• الصفحة الرئيسية

ترجمة آية الله العاملي :

المركز :

بحوث فقهيّة وعقائديّة/ اردو :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مجلّة لسان الصدق الباكستانيّة (3)
  • بحث فقهي عن الشهادة الثالثة (1)

محاضرات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرة الإمام الحجّة (عليه السلام) (121)
  • مظلوميّة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة (عليها السلام) (20)
  • شبهات وردود حول فقه السيرة الحسينية (11)
  • من هم أهل الثغور؟ (1)
  • محاضرات متفرقة (15)
  • شبهات وردود حول ظلامات سيّدتنا فاطمة عليها السلام (2)
  • الشعائر الحسينية - شبهات وردود (محرم1435هـ/2014م) (9)
  • زيارة أربعين سيّد الشهداء (عليه السلام) (2)
  • البحث القصصي في السيرة المهدوية (22)
  • سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) (6)

أدعية وزيارات ونعي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • أدعية (14)
  • زيارات (9)
  • نعي، لطميّات (4)

العقائد والتاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • شبهات وردود (458)
  • عقائدنا في الزيارات (2)

الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • إستفتاءات وأجوبة (1178)
  • أرسل سؤالك

علم الرجال :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مواضيع رجاليّة (102)

مواضيع مشتركة ومتفرقة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مراسلات زوّار الموقع للمركز (4)
  • كلمة - رأي - منفعة (20)
  • نصائح (5)
  • فلسفة ومنطق (4)
  • رسائل تحقيقيّة (3)
  • مواضيع أخلاقيّة (3)
  • فقهي عقائدي (35)
  • فقهي أصولي (11)
  • فقهي تاريخي (6)
  • شعائري / فقهي شعائري (26)
  • مواضيع متفرقة (22)
  • تفسيري (15)

مؤلفات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مؤلفات عقائديّة (15)
  • مؤلفات فقهيّة (13)

بيانات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • بيانات وإعلانات (35)

المؤلفات والكتب :

 
 
 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

 
 • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم وأهلك أعداءهم • 
  • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .

        • القسم الفرعي : شبهات وردود .

              • الموضوع : الفتاوى البروجردية - الجزء الثاني .

