• الصفحة الرئيسية

ترجمة آية الله العاملي :

المركز :

بحوث فقهيّة وعقائديّة/ اردو :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مجلّة لسان الصدق الباكستانيّة (3)
  • بحث فقهي عن الشهادة الثالثة (1)

محاضرات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرة الإمام الحجّة (عليه السلام) (121)
  • مظلوميّة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة (عليها السلام) (20)
  • شبهات وردود حول فقه السيرة الحسينية (11)
  • من هم أهل الثغور؟ (1)
  • محاضرات متفرقة (14)
  • شبهات وردود حول ظلامات سيّدتنا فاطمة عليها السلام (2)
  • الشعائر الحسينية - شبهات وردود (محرم1435هـ/2014م) (9)
  • زيارة أربعين سيّد الشهداء (عليه السلام) (2)
  • البحث القصصي في السيرة المهدوية (22)
  • سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) (6)

أدعية وزيارات ونعي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • أدعية (14)
  • زيارات (9)
  • نعي، لطميّات (4)

العقائد والتاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • شبهات وردود (458)
  • عقائدنا في الزيارات (2)

الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • إستفتاءات وأجوبة (1173)
  • أرسل سؤالك

علم الرجال :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مواضيع رجاليّة (102)

مواضيع مشتركة ومتفرقة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مراسلات زوّار الموقع للمركز (4)
  • كلمة - رأي - منفعة (20)
  • نصائح (5)
  • فلسفة ومنطق (4)
  • رسائل تحقيقيّة (3)
  • مواضيع أخلاقيّة (3)
  • فقهي عقائدي (35)
  • فقهي أصولي (11)
  • فقهي تاريخي (6)
  • شعائري / فقهي شعائري (26)
  • مواضيع متفرقة (22)
  • تفسيري (15)

مؤلفات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مؤلفات عقائديّة (15)
  • مؤلفات فقهيّة (13)

بيانات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • بيانات وإعلانات (35)

المؤلفات والكتب :

 
 
 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

 
 • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم وأهلك أعداءهم • 
  • القسم الرئيسي : الفقه .

        • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .

              • الموضوع : حكم ترك الطواف / لا يجوز البراءة القلبية واللسانية من الإمام الأعظم امير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهما السلام في كلّ الأحوال / لا يجوز صرف الخمس والحقوق الشرعية على العمليات الإنتحارية .

حكم ترك الطواف / لا يجوز البراءة القلبية واللسانية من الإمام الأعظم امير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهما السلام في كلّ الأحوال / لا يجوز صرف الخمس والحقوق الشرعية على العمليات الإنتحارية

الإسم: ****
النص:
بسم الله الرّحمن الرّحيم
سماحة آية الله المرجع الديني الشيخ محمد جميل حمود العاملي دام ظلّه الشريف
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الوقت الذي ألثم فيه أياديكم المباركة وأبتهل إلى الله أن يديم حفظكم ويمتّعنا بمدّ أفياء ظلّكم على رؤوس الموالين, أودّ أن أعرض بخدمتكم الأسئلة الآتية راجياً من جنابكم المبارك أن تتفضّلوا علينا بالإجابة عنها تفصيلياً مدّعماً بالأدلّة,وهي كالآتي:
1-امرأة سافرت إلى الحج بإذن زوجها إلا أنها تركت طواف النساء عمداً,ما حكم حجّها؟كما أنها ترفض التوكيل في الطواف عنها بذريعة أنها تكره زوجها وتريد الطلاق منه,ما الحلّ الشرعي في هكذا حالة؟
2-إذا اضطّر شخص ما للبراءة من أمير المؤمنين عليه السّلام (والعياذ بالله),هل يجوز له ذلك؟ وهل يدخل حكمه _على فرض الجواز_تحت حكم التقية؟أم أن أدلّة التقية لا تشمل هذا المورد؟
3-ما حكم الجهاد في عصر غيبة الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشّريف؟
4-هل يجوز صرف سهم الإمام روحي فداه في دعم العمليات الاستشهادية أم لا؟
5-هل هناك حدّ في استخدام التقية,أم أن استخدامها جائز في جميع الأحوال؟
6-ما هو حكم تحميض صور النساء من قبل الرجال الأجانب؟
7-ما رأيكم في مسألة تحديد النسل؟
8-ما رأيكم في أطروحة شورى الفقهاء والمراجع التي كان ينادي بها الراحل السيد الشيرازي؟
9-هل هناك روايات تشير إلى أن خطأ العالم بحسنة وصوابه باثنتان(بإثنتين)؟

المواضيع الفقهية: حكم ترك الطواف / لا يجوز البراءة القلبية واللسانية من الإمام الأعظم امير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهما السلام في كلّ الأحوال / لا يجوز صرف الخمس والحقوق الشرعية على العمليات الإنتحارية / حكم تحميض صور النساء من قبل الرجال الأجانب / حكم تحديد النسل / شورى الفقهاء هي نفسها ولاية الفقيه الفردية / لا يثاب الفقيه على خطئه.
بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

     الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سادة خلقه وقادة رسله رسول الله محمد وآله الطيبين الطاهرين عليهم السلام، واللعنة السرميدية الأبدية على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم ومعارفهم ومعاجزهم وكراماتهم وظلاماتهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين..وبعد.
إلى جناب الشيخ الفاضل ***** حفظه المولى تبارك اسمه
السلام عليكم ورحمته وبركاته.. نتمنى لكم التوفيق والسداد وأن يجعلنا الله تعالى وإياكم من خدام الإمام المعظم صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء وأن يوفقنا للكون معه في الدنيا والآخرة بحق محمد وآله المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين، وها نحن نستعرض أسئلتكم الفقهية والعقائدية الكريمة مع الإجابة عليها، فنشرع بالأسئلة الفقهية بعون الله تعالى والحجج الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السؤال الأول: امرأة سافرت إلى الحج بإذن زوجها إلا أنها تركت طواف النساء عمداً, ما حكم حجّها؟ كما أنها ترفض التوكيل في الطواف عنها بذريعة أنها تكره زوجها وتريد الطلاق منه,ما الحلّ الشرعي في هكذا حالة؟
الجواب على سؤالكم الأول:
من ترك طواف النساء متعمداً، لم يبطل حجه  إلا أنه لا تحل له النساء ، حتى يطوف بنفسه أو يأمر من يطوف عنه، سوآء أكان رجلاً أم إمرأة ...بل حتى الطفل الذي يحج عنه ولم يطف عنه يحرم عليه النساء عندما يكبر حتى يطوف طواف النساء، وترك الطواف المذكور يستلزم حرمة الرجال على المرأة المفروضة بالسؤال، فكما يحرم عليها زوجها كذلك يحرم عليها عامة الرجال حتى لو طلقها زوجها ما دامت لم تقضِ حجَّها ولم تطف طواف النساء، كما لا يجوز لزوجها مقاربتها شرعاً باعتبارحرمة نكاحها عليه بحكم تعمدها ترك طواف النساء، فيجب أن يبادر إلى طلاقها للجهةِ المذكورة ، ولأن الزوجة كارهة له من جهة ثانية وإلا ارتكب إثماً عظيماً بإبقائها عنده مع ما يترتب على هذا البقاء من الجماع المحرم الذي هو بحكم الزنا ـ لا أنه زنى بالمعنى المصطلح عليه ـ ففي صحيحة معاوية بن عمار عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" في رجل نسي طواف النساء حتى أتى الكوفة ؟ قال عليه السلام:" لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت، قلت: فإن لم يقدر ؟ قال:" يأمر من يطوف عنه" وسائل الشيعة/كتاب الحج ص467/باب 58من أبواب من نسي الطواف حتى أتى أهله. فالرواية واضحة الدلالة في أن التارك لطواف النساء ـ سوآء أكان رجلاً أم امرأة ـ يحرم عليه النكاح، ولو فعل فلا يعتبر زانياً إلا أنه بحكم الزنا لإرتكابه الفعل المحرم، ويجب عليه الكفارة وهي بدنة على الأقوى،  والله تعالى حسبي ونعم الوكيل، والسلام عليكم. 

