• الصفحة الرئيسية

ترجمة آية الله العاملي :

المركز :

بحوث فقهيّة وعقائديّة/ اردو :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مجلّة لسان الصدق الباكستانيّة (3)
  • بحث فقهي عن الشهادة الثالثة (1)

محاضرات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرة الإمام الحجّة (عليه السلام) (121)
  • مظلوميّة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة (عليها السلام) (20)
  • شبهات وردود حول فقه السيرة الحسينية (11)
  • من هم أهل الثغور؟ (1)
  • محاضرات متفرقة (14)
  • شبهات وردود حول ظلامات سيّدتنا فاطمة عليها السلام (2)
  • الشعائر الحسينية - شبهات وردود (محرم1435هـ/2014م) (9)
  • زيارة أربعين سيّد الشهداء (عليه السلام) (2)
  • البحث القصصي في السيرة المهدوية (22)
  • سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) (6)

أدعية وزيارات ونعي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • أدعية (14)
  • زيارات (9)
  • نعي، لطميّات (4)

العقائد والتاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • شبهات وردود (458)
  • عقائدنا في الزيارات (2)

الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • إستفتاءات وأجوبة (1173)
  • أرسل سؤالك

علم الرجال :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مواضيع رجاليّة (102)

مواضيع مشتركة ومتفرقة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مراسلات زوّار الموقع للمركز (4)
  • كلمة - رأي - منفعة (20)
  • نصائح (5)
  • فلسفة ومنطق (4)
  • رسائل تحقيقيّة (3)
  • مواضيع أخلاقيّة (3)
  • فقهي عقائدي (35)
  • فقهي أصولي (11)
  • فقهي تاريخي (6)
  • شعائري / فقهي شعائري (26)
  • مواضيع متفرقة (22)
  • تفسيري (15)

مؤلفات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مؤلفات عقائديّة (15)
  • مؤلفات فقهيّة (13)

بيانات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • بيانات وإعلانات (35)

المؤلفات والكتب :

 
 
 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

 
 • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم وأهلك أعداءهم • 
  • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .

        • القسم الفرعي : شبهات وردود .

              • الموضوع : ما هو المنهج القصدي؟ .

ما هو المنهج القصدي؟

الموضوع:ما هو المنهج القصدي؟.
 

بسم الله الرحمن الرحيم
 

السلام عليكم
ما هو المنهج القصدي؟ ومؤسسه النيلي؟ وهل هو من كبار علمائنا؟ وما أبرز المؤاخذات على منهجه والردّ عليها؟ ونقاط الاتفاق والاختلاف نسألكم الدعاء


والجواب:
 