الفتاوى البروجردية - الجزء الثاني

الإسم:  *****
النص: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ[1]»
«... السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الرَّضِيَّةُ الْمَرْضِيَّةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْفَاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْحُورِيَّةُ الْإِنْسِيَّةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُحَدَّثَةُ الْعَلِيمَةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمَظْلُومَةُ الْمَغْصُوبَةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُضْطَهَدَةُ الْمَقْهُورَةُ...[2]»
السلام عليکم و رحمة الله و برکاته؛
سماحة المرجع الأعلي الديني المدافع عن ولاية أهل البيت: صاحب علم الولاء آية الله ....الحاج الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي مدّ ظلّه:
1. ما قولکم الشريف في تزويج أمير المؤمنين سلام الله عليه إبنته (أم کلثوم) من عمر بن الصهاک ، و تزويج إبنتي رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم (زينب و رقيّة) من عثمان بن عفّان ؟ (مع بيان أدلّتکم التفصيليّة)
2. ما هو موقفکم الشريف حول هذه الأحاديث:
أ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ سلام الله عليه فِي الحديث قَالَ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَسِلَ مِنْ غُسَالَةِ الْحَمَّامِ فَفِيهَا تَجْتَمِعُ غُسَالَةُ الْيَهُودِيِّ وَ النَّصْرَانِيِّ وَ الْمَجُوسِيِّ وَ النَّاصِبِ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ هُوَ شَرُّهُمْ فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ خَلْقاً أَنْجَسَ مِنَ الْكَلْبِ وَ إِنَّ النَّاصِبَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لَأَنْجَسُ مِنْهُ[3].
بـ - قَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ: اعْرِضُوا حُبَّ عَلِيٍّ سلام الله عليه عَلَى أَوْلَادِكُمْ فَمَنْ أَحَبَّهُ فَهُوَ مِنْكُمْ وَ مَنْ لَمْ يُحِبَّهُ فَاسْأَلُوا أُمَّهُ مِنْ أَيْنَ جَاءَتْ بِهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّي الله عليه و آله و سلّم يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ سلام الله عليه لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ أَوْ وَلَدُ زِنْيَةٍ أَوْ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَ هِيَ طَامِثٌ[4].
تـ - عَنْ عَلِيٍّ سلام الله عليه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّي الله عليه و آله و سلّم مَنْ لَمْ يُحِبَّ عِتْرَتِي فَهُوَ لِإِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا مُنَافِقٌ وَ إِمَّا لِزَنْيَةٍ وَ إِمَّا امْرُؤٌ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فِي غَيْرِ طُهْرٍ[5].
ثـ - عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ آدَمَ قَالَ إِنِّي لَعِنْدَ الرِّضَا سلام الله عليه إِذْ جِي‏ءَ بِأَبِي جَعْفَرٍ سلام الله عليه وَ سِنُّهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَأَطَالَ الْفِكْرَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا بِنَفْسِي فَلِمَ طَالَ فِكْرُكَ فَقَالَ فِيمَا صُنِعَ بِأُمِّي فَاطِمَةَ أَمَا وَ اللهِ لَأُخْرِجَنَّهُمَا ثُمَّ لَأُحْرِقَنَّهُمَا ثُمَّ لَأُذْرِيَنَّهُمَا ثُمَّ لَأَنْسِفَنَّهُمَا فِي الْيَمِّ نَسْفاً فَاسْتَدْنَاهُ وَ قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي أَنْتَ لَهَا يَعْنِي الْإِمَامَةَ[6].
جـ - عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ سلام الله عليه أَنَّهُ قَالَ مَنْ وَجَدَ بَرْدَ حُبِّنَا عَلَى قَلْبِهِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ لِأُمِّهِ فَإِنَّهَا لَمْ تَخُنْ أَبَاهُ[7].
حـ - عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيِّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّي الله عليه و آله و سلّم يَقُولُ لِعَلِيٍّ سلام الله عليه لَا يُبْغِضُكُمْ إِلَّا ثَلَاثَةٌ وَلَدُ زِنًا وَ مُنَافِقٌ وَ مَنْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ وَ هِيَ حَائِضٌ[8].
خـ - قَالَ الصَّادِقُ سلام الله عليه إِنَّ النَّاصِبَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لَا يُبَالِي صَامَ أَمْ صَلَّى زَنَى أَمْ سَرَقَ إِنَّهُ فِي النَّارِ إِنَّهُ فِي النَّارِ[9].
د - عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ سَمِعْتُ مَوْلَايَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سلام الله عليه يَقُولُ مَنْ ضَحِكَ فِي وَجْهِ عَدُوٍّ لَنَا مِنَ النَّوَاصِبِ وَ الْمُعْتَزِلَةِ وَ الْخَارِجِيَّةِ وَ الْقَدَرِيَّةِ وَ مُخَالِفِ مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ وَ مَنْ سِوَاهُمْ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ طَاعَةً أَرْبَعِينَ سَنَةً[10].
ذ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زِيَادٍ وَ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى قَالَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ سلام الله عليه أَسْأَلُهُ عَنِ النَّاصِبِ هَلْ أَحْتَاجُ فِي امْتِحَانِهِ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ تَقْدِيمِهِ الْجِبْتَ وَ الطَّاغُوتَ وَ اعْتِقَادِ إِمَامَتِهِمَا فَرَجَعَ الْجَوَابُ مَنْ كَانَ عَلَى هَذَا فَهُوَ نَاصِبٌ[11].
ر - نَصْرُ بْنُ صَبَّاحٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ بَشَّارٍ الْوَشَّاءِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: دخلت [دَخَلَ‏] الْكُمَيْتُ فَأَنْشَدَهُ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ وَ يَكْرَهُ سَفْسَافَهَا فَقَالَ الْكُمَيْتُ يَا سَيِّدِي أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَ كَانَ مُتَّكِئاً فَاسْتَوَى جَالِساً وَ كَسَرَ فِي صَدْرِهِ وِسَادَةً ثُمَّ قَالَ سَلْ فَقَالَ أَسْأَلُكَ عَنِ الرَّجُلَيْنِ فَقَالَ يَا كُمَيْتَ بْنَ زَيْدٍ مَا أُهَرِيقَ فِي الْإِسْلَامِ مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ وَ لَا اكْتُسِبَ مَالٌ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ وَ لَا نُكِحَ فَرْجٌ حَرَامٌ إِلَّا وَ ذَلِكَ فِي أَعْنَاقِهِمَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا وَ نَحْنُ مَعَاشِرَ بَنِي هَاشِمٍ نَأْمُرُ كِبَارَنَا وَ صِغَارَنَا بِسَبِّهِمَا وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُمَا[12].