2- إذا اضطّر شخص ما للبراءة من أمير المؤمنين عليه السّلام (والعياذ بالله),هل يجوز له ذلك؟ وهل يدخل حكمه _على فرض الجواز_تحت حكم التقية؟أم أن أدلّة التقية لا تشمل هذا المورد؟
بسمه تعالى
السلام عليكم
الجواب:
لا يجوز بأيّ شكلٍ من الأشكال البراءة القلبية من أمير المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، وذلك لأن البراءة مكانها ومستقرها القلب فلا يطلع العدو على قلب المؤمن، وبالتالي لا يجوزـ والحال هذه ـ أن يتبرأ من صاحب نعمته الذي لولاه لما خلق الله تعالى الأفلاك بما فيها البشر والجن والملائكة، ودليلنا على الحرمة هو ورود الأخبار الكثيرة الناهية عن التبري منهم صلوات الله عليهم كما جاء في الأخبار المستفيضة التي روينا قسماً منها في كتابنا الجليل"الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية الجزء الثاني /بحث التقية، ومن هذه الأخبار الشريفة:
 ما رواه الشيخ حسن بن محمد الطوسي( إبن الشيخ الطوسي) في مجالسه بأسناده عن محمد بن ميمون عن الإمام المعظم جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:( ستدعون إلى سبي فسبوني، وتدعون إلى البراءة مني فمدوا الرقاب فإني على الفطرة).
وبأسناده أيضاً عن هلال بن محمد الحفار ، عن إسماعيل بن علي الدعبلي ، عن علي بن علي أخي دعبل بن علي الخزاعي ، عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) أنّه قال : « إنّكم ستعرضون على سبّي فإن خفتم على أنفسكم فسبّوني ألا وإنّكم ستعرضون على البراءة منّي فلا تفعلوا فإنّي على الفطرة » .
وما في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه قال : « أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن يأكل ما يجد ويطلب ما لا يجد فاقتلوه ، ولن تقتلوه ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي فأمّا السب فسبّوني فإنّه لي زكاة ولكم نجاة ، وأمّا البراءة فلا تتبرؤوا منّي فإنّي ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة » .
ملاحظة مهمة:إن قوله عليه السلام في السبّ : "فإنّه لي زكاة ولكم نجاة " إشارة إلى أسباب ترخيصه في سبّه المؤدي إلى نجاتهم من القتل بسبب سبّه، وهذا واضح، وأمّا كونه زكاة له فلوجهين : أحدهما : ما روى في الحديث أنّ ذكر المؤمن بسوء هو زكاة له ، وذمّه بما ليس فيه زيادة في جاهه وشرفه .
  ويجب التنبيه على أمرٍ مهم هو: أن الأمر بالسبّ حال التعرض للهلكة محمول على الإباحة لا الوجوب وذلك لوجود قرينة واضحة تصرف صيغة"إفعل" من الوجوب إلى الإستحباب لأن  المشهور عند الأُصوليين بأن صيغة"إفعل" موضوعة لوجوب الفعل في حال خلا الوجوب عن القرينة الصارفة إلى الإستحباب، فصيغة إفعل لوحدها وبلا قرينة صارفة تدل على الإلزام والوجوب، ولكنّها في موردنا محمولة على الإستحباب للقرينة الصارفة في حسنة عبد الله بن عطا، قال: « قلت لأبي جعفر عليه السّلام رجلان من أهل الكوفة أخذا فقيل لهما أبرئا من أمير المؤمنين عليه السّلام فبرئ واحد منهما وأبى الآخر فخلى سبيل الذي بريء وقتل الآخر فقال أما الذي بريء فرجل فقيه في دينه وأما الذي لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنة » .
  والمراد من التبري الوارد في خبر إبن عطا هو التبري باللسان دون القلب وإلا فلا يجوز التبري قلباً من أمير المؤمنين وأهل بيته الطيبين المطهرين عليهم السلام ومن يتبرأ قلباً منهم صلوات الله عليهم فقد خرج من الإسلام وأصبح مرتداً إجماعاً ونصاً، فالرواية الشريفة المتقدمة تشير إلى جواز التبري اللفظي من أمير المؤمنين صلوات الله عليه في حال التقية القصوى لمن يريد الحياة وإلا فليوطن نفسه للقتل في سبيله صلوات الله عليه، فالرواية واضحة في التبري اللفظي وأن كلا الرجلين من أهل الجنّة ولكن من لم يتبرأ بلسانه فقد تعجل إلى الجنة.
 ويشهد لما قلنا أيضاً ما وردفي خبر يوسف بن عمران الميثمي قال: سمعت ميثم التمار النهرواني يقول: دعاني أمير المؤمنين عليه السلام وقال:" كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أمية عبيد الله بن زياد إلى البراءة مني؟ قلت: يا أمير المؤمنين أنا واللهِ لا أبرء منك ؟ قال عليه السلام: إذاً واللهِ يقتلك ويصلبك ، فقلت: أصبر فذاك في الله قليل، فقال عليه السلام:" يا ميثم إذاً تكون معي في درجتي".
    في خبر هلال الحفار المتقدم الدال على أن الغاية من السبّ هي النجاة من الهلكة لمن أحبَّ الحياة وإلا فليوطن نفسه على الشهادة في سبيل أمير المؤمنين الإمام الاعظم سيدنا أبي الحسن عليّ صلوات الله عليه وآله، وهذه القرينة هي قوله الشريف:(..فإن خفتم على أنفسكم فسبوني) ومن لا يحب البقاء في الحياة فلا يتبرأ باللسان ولا تكون البراءة الداعية إلى النجاة من الموت إلا البراءة اللسانية التي يسمعها الأعداء ولا يراد منها البراءة القلبية لأنها غير مسموعة لأن موطنها القلب، وحيث إن الأعداء لا يريدون ما في قلبه بل يريدون ما يجري على لسانه كما أرادون من عمار بن ياسر حيث أجبروه على البراءة منرسول الله صلى الله عليه وآله ففعل وندم على فعله فأمره النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بإعادتها لو عادوا إلى مثلها، وكل هذا لأن عماراً كان يخاف القتل، ولكنَّ أمه وأباه لم يفعلا ما فعله إبهما عمار بل فضلا التعذيب والقتل على البراءة من رسول الله صلى الله عليه وآله..وهكذا أراد الأعداء من ميثم التمار لمّا أجبروه على البراءة اللسانية من أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه وآله الطيبين الطاهرين فلم يفعل وقدم نفسه المباركة إلى مشرحة التعذيب الشنيع حتى قتل في سبيل الله تعالى..وهكذا فعلوا بحجر بن عدي رضي الله عنه لمّا أجبروه على البراءة من أمير المؤمنين عليه السلام ولكنه فضّل الموت على ذلك وقدّم إبنه للذبح قبله حتى يطمئن بأنه قتل لأجل الولاية لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام.
والمحاصل: إن المراد من البراءة الجائزة في الأحاديث هي ما أشرنا إليه من البراءة اللسانية دون البراءة القلبية، ولا مانع من الناحية اللغوية والإصطلاحية من حمل البراءة على البراءة اللسانية،وهو ما أكده الإحتجاج عن أمير المؤمنين وإمام الموحدين عليّ صلى الله عليه وآله الطيبين في وصيته لليوناني الذي أسلم على يديه فقال له:( أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في ( الاحتجاج ) عن أمير المؤمنين عليه السلام في احتجاجه على بعض اليونان قال : وآمرك أن تصون دينك ، وعلمنا الذي أودعناك ، فلا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد ولا تفش سرنا إلى من يشنع علينا وآمرك أن تستعمل التقية في دينك فان الله يقول : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ الا ان تتقوا منهم تقاة " وقد أذنت لكم في تفضيل أعدائنا إن ألجأك الخوف إليه وفي إظهار البراءة إن حملك الوجل عليه وفي ترك الصلوات المكتوبات ان خشيت على حشاشة نفسك الآفات والعاهات ، فان تفضيلك أعداءنا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضرنا ، وإن إظهارك براءتك منا عند تقيتك لا يقدح فينا ولا ينقصنا ولئن تبرء منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتبقى على نفسك روحها التي بها قوامها ، ومالها الذي به قيامها ، وجاهها الذي به تمسكها ، وتصون من عرف بذلك أولياءنا وإخواننا ، فان ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك ، وتنقطع به عن عمل في الدين ، وصلاح إخوانك المؤمنين ، وإياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شائط بدمك ودماء إخوانك معرض لنعمتك ونعمتهم للزوال ، ومذل لهم في أيدي أعداء دين الله ، وقد أمرك الله باعزازهم فإنك ان خالفت وصيتي كان ضررك على إخوانك ونفسك أشد من ضرر الناصب لنا الكافر بنا ).إنتهى.
السب والبراءة اللسانية جائزة ـ وليست واجبة على الأقوى عندنا ـ لمن جزع من الموت وإلا فلا يجوز السبّ كما لا تجوز البراءة اللسانية لمن أحب الموت في سبيل الله لا سيّما العلماء المجاهدين الذين يفرض عليهم توطين النفس على الصبر في مواطن الهلكة لأن في صبرهم على المكاره تثبيتاً للقلوب الضعيفة وإحياءً لأمر الولاية لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام والبراءة من أعدائهم.
وخلاصة الكلام: إن الروايات الكاشفة عن البراءة على طائفتين: طائفة تنهى عن البراءة، وطائفة تأمر بالبراءة حال الخوف من القتل، فنحمل الطائفة الأولى على النهي عن البراءة القلبية حتى لو أدى إلى القتل لأن البراءة القلبية من أمير المؤمنين أو واحد من أهل بيت العصمة والطهارة يخرج بصاحبه من الدين ويسلكه في سلك المرتدين، وما دامت الولاية من الإعتقادات القلبية التي لا يطلع عليها البشر فلا يجوز ـ والحال هذه ـ التبري من صاحب الولاية لأن الأعداء لا يمكنهم الإطلاع على ما في قلبه فلا تكون البراءة القلبية مباحة بأيِّ شكلٍ من الأشكال وصاحبها من أهل النار...ونحمل الطائفة الثانية على البراءة اللسانية في حال الخوف من القتل فيبرء بلسانه دون قلبه فيما لو لم يقدر على الصبر أو كان يخاف الموت وهو نقص في المؤمن الموالي وليس كل المؤمنين على درجة واحدة بالإيمان..اللهم اختم لنا بخير في مواطن الصبر والقتل في سبيلك يا ربّ..!
3-ما حكم الجهاد في عصر غيبة الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشّريف؟
بسمه تعالى
الجواب:
الجهاد تارةً يكون إبتدائياً وأخرى يكون دفاعياً، والجهاد الإبتدائي هو ما كان لأجل توسعة رقعة الإسلام بالدعوة إليه ولو أدَّت الدعوة إلى الصدام المسلح، والجهاد الدفاعي هو الجهاد المانع من وصول الأعداء إليه، وهذا ينقسم إلى قسمين: أحدهما؛ جهاد علمي وفكري وهو الجهاد الداعي إلى ترسيخ مفاهيم الدين في نفوس المؤمنين، فيقف صاحبها على الثغر الذي يلي إبليس وجنوده فيحاربهم بالعلم والعقيدة، وثانيهما؛ جهاد مادي وهو الجهاد المسلح لصد هجمات الأعداء الذين يريدون إنتهاك الأعراض وقتل النفوس البريئة وسلب الأموال، وهذا القسم بعينه تارةً يكون فردياً وأخرى يكون جماعياً، فالجهاد الدفاعي الفردي هو ما كان لصد اللصوص أو الظالمين الذين يعتدون على المؤمن لسلب ماله أو الإعتداء على كرامته وعرضه وما شابه ذلك.
 والجهاد الدفاعي الجماعي: هو الجهاد الذي تقوم به جماعة من المؤمنين لصد هجوم الأعداء عليهم، فيتعيّن ـ والحال هذه ـ الوقوف بالمرصاد لهؤلاء ضمن شروط معينة كتوفر العدة والعدد وعدم الإنضواء تحت رايات الضلال والجيوش الظالمة لأن دفع الظلم لا يكون بالإستعانة بمجرم أو ظالم فلا يجوز دفع الجور بجورٍ مثله...والظاهر حرمة الجهاد الإبتدائي في عصر الغيبة وذلك لورود الأخبار الكثيرة الناهية عن الإنضواء تحت رايات الظالمين ولأن الدعوة إلى الإسلام يجب أن تكون تحت إمرة المعصوم عليه السلام وهو أمر خاص بهم صلوات الله عليهم فلا يجوز لأحد تقمصه بدلاً منهم أو نيابة عنهم لأنهم لم يجيزوا لشيعتهم ذلك بل العكس هو الصحيح فقد ورد النهيُّ الكثير منهم كما هو ملحوظ في الأخبار المبثوثة في وسائل الشيعة للمحدّث الجليل الحر العاملي قدس سره/كتاب الجهاد/أبواب جهاد العدو.
وهذه الأخبار تنقسم إلى قسمين: أحدهما نهيّ عام بسبب عدم توفر مقتضيات الجهاد الإبتدائي كتمكن الإمام عليه السلام من الجهاد بوجود الناصر وتوفر العدد، وهذا القسم لم يتوفر لهم عليهم السلام لقلة الأعوان والأنصار وغلبة السلطان.
وثانيهما نهيٌّ خاص في غيبة إمامنا القائم المنتظر أرواحنا فداه، فقد نهت الأخبار عن المشاركة بأيّ عمل عسكريّ إبتدائي لأجل الدعوة إلى الإسلام بالقوة المسلحة فضلاً عن الدعوة إلى السلطة وبسط النفوذ فإنه محرم قطعاً بطريقٍ أولى.
  وهذه الأخبار الناهية عن الجهاد الإبتدائي على طوائف متعددة هي التالي:
الطائفة الأولى: وقد حرّمت القتال مع الجائر بمعنى أنه لا يجوز للمؤمنين أن يشاركوا في قتال الأعداء تحت أي راية ظالمة وجائرة، وقد عقد المحدث الحر العاملي أعلى الله مقامه باباً خاصاً في وسائله/الباب السادس من أبواب جهاد العدو/باب حكم المرابطة في سبيل الله وتحريم القتال مع الجائر، وإليكم تلكم الأخبار وهي التالي:
1 - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم عن نوح بن شعيب، عن محمد بن أبي عمير رواه عن حريز ، عن محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله ( عليهما السلام ) قالا : الرباط ثلاثة أيام ، وأكثره أربعون يوما ، فإذا جاوز ذلك فهو جهاد.
2 - وعنه عن محمد بن عيسى ، عن يونس قال : سأل أبا الحسن ( عليه السلام ) رجل وأنا حاضر - فقلت له : جعلت فداك إن رجلا من مواليك بلغه أن رجلا يعطى سيفا وقوسا في سبيل الله فأتاه فأخذهما منه ثم لقيه أصحابه فأخبروه أن السبيل مع هؤلاء لا يجوز ، وأمروه بردهما ؟، قال : فليفعل ، قال : قد طلب الرجل  فلم يجده وقيل له : قد قضى الرجل قال : فليرابط ولا يقاتل قال : مثل قزوين وعسقلان والديلم وما أشبه هذه الثغور ، فقال نعم ، قال : فان جاء العدو إلى الموضع الذي هو فيه مرابط كيف يصنع ؟ قال : يقاتل عن بيضة الاسلام قال : يجاهد ؟ قال لا إلا أن يخاف على دار المسلمين ، أرأيتك لو أن الروم دخلوا على المسلمين لم ينبغ لهم أن يمنعوهم ، قال : يرابط ولا يقاتل ، وان خاف على بيضة الاسلام والمسلمين قاتل فيكون قتاله لنفسه لا للسلطان ، لان في دروس الاسلام دروس ذكر محمد ( صلى الله عليه وآله ).
ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، نحوه إلا أنه قال : فان جاء العدو إلى الموضع الذي هو فيه مرابط كيف يصنع ؟ قال : يقاتل عن بيضة الاسلام لا عن هؤلاء .
ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) نحوه.
ورواه عن علي ، عن أبيه ، عن يحيى بن أبي عمران ، عن يونس عن الرضا ( عليه السلام ) نحوه .
3 - وبإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل دخل أرض الحرب بأمان فغزا القوم الذين دخل عليهم قوم آخرون ، قال على المسلم أن يمنع نفسه ويقاتل عن حكم الله وحكم رسوله ، وأما أن يقاتل الكفار على حكم الجور وسنتهم فلا يحل له ذلك.
4 - وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد ، عن واصل عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : جعلت فداك ما تقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور ؟ قال : فقال : الويل يتعجلون قتلة في الدنيا وقتلة في الآخرة والله ما الشهيد الا شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم".
 الطائفة الثانية: وهي أخبار جمة تشير إلى المواصفات التي يجب أن يتحلى ويتصف بها قادة الجهاد الإبتدائي وهي مواصفات لا تنطبق على أحد إلا على المعصوم عليه السلام، وإليكم قسماً منها تحت عنوان: باب من يجوز له جمع العساكر والخروج بها إلى الجهاد.
1 - محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد  عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قلت له : أخبرني عن الدعاء إلى الله والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحل إلا لهم ولا يقوم به إلا من كان منهم أم هو مباح لكل من وحد الله عز وجل وآمن برسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ ومن كان كذا فله ان يدعو إلى الله عز وجل وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيل الله ؟ فقال : ذلك لقوم لا يحل إلا لهم ، ولا يقوم لك به إلا من كان منهم فقلت : من أولئك ؟ فقال : من قام بشرائط الله عز وجل في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عز وجل ، ومن لم يكن قائما بشرائط الله عز وجل في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد والدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه بما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد ،قلت : بين لي يرحمك الله ، فقال : ان الله عز وجل أخبر في كتابه الدعاء إليه ، ووصف الدعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضا ويستدل ببعضها على بعض ، فأخبر انه تبارك وتعالى أول من دعا إلى نفسه ودعا إلى طاعته واتباع أمره ، فبدأ بنفسه فقال : * ( والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) ثم ثنى برسوله فقال : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) - يعني : القرآن - ولم يكن داعيا إلى الله عز وجل من خالف أمر الله ويدعو إليه بغير ما أمر في كتابه الذي أمر أن لا يدعى الا به ، وقال في نبيه( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( وانك لتهدي إلى صراط مستقيم ) يقول : تدعو ثم ثلث بالدعاء إليه بكتابه أيضا فقال تبارك وتعالى : ( ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) - أي يدعو -  ( ويبشر المؤمنين ) ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) ثم أخبر عن هذه الأمة وممن هي وأنها من ذرية إبراهيم وذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، الذين وصفناهم قبل هذه في صفة أمة إبراهيم الذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله : ( ادعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) يعني أول من اتبعه على الايمان به والتصديق له بما جاء به من عند الله عز وجل من الأمة التي بعث فيها ومنها واليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط ، ولم يلبس ايمانه بظلم ، وهو الشرك ، ثم ذكر اتباع نبيه ( صلى الله عليه وآله ) واتباع هذه الأمة التي وصفها في كتابه بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلها داعية إليه ، وأذن له في الدعاء إليه ، فقال : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ))ثم وصف اتباع نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من المؤمنين فقال عز وجل :( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا ) الآية ، وقال : ( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ) - يعني : أولئك المؤمنين - ، وقال  ( قد أفلح المؤمنون ) ثم حلاهم ووصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم الا من كان منهم ، فقال فيما حلاهم به ووصفهم : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون  والذين هم عن اللغو معرضون - إلى قوله : - أولئك هم الوارثون  الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) وقال في صفتهم وحليتهم أيضا  ( الذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) وذكر الآيتين ثم أخبر أنه اشترى من هؤلاء المؤمنين ومن كان على مثل صفتهم  ( أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ) ثم ذكر وفاءهم له بعهده ومبايعته فقال : ( ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) فلما نزلت هذه الآية : ( ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن
لهم الجنة ) قام رجل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أرأيتك يا نبي الله الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم أشهيد هو ؟ فأنزل الله عز وجل على رسوله * ( التائبون العابدون ) وذكر الآية فبشر الله المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة والجنة وقال : التائبون من الذنوب ، العابدون الذين لا يعبدون إلا الله ولا يشركون به شيئا ، الحامدون الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء السائحون وهم الصائمون ، الراكعون الساجدون وهم الذين يواظبون على الصلوات الخمس والحافظون لها والمحافظون عليها في ركوعها وسجودها وفي الخشوع فيها وفي أوقاتها ، الآمرون بالمعروف بعد ذلك ، والعاملون به والناهون عن المنكر والمنتهون عنه ، قال فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنة ثم أخبر تبارك وتعالى أنه لم يأمر بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط فقال عز وجل : ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير  الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) وذلك أن جميع ما بين السماء والأرض لله عز وجل ولرسوله ( صلى الله عليه وآله ) ولأتباعهم من المؤمنين من أهل هذه الصفة ، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والمولي عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم على ما أفاء الله على رسوله فهو حقهم أفاء الله عليهم ورده إليهم ، وإنما كان معنى الفئ كل ما صار إلى المشركين ثم رجع مما كان غلب عليه أو فيه فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عز وجل : ( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فان فاءوا فان الله غفور رحيم - أي رجعوا ، ثم قال : وإن عزموا الطلاق فان الله سميع عليم ) وقال : * ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله - أي ترجع - فان فائت - أي رجعت - فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ) يعني بقوله تفئ ترجع فذلك الدليل على أن الفئ كل راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه ، ويقال للشمس إذا زالت قد فائت الشمس حين يفئ الفئ عند رجوع الشمس إلى زوالها ، وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار فإنما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم فذلك قوله : ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ) ما كان المؤمنون أحق به منهم ، وإنما أذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الايمان التي وصفناها ، وذلك أنه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما ، ولا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا ، ولا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الايمان التي اشترط الله عز وجل على المؤمنين والمجاهدين فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز وجل كان مؤمنا ، وإذا كان مؤمنا كان مظلوما ، وإذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد لقول الله عز وجل : ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير ) وإن لم يكن مستكملا لشرائط الايمان فهو ظالم ممن يبغي ويجب جهاده حتى يتوب وليس مثله مأذونا له في الجهاد والدعاء إلى الله عز وجل لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين أذن لهم في القرآن في القتال ، فلما نزلت هذه الآية  ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ) في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم وأموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم ، وأذن لهم في القتال ، فقلت : فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم ، فما بالهم في قتالهم كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب ؟ فقال : لو كان إنما اذن في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى وقيصر وغير أهل مكة من قبائل العرب سبيل ، لان الذين ظلموهم غيرهم ، وإنما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة لاخراجهم إياهم من ديارهم وأموالهم بغير خق ، ولو كانت الآية إنما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة كانت الآية مرتفعة الفرض عمن بعدهم إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد وكان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد وليس كما ظننت ولا كما ذكرت ، لكن المهاجرين ظلموا من جهتين : ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك ، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم ، فقد قاتلوهم بإذن الله عز وجل لهم في ذلك ، وبحجة هذه الآية يقاتل مؤمنو كل زمان ، وإنما أذن الله عز وجل للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عز وجل من الشرائط التي شرطها الله عز وجل على المؤمنين في الايمان والجهاد ومن كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى ، ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين ، وليس بمأذون له في القتال ، ولا بالنهي عن المنكر والامر بالمعروف ، لأنه ليس من أهل ذلك ، ولا مأذون له في الدعاء إلى الله عز وجل لأنه ليس يجاهد مثله ، وامر بدعائه إلى الله ولا يكون مجاهدا من قد امر المؤمنون بجهاده وخطر الجهاد عليه ومنعه منه ، ولا يكون داعيا إلى الله عز وجل من امر بدعائه مثله إلى التوبة والحق والامر بالمعروف والنهي عنولا يأمر بالمعروف من قد امر أن يؤمر به ، ولا ينهى عن المنكر من قد امر أن ينهى عنه ، فمن كانت قد تمت فيه شرائط الله عز وجل التي وصف بها أهلها من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما اذن لهم في الجهاد ، لان حكم الله عز وجل في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلا من علة أو حادث يكون ، والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء ، والفرائض عليهم واحدة ، يسأل الآخرون من أداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون ، ويحاسبون عما به يحاسبون ، ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد وليس بمأذون له فيه حتى يفئ بما شرط الله عز وجل فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز وجل على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد ، فليتق الله عز وجل عبد ولا يغتر بالأماني التي نهى الله عز وجل عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله التي يكذبها القرآن ، ويتبرأ منها ومن حملتها ورواتها ، ولا يقدم على الله عز وجل بشبهة لا يعذر بها ، فإنه ليس وراء المتعرض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها ، وهي غاية الاعمال في عظم قدرها ، فليحكم امرؤ لنفسه وليرها كتاب الله عز وجل ويعرضها عليه فإنه لا أحد أعلم بالمرء من نفسه ، فان وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد ، وإن علم تقصيرا فليصلحها وليقمها على ما فرض الله تعالى عليها من الجهاد ثم ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها وبين جهادها ، ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عز وجل على المؤمنين والمجاهدين : لا تجاهدوا ولكن نقول : قد علمناكم ما شرط الله عز وجل على أهل الجهاد الذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك ، وليعرضها على شرائط الله عز وجل ، فان رأى أنه قد وفي بها وتكاملت فيه فإنه ممن أذن الله عز وجل له في الجهاد ، وإن أبى إلا أن يكون مجاهدا على ما فيه من الاصرار على المعاصي والمحارم والاقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى والقدوم على الله عز وجل بالجهل والروايات الكاذبة فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل أن الله تعالى ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق ، لهم فليتق الله عز وجل امرؤ وليحذر أن يكون منهم ، فقد بين لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله عليه توكلنا وإليه المصير.
ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب نحوه
2 - وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال : كنت قاعدا عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) بمكة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وحفص بن سالم مولى ابن هبيرة وناس من رؤسائهم ، وذلك حدثان قتل الوليد إلى أن قال - فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فتكلم فأبلغ وأطال ، فكان فيما قال أن قال قد قتل أهل الشام خليفتهم وضرب الله بعضهم ببعض ، وشتت أمرهم ، فنظرنا فوجدنا رجلا له عقل ودين ومروءة وموضع ومعدن للخلافة وهو محمد بن عبد الله بن الحسن فأردنا أن نجتمع عليه فنبايعه ، ثم نظهر معه فمن كان تابعنا فهو منا ، وكنا منه ، ومن اعتزلنا كففنا عنه ، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه ورده إلى الحق وأهله وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فتدخل معنا فإنه لا غنى بنا عن مثلك لموضعك وكثرة شيعتك ، فلما فرغ قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : أكلكم على مثل ما قال عمرو ؟ قالوا : نعم فحمد الله وأثنى ، عليه وصلى على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم قال : إنما نسخط إذا عصي الله ، فاما إذا أطيع رضينا - إلى أن قال : - يا عمرو أرأيت لو بايعت صاحبك الذي تدعوني إلى بيعته ثم اجتمعت لكم الأمة فلم يختلف عليكم رجلان فيها فأفضيتم إلى المشركين الذين لا يسلمون ولا يؤدون الجزية أكان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيه بسيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المشركين في حروبه ؟ قال : نعم ، قال : فتصنع ماذا ؟ قال : ندعوهم إلى الاسلام ، فان أبوا دعوناهم إلى الجزية ، قال : إن كانوا مجوسا ليسوا بأهل الكتاب ؟ قال : سواء ، قال : وإن كانوا مشركي العرب وعبدة الأوثان ؟ قال : سواء ، قال : أخبرني عن القرآن تقرؤه ؟ قال : نعم ، قال : اقرأ * ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) فاستثناء الله تعالى واشتراطه من أهل الكتاب فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء ؟ قال : نعم ، قال : عمن أخذت ذا ؟ قال : سمعت الناس يقولون ، قال : فدع ذا ، ثم ذكر احتجاجه عليه وهو طويل - إلى أن قال : - ثم أقبل على عمرو بن عبيد فقال : يا عمرو اتق الله وأنتم أيها الرهط فاتقوا الله فان أبي حدثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله )قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف".
الطائفة الثالثة: وهي أهم الطوائف التي اشترطت وجوب الجهاد بأمر الإمام عليه السلام وإذنه وتحريم الجهاد مع غير الإمام العادل، ويقصد بالإمام العادل هنا هو الإمام المعصوم عليه السلام، وقد عرض المحدث الحر العاملي قسماً وافراً منها وهي التالي:
باب اشتراط وجوب الجهاد بأمر الإمام واذنه ، وتحريم الجهاد مع غير الإمام العادل.
1 - محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن النعمان عن سويد القلا ، عن بشير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : إني رأيت في المنام أني قلت لك إن القتال مع غير الامام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير ، فقلت لي : نعم هو كذلك ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : هو كذلك هو كذلك.
2 - وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحكم بن مسكين عن عبد الملك بن عمرو قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا عبد الملك مالي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك ؟ قال : قلت : وأين ؟ قال : جدة وعبادان والمصيصة وقزوين ، فقلت : انتظارا لامركم والاقتداء بكم ، فقال : إي والله لو كان خيرا ما سبقونا إليه ، قال : قلت : له : فان الزيدية يقولون ليس بيننا وبين جعفر خلاف إلا أنه لا يرى الجهاد ، فقال : أنا لا أراه ؟ ! بلى والله إني لأراه ولكني أكره أن أدع علمي إلى جهلهم . ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وكذا الذي قبله .
3 - وعنه عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لقى عباد البصري علي بن الحسين عليه السلام في طريق مكة ، فقال له : يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته ، وأقبلت على الحج ولينه ، إن الله عز وجل يقول : " ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله " الآية فقال الإمام علي بن الحسين عليه السلام : أتم الآية فقال " التائبون العابدون " الآية ، فقال الإمام علي بن الحسين عليه السلام : إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج . ورواه الطبرسي في ( الاحتجاج ) مرسلا . ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه ، عن رجاله ، عن علي بن الحسين عليه السلام مثله .
4 - وعن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا عن الحسن بن العباس بن الجريش ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام في حديث طويل في شأن انا أنزلناه ، قال : ولا أعلم في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار .
5 - وعن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن عبد الله ، وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن معروف  عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن المغيرة قال : قال محمد بن عبد الله للرضا عليه السلام وأنا أسمع : حدثني أبي عن أهل بيته ، عن آبائه أنه قال له بعضهم : ان في بلادنا موضع رباط يقال له : قزوين، وعدواً يقال له : الديلم فهل من جهاد أو هل من رباط ؟ فقال : عليكم بهذا البيت فحجوه ، فأعاد عليه الحديث فقال : عليكم بهذا البيت فحجوه ، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا ، فان أدركه كان كمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدرا ، فان مات ينتظر أمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات الله عليه هكذا في فسطاطه ، وجمع بين السبابتين ، ولا أقول هكذا:  وجمع بين السبابة والوسطى ، فان هذه أطول من هذه ، فقال : أبو الحسن عليه السلام صدق .
6 - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن أبي طاهر الوراق ، عن ربيع بن سليمان الخزاز ، عن رجل عن أبي حمزة الثمالي قال : قال رجل لعلي بن الحسين عليه السلام : أقبلت على الحج وتركت الجهاد فوجدت الحج أيسر عليك ، والله يقول : " ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم " ، الآية فقال علي بن الحسين عليه السلام اقرأ ما بعدها قال فقرأ " التائبون العابدون الحامدون " إلى قوله " الحافظون لحدود الله " قال : فقال علي بن الحسين عليه السلام إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئا .
7 - وبإسناده عن الهيثم بن أبي مسروق ، عن عبد الله بن المصدق ، عن محمد بن عبد الله السمندري قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام إني أكون بالباب يعنى باب الأبواب فينادون السلاح فأخرج معهم، قال : فقال لي : أرأيتك إن خرجت فأسرت رجلا فأعطيته الأمان وجعلت له من العقد ما جعله رسول الله صلى الله عليه وآله للمشركين أكان يفون لك به ؟ قال : قلت : لا والله جعلت فداك ما كانوا يفون لي به ، قال : فلا تخرج ، قال : ثم قال لي : أما إن هناك السيف .
8 - محمد بن علي بن الحسين في ( العلل ) عن أبيه عن سعد ، عن محمد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام لا يخرج : المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم ، ولا ينفذ في الفئ أمر الله عز وجل ، فإنه إن مات في ذلك المكان كان معيناً لعدونا في حبس حقنا والاشاطة بدمائنا وميتته ميتة جاهلية .
9 - وبإسناده عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليه السلام في حديث شرائع الدين قال : والجهاد واجب مع إمام عادل ومن قتل دون ماله فهو شهيد .
10 - الحسن بن علي بن شعبة في ( تحف العقول ) عن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون قال : والجهاد واجب مع إمام عادل ، ومن قاتل فقتل دون ماله ورحله ونفسه ، فهو شهيد ولا يحل قتل أحد من الكفار في دار التقية إلا قاتل أو باغ وذلك إذا لم تحذر على نفسك ، ولا أكل أموال الناس من المخالفين وغيرهم ، والتقية في دار التقية واجبة، ولا حنث على من حلف تقية يدفع بها ظلما عن نفسه ".
