• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : يستحب المجاهرة بلعن الظالمين لمولاتنا المعظَّمة الصدّيقة الكبرى سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ارواحنا فداها والبرائة من أعدائها لعنهم الله تعالى بعدد حبات الرمال وقطرات السماء وأنفاس الخلائق أجمعين من دون شروط...وحكم سبّ الظالمين .

يستحب المجاهرة بلعن الظالمين لمولاتنا المعظَّمة الصدّيقة الكبرى سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ارواحنا فداها والبرائة من أعدائها لعنهم الله تعالى بعدد حبات الرمال وقطرات السماء وأنفاس الخلائق أجمعين من دون شروط...وحكم سبّ الظالمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعظم الله أجوركم سماحة الشيخ... وأحسن الله لكم العزاء...
نريد منكم أن نستفيد رأيكم الشريف حول خروج الثائر الدراجي بالأعظمية بالشارع باللعن والبرائة من قاتلي سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها....
حينما سألني بعض المتصلين على الموضوع فأجبت بأنه لو الشباب استشاروني لقلت لهم لا تفعلوا ذلك لأنه هناك طرق أخرى لخدمة أهل البيت عليهم السلام أكثر فائدة وحقيقة أني لا أرى فائدة كبيرة في اللعن وإظهار البراءة من غاصبي حق أمير المؤمنين عليه السلام علناً وفي شارع المخالفين إلا وأن يكون مع الإستدلال على كفرهم وضلالتهم..نريد منكم أن نستفيد ما أنتم عليه من الرأي في هذه المسألة، وما زلنا نشتاق لكم بأن تزوروا .... لمدة أيام أو أسابيع أو أشهر..شكراً لكم ونسألكم الدعاء ...خادمكم حسن...إنتهت الرسالة.

 

الموضوع الفقهي: يستحب المجاهرة بلعن الظالمين لمولاتنا المعظَّمة الصدّيقة الكبرى سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ارواحنا فداها والبرائة من أعدائها لعنهم الله تعالى بعدد حبات الرمال وقطرات السماء وأنفاس الخلائق أجمعين من دون شروط...وحكم سبّ الظالمين.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

 

     الحمد لله كما هو أهله والصلاة والسلام على سادة خلقه والدعاة إلى طاعته رسول الله محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة الأبدية السرمدية على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم وظلاماتهم ومعارفهم ومعاجزهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين...وبعد.
     إلى جناب سماحة الشيخ ***** دامت بركاته
السلام عليكم ورحمته وبركاته
   نسأل الله تعالى لكم الثبات على الولاية والبرائة من أعداء آل الله صلوات الله عليهم وأن يمنَّ علينا وعليكم بالخاتمة الحسنة وأن لا يخرجنا من الدنيا قبل الوصال بدار الإمام بقية الله الأعظم وليّ الأمر صاحب الزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء للثم نعليه المباركتين وخدمة تلك النعال التي طهُرت وطهُرَت الأرضُ التي وطأتها...!.
  جواباً على سؤالكم الكريم المتقدم حول استكشاف نظرنا الفقهي المتعلق بلعن الجبت والطاغوت اللذين ظلما مولاتنا المعظمة سيِّدة نساء العالمين الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) جهرة وفي الشوارع وفي الإعلام والأماكن العامة حتى مع عدم الأمن من الضرر الشخصي...نقول وبالله تبارك شأنه نستعين:
    الظاهر عندنا جواز الجهر بلعن أبي بكر وعمر وكلّ من ظلم محمداً وآلَ محمدٍ وظلم شيعتهم ومواليهم والبراءة ممن ظلمهم حتى مع عدم الأمن من الضرر لمن لا تأخذه في الله لومة لائمٍ ولا يسيطر على قلبه الجبن والخوف، ونستدل على ذلك بالوجوه الآتية:
 (الوجه الأول): الشهرة العلمية العظيمة القائمة على جواز المجاهرة باللعن والبرائة من ظالميها وقاتليها، بل يمكن دعوى الإجماع في ذلك لأننا لم نعثر على مخالفٍ له سوى من بعض الشذاذ من بترية هذا العصر لا سيّما دعاة ولاية الفقيه والوحدة بين الشيعة والمخالفين لعنهم الله تعالى جميعاً...! وهؤلاء ليسوا بفقهاء حتى يمكن الإعتداد بأقوالهم، ولو فُرِضَ وجود فقيه موالٍ جامع للشرائط مخالفٍ للمشهور والإجماع فهو شاذ لا يعبؤ به ولا تقدح مخالفته بصحة إنعقاد الإجماع ولا يضر بالشهرة المذكورة.
 (الوجه الثاني): سيرة المتدينين منذ عصر النصّ إلى يومنا هذا... قائمة على المجاهرة بلعن الظالم لمولاتنا الطاهرة الزكية فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) ولكلِّ منكرٍ لولاية وإمامة بعلها أمير المؤمنين وأبنائهما المعصومين عليهم السلام من غير نكير من أحدٍ من المتشرعة ولا من المؤمنين الصامتين إلا من دبّ الخوف في قلبه فصمت لأجل التقية خوفاً على نفسه أو كان ممن تملكته الحميَّةُ البكرية العمرية وحبّ المخالفين والميل إليهم منهجاً وتشريعاً كما هو ملحوظ في حوزات الشيعة اليوم....فأدَّى خوفه إلى الإستنكار والشجب بل التبرؤ ممن يلعن المخالفين أو قادتهم، ولا يخفى علىيكم بأن استنكار عاميّ من عوام الشيعة على عاميّ مثله لا يعتبر حكماً شرعياً ولا يسنُّ للآخرين الإقتداء به في نهي اللاعنين لصنمي قريش اللذين قتلا ابنة نبيّ الله محمد صلى الله عليه وآله وحرفا دينه وقلبا أحكامه وحلالا حرامه وحرَّما حلاله....!.
  مضافاً إلى سيرة المتدينين القائمة على المجاهرة باللعن..ثمة سيرة للمتشرعة تفصح عن المجاهرة باللعن والبراءة... ولو لم يكن إلا ما ورد في زيارة عاشوراء الشريفة من لعن الأوثان الأربعة وأضرابهم لكفى به واعظاً ودليلاً على استحباب المجاهرة والأمر بها والعمل بمضمونها وهو ما دلت عليه سيرة الأعلام المتقدمين لا سيَّما الشيخ الطوسي رحمه الله الذي تحمل الأذى في سبيل ذلك في قصته المشهورة حينما استدعاه الحاكم الجائر يريد إلحاق الضرر به بسبب ذكره المجاهرة بلعن الأربعة:أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية، فخاف الشيخ الطوسي رحمه الله فقام يبرر معنى الأول والثاني والثالث ليدفع عن نفسه الضرر والهلكة...ومن المعلوم أن التكنية بذكر الأربعة بالعدد كما في الزيارة:" وابدأ به أولاً ثم العن الثاني والثالث والرابع..." هو أبلغ من التصريح، وفي البلاغة "رب كناية أبلغ من تصريح" فالطوسي رحمه الله لم يكتم ما صرحت به الأخبار لا سيما زيارة عاشوراء فلا يمكنه حذف مقطع اللعن لأن في ذلك تحريفاً للنصّ عن مساره وهو عمل يخرج صاحبه من الإسلام...وكذلك ما جرى على الشيخ المفيد في قصة بناء المسجد في الكرخ وكتابة الخبر المشهور:"عليّ خير البشر فمن أبى فقد كفر" فأدت كتابته إلى تسلط الحنابلة على الشيعة وإعتدائهم على ضريح الإمامين الكاظميين عليهما السلام وإزهاقهم لأرواح عشرين ألف شيعي...كل ذلك بسبب المجاهرة ولم يحرم الشيخ المفيد تلك المجاهرة ولا أنه منع الشيعة من ذلك، ما يعني أن السيرة المتشرعية كانت قائمةً على المجاهرة باللعن والبراءة من تاركي الولاية بل وتكفيرهم أيضاً.
