• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : راية آل سيدنا جعفر الطيار عليه السلام ليست بشيء ولا إلى شيء! .

راية آل سيدنا جعفر الطيار عليه السلام ليست بشيء ولا إلى شيء!

الإسم: ****

النص:

الى سماحة أستاذنا الأجل والمحقق النبيل آية الله المحقق الشيخ محمد جميل حمود العاملي دامت أنواركم وفيوضاتكم 

خادمكم ومن يقف دائما ببابكم العبد الاحقر الراجي رحمة ربه مسود الوجه السيد ***** غفر الله خطايه

لكي ينهل من نور علومكم النورانيه التي يكون مصدرها من منابع القداسه الازليه محمد وآله خير البريه عليهم السلام اجمعين

ان تمن علينا بشرح هذه الروايه من الناحيه المعرفيه التي فيها تنفتح العقول وتزداد الروح نورانيه وتذهب العلل والهموم وهي كما جاء في غيبة النعماني ص 302 بإسناده عن محمد بن بشر عن محمد بن الحنفية قال : { ان قبل رايتنا راية لآل جعفر وأخرى لآل مرداس } .

نسال الله أن يحفكم بالملائكه المسومه تحرسكم من كل جانب وأن يجعلنا واياكم من انصار ولي الله الاعظم الحجه المهدي من آل محمد عجل الله فرجه الشريف

اقل العباد العبد *****


الموضوع العقائدي: راية آل سيدنا جعفر الطيار عليه السلام ليست بشيء ولا إلى شيء!

بسمه تعالى

    الحمد لله ربّ العالمين، وصلواته التامات وتسليماته المباركات على أفضل الخلاثق رسول الله محمد وآله الأطياب المطهرين...وبعد:

 إلى جناب سماحة العلامة السيد الجليل ***** دامت تأييداته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  الجواب:

     إن الرواية المتقدِّمة قد رواها الشيخ النعماني رحمه الله في كتابه الغيبة باب 16 (المنع من التوقيت..) ونقلها عنه المجلسي في بحار الأنوار.. قال النعماني رحمه الله: أخبرنا علي بن أحمد ، عن عبيد الله بن موسى ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، قال : حدثني محمد بن عمرو بن يونس الحنفي ، قال: حدثني إبراهيم بن هراسة ، قال : حدثنا علي بن الحزور ، عن محمد بن بشر ، قال:" سمعت محمد بن الحنفية ( رضي الله عنه ) يقول : إن قبل رايتنا راية لآل جعفر وأخرى لآل مرداس ، فأما راية آل جعفر فليست بشئ ولا إلى شئ فغضبت وكنت أقرب الناس إليه ، فقلت : جعلت فداك ، إن قبل راياتكم رايات ؟ قال : إي والله إن لبني مرداس ملكا موطدا لا يعرفون في سلطانهم شيئا من الخير ، سلطانهم عسر ليس فيه يسر ، يدنون فيه البعيد ، ويقصون فيه القريب ، حتى إذا أمنوا مكر الله وعقابه ، صيح بهم صيحة لم يبق لهم راع يجمعهم ، ولا داع يسمعهم ، ولا جماعة يجتمعون إليها ، وقد ضربهم الله مثلا في كتابه : ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا )) الآية .

  ثم حلف محمد بن الحنفية بالله إن هذه الآية نزلت فيهم ، فقلت : جعلت فداك ، لقد حدثتني عن هؤلاء بأمر عظيم فمتى يهلكون ؟ فقال: ويحك يا محمد ، إن الله خالف علمه وقت الموقتين، إن موسى ( عليه السلام ) وعد قومه ثلاثين يوماً ، وكان في علم الله عز وجل زيادة عشرة أيام لم يخبر بها موسى ، فكفر قومه واتخذوا العجل من بعده لما جاز عنهم الوقت ، وإن يونس وعد قومه العذاب ، وكان في علم الله أن يعفو عنهم ، وكان من أمره ما قد علمت ، ولكن إذا رأيت الحاجة قد ظهرت ، وقال الرجل : بت الليلة بغير عشاء ، وحتى يلقاك الرجل بوجه ، ثم يلقاك بوجه آخر . قلت : هذه الحاجة عرفتها ، فما الأخرى ؟ وأي شئ هي ؟ قال : يلقاك بوجه طلق ، فإذا جئت تستقرضه قرضاً لقيك بغير ذلك الوجه، فعند ذلك تقع الصيحة من قريب " .

