حكم الزواج من الجنية/ الكلام الدائر حول الطهارة المادية لأجسام أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام فيه لغط وسوء أدب يخرج بصاحبه من الإسلام
الإسم: *****
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...وبعد.
جوابنا على سؤالكم الأول الدائر حول نكاح الجنية هو التالي:
الأقوى عندنا جواز نكاح المرأة الجنية المؤمنة على كراهة شديدة، ولا يجوز نكاح الجنية الكافرة والناصبية والخارجية وغيرها من نساء الجن الكافر والمعادي لأهل البيت عليهم السلام، وبالتالي فلا يجوز نكاح الجنية التابعة في دينها للمذاهب الأربعة وهي المخالفة بإعتقادها لأئمتنا الطاهرين عليهم السلام، ومثلها مثل الإنسية في حرمة نكاح المخالفة دواماً وانقطاعاً، ويجب أن يكون النكاح بين الإنسي والجنية ـــ على فرض حصوله ـــ ضمن قانون الشرع المبين، فهو تماماً كالنكاح بين الإنسيين، فلا يجوز نكاح الجنية من دون عقد شرعي بينها وبين الإنسي وإلا فيكون النكاح زنا، بل يجب أن يكون الزواج بعقدٍ شرعي بمهر ومدة في الزواج المنقطع، وهل يجوز نكاح الجني للمرأة الإنسية أم لا ؟ الظاهر عندنا حرمة زواج الإنسية للجني على الأقوى وذلك تعبداً بالنصوص الدالة على تزويج نبيّ الله آدم عليه السلام إبنه قابيل لبعض الجنيات وتزويج بعض أحفاده لبعض الجنيات ولم يزوّج بنته إلى جني، مضافاً إلى أن زواج الإنسية من جني يستلزم محاذير خطرة على المجتمع النسوي، كما أن فتوانا بجواز تزويج الرجل الإنسي المؤمن من المرأة الجنية مشروط بعدم ترتب مفسدة على هذا الزواج وإلا فيحرم شرعاً.
وأما السؤال عن الإستعانة بالجن فجوابه:
أنه لا إشكال في الإستعانة بالجن على المؤمن المتمكن والقادر على تصريفهم، ولا يجوز تحضير الجن بغرض الإستعانة بهم لمن لا يتمكن من التخلص منهم، والدخول في هذا العالم الجني فيه الكثير من المحاذير الشرعية والعقلية فلا يجوز الدخول فيه شرعاً.
وأما السؤال عن أصناف الجن وقدرتهم على التشكل فجوابه:
إن الجن على أصناف، فمنهم الأرضي ومنهم السماوي أي الجن الطيار، وهم كالإنس، منهم المؤمن ومنهم الكافر، فهم أمم أمثالنا، وفيهم الطيب ومنهم الخبيث، وهم قادرون على التشكل بأيّ صورة شاءوا وأحبوا، وقد أعطاهم الله تعالى تلك القدرة على التشكل، وحسنهم وجمالهم ثانوي أي بصورتهم الأخرى التي يتشكلون عليها وهم قبيحون بصورتهم الطبيعية التي خلقهم الله تعالى عليها بحسب ما جاء في الأخبار كما في رواية الصدوق في الفقيه والكليني في الكافي عنهم عليهم السلام ما معناه:" أن كلَّ جمال وحلم فمن الحورية، وكل قبحٍ وسفهٍ وحدَّة فمن الجنية" وقبح المنظر بحسب صورتهم الطبيعية الاولية مغايرة للصورة البشرية في كثيرٍ من تفاصيلها وإن اتفقت الصورتان في بعض القواسم المشتركة كما وضحناه في بعض بحوثنا حول حقيقة الجن فلتراجع على موقعنا...وأما سؤالكم عن الأكراد وأنهم طائفة من الجن..فنعم هم طائفة من الجن كشف الله تعالى عنهم الغطاء، ولكن لم يرد في الأخبار ـــ بحدود إطلاعنا ــــ ما يشير إلى علَّة الكشف عنهم، فقد أشرتم في سؤالكم إلى أن الله تعالى كشف عنهم الغطاء لأجل بغضهم لأمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه وآله فلم نعثر عليه في خبرٍ، فالعلَّة في الكشف عنهم مخفية علينا، والسؤال المهم هو: هل أن الكشف عنهم يعتبر نعمة أم أنه نقمة ؟ لا يبعد الإثنين معاً أي هو نعمة من جانب، ونقمة من جانب آخر، أما كونه نعمة فمن حيث إن الإنس أفضل من الجن، فالتحول إلى الإنس يعدُّ نعمةً لهم باعتباره تحولاً من الأدنى إلى الأعلى، وأما كونه نقمةً فمن حيث كراهة المعاملة معهم لا سيما كراهة النكاح معهم لما فيه من المفاسد الواضحة لمن تأمل وتدبر، وكأن المشرِّعَ الحكيم أراد أن يكشف لنا واقع الجن من خلال أفعال الأكراد من حيث كون أكثرهم مائلين إلى العزلة والإنفراد ومن طبيعتهم سرعة الغضب، وبالتالي فلا يكون ذلك إلا نقمةً، والله تعالى هو العالم بأسرار خلقه.