  (الوجه الثالث):  العمومات والإطلاقات في الأخبار الشريفة الدالة على جواز اللعن والبرائة من ظالمي سيدتنا المعظمة الزهراء وبعلها وأولادها الطاهرين عليهم السلام حتى أن سيدتنا المعظمة مولاتنا الزهراء روحي فداها تجاهرت بلعن أبي بكر وعمر لعنهما الله مع كونها في معرض الخطر منهما، ويشهد لما أشرنا ما ورد في الصحيح بين الخاصة والعامة من أنها صلوات الله عليها قد دعت عليهما في كل صلاة كانت تصليها بقولها الشريف لذينك الملعونين لمّا حضرا إلى دارها الشريفة:( والله لأدعونَّ الله عليك في كلّ صلاة أُصليها..)، وهكذا كان أمير المؤمنين وإمام المتقين سلام الله عليه كان يتجاهر بلعن صنمي قريش في صلاته حتى اشتهر عنه الدعاء المذكور فصار سنَّةً بين المؤمنين يتجاهرون بلعن هؤلاء الصناديد الكفرة عليهم اللعنة الدائمة السرمدية.
  بالإضافة إلى ذلك: إنَّ أئمة الهدى ومصابيح الدجى عليهم السلام عُرِف منهم المجاهرة بلعن الصنمين الزندقين وإليكم الأخبار التالية:
 (الخبر الأول): ما جاء في صحيحة أبي حمزة الثمالي قال: قلت لعليّ بن الحسين عليه السلام: أسألك عن فلان وفلان ؟ قال عليه السلام:" فعليهما لعنة الله بلعناته كلّها...".
 (الخبر الثاني): ما ورد في خبر حنان بن سدير عن أبيه عن الإمام أبي جعفر عليه السلام قال:" واللهِ ما مات منا ميّت قطّ إلّا ساخطاً عليهما وما منا اليوم إلا ساخطاً عليهما يوصي بذلك الكبير منا الصغير..فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين..".
 ملاحظة مهمة: التدبر في قوله عليه السلام"..يوصي بذلك الكبير منا الصغير..." إشارة واضحة إلى أن لعنهما يجب أن يستمر حتى لا يشبَّ الصغيرُ على توهم حرمة اللعن فيصبح محباً لهما، فكانت وصيتهم بلعنهما دفعاً للمحذور الذي أشرنا إليه.
  (الخبر الثالث): ما ورد في الصحيح عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السراج قالا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام وهو يلعن في دبر كلّ صلاة مكتوبة أربعة من الرجال وأربعاً من النساء:فلان وفلان وفلان ومعاوية، وفلانة وفلانة وهند وأم الحكم أخت معاوية..".
  (الخبر الرابع): ما ورد عن إمامنا الصادق عليه السلام قال:" نحن معاشر بني هاشم نأمر كبارنا وصغارنا بسبهما والبراءة منهما..".
  (الخبر الخامس): الخبر المشهور شهرة عظيمة بين الخاصة والعامة الدال على لعن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بلعن أبي بكر وعمر وعثمان وخالد وأضرابهم بقوله الشريف:( جهزوا جيش أسامة لعن اللَّه من تخلف عن جيش أسامة..) فإنه تكرر منه حتى سمعه أكثر الصحابة ونقله التابعون واستمر نقله بما يزيد على عدد التواتر إلى الآن..!.
  وبعبارةٍ أُخرى: لقد كان واضحاً عند عامة المسلمين في آخر حياة النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله بأنَّ أبا بكر وعمر  هما المقصودان باللعن العلني الصادر من نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله باعتبارهما ــ أي أبي بكر وعمر لعنهما الله ـــ كانا من أبرز المتخلفين عن الإلتحاق بجيش أُسامة بن زيد... بل لم يتبادر عند المسلمين يومذاك بأن اللعن متوجه إلى غيرهما وأتباعهما وأنصارهما والمائلين إليهما، كما لم يتبادر اليوم عند أحدٍ من المسلمين بأن غير أبي بكر وعمر وعثمان واضرابهم هو المقصود باللعن بل الجميع متفق على أن لعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله كان خاصاً بهم لعنة الله عليهم وعلى أشياعهم واتباعهم والمائلين إليهم من الشيعة في هذا الزمان...!.
  (الوجه الرابع): لم يرد في أخبارنا الشريفة نهيٌّ عن لعن الجبت والطاغوت أبي بكر وعمر وأضرابهما بالرغم من تعرض اللاعنين الشيعة للأذية والضرر البالغ من حكام الجور وأتباعهم من المخالفين بل ما نراه خلال تصفحنا للتاريخ الشيعي الموالي أن أئمة الهدى وسفن النجاة سلام الله عليهم أمروا باللعن وشجعوا عليه ودعوا لمن لعن الجبت والطاغوت وتعرض للأذى في سبيل ذلك، وخير شاهدٍ على ما أشرنا إليه قصة تلك الحُرَّة الشيعية التي لعنت ظالمي سيّدة النساء عليها السلام علناً فتعرضت للحبس والضرب..ما رواه لنا المحدّث الطبرسي والمجلسي والشهيد الأول عن جماعة من أعلام الإمامية كالمفيد إبي علي الحسن بن علي الطوسي وغيره ...بإسناده عن المفيد أبي علي الحسن بن محمد بن علي الطوسي، وعن الشريف أبي الفضل المنتهى بن أبي زيد الحسيني ، وعن الشيخ الأمين محمد بن شهريار الخازن ، وعن الشيخ الجليل ابن شهرآشوب ، عن المقرى عبد الجبار الرازي ، وكلهم يروون عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي الطوسي ، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي المفضل محمد بن عبيد الله السلمي، قالوا : وحدثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي ، والشيخ محمد بن أحمد بن شهريار ، قالا : حدثنا محمد بن أحمد بن عبد العزيز العكبري المعدل ، في داره ببغداد سنة سبع وستين وأربعمائة ، قال : حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني ، عن محمد بن يزيد بن أبي الأزهر النحوي، عن محمد بن عبد الله بن زيد النهشلي ، عن أبيه ، عن الشريف زيد بن جعفر العلوي ، عن محمد بن وهبان ، عن الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ، عن أحمد بن إدريس بن محمد بن أحمد العلوي ، عن محمد بن جمهور العمي ، عن الهيثم بن عبد الله الناقد ، عن بشار المكاري ، أنه قال : دخلت على [الإمام] أبي عبد الله ( عليه السلام ) بالكوفة ، وقد قدم له طبق رطب طبرزد ، وهو يأكل، فقال لي : " يا بشار ادن فكل " ، فقلت : هنَّأك الله[هنَّاك الله] وجعلني فداك قد أخذتني الغيرة من شئ رأيته في طريقي أوجع قلبي ، وبلغ مني ، فقال لي : " بحقي لما دنوت فأكلت " ، قال : فدنوت
وأكلت، فقال لي : " حديثك " فقلت : رأيت جلوازاً يضرب رأس امرأة يسوقها إلى الحبس ، وهي تنادي بأعلى صوتها : المستغاث بالله ورسوله ، ولا يغيثها أحد ، قال : " ولم فعل بها ذاك ؟ " . قال : سمعت الناس يقولون : انها عثرت فقالت : لعن الله ظالميك يا فاطمة ، فارتكب منها ما ارتكب ، قال : فقطع الأكل ، ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ، ولحيته ، وصدره بالدموع ، ثم قال : " يا بشار قم بنا إلى مسجد السهلة ، فندعو الله ونسأله خلاص هذه المرأة " قال : ووجه بعض الشيعة إلى باب السلطان،  وتقدم إليه بأن لا يبرح إلى أن يأتيه رسوله ، فإن حدث بالمرأة حدث ، صار الينا حيث كنا، قال : فصرنا إلى مسجد السهلة ، وصلى كل واحد منا ركعتين ، ثم رفع الصادق ( عليه السلام ) يده إلى السماء وقال : " أنت الله لا إله إلا أنت مبدئ الخلق ومعيدهم .." إلى آخر  الدعاء .