   البحث في الرواية من ناحيتين: إحداهما في السند، وثانيهما في الدلالة.

    جهة السند:

    الرواية من جهة السند ضعيفة ببعض رواتها وهم: عبد الرحمان بن القاسم/ محمد بن عمرو بن يونس الحنفي/ إبراهيم بن هراسة وهو إبن رجاء، وهراسة هي أمه. وهؤلاء من رواة المخالفين العمريين.

  وثمة رواة مشتركون بين الصحيح والضعيف نظير: علي بن أحمد / عبيد الله بن موسى.

 وهناك راويان ثقتان فيها هما الأخيران في الرواية وهما: علي بن الحزور ومحمد بن بشر.

    ولا يهم ضعفها السندي وذلك لعدم اشتراط صحة السند في أخبار الحوادث، ولكن هذا مشروطٌ بالخبر الإمامي الذي رواه رجال إماميون مجهولون في تراجم الرجال؛ وأما الخبر المروي بسلسلة رواة من المخالفين فلا حجية فيه ولا يصح الإعتماد عليه، وحيث إن الخبر بعض رواته من المخالفين، فلا يصح الاعتماد عليه إلا إذا كان موافقاً لأخبارنا، فيؤخذ به من باب المؤكد لأخبارنا؛ وحيث إن خبر محمد بن الحنفية يتوافق ــ ظاهراً ـــ مع الخبر الآخر الذي استعرضه النعماني في كتابه"الغيبة" فلا بأس بتأويله كما سوف يأتي الكلام في جهة الدلالة.

 جهة الدلالة:

  والرواية من جهة الدلالة تفيد: أن راية آل جعفر سوف تشارك بالتحرك في سنة ظهور الإمام الحجة القائم (صلى الله عليه) على الساحة العراقية إلا أنها رايةٌ ضعيفة، وأصحابها ضعاف لا يؤثر تحركهم سلباً ولا إيجاباً على حركة الظهور المقدس، بدليل أن محمد بن بشر غضب لما سمع من محمد بن الحنفية قوله " أن راية آل جعفر ليست بشيء ولا إلى شيء" ما يعني أن رايتهم هزيلة لا قيمة لها بالقياس إلى راية اليماني رضي الله عنه..

  إذن ستكون راية آل جعفر فارغة من مضمونها (ليست بشيء) ولا تدعو إلى شيء..فهي تبع لغيرها من رايات يوم الظهور الشريف.. بخلاف حركة راية آل مرداس وهم بنو العباس لعنهم الله تعالى، فإن تحركهم سوف يكون تحركاً سلبياً ضد الإمام الحجة القائم (أرواحنا له الفداء) .

     ونحن قد حققنا موضوع راية آل جعفر الطيار (عليه السلام) في كتابنا القيِّم الموسوم بـ" ميزاب الرحمة في تحقيق علامات الظهور الشريف" ومن جملة ما قلنا هناك أن النعماني رحمه الله قد استعرض في كتابه " الغيبة" بعض أوصاف الخراساني الهاشمي الذي يسلِّم الراية للإمام الحجّة القائم أرواحنا فداه وهي التالي:"..ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جعفر بن أبي طالب، فقال: يا جعفر، ألا أبشرك؟ ألا أخبرك؟ قال: بلى، يا رسول الله ! فقال: كان جبرئيل عندي آنفاً فأخبرني أن الذي يدفعها إلى القائم هو من ذريتك أتدري من هو؟ قال: لا. قال: ذاك الذي وجهه كالدينار، وأسنانه كالمنشار، وسيفه كحريق النار، يدخل الجبل ذليلاً ويخرج منه عزيزاً، يكتنفه جبرائيل وميكائيل..".

   وهذا الخراساني هو من سيدخل الجبل ذليلاً وسيخرج منه عزيزاً، وخروجه عزيزاً لا يستلزم أن يكون بمستوى الخراساني الثاني المعروف بولائه للإمام الحجة القائم عليه السلام الذي يصيح بقوله:" يا آل محمد أغيثوا الملهوف" . 

