أفيدوني فأنا أصغر تلميذ عند سماحتكم
خادم سماحتك أبو فاطمة.
 
الموضوع العقائدي والفقهي: دعوى تفضيل آدم على النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله لأن الله تعالى خلق آدم عليه السلام من تراب بخلاف النبي محمد صلى الله عليه وآله خلقه من النطفة المتدرجة في الأصلاب والأرحام، فاسدة ومخالفة للأدلة والبراهين / الأدلة على تفضيل النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله على آدم وعيسى عليهما السلام/ الأفضلية ليست بالتولد من التراب المحض / آدم عليه السلام توسل بالنبي وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام فكيف يكون أفضل من النبي وآله الطاهرين سلام الله عليهم / تحلّي النبي وآله الطاهرين سلام الله عليهم بالفضائل والكرامات العظيمة لا تخرجهم من حدود الطبيعة ولوازمها من الأكل والشرب / النصوص الشريفة كشفت عن أن الإمام المعظَّم سيّد الشهداء سلام الله عليه مات عطشاناً / سورة الدهر نزلت في حق أهل البيت عليهم السلام لأنهم باتوا ثلاثة أيام جياعاً مؤثرين الفقير والمسكين واليتيم على أنفسهم / أهل البيت سلام الله عليهم لا يتزوجون حباً للنكاح ولمجرد الشهوة البهيمية / للنكاح فوائد منها التناسل لبقاء النسل ولثقل الأرض بلا إله إلا الله. 
بسمه تعالى
 
       إلى جناب الأخ السديد والمؤمن الوفي (أبو فاطمة ) دام حفظه....السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
   الجواب على السؤال الأول: الفرقة الوهابية الملعونة فرقة ابتدعها اليهود في القرن العشرين المنصرم وتعود عقيدتها إلى ابن تيمية لعنه الله تعالى، وقد خالف عامة الفرق العمرية بمعتقداتهم الفاسدة حول عدم وجوب عصمة النبي وآله وعصمة الأنبياء عليهم السلام قبل البعثة، وقد قام الإجماع القطعي بين عامة المسلمين بأن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أعظم وأفضل من عامة الأنبياء والمرسلين، وذلك لأن الأفضلية ليست لأجل التولد من التراب المحض بل إنما الأفضلية هي بالقرب من الله تعالى وكمال العلم به، فالنبي الأعظم محمد وأهل بيته الطيبين تولدوا من الأرحام الطاهرة والنطف المطهرة إلا أنهم أفضل من آدم وعيسى عليهما السلام باتفاق النصوص القرآنية والنبوية، وقد فصلنا ذلك في كتابنا(الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية) باب عقيدتنا في مشرع الإسلام، الجزء الأول؛ فليراجع.
 ولو كان النبيان آدم وعيسى عليهما السلام أفضل من النبي الأعظم لما وجب تقديمهما بالرتبة الزمنية على رسول الله محمد للتمهيد له ولأهل بيته الطاهرين سلام الله عليهم باعتباره  خاتمهم وأشرفهم وكل الأنبياء دعوا إلى وجوب الاعتقاد بأعلميته وأفضليته وأهل بيته الطيبين عليهم السلام بل إن الله تعالى أخذ الميثاق على الأنبياء بوجوب الإعتقاد بولايته وأهل بيته عليهم السلام بصريح الآية المباركة:( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين/ فمن تولّى بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون) آل عمران 81 -82.