قال : ثم خر ساجدا ، لا اسمع منه إلا النفس ، ثم رفع رأسه فقال : " قم قد أطلقت المرأة " . قال : فخرجنا جميعا ، فبينما نحن في بعض الطريق ، إذ لحق بنا الرجل الذي وجهنا إلى باب السلطان ، فقال له : " ما الخبر ؟ قال: لقد أطلق عنها : " قال كيف كان اخراجها ؟ " قال : لا أدري ، ولكنني كنت واقفا على باب السلطان ، إذ خرج حاجب فدعاها ، فقال لها : ما الذي تكلمت به ؟ قالت : عثرت فقلت لعن الله ظالميك يا فاطمة ، ففعل بي ما فعل ، قال : فاخرج مائتي درهم وقال : خذي هذه ، واجعلي الأمير في حل ، فأبت أن تأخذها ، فلما رأى ذلك منها ، دخل وأعلم صاحبه بذلك ثم خرج ، فقال : انصرفي إلى بيتك ، فذهبت إلى منزلها .
  فقال أبو عبد الله عليه السلام : أبت أن تأخذ المائتي درهم ؟ قال : نعم وهي والله محتاجة إليها قال : فأخرج من جيبه صرة فيها سبعة دنانير وقال : اذهب أنت بهذه إلى منزلها فأقرئها مني السلام وادفع إليها هذه الدنانير قال : فذهبنا جميعا فأقرأناها منه السلام فقالت : بالله أقرأني جعفر بن محمد السلام ؟ فقلت لها : رحمك الله ، والله إن جعفر بن محمد أقرأك السلام ، فشقت جيبها ووقعت مغشية عليها قال : فصبرنا حتى أفاقت ، وقالت : أعدها علي ، فأعدناها عليها حتى فعلت ذلك ثلاثا ثم قلنا لها : خذي ! هذا ما أرسل به إليك ، وأبشري بذلك ، فأخذته منا ، وقالت : سلوه أن يستوهب أمته من الله فما أعرف أحداً تُوسِّل به إلى الله أكثر منه ومن آبائه وأجداه عليهم السلام . قال : فرجعنا إلى أبي عبد الله عليه السلام فجعلنا نحدثه بما كان منها ، فجعل يبكي ويدعو لها ، ثم قلت : ليت شعري متى أرى فرج آل محمد عليهم السلام ؟ قال : يا بشار إذا توفي ولي الله وهو الرابع من ولدي في أشد البقاع بين شرار العباد ، فعند ذلك يصل إلى ولد بني فلان مصيبة سواء ، فإذا رأيت ذلك التقت حلق البطان ولا مرد لأمر الله ". إنتهى الخبر الشريف.
تنبيه مهم: فإذا كان حال إمامنا المعظم أبي عبد الله الصادق عليه السلام كذلك عند استماع واقعة جرت على امرأة من شيعة الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام فلا نظن ولا نحتمل أنه عليه السلام سوف يستنكر على من يلعن من ظلم أمه سيدة النساء عليها السلام في عصرنا الحاضر...!!.
  ولو كان الجهر بلعن أبي بكر وعمر حراماً عرضاً ــ أي بالعنوان الثانوي ـ كما ربما تتصورون ـــ لما كان توانى إمامنا المعظم الصادق عليه السلام قيد أُنملة عن النهيّ عنه لا سيَّما تعرضه صلوات الله عليه بالدعاء لتلك المرأة الشيعية الموالية، فإننا نراه عليه السلام قد دعى لها وكافأها ما يعني أنه يحبّ فعلها وهو اللعن الذي يعني البراءة من أعدائهم وتربية ألأجيال الشيعية على الإخلاص في البراءة، والحثُّ من الإمام عليه السلام على اللعن هو من أبرز مصاديق التجاهر به ما يدل على رجحانه واستحبابه حتى لو أدَّى إلى الضرر لأن اللعن اللساني وإن كان مستحباً إلا أنه واجب باعتباره يعكس عن الحالة القلبية التي يجب أن يتصف بها كلّ موالٍ لهم يتبرأ من أعدائهم، فالبراءة القلبية واجبة، وإبرازها باللعن وما شابه ذلك يكون مستحباً، وقد تنقلب البراءة اللسانية إلى واجبٍ في حالات معينة منها ما لو أدّى إلى تقوية قلوب الشيعة مقابل ضعفهم وإنهيارهم أمام هجمات المتحزبين الدعوتيين اليوم الذين يريدون إطفاء شعلة البراءة من قلوب الشيعة مع أن البراءة من أعداء آل محمد أوجب من الولاية كما في أخبار متعددة.
 ولا يقال: بأن اللعن المستحب يزاحم الحرام وهو التعرض للخطر والتهلكة..!
  قلنا: إن المقارنة غير صحيحة وذلك لأن ثمة أحكام مستحبة زاحمت الحرام ولم يرد منهم نهي عن المستحب ومن هذا القبيل زيارة الشيعة في عهد الصادقين عليهما السلام لضريح مولانا وإمامنا المعظم سيّد الشهداء عليه السلام، وقد كانت الزيارة مكلفة جداً بإزهاق نفوس الزائرين وتقطيع أيديهم لأجل السماح لهم بالزيارة ولم ينهَ الإمامان الصادقان عليهما السلام عن الزيارة بل العكس هو الصحيح فإنهما امرا الشيعة بالزيارة المستحبة حتى لو أدت إلى الهلكة أو الضرر البالغ... وليكن من هذا القبيل الجهر باللعن وهو مستحب حتى لو أدى إلى الهلكة لأن الحفاظ على واقع اللعن والبراءة أهم من ملاك الحفاظ على النفس!.