بسمه تعالى
 

المنهج القصدي هو من إدّعاء سبيط النيلي العراقي من قرية الصياحيّة ،ولد عام 1956 وتوفى عام 2000م كان استاذاً في إحدى الكليات،وبرع في العلوم الأكاديمية،ويظهر انّه لم يتفرغ لدراسة العلوم الدينية التخصصية في الحوزات العراقية،بل اتخذ علم التفسير القرآني مادةً دسمة لبحوثه اللغويَّة نتيجة مطالعات شخصية، ليضفي على بحثه المسحة الربانيَّة، من هنا وقع في التهافت والتناقض بالنتائج على الصعيد التفسيري.
والمنهج المذكور-كما يدّعي صاحبه-هو نظامٌ لغويٌ لا عبثيَّة فيه،يقوم على أساس القصد في اللغة وعدم إعتباطيتها،وهو مشروع يخدم القرآن بحسب زعمه،وقد التقينا مع بعض منظريه ومؤيديه في لبنان،ويظهر لي من خلال محاورتنا لهم ومن ثمّ مطالعتنا للمنهج المذكور،أنّهم لا يعتمدون على الأخبار الشريفة في أكثر الأحيان بل جلُّ إهتمامهم إنَّما هو على ظواهر اللغة- سوآء أكانت عربية أم عجمية-لفهم المطالب الشرعية وغيرها.
وبعبارةٍ أخرى هو منهجٌ ينفي المجاز والإستعارة وتقدير المحذوف في اللغة العربية،مدَّعياً جديّة اللغة وقصديتها دون أن تترك للمجاز والإستعارة مجالاً ليسرح فيها،بل كلّ ألفاظ اللغة العربية هي معانٍ حقيقيّة،كما أنَّه إعتمد على الألفاظ المفردة من دون إستعانة بالجمل المركبة،متصوراً أنَّ في الألفاظ مقاصدَ لغويّة جديّة لا يفهمها إلاَّ عالمٌ محيطٌ بكنه اللغة،ويظهر منه عدم الإعتقاد بوجود مجاز في القرآن الكريم،لأنَّ ألفاظ القرآن –كغيرها من ألفاظ اللغة العربية-غنيةٌ بذاتها عن المجاز والإستعارة،وذلك لوجود علاقة ذاتية بين اللفظ ومدلوله لا يعرفه إلاّ القلائل من البشر،وهو واحدٌ منهم..
      والإشكال على هذا المنهج يتمثّل بإعتماده على ظاهر اللغة فقط ،مما يعني عدم إعتنائه بالأخبار الشريفة،فإنّ اللغة وإن كانت غنية وزاخرة بمعانيها،إلاّ أنَّ ذلك لا يعني بالضرورة كونها معانٍ حقيقية دون أن يكون للمجاز نصيبٌ فيها ،لأنّ الحقيقة هي إستعمال اللفظ في معناه من دون تأويل أو نصب قرينة على الخلاف،وعكسه المجاز،وهو إستعمال اللفظ في معناه مع التأويل أو نصب القرينة،والقرآن لا يخلو من الألفاظ التي لها معانٍ متعددة،وكل معنىً يختلف عن الآخر،فإذا لم يستعمل المتكلم التأويل أو لم  ينصب قرينة على إرادته لمعنىً معينٍ فإنّه يوقع الآخرين فريسة الإيهام والتردد فلا يستقيم له ما أراده من المخاطَب،ولا أنّ المخاطب يفهم ما يريده المتكلم،وصاحب النهج لا يمكنه الفرار من إستعمال التأويل كما لحظنا ذلك من منظريه،وقلنا لهم أن إستعمالكم للتأويل هو بنفسه المجاز بعينه...
وأصحاب هذا النهج قد التقوا –من دون قصدٍ-بمنهج عمر بن الخطاب الذي نفى الإستعانة بألفاظ السنَّة النبوية المطهرة مدعياً كفاية ألفاظ القرآن في معرفة الحقائق الإيمانية،وقال كلمته المشهورة:"حسبنا كتاب الله"..ونؤكد ما قلنا من أن أصحاب هذا المنهج لا يعتمدون على الأخبار في فهمهم للقرآن بما ورد في الفصل الأول من كتابه "النظام القرآني" ضمن مبادىء المنهج اللفظي وهي ستةٌ:
(الأول): مبدأ عدم الإختلاف في القرآن.
(الثاني):مبدأ قصور المتلقي.
(الثالث):مبدأ التغاير عن كلام المخلوقين.
(الرابع):مبدأ خضوع المتلقي للنظام القرآني.
(الخامس):مبدأ التبيين الذاتي.
(السادس):مبدأ الإمتناع عن قبول أي علمٍ أو معرفة غير علمه.
   الإشكال في هذه المبادىء إنّما هو في المبدأ الاول والخامس والسادس...
أما الأول:

فلا خلاف في معاني الآيات ودلالاتها المركبّة من المتشابه والمحكم والمجمل والعام والمطلق والخاص والمبيَن،وإنما الإشكال في بعض الألفاظ الإنشائية الواردة فيه والتي هي على خلاف الوضع اللغوي نتيجة الدس والتحريف اللذين لحقا به،نظير حذف النقتطين من تحت الياء في آخر كل كلمة تنتهي بياء،ونظير ضمّ الضمير المتصل بالإسم المجرور في قوله تعالى في سورة الفتح آية 10:"ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله " مع أنّ الضمير في غير هذه الآية كان مجروراً...وهكذا في الإسم المنادى نظير قوله في سورة النور آية 31:" وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون".." ونظيرها في سورة الزخرف الآية 49 "وقالوا يا أيه الساحر"   وكذلك الآية43 من سورة الدخان:"إنّ شجرت الزقوم طعام الاثيم"حيث كتبت الشجرة بالتاء المفتوحة مع أنَّها مضمومة كما في سائر الآيات الأخرى ، وكذلك حذفت الالف من الرحمان في البسملة وبقية ألفاظ الرحمان، وغيرها من الموارد يجدها المتتبع لألفاظ اللغة،وهي مخالفة لأصل اللغة..ولا أحد من المسلمين يسير على منهج تلك الألفاظ القرآنية التي تلاعبت بها أيادي المكر والخديعة..فيكتبونها بغير الكيفية التي هي في القرآن،لقناعتهم بذاك الخطأ،وعليه فإنّ دعوى عدم وجود إختلاف في إنشاء بعض الألفاظ القرآنية مردودة على صاحب المنهج...فدعوى عدم وجود إختلاف إنشائي في ألفاظ القرآن الموجود بين أيدينا خلاف الوجدان،مع أنَّ أدل دليلٍ على الإمكان هو الوقوع! والدعوى المزبورة ترتكز على دعوى العامة بانَّ القرآءات السبعة بل الخمسة عشرة التي يقول بها المخالفون يتبناها ويعتقد بها سبيط النيلي صاحب النظرية،وهو خلاف ما نعتقده نحن معشر الإمامية،لأنّ القرآن واحدٌ نزل من عند الواحد الأحد حسبما جاء عن أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام)وما يعتقده النيلي بصحة تلكم القرآءات بكونها إعجازاً من عند الله تعالىإنّما هو مخالفة أخرى تضاف إلى سجلّ المخالفات على نظريته.
وأما الخامس:

فمردودٌ أيضاً وذلك لأنَّ التبيين الذاتي لوحده في القرآن الكريم من دون إستعانة بأيّ علمٍ آخر أو معرفة أخرى حتى ولو كانت نبوية،يكذّبه شواهد الحال والمقال في القرآن،إذ ثمة آياتٌ كثيرةٌ لا يمكن معرفة مدلولها من دون إستعانة بألفاظ السنَّة النبوية المتمثلة بأقوال النبيّ وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام) ككثيرٍ من تفاصيل الفقه والعقيدة وتاريخ الأمم والملوك وما شابه ذلك..فمثلاً لولا السنّة المطهرة لما أمكننا معرفة الصلاة بكلِّ تفاصيلها من تكبيرة الإحرام والفاتحة ثم السورة ،وإنتهاءاً بالتشهد والتسليم،وهكذا الأمر بالنسبة إلى بقية التكاليف الأخرى،إذ لم تبين الآيات الشريفة تفاصيل العبادات  ولا المعاملات أيضاً،فكيف يُدَّعى ساعتئذٍ بأنّ القرآن بنفسه مبدأٌ للتبيين الذاتي؟؟! أليست هذه دعوى صريحة لتثبيت مقالة عمر بن الخطاب "حسبنا كتاب الله" للإنفصال عن قرين القرآن عنيت بهم العترة الطاهرة (عليها السلام)؟؟!! أليست هذه دعوى للإنعتاق من قول الرسول الأكرم عليه وآله أفضل الصلاة وأزكى السلام:"إنّي تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"؟؟!! فلو صدقنا قول سبيط النيلي لكنا كذّبنا –والعياذ بالله تعالى-قول رسوله الذي أمر بالتمسك بالعترة لمعرفة الكتاب الكريم ،إذ من دونهم لا يمكن معرفة الدين والإسلام،فسبيط النيلي يقول :إنّ القرآن فيه تبيينٌ ذاتيٌ من دون الرجوع إلى أهل البيت (عليهم السلام)لكون ألفاظه المفردة بل حتى الحروف ذات قيمة بيانية يمكن إستخراج المعارف منها لوحدها..وأما رسول الله فيقول أن فهم القرآن على حقيقته لا يمكن بدون أهل البيت (عليهم السلام)،ونحن لا ننكر بأنّ ألفاظ القرآن ذات قيمةٍ بيانية عالية ولكنها ليست مسرحاً لغير المعصومين (عليهم السلام)،بل إنّ النبيَّ عليه وآله السلام كان ينتظر الوحي في تفسير بعض الآيات التي نزلت عليه،وبالتالي كيف يصح القول بأن القرآن لوحده كافٍ في تبيين المطالب دون إستعانة بمعرفة أخرى؟؟!!
واما السادس:

فباطلٌ جملةً وتفصيلاً،وذلك لأنَّ الإمتناع عن قبول أي علمٍ غير علم القرآن يلغي دور سنّة النبيّ وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) من أساسها ،فلا يعد أيّ معنىً لقول الله تعالى :"...أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم""وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.." "وإنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا.."..فما دام القرآن يمنع من قبول أي معرفة غير معرفته ،فلا تنفع ساعتئذٍ معرفة الرسول وأهل بيته الميامين (عليهم السلام)الذين أمر الله عزّ ذكره بالرجوع إليهم والإستفادة منهم!! ولو كان القرآن كافياً لوحده في تحصيل المعرفة الشرعيّة لما كان ثمة داعٍ وحاجة إلى النبيّ وأهل بيته في معرفة التفاصيل الفقهيّة والعقائدية وما شابه ذلك،مع أنّ الأمر بالعكس،فإنّ الكتاب بحاجة ماسة إلى المعصوم (عليه السلام) لتفسير معانيه وتبيين وتوضيح مراميه ومقاصده وأهدافه..مضافاً إلى أنَّ الدعوى المذكورة تلغي مفهوم الإعجاز القرآني الدال على وجود معانٍ كثيرة للفظ الواحد البسيط في كلّ كلمة في القرآن الكريم،فإذا ما إكتشف اللغوي معنىً واحداً من اللفظ فلا ريب –بحكم قانون الإعجاز القرآني-أنّه لن يكون قادراً على إكتشاف كلّ المعاني المكتنفة ببواطن اللفظ،وبهذا يبقى القرآن الكريم بحاجة إلى النبيّ والوليّ (عليهما السلام) لإستكشاف بقية تلك المعاني المكتنفة باللفظ والمستورة عن عامة الخلق مهما بلغوا الذروة من الفهم والإدراك ،ليبقى الكمال وحده لمن كان من ربه كقاب قوسين أو أدنى..
وبعبارةٍ أُخرى:إنَّ القول بوجود قيمةٍ معنويَّةٍ للحرف-كما سوف نبين بعد قليلٍ- سوآءٌ في القرآن الكريم أو في اللغة العربيَّة، لا يعني بالضرورة الإستغناء عن العلوم الإُخرى لمعرفة مراد الألفاظ في القرآن الشريف،وإلاَّ لتساوى في معرفته الجاهل والأُمي،والعالم والمتعلم ،ولما كان ثمة داعٍ للتفسير بالسنَّة النبويَّة المطهرة المتمثلة بأقوال رسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين (عليهم السلام)..!
* القيمة المعنويّة للحرف والحركة:
    أشار أبو الفتح عثمان بن جنّي إلى هذه المسألة لدى حديثه عن الاشتقاق الأصغر، وخلاصة المسألة أنّ الكلمة هي أداة للتعبير عن معنى ما، وهذه الكلمة تتألف من مجموعة أحرف، ولولا هذه الأحرف لما وُجِدَ الكلم... ولما وجدنا أداةً للتعبير عن المعاني التي نريدها.. وهذا أمرٌ واضحٌ بيِّنٌ.