    يبدو لنا من تتبع الأخبار أن مفهوم الخراسانيَّ رجلان: 

    (الأول): هو رجل يدعو إلى الحقِّ العام وهو من نسل جعفر الطيار(عليه السلام)،وهو من سيخرج مع اليماني في سنة الظهور الشريف، ولعلَّ رواية النعماني المتقدمة منطبقة عليه، وظاهر الرواية أنه سيدرك اللقاء بالإمام الحجَّة القائم (سلام الله عليه) ويطلب منه الدلائل على الإمامة وهو من الشكاكين بالإمام الحجة القائم (سلام الله عليه) بسبب ضعف يقينه بإمام الزمان صلوات الله عليه؛ والرواية وإن كانت في مقام المدح لمن يسلّم الراية لمولانا الإمام المهدي (سلام الله عليه) إلا أنه مدح نسبيّ في مقابل مدح اليماني المطلق الذي دلت الأخبار على علو قدره وجلالة شخصه باعتباره يدعو للإمام الحجة القائم عليه السلام ــ أي يخرج لكي يبسط الحكم للإمام الحجة المنتظر عليه السلام ـــ ولا يخرج لأجل أن يحكم بنفسه من دون الإمام الحجة القائم عليه السلام؛ وقد حرمت الأخبار الشريفة حمل السلاح ضده.

  (الثاني): هو رجل يدعو إلى الحقّ الخاص لأهل البيت (سلام الله عليهم) وهو ما دلت عليه رواية المفضّل الطويلة التي رواها المجلسي في بحار الأنوار ج 53 ص 15، وهذا لا يطلب الدلالة على الإمامة، فهو أكثر اهتداءاً من الخراساني الأول الذي لعله يكون من نسل سيدنا جعفر الطيار عليه السلام، من هنا أشارت رواية محمد بن الحنفية إلى هذا المعنى "ليست بشيء ولا إلى شيء"؛ أي ليست بالمستوى اليقيني المطلوب، وليست على شيء من الحرب والمواجهة مع إمام الزمان عليه السلام؛ والله العالم .

والحاصل: إن الظاهر لنا من الروايتين (رواية النعماني ورواية المفضل بن عمر) وجود تفاضل بين الخراسانيّين؛ فإنَّ  الثاني أفضلُ من الأول؛ إذ إنَّ الأول رجل من بني هاشم من نسل سيدنا جعفر عليه السلام، لا يملك تلك المواصفات اليقينية والولائية التي يتحلى بها الخراسانيُّ الحسنيُّ المعروف بولائه لعترة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله؛ حيث يوالي من والاهم ويعادي من عاداهم كما تشير رواية المفضل الدالة على أن الخراساني الممدوح:" فتى صبيح الوجه يصيح بصوت له فصيح: يا آل محمد أجيبوا الملهوف، وأنه يقتل الظلمة حتى يرد الكوفة.."، وفي رواية نعيم بن حماد:" أنه يحمل سيفه على عاتقه يقتل ويمثل"؛ أي:يقتل أعداء آل محمَّد عليهم السلام في إيران والعراق في سنة ظهور السفياني الملعون. إشكال وحلّ:

 مفاد الإشكال أنه قد يقال لنا: إن رواية النعماني المتقدمة مادحة لراية الخراساني الذي من نسل سيدنا جعفر عليه السلام بقرينة ما ورد فيها من التبشير وإكتناف جبرائيل وميكائيل للخراساني، فكيف ضعفتموه بالرغم من صدور المديح له والإطراء عليه..؟!

والجواب من وجهين:

 (الوجه الأول): إن الرواية لا تخلو من إشكال من حيثية اكتناف جبرائيل وميكائيل عليهما السلام وعنايتهما بغير المعصوم ورعايتهما له مع ما لهما من المكانة السامية عند الله تعالى وهما لا يكتنفان إلا المعصومين من آل محمد، وأين هذا من الخراساني..!! لذا فإن في دلالة الرواية خدش من هذه الجهة، إذ لعلَّ الرواية من صنع الفرقة الطيارية التي تعتقد بإمامة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وهؤلاء يرجعون إلى الفرقة الهاشمية؛ ويغالون بزعيمهم ويعدونه الإمام من قبل الله تعالى..لذا لا يبعد أن تكون الرواية من صنع الفرقة المختارية لتجعل من الخراساني محاطاً بملكين عظيمين هما: جبرائيل وميكائيل عليهما السلام.

