• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : للغيبة إستثناءات منها النصيحة الواجبة حول الزواج من إمرأة / كيفية استخدام التورية .

للغيبة إستثناءات منها النصيحة الواجبة حول الزواج من إمرأة / كيفية استخدام التورية

الإسم:  *****
النص: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سماحة المرجع الديني الشيخ محمد جميل حمود العاملي

ماذا أفعل اذا حصلت معي المواقف التالية؟
1)شخص سألني عن فتاة معينة لغرض الزواج منها و لكنها كانت مرأة سيئة بماذا أجيبه؟, إن قلت له الحقيقة بذلك فضحتها و اغتبتها و إن لم أقل له فقد كذبت ؟
2)شخص غير مرغوب فيه أتاني للبيت و لا أريد الخروج معه فكيف يمكن التخلص منه بدون اللجوء للكذب؟
3)أحد الاصدقاء أوصاني بأن لا أعطي رقم هاتفه لأحد و لا أقول بأني أعرفه, بماذا أجيب لو طلب مني أحد الأشخاص رقم هاتفه ؟

جزاكم الله تعالى خيرا

 

الموضوع الفقهي: للغيبة إستثناءات منها النصيحة الواجبة حول الزواج من إمرأة / كيفية استخدام التورية .
بسمه تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته / ها نحن نستعرض أسئلتكم الكريمة ونجيب عليها:
(السؤال الأول):شخص سألني عن فتاة معينة لغرض الزواج منها و لكنها كانت مرأة سيئة بماذا أجيبه؟, إن قلت له الحقيقة بذلك فضحتها و اغتبتها و إن لم أقل له فقد كذبت ؟
الجواب عن سؤالكم الأول بالآتي:
من مستثنيات الغيبة المحرَّمة وجوب النصيحة للمؤمن إذا استشاره صاحبه المؤمن في أمر خطير كالزواج من إمرأة يعلم المستشار بأنها فاجرة، فالنصيحة واجبة شرعاً للمستشير لأن خيانته قد تكون أقوى مفسدة من الوقوع في المغتاب، ولا ينبغي لك أن تذكر عيوبها المخفية بل عليك أن تلفت نظره بأن هذه المرأة غير صالحة للزواج منك إلا إذا كانت فاحشة أو متهتكة فلا بد في هذه الحال أن تعلمه في حال أصر على معرفة حالها... فما عليكم إلا إخباره حتى لا يقع في المحذور وحتى لا يقع اللوم عليكم بإخفاء الأمر عنه...كل هذا فيما لو كان الإخبار عنها ضرورياً كما أشرنا وإلا فلا يجب عليك إخباره إلا بنحو العموم بأنها لا تصلح زوجة لك...لأن الإخفاء بكلا قسميه يؤدي إلى خيانة المؤمن في النصيحة التي وردت الأخبار بشأنها وأنها حق على المؤمن، ففي خبرٍ عن مولانا الإمام المعظم أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:" وقال : حق المؤمن على المؤمن أن يمحضه النصيحة في المشهد والمغيب كنصيحته لنفسه" .
وروي أيضاً عنهم صلوات الله عليهم قالوا:" من مشى في حاجة أخيه فلم يناصحه ، كان كمن حارب الله ورسوله ".
 وفي الصحيح والموثق كالصحيح ، عن علي بن عقبة . عن أبي عبد الله عليه السلام قال:"  إن المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله ، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه ".
 وورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال : " من استشاره أخوه المؤمن  فلم يمحضه النصيحة، سلب الله لبه " .
 (السؤال الثاني): شخص غير مرغوب فيه أتاني للبيت و لا أريد الخروج معه فكيف يمكن التخلص منه بدون اللجوء للكذب؟
الجواب عن سؤالكم الثاني بالآتي:
يمكنكم الفرار من سؤال صاحبكم يطلب منكم الخروج معه وأنتم كارهون لصحبته باستعمال التورية بأنكم مشغولون بأمور مهمة وتقصدون بذلك الإنشغال بأمور الآخرة والعبادة وما شابه ذلك مما ينشغل فيه المؤمن ولا يخلو مؤمن أو إنسان من شغل أو تدبير لأمور دنياه أو آخرته، وهو ما يسمى بالتورية وهي: " أنْ يظهر باللفظ معنىً مطابقاً للواقع في نفسه" والتورية خارجة عن موضوع الكذب حكماً وموضوعاً، فإنها في اللغة بمعنى الستر، فكأن المتكلم وارى مراده عن المخاطب باظهار غيره وخيل إليه أنه أراد ظاهر كلامه، وهو يختلف عن الكذب الذي هو مخالفة الدعاوي النفسانية للواقع لا مخالفة ظاهر الكلام له .
