• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : مواضيع فقهيّة متفرّقة .

مواضيع فقهيّة متفرّقة

الإسم: الشيخ *****
النص: بسمة تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سماحة المرجع الديني الاعلى اية الله العلامة المحقق شيخنا ومولانا الشيخ العاملي دام ظله الشريف
وقد اثقلت عليكم بكثرة الاسئله ولاكن كثرة السوال عليه واريد معرفة رأيكم الفقهي هذه مجموعه من الاسئله الفقهيه التي تم طرحها في جلسات علميه خلال ليالي شهر رمضان المبارك
س1 هل يجوز للطبيب ان يكشف على المرأة ؟
س2 اذا كانت المرأة عامله فهل من واجبها صرف راتبها على زوجها واولادها ؟
س3 ما هو حكم وجود الخادمة غير مسلمة في البيت ؟
س4 هل يجوز نزع الحجاب امام امرأة مسيحية ؟
س5 هل تستطيع البنت ان تتصرف بأرثها عن ابيها وهي صغيرة ؟
س6 هل تقبل الصلاة بلا خشوع؟
س7 ما ذنب الطفل الذي يولد مشوه؟
س8ارجو تفصيل مسئله تشريح جسم الميت اي ما هو موقف الاسلام من تشريح الاجساد الميته ؟
س9 ما هوا راي وحكم الاسلام في الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات ؟
س10 هل منع الحمل حرام ؟
س11 هل تؤثم المرأة اذا كان زوجها لا يصلي ؟
س12 اذا اراد شاب الزواج من فتاة مسلمة محجبة ولكن والدته ترفض ذالك وهل يعتبر هذا الولد عاصياً اذا اصر على الزواج ؟
س13 يسئلني بعض الشباب في الجامعه عن دليل حرمة حلاقه الحيه ارجو تفصيل هذه المسئله ؟
س14ما هي فلسفة تحريم لباس الحرير للرجال ؟
س15 ما هي الحكمه في وجوب الغسل على من مس ميتاً من الانسان والمفروظ ان الانسان هو اطهر الموجودات ومن مس الكلب اجلكم الله الذي هو انجس الموجودات لا يجب عليه الغسل بمسه ولماذا يسقط الغسل بمس الشهيد والمرجوم ارجوا(أرجو) من سماحتكم شرح الجواب مفصلاً وان كان ذالك يزاحم اشغالكم فأني لا اجد احد من العلماء يوفي حق هذا السؤال مثلكم ؟
س16 ما حكم الاسلام في ارتفاع صوت الامرأة في السوق والاماكن العامه ؟
س17 هل يجوز للمرأة المتزوجه او غير المتزوجة السفر الى طلب العلم ؟
س18 هل يجوز التداوي بالخمر ؟
س19 هل الرسم حرام ؟
س 20 هل الزواج قسمة ونصيب ؟
س21 هل ضرب الزوجه جائز ؟
س22 هل صلاة الامرأة السافرة مقبوله ؟
س23 هل يجوز اطاله اضافر(أظافر) المرأة وصبغها ؟
س24 هل يجوز للمرأه ان تبرز شعرها في ليلة الزفاف ؟
س25 التعامل مع البنوك والفوائد التي تؤخذ من البنوك هل هي حلال ام حرام ؟
واخيراً يوجد عندي مسائل فقهيه كثيرة وأريد بيان رأيكم فيها تأتي في مستقبل الايام انشاء الله
ارجوا الاجابة على جميع اسئلتي وتقديمها على الآخرين من باب الفائدة للآخرين لانهم ينتضرون(ينتظرون) الجواب
دمتم لخدمة شيعة امير المؤمنين
ولكم كلب الزهراء الشيخ *****


 

 

مجموعة الإستفتاءات البصرية/العراق/ وهي بتاريخ 27 أوغست 20012م:
مواضيع فقهيّة متفرّقة

الموضوع الفقهي: حكم كشف الطبيب على المرأة/ هل يجب على المرأة النفقة على زوجها/حكم وجود الخادمة في البيوت/ حكم نزع المرأة حجابها أمام المرأة الأجنبية/ حكم تصرف الصغيرة بالإرث/ هل تقبل الصلاة بلا خشوع/ ما ذنب الأطفال المشوهين/ حكم تشريح الميت/ حكم الإختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات/ حكم منع الحمل/ هل تؤثم المرأة لأن زوجها لا يصلي/ حرمة حلق اللحية/ فلسفة تحريم الحرير على الرجال/ حكم الزواج من فتاة لا ترضى بها أم الزوج/ الحكمة من غسل مس الميت/ صوت المرأة أمام الأجانب عورة/ لا يجوز للمرأة السفر لوحدها/ هل يجوز التداوي بالخمر/ هل يجوز الرسم/ هل الزواج قسمة ونصيب/ هل يجوز ضرب الزوجة/ هل صلاة المرأة السافرة مقبولة/ هل يجوز تطويل الأظافر للمرأة وصبغها/ هل يجوز للمرأة أن تبرز شعرها في ليلة الزفاف/ كيف نتعامل مع البنوك/.


بسمه تبارك شأنه
 

  الحمد لله ربِّ العالمين وأفضل السلام وأزكى التسليم على المبعوثين رحمة للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين عليهم السلام واللعنة السرمدية على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم وظلاماتهم ومعارفهم ومعاجزهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين...,بعد.
  فضيلة العلامة الفاضل الشيخ ***** دامت بركاته
السلام عليكم ورحمته وبركاته ونتمنى لكم التوفيق الدائم والسداد واعذرونا لتأخرنا عن الإجابة بسبب ظروف قاهرة وعدم وجود متسع من الوقت للتفرغ للإجابة على أسئلتكم الكريمة، بالإضافة إلى كثرة ما يرد علينا من إستفتاءات نقوم شخصياً بالإجابة عليها من دون مؤازرة من علماء كما هو ديدن المراجع من الأعلام حيث لديهم كوادر علمية تعينهم على حل المسائل الكثيرة التي ترد إليهم مما يخفف عنهم وعساء التعب في المراجعة والحلول فيقوم الفريق المختص عندهم بالإجابة على ما يرد على مكتبهم من إستفتاءات شرعية.. ونحن لسنا نعمل كما يعملون لأننا لا نملك ما يملكون من الأموال حتى يزحفوا إلى مائدتنا العلمية ليؤازرونا ولا نجد في لبنان من يكون أهلاً لمؤازرتنا في حلّ المعضلات والإجابة على الإستفتاءات بإشرافنا...!! وفي صدري آهات لا يمكنني البوح بها فأكتمها أسوة بسيد الساجدين إمامنا زين العابدين عليه السلام حيث قال:

إِنّي لَأَكتُم مِن عِلمي جَواهِرَهُ        كي لا يَرى الحقَّ ذو جَهلٍ فَيَفتَتِنا

وَقَد تَقَدَّمَ في هَذا أَبو حَسَنٍ          إِلى الحُسَينِ وَوَصّى قَبلَهُ الحَسنا

يا رُبَّ جَوهَرِ عِلمٍ لَو أَبوحُ بِهِ         لِقيلَ لي أَنتَ مِمَّن يَعبدُ الوَثَنا

وَلَاِسَتَحَلَّ رِجالٌ مُسلِمونَ دَمي       يَرَونَ أَقبَحَ ما يَأتونَهُ حَسَنا


 وليس وراء عبادان قرية..يا كميل أطفئ السراج فقد طلع الصبح..!! وإلى الله المشتكى وعليه المعول في الشدة والرخاء، فالله تعالى حسبي وإمامنا المهدي المعظم حصني وكهفي به ألوذ ومن شرابه المعين أرتوى فأياديه الرحيمة لا تحصى وأنفاسه اللطيفة لا تعد...!!.
  وها هي أسئلتكم الكريمة مع أجوبتنا عليها وبالله تعالى نستعين:
السؤال رقم (1): هل يجوز للطبيب أن يكشف على المرأة؟
الجواب: يجوز للطبيب النظر إلى جسم المرأة في حال توقف تشخيصه للمرض على النَّظر المباشر مقيَّداً بالنَّظر دون اللّمس أو النَّظر في المرآة، أي أنَّه إذا لم يكتَفِ الطّبيب بوصف المريض ليصف له الدّواء، وتوقف التّشخيص على النّظر فجائزٌ حينئذٍ ذلك، وقد يجِب في حال كان الشّفاء متوقفاً على النّظر واللمس بمقدار الضرورة لأن الضرورات تقدر بقدرها، ومع إمكان الإكتفاء بأحدهما ـ أي النظر أو اللمس ـ لا يجوز الآخر، فلو تمكن من المعالجة بالنظر فقط لا يجوز له المس وكذلك العكس، والأحوط في مقام العلاج الطّبيّ أن يكون النّظر في المرآة المقابلة للعورة بعد اليأس من العلاج بغير النّظر وقد ذكرنا ذلك في رسالتنا العمليّة (وسيلة المتّقين ج1 ص62 م16).
  ولو دار الأمر بين النظر واللمس قدِّم الأول لأنه أخف، ولو دار الأمر بين اللمس مباشرة أو من وراء الثوب، قدّم الثاني لجوازه حتى في حال الإختيار كما يدل عليه ما ورد بجواز مصافحة المرأة الأجنبية من وراء الثوب من دون غمز كفها أو عصره، ولو دار الأمر بين وصف المحرم أو النساء للنساء ـ في حال كانت المعالجة مقيّدة برؤية الفرج ـ والرجال للرجال وجب لأنه لا إضطرار حينئذٍ.
     وجواز النّظر إلى بدَن الأجنبيّة في مقام المعالجة من الموارد المستثناة عن حرمة النّظر إلى الأجنبيّة شريطة أمرين:
الأول: إذا لم تتمكن المرأة من عرض جسمها للمعالجة بالمماثل كأن لم يتوفّر وجود مماثل لها، والمراد بالتمكّن هنا هو التمكُّن العرفيّ العادي لا الدّقيّ العقليّ لعدم ابتناء الشرع عليه...وفي حال وجدت المريضة المماثل ـ أي المرأة الطبيبة ـ فلا يجوز حينئذٍ الإستعانة بغير المماثل لعدم الإضطرار إلى الرجل بسبب وجود المماثل، فساعتئذٍ يخرج الأمر عن كونه إضطراراً.
الثاني: إذا لم يُتاح للطبيب وصف الدواء من دون النّظر.
   والجواز المذكور مما قام على صحته الإجماع وقاعدتي نفي الحرج والضّرر وقاعدة الضرورات تبيح المحذورات، وكذا العمومات الواردة في الأخبار التي منها صحيح الثّمالي عن الإمام الباقر(عليه السلام) قال: سألته عن المرأة المسلمة يُصيبها البلاء في جسدها، إمّا كسْرٌ أو جرحٌ في مكان لا يصلح النظر إليه يكون الرّجل أرفق بعلاجه من النّساء أيصلحُ له النّظر إليها؟، قال: إذا اضطرّت إليه فليُعالجها إن شاءت". الوسائل ج14 ص172 الباب 130 من أبواب مقدّمات النكاح ج1.
إشكالٌ وحلّ: وجه الإشكال هو رواية عليّ بن جعفر في الوسائل ج14 ص173 في كتابه عن أخيه الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) تُشير إلى عدم جواز النظر مطلقاً إلى جسم المرأة حتى في حال الإضطرار، قال عليّ بن جعفر: سألته عن المرأة يكون بها الجرح في فخذها أو بطنها أو عضدها هل يصلح للرجل أن ينظر إليه ليُعالجه؟ قال: لا.. قال: وسألته عن الرجل يكون ببطن فخذه أو إليته الجرح هل يصلح للمرأة أن تنظر إليه وتداويه ؟ قال عليه السلام: إذا لم يكن عورة فلا بأس".
وحلّ الإشكال: هو أنْ يُحمَل صدر الرواية على عدم الإضطرار، وحمل ذيلها على غض نظرها عن فخده أو إليتِه بل تقتصر على باطن الجرح في فخده أو بطنه أو إليته.. أو لعلَّ المراد من جواز نظرها إلى فخده أو بطنه أو إليته شريطة أن لا يكون ذلك عورةً بنظر العُرْف، وكأنَّ الإمام (عليه السلام) أحالَ تشخيص موضوع العورة في فخد الرجل وإليته إلى العرف، فإن عدَّهما العرف عورة فلا يجوز النظر إليهما وإلّا فيجوز..ولكنَّ الوجه الأول هو الأقوى عندنا لا الثاني والله هو العالم بالحقائق .