3. هل ترون الولاية للفقاء الکرام زيد عزّهم العالي في عصر الغيبة، هل ترون الولاية للفقيه الواحد أم للفقهاء، و هل ولاية الفقيه أو الفقهاء مطلقة أم مقيّدة، و هل يجوز لفقيه منع فقيه آخر من إبداء وجهة نظره في المسائل الفقهيّة و الإجتماعيّة و السيّاسيّة، و اذا کان الفقيه حاکماً علي المسلمين و بيده زمام السلطة هل يجل علي غيره من الفقهاء أن يطيعوا حکمه، ما هو نوع الحکم في الإسلام، و هل يجوز الإستبداد في الحکم، و کيف تتعامل الدولة الإسلاميّة مع الدُوَل المجاورة؟
4. ما هو موقفکم الشريف بشأن من يشکّک في ظلامات الصدّيقة الشهيدة سلام الله عليها کالسيّد محمّد حسين فضل الله و من يدعم هذا الخطّ الباطل؟
5. هل هناک فرق بين السبّ و اللعن؟
6. ما هي أهمّية فدک بالنسبة للخلافة؟
7. ما هو نظرکم الشريف حول زيارة الجامعة، هل هي ثابتة عندکم؟
8. ما رأيکم الشريف في التطبير و اللطم، هل التطبير و اللطم داخل تخت عنوان البدعة لأنّ المعصومين: لم يلطموا و لم يطبّروا، هل التطبير و اللطم يشوه المذهب، هل حکمهما يغيّر بتعييب المخالفين و المعاندين؟
9. هناک بعض طلبة العلم يشککّون في جواز اللعن و لذلک ينکرون ورود اللعن في زيارة عاشوراء، فما قولکم في ذلک؟
10. ما حکم التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص، و هل يجوز أن نسلّم لهم الحقوق الشرعيّة و الکفّارات و النذور و ما أشبه ذلک؟
11. هل اللعن داخلٌ تحت البراءة من أعداء آل محمّد سلام الله عليهم أجمعين؟
12. کيف ينظر الإسلام إلي السجين؟
13. أغلب الجامعات و الکليّات في هذا العصر تجمع عامل الإختلاط بين الرجل و المرأة و حيث التبرّج و عدم التعفّف من جانبٍ و ضرورة طلب العلم و التواصل العلمي و الحصول علي شهادة للرجل من جانب آخر فما هو الحکم الشرعيّ، ما رأيکم في إلتحاق المرأة بهذه الجامعات؟
14. ما هو رأيکم الشريف حول الشهادة الثالثة (أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللهِ) و الشهادة بالمعصومين سلام الله عليهم أجمعين في الأذان و الإقامة؟ (مع بيان أدلّتکم التفصيليّة)
15. ما هو رأيکم الشريف حول الشهادة الثالثة و الشهادة بالمعصومين سلام الله عليهم أجمعين (و أشهد أنّ أمير المؤمنين و أولاده المعصومين و فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين حجج الله صلوات الله و سلامه علیهم أجمعين) في التشهّد الصلاة؟ (مع بيان أدلّتکم التفصيليّة)
[و أمّا أدلّتنا حول جواز الشهادة الثلاثة و الشهادة بالمعصومين سلام الله أجمعين فی کتب الروائيّة المعتبرة (فلاحظ): تفصيل وسائل الشيعة إلي تحصيل مسائل الشريعة(طبع مؤسّسة آل البيت)/الجرء6/تتمة کتاب الصلوة/أبواب التشهّد/باب3: کيفيّة التشهّد و جملة من أحکامه/الصفحة393 -و- باب4: وجوب الشهادتين في التشهّد/الصفحة396 - مستدرک الوسائل و مستنبط المسائل(طبع مؤسّسة آل البيت)/الجزء5/تتمّة کتاب الصلوة/أبواب التشهّد/باب2: کيفيّة التشهّد و جملة من