  والحاصل: إن خبر المرأة الشيعية المتجاهرة باللعن يعطينا صورة كاملة عن أهمية التجاهر بالبراءة من الظالمين من دون خوف أو وَجَلٍ..وهو بدوره وثيقة واضحة مؤكدة للأخبار الظاهرة في إستحباب التجاهر باللعن من دون أن تقيده الظروف والازمنة، وخير شاهدٍ على ما نقول ما جرى على أبي راجح الحمامي الذي أصابه الضرر البالغ بسبب لعنه للجبت والطاغوت وقد نال رضا مولانا الإمام بقية الله الأعظم الحجة القائم أرواحنا له الفداء، فها هو المحدث المجلسي رحمهالله يروي لنا القصة كاملة:
  قال: روى السيد علي بن عبد الحميد في كتاب السلطان المفرج عن أهل الايمان عند ذكر من رأى القائم عليه السلام قال : فمن ذلك ما اشتهر وذاع ، وملا البقاع ، وشهد بالعيان أبناء الزمان ، وهو قصة أبو راجح الحمامي بالحلة وقد حكى ذلك جماعة من الأعيان الأماثل وأهل الصدق الأفاضل، منهم الشيخ الزاهد العابد المحقق شمس الدين محمد بن قارون سلمه الله تعالى قال : كان الحاكم بالحلة شخصا يدعى مرجان الصغير ، فرفع إليه أن أبا راجح هذا يسب الصحابة ، فأحضره وأمر بضربه فضرب ضرباً شديداً مهلكاً على جميع بدنه ، حتى أنه ضرب على وجهه فسقطت ثناياه وأخرج لسانه فجعل فيه مسلة من الحديد ، وخرق أنفه ، ووضع فيه شركة من الشعر وشد فيها حبلا وسلمه إلى جماعة من أصحابه وأمرهم أن يدوروا به أزقة الحلة ، والضرب يأخذ من جميع جوانبه ، حتى سقط إلى الأرض وعاين الهلاك . فأخبر الحاكم بذلك ، فأمر بقتله ، فقال الحاضرون : إنه شيخ كبير ، وقد حصل له ما يكفيه ، وهو ميت لما به فاتركه وهو يموت حتف أنفه ، ولا تتقلد بدمه وبالغوا في ذلك حتى أمر بتخليته وقد انتفخ وجهه ولسانه ، فنقله أهله في الموت ولم يشك أحد أنه يموت من ليلته . فلما كان من الغد غدا عليه الناس فإذا هو قائم يصلي على أتم حالة ، وقد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت ، واندملت جراحاته ، ولم يبق لها أثر والشجة قد زالت من وجهه . فعجب الناس من حاله وساءلوه عن أمره فقال : إني لما عاينت الموت ، ولم يبق لي لسان أسأل الله تعالى به فكنت أسأله بقلبي واستغثت إلى سيدي و مولاي صاحب الزمان عليه السلام فلما جن علي الليل فإذا بالدار قد امتلأت نورا و إذا بمولاي صاحب الزمان ، قد أمر يده الشريفة على وجهي وقال لي : اخرج وكد على عيالك ، فقد عافاك الله تعالى ، فأصبحت كما ترون .
 وحكى الشيخ شمس الدين محمد بن قارون المذكور قال : واقسم بالله تعالى إن هذا أبو راجح كان ضعيفا جدا ، ضعيف التركيب ، أصفر اللون ، شين الوجه مقرض اللحية ، وكنت دائما أدخل الحمام الذي هو فيه وكنت دائما أراه على هذه الحالة وهذا الشكل فلما أصبحت كنت ممن دخل عليه ، فرأيته وقد اشتدت قوته وانتصبت قامته ، وطالت لحيته ، واحمر وجهه ، وعاد كأنه ابن عشرين سنة ولم يزل على ذلك حتى أدركته الوفاة . ولما شاع هذا الخبر وذاع طلبه الحاكم وأحضره عنده وقد كان رآه بالأمس على تلك الحالة وهو الآن على ضدها كما وصفناه ، ولم ير بجراحاته أثرا وثناياه قد عادت فداخل الحاكم في ذلك رعب عظيم ، وكان يجلس في مقام الإمام عليه السلام في الحلة ، ويعطي ظهره القبلة الشريفة ، فصار بعد ذلك يجلس ويستقبلها ، وعاد يتلطف بأهل الحلة ، ويتجاوز عن مسيئهم ، ويحسن إلى محسنهم ، ولم ينفعه ذلك بل لم يلبث في ذلك إلا قليلا حتى مات". إنتهى.
  نلاحظ في الخبر أن أبا راجح كاد يموت بسبب الضرب والتعذيب ولكنَّ الإمام المعظم بقية الله الحجة القائم عجّل الله تعالى فرجه الشريف شفاه من الهلكة المميتة وكان سبب إنقاذه لأبي راجح الحمامي هو تبرؤه من الجبت والطاغوت، وقد أبرزه بالسب واللعن للمنافقين من الصحابة أمثال أبي بكر وعمر وعثمان، فكان فعل أبي راجح ممضىً من قبل مولانا الإمام الحجة القائم عليه السلام ولو كان منكراً أو غير جائز بسبب التقية لما كان أجاز عليه السلام فعل أبي راجح الذي سبّب له الهلكة.
  (إنْ قيل لنا): إنّ أبا راجح الحمامي لم يكن في زمن تقية كما هو اليوم حيث نعاني ــ نحن الشيعة ـــ من هجمة شرسة من قبل المخالفين فيجب الكف عن اللعن وما شابهه...؟!.
(الجواب من جهاتٍ ثلاث)!
  (الجهة الأولى): صحيح أن هناك هجمة شرسة على التشيع ولكنَّها هجمة ذات بعدين أساسيين:
 (البعد الأول): البعد السياسي بسبب الرعونة والغلظة السياسية التي تنتهجها أحزاب شيعية في العالم العربي  ـــ كالعراق والبحرين والكويت ولبنان ـــ كل ذلك بسبب حاكمية ولاية الفقيه في إيران التي تنتهج نهج المدرسة البكرية بثوب التشيع، هذه الحاكمية تستبطن حب السلطة والحكم لأجل تذويب الشيعة في الكيان البكري...لا سيما أن المخالفين على علاقة طيبة مع النظام الإيراني والأحزاب الشيعية الدعوتية بسبب عامل الوحدة بينهم ولكن اشتداد الخلاف بينهم اليوم يرجع مرده إلى تغلب إيران على النظام السوري واللبناني والبحراني والعراقي والكويتي وتحريكهم للنزاعات الوطنية والقومية تحت عنوان تحرير الشعوب المستضعفة..!.
  (البعد الثاني): البعد الديني الحاقد من قبل المخالفين ضد الشيعة حتى لو كان الشيعة منضوين تحت لوائهم ما لم يتسننوا فعلياً ويذوبوا في عقائد العامة وفقههم الفاسد، فما يطلبه المخالفون من الشيعة هو الذوبان في دينهم أو السكوت عن ظلم ابي بكر وعمر وعثمان وعائشة..فما دام الشيعة لم يحققوا ما يريدون فلن يرضى عنهم المخالفون وسوف يبقون ملاحقين ومضطهدين وبالتالي سوف يستمر التنكيل بهم وقتلهم ما لم يرضخوا للشروط البكرية والعمرية..!.
  هذان البعدان هما السببان المهمَّان في ملاحقة الشيعة بالتنكيل والتعذيب والقتل في عصرنا الحاضر، فإذا انتفى البعد الاول فلن يكفّ المخالفون عن قتلنا بأيّة وسيلة توفرت لديهم، فدعوى أن زماننا بأمسّ الحاجة إلى العمل بالتقية وبالتالي يحرم علينا لعن المنافقين من الصحابة دونها خرط القتاد لوضوح بطلانها بما أشرنا إليه بالبعدين المتقدمين.
 (الجهة الثانية): إن المتأمل بين زماننا وزمن المتقدمين علينا من الشيعة الكرام يجد بوضوح أن زمن المتقدمين أصعب من زماننا اليوم، فالظروف في تلك الأيام كانت أسوأ حالاً من زماننا اليوم، فالحكم كان بأيدي النواصب في عامة البلاد الشيعية ولكنه اليوم بيد الشيعة بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر، فالبرغم من صعوبة الظروف في الأزمنة الغابرة نجد أن الشيعة كانوا شجعان ولا يخافون من التجاهر باللعن في حين نجد شيعة اليوم يخافون من اللعن في بلدانهم المحكومة بأيدي رجالٍ شيعة..فلماذا هذا الخوف يا تُرى...!؟إنه الخوف من الموت والتجاهر بالحق...إنه الخوف من السياسة التي ينتهجها رجال دعوتيون حاكمون بلادنا بالحديد النار والتهويل والترغيب..؟!.
