• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : لقد أتمَّ الله تعالى الحجة بإرسال الانبياء والحجج الطاهرين عليهم السلام في مناطق الغرب كما أتمَّها في مناطق الشرق الاوسط ؟ .

لقد أتمَّ الله تعالى الحجة بإرسال الانبياء والحجج الطاهرين عليهم السلام في مناطق الغرب كما أتمَّها في مناطق الشرق الاوسط ؟

الإسم:  *****
النص: السلام عليكم

لماذا نزلت كل الأديان السماوية في الشرق الأوسط و لم نسمع بنبي في باقي مناطق العالم مثل الصين و الهند و أفريقيا و الأمريكيتين؟
و دمتم

 

 

الموضوع العقائدي: لقد أتمَّ الله تعالى الحجة بإرسال الانبياء والحجج الطاهرين عليهم السلام في مناطق الغرب كما أتمَّها في مناطق الشرق الاوسط ؟.
بسمه تعالى

 

 الإجابة على السؤال المتقدّم من ناحيتين:نقضاً وحلاً.
   أما الناحية النقضية: فهي أن نقول بأن الشرق الأوسط مهبط الأديان السماوية وفيه ترعرع الأنبياء والأوصياء والاولياء عليهم الصلاة والسلام، ولا ندري السر في جعل الله تعالى منطقة الشرق الأوسط محلاً للأنبياء والحجج عليهم السلام، ولعلّ السبب في ذلك هو علمه تبارك شأنه بما سيؤول إليه أمر خلقه من الإيمان والإعتقاد في مناطق دون أخرى بمعنى أنه تبارك شأنه علم منذ الأزل بأن مناطق الشرق الاوسط لا سيَّما المناطق العربية سوف يخرج منها أناس طاهرون منزهون عن المعصية والخطا وهم الأنبياء والأوصياء والأولياء الصدّيقون عليهم جميعاً صلوات الله عزَّ وجلَّ، أو أنه تبارك وتعالى جعلهم في مناطق الشرق لعلمه بأن الشرق سيكثر فيه الطغيان والفجور والعصيان والظلم أكثر من غيره من مناطق العالم الذي لا يخلو أيضاً من الفجور والجور والطغيان إلا أنه أقل بكثير من مناطق الشرق، فلأجل هذا كثرت الأنبياء فيه بسبب كثرة طغيان أهله وظلمهم وعنادهم كما هو ملحوظ بالوجدان والعيان بخلاف غيرهم من الأقوام في بلاد المغرب الغالب عليهم التعقل والتدبر والتروي والتبصر بالأمور وحرية التعبير والرأي ولله تعالى في خلقه شؤون...وعلى كلِّ حالٍ سوآء أكان الشرق محلاً للأنبياء دون غيره أو الغرب دون الشرق فلن يحل الإشكال شيءٌ إلا ما ذكرناه من رجوع المسألة إلى علم الله تعالى بما سيؤول إليه أمر خلقه، فمن لم يقتنع بما قلنا يجب عليه أن نغلق باب السؤال على نفسه ويردد قوله تعالى(لا يُسئل عما يفعل وهم يُسألون).
  وأما من ناحية الحلِّ: فالتحقيق أن نقول؛ بأنه ليس معلوماً من الناحية التاريخية أن الله تعالى لم يرسل رسلاً إلى غير بلاد الشرق الأوسط(أي المناطق الغربية في الأرض وتشمل الدولتين القديمتين: البزنطية والرومية وما قبلهما من الأمم الغربية السالفة)، وعلى فرض أنه تعالى لم يرسل إلى تلك البلاد المكتظة بالسكان أنبياء إلا أنه تعالى أبلغهم الحجة عبر سفراء الأنبياء والرسل والحجج عليهم السلام، والثابت تاريخياً أن الله تعالى أرسل الوليّ الصالح إسكندر ذو القرنين فبلغ المشرق والمغرب بأكمله حيث أوحى الله تعالى إليه:(يا ذا القرنين إنَّك حجتي على جميع الخلائق ما بين الخافقين من مطلع الشمس إلى مغربها) فأمعن في بلاد الغرب والشرق الأدنى حتى وصل إلى الصين وما بعدها إلى مطلع الشمس في نهاية الكرة الأرضية، والظاهر المقطوع به بأنه هو الذي بنى السد المذكور في سورة الكهف،ويظهر أنه سور الصين