     فقد كشفت النصوص النبوية بوضوح عن أن الله تعالى أوجب على عامة الأنبياء  وجوب ولايتهم لرسول الله والبيعة له ولأهل بيته الطاهرين صلى الله عليه وآله . وهي مؤيدة بالأخبار الكثيرة من الخاصة والعامة المفسرة لقوله تعالى( فتلقى آدم من ربّه كلمات فتاب عليه) فإن الله تعالى لم يتب على آدم عليه السلام بما جناه على نفسه من ترك الأولى بحسب الفهم الإمامي للذنب الذي ارتكبه النبي آدم عليه السلام بخلاف العامة العمياء القائلين بأنه ارتكب معصية حقيقية بمخالفته لله تعالى عصياناً، فنزل من الجنة مهاناً وبقي مئات السنين يبكي على خطيئته حتى توسل بالنبي محمد وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام، وهذا التفسير مجمع عليه بين العامة والخاصة إلا أن الخلاف حول ماهية الذنب الذي ارتكبه آدم عليه السلام، وبناءً عليه: كيف يكون آدم أفضل من النبي محمد عليه وآله السلام في الوقت الذي يتوسل آدم بالأسماء الخمسة حتى يتوب الله تعالى عليه..؟! وهو موضع وفاق بين مفسري الخاصة والعامة، إذ لولا التوسل بالنبي وآله الطاهرين عليهم السلام لما تاب الله تعالى على النبي آدم عليه السلام، ولو كان آدم عليه السلام أفضل من النبي محمد وآله المطهرين عليهم السلام لقبح عقلاً وشرعاً أن يطلب آدم عليه السلام الشفاعة من النبي الأعظم وأهل بيته سلام الله عليهم ليتوب الله عليه من خلال التوسل به وأهل بيته الطيبين سلام الله عليهم، إذ لا يطلب الفاضل الشفاعة من المفضول كما هو معلوم من آيات الكتاب الكريم الناهية عن تقديم المفضول على الفاضل وأن الفاضل لا يساوى بالمفضول أبداً.... 
   يضاف إلى ذلك: إن النصوص كثيرة جداً في تفضيل النبي وآله على النبي آدم وبقية الأنبياء والمرسلين منها ما رواه المخالفون أنفسهم في مصادرهم المعتبرة عن النبي صلى الله عليه وآله قوله : " أنا سيد ولد آدم وعلي بعدي "  لأن قوله صلى الله عليه وآله : " أنا سيد ولد آدم " تفضيل لنفسه على جميع بني آدم ومنهم النبي عيسى عليه السلام باعتباره من أولاد آدم عليه السلام، وعيسى متولد من نطفة أمه وقد تسلسل في الأصلاب والأرحام، فدعوى أنه لم يتولد من نطفة دونها خرط القتاد وذلك لأن الولد من نطفتين: الأب والأم، وحيث إنه لا أب له فتبقى نطفة أمه جزء علّة في تولده وقد تربى في بطنها فلم يخرج من عالم المعنويات المحضة بل خرج من باطن أمه ورحمها الطاهر عليهما السلام، ولا يعني الحديث(أنا سيد ولد آدم) أن آدم عليه السلام أفضل من النبي وآله لأن الآيات والأخبار واضحة في تفضيل الأنبياء من أولي العزم على آدم الذي لم تعتبره النصوص من أولي العزم المفضلين من عامة الرسل، قال تعالى« وعصى آدم ربه فغوى» « ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً»، فكيف يكون آدم - الذي عهد إليه ربه فنسي: أي ترك - أفضل من نبيٍّ عهد إليه الله ولم ينسَ كرسول الله وآله الأطهار وغيرهم من أنبياء الله ورسله...؟! فتولد آدم عليه السلام من طين من دون أن يدخل إلى عالم الأرحام ولم يتولد من نطفتي أب وأم لا يستلزم أفضليته على نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله، ولو كان التولد من لا نطفة دليل الأفضلية لكانت الملائكة - المتولدة من النور لا الطين - أعظم من عامة الأنبياء والمرسلين ومنهم آدم عليه السلام مع أن الآيات دلت على أن آدم أفضل من الملائكة بدلالة ما ورد في بعضها من سجود الملائكة له لأجل أفضليته عليهم، فكيف يسجد العالي بالفضيلة للأدنى يا أولي الألباب..؟!.
   إن دعوى ذاك الوهابي الناصبي تستلزم أفضلية الملائكة على آدم وعيسى عليهما السلام وعامة خلق الله تعالى وهي دعوى مناهضة للآيات والأخبار والإجماعات القطعية بين عامة فرق المسلمين بتفضيل الأنبياء على الملائكة أجمعين، وكل شيعي ينقاد إلى ذاك الوهابي بدعواه نعتبره من جنس طينته حشره الله معه وعليهم لعنة الله تعالى.