  وبعبارةٍ أُخرى: إن ظروف الشيعة قديماً كانت أصعب من ظروفنا بكثير..فدعوى أن ظروفنا أقسى وأصعب خلف ما نحن عليه من وفور القوة والسطوة والهيمنة على عامة بلاد الشيعة.. وأكبر شاهدٍ على ما ندّعي هو هيمنة النظام الإيراني مع أحزابه المنتشرة في بلاد العرب ما يدل على القوة التي يتصف بها الحكام الشيعة اليوم.... فالتهويل بقرع طبول التقيةخوفاً من المخالفين إنما سببه رجال السياسة وليس الخوف من المخالفين الذين يرزحون تحت الحكم الشيعي في هذا الزمن...!!.
  (الجهة الثالثة): إننا لا نخالف التقية بلعننا للطواغيت المغتصبين لحق آل البيت عليهم السلام، وكيف نخالف ما ورد عنهم عليهم السلام:" التقية ديني ودين آبائي" ولكن للتقية شروط ولها موقعها المناسب، فاليوم يُسَّبُ الشيعة علناً ويُسَّبُ أهلُ البيت عليهم السلام لا سيَّما سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام من على المآذن والسطوح في سوريا وغيرها من بلاد المخالفين بل روى لنا الثقات الأجلاء ممن يقنطون في جوار مولاتنا الصدّيقة الصغرى زينب عليها السلام أن بعض المقاتلين من جبهة النصرة يعلنون بسبّ مولاتنا الصدذيقة الكبرى فاطمة عليها السلام بعبارات بذيئة وقبيحة يتناول عرضها الشريف فكيف يراد من الثائر الخزرجي أن نمنعه وإخوانه من سبّ ولعن من يتناول عرض أشرف مخلوق على في عوالم التكوين...؟؟!! أليس منعه ظلماً لسيدة النساء وأهل بيتها الطاهرين عليهم السلام..؟!
زبدة المخض: إن المخالفين اليوم لا يتورعون عن سب ولعن الشيعة ولعن أئمتهم الطاهرين ويوهنون مقدساتهم وعقائدهم وفقههم فكيف يجوز لنا بعد هذا كله العمل بالتقية والجنوح نحو المهادنة والملاينة والمداراة...؟! لا والله لا يجوز العمل بالتقية في هذا المورد لأن الأمر يستلزم إفناءنا وإبادتنا عن بكرة أبينا لو استمرينا بالملاينة والمهادنة التي خربت على علماء الشيعة فضلاً عن عوماهم دينهم ودنياهم..!!
   خلاصة المقال: تشير الأخبار التي سردنا قسماً منها آنفاً إلى وجوب لعن الصنمين أبي بكر وعمر والبراءة منهما، ودعوى وجوب مراعاة التقية دونها خرط القتاد..! وذلك لأن لسان دليل التقية إنّما هو في مقام بيان جواز العمل بها لدفع الضرر الشخصي المتوجه إلى صاحبها في غير مورد اللعن والبراءة، والواجب من التقية هو ما إذا كان في تركها هلاكاً لعامة المؤمنين وليس لأفرادس معدودين، وليس مورده اللعن وذلك لأن المخالفين لم يكفوا عن قتل الشيعة والإضرار بهم واستئصال شأفتهم وإبادتهم عن بكرة أبيهم مذ عهد أمير المؤمنين عليّ عليه السلام إلى عصرنا الحاضر،وأعظم شاهد على ما نقول هو ما جرى على الشيعة في عهود الأئمة المطهرين عليهم السلام حيث أبيدوا وظلموا وصلبوا على جذوع النخيل لا لشيء سوى أنهم موالون ومحبون لآل البيت الطاهر صلوات الله عليهم مع أن الكثير من هؤلاء لم يكونوا معتادين على السب واللعن بل كانوا يراعون أحكام التقية بل كان البعض منهم يداري ويداهن المخالفين ويجاريهم ولكن عند الإنتقام من الشيعة كانوا يعملون السيف بالصغير والكبير والنساء والعجائز بل لم يراعوا حرمة للطفل الصغير، وخير شاهد على ما ندعي ما جرى على بعض الشيعة في إحدى قرى سوريا وهي قرية حطلة حيث هجم السلفيون على الشيعة هناك واغتصبوا نساء الشيعة وذبحوا رجالهم ومنهم أحد السادة مع إبنه مع أنه كان مسالماً ومستعملاً للتقية ولكنهم لم يراعوا له ولا لعياله حرمة ففعلوا ما لا يمكننا ذكره في الرسالة لا سيما في النساء الحرائر من الشيعة...وهؤلاء لم يكونوا من السبابين ولا اللعانين ولكنهم كانوا شيعة لأمير المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام..وهكذا الحال بالنسبة لعهد الشيخ المفيد في فتنة الكرخ حسبما ينقل لنا ذلك أكابر علماء المخالفين أمثال إبن الأثير في الكامل ج 9ص 572 حوادث سنة 434هــ وإبن خلدون في تاريخه، ويقص هذان المخالفان كيفية إعتداء الحنابلة على شيعة بغداد وإحراقهم لضريح الإمامين المعظمين الكاظميين عليهما السلام وقتل زهاء عشرين ألف مؤمن ونهب دورهم..إلى آخر القصة فراجعوها ففيها عبر وعظات للشيعة اليوم الذين يستشكلون بلعن أبي بكر وعمر وعائشة، فمهما اتقى الشيعة وداروا المخالفين فسيبقون أعداءً بنظرهم وروافض كفرة تستباح أموالهم ودماؤهم وأعراضهم لا لأنهم يسبون ويلعنون بل لأنهم يعتقدون بإمامة وولاية أمير المؤمنين والصدّيقة الكبرى وأولادهما الطاهرين عليهم السلام..وهكذا الحال فيما نعلم بالنسبة للشيعة الموادعين للعامة والملتقين معهم لم ينفعهم إعتقادهم بالوحدة الإسلامية ولا مداهنة المخالفين لأجل مصالح سياسية أو إعتقاد بالمنهج البكري العمري..فنالوا منهم النصيب من الإعتداء عند العسرة ومداهمة الخطر عليهم من قبل المخالفين ويشهد لهذا ما يفعلونه بحسن نصر الله من السب واللعن والتهديد بالقتل لأنه يساعد النظام السوري عليهم...! ولم يتعظ المذكور كما لم يتعظ الأكبر منه ولا يزالون إلى الآن يفتون بحرمة سبِّ ولعن الصحابة المنافقين..! بل إن العلَّة في ذبح الشيعة في سوريا لأجل تدَّخُل الحزب وإيران في سوريا كما يزعمون وهو زعم باطل مموه بالسياسة الحربية مع أن النظام الإيراني وحزبه في لبنان من أعظم الدعاة للوحدة والمدافين دفاع المستميت عن عائشة وأبي بكر وعمر لعنهما الله وكلّ من رضى بظلمها لتلك الحرَّة الطاهة الزكية..! فهل نفعت الوحدة بين هؤلاء..؟ وهل راعوا حرمةً لعامة الشيعة لأجل أن النظام الإيراني يدعو للوحدة واحترام عائشة والصحابة... إن جبهة النصرة وداعش لم يراعوا حرمة لعناصر الحزب في سوريا فقطعوا رؤوسهم ونكلوا بأجسامهم لا لشيء سوى لأنهم شيعة وليس لأنهم لعانون وسبابون مع أن الخامنئي حرّم عليهم اللعن والسب، والمخالفون يعلمون بفتواه فلماذا قتلوهم إذن؟ ولماذا لم يراعوا لهم حرمةً لأجل عيونالخامنئي ونصرالله وفضل الله والأمين الذين يدافعون عن عائشة وابي بكر وعمر..؟!