وجوابنا على سؤالك الثاني عن طهارة أجسام أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام هو التالي:
ما نفثه هذا الشيطان من سموم بحق سادات الورى عليهم السلام يوجب المروق من الدين باعتباره تهكماً وسوء أدب بحق سيدة النساء وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وسوء أدب بالعبارات المهينة كالفساء والضراط وما شابهها مع ما تجرأ به على أمير المؤمنين عليّ عليه السلام بالعبارات المنكرة وكذلك تدخله في خصوصيات جسد مولاتنا المعظمة الصدّيقة الكبرى عليها السلام وهذا يوجب الكفر، فقد وقع في تناقض وتهافت في كلامه، فهو قد أقرَّ بأن لهم نجواً وبولاً نراه وفي الوقت نفسه نفى وجود فروج لهم عليهم السلام، فكيف يكون لهم نجوٌ وبولٌ ويكونان طاهرين يجوز تناولهما وفي الوقت ذاته ليس لهم فروج؟! فكيف يخرج النجو والبول من دون أن يكون لهم فروج؟!! أليس هذا تناقضاً وضياعاً وتشتتاً بالأفكار ما يدل على أنه سكران بسكرات الجن الذين يختلي بهم ويتواصل معهم..!!
إن النبيَّ وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام بشرٌ لهم ما لبقية البشر في أجسامهم الشريفة ولكنهم مطهرون من الرجس فلا ريح ولا نجاسة في دم أو بول أو نجو وما شاكل ذلك عندهم صلوات الله عليهم، هذا على فرض أنهم يبولون ويخرج منهم ما يخرج من البشر، كأهل الجنة لا يبولون ولا يغوطون ولا يمنون ومع هذا كلّه لم يخرجوا من بشريتهم، وقد فصلنا ذلك في كتابنا(أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد) في ضمن آية التطهير وقلنا هناك بأن وجود فروج لهم لا يعني أن ما يخرج منهم يكون نجساً والعياذ بالله تعالى وحاشاهم من النجاسة المادية والمعنوية...
والحاصل: أن ما يخرج منهم عليهم السلام طاهر مطهر بمقتضى آية التطهير والأخبار، ولكن لا يجوز أكله تعبداً بالنص الوارد بحق أبي ظبية الحجام الذي شرب من دم النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله فنهاه النبيّ عن المعاودة، وكذلك نهيه صلوات الله عليه وآله سيدتنا أم المؤمنين أم سلمى رضي الله تعالى عنها لمَّا شربت من قارورة فيها بول للنبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله فنهاها عن المعاودة.....فليس كل طاهر يجوز أكله أو شربه لمصالح ومفاسد في متعلقاته، وليست المصالح والمفاسد في نفس الذوات الطاهرة باعتارها طاهرة لا مفاسد فيها أصلاً، بل المفسدة إنَّما تلحق المكلَّف المتعلق بتلك الذوات الطاهرة، فلربما يلحقه العجب والغرور ولربما يصيبه نوع من الغلو بالذوات المطهرة أو أنه يكون سبباً لغيره في الغلو، ولا نعني بالغلو أن نفس تذوق بول المعصوم يكون غلواً..! كلا! بل إن إعتياد مضغ أو شرب فضلات المعصوم عليه السلام يستلزم دعوة الآخرين إلى جعله إلهاً يعبد من دون الله تعالى، أو لربما يكون السبب في النهي عن تذوق فضلاته أشياء لا نفقه كنهها فنرد أمرها إلى الله تعالى وإليهم صلوات الله عليهم .
وأما دعواه بأن أهل البيت عليهم السلام ليس عندهم شهوة فكلام ينم عن جهل محض وهو خال من الدليل، بل هم بشر لديهم الأحاسيس المنضبطة تحت حكم عقولهم المقدسة وهم مخصوصون بالكرامة والفضل والإصطفاء وهذا لا يعني أنهم لا يشتهون ما يريد الله تعالى أن يشتهوه، فليس العيب في الشهوة كشهوة بما هي شهوة، وإنما العيب في أن تكون الشهوة هي المالكة لزمام الأمور بحيث تكون حاكمة على العقل والدين، أما أن تكون الشهوة مقهورة تحت سلطان الشرع والعقل فلا عيب فيها ولا تقدح بمقاماتهم وعظمتهم بل إن عظمتهم وعلو مقامهم إنما كان لأجل ما عندهم من الشهوة التي قهروها تحت سلطان الله تعالى، من هنا كانوا أفضل من الملائكة المقهورين على الطاعة من دون وجود شهوة عندهم... فدعوى أن أهل البيت صلوات الله عليهم ليس لديهم شهوة تبقى دعوى بلا دليل بل هي مناهضة للأدلة والبراهين، والله تعالى حسبنا ونعم الوكيل والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
العبد الشيخ محمد جميل حمود العاملي
ـ بيروت بتاريخ 12 ذي القعدة 1433هـ