• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : علم الرجال .
              • القسم الفرعي : مواضيع رجاليّة .
                    • الموضوع : البحث في وثاقة الشيخ الصدوق .

البحث في وثاقة الشيخ الصدوق

الإسم:  *****
النص: بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال لسماحة الفقيه المرجع محمد جميل حمود العاملي حفظه الله تعالى ..
السؤال:حول عدالة الشيخ الصدوق الذي قال بسهو او اسهاء المعصوم ما هو حكمه وما هي حكم كتبه ؟

لان البعض يحاول الاصطياد في الماء العكر ..وانا لا اعلم الجواب .

هل عدالة الشيخ الصدوق ووثاقته باقية انما نبتعد وننكر زلته ..ام ان عدالته بالكامل سقطت ؟

جزاك الله خيرا
(مقلدكم)

 

الموضوع الرجالي: البحث في وثاقة الشيخ الصدوق.
بسمه تعالى

     العدالة شيء والوثاقة شيء آخر يتعدى مسألة العدالة إذ قد يكون المؤمن عادلاً ومن لوازم العدالة الوثاقة لأن الكذب والإفتراء والقول بغير الحق يسقط المؤمن عن العدالة، وقد لا يكون المؤمن عادلاً إلا أنه لا يكذب، وحيث إن المشهور عن الشيخ الصدوق إعتقاده بسهو المعصوم عليه السلام وأفتى بغلو كلّ من نفى السهو عن المعصوم عليه السلام، والإفتاء بغلو النافي للسهو يعني أنه بنظر الصدوق يكون عاصياً بل كافراً أيضاً لأن الكفر مترتب على الغلو، ومن يكفرنا وجميع أعلام الطائفة كيف نعتبره عادلاً..؟! نعم لا نخرجه عن الوثاقة من حيث اعتماد الطائفة على كتبه التي هي أحد الكتب الأربعة المعتبرة لدى الشيعة الإمامية، ومثله كمثل بقية الرواة الثقات حتى لو كانوا عصاة أو فسقة أو كفرة  كما لا يخفى على المطلع على أحوال الرواة الواقفية وغيرهم من فرق المخالفين الذين رووا عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام وكانت رواياتهم مقبولة.
  ولكن الأحوط عدم الحكم على الصدوق بالفسق في مسألة إثبات السهو للمعصوم إذ لعلَّها من المفتريات عليه ولا استحالة في الإفتراء عليه مع وضوح الإفتراء على رسول الله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام حيث قد افترى عليهم من لا إيمان له فكيف الحال بالشيخ الصدوق فلعل بعض الدساسين افتروا عليه في مسألة إثبات السهو للمعصوم عليه السلام في  باب السهو من كتابه(من لا يحضره الفقيه) ومقتضى الورع تجنب الخوض في الحكم عليه بالفسق ..نعم نحن مجازون بنعته بالتقصير في حق النبي وأهل بيته عليهم السلام على فرض صحة النسبة إليه بإثباته السهو، فحق التقوى أن نقول هكذا: (إن صحت النسبة إلى الشيخ الصدوق بإثباته السهو للمعصوم فإنه مقصر بحق النبي وأهل بيته الطيبين عليهم السلام).
  والواقع أن النسبة المذكورة عن الصدوق أضرت كثيراً بالشيعة وجعل المخالفون منها مادة دسمة للحكم علينا بالضلال والكفر مع أنهم يعتقدون بسهو النبي صلى الله عليه وآله إلا أنهم يتمسكون بكل شبهة صدرت من فقيه شيعي لأجل تشكيك عوامنا بدينهم وعدم الإعتماد على فقهائهم مطلقاً بسبب زلات بعضهم وبالتالي يخرج الشيعي من عقيدته بسبب تشكيكات علماء من الطائفة من جهة وبسبب تشكيكات علماء المخالفين من جهة أخرى.
  إن زلات بعض المتقدمين بالإضافة إلى زلات المتأخرين أدت إلى تضعيف الحركة العقائدية والفقهية عندنا نحن الإمامية ونحن اليوم نغالب ونصارع الشيعة المنتحلين للعلم قبل المخالفين بسبب عقائدهم الفاسدة وفقههم المنحرف تحت غطاء أن الشيخ الصدوق اعتقد بكذا وقال كذا..والمفيد اعتقد بكذا وقال كذا... والمرتضى اعتقد بكذا وقال كذا..وهلم دواليك ...وهؤلاء العلماء ليسوا بمعصومين ومداركهم العقلية والإعتقادية ضعيفة فصادف الحال أنهم كانوا في عصور شح فيها العلماء المحققون فبرز هؤلاء في الوسط الشيعي مع ما يعانون من ضعفٍ وركاكة في الكثير من مطالبهم العقدية والفقهية فكل ما قالوه من شبهات صار موضع تقديس في الوسط الشيعي العلمائي المنبهر بالصيت والشهرة لأولئك العلماء الذين برزوا في حقبة زمنية معينة، ونحن بعون الله تعالى قد أزحنا الغبار عما علق بالتراث الشيعي القيّم من خلال ما وهبنا الله تعالى من المدارك التي ـــ وهي بفضله ومنّه ولطفه ـــ سخرناها للكشف عن الأخبار الشريفة والنكات اللطيفة الموجودة فيها ثم رددنا كل ما يخالف تلكم الكنوز الرائعة التي غفل عنها من سبقنا...والله بالله تاللهِ إن أخبارنا الشريفة مليئة بالمعارف الربانية ولكنها بحاجة إلى من يستخرجها من مكنونها الذي ستره عن الشيعة شياطين الإنس والجن، ونحن نرجوه سبحانه أن يوفقنا لتنقيح ما علق بتراثنا الشيعي مما لا يتناسب مع عظمة أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام وعظمة عقيدتهم وأحكامهم ومعارفهم، ولو وجدنا أعواناً على الجد والكد في سبيل ما نصبو إليه من بيان تلك الجواهر المخفية لكنا حققنا الكثير من البحوث الفقهية والعقدية التي لا زلنا نفكر في النهوض بأعبائها وإزالة اللبس المتعلق بها، وما وفقنا الله تبارك اسمه في بعض البحوث الفقهية والعقدية التي لم يسبقنا إليها أحد ــ من حيث التحقيق والكشف عن الحقائق العلمية ـــ لدلالة كبرى على مدى الغنى الموجود في أخبارنا الشريفة المستورة عن عيون الأغيار..وصدق ما قاله أمير المؤمنين وإمام المتقين وسيّد الموحدين وقائد الغر الميامين روحي فداه، بأن(العلم نقطة كثرها الجاهلون)ن واكتفي بهذا وأختمها بقول ذاك الإمام الأعظم أمير المؤمنين بأبي هو وأمي ونفسي لتلميذه كميل لما طلب منه الكشف عن الحقيقة وبيّن له شيئاً منها فأراد كميل المزيد فقال له روحي فداه:( يا كميل اطفئ السراج فقد طلع الصبح..) فأقول لجنابكم الكريم تبعاً لقول مولاي المعظم أبي الحسن علي صلى الله عليه وآله:" أطفئ السراج فقد طلع الصبح" والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
 

العبد الفقير كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد
محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ
26ذي الحجة 1434هــ.


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=850
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28