  الجواب واضح بعدم مداراتهم لهؤلاء المنسوبين إلى التشيع، ذلك لأنهم منسوبون على التشيع بالظاهر فقط وفقط ولكنهم متوافقون معهم بالباطن...فالمنسوبين غلى التشيع ينخرون من داخل الصف الشيعي، واولئك ينخرون من خارجه..تنوع أدوارٍ وتعدد تمثيليات فلكلورية يريدون القضاء على التشيع ولا يبقون له اثراً بعد عين...  فهل انتفع الموالون للخط البكري والعائشي بفتوى الخامنئي ؟...كلا ثم كلا ثم كلا..!!!.بل لا يزال المتحمسون لمال الخامنئي وعقيدته ينظرون بالدفاع عن الصحابة عبر الفضائيات التابعة لهم بل زاد حماسهم وحميتهم الشيطانية بتكفير كل من سبَّ او لعن او تبرأ من عائشة وابي بكر وعمر حتى ان الشيخ أسد قصير شنَّ حملة علنية لا هوادة فيها على كل من تبرأ من أولئك المنافقين وجرد فتواه بالبراءة من عقيدة كل شيعي يباشر بلعن الصحابة المنافقين وقال: إنهم يبراون من عقائد هؤلاء..! وهو بذلك يبرأ من أئمتنا الطاهرين عليهم السلام الذين أمرونا باللعن والبرائة من المخالفين وأئمتهم الملعونين على لسان النبي وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام..وكان الشيخ المدّعي لم تمر على ناظريه الأخبار الىمرة باللعن والتبرؤ من أولئك الملاعين في كتب الحديث الشيعية لا سيَّما البحار والوسائل..! ولو شئنا لعرضنا عليه عشرات بل مئات الأحاديث الآمرة بعنهم والبراءة منهم وسبهم...! وها هو الخميني الزعيم الروحي والسياسي للشيخ أسد قصير واحد مقلديه يصرح  بملئ فمه في كتابه "المكاسب المحرمة" بجواز سبهم والإنتقاص منهم فيقول:(  والانصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن اثبات حرمة غيبتهم ، بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها اختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لأئمة الحق ( ع ) مضافا إلى أنه لو سلم اطلاق بعضها وغض النظر عن
تحكيم الروايات التي في مقام التحديد عليها فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون ، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم ، بل الأئمة المعصومون ، أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مسائيهم . فعن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم فقال الكف عنهم أجمل ثم قال يا با حمزة إن الناس كلهم أولاد بغاة ما خلا شيعتنا ( الخ ) . والظاهر منها جواز الافتراء والقذف عليهم لكن الكف أحسن وأجمل لكنه مشكل إلا في بعض الأحيان ، مع أن السيرة أيضا قائمة على غيبتهم فنعم ما قال المحقق صاحب الجواهر إن طول الكلام في ذلك كما فعله في الحدائق من تضييع العمر في الواضحات ...) إنتهى موضع الشاهد من كلامه...وله كلام طويل أعظم مما عرضناه آنفاً سنذكره إذا دعت الحاجة إلى ذلك   وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً الإسراء8...
 تنبيه مهم: لقد صرّح الخميني بالعبارة الصريحة التي لا تحتمل التأويل والتعليل بوجوب أو استحباب الطعن على المخالفين وذكر مساوئهم ولعنهم والإفتراء عليهم بل الأمر أعظم من ذلك فقد نعتهم الخميني بأنهم اولاد زنا ..! ويا للعجب من الشيخ قصير كيف تغافل أو نسي ما ذكره قائده الخميني في كتابه المكاسب المحرمة..!؟ أليس جديراً بالشيخ قصير أنْ يطالع ما في كتاب سيّده الخميني حتى يتبرأ منه لأنه أمر بلعنهم وقذفهم ـــ والقذف أقبح وأفحش من السبّ والشتم  ـــ ..؟! يظهر أن الشيخ القصير لم يعد يؤمن بالخميني ولا بعقائده التي طالما تحمس لها أيام حياته وجاهه وسلطانه...!!! أم أنه كان ينافق على الخميني فيتظاهر بأنه من مقلديه ومحبيه ولكنه في الواقع من المبغضين له والشانئين لفتاواه بحق المخالفين..؟! أقولها بكلّ جرأة فاطمية (على صاحبها آلاف السلام والتحية) للشيخ قصير ومن يقف خلفه: إمَّا أنْ تتبرأوا من الخميني لأنه صرَّح بهذا التصريح بحق أئمة الضلالة وأتباعهم ... وإمَّا أنْ تقروا وتعترفوا بأن ما قاله الخميني هو الحق الصريح المدلول عليه بالآيات والأخبار....فإن كنتم توافقون وتعتقدون في أنفسكم على ما اعتقده وصرّح به فقد ثبت الحق عند من يلعن ويقذف ويتبرأ ويكون الخميني صحيح الإعتقاد بما يفعله المؤمنون الغيارى.... وإنْ لم تعتقدوا بما قال فقد خنتموه بفتواه الصريحة بقذف المخالفين وأئمتهم وتلك مصيبة عظمى أن تخونوا القائد بعدما كنتم من أعظم المتحمسين له.....!!! فما عليكم إلا الصمت وكمّ أفواهكم عن القدح بالمؤمنين الموالين ومراجعهم..أو أنكم تتنصلون من فتواه وتصرحون بأنه كان على ضلالٍ بها..!!! فاختاروا أحد الأمرين! فإن اخترتم الثاني فتكونوا بذلك من الكافرين بأخبار آل محمد عليهم السلام ـــ لأن فتواه مستنبطة من أخبار آل محمد عليهم السلام وقام الإجماع القطعي على صحتها ـــ وبالتالي تخرجون من ملتهم وتدخلون في ملة أبي بكر وعمر فينطبق عليكم قوله تعالى في سورة الكافرين قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا انتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم وليَ دين...!!
  إن مصيبتنا اليوم من بعض المشايخ والسادة الولايتيين والدعوتيين هي أنه لم يعد هناك ثوابت يسير عليها أتباع ولاية الفقيه..! وذلك لأن الغاية تبرر الوسيلة عندهم فكل شيء يرونه مناسباً لبسط نفوذهم وسلطانهم يغدو واجباً حتى لو كان واجباً بالنصّ والإجماع ، وكل شيء يرونه خلاف مصلحتهم يعتبرونه حراماً...! وهذا عين ما ارتآه عمر وأبو بكر وأذنابهما من الخاصة والعامة..! فظلم النساء والأطفال في سوريا يصبح مبرراً شرعاً وعقلاً عندهم ولا يترتب عليه هتك للتشيع وإلحاق الضرر على الشيعة في بلدان العالم في حين أن اللعن أو السبذ يصبح مصدر قلق عندهم لأنه يؤدي إلى هتك التشيع والدين..! بل الأنكى من ذلك يصبح التطبير مورد هتك على التشيع ويحاربونه بكلذ ما أثتوا من قوة ويفسقون بل ويكفرون من يطبر ويصدرون الفتاوى بمن مارسه في حين أن تطبير الأطفال والنساء والمستضعفين في سوريا أو العراق يصبح مساغاً شرعاص لهم ويعتبر واجباص لأنه بنظرهم دفاع عن الإسلام والمقامات الشريفة في سوريا...!!!..اللهم احكم بيننا وبينهم بالحق يوم تشخص فيه القلوب والأبصار  وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }هود18.