سؤال رقم (2): إذا كانت المرأة عاملة فهل من واجبها صرف راتبها على زوجها وأولادها؟
الجواب:
يجب على الوالد الإنفاق على أولاده وزوجته ولا يجب على الزوجة الإنفاق على أولادها وزوجها. نعم، إذا فُقِدَ الزّوج، تجِبُ حينئذٍ على الزّوجة النّفقة على أولادها وهو مشهور شهرة عظيمة.. نعم يُستحب ـ بالعنوان الأولي ـ للمرأة المتزوّجة أن تنفق على زوجها في حال عُسْرِه ولها في ذلك أجرٌ عظيم..ويجب عليها الإنفاق على الزوج بالعنوان الثانوي وهو الأحوط وجوباً لرابطة العشرة والصحبة والزوجية والمحبّة فضلاً عن رابطة الإيمان والولاء لآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ولا يبعد وجوب الإنفاق عليها إدراجاً له تحت عون المؤمن لأخيه المؤمن.
     والحاصل: أنَّه لا يتوجّب على الزّوجة الإنفاق على زوجها وأولادها في الحالة الطبيعيّة وبالعنوان الأولي، وأمّا في حالة العُسْر عند الزّوج فيتوجَّب عليها الإنفاق على الأولاد على الأقوى في حال فُقِدَ الجَدّ للأب أو كان معسراً...
    وبتعبير آخر: إنَّ نفقة الولد تجب على الأب وإن فُقد أو كان معسراً فعلى الجدّ من جهة الأب، وإن فُقد أو كان معسراً فعلى الأم، ثمَّ على أبيها وأمها وأم الأب بالسويّة وهؤلاء الثّلاثة ـــ أي الجدّة والجد والأم ـــ يشتركون جميعاً بالإنفاق على الولد بالسّويّة إن كانوا موسرين وإلا فعلى الموسر منهم خاصّة... والله تعالى العالم بالحقائق وهو حسبنا ونعم الوكيل.

سؤال رقم (3): ما هو حكم الخادمة غير المسلمة في البيت؟
  بسمه تعالى/ الجواب: الخادمة الكافرة في هذا العصر لا ينطبق عليها عنوان الأَمَةُ وهي المرأة الكافرة المملوكة بالسبي ولها أحكام خاصة في فقهنا الجعفري الطاهر من جواز النظر إليها بلا حجاب ولمسها وما شابه ذلك ، وهذه لا تشمل الخادمات الكافرات اللواتي يأتين من بلاد الهند والفليبين والحبشة وسريلنكا وغيرها من البلاد ، لعدم إنطباق مفهوم الإماء عليهنَّ في زمن غيبة مولانا المعظَّم الإمام بقيَّة الله الأعظم المهديّ المنتظر ( أرواحنا لتراب نعليه الفداء ) ، فهؤلاء الخادمات اليوم يجب التحفظ عن رؤية أجسامهنَّ فضلاً عن أن يرين عورات مستخدميهم مطلقاً ، ويجب التحفظ منهنَّ على الطهارة إلاَّ المؤمنات الشيعيات بشرط إتقانهنَّ لأحكام النجاسة والطهارة ، فلا يجوز للكافرة أن تصنع الطعام أو الشراب ولا يجوز للمسلم المؤمن أن يفوضها على تنظيف الأواني وتطهير الثياب وكل ما يتعلق بالطاهرة في المأكل والمشرب والثياب والأواني لإشتراط الإسلام الإثنى عشري في الخادمة...ولو فُرِضَ إستخدامها وتفويضها بغسل وتنظيف الأواني والثياب إلا أنه يجب على ذوي المنزل عدم الإكتفاء بتطهيرها للأواني والثياب بل يجب عليهم التطهير بحسب ما أمر أئمتنا الطاهرون عليهم السلام... ويجب عليهم مراعاة أحكام النجاسة المترشحة منها ولا يكفي إتقانها لاحكام الطهارة والنجاسة لأن الكافرة نجسة ذاتاً، والنجس ذاتاً لا يطهر إلا بالإسلام الإثنى عشري، وهناك أحكام أخرى يجب على ربّ الأسرة مراعاتها في حال اضطر إلى إستخدام الكافرة أو المؤمنة في بيته والتي منها حرمة أن يسترق النظر إليها في الخلوات أو تحدثه نفسه بذلك ، فيغريه إبليس فيقع في الحرام لا سيَّما وأنَّ أكثرهنَّ بوذيات لا يجوز العقد على غير المحصنات منهنّ ، كما لا يجوز العقد على النصرانيات المحصنات منهنَّ ، ولا يجوز البناء على طهارة النصرانيات منهنَّ لحكمنا بنجاستهنَّ ـ كما هو نظر المشهور شهرة عظيمة ـ فلا يجوز البناء على طهارة المآكل والمشارب اللاتي باشرن بتحضيرها وباشرته أيديهنَّ ، ولا البناء على طهارة الأواني التي غسلنها ، والأقوى حرمة إستئجارهنَّ لمن لا يحسن أحكام النجاسات والطهارات ولم يكن قادراً على حفظ نظره الحرام إليهنَّ وميل شهوته إليهنَّ ، وتتأكد الحرمة على من لديه أولاد مراهقين وبالغين لوقوعهم غالباً في التفكر بالحرام واللمس والغمز واللمز ثم النكاح الحرام والعياذ بالله تعالى ...ونحن قد تفردنا من بين الأعلام في ذكر الأحكام الخاصة بالخادمات الكافرات في زماننا هذا ... راجع وسيلة المتّقين ج1 ص58 م2.
 

سؤال رقم (4): هل يجوز نزع الحجاب أمام امرأة مسيحيّة؟
بسمه تعالى /الجواب: الظاهر الجواز مع عدم حكاية المرأة المسيحيّة محاسن المرأة المسلمة لزوجها فيما لو لم تكُن المسلمة معروفة لدى الزّوج المسيحي وإلا ـ أي لو كانت المسلمة معروفة لدى الرجل المسيحي ـ فلا يجوز عندنا على الأقوى للآية المباركة ولصحيحة حفص.
     نستدلّ على عدم الجواز بالشّرط المتقدّم بدليلين:
     (الأول): الإطلاق في الآية المباركة من سورة النّور الآية 31 وهي قوله تعالى:( وَلا يُبْدِيْنَ زِيْنَتَهُنَّ إِلّا لِبُعُوْلَتِهِنَّ.. إلى قوله تعالى.. أَوْ نِسَاْئِهِنَّ)، وحيثُ إنَّ الذمية ليست منهن، فيبقى النهيُّ منعقداً بالظهور، فلا يجوز للمسلمة إظهار زينتها على المسيحيّة في حال إعلام زوجها بمحاسن تلك المرأة المسلمة كأنْ تصف له محاسنها كشعرها ومفاتنها فيؤدي ذلك إلى فتنته بها وهتك سترها.
     (الثّاني): صحيح حفص بن البختري عن الإمام الصّادق(عليه السلام) قال: "لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهوديّة والنّصرانيّة، فإنَّهُنَّ يصِفن ذلك لأزواجهنّ"، ولا ينبغي هنا بمعنى "لا يجوز" لأنَّ النهي في الآية هو للتحريم وهو ما ذهب إليه الشّيخ الطّوسي والطّبرسي وصاحب الحدائق... ولَنِعم ما قال صاحب الحدائق بأنَّ ما ذهب إليه المشهور من صحّة انكشاف المسلمة على النّصرانيّة و اليهوديّة ضعيفٌ لقصور ما ذهبوا إليه وأنَّ الحكم في المسألة هو ما ذكره الشيخ للصحيحة المذكورة إلّا أنَّ الظاهر منهم لم يقفوا عليها وإلّا لأجابوا عنها...راجع الحدائق ج23 ص62.
     ولا يقتصر الأمر على النّصرانيّة أو اليهوديّة بل يتعداه إلى المرأة المسلمة الأخرى بلا خصوصيّة للنّصرانيّة واليهوديّة لوحدةِ المَناط...والله تعالى هو حسبي ونعم الوكيل.
 

سؤال رقم (5): هل تستطيع البنت أن تتصرف بإرثها عن أبيها وهي صغيرة؟
الجواب: الصغيرة شرعاً هي التي لم تبلغ حدَّ التَّكليف وهو سنُّ البلوغ، وبلوغ الفتاه هو بإكمال تسع سنين هلاليّة، وبالرّغم من أنَّ البلوغ علامة شرعيّة للتَّملُّك إلا أنَّه ليس أمارةً أو علامة على صحّة التّصرُّف بالمملوكات التي يتملّكها مَنْ لم يبلغ سنّ الرُّشد وهي السّنّ التي تخوّله وتؤهّله إلى التّعقُّل والتّبصر في الأمور لا سيّما البيع والشّراء وحيازة المباحات وما شاكل ذلك، فالرُّشد في مقابل السَّفَه، فيُشترط مضافاً إلى البلوغ، عدم السَّفَه في البالغ ـ سواءٌ أكان ذكراً أم أنثى ـ فإذا ما كان بالغاً ولكنَّه كان سفيهاً فإنَّه يحجر عليه ويتولّى وليُّه ولاية تصرّفاته والنّظر في مصالحه وشؤونه، وقد فصَّلنا ذلك في رسالتنا "وسيلة المتقين" في ج2 ص188 كتاب الحجر.
     وقد قلنا هناك في الشرط الثالث من شروط الحجر بأنَّ السّفيه هو الّذي ليس له قوّة باعثة على التّحفُّظ على أمواله ومصالحه فيُصرَف ماله في غير موقعه، ومعاملاته ليست مبينيّة على المُكايسة والتحفُّظ عن المغابنة بل هو في عرضة الإنخداع فلا ينفذ نكاحه ولا تصرّفاته في أمواله ولا في ذمّته إلّا إذا كانت بإذن الوليّ أو إجازته أو أوقع المعاملة وهو سفيهٌ ثُمَّ رشد فأجازها.
     وبعبارة أخرى أكثر تفصيلاً في معنى الرّشد هو أن نقول: إنَّ الرُّشد هو حالة نفسانيّة تمنع من إفساد المال وصرفه في غير الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء
     ويُشترط الرُّشد في رفع الحجر بالأدلّة الأربعة: الكتاب وهو قوله تعالى (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) والسُّنّة وهي الأخبار الكثيرة منها خبر العيص بن القاسم عن الإمام الصّادق(عليه السلام) قال: "سألته عن اليتيمة من يدفع إليها مالها؟ قال: إذا علمت أنَّها لا تفسد ولا تضيع". وعن الفقيه للصدوق بأسناده متصلاً إلى الإمام الصّادق(عليه السلام) أنَّه سُأِلَ عن قوله تعالى (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُم) قال "إيناس الرُّشد من حفظ المال".
     والإجماع بقسميه يدلان على اشتراط الرّشد في التّصرُّف، وكذلك العقل فإنَّ العقلاء حتّى الملحدون منهم وضعوا قوانين لأجل حجر السُّفهاء وإبقاء المال في صناديقهم حرصاً منهم على عدم صرفه في غير الصّلاح.
     وبالجملة: لا يجوز للبنت البالغة غير الرّشيدة أن تتصرَّف بإرثها عن أبيها بل يحجر وليُّها الصالح على أموالها ولا يجوز لأحد التصرُّف بأموالها حتّى تبلغ الفتاة سنَّ الرُّشد والله تعالى هو العالم.
 

سؤال رقم (6): هل تُقبل الصلاة بلا خشوع؟
الجواب: الخشوع حالة زائدة عن التّدبُّر في معاني الآيات، فالخاشع هو الذّليل في صلاته المقبل عليها، فقد يتدبَّر المصلّي في معاني الآيات ولكنّه غير خاشعٍ فيها، وليس له من الصّلاة واقعاً إلا ما أقبل عليها، فبمقدار الإقبال يكون القبول عنده تعالى، فقد يُسقط المكلَّف الظّاهر وهو الأجزاء والشّرائط المعتبرة في الصّلاة ولكنّه لا يسقط الواقع المشروط فيه القبول الواقعي بمقدار التّوجُّه والإقبال، وقد حثَّ الكتاب الكريم على الخشوع والخاشعين بقوله تعالى(واسْتَعِيْنُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاْةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيْرَةٌ إِلّاْ عَلَىْ الْخَاْشِعِيْن)، فعن مولانا الإمام الباقر(عليه السلام) قال: الخاشع: الذليل في صلاته المقبل عليها...".
     وسبب الخشوع هو المعرفة بالله تعالى وعدم الأمن من العقاب، فقد جاء في خبر مولانا الإمام الحسن العسكري(ع) مفسّراً لقوله تعالى {وَإِنَّهَاْ لَكَبِيْرَةٌ إِلّا عَلَى الخاشِعِيْنَ الّذِيْنَ يَظُنُّوْنَ أَنَّهُم مُلَاْقُوا رَبِّهِم وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُوْن} قال: (يظنّون) لا يدرون بما يُختَم لهم، والعاقبة مستورة عنهم (وأنّهم إليه راجعون) إلى كراماته ونعيم جنّاته لإيمانهم وخشوعهم لا يعلمون ذلك يقيناً لأنَّهم لا يأمنون أن يُغيّروا ويُبدّلوا". تفسير البرهان ج1/ ص208 سورة البقرة آية 45.
     فالخشوع في الصّلاة مطلوب على نحو الإستحباب المؤكَّد، ومن علامات الخشوع بالقلب والجوارح هو أن يُفرغ قلبه بجميع همّه لها والإعراض عمّا سواها، وأمّا خشوع الجوارح فبغضِّ البصر والإقبال إليها بترك الإلتفات والعبث باللّحية واليدين وما شابه ذلك، من هنا جاء عن النبي صلّى الله عليه وآله لمّا رأى العابث في الصّلاة قال: "لو خشع قلبه لخشعت جوارحه".. وقد عقد الحرُّ العامليّ باباً خاصّاً في استحباب الخشوع في الصّلاة، راجع الوسائل ج4/ ص684 باب تأكّد استحباب الخشوع في الصّلاة واستحضار عظَمَة الله تعالى.
 