أحکامه/الصفحة6 -و- باب3: وجوب الشهادتين في التشهّد/الصفحة10 - يک دوره فقه کامل فارسي(طبع مؤسّسة و انتشارات فراهاني)/کتاب دوّم: مقاصد الصلوة/باب پنجم: در أفعال صلوة/الصفحة31 - الحدائق الناظرة في أحکام العترة الطاهرة(طبع دفتر انتشارات اسلامي)/الجزء8/تتمة کتاب الصلوة/الباب الثاني: في الصلوة اليوميّة و ما يلحق بها/المقصد الأوّل/الفصل التاسع: في التشهّد/المورد الثاني: أفضل التشهّد/الصفحة450 - جواهر الکلام في شرح شرائع الإسلام(طبع دار إحياء التراث العربي)/الجزء10/تتمّة القسم الأوّل: في العبادات/تتمّة کتاب الصلوة/تتمّة الرکن الثاني: في أفعال الصلوة/تتمّة الواجبات/السابع: التشهّد/الصفحة245]
16. هل هذا الکلام صحيح حول الفساد في نسب عمر بن الصهاک : «عَنِ الصَّادِقِ سلام الله عليه أَنَّهُ قَالَ كَانَتْ صُهَاكُ جَارِيَةً لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ كَانَتْ ذَاتَ عَجُزٍ وَ كَانَتْ تَرْعَى الْإِبِلَ وَ كَانَتْ مِنَ الْحَبَشَةِ وَ كَانَتْ تَمِيلُ إِلَى النِّكَاحِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا نُفَيْلٌ جَدُّ (فُلَانٍ) فَهَوَاهَا وَ عَشِقَهَا مِنْ مَرْعَى الْإِبِلِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِالْخَطَّابِ فَلَمَّا أَدْرَكَ الْبُلُوغَ نَظَرَ إِلَى أُمِّهِ صُهَاكَ فَأَعْجَبَهُ عَجُزُهَا فَوَثَبَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِحَنْتَمَةَ فَلَمَّا وَلَدَتْهَا خَافَتْ مِنْ أَهْلِهَا فَجَعَلَتْهَا فِي صُوفٍ وَ أَلْقَتْهَا بَيْنَ أَحْشَامِ مَكَّةَ فَوَجَدَهَا هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْوَلِيدِ فَحَمَلَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ وَ رَبَّاهَا وَ سَمَّاهَا بِالْحَنْتَمَةِ وَ كَانَتْ مَشِيمَةُ الْعَرَبِ مَنْ رَبَّى يَتِيماً يَتَّخِذُهُ وَلَداً فَلَمَّا بَلَغَتْ حَنْتَمَةُ نَظَرَ إِلَيْهَا الْخَطَّابُ فَمَالَ إِلَيْهَا وَ خَطَبَهَا مِنْ هِشَامٍ فَتَزَوَّجَهَا فَأَوْلَدَ مِنْهَا (فُلَان) وَ كَانَ الْخَطَّابُ أَبَاهُ وَ جَدَّهُ وَ خَالَهُ وَ كَانَتْ حَنْتَمَةُ أُمَّهُ وَ أُخْتَهُ وَ عَمَّتَهُ[13]».
17. ما هو نظرکم الشريف حول دعاء صنمي قريش «اللَهُمَّ الْعَنْ صَنَمَيْ قُرَيْشٍ وَ جِبْتَيْهَا وَ طَاغُوتَيْهَا وَ إِفْكَيْهَا وَ ابْنَتَيْهِمَا اللَذَيْنِ خَالَفَا أَمْرَكَ وَ أَنْكَرَا وَحْيَكَ وَ جَحَدَا إِنْعَامَكَ وَ عَصَيَا رَسُولَكَ... [14]» ، هل هو ثابتٌ عندکم؟
18. هل وجوب الحجاب من ضروريّات الإسلام، و هل يحکم بإرتداد من ينکره، و ما حکم من لا يعتني بهذا الدستور الإلهي خاصّة من المجتمعات الإسلاميّة، متي يجب علي البنت أن تتحجّب بالحجاب الشرعيّ؟
19. ما هو نظرکم الشريف حول الألقاب الّذي إبتدء بالکلب نحو: کلب الرقيّة، کلب الزهراء و أمثال ذلک للشعيان الکرام؛ هل إستعمال هذا الألقاب جائز في نفسه أم لا؟

«اللَهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَ مُعَانِدِيهِمْ وَ ظَالِمِيهِمْ اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُمْ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُمْ وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُمْ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُمْ عِبَادَكَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارَ الْأَتْقِيَاءَ الْبَرَرَةَ اللَهُمَّ احْـشُرْنِي مَعَ مَنْ أَتَوَلَّى وَ أَبْعِدْنِي مِمَّنْ أَتَبَرَّأُ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي ضَمِيرِ قَلْبِي مِنْ حُبِّ أَوْلِيَائِكَ وَ بُـغْـضِ أَعْـدَائِـكَ وَ كَـفَى بِكَ عَلِيماً[15]»
و السلام علي قلب زينب الصبور
جعلکم الله ذخراً للمذهب و إنتصاراً للحـق
«وَ كَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ» و تراب أقدام أهل بيت العصمة و الطهارة سلام الله عليهم أجمعين عبدهم الفقير إليهم *****عفي الله عن جرائمه
23 ربيع الثاني 1433هـ . ق
---------------------------------------------------------------------------------

[1]. الحمد [1] : 1
[2]. من لا يحضره الفقيه (مؤسّسة النشر الإسلاميّة)، الجزء2، کتاب الحجّ، زيارة فاطمة بنت النبيّ صلوات الله عليها و على أبيها و بعلها و بنيها، الصفحة573
[3]. وسائل الشيعة (مؤسّسة آل البيت سلام الله عليهم أجمعين)، الجزء1، کتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف و المستعمل‏، باب11 كراهة الاغتسال بغسالة الحمّام مع عدم العلم بنجاستها و أن الماء النجس لا يطهر ببلوغه كرّا، الصفحة220، الحديث560-5
[4]. علل الشرائع (المطبعة الداوري)، الجزء1، باب120 في أن علة محبة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين طيب الولادة و أن علة بغضهم خبث الولادة، الصفحة145، الحديث12
[5]. الخصال (مؤسّسة النشر الإسلاميّة)، الجزء1، باب الثلاثة، من لم يحب عترة النبي صلّي الله عليه و آله و سلّم فهو لإحدى ثلاث، الصفحة110، الحديث82
[6]. بحار الأنوار (دار إحياء التراث العربي)، الجزء50، تتمة كتاب تاريخ علي بن موسى الرضا و محمد بن علي الجواد و علي بن محمد الهادي و الحسن بن علي العسكري سلام الله عليهم أجمعين، أبواب تاريخ الإمام التاسع و السيد القانع حجة الله على جميع العباد و شافع يوم التناد أبي جعفر محمد بن علي التقي الجواد صلوات الله عليه و على آبائه الطاهرين و أولاده المعصومين أبد الآبدين، باب3 معجزاته صلوات الله عليه، الصفحة60، الحديث38
[7]. علل الشرائع (المطبعة الداوري)، الجزء1، باب120 في أن علة محبة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين طيب الولادة و أن علة بغضهم خبث الولادة، الصفحة142، الحديث5
[8]. علل الشرائع (المطبعة الداوري)، الجزء1، باب120 في أن علة محبة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين طيب الولادة و أن علة بغضهم خبث الولادة، الصفحة143، الحديث6
[9]. بحار الأنوار (دار إحياء التراث العربي)، الجزء27، تتمة كتاب الإمامة، أبواب ولايتهم و حبهم و بغضهم صلوات الله عليهم، باب10 ذم مبغضهم و أنه كافر حلال الدم و ثواب اللعن على أعدائهم، الصفحة235، الحديث51
[10]. مستدرک الوسائل (مؤسّسة آل البيت سلام الله عليهم أجمعين)، الجزء12، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، أبواب الأمر و النهي و ما يناسبها، باب37 وجوب البراءة من أهل البدع و سبّهم و تحذير الناس منهم و ترك تعظيمهم مع عدم الخوف، الصفحة322، الحديث14203-13
[11]. وسائل الشيعة (مؤسّسة آل البيت سلام الله عليهم أجمعين)، الجزء9، كتاب الخمس، أبواب ما يجب فيه الخمس، باب وجوب الخمس في غنائم دار الحرب و في مال الحربي و الناصب و عدم وجوبه في غير الأشياء المنصوصة و أنه يجب مرّة واحدة، الصفحة490، الحديث12559-14
[12]. بحار الأنوار (دار إحياء التراث العربي)، الجزء47، تتمة كتاب تاريخ علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد الصادق و موسى بن جعفر الكاظم سلام الله عليهم أجمعين، أبواب تاريخ الإمام الهمام مظهر الحقائق أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه، باب 10 مداحيه صلوات الله عليه، الصفحة323، الحديث17
[13]. بحار الأنوار (دار إحياء التراث العربي)، الجزء31، تتمّة کتاب المحن و الفتن، تتمّة الباب23، باب نسبه و ولادته و وفاته و بعض نوادر أحواله، و ما جرى بينه و بين أمير المؤمنين صلوات الله عليه، نسبه و ولادته، الصفحة100
[14]. بحار الأنوار (دار إحياء التراث العربي)، الجزء82، تتمة كتاب الصلاة، باب33 في القنوتات الطويلة المرويّة عن أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين، الصفحة260، حديث5
[15]. بحار الأنوار (دار إحياء التراث العربي)، الجزء84، تتمة كتاب الصلاة، أبواب النوافل اليومية و فضلها و أحكامها و تعقيباتها، باب12 كيفية صلاة الليل و الشفع و الوتر و سننها و آدابها و أحكامها، الصفحة213، الحديث27