 لقد استفحل الأمر بالشيخ القصير حتى تبرأ ممن يسب ويلعن ويتبرأ ولو شاء لذبح الشيعة الذين يفعلون ذلك...! ولا عجب فقد فعل وليّ أمره صاحب السلطان الولايتي عندما اقتحم جلاوزته دارنا وأرعبوا عيالنا واغتصبوا مالنا لا لشيء سوى تصنيفنا العلمي عن عائشة وولاية الفقيه ولو بسطت لكم الوسادة أكثر لكنتم كالضحاك بن قيس وأنتم كذلك بل وأعظم لا فرق بينكم وبينه وبين أبي بكر وعمر إلا التستر تحت عمائم شيعية(واللؤم تحت عمائم الأنصار..) تستبطن جرائر بكرية وعمرية بمآزر شيعية ولائية...!!! فقد روى صاحب الغارات الشيخ الكوفي وابن أبي الحديد عن محمد بن مخنف قال: إني لأسمع الضحاك بن قيس على منبر الكوفة يخطبنا وهو يقول : أنا ابن قيس ، وأنا أبو أنيس ، وأنا قاتل عمرو بن عميس ، قال : وكان الذي ظاهره على ذلك أنه أخبر أن رجالا من الكوفة يظهرون شتم عثمان والبراءة منه قال : فسمعته وهو يقول : بلغني أن رجالا منكم ضلالا يشتمون أئمة الهدى ويعيبون أسلافنا الصالحين ، أما والذي ليس له ند ولا شريك لئن لم تنتهوا عما بلغني عنكم لأضعن فيكم سيف زياد ثم لا تجدونني ضعيف السورة ولا كليل الشفرة ، أما والله إني لصاحبكم الذي أغرت على بلادكم ، فكنت أول من - غزاها في الإسلام ، فسرت ما بين الثعلبية وشاطئ الفرات أعاقب من شئت وأعفو عمن شئت ، لقد ذعرت المخبئات في خدورهن ، وإن كانت المرأة ليبكي ابنها فلا ترهبه ولا تسكته إلا بذكر اسمي ، فاتقوا الله يا أهل العراق واعلموا أني أنا الضحاك بن قيس. فقام إليه عبد الرحمن بن عبيد فقال : صدق الأمير وأحسن القول ما أعرفنا والله بما ذكرت . . . !
 نعم لقد هدد الضحاك شيعة الكوفة بالقتل والذبح إن استمروا على شتم عثمان ولعنه، واليوم يهدد السلطان الإيراني عامة الشيعة بأنهم إذا استمروا على مخالفته والطعن في أولياء نعمته أبي بكر وعمر وغيرهما فإنه سينزل بهم أليم العذاب فسيقتلهم ويذبحهم ويفني عددهم ويستبيح نساءهم وأموالهم..التاريخ الأموي والعباسي يعيد نفسه من جديد....!!
  والمحصّلة: إن المخالفين يعادوننا لأجل تشيعنا وليس لأجل أن البعض منا يسبُّ ويلعن...والحق مع هؤلاء المؤمنين العراقيين الغيارى الذين يلعنون ويبرأون من الجبت والطاغوت علناً لأنهم عرفوا الصواب بأن قتل الشيعة في العراق وسوريا وأفغانستان لم يكن بسبب السب واللعن لأن الكثير من الشيعة في زماننا هذا لا يسب ولا يلعن بل إن الكثير من الشيعة علمانيون وعاديون لا علاقة لهم بالحزب وإيران ومع كلّ هذا نالهم النصيب الأوفر من القتل والذبح واغتصاب أعراضهم أمام أعينهم..!!كما أن أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام قد نالوا النصيب الأعظم من أعدائهم مع أنهم ــ أعني المتوافقين مع المخالفين بمسائل الوحدة والإمامة السياسية ـــ لم يقفوا على المنابر وفي الشوارع يسبون الأصنام الأربعة..فسوآء علينا سببنا الأصنام ولعناهم أم أطرينا عليهم والعياذ بالله فلن نفلت منهم أبداً فقد صدروا الفتاوى في كل شيعي بإستباحة دمه وعرضه وماله بسبب عقائدهم في الإمامة الإلهية والولاية وإظهار الظلامة لأهل البيت عليهم السلام وغيرها من العقائد الحقة....!.
  لا ينبغي لكم صدّهم عن اللعن لأن ذلك يوهن بعقائد الموالين ويسلط الأعداء علينا أكثر فأكثر فيتمسكون بقولكم فيزدادوا لؤماً وبغضاً على الشيعةكما يتمسكون بفتوى فضل الشيطان وخامنئي وعلي الأمين وأضرابهم ممن ضعّف حالة الولاء والبراءة من أعداء الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء وبعلها أمير المؤمنين وبقية أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام بالدفاع عنهم والميل إليهم....!
 (الوجه الخامس): حيث لا يوجد نصّ قطعي ولا إجماع ولا شهرة ينهى عن اللعن مطلقاً، فعند الشك في حرمته نعمل بأصالة الإباحة أو الجواز المحكمة في حال الشك في التكليف.
   وبعبارة أُخرى: عند الشك في أصل التكليف مع عدم وجود نصوصٍ قطعية الصدور تنهى عن اللعن، لا بدَّ حينئذٍ من الرجوع إلى الأصول الفقهية الأولية والتي منها أصالة الجواز والإباحة الدالة على جواز اللعن على ذينك الطاغوتين أبي بكر وعمر والبراءة منهما جهرةً ...وعلى فرض وجود نصّ يدل على الحرمة العرضية فيجب على الفقيه الخبير أن يعالجه بأحد طريقين:
   إمَّا بطرحه لموافقته لأخبار المخالفين المحرّمين لسبّ ولعن الصحابة المنافقين؛ وإمَّا بحمله على عوارضٍ زمنية خاصة في زمن المعصوم عليه السلام وهو ما يصطلح عليه بالقضية الخارجية في مقابل القضية الحقيقية، والحمل على العوارض الزمنية الخاصة(أي القضية الخارجية) لا يكون قاعدةً مطردة في تأسيس حكم شرعيّ يسيغ ويبرر تحريم لعن الجبت والطاغوت عرضاً لا ذاتاً...لأن الأصل الذاتي قائم على جواز اللعن وإنما الكلام في اللعن العرضي ..فالقاعدة كما قلنا تقتضي الحكم بجواز اللعن من دون تخصيص بزمنٍ دون آخر بسبب فقدان النصّ القطعي المستوجب للتحريم المطلق في كلّ الأزمنة...وكلّ تحريم للعن في العوارض الزمنية يعتبر بدعة يستحق فاعلها العذاب باعتباره تقولاً على الله تعالى وعلى حججه المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين، والله العالم ...فتأمل فإنه دقيق.
 (الوجه السادس): لا بدّ من التفريق بين اللعن والسبّ، فاللعن هو الإبعاد عن رحمة الله والطرد من الجنّة، بينما السب هو الإحتقار والإنتقاص من الكافر والزنديق وكلّ ظالمٍ ومتجاهرٍ ببدعته وفسقه وفجوره، ولم يرد نهيّ عن اللعن مطلقاً، بينما ورد النهي عن السبّ بالعنوان العرضي لا الذاتي، لأن سبّ الكافر والظالم والفاسق المبتدع جائز بالإتفاق نصاً وإجماعاً، ولكن الخلاف عند غير المحصلين من العلماء إنَّما هو على السبّ العرضي في حال إبتداء المؤمن بسبّ أعمدة الكفر وفسقتهم وترتب على السب محذور ..فالمسألة على قولين، أشهرهما وأصحهما الجواز لا سيّما إذا كان بسبهم إنتصاراً لمعالم الدين وتثبيتاً لقلوب المؤمنين وإلا ففي المسألة توقف، وذلك لعدم تحقق احد الشرطين المتقدمين: الإنتصار والتثبيت....فما لم يتحق أحد الشرطين على نحو البدلية لا فائدة من التجاهر بالسب بمقتضى قوله تعالى {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام108.
