• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : مواضيع مشتركة ومتفرقة .
              • القسم الفرعي : شعائري / فقهي شعائري .
                    • الموضوع : لا يجوز للعرسان شدّ الرحال الى المراقد المقدسة لممارسة الجنس ليلة الدخلة بجوار المراقد الشريفة .

لا يجوز للعرسان شدّ الرحال الى المراقد المقدسة لممارسة الجنس ليلة الدخلة بجوار المراقد الشريفة

 

بسم الله الرحمن الرحيم 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتُهُ.
تحية طيبة وبعد لسماحة المرجع الديني آية الله الشيخ محمد جميل حمود حفظهُ المولى تعالى وسدد خُطاه.
مولانا نود بأن نستفتي جنابكم الكريم، هل يَجوزُ لشخصينِ تم عقدُ قِرانِهما حَدِيثاً ، بِأنْ يتزوجا عِندَ الإمام علي بِن موسى الرضا عليه السلام أو عِند إمامٍ آخر ؟ هل يَجوزُ لهما بأن يقيما العلاقة الزوجية بالقرب من المقام الشريف ؟ ألا يُعتبرُ هذا تقليلاً مِن شأن الإمام عليه آلاف التحية والسلام  ؟

القسم الفقهي الشعائري: لا يجوز للعرسان شدّ الرحال الى المراقد المقدسة لممارسة الجنس ليلة الدخلة بجوار المراقد الشريفة.

 

ملاحظة:
هذا الموضوع بِكرٌ لم يطرقه أحد من فقهاء الإمامية قبل سماحةاد المرجع الديني آية الله الحجة المحقق الشيخ محمد جميل حمود العاملي (دام ظله الوارف)، ومضمونه يتعلق بمفهوم الهجرة الى آل محمد عليهم السلام وكيف يجب ان تكون الهجرة اليهم وزيارة مراقدهم المقدسة..فمن هاجر الى مراقدهم يحمل نزوته معه لا يسمى زائراً لهم ومهاجراً إليهم.. بل هو مهاجر الى امرأة ينكحها قرب مراقدهم الطاهرة..فهجرته إليهم لأجل النكاح بالعنوان الاولي، ثم الزيارة تبعاً لقضاء وطره من اللذة بالنكاح...وهو عكس ما أمرت به أخبارنا الشريفة كما فصله المحقق العاملي جزاه الله تعالى خيراً...

 

بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمته وبركاته.
الجواب: سؤالكم وجيه جداً وكم كنتُ اتمنى أن يسألني عن حكمه الشرعي بعض المؤمنين، لأن في نفسي من هذا الفعل المشين شيءٌ لم يلتفت إليه أحدٌ من الفقهاء الحاليين، فهم في غفلة عن حكمه وعن الخلفية التي يقف خلفها هذا الفعل القبيح..ولكن لله تعالى في مقادير أموره عنايات حتى يتم إبلاغ الحجة على العلماء والمتعلمين، لذا كانت مشيئته تعالى أن يلهمكم السؤال عن هذا الموضوع الذي لم يلتفت إليه أحدٌ سوى جنابكم الكريم..نقول وبالله تبارك إسمه وجلّت قدرته نستعين:
  إن إقامة ليالي العرس - بما يسمونه شهر العسل - بجانب ضريح الإمام المعظّم عليّ الرضا بن الإمام موسى الكاظم عليهما السلام أو غيره من المراقد المطهرة في بلاد التشيع..هو فعل قبيح شرعاً وعقلاً - كما سوف نبيّن - وهو ما راج منذ سنين في لبنان على وجه الخصوص وقد روّجت له جهاتٌ حزبية تنشر ثقافة الجنس المشرعن بثوب التدين والطهارة..وقد صرنا على دراية تامة بما تروّج له وتسعى إليه..!!
 بين الحين والآخر نسمع أن هناك جماعات من العرسان يقصدون المراقد المطهرة لأهل البيت عليهم السلام لقضاء  أسابيع بجانب المراقد الشريفة يحيون فيها ممارسة الجنس -كعروسَينِ - في أوتيل قريب الضريح أو بعيد قليلاً عنه..ولم نسمع أن إيرانياً أو عراقياً أو حجازياً شدّ الرحال الى أحد المراقد المقدسة لقضاء شهر العسل - كما يسمونه اليوم - سوى بعض الفئات من اللبنانيين المنهمكين بالدنيا ولوازمها الدنيئة..وهذا إن دل على شيء، فإنَّما يدل على الدناءة والخِسّة الكامنة في هاتيك النفوس الدنيئة التي تاجرت بكل شيء لإرضاء نزواتها الرخيصة حتى استفحل الأمر عندهم، فبدأوا بالمتاجرة بالمراقد المقدّسة ليصبغوا على نكاحهم مسحةَ القداسة والطهارة..!
 إن شدَّ الرحال الى المراقد الطاهرة لأهل البيت سلام الله عليهم لقضاء ليلة الدخلة أو بقية أيام الغرام والوصال  لهو فعلٌ مشينٌ وقبيحٌ، والظاهر لنا من النصوص الشريفة حرمته والتغليظ بالإنكار على فاعليه، وذلك للوجوه الآتية هي:
 (الوجه الأول): إن سيرة المتديّنين منذ عصور أئمتنا الاطهار الى يومنا هذا قائمة على تقديس المراقد المطهرة وأن لها خصوصية روحية وفكرية لا علاقة للدنيا بها ولا بلوازمها الرخيصة..فلم نقرأ في كتب التاريخ ولا في كتب السيرة أن عروسين شدّا الرحال الى أحد المراقد المطهّرة لقضاء ليالي النكاح الحمراء..بل لم نسمع في سيرة قوم من الأقوام أن عروسين يهوديين أو مسيحيين أو مجوسيين أو بوذيين أو ملحدَينِ شدّا الرحال الى جانب كنيس يهودي أو كنيسة مسيحية أو مرقد نبي من أنبياء بني إسرائيل لقضاء حفلة نكاح قريبة من تلك القبور أو المعابد..!!
 إن العقلاء من كلّ الاديان يعتبرون هذا الفعل قبيحاً صدوره من عروسين يعتقدان بقداسة  الأماكن التي يتواجد فيها قبر نبي أو قديس..ومن أولى بالشيعي المؤمن بالإبتعاد عن هذا الفعل المشين..؟!! فلا يجوز لأيّ شيعي أن يصدر منه ما يخدش بقداسة المكان الذي قصده لقضاء الشهوة الجنسية العارمة من دون خجلٍ أو حياء من المعصوم سلام الله عليه...والله تعالى إن بعض الحيوانات تستحي فعله بمرأى مِن الناس..فكيف يصدر هذا من مؤمنَينِ يعتقدان برؤية المعصوم لأفعالهما بجانب مرقده المقدس..!!
جاؤوا من وطنهم لينكحوا بجانب مرقد المعصوم..يا للعار والفضيحة...!!
 (الوجه الثاني): إن آيات القرآن الشريف واضحة في بيان مفهوم الهجرة الى الله تعالى والى رسوله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام، فإن منطوقها ومفهومها يشيران إلى أن القصد من الهجرة هو نصرة الدين وإعانة الحق وأهله وتبليغ الرسالة..فالمهاجرون الحقيقيون هم الذين ليس في هجرتهم إلى الله تعالى ورسوله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام شيءٌ من الأغراض الدنيّة والأعراض الزائلة الدنيوية، والاخبار طافحة بهذا المعنى الذي أشرنا إليه كما سوف نبيّنه في الوجه الثالث والرابع.
 (الوجه الثالث): لقد طفحت السنة المطهرة بالأخبار الكاشفة عن حقيقة الهجرة الى الله تعالى وإلى نبيه وأهل بيته الاطهار عليهم السلام، منها الحديث المشهور عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله قال:" مَن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته الى الله ورسوله؛ ومَن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر إليه.".
 ونحن نجزم بضرسٍ قاطع بأن مَن يشدّ الرحال الى المراقد المطهرة لقضاء ليلة الدخلة وبقية أيام شهر العسل، لا علاقة له بزيارة المعصوم عليه السلام لا من قريب ولا من بعيد..بل هو مهاجر من وطنه الى المرقد الشريف لكي ينكح عروسه ويتلذّذ بها ويتفنّن في نكاحها بجانب المرقد..!
 وبالجملة: هو مهاجر لأجل النكاح وليس لوجه الله تعالى والقرب منه بالتوسل بمرقد المعصوم والبكاء على ظلاماته وعرض النصرة عليه صلوات الله عليه كما أشارت الى ذلك الأخبار الشريفة في كتاب(الفقيه للشيخ الصدوق) في باب زيارة القبور الشريفة في المدينة المنورة..وأيُّ نصرة للعروسَينِ المتلذِذَينِ بالنكاح في مدينة ضريح المعصوم عليه السلام وقد هاجرا من لبنان الى مشهد الإمام الرضا عليه السلام لقضاء وترهما من اللذة والشهوة...؟!!!.
 ( الوجه الرابع): لقد نهت الأخبارُ الشريفة المؤمنينَ الزائرين عن الفرح والسرور عند زيارتهم للمراقد الشريفة، وأمرت الزائرين بتذكر ظلامات اولئك الاولياء الأبرار وأمرتهم بأن يكونوا شعثاً غبراً ونهتهم عن حمل الحلوى والأطعمة الخبيصة، فقد روى لنا الشيخ المحدّث الجليل إبن قولويه القمي عدة أحاديث صحيحة في هذا المضمار في الباب ٤٨ من كتابه( كامل الزيارات) منها خبر المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام قال:" تزورون خيرٌ من أن لا تزورون، ولا تزورون خير مِن أن تزوروا..قال: قطعت ظهري!! قال عليه السلام: تالله إن أحدكم ليذهب الى قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه - أي الإمام- بالسُفَر، كلا..حتى تأتونه شعثاً غبراً..).
 وفي خبر علي بن الحكم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:( بلغني أن قوماً إذا زاروا الحسين بن علي عليهما السلام حملوا معهم السُفَر فيها الحلاوة والأخبصة وأشباهها؛ لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا ذلك..).
 تنبيه هام: فإذا لم يجز لنا الإمام عليه السلام أن نزور المعصوم ونحن في  فرح وسرور ولم يجز لنا أكل الخبيص، فبطريق أولى لم يجز للعرسان أن يحملوا فروجهم للنكاح وبطونهم لتخيّر الاطعمة التي تزيد في القوة والنشاط على ممارسة الجنس في مدينة المرقد الشريف فيقضيا ليلهما في النكاح ثم يقفان ظهراً على شباك الضريح...فأين الحياء وأين الحزن المطلوب في قصد السفر...؟!!
  وفي الختام: لا يجوز للعرسان شدّ الرحال الى المراقد الشريفة لأجل النكاح...فليذهبا الى الشرق والغرب لا الى  المراقد المطهرة، فإن لها قداسة وخصوصية روحية ودينية عالية لا تجتمع مع فرحة النكاح والسرور بالعلاقة الجنسية بجوار المراقد المطهرة...والله ولي المتقين.
خادم الإمام الحجّة القائم/ محمد جميل حمود العاملي.
بيروت بتاريخ ٢٧ ذي القعدة ١٤٤١ هجري قمري.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1865
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 10 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28