السؤال رقم (7): ما ذنب الطّفل الذي يُخلق مشوّهاً؟
بسمه تعالى / الجواب: لا ذنب عليه عقلاً وشرعاً وعرفاً، فإن بلغ وصبر فله أجر عظيم ويكون التشويه له بليّة وامتحان من الله تعالى يُثاب عليه المشوّه شريطة الصّبر والتّسليم..وأغلب التشويهات الخلقية سببها الأهل لا سيَّما الأم التي تهمل بعض قوانين الشرع والطب فيؤدي إلى الجناية على الطفل بالتشوه الخلقي وهوما تشهد له قواعد الطب الحديث وتؤيده التجربة عند الكثير من الحوامل.
     ولربّما تودون معرفة السّبب في أن يخلقه الله تعالى مشوَّهاً في حين أنَّه لا ذنب عليه، فجوابه:
     إنَّ الله تعالى بحكمته ولطفه ورحمته لا يخلق الإنسان إلّا على الفطرة الإلهيّة والخلقة السّليمة، وقد أمر المكلَّفين بمراعاة موازين العدل والإستقامة في المأكل والمشرب والنكاح وغير ذلك، ونهى عن مضادّة العدل والإستقامة وحذَّر من مغبّة المخالفة، وتوعَّد بالعقاب والخاتمة القبيحة جرّاء المخالفة لقواعد النّكاح وغيرها ممّا يكون سبباً في اعوجاج النّطفة عن مسارها الصّحيح فيُؤدّي إلى العمى أو الشّلل أو النّقصان في الأطراف وما شابه ذلك.. وقد يكون التّشويه بسبب الإفراط أو التّفريط في الأدوية أو المآكل والمشارب ما يؤدّي إلى التشوّه في الجنين حسبما ورد ذلك في الطّبّ القديم والحديث، فإنَّ مخالفة الآداب والسُّنن والقواعد الكونيّة يؤدّي إلى التّشوُّه الخلقي في الجنين، وهو أمرٌ تكوينيّ جرَت سنّة الله على إمضائه وإجرائه تماماً كمن شرب السُّمّ فلا يتوقّع أن يُنجيه الله تعالى منه إلا بكرامة أو معجزة، ولا تجري الكرامات والمعجزات على عامّة النّاس.. وشُرب السّم قاتلٌ أو مشوّهٌ للجسد أو للجنين بفعل التّأثير الكيميائي علبى خلايا الجسد، والتشوّه شيئٌ تكويني وأثر وضعيّ لا يتخلَّف عن علّته وهي السّم تماماً كالمعلول يدور مدار وجود العلّة وينتفي بانتفائها.. فلا يتوجّه السؤال إلى الله تعالى: لماذا لم يمنع الله تعالى من تأثير العلّة بالمعلول أو لما لم يمنع من وجود المعلول بوجود علّته؟..
     فالتّشوّه الجنيني ليس من أمر الله تعالى ولكنَّه مقدور لله تعالى بمعنى أنّه داخلٌ تحت ولايته التّكوينيّة التي شاءت في هذا المورد أن يكون الجنين مشوّهاً بسبب سوء اختيار والديه {ولتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُون} {إِنَّ اللهَ لَا يظْلِمُ النّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النّاسَ أَنْفُسَهُم يَظْلِمُوْن} {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً ولا يظلم رَبُّك أحداً}.
 

سؤال رقم (8): أرجو تفصيل مسألة تشريح جسم الميِّت أي ما هو موقف الإسلام من تشريح الأجسام الميتة؟
الجواب: بسمه تعالى.. يجوز تشريح أجسام الموتى لغرضٍ عُقلائي كتعليم الطّبّ أو استخراج بعض الأعضاء لزرعها في الأحياء أو لأجل اكتشاف دواءٍ وما شابه ذلك جائزٌ على جسد غير المسلم أو مشكوك الإسلام، وأمّا تشريح جسد المسلم فغير جائز، ومُرادنا بالمسلم هو المؤمن الإثنا عشري فقط.
     نعم يجوز التشريح على المؤمن الميّت في حال توقَّف تشريح جسده على استنقاذ حقّ أو دفع مظلمة؛ وينبغي التفريق بين التشريح لغرض عقلائي كما أشرنا وبين المثلة المحرّمة وهي تقطيع الأعضاء للتّشفّي أو التشهّي والانتقام، فلا يجوز المُثلة بالكافر فضلاً عن المؤمن، فقد ورد في نصوصٍ كثيرة النهيُّ عن المثلة بالعدو بل والحيوان أيضاً، منها ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في وصيّة لابنه الإمام الحسن المجتبى (عليهما السلام) بأن "لا يُمثَّل بقاتله" بمعنى أن لا يترك الإمام الحسن عليه السلام لأحدٍ المجال لكي يمثل بجثة عبد الرحمان بن ملجد عليه اللعنة الأبدية، مُعلِّلاً بأنّه سمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: "إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور" وفي صحيحة مسعدة بن صدقة عن الإمام الصّادق (ع) قال: إنَّ النبي كان إذا بعث أميراً له على سريّة أمره بتقوى الله عزّ وجلّ في خاصذة نفسه ثُمَّ في أصحابه عامّة ثمَّ يقول: أُغزُ بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلّوا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليداً ولا متبتّلاً في شاهق ولا تحرقوا النحل ولا تغرقوه بالماء ولا تقطهوا شجرة مُثمرة ولا تحرقوا زرعاً..راجع الوسائل ج11 ص43 ح3 باب 15 من أبواب جهاد العدوّ.
     فقد دلَّ الدّليل على حرمة التّمثيل باعتباره تنكيلاً وعقوبة بالميّت، فقد أُخِذ في مفهوم المُثلة كونها بهذا النحو، فإذا خرج عن كونه عقوبة وتشويهاً كما في مورد التّشريح فلا مانع منه حينئذٍ لأنَّ مجرّد قطع العضو بلا قصد التنكيل لا يُطلق عليه المُثلة، وبهذا يتَّضح جواز التشريح في جثّة الكافر دون المسلم لورود النّهي عن التّصرّف بجسم المسلم بعد موته لأنَّ حرمته ميتاً كحرمته حيّاً، فقد جاء في صحيح ابن أبي عمير عن جميل عن صفوان عن الإمام الصّادق(ع) قال: "أبى الله أن يظن بالمؤمن إلّا خيراً وكسْرُكَ عظامة حيّاً أو ميتاً سواء". الوسائل باب 25 من أبواب دِيّات الأعضاء..
وخبر العلا بن سيابة عنه (ع) عن رسول الله قال: "حرمة المسلم ميتاً كحرمته وهو حيٌّ سواء". ونحوها من النّصوص الدّالّة على حرمة قطع عضو من أعضاء الميّت فضلاً عن تقطيعه إرباً إرباً فالتّشريح حرام بلا كلام..
 وبعبارةٍ أُخرى: إن حرمة المثلة بالمؤمن لأجل إطلاق النصوص بوجوب إحترامه حيّاً وميتاً، من هنا حرثم نبش قبره باعتباره هتكاً لحرمته وهو مثلة به إذ قد تظهر تشوهات بجثته لتحللها فيؤدي إلى هتكه..ووجوب الإحترام خاص بالمؤمن لما يحمله من عقائد صحيحة بالله تعالى ورسوله واهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلامن ولا إحترام لغير المؤمن على الإطلاق، وعلاج الأخبار الناهية عن المثلة ولو بالكلب العقور إنَّما نحمله على قاعدة:" الإحتراز من مقابلتنا بالمثل" بمعنى أننا نتجنب عن المثلة بهم لئلا يؤدي إلى زيادة التجرؤ على المثلة بالمؤمنين.
     وبالجملة: لا يجوز شرعاً تشريح بدن المسلم الإثني عشري، ولو عصى المكلَّف الطبيب أو مَن في قوّة الطبيب ـ كالمتعلّم لمهنة الطّبابة ـ وشرَّح بدنَ المسلم الإثني عشري يجب عليه دفع الدّيّة إلى ورثَة الميّت.. ويجوز تشريح بدن الميّت الكافر بجميع أقسامه، ويدخل فيه أجساد موتى فرق الضّلالة، وكذا إذا كان إسلام الميّت مشكوكاً فيه بلا فرق في ذلك بين البلاد الإسلاميّة وغيرها.. ولو توقّف حفظ حياة المسلم الإثني عشري على تشريح بدن ميِّتٍ مسلم ولم يتمكّنوا من تشريح بدن الكافر ولا مشكوك الإسلام، ولم يكن هناك طريقٌ آخر لحفظه جاز ذلك شريطة عدم تحصيل جثة الميّت الكافر لتعلّم الطّبابة وتشخيص الأمراض.
     وبعبارة أخرى: يجب تحصيل جثّة الميّت الكافر ومَن في حكمه لتعلُّم الطّبابة وتشخيص الأمراض، فإذا لم يمكن في بلاد المسلمين، يجب السّعي إلى بلاد الكافرين لتعلُّم الطّبابة وما شابه ذلك.. والله أعلم.
     ويُستدلّ على ذلك بأمرين: أحدهما الأصل الأوّلي العقلي، وثانيهما بالأدلّة الخاصّة، أمّا الأصل العقلي الأولي فحاكم على وجوب أو جواز التّشريح في حال توقّف عليه حياة المسلم المهدّدة بالزّوال، فيجب إزالة كلّ ما يؤدّي إلى الزّوال فالتّشريح يكون مقدّمة لحفظ حياة المسلم المتّصفة بالوجوب، فيدور الأمر بين المهمّ والأهمّ، فالأهمّ هو حفظ حياة المسلم، والمهمّ هو التّشريح المتوقّفة عليه الحياة.
     وأمّا الأدلّة الخاصّة الدّالّة على جواز التّشريح بل وجوب التّشريح إذا توقّفت حياة المسلم عليه بما ورد في الأخبار الشّريفة منها:
     صحيحة علي بن يقطين قال: سألت العبد الصّالح(ع) عن المرأة تموت وولدها في بطنها؟ قال: يشق بطنها ويخرج ولدها./ الوسائل ج1 ج2 ص674 باب 16 من أبواب الإحتضار ص3.
وعن ابن أبي عمر عن بعض أصحابه عن الإمام الصّادق(ع) في المرأة تموت ويتحرّك الولد في بطنها أيُشقّ بطنها ويُخرج الولد؟ قال(ع): نعم ويُخاط بطنها. الوسائل ج2/ص673 ح2.
والأحاديث في هذا المضمار كثيرة فلتراجع نفس المصدر.
     وظاهر هذه الأخبار وجوب الشّق وإخراج الولد، والاستدلال بها على وجوب المحافظة على حياة الحيّ وهو الطّفل على شقّ بطن الميتة كما هو واضح في خبر محمّد بن مسلم أنَّ امرأةً سألته فقالت: لي بنتٌ عروس ضرَّ بها الطّلق، فما زالت تطلق حتّى فاتت (أي ماتت) والولد يتحرّك في بطنها ويروح ويجيئ فما أصنع؟ قال: قلت يا أمَة الله سُئِلَ محمَّد بن عليّ الباقر عن مثل ذلك فقال: يشقّ بطن الميّت ويستخرج الولد.
الوسائل ج2/ص674 ح8.
إشكالٌ وحلّ:
     مفادُ الإشكال هو أنْ يُقال بأنَّ أدلّة حرمة الميّت حاكمة على الأدلّة المجوّزة للتّصرُّف ببدن الميّت لأجل مصلحة المسلم باعتبار أنَّ حرمة الميّت كحرمته حيّاً فيتساوى حينئذٍ المِلاكان (ملاك التّصرُّف ببدن المسلم لأجل المسلم الحيّ، ومِلاك حرمة بدن الميّت المسلم) على فرض انحصار التّشريح ببدن المسلم الإثني عشري ولكنّه فرَضٌ يكاد يكون مستحيلاً في هذه الأزمنة...
ولكن يُجاب عن الإشكال: بأنَّ الأدلّة التي قدّمناها دالّة على أهميّة ملاك حرمة الحيّ المسلم من ملاك حرمة المسلم الميّت، وذلك لأنَّ المشبّه به أقوى من المشبّه في وجه الشّبه، فتكون هذه الادلّة الخاصّة حاكمة على أدلّة حرمة الميّت كحرمته حيّاً وليس العكس لوجوب تقديم من كان ملاكه أهم، وحيث إن ملاك الحيّ أهم فيجب ساعتئذٍ المحافظة عليه وتقديمه على الملاك الأضعف كما هو واضح في أصول الفقه.
  والله تعالى حسبنا ونعم الوكيل والسلام عليكم.
 