  الآية الشريفة محمولة على السب الإبتدائي لا الدفاعي بمعنى أنه لا يجوز للمؤمن الإبتداء بالجهر بالسب فيما لو لم يسب المخالفون ديننا وأحكامنا وإلا فإنه جائز بلا إشكال، من هنا جاء عن مولانا الإمام المعظم الصادق عليه السلام في رسالته للشيعة وهي طويلة نأخذ موضع الشاهد منها وهو قوله الشريف:"... وإياكم وسب أعداء الله حيث يسمعونكم فيسبوا الله عدوا بغير علم وقد ينبغي لكم أن تعلموا حد سبهم لله كيف هو ؟ إنه من سب أولياء الله فقد انتهك سب الله ومن أظلم عند الله ممن أستسب لله ولأولياء الله ، فمهلا مهلا فاتبعوا أمر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ...". إنتهى.
  فقد شرط إمامنا المعظَّم أبي عبد الله الصادق عليه السلام على شيعته أن لا يبادروا إلى التجاهر بالسب الإبتدائي بمقتضى قوله الشريف:"..حيث يسمعونكم.." فإذا انتفى سماع المخالفين للسبِّ فيجوز إبتداءاً في مجتمعاتنا...!.كما أن إمامنا المعظم الصادق عليه السلام قد تطرق إلى السب ولم يتطرق إلى اللعن والبراءة مع أنه في مقام البيان بحسب مقدمات الحكمة المبحوث عنها في أصول الفقه... وذلك لأن اللعن والبراءة شرط في الإيمان..فتأملوا جيداً فإنه دقيق.
 والخلاصة: يجوز سبّ أعمدة المخالفين جهرة وإبتداءاً بشرطين:
 الشرط الأول: أن يكونَ سبُّ الشيعة لأعمدة المخالفين في بيوتنا ومجتمعاتنا التي لا يتسرب منها سماعهم سبنا..ولا يخفى على البصير الناقد المتتبع بأن المخالفين لا يفترون عن سبِّ اولياء النعمة صلوات الله عليهم أجمعين...! فلماذا التردد في سبّهم والإنتقاص منهم..!؟.
الشرط الثاني: أن يكون السبُّ من طرفنا في مقابل السبّ من طرف المخالفين بمعنى أنه في حال كانت مجتمعاتهم كلها أو بعضها تتداول سبّ أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام جاز ساعتئذٍ للشيعي أن يسبّ خلفائهم ورموزهم الظالمة الكافرة...لأن النهي عن السب في الرواية والآية مقيدان في جهتين:   أحدهما:الإبتداء بالسب؛ وثانيهما: المقابلة بالمثل في كان السب إبتداءاً منا، لأن الله تعالى والحجج الطاهرين عليهم السلام قد منعونا من السب في حال عدم سبهم لمعالم ديننا ولكن في حال كانوا يسبوننا ويكفروننا فتنتفي الغاية من النهي عن السب الوارد في الآية وهي(..فيسبوا الله عدواً بغير علم)   فالفاء هنا هي فاء السببية المتفرعة عن النهي"لا تسبوا" فالنهي إبتدائيٌّ يتفرع عليه جزاء مسببيٌّ، فالسب الإبتدائي علّة، وسبهم لنا معلولاً... فلولا السب الإبتدائي لما كانوا سبوا دينكم، وحيث إن المخالفين لم تفتر ألسنتهم عن سبنا ونعتنا بالرفض وإخراجنا من الدين بل لا يفترون عن سبِّ أئمتنا الطاهرين وسيِّدة نساء العالمين عليهم السلام فلا يكون هناك محذور شرعي من سبهم ولا يصدق عليه أنه سب إبتدائي، من هنا جاء في الأخبار أن جماعة من أصحاب امير المؤمنين عليه السلام كانوا يسبون معاوية وأعوانه..!...ودعوى أن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله نهي عن اللعن:"لا تكونوا لعذانين" وما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام من أنه نهى عن لعن اهل الشام...مردودة على صاحبها وذلك لأن النص الأول رواه المخالفونن والنص الثاني منسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وقد فند العلامة الجليل المحقق الكركي العاملي رحمه الله تلك الدعوى المذكورة في كتابه الجليل "نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت" بقوله:" وما يقوله بعض الحشوية من أن النبي صلى الله عليه وآله قال:ط لا تكونوا لعذانين" وأن أمير المؤمنين نهى عن لعن الشام..فالمراد إن صح ذلك أن النبي نهى عن أن يكون السبُّ خُلقاً لهم بسبب المبالغة فيه والإفراط في ارتكابه بحيث يلعنون كلذ احدس كما يدل عليه قوله"لعّانينط لا أنه نهى عن لعن المستحقين كما يزعمه هؤلاء المفترون ولو أراد ذلك لقالك"لا تكونوا لاعنينط فإن بينهما فرقاص يعلمه من احاط بدقائق لسان العرب..واما نهي امير المؤمنين عليه السلام عن لعن الشام فإنه كان يرجو غسلامهم ورجوعهم غليه كما هو شأن الرئيس المشفق على الرعية ولذلك قال:ط ولكنقولوا اللهم اصلح ذات بيننا" وهذا قريب من قوله تعالى في قصة فرعون( فقولا له قولاص ليناً لعلذه يتذكر أو يخشى).إنتهى كلامه رفع مقامه.
 وينبغي لنا أن نلفت نظركم الشريف بأن السب يكون مجازاً أيضاً في حال كانت الحرب مشتعلةً بيننا وبينهم فلا داعي للتحرز عن السب ما داموا يستبيحون أعراضنا ودماءنا وأموالنا فإن ذلك أصعب من السب..فمن يستبيح أعراضنا كيف لا يجوز لنا سبّه والإنتقاص منه ومن عتيقهم وتيمهم(أبا بكر وعمر)؟؟!!.
  كما ينبغي لنا أن نلفت نظركم  أيضاً ــ وأنتم عالمون به قطعاً ــ بأن المخالفين أنفسهم يعتبروننا كفاراً، ومن يعتبرنا كفاراً وينعت أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام بما تعلمون يستحق حينئذ أن نسبَّه ونلعنه لأنه يستحق السب واللعن ولا كرامة له عند الله تعالى، وصدق العلامة صاحب مفتاح الكرامة السيد محمد جواد الحسيني العاملي رحمه الله حينما قال في كتابه مفتاح الكرامة ج12ص222:( سبّ غير أهل الإيمان من شرائط الإيمان..) فلا ينبغي التوقف عن سبهم والإنتقاص منهم كما ورد في الصحيح عن داود بن سرحان، عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم ، وأكثروا من سبهم ، والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطغوا في الفساد في الاسلام ، ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة".إنتهى.
  هذا ما أحببنا التنبيه عليه... ولولا كثرة الأشغال وتشتت البال لكنا خرجنا عليكم بدقائق علمية لم يخطر ببال المتقدمين والمتأخرين تصورها لأهميتها على الصعيد الفقهي مع أن أغلب ما ذكرناه في هذه الرسالة المختصرة لم يأتِ على ذكره غيرنا من فقهاء وأعلام الإمامية والفضل يرجع إلى ربنا العظيم وأهل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين..فلهم المنّة والشكر ولولاهم لما استقامت مسيرتنا بالرغم من قلة الأعوان وندرة الأموال التي تسحر النفوس والعقول فبات الشيعة اليوم يتنافسون عليها تاركين إمامنا وصاحب زماننا عجّل الله تعالى فرجه الشريف وحيداً فريداً تستقوي عليه شرذمة من النواصب والمعاندين بالرغم من كثرة عددنا ووفور قوتنا..فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم ...يا قائم آل محمد أغثينا يابن مولاتنا فاطمة وأبن أمير المؤمنين عليّ صلى الله عليكم/ صلى الله عليكم/ صلى الله عليكم/....والسلام عليكم.
 

حررها كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد
محمد جميل حمود العاملي /بيروت
بتاريخ 27محرم الحرام 1434هــ.

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=853
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28