 

بسمه تعالى 

السلام عليكم ورحمته وبركاته
 

     نسأل الله تبارك شأنه أن يحفظكم من كلّ سوء وأن يمن علينا وعليكم بصحبة حجة الله على خلقه القائم بقية الله الأعظم وليّ الأمر وصاحب العصر مولانا وسيدنا الحجة بن الحسن عليهما السلام أرواحنا فداه، وبعد... فها نحن نعرض أسئلتكم الكريمة ونجيبكم عليها تباعاً:
السؤال الأول: ما قولکم الشريف في تزويج أمير المؤمنين سلام الله عليه إبنته (أم کلثوم) من عمر بن الصهاک لعنة الله عليه، و تزويج إبنتي رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم (زينب و رقيّة) من عثمان بن عفّان لعنة الله عليه؟ (مع بيان أدلّتکم التفصيليّة(؟.
الجواب:
لقد أجبنا على هذا السؤال بشقيه حول قصة زواج مولاتنا أم كلثوم عليها السلام من عمر بن الخطاب وربائب النبيّ صلى الله عليه وآله في كتابنا الموسوم بــ " أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد" وقد أشرنا إلى بعض إخواننا في مكتبنا بأن ينسخوه لكم لأن كتابنا المذكور لم ننشره في موقعنا إلى الآن ونحن راجعناه مجدداً فأضفنا وحذفنا ما رأيناه مناسباً بحسب تجدد بعض الأدلة...وها هو بحمد الله تبارك شأنه نقدِّمه لكم بحلته التحقيقية الموجزة ولكننا استفضنا في كتابنا الآخر" إفحام الفحول في شبهة تزويج عمر بأم كلثوم عليها السلام" ننصحكم بقراءته بل وننصحكم بترجمته إلى اللغة الفارسية حتى يستفيد منه إخواننا المؤمنون الموالون من شيعة إيران العزيزة على قلوبنا بسبب  فيها من محبين وعشاق لأهل بيت العصمة والرسالة....وهاكم بحثنا حول الموضوعين:
                              