سؤال رقم (9): ما هو رأي الإسلام في الإختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات؟
بسمه سبحانه/ الجواب: لا يجوز على الأقوى عندنا الإختلاط بين الجنسين ـ الرجال والنساء ـ في المدارس والجامعات والمصانع والمعامل ودوائر العمل السّياسي والتّنظيمي والمدني وما شاكل ذلك من أصناف الإختلاط الملازم في أغلب الأحيان إلى النّظر المحرّم والميوعة وغير ذلك من مقدّمات حتميّة تؤدي إلى الحرام.. وقد مال غيرنا إلى الكراهة شريطة خلوّ الإختلاط من النّظر المحرّم والسّماع الحرام وما شابهه معتمدين على نصوص ظاهرة في النّهي وما ذهبوا إليه غير تامّ وذلك لأنَّ النّصوص النّاهية عن حضور الجمعة والجماعات ومدافعة الرجال في الأسواق غير ظاهرة في الكراهة بل هي واضحة في الحرمة، والظّاهر أنَّ حكمهم بالكراهة راجعٌ إلى الإجماع والوجدان والنّصوص على حدّ تعبير السّيد السبزواري في كتابه مهذب الأحكام ج24 ص55 م49 وما ادّعاه طبقاً لغيره من الأعلام غير واضح، فأمّا الوجدان فليس حكماً شرعيّاً يمكن الإستناد إليه لا سيّما وأنَّه ليس من المصادر التشريعيّة لكي نعتمده في استنباط الأحكام الشرعيّة، وأمّا الإجماع فلا حجيّة فيه باعتباره محصّلاً ومنقولاً وهما ليسا حجّةً شرعيّة، وأمّا النّصوص فهي غير ظاهرة في الكراهة بل هي واضحة في الحرمة، ومن هذه النّصوص رواية غياث بن إبراهيم عن الإمام الصّادق (ع) قال: "قال أمير المؤمنين(ع): يا أهل العراق نبئت أن نساءكم يدافعن الرجال في الطريق أما تستحون ؟.." وفي ذيل رواية البرقي في المحاسن عن غياث بن إبراهيم مثله وزاد قوله:" لعن الله من لا يغار". وفي رواية الكليني في حديث آخر أن أمير المؤمنين عليه السلام قال:( أما تستحيون ولا تغارون نساءكم يخرجن إلى الأسواق ويزاحمن العلوج). راجع الوسائل ج14 ص174 ح1 و2 باب 132 باب كراهة خروج النّساء واختلاطهنَّ بالرّجال.
  بل ظاهر النصوص المستفيضة حرمة الخروج لصلاة الجمعة والجماعة منها:
  ففي صحيحة محمد بن شريح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن خروج النساء في العيدين ؟ فقال عليه السلام:" لا إلا العجوز عليها منقلاها يعني الخفين".
 وفي موثقة يونس بن يعقوب قال: "سمعت أبا عبد الله (ع) عن خروج النّساء في العيدين والجمعة فقال (ع): لا إلّا امرأةٌ مُسنّة" نفس المصدر باب 136.
     وظاهر هذه الأخبار حرمة مخالطة الشابات لئلا تؤدي المخالطة إلى مفاسد الريبة والفتنة لكلا الطرفين وهو خلاف التحفظ على عفتها وصيانتها عن الوقوع في المهالك كما لا يخفى على البصير الفطن، ونحن لم نتفرد بما ذهبنا إليه، فقد ذهب إلى ذلك السّيّد الخوئي الّذي حرّم الإختلاط في صراط النّجاة ج2 ص370 ، وج3 ص216.
     نعم في حالة واحدة يجوز للمرأة الدراسة في الجامعات وهي في حال راعَت الموازين الشّرعيّة كعدم الإختلاط ومراعاة السّتر والحجاب وعدم النظر والإختلاط مع الرّجال... ولكنَّ هذا نادر الحصول وعَسِرُ المنال، والعاقبة للمتّقين.
 

سؤال رقم (10): هل منع الحمل حرام؟
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تستعمل ما يمنع الحمل مطلقاً أي ما يوجب العقم الدّائم، ويجوز لفترة وجيزة لمصلحة الزّوجة أو الزّوج أو لعدم قدرتهما على التّربية لسوء أخلاقهما على الأولاد وما شابه ذلك.
وهل يجوز للمرأة أن تستعمل شيئاً من موانع الحمل إذا لم يرضَ به الزّوج؟
فيه خلاف، الظاهر عدم الجواز، نعم يجوز لها استعمال موانع الحمل بدون رضاه إذا كان في حملها المستقبلي ضررٌ عليها، ويشترطُ في الضرر أن يكون ضرراً بالغاً معتداً به عند العقلاء وليس ضرراً بسيطاً يمكن تحمله فإنه غير مسوّغٍ لإستعمال موانع لمنع الحمل مع رغبة الزوج بالحمل، كما يشترط أن يكون تشخيص الضرر المعتد وغير المعتد بواسطة الأطباء الماهرين والثقات ولا يكفي مجرد الوهم أو التصور لدى الزوجة نفسها...والله تعالى هو العالم.
 

سؤال رقم 11: هل تُؤثَم المرأة إذا كان زوجها لا يصلي؟
الجواب: كلا لا تُؤثم المرأة بجريرة زوجها الذي لا يصلي، قال تعالى: {وَلَاْ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلّاْ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الأنعام/64.
   معنى الآية: إنَّ الله تعالى لا يعاقب إلا من كسب جريرة على نفسه، ولا يتحمل أحدٌ ذنْبَ غيره، وبعبارة أخرى: لا يُجازي الله تعالى أحداً بذنب غيره، قال تعالى(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )البقرة134
     وعدم ترتُّب إثمٍ على الزّوجة بسبب ترك زوجها للصلاة ـ حسبما أشرنا آنفاً ـ مشروطٌ بعدم تقصيرها في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بمعنى أنّه يجب عليها أن تأمره بالصلاة وتبيَّن له أنَّ ما يفعله حرامٌ شرعاً، وإذا تهاونت في هذا الأمر ورضيت به تكون مأثومة مثله وتستحقُّ العقاب عند الله تعالى، والله تعالى الموفِّق للصّواب والحقّ.

سؤال رقم 12: إذا أراد شابٌّ الزواج من فتاة مسلمة محجّبة ولكنّ والدته ترفض ذلك..فهل يُعتبر هذا الولد عاصياً إذا أصرَّ على الزّواج؟
بسمه تعالى / الجواب: إذا كان أصل الزّواج واجباً على الولد وكانت الفتاة مؤمنة ـ أي شيعيّة إثنا عشرية ـ فلا يكون الولد عاصياً فيما لو خالف والدته الرافضة لهذا الزّواج.. وأمّا لو كانت الفتاة مخالفة للشّاب المؤمن في اعتقاده الدّيني، وكانت الأمّ رافضة لهذا الزّواج فلا ريب هنا في أنَّ الولد يُعتبر عاصياً لأنَّ أصل الزواج من المرأة المخالفة ـ بحسب فتوانا الشرعيّة ـ غير جائزٍ شرعاً، لذا يكون الشاب الشيعيُّ عاصياً إذا تزوَّج من نساء المخالفين، فأصل زواجه حرام، وتتأكد الحرمة بعصيانه لأمّه الرافضة لهذا الزّواج باعتباره زواجاً من إمرأة مخالفة، والله الموفق للصواب والسّلام.

سؤال رقم 13: يسألني بعض الشباب في الجامعة عن دليل حرمة حلاقة اللحية، أرجو تفصيل المسألة.
بسمه تعالى/الجواب: يحرم حلق اللحية شرعاً، وحالق لحيته من دون إضطرار معتد به يلحقه بالفساق فتسقط عدالته ولا تجوز شهادته في الأمور الشرعية المتوقفة على العدالة، ومقدار اللحية يكاد يكون من الضروريات لدى المؤمنين وهو" مجموع العارضين مع الذقن التي هي أسفل الشفة السفلى" وما ادَّعاه أحد الأعلام الراحلين من أن اللحية هي "مقدار الذقن دون العارضين" لم يقم عليها دليل شرعي ولغوي بل هي خلاف الأدلة الشرعية وقد فندنا مقالته في بعض بحوثنا الإستدلالية فلتراجع عبر الموقع، ونحن مشغولون في هذه الأيام بالبحث التفصيلي حول حرمة حلق اللحية في بحوثنا الخارج سيقوم بطبعه بعض طلابنا في المستقبل بعون الله تعالى وإذنه، ونحن سابقاً قد فصّلنا الأدلّة على حرمة حلق اللحية في بحوثنا الفقهيّة المنشورة على موقعنا الإلكترونيّ، فيمكنكم مراجعتها... ولكننا ههنا نُجمل لكم الأدلّة على حرمة حلق اللحية، وهي ما يلي:
  (الدليل الاوّل): الأخبار التي فاقت حدَّ الاستفاضة وهي متّفقة على الأمر بإعفاء اللحية وحفّ الشوارب، فهي بمنطوقها تُفيد وجوب الإعفاء وهو يعني ترك الحلق، وأمّا الأمر بحف الشّوارب فيُستفاد منه الإستحباب المؤكّد لا وجوب حفّ الشّوارب وذلك بسبب وجود روايات أخرى تدلّ على القصّ لا الحفّ، فتكون هذه الرّوايات الآمرة بالقصّ قرينةٌ على صرف الأمر بوجوب الحفّ إلى القصّ جمعاً بين الروايات الآمرة بالحف والأخرى الآمرة بالقصّ، ويكون القصُّ برزخاً بين التطويل والحف، أي أمراً بين أمرين، فلا يحف الشعر من أصله ولا يدعه يطول بحيث يمكن تسريحه،فهو على مشربنا الفقهي ـ طبقاً لجمعنا بين الأخبار ـ لا يصدق عليه حف ولا يصدق عليه تطويل، ذلك لأن الحفًّ هو إزالة الشعر من العسيب (وهو منبت الشعر ) ولأن التطويل خلاف التقصير المأمور به في الأخبار.
 (الدّليل الثّاني): الأخبار الدّالّة على عدم جواز السّلوك مسلك أعداء الدّين، ومِنْ شعارهم حلق اللحية، ففي رواية الفقيه للصدوق عن مولانا الإمام الصّادق عليه السّلام قال: "أوحى الله إلى نبيٍّ من أنبيائه: قل للمؤمنين لا تلبسوا لباس أعدائي ولا تُطعموا مطاعم أعدائي ولا تسلكوا مسالك أعدائي، فتكونوا أعدائي كما هو أعدائي..."   
  ومن الواضح أنَّ المراد من سلوك مسلك الأعداء لا يتمّ إلّا باتّخاذ سيرتهم شعاراً وزِيّاً، ومن سيرتهم في أجسامهم حلق اللحية بل إنّهم يعتبرون المرسِلَ لحيته شخصاً متزمّتاً ومتحجّراً، فالاتّصاف بما يتّصفون به دلالة على سلوك مسلكهم والتزيّي بزيّهم وهو حرام.
(الدليل الثالث): السيرة القطعية بين المتدينين المتصلة بزمان النبيّ وآله الطاهرين عليهم السلام الكاشفة عن حرمة حلق اللحية، فإنهم ملتزمون بحفظ اللحية ـ بمقدارها الذي أشرنا إليه في أول الجواب ـ ويذمون حالقها بل يعاملونه معاملة الفساق في الأمور التي تعتبر فيها العدالة كالطلاق أمام شاهدين عدلين والشهادة على الحدود والتعزيرات ورؤية الهلال وما شابه ذلك، ويعتبرون حالقَ اللحية شخصاً فاسقاً فلا يقع الطلاق أمامه ولا تقبل شهادته بما يشترط فيه قبول الشهادة.
 (الدليل الرابع): دعوى كثير من أعلام المتقدمين والمتأخرين الإجماع على حرمة حلق اللحية وعدم وجود خلاف في المقام من الخاصة والعامة سوى من الشافعية، بل نجزم بضرسٍ قاطعٍ بأن حرمة حلق اللحية هي من الإجماعات القطعية التي لا يبعد كونه إجماعاً دخولياً لقيام الضرورة على حرمة حلق اللحية، والله تعالى حسبي ونعم الوكيل.
 