العظيم... وفي بعض التواريخ أن بوذا كان نبياً بعثه الله تعالى إلى الهند وجوارها، فإن صحت النسبة فلا ريب بأنه أرسل غيره أيضاً ولكننا لا نعلم حالهم على الإجمال فضلاً عن التفصيل كحال الكثير من الأنبياء في الشرق الأوسط لم نطلع على أحوالهم بشكل تفصيلي بعد أن أخفى الله تعالى ذلك في كتابه حيث قصَّ القرآن الكريم أحوال بعضٍ من الأنبياء والرسل لم يتجاوز عددهم الستة والعشرين نفراً ولم يشر إلينا أحوال عامة الأنبياء الذين بلغ عددهم زهاء مئة وعشرين ألف نبيٍّ ومثلهم من الأوصياء فضلاً عن الأولياء المعصومين عليهم جميعاً الصلاة والسلام وهو ما أكدته الآيات الكريمة كما في قوله تعالى( ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك) غافر 78 وقوله تعالى( رسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك) النساء 164. وأما التفصيل فسيكون في عهد مولانا الإمام الأعظم صاحب الزمان أرواحنا فداه فهو الوحيد الذي سيتكفل ببيانه الأوفى لتتم الحجة الكاملة على الخلق ولا يكون لأحد من الخلق حجة عليه، كما أنه صلوات ربّنا عليه وعلى آبائه الطيبين سوف يبلغ حكمه وتبليغه المباشري إلى عامة بلاد الغرب والشرق الأقصى والأدنى، وقد دلت الأخبار الشريفة بأنه سيبعث نبيّ الله عيسى عليه السلام إلى بلاد الغرب ليكون وصيّاً ووكيلاً عنه في إلقاء الحجة الإلهية فيؤمنون به قاطبة وبإمام الخلائق مولانا المعظم صاحب الأمر (صلى الله عليه وعجّل الله تعالى فرجه الشريف) وهو ما اتفق على نقله الفريقان من العامة والخاصة.
   وعندنا جواب آخر على سؤالكم وهو أن الهند وأفريقيا قريبتان من بلاد الشرق الأوسط لأن الهند متصلة بالصين، والثانية متصلة بأفغانستان وروسيا وقريبة من تركيا، وتركيا متصلة بإيطاليا وغيرها من بلاد الإفرنجإلا قبرص واليونان فإنهما من بلاد الشرق الأوسط الواقعة بمحاذاة الدول العربية كسوريا ولبنان، فالجميع متصل ببعضه البعض فلا تخفى عليه الحجة النازلة في بلاد المشرق العربي، وأما أمريكا فلم تكن مسكونة في زمن الأنبياء، ولو فرضنا أن سكانها هم الهنود الحمر وقد سكنوها منذ عهود الأنبياء فلا مجال للقول بأنه لم تصلهم الحجة الإلهية بواسطة الشرائع والمقدسات لأن لله الحجة البالغة وليس لأحد عليه حجة على الإطلاق، فلا يشترط في هدايتهم إرسال رسول إليهم على وجه الخصوص لقلة عددهم بل يكفي إرسال نائب عنه يبلغهم ما نزل على الرسل.
خلاصة التحقيق هو أن نجملَ الحلَّ بأمرين:
  (الأمر الأول):
إن الله تعالى قد أقام الحجة الكاملة على عامة خلقه من دون تمييز لمنطقة دون أخرى، فلم تختص منطقة بظهور الأنبياء والحجج عليهم السلام دون أخرى بل إن إبلاغه الحجَّة عامٌ بمقتضى عدله ولطفه ورحمته وهو ما دلت عليه العموماتُ القرآنية الدالة على أنه كان لكلِّ قومٍ وأُمَّة نبيٌّ كما في قوله تعالى في سورة فاطر الآية 24:( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) وقوله تعالى في سورة النحل الآية 36:( ولقد بعثنا في كلِّ أمّة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) فقد أوضحت الآية الأولى بأن الله تعالى لم يترك أمةً من الأمم إلا وأنذرها بإرسال الأنبياء والأوصياء إليها وإلا لكان إستثناؤه في قوله ( إلا خلا فيها نذير) لغواً وعبثاً وهو تعالى يتنزه عن ذلك، كما أن الآية