 
 
   الجواب على السؤال الثاني: إن الفضائل والكرامات والمعاجز والمقامات الرفيعة التي تحلّى بها النبي وأهل بيته الطيبين سلام الله عليهم لا تخرجهم من حدود الطبيعة كالأكل والشرب والزواج لأنها من لوازم المخلوق الإنسي والجني دون الملائكة، فالنبي وأهل بيته عليهم السلام قادرون على ما يقدر عليه الملائكة من البقاء من دون طعام وشراب بقدرة الله تعالى إلا أنهم لم يستعملوا قدراتهم الخارقة في سبيل البقاء بلا طعام وشراب بل أُمروا بالأسباب الطبيعية، ولو كان ما تذهبون إليه صحيحاً من أن النبي وآله الطاهرين عليهم السلام لا يأكلون ولا يشربون لذهبت كرامة بقاء أهل بيته الطاهرين عليهم السلام بلا طعام ثلاثة أيام حتى نزلت فيهم سورة الدهر تمدحهم على جوعهم وعطشهم..ولما كان لجوع وعطش الإمام الحسين وأهل بيته الطيبين الطاهرين سلام الله عليهم أي فضيلة ومنزلة رفيعة ومقام سامٍ عند الله تعالى..؟! كلا ثم كلا! بل إن النبي وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام كانوا يجوعون ثم يأكلون ويشربون إلا أن الطعام والشراب لم يكن مانعاً لهم من الطهارة المطلقة والتوجه التام إلى الله تعالى، كما أن مباشرتهم للنساء لا تخرجهم من الفضيلة لأنهم إنما يتزاوجون لأجل أنهم قدوة حسنة لإنجاب الذرية الصالحة ولئلا يتخذهم المؤمنون أرباباً من دون الله تعالى في حال لم يتزوجوا ولم ينجبوا النسل الصالح ...فها هم الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ومع كل هذا لم يصلوا بالطهارة إلى مقام النبي وأهل بيته العظام عليهم السلام مع أنهم يأكلون ويشربون ويتناسلون، فالتناسل لا يقدح بنورانيتهم ومقامهم السامي ويشهد لهذا ما ورد في زيارة وارث:( أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها).
  لقد تنقلوا في الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة من صلب إلى صلب ومن رحم إلى رحم من دون أن تؤثر فيهم العوامل الطبيعية، ذلك لأنهم في أصلاب وأرحام طاهرة مطهرة نورانية، فنور أجسامهم الشريفة يبيت في صلب ورحم شريفين طاهرين، فالنور لا يحمله إلا نور مثله، فأصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم نورانية طاهرة مطهرة تختلف بماهيتها وطهارتها عن غيرها من الأصلاب والأرحام...وتناسلهم ليس لأجل حب الشهوة والنكاح بما هما شهوة ونكاح، فإنهما من لوازم القوة الشهوية المذمومة إذا خلت من الحكمة ككسر الشهوة وإنجاب الأولاد لثقل الأرض بالإيمان، والمعصوم عليه السلام لا يحب النكاح لأجل أنه نكاح شهواني محض..كلا ثم كلا، بل لأجل أمر الله تعالى لهم بذلك لأجل حكمة التشريع والتناسل ولثقل الأرض بكلمة التوحيد كما جاء في النصوص الشريفة، وذلك لأن النكاح لا ينحصر في كسر الشهوة فحسب بل له فوائد كثيرة منها زيادة النسل وثقل الأرض بلا إله إلا الله على حدّ تعبير إمامنا الباقر عليه السلام ناقلاً عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله قال:" ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلاً لعلَّ الله أن يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلا الله". وورد أيضاً عن إمامنا الصادق عليه السلام قال:" من أخلاق الأنبياء حبّ النساء" وفي خبرٍ آخر عنه سلام الله عليه قال:" ما أظن رجلاً يزداد في هذا الأمر خيراً إلا ازداد حباً للنساء " فإنَّ كلا الخبرين ناظران إلى ما ذكرناه آنفاً..يرجى التأمل جيداً فإنه دقيق، وفقك الله أيها المرابط على الثغور لمجاهدة الأعداء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
حررها العبد الفاني محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 11 شهر محرّم الحرام 1436هـ

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1207
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28