سؤال رقم 14: ما هي فلسفة تحريم لباس الحرير للرجال؟
بسمه تعالى/الجواب: يظهر من تعليل بعض الأخبار بأنَّ علّة التّحريم هي أنَّ لبس الحرير هو لباس زينة أهل الجنّة، ولا يجوز للرجل لبسه في الدّنيا إلا في موارد الضرورة من بردٍ أو مرض أو حرب ونحو ذلك من موارد الضرورة القصوى، ولبس الحرير خاصٌّ بالنساء لأنوثتهنَّ ولأنه زينتهنَّ في الدنيا، ولا يجوز للرجال أن يتشبّهوا بأنوثة النّساء ولا أن يتزينوا بزينة النساء تماماً كحرمة التزين بالذهب للرجال لأنه زينة خاصة بالنساء ولا يجوز للرجال أن يتزيون بزيّ النساء فيؤدي إلى التخنيث والميوعة.. وحرمتهما على الرجال تعتبر من ضرورة المذهب والدين والنصوص من الفريقين كثيرة على حرمتهما على الرجال، ففي خبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله مشيراً إلى الذهب والحرير:" هذان محرمان على ذكور أمتي"، وفي الخبر عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" الحديد حلية أهل النار، والذهب إنه حلية أهل الجنة، وجعل الله الذهب في الدنيا زينة النساء، فحرَّم على الرجال لبسه والصلاة فيه" وفي خبر عن مولانا الإمام أبي جعفر عليه السلام قال:" قال رسول الله: لا تلبس الحرير فيحرق الله جلدك يوم تلقاه".
     وبالجملة: يمكننا أن نستكشف فلسفة تحريم لباس الحرير على الرجال بما يلي:
  (1): التعبد بالنصوص الشرعية التي لا يمكن للبشر أن يستكشفوا غوامضها الحقيقية بعقولهم إلا من خلال كشف الشارع المقدس على أسرار علل أحكامه وتشريعاته، ويمكن للتجربة العلمية أن تستكشف شيئاً من الأسرار والعلل إلا أنها ليست كشفاً كاملاً .
 (2): إنّه خلاف التّقوى باعتبار أنَّ لبس الحرير من لباس النّعيم ولا نعيم مقيمٌ في الدّنيا..
 (3): إنَّ لبس الحرير من علامات التّأنيث، ولا يصحُّ للرجال أن يتشبّهوا بتأنيث النّساء.
 (4): لبس الحرير زينة أهل الجنّة، ولا يجوز للرجال أن يتزيّنوا في الدّنيا بزينة الحرير الخاصّة بأهل الجنّة.
 (5): تحريم لبسه على الرّجال إمتحانٌ وفتنةٌ ليهلك مَن هلَك عن بيّنة ويحيا مَن حيى على بيّنة.. .
 (6): إن لباس الحرير من مصاديق لباس الشهرة، لأن المراد من لباس الشهرة هو أن يلبس الرجل خلاف زيّه من حيث جنس اللباس أو لونه أو وضعه وتفصيله وخياطته كأن يلبس العالم لباس الجندي وبالعكس، وحيث إن الحرير خاص بالنساء فهو زينتهنَّ ولا يجوز التزين بزينتهنّ، فيكون ذلك من لباس الشهرة، لما جاء في خبرٍ عن مولانا الإمام الشهيد الحسين بن أمير المؤمنين عليّ عليهما السلام قال:" من لبس ثوباً يشهره كساه الله سبحانه يوم القيامة ثوباً من النار" وكذلك هو تزيي بزيهنَّ، والتزيي بزيهنَّ هو عبارة عن لبس الرجال ما يختص بالنساء وبالعكس فيكون حراماً للروايات المستفيضة الدالة على حرمة التشبه بزيّ النساء كما في خبر عن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله قال:" لعن الله المحلِّل والمحلَّل له، ومن تولّى غير مواليه ومن ادعى نسباً لا يعرف والمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال". وحيث إن الحرير من مختصات المرأة فيكون لبس الرجل له مورداً من موارد لباس الشهرة والتزيي بزيهنّ فيكون حراماً.
 والله تعالى هو حسبي ونعم الوكيل.
 