    إلاّ أنّ هذه القيمة تظهر بعدّة اشكال؛ فقد يكون ذلك من خلال الزيادة التي تلحق بعض الكلمات، لتغيّر معنى الكلمة؛ نحو: أسرى/أسارى، إذ يُراد بالأسرى السّجناء غير المقيَّدين، في حين أنّ الزيادة التي دخلت وسطها ــ وهي الألف في اللفظ الثاني ــ أكسبتها معنىً آخر؛ وهو: الأسرى المقيَّدين(1). وكذلك لفظي "الأعمه/الأعمى"؛ فالأوّل يُراد به فاقد البصيرة، والثاني فاقد البصر، أمّا الذي ميّز معنى كلٍّ منهما فهو الحرف الأخير الدّاخل على آخرهما ــ الهاء في الأوّل، والألف في الثاني ــ.
    ومظاهره ما يتجلّى في قوله تعالى: ?فيهما عينان نضّاختان?؛ حيث إنّ لفظ "نضخ" يقابله في العربيّة لفظ "نضح"، واللفظان متقاربات في المعنى، فالنضح جريان الماء، والنضخ تدفّق المياه بقوّة، إلاّ أنّه خُصَّ المعنى الأقوى بالحرف الأقوى نطقاً ـ وهو الخاء المعجمة ـ، واعتُمِدَ على هذا الحرف في التمييز بين المعنيين، وخُصَّ المعنى الأضعف بالحرف الأضعف ــ وهو الحاء المهملة ــ(2).
    إذاً؛ فالقيمة المعنويّة للحرف الواحد أمر معروف ومسلَّم به لدى علماء العربيّة منذ القِدَم. أمّا ما قدّمه صاحب هذه النّظريّة العجفاء فهو خروج على أصول هذه اللغة الكريمة، بل وعلى القرآن الكريم بحدّ ذاته..
    وما باله لو أخبرناه أنّ هناك علَمَاً آخر تناول القيمة المعنويّة للحركة ــ عنينا به أبا عليّ الفارسي، أستاذ ابن جنّي ـ الذي خصّ الحركات بدراسة رائعة، أعطاها فيها أهميّة لا تقلّ عن قيمة الحرف وبالتّالي الكلمة؛ حيث وجد أنّ الحركة مرافقة للحرف في النّطق، وأنّه لا وجود لحرفٍ متحرِّكٍ ما تترافق الحركة معه نطقاً كلفظي "ضَرَبَ/ضُرِبَ" ــ مثلاً ــ، فكلاهما فيه معنى الضّرب لكنّ أحدهما يختلف في دلالته عن الآخر(3)..
    كما إنّ ابن جنّي تلميذ أبي عليّ الفارسي خصّ مسألة المجاز اللغوي ببابٍ في خصائصه(1)، تناول فيه مسألة رائعة، وهي أنّ اللغة كلَّها ــ أساساً ــ مجازٌ، لكنّ شياع استعمال الألفاظ والعبارات، وبالتالي سرعة فهم معانيها ومراميها، جعلها في مصافّ الحقيقة؛ فمثلاً إذا قلتَ: قام زيدٌ، فهذه العبارة في الأصل مجاز؛ إذ ما نوع هذا القيام الذي أحدثه زيدٌ بنفسه، هو قيامٌ سريعٌ أم بطيءٌ.. لكنّه لمّا شاع على الألسن وبات المعنى المراد منه معروفاً، اعتُبِرَ ــ ساعتئذٍ ــ حقيقةً.. وابنُ جنّي ليس وحده مَن قال بهذه النّظرية، بل سبقه إليها أستاذه أبو عليّ الفارسي.
    بعد ذلك كلّه؛ نتوجّه إلى هذا المتفلسف بمجموعة أسئلة استنكاريّة:
    1. إذا كان كلامك صائباً، فما الحاجة إلى الكتب والمصنَّفات التفسيريّة واللغوية وسواها؟ بل وما حاجة العوامّ لها ؟!! بل وما حاجتهم إلى العلماء؟!! فليتخلوا ساعتئذٍ  عنهم وعن تراثٍ دينيٍٍّ ولغويٍٍّ ضخمٍ ومشرِّفٍ..