(الوجه الثاني): لو سلمنا بصحة الرواية المتقدمة فإننا نبعِّض في فقراتها، فنأخذ بعامة فقراتها إلا الفقرة الدالة على اكتناف جبرائيل وميكائيل للخراساني، لأن الملاك الخصيص لا يرعى إلا المعصوم، والخراساني ليس معصوماً حتى يكون مورد رعاية الملكين العظيمين...نعم الملائكة غير الخصيصين يرعون المؤمنين من غير المعصومين.

 وبناءً عليه: فإن الرواية لا تخلو من أمرين:

 (الأمر الأول): إمَّا أن نحملها على الخراساني الأول الذي سيخرج مع اليماني والذي يطلب الدلالة على الإمامة ثم لما يأتيه الإمام عليه السلام بالمعجزة يخضع له وينقاد إليه، وقد دلت رواية عقد الدرر صفحة (90) أن الخراساني الحسني يدَّعي لنفسه مقام الإمامة وأنه أولى بالإمامة من الإمام نفسه، فيطلب منه المعجزة فيقيمها الإمام له فيسلم... ومن كان بهذا المستوى من الضعف العقيدي بمقام الإمام المهدي عليه السلام كيف يصح نسبة مؤازرة الملكين له في بدء خروجه من الجبل في طالقان، وبالتالي كيف يكون سيدنا جعفر عليه السلام مبشراً بولد يدعي الإمامة لنفسه..!!

والحاصل: إن الخراساني الأول هو رجل طالب سلطة وليس بذاك المستوى الذي يؤهله لكي يكون من أصحاب الإمام المهدي عليه السلام...فينتفي الاحتجاج بالرواية على رفعة مقام رجل ليس بالمستوى المطلوب شرعاً؛ وإذا انتفى الأمر الأول يتعين الأمر الثاني الآتي.

(الأمر الثاني): وهو أن المقصود من الخراساني في الرواية هو الخراساني الذي ينادي "يا آل محمد أغيثوا الملهوف"؛ ولعلّه رجل موال من ذرية جعفر عليه السلام كما نصت الرواية على فرض صحة نسبتها إلى الإمام الصادق عليه السلام، ولكنها تبقى معارضة لرواية محمد بن الحنفية الدالة على أن راية آل جعفر "ليست بشيء ولا إلى شيء" ومقتضى القواعد أن نسقطها عن مقام الاحتجاج بها لأمرين: أحدهما أنها ليست مروية عن الأئمة الأطهار المعصومين؛ وثانيهما لتعارضها مع رواية المعصوم، فتقدم الثانية عليها؛ ذلك لأن مبايعة الخراساني (صاحب ثورة جبال طالقان) للإمام المهدي عليه السلام هي راية حق لأنها تنضوي تحت قيادة الإمام المهدي عليه السلام فلا يصح نسبتها إلى (ليست بشيء ولا إلى شيء..) هذا في حال كانت راية الطالقاني هي راية آل جعفر، إلا أن الأصل عدم كونها كذلك؛ إذ لعلّها من صنع الفرقة الطيارية لتثبت الفضائل لراية آل جعفر التي ليست بشيء ولا إلى شيء...

ولسنا بقاطعين بما ستؤول إليه الأمور في عصر الظهور الشريف، فلا ندري لعل رواية محمد بن الحنفية ستكون الكاشفة عن دور آل جعفر الطيار وأنهم ليسوا بشيء ولا إلى شيء.. فالأمر موكول إلى الله تعالى وإلى وليِّه الحجة القائم المهدي (أرواحنا له الفداء) والله تعالى هو العالم بحقائق الأمور.

 نتمى لكم التوفيق الدائم والسداد، نصركم الله تعالى وجعلنا وإياكم من خيرة خدام سادة الأنام محمد وأهل بيته الأطهار عليهم السلام..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حررها العبد الأحقر الفاني

محمد جميل حمُّود العاملي

 لبنان/ بيروت بتاريخ 19 

جماى الثانية1438 هجري


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1444
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 05 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29