  هذه أهم الطوائف الناهية عن الجهاد الإبتدائي من دون قيادة المعصوم عليه السلام، وهي أخبار عامة كما أشرنا سابقاً،وثمة أخبار خاصة تنهى عن الجهاد الإبتدائي في غيبة مولانا الإمام المعظم المهديّ المنتظر عليه السلام وهي أخبار متواترة لا يجوز الغمز بها أو هجرها وعدم الإعتناء بها وإلا فيخرج منكرها من الإسلام، وإليكم ما رواه الحر العاملي أعلى الله مقامه في الباب الثاني عشر من أبواب جهاد العدو/باب حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم عليه السلام:
13 - باب حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم ( عليه السلام )
1 - محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له وانظروا لأنفسكم ، فوالله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي ، فإذا وجد رجلا هو أعلم بغنيمه من الذي هو فيها يخرجه ويجئ بذلك الرجل الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها ، والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها ثم كانت الأخرى باقية يعمل على ما قد استبان لها ، ولكن له نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم ، إن أتاكم آت منا فانظروا على أي شئ تخرجون ، ولا تقولوا خرج زيد ، فان زيدا كان عالما وكان صدوقا ولم يدعكم إلى نفسه ، وإنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه ، فالخارج منا اليوم إلى اي شئ يدعوكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فنحن نشهدكم انا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم وليس معه أحد ، وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر أن لا يسمع منا إلا من اجتمعت بنو فاطمة معه ، فوالله ما صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه إذا كان رجب فاقبلوا على اسم الله ، وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضير ، وإن أحببتم أن تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك يكون أقوى لكم ، وكفاكم بالسفياني علامة .
2 - وعنه  عن أبيه عن حماد بن عيسى ، عن ربعي رفعه ، عن الإمام علي بن الحسين عليهما السلام قال : والله لا يخرج أحد منا قبل خروج القائم إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به .
3 - وعن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن بكر بن محمد ، عن سدير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يا سدير ألزم بيتك ، وكن حلسا من أحلاسه ، واسكن ما سكن الليل والنهار ، فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك .
4 - وعنهم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن حفص بن عاصم عن سيف التمار ، عن أبي المرهف ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : الغبرة على من أثارها هلك المحاصير ، قلت : جعلت فداك وما المحاصير ؟ قال : المستعجلون ، أما إنهم لن يردوا الامر يعرض لهم " إلى أن قال : " يا أبا المرهف أترى قوما حبسوا أنفسهم على الله لا يجعل لهم فرجا ؟ بلى والله ليجعلن الله لهم فرجا .
5 - وعن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن الفضل الكاتب قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فأتاه كتاب أبي مسلم فقال : ليس لكتابك جواب اخرج عنا " إلى أن قال : " ان الله لا يعجل لعجلة العباد ، ولإزالة جبل عن موضعه أهون من إزالة ملك لم ينقض أجله " إلى أن قال : " قلت فما العلامة فيما بيننا وبينك جعلت فداك ؟ قال : لا تبرح الأرض يا فضيل حتى يخرج السفياني فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا يقولها ثلاثا وهو من المحتوم .
6 - وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل .
7 - وعنه ، عن أحمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن عمر بن حنظلة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : خمس علامات قبل قيام القائم : الصيحة ، والسفياني ، والخسف ، وقتل النفس الزكية ، واليماني ، فقلت : جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه ؟ قال : لا .
8 - وعن حميد بن زياد ، عن عبيد الله بن أحمد الدهقان ، عن علي بن الحسن الطاطري  عن محمد بن زياد ، عن أبان ، عن صباح بن سيابة ، عن المعلى بن خنيس قال : ذهبت بكتاب عبد السلام بن نعيم وسدير وكتب غير واحد إلى أبي عبد الله عليه السلام حين ظهر المسودة قبل أن يظهر ولد العباس بأنا قد قدرنا أن يؤل هذا الامر إليك ، فما ترى ؟ قال : فضرب بالكتب الأرض ، قال : أف أف ما أنا لهؤلاء بامام ، أما يعلمون انه إنما يقتل السفياني .
9 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام ( في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام ) قال : يا علي إن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك لم تنقض أيامه .
10 - وفي ( العلل ) عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن يحيى بن عمران الهمداني ، ومحمد بن إسماعيل بن بزيع جميعا عن يونس ابن عبد الرحمان ، عن العيص بن القاسم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : اتقوا الله وانظروا لأنفسكم ، فان أحق من نظر لها أنتم ، لو كان لأحدكم نفسان فقدم إحداهما وجرب بها استقبل التوبة بالأخرى كان ، ولكنها نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة إن اتاكم منا آت ليدعوكم إلى الرضا منا فنحن نشهدكم انا لا نرضى إنه لا يطيعنا اليوم وهو وحده وكيف يطيعنا إذا ارتفعت الرايات والاعلام .
11 - وفي ( عيون الأخبار ) عن أحمد بن يحيى المكتب ، عن محمد بن يحيى الصولي ، عن محمد بن زيد النحوي ، عن ابن أبي عبدون ، عن أبيه ، عن الرضا عليه السلام ( في حديث ) أنه قال للمأمون : لا تقس أخي زيدا إلى زيد بن علي فإنه كان من علماء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، غضب لله فجاهد أعدائه حتى قتل في سبيله ، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنه سمع أباه جعفر بن محمد عليهما السلام يقول : رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد ، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه ، لقد استشارني في خروجه فقلت : إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك " إلى أن قال : " فقال الرضا عليه السلام : إن زيد بن علي لم يدع ما ليس له بحق ، وإنه كان أتقى لله من ذلك إنه قال : أدعوكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
12 - محمد بن إدريس في ( آخر السرائر ) نقلا من كتاب أبي عبد الله السياري عن رجل قال : ذكر بين يدي أبي عبد الله عليه السلام من خرج من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : لا زال أنا وشيعتي بخير ما خرج الخارجي من آل محمد ، ولوددت أن الخارجي من آل محمد خرج وعلي نفقة عياله .
13 - الحسن بن محمد الطوسي في ( مجالسه ) عن أبيه ، عن المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب ابن سالم ، عن أبي الحسن العبيدي ، عن الصادق عليه السلام قال : ما كان عبد ليحبس نفسه على الله إلا أدخله الله الجنة .
14 - وعن أبيه ، عن المفيد ، عن أحمد بن محمد العلوي ، عن حيدر بن محمد بن نعيم ، عن محمد بن عمر الكشي ، عن حمدويه عن محمد بن عيسى عن الحسين بن خالد قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : إن عبد الله بن بكير كان يروى حديثا وأنا أحب أن أعرضه عليك ، فقال : ما ذلك الحديث ؟ قلت : قال ابن بكير.
  حدثني عبيد بن زرارة قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام أيام خرج محمد " إبراهيم " بن عبد الله بن الحسن إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له : جعلت فداك إن محمد بن عبد الله قد خرج فما تقول في الخروج معه ؟ فقال : اسكنوا ما سكنت السماء والأرض فقال عبد الله بن بكير : فإن كان الامر هكذا أو لم يكن خروج ما سكنت السماء والأرض فما من قائم وما من خروج ، فقال أبو الحسن عليه السلام : صدق أبو عبد الله عليه السلام وليس الامر على ما تأوله ابن بكير ، إنما عنى أبو عبد الله عليه السلام اسكنوا ما سكنت السماء من النداء ، والأرض من الخسف بالجيش .
15 - محمد بن الحسن الرضى الموسوي في ( نهج البلاغة ) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في خطبة له : الزموا الأرض ، واصبروا على البلاء ، ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم ، ولا تستعجلوا بما لم يعجل الله لكم ، فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيدا ، ووقع اجره على الله ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النية مقام اصلاته بسيفه ، فان لكل شئ مدة واجلا .
16 - محمد بن الحسن في ( كتاب الغيبة ) عن الفضل بن شاذان ، عن الحسن بن محبوب  عن عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : الزم الأرض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات اذكرها لك ، وما أراك تدركها : اختلاف بنى فلان ، ومناد ينادي من السماء ، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق . الحديث
17 - إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي في ( كتاب الغارات ) عن إسماعيل بن أبان ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنصور بن عمرو ، عن زر بن حبيش عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن أحمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش قال : خطب علي عليه السلام بالنهروان..." إلى أن قال : " فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين حدثنا عن الفتن ، فقال : إن الفتنة إذا أقبلت شبهت ، - ثم ذكر الفتن بعده إلى أن قام - فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما يصنع في ذلك الزمان ؟ قال : انظروا أهل بيت نبيكم فان لبدوا فالبدوا ، وإن استصرخوكم فانصروهم تؤجروا ، ولا تستبقوهم فتصرعكم البلية ، ثم ذكر حصول الفرج بخروج صاحب الامر عليه السلام ".
  فهذه الأخبار الشريفة تنهى عن الخروج للقتال تحت أية راية لأن خروجها لا يكون إلا وبالاً على الشيعة، بالإضافة إلى أن الرايات التي تخرج اليوم لا تدعو للقائم الحجة أرواحنا فداه ولا للرضا من آل محمد صلوات الله عليهم بل ما نراه هو عكس ذلك فلا يدعون إلا لأنفسهم وسلطانهم والمدافعة عن كراسيهم وقوادهم وزعمائهم ..! وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون ..والسلام عليكم.
4-هل يجوز صرف سهم الإمام روحي فداه في دعم العمليات الاستشهادية أم لا؟
بسمه تعالى
الجواب:
الظاهر عندنا هو حرمة العمليات الإنتحارية، ويحرم مساعدة من يقوم بها، لأن الإعانة على الإثم حرام، ومقدمات الحرام حرام نصاً وإجماعاً، وتتأكد الحرمة في صرف سهم الإمام أرواحنا فداه لأجل تلك العمليات، وينبغي لنا التفصيل في هذه النقطة بما يلي:
 لا يجوز للمؤمن أن يقتل نفسه تحت أيّ غطاء أو ذريعة، وقتل العدو وقهره ـ كما يصورون ـ لا يكون بما نهى الله تعالى عنه بقوله(وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )البقرة195. وقوله تعالى(وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً )النساء29
 فقد أمر الله تعالى بالجهاد دفاعاً ولم يأمر بقتل النفس لأن قتل النفس بالإنتحار مهما كان نوعه يعتبر إلقاءً لها في التهلكة وتعمد القتل، ومن هذا الباب يحرم شرب السموم والمضرات إعتماداً على هاتين الآيتين المباركتين الدالتين بوضوح على حرمة إلقاء النفس في التهلكة والفناء، ومما يؤكد ما قلنا ما ورد في الخبر في تفسير القمي أعلى الله مقامه عنه عليه السلام قال:" ( ولا تقتلوا أنفسكم ) قال: كان الرجل إذا خرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الغزو يحمل علي العدو وحده من غير أن يأمره رسول اله صلى الله عليه وآله فنهى الله ان يقتل نفسه من غير أمر رسول الله صلى الله عليه وآله .
