• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : شرح رواية في توحيد الذات الإلهيّة .

شرح رواية في توحيد الذات الإلهيّة

الإسم:  *****
النص: بسمه تعالى
إلى : سماحة آية الله البحاثة المحقق الشيخ محمد جميل حمود دام ظله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد .. مولانا الكريم حفظكم المولى ورد في أصول الكافي في ج 1 ص 85 باب (أنه لا يعرف إلاّ به) الحديث الآتي :
\" سئل أمير المؤمنين عليه السلام ، بم عرفت ربك ؟ قال : بما عرّفني نفسي . قيل : كيف عرّفك نفسه ؟ قال : لا يشبهه صورة ولا يحس بالحواس ولا يقاس بالناس ، قريب في بعده بعيد في قربه ، فوق كل شيء و لا يقال شيء فوقه ، أمام كل شيء ولا يقال له أمام ، داخل في الأشياء لا كشيء داخل في شيء ، وخارج من الأشياء لا كشيء خارج من شيء ، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره ، ولكل شيء مبتدء \" .
شيخنا المجاهد نريد من سماحتكم شرح وتوضيح الحديث الشريف المُتقدم ؟
أفيدونا مأجورين . (لا تنسونا من صالح الدعاء في جوف الليل وساعات المناجاة) .
خادمكم العبد الحقير الفقير
(.......................)
 

الموضوع : شرح رواية في توحيد الذات الإلهيّة

بسمه تعالى

السلام عليكم ورحمته وبركاته
     الخبر الشريف يتناول توحيد الله تعالى عن التشبيه والتوصيف ويشير أيضاً إلى أنه تعالى هو المعرِّف عن نفسه من خلال ما ألهمه إلى أمير المؤمنين عليه السلام من المعرفة وبما أعطاه من رجاحة العقل الطاهر الذي لو استخدمه الإنسان لوصل إلى النتائج الباهرة...والحاصل بأن غاية الخبر الشريف هو تنزيه الباري تعالى عن لوازم المادة فهو متعالٍ على المادة باعتباره خالقاً للمادة ومستولٍ عليها، من هنا جاءت القرائن المتعددة في الخبر للتدليل على نفي المادة ولوازمها عن الله تعالى فقال أمير المؤمنين عليه السلام واصفاً ربَّه العظيم بأنه( لا يشبهه صورة) لأن كل صورة تفتقر إلى محلّ تحلُّ فيه، فهي محتاجة إلى ذلك المحل، والإحتياج علامة الإفتقار والحاجة، والله تعالى ليس فقيراً ولا محتاجاً.
ثم قال أرواحنا فداه:(ولا يُحسُّ بالحواس) أي لا يمكن عقلاً أن يلمس الإنسان ربّه بيده أو ينظر إليه بعينه ولا يُدرك كنهه بالعقل، فهو بعيد عن المادة لأن المادة محتاجة كما أشرنا آنفاً، بالإضافة إلى أن الله تعالى لا يقبل الإشارة الحسيّة لكونها متعلقة بالجسم والجسماني وما له وضع وهيئة، كما نه تعالى لا يقبل الإشارة العقلية لإستلزامها تحديد المشار إليه وتوصيفه بصفات كلية وأوضاع عقلية ولكن يمكن معرفته بصفاته أو بالعجز عن توصيفه من جهة صفاته السلبية والإضافية أو من جهة عناوين الصفات الثبوتية وليس من حيث إنه عين تلك العناوين أو أنه معروض لها بل هو تعالى من حيث إنه معها ولكنه خارج منها..(ولا يقاس بالناس) لأنه تعالى منزه عن الشبيه لأن كلَّ شبيه هو نوع تحديد، والتحديد تجسيم وتوصيف وهو ليس جسماً حتى يمكن تشبيهه أو توصيفه...(قريب في بعده)أي إن الله تعالى في حال أنه بعيد عن ملامسة المخلوقات والغلصاق والملابسة والمشاركة معه في ذاته وصفاته فهو محيط بالكائنات وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون خبير (بعيد في قربه) أي بعيد عن مشابهة الخلائق وعن إدراك العقول، ولو أدركته العقول وكان شبيها للمخلوق لما كان إلهاً تأله إليه النفوس والعقول ويتفرد بالملكوت والجبروت(ولا يقال شيء فوقه) أي لأن كلّ شيء مقهور له، والمقهور لا يكون قاهراً عليه، فلا أحد فوق الله تعالى بالصفات والذات بطريق أولى لأن الفوقية دلالة على علو القدرة ولا أحد أقدر منه بل كل قدرة منه تعالى..(أمام كل شيء) أي قبل كل شيء ومتقدم عليه بالعليّة لإستناد جميع الموجودات على تفاوت مراتبها وكمالاتها راجعة إليه تعالى فهو أمامها وليس خلفها لأن الخلفية دلالة الحدوث والإفتقار والإحتياج، وهو ليس فقيراً ومحتاجاً،(ولا يقال له أمام) في حين أنه متقدم على كل شيء فلا يتقدمه شيء في الوجود، وتقدمه على الماديات لا يستلزم كونه مادياً أو ملامساً للمادة فهو أمامه لا بملامسة أو ممازجة أو ملاصقة، كما أنه غير مسبوق بالعدم كما هي الحال في المادة التي هو أمامها، فهو خالقها وهي مخلوقة بقدرته فهي محتاجة إليه في حين أنه غير محتاج إليها مع كونه أمامها...(داخل في الأشياء) بالعلم والإحاطة بكل جزئيات المادة وكيفياتها يتصرف بها كيفما يشاء طبقاً لموازين رحمته وعدله، وليس المراد بدخوله فيها على نحو الظرفية أي بحيث يصبح ظرفاً لها كظرفية الإناء للماء، بل ظرفيته علمه وإحاطته (لا كشيء داخل في شيء) أي هو تعال ليس كبقية المخلوقات التي تتداخل مع بعضها البعض عن طريق الملامسة والممازجة ( وخارج من الأشياء) وخروجه منها خروج مباينة ذاته المقدسة وصفاته الكاملة عن مشابهة شيء منها، لأن المتبادر من خروج شيء من شيء يعني إختصاصه بالوضع والتحيّز وخروج الجسم والجسماني من مكانه نزه مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ربّه عن عن هذا المعني الذي يتصف به المخلوق(لا كشيء خارج من شيء) إشارة غلى ما ذكرنا من إستحالة خروج الرب المتعال من شيء آخر كخروج الشيء من الشيء فإن ذلك من خواص الإمكان وهو خارج عنها ذاتاً ووصفاً، فمن هنا أكمل مولانا الإمام الأكبر أبو الحسن عليّ عليه السلام كما توصيفه بالتوحيد فقال( سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره) أي أني أنزه الله تعالى ـــ ولفظ سبحان بمعنى التنزيه ــ عن جميع المعايب والنقائص لأنه كامل وما عداه ناقص،( ولكل شيء مبتدء) أي أن لكل شيء بداية من المبدأ واجب الوجود وهو الله تعالى، فللأشياء بداية من العلّة الأولى وهي الله تعالى فما دونه مخلوق ومعلول، فسبحان ربنا الحي القيوم وسلام على أمير المؤمنين عليّ عليه السلام واهل بيته الطيبين الطاهرين..والسلام عليكم ورحمته وبركاته.

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=415
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28