بسم الله الرحمن الرحيم

    إنَّ زواجَ رقيّة وأم كلثوم المنسوبتَان بالبنوة لرسول الله صلى الله عليه وآله  من عثمان بن عفّان من المشهورات في التّاريخ الإسلامي عند الخاصّة والعامّة، ورُبَّ مشهورٍ لا أساس له، سيَّما وأنَّ الّذين قالوا بصحّة هذا الزّواج أُناسٌ انتشرَ صيتُهُم، وعُرِفوا بالتَّحقيق في فترة زمنيّة قلَّ فيها العلماء المتخصِّصون، والنّاسُ عادةً مع ما شاعَ واشتهرَ وإن كان خطأً، فيرسلونه ُ إرسالَ المُسلَّمات.
     ومنشأُ الإعتقاد بهذا الزَّواج هو وجودُ روايتين تدُلان على ذلك رواهُما صاحبُ البحار نقلاً عن قرب الإسناد والخصال، وهما ـــ وبالغضِّ عن سنديهما ـــ موافقتان للعامّة القائلين بزواجِ تينِكَ المرأتين من عثمان بن عفّان الّذي أصبَغوا عليه لقب "ذو النّورين" في حين لم يصبغوه على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام الّذي اقترَنَ بأفضل إمرأةٍ عرفَتها البشريّة منذ آدم إلى ولادتها بل إلى يوم البعث وما بعده إلى أبد الآبدين، مع اعتراف العامّة بأنَّ الصّدّيقة الكبرى هي سيّدة نساء العالمين وسيِّدة حور الجنة، وأصبغَ الله تعالى على سيدتنا المعظَّمة عليها السلام ألقاباً لم يصبغها على أيَّة إمرأة في العالم، كالزَّهراء والطّاهرة وتفّاحة الفردوس ومهجة فؤاد المصطفى وأمّ أبيها إلخ..
     والشّيخ المفيد ممَّن اعتقدوا بصحّة هذا الزَّواج، معتمداً ــــ بحسب دعواه ــــ على أنَّ الزّواج كان على ظاهر الإسلام، فقال:
     "وليس ذلك بأعجب من قول لوطٍ عليه السّلام ــــ كما حكى الله تعالى عنه ــــ {هَؤُلَاْءِ بَنَاتِيْ هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} فدعاهم إلى العقد عليهم لبناته وهم كُفّارٌ ضُلّالٌ قد أذِنَ الله تعالى في هلاكهم.
     وقد زوَّجَ رسول الله ابنتَيْه قبلَ البعثة كافِرَيْن كانا يعبدان الأصنام، أحدهما: عُتبة بن أبي لهَب، والآخر: أبو العاص بن الرَّبيع.
     فلمّا بُعِثَ صلّى الله عليه وآله وسلَّم فرَّقَ بينهما وبين ابنتَيْه، فمات عُتبة على الكفر، وأسلَمَ أبو العاص بعد إبانة الإسلام، فردَّها عليه بالنِّكاح الأوَّل.
     ولم يكُن صلّى الله عليه وآله وسلَّم في حالٍ من الأحوال مُوالِياً لأهل الكفر وقد زوَّجَ مَن تبرَّأَ من دينه، وهو مُعادٍ له في الله عزَّ وجلّ.
     وهاتان البنتان هما اللَّتان تزوَّجهُما عثمان بن عفّان بعد هلاك عُتبة وموت أبي العاص، وإنَّما زوَّجَهُ النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلَّم على ظاهر الإسلام، ثُمَّ إنَّهُ تغيَّرَ بعد ذلك، ولم يكن على النبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلَّم تبِعةٌ فيما يحدث في العاقبة، هذا على قول بعض أصحابنا.