سؤال رقم 15: ما هي الحكمة في وجوب الغسل على مَن مسَّ ميتاً من الإنسان والمفروض أنَّ الإنسان هو أطهر الموجودات ومَن مسَّ الكلب وهو أنجس الموجودات لا يجب عليه الغسل بمسّه؟
ولماذا يسقط الغسل بمسّ الشّهيد والمرجوم؟ أرجو من سماحتكم شرح الجواب مفصّلاً..
بسمه تعالى /الجواب: مسألتكم فيها فرعان فقهيّان مهمّان:
 الفرع الأول: الحكمة في وجوب الغسل على مَن مسَّ ميتاً من الإنسان مع كونه أطهر الموجودات في حين أنَّ الكلب أنجس الموجودات ولا يجب الغسل بمسّه.
 الفرع الثاني: الحكمة في سقوط الغسل بمسّ الشهيد والمرجوم بقصاص أو حدّ.
 الجواب على الفرع الاوّل هو ما يلي:
     المجمع عليه بين أعلام الطّائفة أنَّ وجوب الغسل بمسّ الميت إنّما يكون بعد برده، ولو مسّه قبل برده فلا غسل عليه بالمسّ، فوجوب الغسل إنّما هو بعد البرد، ويشهد لهذا عدّة أخبار رواها الحرّ العاملي في كتابه الوسائل ج2/ص927 باب 1 من أبواب غسل الميّت فليراجع.. .
  والسؤال المحيّر هو: لماذا لم يجب غسل المسّ قبل البرد وإنّما وجبَ بعد البرد؟ والإجابة على السؤال من عدّة وجوه:
  (الوجه الاوّل): التعبّد بالنّصوص الشّرعيّة الدّالّة على وجوب غسل المسّ بعد البرد، وبما أنَّ النّصوص الشّرعيّة كثيرة جدّاً لا يجوز طرحها، فلا بدَّ أن نسلّم بمداليلها الدّالّة على وجوب الغسل بسبب مسّ الميّت بعد برده، وهي نصوص تكشف عن حكمة ما أو سببٍ علميٍّ لم نصل إلى معرفته ولكنّنا نسلّم لله ولرسوله وللحجج الطّاهرين(ع) لأنَّ نصوص الشّريعة يجب الإلتزام بها بما فيها من مصالح ومفاسد في متعلقاتها.. أي أنَّ نفس الإلتزام بهذه النّصوص الآمرة بوجوب الغسل بالمسّ لا بدّض أن يستبطن فائدة معينة تنتج عن الغسل وهذه الفائدة هي رفع الضرر الناتج عن المسّ، لأنَّ ثمّة ضرراً متوجّهاً إلى الماسّ بما يلتقطه من أجزاء تسبب الضّرر للإنسان اللامس للميت بعد برده، وإلّا فمن البعيد جدّاً أن تأمر الشّريعة بوجوب الغسل من دون أن يكون ثمّة ضرر بعدم الغسل، فالأمر بوجوب الغسل يستلزم وجود ضرر بترك الغسل.. .
     وهذا ما أثبته الطّب الحديث القائل بأنَّ الجراثيم تتسلَّط بسرعة على جسم الميّت إذا برد، فإذا لامسَهُ جسمٌ حارّ تعلَّقَت به، وهذا الرّأي الطبيّ نعتبره مؤيِّداً وليس دليلاً على ترتيب الآثار الشّرعيّة عليه كالغسل وإلّا لكان الواجب هو غسل اليد اللّامسة لا الغسل كاملاً.
  (الوجه الثاني): العلَّة في وجوب الغسل بمسّ الميت بعد برده هو خروج النطفة التي تولد منها الإنسان، ومن المعلوم شرعاً أن النطفة محكومة بالنجاسة فيجب التطهر منها بالغسل الكامل لحكمة لم نطلع عليه، وقد أشارت النصوص الشريفة إلى وجوب الغسل، فقد أورد الصدوق في الجزء الأول/باب 238 من كتابه علل الشرائع عدة أخبار تشير إلى ما ذكرنا وهي الآتي تحت عنوان:( العلة التي من أجلها يغسل الميت ، والعلة التي من أجلها يغتسل الذي يغسله وعلة الصلاة عليه ):
1 - أبى رحمه الله قال : حدثنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال : حدثنا حمدان بن سليمان ، وحدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن الحسن بن علي بن فضال عن هارون بن حمزة عن بعض أصحابنا عن علي بن الحسن عليهما السلام قال : إن المخلوق لا يموت حتى تخرج منه النطفة التي خلقه الله تعالى منها من فيه أو من غيره .
2 - أخبرني علي بن حاتم قال : أخبرنا القاسم بن محمد قال : حدثنا إبراهيم ابن مخلد قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن بشير عن محمد بن سنان عن أبي عبد الله القزويني قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن غسل الميت لأي علة يغسل ولأي علة يغتسل الغاسل ؟ قال : يغسل الميت لأنه جنب ولتلاقيه الملائكة وهو طاهر وكذلك الغاسل لتلاقيه المؤمنين .
3 - أخبرنا أبى رحمه الله قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس قال : حدثنا القاسم بن ربيع الصحاف عن محمد بن سنان ان أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام كتب إليه في جواب مسائله علة غسل الميت انه يغسل لان يطهر وينظف من ادناس أمراضه وما أصابه من صنوف علله لأنه يلقى الملائكة ويباشر أهل الآخرة فيستحب إذا ورد على الله عز وجل وأهل الطهارة ويماسونه ويماسهم أن يكون طاهرا نظيفا موجها به إلى الله عز وجل ليطلب وجهه وليشفع له ، وعلة أخرى انه يقال يخرج منه القذى الذي خلق منه فيكون غسله له ، وعلة أخرى اغتسال من غسله أو لامسه لظاهر ما أصابه من نضح الميت ، لان الميت إذا خرج الروح منه بقي أكثر آفته فلذلك يتطهر له ويطهر .
4 - وعنه قال : حدثنا محمد بن عمر بن أبي عمير قال : حدثنا محمد بن عمار البصري عن عباد بن صهيب عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام انه سئل ما بال الميت يغسل ؟ قال : للنطفة التي خلق منها يرمى بها .
5 - حدثني الحسين بن أحمد رحمه الله ، عن أبيه قال : حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الرحمن بن حماد قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الميت لم يغسل غسل الجنابة ؟ قال : إن الله تبارك وتعالى أعلا وأخلص من أن يبعث أشياء بيده ، ان لله تبارك وتعالى ملكين خلاقين فإذا أراد ان يخلق خلقا أمر أولئك الخلاقين فأخذوا من التربة التي قال الله عز وجل في كتابه ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ) فعجنوها بالنطفة المسكنة في الرحم فإذا عجنت النطفة بالتربة قالا : يا رب ما نخلق ؟ قال فيوحي الله تبارك وتعالى إليهما ما يريد من ذلك ذكرا أو أنثى مؤمنا أو كافرا أسود أو أبيض شقيقا أو سعيدا ، فإذا مات سالت منه تلك النطفة بعينها لا غيرها ، فمن ثم صار الميت يغسل غسل الجنابة .
  وقد تعرَّض المحدث الحر العاملي أعلى الله مقامه في كتابه الجليل(وسائل الشيعة) الجزء الثاني صفحة 929 أبواب غسل المسّ فليراجع، وكذلك في الباب الثالث من أبواب غسل الميت كغسل الجنابة صفحة 685 وهي الآتي:
1- محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال - في حديث - : إن رجلا سأل أبا جعفر ( عليه السلام ) عن الميت لم يغسل غسل الجنابة ؟ قال : إذا خرجت الروح من البدن خرجت النطفة التي خلق منها بعينها منه ، كائنا ما كان ، صغيرا أو كبيرا ، ذكرا أو أنثى ، فلذلك يغسل غسل الجنابة ، الحديث .
2- وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ،عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سئل ما بال الميت يمنى ؟ قال :النطفة التي خلق منها يرمي بها .
ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله.
3- وعن بعض أصحابنا ، عن علي بن الحسن التيمي ، عن هارون بن حمزة ، عن بعض أصحابنا ، عن علي بن الحسين ( عليه السلام )قال : قال إن المخلوق لا يموت حتى تخرج منه النطفة التي خلق منها من فيه أو من غيره.
4 - محمد بن علي بن الحسين قال : سئل الصادق ( عليه السلام )
لأي علة يغسل الميت ؟ قال : تخرج منه النطفة التي خلق منها تخرج من عينيه ، أو من فيه ، الحديث .
5- وفي ( العلل ) عن علي بن حاتم ، عن القاسم بن محمد ، عن إبراهيم بن مخلد ، عن إبراهيم بن محمد بن بشير ، وعن محمد بن سنان ، عن أبي عبد الله القزويني قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) عن غسل الميت لأي علة يغسل ؟ ولأي علة يغتسل الغاسل ؟ قال : يغسل الميت لأنه جنب ، ولتلاقيه الملائكة وهو طاهر ، وكذلك الغاسل ليلاقيه المؤمنين .
  فهذه الأخبار وإن كانت في مورد بيان العلّة التي من أجلها يجب تغسيل الميت إلا أنها دالة على أن خروج النطفة التي تولد منها الميت هي الداعية أيضاً لوجوب الغسل على الغاسل بسبب مماسته لبدن الميت، ولا يخفى على المؤمن الواعي بأمر الشرع المبين فضلاً عن العالم الفقيه في أن المني نجس يجب التطهير منه ولو بالقليل إلا أن الأخبار أوجبت التطهير منه بالغسل الكامل، ولعلَّه لأجل ما أوضحته رواية أبي عبد الله القزويني الأخيرة، ويؤكده ما جاء في بعض الأخبار بأن السبب هو الطهارة "مما أصابه من نضح الميت لأن الميت إذا خرج منه الروح بقي منه أكثر آفته" وهي سموم قاتلة أو مسببة للموت.
  (الوجه الثّالث): العلّة في وجوب غسل المسّ هو النّجاسة الحاصلة في الميّت، فالغسل بالمسّ يدور مدار النّجاسة الحاصلة بموت البدن بعد برده، من هنا ورد في الأخبار بسقوط الغسل عن النبيّ وآله الطيبين بعد برد أجسامهم، وذلك لطهارتها وقداستها.. والأخبار في ذلك كثيرة وقد علّلت الأخبار بأنَّ السبب في سقوط تغسيل المعصوم إنَّما هو لأنَّه طاهرٌ مُطهَّر، وكذلك سقوط الغسيل عمَّن مسّه بسبب تلك الطّهارة الحاصلة في المعصوم(ع)... ما يعني أنَّ وجوب الغسل على الماسّ إنَّما هو خاصٌّ بمن مسَّ غير المعصوم (ع) ولا يشمل مَن مسَّ المعصوم(ع) بعد موته وبعد برده، فالغسل ساقطٌ عمَّن مسّه من الأصل بسبب طهارته المادية والمعنوية... وما رُوي عن إمامنا أمير المؤمنين(ع) بأنَّه اغتسل بعد تغسيله لرسول الله وزوجته سيّدة النساء عليهما السّلام..فقد أجاب عليه السّلام بأنَّهما طاهران ولكنَّه اغتسل بعد تغسيلهما لإجراء السّنة وليكون غسله بعد تغسيلهما سُنَّةً لغيره من المؤمنين وقدوةً لهم في ذلك تماماً كغسلهم من الجنابة تشريعاً وليس لأجل دفع النجاسة لأن جنابتهم طاهرة بنصّ آية التطهير النافية لإذهاب مطلق الرجس عنهم وقد فصّلنا ذلك في بحثنا على طهارة النبيّ وأهل بيته الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين عن الرجس المادي والمعنوي بمقتضى آية التطهير في كتابنا الموسوم بـ(أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد/الجزء الأول) ..
     ولعلَّ الحكمة في وجوب الغسل على مَن مسَّ غير المعصوم(ع) هو أنَّ غير المعصوم ليس حيّاً كالمعصوم عليه السلام لأنَّ موت المعصوم عليه السلام كحياته لا يُفرِّقُ الموت بين حياته وموته، بل يبقى المعصوم(عليه السلام) حيّاً بعد موته بخلاف غير المعصوم فإنَّه ميّتٌ بعد حياته فتنطفئ إشعاعات روحه فيُصابُ بظلمة، بخلاف المعصوم فإنَّ روحه تتوقَّد بعد موته لانسلاخها عن المادّة، لذا لا يقدر غبر المعصوم أن يغسّل المعصوم وهو ينظر إليه من دون عصابة على عينيه حتى لا يصاب بالعمى..
     وليس من هذا القبيل ما ورد في حقّ الشهيد الذي يسقط في المعركة بين يدي المعصوم كما سوف نُشير إليه في الجواب على الفرع الثّاني،ومن الخطأ قياس الشهيد على المعصوم في بعض الأحكام كما سوف نشير إليه في الفرع الثاني.
الجواب على الفرع الثّاني:
     قبل الإجابة على السؤال عن سقوط الغسل عمّن مسّ الشهيد، لا بُدَّ لنا من التّفصيل اليسير حول هذا الموضوع وهو أن نقول: بأنَّ المسألة مورد خلاف من حيث سقوط الغسل عمّن مسّ الشهيد وعدمه، فقد حكي عن المحقق والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم أنَّهم ذهبوا إلى سقوط وجوب الغسل بمسّ الشّهيد، وثمّة فريق آخر ذهب إلى وجوب الغسل على من مسّ الشهيد، ومنهم العلامة الحلّي ومحكي كشف اللثام واختاره بعض المعاصرين وتردد فيه صاحب الذّخيرة والحدائق.. ونحن نميل إلى عدم سقوط الغسل عمّن مسّ الشهيد، ونحبُّ أن نذكر أيضاً على أننا نعتقد بأنَّ سقوط الغسل عمّن مسّ الشهيد إنّما هو الشهيد المقتول بين يدي المعصوم عليه السّلام، لذا لا أهميّة للمسألة في زماننا هذا، وبالتّالي فإنَّ من يسقط في معركة جهاديّة في زماننا هذا يجب تغسيله كما يجب الغسل على مَن مسّه.. .
     ولا بأس أن نذكر أدلّة الطرف الأوّل القائل بسقوط الغسل بمن مسَّ الشّهيد ثُمَّ نُورد عليها:
أدلّة القائلين بسقوط الغسل عمّن مسّ الشّهيد:
 لقد اعتمد بعض الفقهاء على مدّعاهم بسقوط الغسل عمَّن مسَّ شهيداً مؤمناً بالأمور الآتية:
     (الأمر الأوّل): أنَّ الأخبار الدّالّة على وجوب الغسل بمن مسّ إنساناً.. مختصّة بمَن مِن شأنه أن يُغسَّل، فلا يشمل الشّهيد.. والنّصوص المطلقة تحمل على المقيَّد.
توضيح الدّليل: إنَّ الأخبار المطلقة داالّة على وجوب تغسيل الميّت الّذي من شأنه التغسيل، وثمّة أخبار أخرى مقيِّدة للأخبار المطلقة، وهذه الاخبار المقيّدة هي التي أسقطت الغسل عمّن مسَّ شهيداً باعتباره ليس من شأنه أن يُغسَّل لكرامته عند الله ولتعظيمه بسقوط الغسل عنه وعمّن مسّه.. .
أورِد على الدليل المذكور: بأن قاعدة حمل المطلق على المقيّد غير واردة في موردنا المذكور باعتبار أنَّ المطلق والمقيّد ههنا مُثبَتين ـ ولا يصح حمل المطلق على المقيَّد في المثبتين ـ وليسا مُتنافَين حتّى تجري فيهما قاعدة حمل المطلق على المقيّد.. فالشّهيد كغيره من الموتى يجب الغسل على مَن مسَّه، نعم المعصوم عليه السّلام هو الوحيد الّذي تشمله قاعدة أنَّه ليس من شأنه أن يُغسَّل ولا أن يغتسل مَن مسَّه.. .
     (الأمر الثّاني): عموم ما دلَّ في بعض الأخبار)1( على أنَّ الشّهيد بحكم المغسَّل.
نورد على الدّليل المذكور بالآتي: بأنَّ المقام ليس في محلّه وذلك لعدم كون الدّليل المتقدّم في مقام تنزيل الشّهيد منزلة المغسَّل كي يصحَّ التّمسُّك بإطلاق التّنزيل.
    وليس معنى سقوط تغسيل الشهيد لأجل طهارة جسده كالمعصوم عليه السلام فلا يسقط الغسل عمن مسّه بل لعلَّ الوجه في عدم التغسيل هو التكريم والتّعظيم أو لأنَّ دمه غسله أو حتّى يُحشَر يوم القيامة بدمائه وثيابه.. ومن المعلوم أنَّه لو غُسِّل لما صحَّ أن يُبعث بدمائه وثيابه بسبب إزالتهما بالتّغسيل والتّكفين...
     (الأمر الثّالث): خلوّ الاخبار الحاكية للغزوات الصّادرة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أو الوصيّ عليه السّلام عن أمرِ مَن يُباشر دفن القتلى بغسل المسّ مع حصول المسّ غالباً.
نورد على الدّليل المذكور بما يلي: إنَّ خلوّ الأخبار الحاكية عن الأمر بالغسل ـ لو سلَّمنا وجود تلازم بين الدّفن مع حصول المسّ ـ لا يصلح أن يكون مقيّداً لإطلاق الأدلّة.
  ولو فرضنا جدلاً وجود تلازم بين الدفن وحصول المسّ فيسقط الغسل على من مسَّه إلا أنه كيف يمكن توجيه القول بعدم سقوط التطهير من الدماء الموجودة على ثياب الشهيد التي تلازم عادة مسَّ الدافن للشهيد، ولم يفتِ أحدٌ على الإطلاق بطهارة دم الشهيد كطهارة دم المعصوم عليه السلام ومع هذا كله يجب التطهير من دم الشهيد حتى بناءً على سقوط الغسل عمن مسَّه، مع أن الأخبار الحاكية للغزوات لم تأمر بوجوب التطهير من دم الشهيد حال دفنه ومماسة ثيابه المرملة(الملطخة) بدمائه إلا أن العمومات الأخرى دلت على وجوب التطهير من الدم ويستثنى من ذلك دم المعصومين عليهم السلام لكونه طاهراً نصاً وتحقيقاً.
     (الأمر الرّابع): إنَّ المُستفاد من النّصوص أو الغسل بمسّ الميّت إنّما يجب لوجود أثرٍ في الممسوس مِن الحدث أو الخَبَث وهو مفقودٌ في الشّهيد، فيسقط الغسل عمن مسّه.
أورد على الدليل المذكور: إنَّ عدم وجوب تغسيل الشّهيد أعمّ من عدم وجود أثر من آثار الموت الموجب لوجوب الغسل بمسّه، بل دلت الأخبار التي عرضنا قسماً منها بأن كلّ ميت يجنب عند خروج روحه ولا استثناء للشهيد، لأن الإستثناء لا بد أن يكون بدليلٍ كرواية معتبرة ولا يوجد رواية تدل على الإستثناء المذكور، فيبقى الإطلاق على حاله ولا يجوز سقوط الغسل عمن مسه لعدم وجود دليل كنا أشرنا آنفاً، والحكم بعدم الغسل بمس الشهيد مبنيٌّ على القياس والإستحسان.
والخلاصة:
     إنَّ ما استدلَّ به هؤلاء على سقوط الغسل على مَن مسّ شهيداً ضعيفٌ لا يصلح دليلاً على المدّعي، وفي حال الشّك في وجوب الغسل على مَن مسّ شهيداً فمُقتضى أصالة الإشتغال هي وجوب الغسل على مَن مسّه.. كلّ ذلك بناءً على القول بأنَّ الشّهيد في عصر الغيبة يسقط عنه الغسل، وأمّا بناءً على عدم سقوم تغسيله فلا بدَّ من وجوب الغسل على مَن مسّه بلا فرق في ذلك بينه وبين غيره من الأموات..
     فالصّحيح هو ما ذهب إليه العلامة الحلّي وحمْعٌ من معاصرينا في هذا الزّمان وأستاذنا الشهيد المظلوم الميرزا عليّ الغروي(قدس سره) وجماعة آخرون وهو عدم سقوط غسل الشّهيد وكذا عدم سقوط الغسل على مَن مسّه بل يجب تغسيل المقتول في سبيل الله ويجب الغسل على مَن مسّه وهو الأقوى عندنا، ونستدلّ على ذلك تبعاً لمَن سبَقَنا بما يلي من الوجوه التالية:
     (الوجه الأول): إنّنا نحمل روايات سقوط الغسل عن الشّهيد ومَن مسَّه ـ على فرض وجود روايات تسقط الغسل عمن مسَّ الشهيد ـ على عصر وجود المعصوم عليه السّلام أي أنَّ الشّهيد هو مَن قُتِل مع الإمام عليه السَّلام أو نائبه الخاصّ كالسّفراء الأربعة في الغيبة الصّغرى..وسقوط غسله وغسل من مسه من باب التعبد وليس لأجل طهارة الشهيد أو طهارة دمه كما توهم الفريق الآخر .
     (الوجه الثّاني): ما دلَّ من الأخبار المستفيضة، وقد روى قسطاً منها المحدّث العاملي في وسائله ج2 ص928 باب من أبواب غسل مسّ الميّت ح1و2و7، وكذلك التهذيب/باب الأغسال المفروضات.
     ففي الوسائل عن الحسن بن عبيد(والصحيح حسين بن عبيد)كما ورد في التهذيب ج1ص474ح1541 في خبر حسين بن عبيد قال: كتبتُ إلى الإمام الصّادق عليه السّلام: هل اغتسل أمير المؤمنين حين غسَّل رسول الله؟ فأجابه: النبيّ طاهر مطهَّر ولكن فعل أمير المؤمنين وجرَت به السُّنّة.." إنتهى.
  وجاء مثله في التهذيب ج1ح رقم 281: بأسناده عن الصفار ، عن محمّد بن عيسى ، عن القاسم الصيقل قال : كتبت إليه : جعلت فداك ، هل اغتسل أمير المؤمنين عليه السلام حين غسّل رسول الله صلى الله عليه وآله عند موته ؟ فأجابه : « النبي صلى الله عليه وآله طاهر مطهّر ، ولكن أمير المؤمنين عليه السلام فعل وجرت به السنّة ».
  ملاحظة مهمة: من هذا النص ونظائره نستفيد عدم سقوط الغسل على من مسَّ شهيداً لأنه ليس أفضل حالاً من رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسقط الحكم بوجوب الغسل عمن مسَّه مع أن النبيَّ الأعظم صلى الله عليه وآله طاهر مطهر ولكنَّ إمام المتقين وسيد الموحدين أمير المؤمنين عليَّاً صلوات الله عليه وآله اغتسل بعد فراغه من تغسيل النبيّ الأطهر لا لشيءٍ سوى لجريان السنَّة بوجوب الغسل عمن غسَّل ميتاً كالشهيد مثلاً.
     بل ثمّة أخبار مطلقة ـ لا تخصيص فيها لأحد إلا المعصوم عليه السلام لورود أخبار منفصلة تخرجه عن الحكم العام ـ ورد قسمٌ منها في الوسائل ج2 ص679 باب1 من أبواب غسل الميت تفيد أنَّ علّة غسل الميت هي أنّه ما مِن ميّت يموت إلّا خرجت منه الخباثة فلذلك وجب الغسل.. وراجع ص685 باب3 ح2 و3 و4 و5.
ملاحظة: لو سلَّمنا صحّة هذه الأخبار القائلة بسقوط الغسل عن الشّهيد مع وجود أخبار مطلقة دلَّت على أنَّ علّة تغسيل الميت هو خروج الجنابة والخباثة منه، فلا يعني سقوط تغسيله عدم خروج جنابة وخباثة منه، بل مع خروج تلك الجنابة والخباثة منه سقطَ عنه الغسل تعبُّداً بسبب ما دلَّت عليه بعض الأخبار من أنَّ دمه غسله حتّى يُحشَر بدمائه وثيابه بدلاً من أكفانه.. يُرجى التّأمُّل فإنَّه دقيقٌ جدّاً.
     هذا كلّه بالنّسبة إلى الشهيد ومَن مسّه، وأمّا المقتول بقصاصٍ أو حدّ، فحاله كحال الشّهيد يجب الغسل بمسّه بعد موته وإن تقدَّم غسله على موته وفاقاً لجماعة منهم معاصرون وآخرون متقدّمون... وما دلَّ من نصوص على أنَّه يُغسّل قبل القتل لا دلالة فيها على ترتّب جميع آثار الغسل بعد الموت عليه، وعليه فالأشبه هو وجوب الغسل على مَن مسّه.. .
والحمد لله ربّ العالمين والسّلام عليكم.