وفي المجمع عن الصادق ( عليه السلام ) ان معناه لا تخاطروا بنفوسكم في القتال فتقاتلوا من لا تطيقونه .
والعياشي عنه ( عليه السلام ) كان المسلمون يدخلون على عدوهم في المغارات فيتمكن منهم عدوهم فيقتلهم كيف يشاء فنهاهم الله ان يدخلوا عليهم في المغارات إن الله كان بكم رحيما إنما نهاكم الله عن قتل أنفسكم لفرط رحمته بكم.
وجاء عن الإمام الباقر - عليه السلام - أنه قال : " إن المؤمن يبتلي بكل بلية ويموت بكل ميتة إلا أنه لا يقتل نفسه " .
وما روي في صحيحة الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : " من قتل نفسه متعمداً فهو في نار جهنم خالداً فيها "
   فظاهر هذه الأخبار تحريم العمليات الإنتحارية، وهي أخبار صحيحة مؤكدة للآيات الناهية بشكلٍ مطلق عن إقحام النفس في التهلكة، ويستثنى من هذا النهيّ ما تعارف عليه قديماً وحديثاً من القتال بالمواجهة وليس بتفجير النفس فإنه من صنع اليابانيين ثم درج هذا الفعل الشنيع إلى بعض المجتمعات الإسلامية، وأول من استخدمها منهم هم الفلسطينيون ثم أخذها عنهم بعض الشيعة بسبب فتاوى ترخيصية من هنا وهناك..!! ويشهد لما قلنا من الإستثناء ما جاء في الرواية المتقدمة من نهي النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله أن يقتلوا أنفسهم بغير أمرٍ منه صلوات الله عليه، ولم يروَ لنا بأنه أو أحداً من أهل بيته الطاهرين عليهم السلام أمروا مؤمناً بقتل نفسه في معركة ليقهر العدو..! بل لم يعهد منهم عليهم السلام أنهم أمروا واحداً من المؤمنين يدخل في صفوف الأعداء لوحده لقتالهم..! بالإضافة إلى النهيّ المطلق الوارد في صحيحة أبي ولاد الحناط"من قتل نفسه متعمداً.." فلا تخصيص فيها من قرائن داخلية وخارجية بل القرائن الخارجية تنهى عن قتل النفس عبثاً ومن دون نزال مع العدو ... وقد صارت العمليات الإنتحارية من أوجب الواجبات عند اللئام من السلفيين الحاقدين على الشيعة في العراق وسوريا وباكستان وأفغانستان...لا لشيء سوى أن بعض الفتاوى الشيعية روّجت لهذه العمليات حتى صرنا نخاف من أعدائنا لكثرة إستخدامهم لها لأن الشيعة يستخدمونها ويفتون بحليتها، ولو وقف فقهاء الشيعة برمتهم على السلبيات المترشحة من فتواهم لما كانوا تجرأوا بالفتوى بحليتها والعياذ بالله تعالى من شطحات الأقلام وزلات اللسان بالتعدي على حرمات الله وسفك دماء الأبرياء من أجل القهر وإرضاء النفس الأمارة بالسوء..!!.
دعوى توقف النصر على قتل مسلمٍ حال تترس الكفار به وردها..!!
  ادّعى شرذمة من علماء الشيعة بأن العملية الإنتحارية شبيهة بتترس الأعداء بواحد من المسلمين فلا يمنعهم ذلك من قتله إذا توقف نصر المسلمين على قتله حال كونه أسيراً...!!!
  هذه الدعوى دونها خرط القتاد! ذلك لأن التترس وتوقف النصر شيء والعملية الإنتحارية شيء آخر لوجود الإختيار في العملية الإنتحارية دون الأسير بيد الأعداء، فقتلهم له لأجل توقف النصر على القتل لا يبرر العملية الإنتحارية لأنها تختلف بطبيعتها عن الأسير بيد الأعداء، هذا كله على فرض صحة ما روي من جواز قتل الأسير المتوقف على قتله النصر باعتبار أن المخالفين هم من روى خبر التترس ثم وجد نظيره في بعض الكتب الشيعية التي لا يراعي أصحابها شروط الأسانيد والدلالات..!! وهذه الرواية هي عن المنقري عن حفص بن غياث قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مدينة من مدائن الحرب هل يجوز أن يرسل عليها الماء أو تحرق بالنار أو ترمى بالمنجنيق حتى يقتلوا ومنهم النساء والصبيان والشيخ الكبير والأسارى من المسلمين والتجار ؟ فقال : يفعل ذلك بهم ولا يمسك عنهم لهؤلاء ولا دية عليهم للمسلمين ولا كفارة .
 والرواية المتقدمة التي استدلوا بها على جواز العمليات الإنتحارية ـ من باب تنقيح المناط ـ هي ضعيفة السند بالمنقري وهو سليمان بن داود  وبحفص بن غياث، وقد كان عامياً ووليّ القضاء ببغداد ثم بالكوفة في دولة هارون غير الرشيد لعنه الله، والمشهور ضعفه، وهو الصحيح لأجل عدم الإعتماد على أخبار المخالفين لا سيما المتواطئين مع الحكام من بني أُمية والعباس، ولكن العجب من بعض العلماء في هذا العصر كيف اعتمدها مع ما فيها من الضعف وما تحمل من التبعات المترتبة عليها لا سيما على الشيعة أنفسهم لو ضاقت بهم الأحوال فهل كانوا يرون التضحية بنسائهم وأطفالهم فيما لو عاملهم العدو بنفس المعاملة..؟! فيقتل أطفالهم ونسائهم لأن النصر متوقف على قتل نساء المؤمنين وأطفالهم..؟! كلا ثم كلا!... فيما لا نرتضيه لأنفسنا لا يجوز أن نرتضيه لغيرنا مهما كانت المصالح مهمة فلا شيء أهم من قتل نفوس الأبرياء لأجل حطام السلطان! نعم على مشرب الدعوتيين والبتريين من الوحدويين المنتسبين إلى التشيع لا مانع عندهم من أن يموت أكثر الشيعة لكي ينتصروا بعقيدتهم ويحققوا حلمهم الذي يدعون إليه.
 ولو سلَّمنا بصحة صدورها فقد حملها أحدهم على ما لوكان المراد ضرورة النصر المتوقف عليه قتل الأسارى عرضاً لا ذاتاً بمعنى أن لا يكون ثمة قصد إلى قتلهم بالذات بل يحصل القتل بالعرض بمعنى أن نية المسلمين هي قتل الكافرين المستلزم لقتل المسلمين الأسرى بالعنوان الثانوي .
  ولكننا غير مقتنعين بالتأويل المذكور باعتباره تأويلاً بارداً لا شاهد عليه، فالأصل في المسألة الحرمة لعظم حرمة قتل المؤمن وأنه أفضل من الكعبة، فنرد علمها إلى الله تعالى وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام .
والمحصّلة: يحرم الانتحارـ أو ما يسمونه بالعمليات الفدائية  ـ بأيِّ شكلٍ كان ، والإنتحار المذكور من الكبائر المستوجبة لأليم العقاب..وبما تقدم يتضح حرمة العمليات الفدائية الإستشهادية ــ كما يسمونها ــ ويحرم المساعدة عليها أيضاً بأيّ شكلًٍ من الأشكال لا سيما الحقوق الشرعية(سهم إمام أو سهم سادة) ففاعله يتضاعف له العذاب، لأن هذه العمليات خلاف الأدلة من الكتاب والسنَّة، وخلاف الإحتياط الذي يجب فيه مراعاة حرمة هدر الدماء، لا سيما أن المكلّف يشك بجواز ذلك أم لا ؟ والشك هنا في المكلّف به لا في أصل التكليف، لأن المكلف يعلم بأن إلقاء النفس في التهلكة حرام، ويعلم بوجود موضوعه في الخارج وهو قتل نفسه، ولكنه لا يعلم مكانه بالضبط وتعيينه على وجه الخصوص وفي أي مورد يكون الإلقاء حراماً أو حلالاً... فقاعدة الإحتياط في وجوب التنزه عن الدماء والأعراض والأموال محكمة من هذه الناحية، ومن ناحية أخرى وجود الأدلة على الحرمة إلا ما أخرجه الدليل بالقتال المتعارف عليه بين عامة العقلاء في كل عصر ومصر...والعمل بقاعدة الإشتغال أو الإحتياط لا بد منها في هذا المورد كما هو مفصّل في المطولات الفقهية والأُصولية، وهي غنية عن البيان لمن ألقى السمع وهو شهيد، والله تعالى هو حسبي ونعم الوكيل، والسلام عليكم.
5-هل هناك حدّ في استخدام التقية,أم أن استخدامها جائز في جميع الأحوال؟
بسمه تعالى
الجواب:
للتقية حدٌّ محدود ولا تشرع التقية في جميع الأحوال، وحدها هو الإضطرار ودفع الضرر المتوجه إلى النفس أو المال أو العرض حسبما ورد في الأخبار التي بلغت التواتر منها ما ورد في صحيحة الفضلاء ــ  زرارة ومحمد بن مسلم وإسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى وإبن أُذينة ـ عن مولانا الإمام المعظم أبي جعفر عليه السلام قال:( التقية في كلّ شيءٍ يضطر إليه ابن آدم فقد أحلَّه الله له) وقد عرضنا قسماً منها في الجزء الأول من كتابنا"الفوائد البهية"/باب عقيدتنا في التقية..وهذا الإطلاق في الصحيحة المتقدمة لا يعني الإسترسال في العمل بالتقية في كل شيءٍ كما تحلو للإنسان نفسه فيعمل بالتقية حتى بقتل الآخرين وإغتصاب أموالهم وهتك أعراضهم وما شابه ذلك مما هو في معرض الإضرار بالآخرين والتعدي على كراماتهم..بل إن لهذا الإطلاق مقيّدات لا بد من التوقف عندها وعدم جواز تخطيها، ونحن نعتبرها موارد استثنائية من المستثنى منه، وبالتالي فلا تصح التقية في المواردالتالية:
الأول:  الإكراه على قتل النفس المحترمة ــ أي البريئة  ــ  نظير ما لو أُكره المؤمن على أن يقتل بريئاً له احترام في شريعتنا المقدسة، فقد ورد عن مولانا الإمام المعظم أبي جعفر عليه السلام قال:" إنَّما جُعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فلا تقية" لأن الحكمة من تشريع التقية إنما هي الحفاظ على النفس من الهلاك النفسي أو الهلاك الغيري بمعنى أن لا يهلك الشخص غيره تحت عنوان أنه مأمور بالتقية للحفاظ على نفسه، فكما يحرم على الإنسان أن يوقع نفسه في الهلكة كذلك يحرم عليه إيقاع الهلكة بغيره.
الثاني: تحرم التقية في حال لم يكن في تركها أيُّ ضررٍ عاجلٍ أو آجلٍ، وذلك لأن التقية قد أُخذ في موضوعها احتمال الضرر، فإذا لم يترتب أيُّ ضررٍ على تركها فهي خارجة عن موضوع التقية رأساً.
الثالث: مسح الخفين وشرب الخمر ومتعة الحج، لصحيحة زرارة عن إمامنا المعظم الصادق عليه السلام، قال له زرارة: في مسح الخفين تقية؟ فقال عليه السلام: ثلاثة لا أتقي فيهنَّ أحداً: شرب المسكر ومسح الخفين ومتعة الحج".
  ولعلّ الحكمة من عدم التقية في الأمور الثلاثة المتقدمة هي: أن الخمر يسلب العقل فيؤدي إلى الإعتداء على الآخرين كالقتل وإنتهاك العرض وسرقة المال، وهي أمور لا يجوز العمل بالتقية لإرتكابها كما أشرنا سابقاً، كما يمكن التعلل في ترك شربها بأنه يتضرر بشربها فثمة مندوحة للهروب من شربها، وأما متعة الحج فهي أشهر من نارٍ على علم باعتبارها من مختصات الشيعة فلا يصح ــ والحال هذه ــ أن يتقي فيها الشيعي غيره من المخالفين، كما يمكن للمؤمن أن يتعلل بالطواف المستحب وهم يفعلون ذلك إلا أنه ينويه بقلبه بأنه طواف النساء، وأما المسح على الخفين فقد عرفتَ فيما مضى بأن المخالفين لا يتفقون كلهم على مسألة المسح على الخفين، كما أنهم لا يقولون بتعيّن المسح على الخفين.
الرابع: تحرم التقية في حال الإكراه على التبري من أمير المؤمنين وإمام المتقين سيدنا المعظم آية الله العظمى أبي الحسن عليّ صلى الله عليه وآله بالتفصيل الذي أشرنا إليه في جوابنا على المسألة السابقة المتعلقة بالتقية فلتراجع.
الخامس: تحرم التقية في حال استلزم العمل بها هتك الدين وإضعاف عقائد المؤمنين، ذلك لأن الأهمَّ في نظر الشارع المقدس إنما هو حفظ الدين وعقائد المؤمنين من الإندثار أو الضعف والتحلل، فيدور الأمر بين الأهمّ والمهم، فالأهم هو حفظ الدين وعقائد المؤمنين، والمهم هو حفظ النفس من الوقوع في التهلكة، فتقدم النفسُ قرباناً لأجل الحفاظ على الأهم وهو الدين وأهله.
  ومحصّلة الكلام: إنه لا يجوز التقية في موارد الإضرار بالآخرين أو الإضرار في الأمور التي تمثل في نظر الشريعة المقدسة أهميةً بالغةً مثل هدم الكعبة والمشاهد المشرفة وقبور الأولياء عليهم السلام، وكذلك لا يجوز مساعدة كلّ من يقوم بذلك ولو على نحو التقية، كما لا يجوز السكوت عن ذلك بحجة التقية لأن كلّ ذلك من الفساد في الدين والسكوت عن إظهار الحق فلا تعمها أدلة التقية أو التعنون بعنوان الإضطرار والإكراه لأن عنوانهما هو ما دل على رفع الأذى الشخصي لا النوعي العام فلا يشملان الموارد النوعية التي تؤدي الإضرار بالمؤمنين للحديث المشهور " لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" فإضرار الآخرين محرّم في الإسلام ولو كان المضرُّ مضطراً أو مكرهاً، فحرمة الإضرار حاكمة على موارد التقية، والله تعالى هو الموفق للصواب...والسلام عليكم.
6- ما هو حكم تحميض صور النساء من قبل الرجال الأجانب؟
بسمه تعالى شأنه
الجواب:
لا يجوز للرجل تحميض صور النساء الأجنبيات عنه، لأنه يطلع على زينتهن ومفاتنهن مع أنه مأمور بغضّ النظر عمن لا يحل له النظر إليه بقوله تعالى(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) فإنه مطلق يشمل حرمة النظر إلى الأجنبية مباشرة أو بواسطة الكاميرا فلا يجوز للرجل الأجنبي النظر إلى الأجنبية بواسطة الماء الصافي أو المرآة أو الكاميرا أو أي شيءٍ آخر تظهر فيه صورة المرأة، والسر في حرمة النظر هو أن النظر مقدمة عظيمة لتحريك الأحاسيس والغرائز المستلزمة إلى إثارة الرجل وبالتالي يؤدي ذلك إلى ما لا تحمد عقباه عرفاً ووجداناً وعقلاً وشرعاً، وحرمة النظر ليست متوقفة على عرض المفاتن كالشعر والصدر وغيرهما من الأعضاء المحجوبة عادة عن الرجال بل يشمل حتى الوجه لدى المرأة المحجبة، وهل الإثارة إلا بالنظر إلى الوجه بالدرجة الاولى..!؟ ففي عصر النص لم يكن النسوة يكشفن مفاتنهن كالسيقان والثديين والردفين والفخذين كما هو الحال في زماننا الحاضر بل كنَّ يكشفن وجوههنَّ...من هنا نزلت الآية بغضّ الطرف عن الوجه بوجهٍ خاص وبالدرجة الأولى ثم يتبعه بقية المفاتن... فكما لا يجوز لها عرض وجهها للرجال في الشارع فكذلك لا يجوز لها عرض صورتها في فيلم مصور يراه صاحب الرجل في الإستديو...!.
   وبعبارة أخرى: لا يجوز للمرأة المسلمة أن تحسر عن شعرها وجسمها في الكاميرا وغيرها حتى لو كانت مجهولة لدى الرجل الذي يظهر الصورة من الكاميرا لأنها بذلك تكون قد عرّضت مفاتنها للأجنبي وقد نهت عنه الآيات والأخبار لا سيما قوله تعالى(.وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )النور31.) وقوله تعالى(َقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ..) الأحزاب 33. فتعريض المسلمة مفاتنها للمصور من أبرز مصاديق التبرج المنهى عنه في الآية ومن أبرز مصاديق إبداء الزينة لغير الزوج، وكلاهما محرمان شرعاً فيصدق عليها الإعانة على المنكر والإثم، قال تعالى(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، نعم يجوز لها أن تظهر وجهها في الصورة لأجل الضرورة العرفية كالباصبورت أو الهوية أو إخراج القيد المطلوب فيها تكشيف الوجه، ويجوز للمصور أن يرى وجهها بالوجه الذي ذكرنا شريطة عدم توفر إمرأة تحل محله في التصوير وتظهير الأفلام المحمضة.
  وبعبارة ثانية: يجب على المسلمة أن لا تظهر صورة وجهها على الرجل المصور إلا في حال عدم توفر البديل عنه وهو المرأة، والله تعالى هو حسبي ونعم الوكيل.
7- ما رأيكم في مسألة تحديد النسل؟
بسمه تبارك شأنه
الجواب:
يحرم قطع النسل، ويجوز تنظيم النسل لفترة زمنية محددة لأجل الضرورة بالنسبة إلى النساء اللاتي يسرع إليهنّ الحمل وذوي الأمراض المعدية والأفراد القلائل الذين تضعف أعصابهم عن مواجهة المسؤوليات الكبرى مع عدم وجود من يقويهم على احتمال المسؤوليات، فكذا التنظيم لأجل ما ذكرنا جائز شرعاً لأنه موافق للحكمة من الإستيلاد وهي المعرفة والعبادة وتعمير الأرض بالصلاح والخير، ويشهد لهذا ما ورد في الكتاب المجيد من تنظيم النسل لأجل حكمة إرضاع الطفل حولين كاملين لأن في ذلك صلاحاً للطفل، ومقتضى المحافظة على حاله يستلزم وقف الحمل مدة الرضاع،والتوقيف المذكور يعني التنظيم لأجل مصلحة الرضيع وإلا فإن الأم إذا لم تراعِ عدم الحمل أدّى ذلك إلى منع الرضيع من اللبن لأن الحبل يمنع اللبن عن الرضيع كما هو معلوم عن الحوامل فبمجرد أن تحبل المرأة ينقطع اللبن عنها فيضر ذلك برضيعها، قال تعالى(  وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ....)البقرة233.ولكن منع الحمل لأجل الطفل لا يجوز أن يكون مقدمة لمنع الزوج من الجماع فإنه حرام بمقتضى ما جاء في الآية المتقدمة( ولا تضار والدة بولدها) فقد جاء في تفسيره: أي لا تضار والدة بأن يترك جماعها خوف الحمل لأجل ولدها المرتضع(ولا مولود له بولده) أي لا تمنع نفسها من الأب ـ أي  الزوج ـ خوف الحمل فيضر ذلك بالأب".
  فلا ريب في أن صيانة النسل من الضعف والهزال والضياع وكذا حفظه من الأمراض مطلوب شرعاً وقطع النسل مخالفٌ للحكمة المذكورة .
الأدلة على حرمة قطع النسل.
   نستدل على حرمة قطع النسل بأمرين:
الأول: بأن قطع النسل يعتبر تصرفاً بالبدن المؤدي إلى تعطيل العضو أو قتل ما في العضو من خلايا حيّة كالنطف والبويضات ــ  كما في عملية قطع المبيض أو استعمال العقاقير القاتلة للبويضات عند المرأة ــ إلا إذا كان هناك خوفٌ على حياة المرأة أو صحتها بحيث لو لم تقطع نسلها لأدى ذلك إلى هلاكها، فيدور الأمر بين المتزاحمين(الأهم والمهم) فيقدم الأهم ــ وهو هنا المحافظة على حياة الأم ــ على المهم وهو هنا حرمة قطع النسل، ولا ريب في أن حفظ النفس من الموت أهم من حرمة قطع النسل.
الثاني: أن قطع النسل مخالفٌ لما ورد في الآيات والأخبار الدالة على أن الهدف من خلق الإنسان هو إبقاء النسل لتعمير الأرض وثقلها بالمعرفة والعبادة، وقطع النسل خلاف الهدف، فيكون حراماً ومبغوضاً شرعاً.
والحمد لله وهو حسبي عليه توكلت وإليه أنيب.
8- ما رأيكم في أطروحة شورى الفقهاء والمراجع التي كان ينادي بها الراحل السيد الشيرازي؟
بسمه تعالى شأنه
الجواب:
الأقوى عندنا بمقتضى الأدلة بطلان ولاية الفقيه العامة بكلا شقيها الفردي والنوعي، فالفردي متمثل بإستبداد الفقيه الواحد لمقدرات الأمة وكذلك النوعي كجماعة من الفقهاء يتولون شؤون الأمة فلا يختلفون عن الفقيه الواحد في التدبير والإستبداد بإسم الدين بعد قيام الأدلة على بطلانها من الأساس باعتبارها حقاً خاصاً بالمعصوم عليه السلام فلا يجوز التعدي عنه إلى غيره سوآء أكان المتعدي فرداً واحداً أم كان جماعة بالشورى وهل تختلف شوراهم عن شورى أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير لمّا اجتمعوا في السقيفة ليختاروا الخليفة المدبر لأمور الأمة.؟! فالإستبداد واحد لا فرق بين أن يكون صادراً من فرد واحد أو من جماعة أُطلق عليهم أهل الشورى، وإطلاق الأسماء على المعنونات الباطلة لا يجعلها حقاً وصواباً، فولاية الفقيه العامة باطلة فرداً وجماعة كما فصّلنا ذلك في كتابنا(ولاية الفقيه العامة في الميزان)فليراجع.
  والآية الكريمة التي أشارت إلى أن الأمر شورى بين المسلمين هي خاصة بالأمور الإدارية والسياسية ولا دخل للفقيه في شؤون الأمة السياسية والإدارية بل هو متخصص في الأمور الشرعية ولا دخل له فيما ذكرنا، والآية نص صريح في الأمور الإدارية الراجعة إليهم(شاورهم في الأمر)و(أمرهم شورى بينهم) فلفظ الأمر الوارد في الآيتين الكريمتين يشير إلى الأمر الراجع إليهم منتنظيم أمورهم وحياتهم بحيث لا يدب فيها الفوضى والفساد القتل والنهب والإغتصاب وسرقة أموال الناس وما شاكل ذلك من مفاسد يجب أن ترفع بضبط الأمور من الناحية الإدارية وهو حاصل في البلدان الكافرة على أفضل وجه ولم نشاهد بلداً إسلامياً يحكم بالإسلام وبولاية الفقيه أفضل حالاً من البلدان السائبة على وجهها لا تعرف أبسط القوانين التي تراعي حقوق الفرد والجماعات.
فالقول بأن للفقيه السلطة دونه خرط القتاد بعدما خبرنا أطروحتهم فحكموا فكان حكمهم جوراً ووبالاً على الموالين بوجه خاص، بل كان حكمهم زيادة في كرب الشيعة لا سيما الإيرانيين منهم الذين يموتون جوعاً بسبب سوء الإدارة واضطراب التنظيم المدني والإقتصاديوشح الموارد الإقتصادية والبطالة... فأين هي ولاية الفقيه التي يتشدقون بها بليلهم ونهارهم ولأجلها يقيمون الحد على كل من رفضها..؟! وسيعلم الذين ظلموا أيّض منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين، والله تعالى حسبي عليه توكلت وإليه أنيب، والسلام عليكم.
9-هل هناك روايات تشير إلى أن خطأ العالم بحسنة وصوابه باثنتان(بإثنتين)؟
بسمه تعالى/ الجواب:
ليس هناك ما يشير إلى أن للعالم حسنة إذا أخطأ، وإذا أصاب حسنتان، ولو كان خطؤه بحسنة لكان الله تعالى بذلك قد أمر بالخطأ وهو قبيح عقلاً وشرعاً، فهذه المقولة من صنع المخالفين حتى يبرروا أخطاء خلفائهم ويظهرونها بمظهر الحسن وأنهم مأجورون على ما ارتكبوه من محرمات، وهو عين ما تلفظ به أبو بكر لمّا حرّض عمر أبا بكر على قتل خالد بن الوليد (لعنه الله) الذي عُرف منه الإعتداء على عرض مالك بن نويرة قائلاً له:" اقتل خالداً فإن في سيفه رهقاً" فأجابه أبو بكر:" ما كنت لأغمد سيفاً سله الله على الكافرين فقد اجتهد فأخطأ" وهكذا بررت رواياتهم قتل يزيد للإمام سيّد الشهداء عليه السلام باعتباره خليفةً عن النبيّ كما يزعم الكثيرون منهم، على قاعدة:"أن المجتهد إذا أخطأ فله أجر وإذا أصاب فله أجران" وهو عندنا باطل لأن العالم إذا أخطأ فإنه يحرف أمة بكاملها من هنا جاء في الخبر الصحيح بأن الله تعالى يغفر للجاهل سبعين ذنباً قبل أن يغفر الله تعالى للعالم ذنباً واحداً، وما ذلك إلا لأن خطأ العالم يؤدي إلى الفسق والفجور والكفر والظلم بسبب خطئه المدعوم من الشريعة، فالخطأ لا يثاب عليه المرء وإلا لما عاقب الله تعالى الناس على أخطائهم، ولما صح الإنكار على العالم المخطئ بفتواه المخالفة لحكم الله تعالى، ونقصد بالمخطئ المتعمد للخطأ بسبب مخالفته للأمرات الشرعية إما بطرحها وإما بصرفها عن وجهتها لمآرب شخصية أو نوعية غير مبررة، ولا يقال بأن المجتهد يصرف عمره بالبحث والتنقيب فقد يصيب وقد يخطئ..! قلنا في الجواب: بأن المجتهد الذي لا يعاقب إنما هو من لم يخالف الطرق التي أمرنا بها أئمتنا الطاهرون عليهم السلام لا الطرق الملتوية التي هي من صنع المخالفين والكافرين، من هنا نهى إمامنا المعظم الإمام الحسن العسكري عليه السلام فقهاء الشيعة عن أن يركبوا مراكب العامة في إستباطاتهم لأن ذلك يؤدي إلى ضياع فقه رسول الله وآله الطاهرين، فقد روى المحدث الحر العاملي رحمه الله عن الإحتجاج  أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي عن الإمام أبي محمد العسكري ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ) قال : هذه لقوم من اليهود - إلى أن قال : - وقال رجل للصادق ( عليه السلام ) : إذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم - إلى أن قال : - فقال ( عليه السلام ) : بين عوامنا وعوام اليهود فرق من جهة وتسوية من جهة ، أما من حيث الاستواء فان الله ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم ، وأما من حيث افترقوا فان عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح وأكل الحرام والرشاء وتغيير الأحكام واضطروا بقلوبهم إلى أن من فعل ذلك فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله فلذلك ذمهم ، وكذلك عوامنا إذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب على الدنيا وحرامها ، فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم ، فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه مخالفا على هواه ، مطيعا لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه ، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم ، فان من ركب من القبايح والفواحش مراكب علماء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا كرامة ، وإنما كثر التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك ، لأن الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه بأسره لجهلهم ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلة معرفتهم وآخرون يتعمدون الكذب علينا) الحديث .
  فالعالم الذي يفتي الناس كذباً وزوراً على الله تعالى وعلى نبيه وآل بيته الطاهرين عليهم السلام ثم يقول للناس هذا حكم الله وحكم رسوله وحكم آل بيته عليهم السلام وهو يعلم بأنه كذاب أشر وأنه ليس من أهل الفتوى بأحاديثهم الشريفة وإنما حلل وحرَّم برأيه واستحساناته وأقيسته التي اقتبسها من العامة العمياء كيف يكون خطؤه بحسنة ..؟! وقد ذم الله تعالى أحبار اليهود لأنهم افتروا على الله تعالى بتحليل الحرام وتحريم الحلال  ..أليس في الشيعة من يفعل ذلك؟ بلى ورب الكعبة إنهم كثيرون في هذه الأيام...اللهم عجّل فرج وليّك واجعلنا من أعوانه وخيرة أنصاره بمحمد وآله..وهو حسبي وإليه أنيب..والسلام عليكم.
 