    2. إذا كان كلامكَ صائباً، فما الحاجة ــ وقتئذٍ ــ للاشتقاق والنّحت في اللغة؟ أي: أنّى لنا ولهؤلاء العلماء فهم الكلمات المنحوتة من كلمتين كــ: "حيعل" التي قيل إنّ معناها: حيّ على خير العمل، و"عبشمي" التي يراد منها: عبد شمس.. وكذلك الاشتقاق..
    3. إذا كان كلامكَ صائباً، فعلى لغتنا العفا!!! إذ ماذا بقي من قرآننا؟!!! فما الذي يميّز لغتنا ساعتئذ عن لغة البهائم؛ لأنّ البهائم والحشرات تتواصل بالأصوات ــ على ظاهرها ــ أو بالإشارات ــ كالنّحل الذي يتواصل فيما بينه بالرّقص ــ..
تنبيه هام:
ما ادعاه سبيط النيلي واعتبره إكتشافاً جرى على يديه وأنّه من بنات أفكاره لا يمتُّ إلى الحقيقة بصلة بل الحقُّ أن يقال أنَّ إبن جني العالم اللغوي المشهور في أوساط علماء الأدب واللغة هو أول من قال بوجود علاقة ذاتيّة طبيعيّة بين اللفظ ومدلوله أي وجود ترابط ذاتي بين الحرف البسيط وبين قيمته البيانيّة،إذ كلُّ حرفٍ بالكلمة العربيّة يستقل ببيانٍ خاصٍ ما دام يستقل بإحداث صوتٍ معينٍ،وكلُّ حرفٍ له ظلٌّ وإشعاعٌ،إذ كان لكلّ حرفٍ صدى وإيقاعٍ ! وهذا ما عبر عنه إبن جني بالقيمة التعبيرية للصوت البسيط وهو الحرف الواحد في كلمة،وقد عقد إبن جني باباً خاصاً بشأن هذا الأمر سماه :" إمساس الألفاظ أشباه المعاني" مدعياً بأنَّ لكلّ لفظٍ صوتاً ،ولهذا الصوت مدلولٌ معينٌ وهو أمرٌ قد اكتشفه الخليل الفراهيدي وسيبويه...بل يمكننا القول بأن الخليل وسيبويه هما أول من نبه على وجود مناسبة طبيعيّة بين اللفظ ومدلوله،ثم جاء من بعدهما إبن جني معترفاً بصحته.وأحبُّ أن ألفتُ إنتباه السادة القراء أنّ الخليل الفراهيدي الشيعي لم يُعلم عنه نفيه لإمتناع القرآن لمعرفة غيره كما هو حاصلٌ من تصريح سبيط النيلي مما يجعله في ورطة عقائدية كبرىوهي إنفكاكية القرآن الكريم عن الثقل اللآخر الذي أمر بالتمسك به رسول الله بقوله المشهور :"إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي .."كما أنّه تورط برفض التواتر القرآني مدعياً بأنَّ المنهج القصدي قادرٌ على إثبات إعجاز القرآن دون اللجوء أو الحاجة إلى ذكر التواتر..وهو أمرٌ يؤدي إلى رفض الإجماع الدخولي المتسالم على حجيته لدخول المعصوم في المجمعين ،وإنكاره يُخلُّ بالإيمان! كما أنَّ من محاذير هذا المنهج هو الإستغناء عن أقوال المعصومين (عليهم السلام) مما يستلزم تفسير القرآن بالرأي وهو محرّمٌ شرعاً! كما أنّ إتباع هذا المذهب يقتضي إحياء سنّة عمر بن الخطاب الداعي إلى التمسك بالكتاب دون أهل البيت (عليهم السلام) مع أنّه لم يفهم الكتاب ولا سنّة النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم..!!
 