سؤال رقم 16: ما حكم الإسلام في ارتفاع صوت المرأة في السّوق والأماكن العامّة؟.
بسمه تعالى/الجواب:
     يجوز على كراهة شديدة أن يعلو صوت المرأة أمام الأجنبي عنها إذا لم يكن عن تلذّذ وريبة وإلّا فيحرم بالإجماع والنّصّ، فقد ورد النهيُّ في كتاب الله تعالى عن إسماع المرأة صوتها الّذي فيه تهييج للسّامع بتحسينه وترقيقه كما في قوله تعالى(ولا تَخْضَعْنَ بالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) الأحزاب32.
     والمراد من قوله تعالى (وَلا تَخْضَعْنَ بِالقَوْل) أي النّهي عن أن ترقّق المرأة بصوتها أمام الرّجل الأجنبي ولا تُلِنْ له الكلام كالممازحة والمفاكهة والضّحك وما شابه ذلك فإنَّهُ حرامٌ قطعاً...ثُمَّ إنَّ الله تعالى أمرَ المرأة بأن تقول القول المعروف بمقتضى قوله تعالى في نفس الآية المتقدمة (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) أي مستقيماً بريئاً من التّهمة بعيداً عن الرّيبة موافقاً للدّين والإسلام.. وقد دلَّت الأخبار على حرمة مفاكهة وممازحة المرأة للرجل الأجنبي، فقد جاء في عقاب الأعمال للصّدوق بسنده إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: "ومن صافح امرأة حراماً جاء يوم القيامة مغلولاً ثُمَّ يُؤمَر به إلى النّار، ومَن فاكه امرأة لا يملكها حبسه الله بكلّ كلمة كلّمها في الدّنيا ألف عام". الوسائل ج14 ص243 باب106 حكم سماع صوت الأجنبية وكراهة محادثة النّساء لغير حاجة.. .
     ولا يتوهّمن أحد بأنَّ الأخبار حرَّمت مفاكهة الرجل للمرأة فقط ولم تحرّم مفاكهة المرأة للرجل..فهذا توهم فاسد وتعليل كاسد، ذلك لأنَّ الغالب في المفاكهة هي من جانب الرّجل لجرأته بخلاف المرأة فإنه يغلب عليه الحياء في أكثر الأحيان فلا تبادر إلى الممازحة والمفاكهة إبتداءاً حتى يبدأ الرجل معها؛ بالإضافة إلى ذلك فإنَّ حرمة مفاكهة الرّجل للمرأة تغليظاً عليه لغلبته على حال المرأة، فإذا ما كانت الحرمة لأجل التّغليظ والغلبة، فبطريق أولى تثبت الحرمة الأضعف وهو المرأة لو بادرت إلى مفاكهة الرجل، فتحريم المفاكهة على الرجل لا يستلزم حلّيَّتها على المرأة، بل المناط في الحرمة واحد وهو الخضوع بالقول الّذي أشارت إليه الآية 32 من سورة الأحزاب (فَلا تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الّذي في قَلْبِه مَرَضٌ) فالآية حرَّمَت خضوع المرأة للرجل بالقول المريب، والخبر حرَّم خضوع الرجل للمرأة بالقول المريب وهو المفاكهة.. فيجب على المرأة التي تذهب إلى السوق للتّبضُّع اضطراراً الأمور التالية:
1ـ أن لا تخضع بالقول المريب.. فلا تمازح ولا تفاكه ولا تضحك مع الأجنبي ولا تتحدث معه بغير ضرورة.. .
2ـ يحرم عليها أن تخضع للرجل فعلاً ومسلكاً، فلا تلبس المعصفر والمزركش ولا الثّياب الضّيّقة أو التي لا يصدق عليها أنَّها عباءة شرعيّة كالعباءة المتداولة في العراق والخليج..مع وجوب تغطية الوجه والكفين.. .
3ـ أن لا ترفع صوتها في السّوق والأماكن العامّة التي يتواجد فيها الرّجال الأجانب عنها.. بل لا يجوز حتّى في بيتها لو أدّى رفع صوتها إلى إثارة الضّيف الأجنبي عند زوجها أو جيرانها.. فحتّى لو لم يُثير صوتها فإنَّ رفع الصوت من علامات سوء الأخلاق والتربية وقلّة التّقوى والورع، لأنَّ المرأة المؤمنة ذات الحياء والعفاف هي التي لا تسمع الجدران صوتها فضلاً عن الجيران أو الرّجال فإنَّ ذلك خلاف الحشمة والحياء والاستنان بسنّة سيّدة النّساء الصّديقة الكبرى مولاتنا فاطمة عليها السّلام..وأين نساؤنا منها في هذا الزمن الكنود..؟! .
4ـ أن لا تضع الكحل في عينيها فيما لو كشفت عن وجهها لضرورة ولا المساحيق ولا العطور بكافّة أنواعها ـ لا على جسمها ولا على ثيابها ـ ولا تلبس في يديها الذهب والفضّة وكافّة أنواع الزّينة..فقد ورد النهيّ عنه في اللآيات والأخبار لا سيما في خبر حولاء العطارة الذي ننصح النساء التدبر بمعانيه وقد رواه النوري الطبرسي في المستدرك/باب 61من أبواب مقدمات النكاح، ففيه الفوائد والغنائم.
 5ـ أن لا تمشي في وسط السّوق أو الطّريق بل يتعيَّن عليها المشي على حافّة الطريق وبحياء فلا يجوز لها أن تتمايل في مشيتها كما تتمايل عارضة الأزياء..ولا تنظر في الرّجال.. .
6ـ أن لا يكون حذاؤها عالياً يصدر ضجيجاً وقعقعةً كقعقعة الخلخال في رِجْلِ المرأة.. فإنَّ كلّ ذلك من مصاديق قوله تعالى(فَلا تخْضَعْنَ بِالقَوْلِ..).. .
هذه أهم الاحكام التي يجب على المرأة المسلمة مراعاتها والإلتزام بها، والحمد لله ربّ العالمين والسّلام عليكم.. .
 

سؤال رقم 17: هل يجوز للمرأة المتزوجة أو غير المتزوحة السفر لطلب العلم؟
الجواب:
بسمه تعالى 
     الأقوى عندنا حرمة السفر على المرأة بمفردها مطلقاً سواءٌ أكان لطلب العلم أم للطبابة أم للتجارة وما شابه ذلك إلا إذا كان معها محرَمٌ فلا إشكال حينئذٍ.. وسواءٌ أكانت المرأة متزوجة أم عزباء، فلا فرق في الحرمة في كل هذه الأحوال وذلك لأنَّ خروجها لوحدها يكون معرضاً أو مقدمة للتهمة والرّيبة.. بالإضافة إلى أنَّ سفرها لوحدها يؤدي إلى تعرّضها إلى الإعتداء والمخالطة مع الرّجال.
     إن قيل لنا: إنَّ مشهور المتأخرين أفتوا بكراهة اختلاط النساء بالرّجال إلا للعجائز ولحضور الجمعة والجماعات..! .
     قلنا: إنَّ إفتاء المشهور في ذلك لم يبتَنِ على دليلٍ متين، وذلك لأنَّهم حملوا الأخبار النّاهية عن الإختلاط على الكراهة، جمعاً بينها وبين بعض الأخبار الظاهرة بجواز اختلاط الرجال بالنّساء.. ولكنّه جمع غير سديد لأنَّ الأخبار المجوّزة محمولة على الإضطرار، وما كان محمولاً على الإضطرار لا يصلح لأن يكون دليلاً أوّليّاً حتى يمكن بواسطته الجمع بينه وبين الأخبار النّاهية، بالإضافة إلى ذلك فإنَّ الأخبار المجوّزة ضعيفة الدّلالة والسّند وهي محمولة على محامل كالضّرورة والحاجة أو الغلبة في تلك العصور حيث كان الرجال في أغلب أوقاتهم يقضونها في الجهاد أو السفر للتجارة وما شابه ذلك، وإجمالها كافٍ في إسقاطها وعدم صحّة الإحتجاج بها، فتبقى الأخبار النّاهية سالمة عن المعارض وهي مؤيِّدة بسيرة أئمّتنا الطّاهرين عليهم السّلام وأتباعهم وشيعتهم المخلصين حيث لم يرووا عنهم أنَّ نساءهم سافرن لوحدهن أو أنّهنَّ كنَّ يتحدّثن مع الرجال من غير ضرورة.. من هذه الأخبار ما رواه صاحب الوسائل ج14 ص174 باب 132 ح1 عن غياث بن إبراهيم عن الإمام الصّادق(ع) قال: "قال أمير المؤمنين(ع): يا أهل العراق نُبِّئتُ أنَّ نساءكم يُدافعن الرّجال في الطرق.. أما تستحون".
     ومرسل الكليني: أن أمير المؤمنين(ع) قال: " أما تستحون ولا تغارون على نساءكم يخرجن إلى الأسواق ويُزاحِمن..".
     وخبر محمد بن شريح: سألت أبا عبد الله(ع) عن خروج النساء في العيدين؟ فقال(ع): لا إلا العجوز عليها منقلاها، يعني الخفّين.
     وموثق يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله(ع) عن خروج النّساء في العيدين والجمعة؟ فقال: لا، إلا إمرأة مسنّة".
وهذه الأخبار ظاهرة في الحرمة، ولا يصلع معارضها لإسقاطها.
     وبالجملة: لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر لوحدها على الأقوى بل يجب إذا اضطرت إلى السفر أن يكون معها محرم.. والله العالم.
والسّلام عليكم.    
 

سؤال رقم 18: هل يجوز التداوي بالخمر؟
بسمه تعالى
الجواب:

الظاهر حرمة التداوي بالخمر حتى مع انحصار الدواء به وذلك للإجماع والنصوص الصحيحة المانعة من استعماله حتى في حالة التداوي به، بل عن الشيخ الطوسي في الخلاف الإجماع عليه لصحيح الحلبي عن مولانا الإمام الصادق (ع) : سألته عن دواء عُجِن بالخمر؟ فقال: لا والله لا أحبُّ أن أنظر إليه فكيف أتداوى به! فإنه بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير. وما ورد في حسنة ابن أُذينة قال: كتبت إلى الإمام الصادق عليه السلام أسأله عن رجلٍ يُنعت له الدواء من ريح البواسير فيشربه بقدر سكرجة من نبيذ صلب ليس يريد به اللذة، إنما يريد به الدواء، فقال عليه السلام: لا ولا جرعة، ثم قال: إن الله عز وجل لم يجعل في شيئ مما حرَّم دواءً ولا شفاءً. وفي صحيحة أبي بصير قال: دخلت أمُّ خالد العبدية على الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأنا عنده، فقالت: جعلت فداك إنه يعتريني قراقر في بطني (فسألته عن أعلال النساء) وقد وصف لي أطباء العراق النبيذ بالسويق، وقد وقفت وعرفت كراهتك له، فأحببت أن أسألك عن ذلك؟ فقال عليه السلام: وما يمنعك عن شربه؟! قالت: قد قلّدتك ديني فألقى الله عز وجل حين ألقاه فأخبره أن جعفر بن محمد عليهما السلام أمرني ونهاني! فقال عليه السلام: يا أبا محمد ألا تسمع إلى هذه المرأة وهذه المسائل! لا والله لا آذن لك في قطرة منه ولا تذوقي منه قطرة، فإنما تندمين إذا بلغت نفسك ههنا _وأومأ بيده الشريفة إلى حنجرته_ يقولها ثلاثاً: أفهمتِ؟ قالت: نعم.ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يبل الميل ينجّس حبّاً مِنْ ماء _يقولها ثلاثاً_إنتهى.
وفي صحيحة معاوية بن عمار قال: سأل رجلٌ أبا عبد الله عليه السلام عن دواء عُجن بالخمر نكتحل منها؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما جعل الله عز وجل فيما حرَّم شفاءً. الكافي ج6 ص414 ح6.
وعن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال: لا يتداوى بالخمر ولا بالمسكر ولا تمتشط النساء به، فقد أخبرني أبي عن جدي عليه السلام أن عليّاً أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله عز وجل لم يجعل في رجسٍ حرّمه الله شفاءً. المستدرك باب 15 من أبواب الأشربة المحرمة. وقد عقد صاحب الكافي ثقة الإسلام الكليني رحمه الله باباً خاصاً في حرمة التداوي بالخمر، وهذه الأخبار متواترة ولم تخصصها الظروف والطوارئ فلا استثناء فيها مطلقاً وذلك لوخامة وشناعة الخمر، وما أفاده صاحب الجواهر في الجزء 36 ص447 من إفتائه بجواز التداوي بالخمر عند الضرورة غير سديد واشتباه محض معتمداً على مرسلتين لا تفيان بالمراد في مقابل الصحاح من الأخبار التي فاقت التواتر...فالمرسل لا يعارض الخبر الصحيح فضلاً عن المتواتر وبالتالي لا يمكن ترجيح المرسل على الصحيح في حال التعارض على فرض وجود تعارض في البين...ودعوى جواز التداوي بالخمر قياساً على جواز أكل الميتة عند الإضطرار دونها خرط القتاد ولا تصلح دليلاً للجواز باعتبار أن الإضطرار إلى أكل الميتة إنما هو دفع هلكة الموت، وقد أباح الله تعالى الأكل من الميتة لدفع الهلكة بفوله تعالى في سورة المائدة "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به....فمن اضطر في مخمصةٍ غير متجانفٍ لإثم فإن الله غفور رحيم" المائدة 3
فقد  نصت على الميتة والدم ولحم الخنزير ولم تنص على الخمر عند الإضطرار، كل ما هناك أن الآية التي دلت على نجاسة الخمر لم تدل على جواز شربه عند الإضطرار بقوله تعالى "إنما الخمر والميسر....رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه" المائدة 90.
خلاصة الكلام: أنه لا توجد آية في الكتاب المجيد تجيز شرب الخمر عند الإضطرار كما أن الأخبار منعت عن ذلك، ومعارضة بعض المراسيل لها غير كافية في الحكم بجواز شرب الخمر للتداوي...والله العالم وهو الموفق للصواب.