وموضوع التورية أعم من الإضطرار بل يشمل الموارد غير الإضطرارية لأنها ليست من مستثنيات الكذب بل هي خارجة عنه موضوعا ، ومن هنا ذهب الأصحاب من جواز الكذب عند الضرورة إلى وجوب التورية مع التمكن منها ، وعللوا ذلك بتمكن المتكلم مما يخرج به كلامه عن الكذب .
 والكلام الذي يورى به قد يكون ظاهرا في بيان مراد المتكلم ولكن المخاطب لغباوته وقصور فهمه لا يلتفت إليه ، وهذا خارج عن التورية ، بل هو كسائر الخطابات الصادرة من المتكلم في مقام المحادثة والمحاورة ، ومن هذا القبيل ما نقل عن بعض الأجلة أن شخصا اقترح عليه أن يعطيه شيئا من الدراهم وكان يراه غير مستحق لذلك ، فألقى السبحة من يده وقال : والله إن يدي خالية ، وتخيل السائل من كلامه أنه غير متمكن من ذلك .
 وقد يكون الكلام ظاهراً في غير ما أراده المتكلم ، وهو مورد التورية، كما إذا أراد أحد أن ينكر مقالته الصادرة منه ، فيقول : علم الله ما قلته ، ويظهر كلمة الموصول على صورة أداة النفي ، ويخيل إلى السامع أنه ينكر كلامه، ومن هذا القبيل ما ذكره سلطان المحققين في حاشية المعالم في البحث عن المجمل ، من أنه سئل أحد العلماء عن أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) وأبي بكرأيهما خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : "من بنته في بيته" يقصد سيدة النساء مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها فقد كانت في بيت أمير المؤمنين عليّ عليه السلام فتوهم المخاطب بأنها عائشة باعتبارها بنت أبي بكر وقد كانت في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله باعتبارها كانت زوجته...!.
(السؤال الثالث): أحد الاصدقاء أوصاني بأن لا أعطي رقم هاتفه لأحد و لا أقول بأني أعرفه, بماذا أجيب لو طلب مني أحد الأشخاص رقم هاتفه ؟
الجواب عن سؤالكم الثالث هو الآتي:
في مفروض السؤال يمكنكم إستعمال التورية تماماً كما أعلمناكم في جوابنا على سؤالكم الثاني، فإن لم تكونوا تحفظونه في ذاكرتكم فهنا بإمكانكم قول الحقيقة بأنكم لستم حافظين للرقم، وإذا كنتم تحفظونه على دفتر أو ورقة فهنا تورون معه بأن الرقم لا تحفظونه في ورقة أمامكم بل الورقة أو الدفتر ليس أمامكم بل تنوون بأنه في مكان آخر كما لو كان في المكتبة أو الخزانة أو في جيبكم، فالمهم أن لا يكون الرقم أمامكم بل هو في مكان آخر....فتقولون له بأن رقم فلان ليس معي وتقصد بذلك أنه ليس في جيبك أو ليس في المكتبة.... وإذا لم تتمكنوا من معرفة إستخدام التورية في المورد المذكور فالواجب عليكم أن تتحللوا من صاحب الرقم بأنه لا يسامحكم بإعطاء رقمه لأحد...فلماذا توقعون بأنفسكم في الحرج في حين أن صاحب الرقم هادئ البال ومرتاح الضمير..! إياكم والكذب في حال لم تتمكنوا من معرفة استخدام التورية...!!!
 وإن كنا ها هنا ننصحكم بأن لا يبقى الرقم معكم في حال لم تقدروا على التورية فالواجب هنا أن تردوا الرقم لصاحبه ولا توقعوا أنفسكم في الحرج... ولا تخف من المجاهرة بالحق..!!؟ فليكن قلبك كالأسد وليكن حسيبك هو الله تعالى وإمام الزمان عليه السلام....والسلام عليكم.
 

حررها العبد الفاني محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 10 ربيع الثاني 1435هـ.


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=891
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 02 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28