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلواته الزاكيات على المبعوث رحمةً للعالمين رسول الله محمَّد وآله الطيبين المطهرين ،فلعن الله ظالميهم من الاولين والآخرين إلى قيام يوم الدين..

والسلام عليكم ورحمته وبركاته...
 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/03/06   ||   القرّاء : 14480




أحدث البيانات والإعلانات :



 لقد ألغى سماحة لمرجع الديني الكبير فقيه عصره آية الله الحجّة الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي ( دام ظلّه الوارف ) كلّ الإجازات التي منحها للعلماء..

 الرد الإجمالي على الشيخ حسن المصري..

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1443 هجري / 2022 ميلادي

 الرد الفوري على الشيخ البصري

 إحتفال الشيعة في رأس السنة الميلاديّة حرام شرعاً

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1441 هجري / 2020 ميلادي

 بيان هام صادر عن المرجع الديني آية الله الشيخ محمّد جميل حمُّود العاملي

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 هل كان أمير المؤمنين عليٌّ صلّى الله عليه وآله موجوداً مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الإسراء والمعراج..؟

 ما هو حكم الدم المعفى عنه في الصلاة..وكم هو مقداره..؟

 حكم الرعاف في شهر رمضان...

 البتريون كالنواصب نجسون دنسون..

 هل الملعون نجس؟

 تحية السلام على المصلي...

 حكم العدول من سورة الى سورة في الصلاة الواجبة..

ملفات عشوائية :



 لا يجوز الإقتراض الربوي من البنوك مطلقاً

 لا يجوز التقليد في أصول العقيدة

  هل يصح أن نطلق على التطبير بالتطبير المقدَّس؟

 يجوز الوضوء مع وجود مواضع أخرى متنجسة في البدن ضمن شروط

 هل المشيئة الإلهيّة متأخرة عن خلق الأئمة عليهم السلام ؟

 التجارة الإلكترونيّة ونظام الهامش

 النبي آدم عليه السلام لم يحسد آل البيت عليهم السلام والنبيّ يونس لم يترك ولايتهم عليهم السلام

جديد الصوتيات :



 الإيراد على الوهابيين غير المعتقدين بالتوسل بالأنبياء والأولياء من آل محمد عليهم السلام - ألقيت في عام 2008 ميلادي

 محطات في سيرة الإمام محمّد الجواد عليه السلام - 26تموز2007

 محاضرة حول الصدقة (حديث المنزلة..وكل الانبياء أوصوا الى من يخلفهم..)

 السيرة التحليليّة للإمام علي الهادي عليه السلام وبعض معاجزه

 لماذا لم يعاجل الإمام المهدي (عليه السلام) بعقاب الظالمين

 المحاضرة رقم ٢:( الرد على من شكك بقضية إقتحام عمر بن الخطاب لدار سيّدة الطهر والقداسة الصديقة الكبرى فاطمة صلى الله عليها)

 المحاضرة رقم 1:(حول ظلامات الصدّيقة الكبرى..التي منها إقتحام دارها..والإعتداء عليها ارواحنا لشسع نعليها الفداء والإيراد على محمد حسين..الذي شكك في ظلم أبي بكر وعمر لها...)

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 11

  • الأقسام الفرعية : 36

  • عدد المواضيع : 2195

  • التصفحات : 19223230

  • المتواجدون الآن : 1

  • التاريخ : 29/03/2024 - 11:10

||   Web Site : www.aletra.org   ||   
 

 Designed, Programmed & Hosted by : King 4 Host . Net