الأحقر العبد محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 16 ربيع الأوّل 1435 هـ

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/25   ||   القرّاء : 10455




أحدث البيانات والإعلانات :



 لقد ألغى سماحة لمرجع الديني الكبير فقيه عصره آية الله الحجّة الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي ( دام ظلّه الوارف ) كلّ الإجازات التي منحها للعلماء..

 الرد الإجمالي على الشيخ حسن المصري..

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1443 هجري / 2022 ميلادي

 الرد الفوري على الشيخ البصري

 إحتفال الشيعة في رأس السنة الميلاديّة حرام شرعاً

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1441 هجري / 2020 ميلادي

 بيان هام صادر عن المرجع الديني آية الله الشيخ محمّد جميل حمُّود العاملي

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 هل كان أمير المؤمنين عليٌّ صلّى الله عليه وآله موجوداً مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الإسراء والمعراج..؟

 ما هو حكم الدم المعفى عنه في الصلاة..وكم هو مقداره..؟

 حكم الرعاف في شهر رمضان...

 البتريون كالنواصب نجسون دنسون..

 هل الملعون نجس؟

 تحية السلام على المصلي...

 حكم العدول من سورة الى سورة في الصلاة الواجبة..

ملفات عشوائية :



 حكم من وجد ثياباً في كيسه مع ثيابه التي اشتراها من السوق

 جواز التطبير ليس مشروطاً برضا الوالدين / المشي على الجمر للمعتقد به جائز بل مستحب لأنه يشد القلوب الضعيفة عن الولاء الحسيني

 دعاء أبي حمزة الثمالي رضوان الله عليه

 ما حكم النظر الى الصور الخلاعية..

 إستفتاء في الإيجار

 هل هناك نباتات وحيوانات ناصبية ؟

 دحض الشبهات الواهية على كفر سيدنا أبي طالب عليه السلام

جديد الصوتيات :



 الإيراد على الوهابيين غير المعتقدين بالتوسل بالأنبياء والأولياء من آل محمد عليهم السلام - ألقيت في عام 2008 ميلادي

 محطات في سيرة الإمام محمّد الجواد عليه السلام - 26تموز2007

 محاضرة حول الصدقة (حديث المنزلة..وكل الانبياء أوصوا الى من يخلفهم..)

 السيرة التحليليّة للإمام علي الهادي عليه السلام وبعض معاجزه

 لماذا لم يعاجل الإمام المهدي (عليه السلام) بعقاب الظالمين

 المحاضرة رقم ٢:( الرد على من شكك بقضية إقتحام عمر بن الخطاب لدار سيّدة الطهر والقداسة الصديقة الكبرى فاطمة صلى الله عليها)

 المحاضرة رقم 1:(حول ظلامات الصدّيقة الكبرى..التي منها إقتحام دارها..والإعتداء عليها ارواحنا لشسع نعليها الفداء والإيراد على محمد حسين..الذي شكك في ظلم أبي بكر وعمر لها...)

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 11

  • الأقسام الفرعية : 36

  • عدد المواضيع : 2195

  • التصفحات : 19213934

  • المتواجدون الآن : 2

  • التاريخ : 28/03/2024 - 23:38

||   Web Site : www.aletra.org   ||   
 

 Designed, Programmed & Hosted by : King 4 Host . Net