سؤال رقم 19: هل الرَّسم حرام؟
الجواب:
بسمه تعالى..
يحرم رسم كلّ ذي روح كالإنسان والحيوان والملائكة، ويجوز رسم النّبات والجبال وكلّ ما يصدق عليه أنَّه ذو روح والله العالم.


سؤال رقم 20: هل الزّواج قسمة ونصيب؟
الجواب:
بسمه تعالى..

كلّ شيئ في هذا الكون مقدَّرٌ ومرسوم بتدبيرٍ إلهيّ، فليس ثمَّة شيئ اسمه صُدفة التي تعني (النصيب) كما أنَّ الجبْرَ على الزّواج من رجُلٍ أو امرأة باطلٌ جُملةً وتفصيلاً، فلا الزّواج بالجبْر مقبولاً شرعاً ولا أنَّه على سبيل الصّدفة مقبول أيضاً، بل هو مُقدَّرٌ بعلمه تعالى بمعنى أنَّ الله تعالى يعلم قبل زواج الرّجل بالمرأة بأنَّهما سيتَّفقان أم سيختلفان، فالتّقدير شيئ والجبر والإلزام شيئٌ آخر وهو مرفوضٌ عقلاً وشرعاً كما أشرنا إليكم والله الموفق للصّواب، والسلام عليكم.. .

سؤال رقم 21: هل ضرب الزوجة جائز؟
الجواب:
     يجوز ضرب الزوجة في حال نشزَت عن طاعة الرّجل بعد أن يعظها ويرشدها فإن امتنعت يهجرها في الفراش، فإن لم ينفع فهو بالخيار: إمّا أن يضربها ضرباً غير مبرح أو أن يصبر على أذاها أو يطلقها..وهذا ما أشار إليه الكتاب المجيد بقوله تعالى: واللّاتِيْ تَخَافُوْنَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوْهُنَّ وَاهْجُرُوْهُنَّ فِي المَضَاْجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيْلاً النساء/24، وقال تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوْفٍ أَوْ سَرِّحُوْهُنَّ بِمَعْرُوْف البقرة/231.
ـ والمراد بالنّشوز هو عدم إفساح المرأة المجال للزَّوج من أن يأخذ حقّه الخاص بالفراش وعدم إزالة المنفر عنها.. وقد فصَّلنا ذلك في رسالتنا العمليّة ج2 ص326 م8 كما فصّلنا معنى نشوز الزّوج في ص327 مسألة9، فلتراجع.

سؤال رقم22:هل صلاة المرأة السّافرة مقبولة؟
الجواب:
     صلاتها صحيحة شريطة الإتيان بكامل أجزائها وشرائطها، ولا ملازمة بين قبول الصّلاة ظاهراً والسّافرة خارج الصّلاة، بمعنى أنَّ المرأة إذا صلَّت وهي محجّبة حجاباً كاملاً بحسب الشّرط المطلوب في الصّلاة فصلاتها حينئذٍ صحيحة ومقبولة بمقدار ما تتوجه بصلاتها إلى ربّها، فالقبول الظّاهري يختلف عن القبول الواقعي، فلربّما المؤمن يسقط الشّرط الظّاهري إلا أنَّه لا يُسقط الشرط الواقعي، فإنَّ للمؤمن من صلاته بمقدار ما أقبل بها إلى ربّه.. والسّلام عليكم.

 


سؤال رقم 23: هل يجوز إطالة أظافر المرأة وصبغها؟
الجواب:
بسمه تعالى..

ورد في الأخبار الشّريفة الذّم الكثير في إطالة الأظافر للرجل والمرأة على حدٍّ سواء، وقد عرض المحدّث الحرّ العاملي في كتابه القيّم وسائل الشّيعة ج1 ص432 باباً خاصاً في استحباب تقليم الأظافر وكراهة تركها منها:
1ـ خبر الحسن بن راشد عن الإمام الصادق عليه السّلام قال: "قال رسول الله: تقليم الأظافر يمنع الدّاء الأعظم ويزيد الرّزق".
2ـ خبر أبي حمزة عن الإمام أبي جعفر عليه السّلام قال: "إنّما قُصَّت الأظافر لأنّها مقيل الشّيطان ومنه يكون النّسيان",
3ـ خبر حذيفة ابن منصور عن الإمام أبي عبد الله الصّادق عليه السّلام قال: "إنَّ أسترَ وأخفى ما يسلِّط الشيطان من ابن آدم أن صار يسكن تحت الأظافير".
4ـ وفي حديث الأربعمائة عن أمير المؤمنين عليّ(ع) قال: "وتقليم الأظافر يمنع الدّاء الأعظم ويدرّ الرّزق".
     والمحصّلة: إنَّ شريعتنا الغرّاء أمرَت على نحو الإستحباب المؤكّد بقصّ الأظافر للرّجال والنّساء، وفي بعض الأخبار أنَّ قصّ الأظافر من الحنيفيّة الإبراهيميّة وهي من الفطرة.. وظاهر بعض الأخبار وجوب القصّ وهو غير بعيد عندنا لا سيَّما إذا وصل إلى حدّ التّقزُّز من تطويل الأظافر لدى الرّجال والنّساء، والقول باستحباب القصّ يستلزم جواز التّرك، وبالتّالي يجوز تركها للرّجال والنّساء.. وهذا الكلام مردودٌ على صاحبه وذلك لحاكميّة العناوين الثّانويّة على العناوين الأوليّة الدّالّة على كراهة عدم قصّها، ومن العناوين الثّانويّة: التّقزُّز والنّفور ممَّن يُطيل أظافره، بالإضافة إلى ذلك فإنَّ اختباء الشّيطان تحت الأظافر لا يتلائم مع طبيعة المؤمن المبغض للشّيطان، ولكلٍّ الآثار المترتّبة عليه والتي منها اختباؤه تحت الأظافر لا سيّما عند الإستبراء والإستنجاء من البول والغائط فلا ريب أنَّ الشيطان ـ الذي لا يفارق الغائط والبول وكلَّ خبَث ـ سوف يجد المأوى الحصين لاختبائه تحت الأظافر ثُمَّ يخرج منها إلى الأطعمة والأشربة وماء الوضوء، فتتحوَّل حياة المؤمن إلى جحيمٍ شيطاني يُفسِد أطعمته ومشروباته وأعماله العباديّة فيستلزم الإستهانة بالدّين ومعالمه وبالتّالي يؤدّي إلى التّكذيب بأوامر الشريعة ومعالمها الرّئيسيّة والعياذ بالله تعالى... .
      فالتهاون في المكروه يجرُّ إلى الحرام وهو ما نهت عنه أخبارنا الشّريفة التي منها قولهم الشّريف: (مَن حامَ حول الحمى أوشك أن يقع فيها).
     والحكم باستحباب قصّ أظافر المرأة ليس لأجل أن التطويل زينة يحرم إبداؤها لغير الزوج فحسب بل لوجود مفاسد في تطويلها وهو ما أشارت إليه الأخبار المتقدمة من أنها موطن الشيطان وأن قصّها يطرد الداء ويدر الرزق..ولو خالفت المرأة المستحب وارتكبت مكروهاً بعدم القصّ فيجب عليها ـ والحال هذه ـ أن لا تظهر أظافرها الطويلة للأجانب، وأمّا في حال أظهرت أظافرها للأجانب فلا ريب عندنا أنَّه من الحرام باعتباره زينة محرَّمة لغير الزّوج وينطبق عليه قوله تعالى: وَلَاْ يُبْدِيْنَ زِيْنَتَهُنَّ إِلّا لِبُعُوْلَتِهنَّ أَو آبَاْئِهِنَّ أو آباءِ بُعُوْلَتِهِنَّ النور/30.
     وقوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِيْنَ مِنْ زِيْنَتِهِنَّ..} النور/31. فإطالة المرأة لأظافرها بنيّة الزينة ـ وهو الأغلب عند النّساء حيث يطلن أظافرهنَّ لأجل إظهار زينتهنَّ أمام الرّجال وأترابهنَّ من النّساء ـ فلا ريب أنَّها من مصاديق الضاربة برجلها ليُعلم ما تُخفيه من الزّينة لغير الزوج، ولو فعلت المكروه وأطالت أظافرها لأجل زوجها ـ كما يدَّعي بعضهنّ ـ فلا يجوز لها كشف يديها ساعتئذٍ حتّى على مبنى مَن يُجيز كشف اليدين لانَّ التكشيف ملازم لإبراز الزّينة عُرفاً، فيحرم بعنوانه الأولى باعتباره زينة بغضّ النظر عن كراهة التطويل... .
     وأمّا سؤالكم حول: صبغ الأظافر.. فجوابه:
     يحرم على المرأة المؤمنة أن تصبغ أظافرها في غير أيّام الحيض والنِّفاس شريطة عم إظهار الصّبغ لغير الزّوج باعتباره زينة للأصابع أظهرتها المرأة لغير زوجها، ويحرم للمرأة أن تتزيَّن لغير زوجها...      وفي غير أيّام الحيض والنّفاس لا يجوز لها الصّبغ وذلك لأنَّ الصّبغ يمنع وصول الماء إلى الأظافر، فيُبطل ذلك وضوءها وغُسْلها وبالتّالي تبطل صلاتها وصومها وعامّة عباداتها من حرمة الدّخول إلى المسجد ولمْس آيات الكتاب المجيد وأسماء الحجج والأنبياء والأولياء المعصومين(ع).. والله تعالى الموفق للصّواب وحسبنا الله ونعم الوكيل.. .

 

 

سؤال رقم 24: هل يجوز للمرأة أن تبرز شعرها في ليلة الزّفاف؟
الجواب:
بسمه تعالى..

يجوز للمرأة أن تبرز شعرها في ليلة زفافها أمام النساء فقط ولا يجوز شرعاً أمام أي أحد من الرّجال الأجانب إلا المحارم كأبيها وأخيها وعمّها وخالها ووالد زوجها وأخواتها من الرّضاعة... وما عدا ذلك فهو حرام. والله الموفق للصواب وحسبنا الله ونعم الوكيل.
 

سؤال رقم 25: التعامل مع البنوك والفوائد التي تُؤخَذ من البنوك هل هي حلال أم حرام؟
الجواب:
بسمه تعالى..

     الأقوى عندنا جواز أخذ الفوائد البنكيّة من الكفّار بعامّة أصنافهم حتّى بنوك المخالفين، فلو استودع المؤمن مالاً في أيّ بنك من البنوك التي ذكرنا لا سيّما بنوك المخالفين واكتسب عليها فوائد نسبيّة فهي حلال له شريطة تخميسها قبل حلول الحول عليها لقول مولانا الإمام الصّادق عليه السّلام في صحيحة حفص بن البختري قال عليه السّلام: "خُذ مال النّاصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس".
     وفي صحيحة الحلبي عن مولانا الإمام الصّادق عليه السلام: سأله عن الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم ويكون معهم فيًصيب غنيمة؟ قال عليه السّلام: "يُؤدّي خمساً ويطيبُ له".
     ولما ورد في الأخبار الصّحيحة بأنَّه لا ربا بين المسلم والكافر ولا بين الولد ووالده ولا بين الزّوج وزوجته. وقد فصّلنا ذلك في وسيلة المتقين ج2 ص59 مسألة 14 و15.. .
     وعن مولانا الإمام الصّادق (ع) قال: "قال رسول الله: ليس بيننا وبين أهل حربنا رباً نأخذ منهم ألف ألف (أي مليون) درهم بدرهم، ونأخذ منهم ولا نعطيهم".
     ولا يجوز للمؤمن أن يُعطي الرّبا للكافر وللمسلم معاً، أي يحرم على المؤمن أن يُعطي الرّبا للآخرين ويجوز له أن يأخذ الرّبا من الكفار، وهو معنى قوله في الرّواية الأخيرة (ونأخذ منهم ولا نعطيهم) ولقاعدةٍ ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم..والسّلام عليكم.. . 
 

حررها العبد الحقير
محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 26رمضان الأغر
1434هجري.


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=813
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 08 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29