الثانية واضحة في وجوب إرساله تعالى الرسل والأنبياء في كلّ أمة من الأمم ومنها بلاد الغرب وما تاخمها من مناطق غير أوسطية ليحتج عليهم بالبلاغ والإنذار والهداية، وهو ما أكدته الآية السابعة من سورة الرعد:(إنما أنت منذر ولكلِّ قوم هاد) فلا يترك الله سبحانه أمة من الأمم أو قوماً من الأقوام من دون بعث نبيٍّ أو وصيٍّ ليحتج عليهم بحجة اللة الله تعالى لكي لا يكون لهم على الله حجة لأنه تعالى يقول ( قل فلله الحجة البالغة).
  (الأمر الثاني): إن طريق تبليغ الإنذار والهداية لا ينحصر بإرسال الأنبياء إلى المناطق الغربية من العالم فحسب بل ثمة طريق آخر في إيصال الحجة ونقلها إلى الخلق عبر المؤمنين بأولئك الأنبياء كما في قوله تعالى بحق نبيّ الله عيسى عليه السلام حيث أرسل مندوبَين اثنين من قبله إلى إنطاكية ثم عززهما بثالث هو شمعون الصفا وصيّه كما في قوله تعالى في الآية الرابعة عشر من سورة ياسين:( إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنَّا إليكم مرسلون) وهو دارج في عرف الأنبياء والرسل فإنهم يبعثون وفوداً وسفراء عنهم للتبليغ والهداية وإبلاغ الحجة عنهم، وقد تعارف على ذلك عامة العقلاء من الزعماء والحكام فإنهم يبعثون سفراء ومندوبين من قبلهم إلى الدول الأخرى وقد جاراهم رسول الله أبو القاسم محمد صلى الله عليه وآله فبعث إلى كسرى وقيصر سفراءَ يحتج بهم عليهم بمجيء الإسلام وله رسائل لهم في هذا المضمون وإلا لكانوا احتجوا عليه يوم القيامة بأنك لم تهدنا إلى الإسلام ولم ترغبنا فيه، بالإضافة إلى أن أخبارنا الشريفة طافحة بذكر إكمال الحجَّة على عامة الخلق من دون إستثناء لا سيَّما تلك الأخبار التي أوضحت لنا بأن ثمةَ عوالم غربية تسمى بجابلقا وجابرسا يكون ائمتنا الطاهرون عليهم السلام الحجج على تلك العوالم، وجابلقا وجابرسا من العوالم المخفية عنا أو أنها بلاد غربية كان أئمتنا الطاهرون عليهم السلام موكلون بالسفر إليها عن طريق الإعجاز والولاية الإلهية التي حباهم الله تعالى بها لكي يكونوا دعاة دينه وقادة خلقه ولا يشترط معرفة ذواتهم في تلك البلاد على وجه التفصيل، وقد أشارت بعض الأخبار الشريفة إلى ذلك كما في خبر أبي الجارود عن أبي سعيد قال: قال[الإمام] الحسن بن عليّ [أمير المؤمنين]عليهما السلام :(إن لله مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب على كلّ واحدة سور من حديد في كلّ سور سبعون ألف مصراع من ذهب تدخل من كلّ مصراع سبعون ألف لغة آدميين وليس فيها لغة إلا مخالف للأخرى وما بينها لغة إلا وقد علمتها ولا فيهما ولا بينهما إبن نبيٍّ غيري وغير أخي وأنا الحجة لهم).إنتهى الخبر راجع بصائر الدرجات.
  وبما تقدَّم يتضح بأن الله تعالى أبلغ الحجة إلى عامة خلقه عبر بعث الأنبياء والأوصياء لمناطق الغرب كما أرسلها لمناطق الشرق إتماماً للبلاغ وإكمالاً للمحجة وهو الهادي للصواب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، والسلام.
 

العبد الفقير إلى ربّه محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ  19 محرم الحرام 1433هـ.

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=672
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 12 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29