     وعلى قول فريقٍ آخر: أنَّهُ زوَّجَهُ على الظّاهر، وكان باطنُه مستوراً عنه، وليس بمنكر أن يستر الله عن نبيّه نفاق كثيرٍ من المنافقين وقد قال سبحانه {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِيْنَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ} فلا ينكر أن يكون في أهل مكّة كذلك، والنِّكاح على الظّاهر دون الباطن على ما بيَّنّاه".
     يرد على كلا دليلي الشيخ المفيد رحمه الله تعالى بالآتي:
     إنَّ عرْضَ لوط عليه السّلام لبناته على قومه يُعتبَرُ حُكماً اضطراريّاً وعنواناً ثانويّاً دفعاً لفاحشة اللِّواط التي كانت سائدةً يومذاك في قومه، فقياسُها على تزويج النبيِّ(ص) لبناته من كافرين مع الفارق، هو أنَّهُ لا يوجد عنوانٌ اضطراري حتّى يلجأَ النبيُّ ليُزوِّجَ ابنتيه منهما.
     وأمّا دعواه ـــ كغيره ممَّن تبعه عليها ـــ من أنَّ رقيّة وزينب تزوَّجهُما عثمان بن عفّان بعد هلاك عتبة وموت أبي العاص، فلا تكونُ صحيحة إلّا بعد التَّسليم بأمرين:
     1ــــ أنَّ تينك الفتاتين قد تزوَّجَتا بذينك الكافرَيْن.
     2ـــــ التَّسليم بكونهنَّ ابنتيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلَّم.
     أمّا الأمر الأوَّل:
     فالشّيخُ المفيد عليه الرَّحمة، أشارَ إلى أنَّ الفتاتين هُما رقيّة وزينب ــــ حسبما أفاد في "المسألة الخمسون" من المسائل الحاجبيّة؛ وهما اللَّتان تزوَّجهما عثمان بن عفّان بعد هلاك عتبة، وموت أبي العاص ــــ حسبما أفاد في المسائل السروية. وما اعتمدَهُ الشّيخ المفيد هو بعينه ما ذكره الشّيخ أبو القاسم الكوفي المتوفّي عام 352 هــــ في كتاب الإستغاثة.
     ولكنَّ ما وجدناه في قرب الإسناد (لمؤلِّفه الثّقة أبي العبّاس عبد الله بن جعفر الحميري من أصحاب الإمام العسكري عليه السَّلام، وقد تشرَّفَ بمُكاتباتٍ من الإمام المهدي عجَّلَ الله فرَجَه الشَّريف) أنَّ عثمان تزوَّجَ أوّلاً بأمّ كلثوم، وثانياً برقيّة، قال: حدَّثَني مسعدة بن صدقة، قال: حدَّثَني جعفر بن محمَّد عن أبيه قال:
     "ولِدَ لرسول الله من خديجة: القاسم والطّاهر، وأمّ كلثوم ورقيّة وفاطمة وزينب، فتزوَّجَ عليٌّ عليه السّلام فاطمةَ عليها السَّلام، وتزوَّجَ أبو العاص بن ربيعة ــــ وهو من بني أميّة ــــ زينب، وتزوَّجَ عُثمان بن عفّان أم كلثوم ولم يدخل بها حتّى هلكَت، وزوَّجهُ رسول الله مكانها رقيّة..".
     كما روى الصَّدوق الخبرَ المتقدِّم نفسَهُ بسندٍ آخر:
     فواحدةٌ مُتَّفقُ عليها ـــ وهي رقيّة ـــ وأخرى مختلفٌ فيها ــــ وهي بنظر المفيد زينب وبنظر الحميري والصَّدوق، أم كلثوم ــــ ولا نعلم المستند الّذي اعتمده الشيخ أبو القاسم الكوفي في الإستغاثة، لذا لا يمكن لروايته أن تعارض رواية الحميري.
     وعلى فرَضِ المعارضة ـــــ لوجود رواية اعتمدَها صاحب الإستغاثة ـــ لا يمكن تقديم روايته على رواية الحميري والصّدوق إلا إذا كانت بنحوٍ مُستفيض، وشيئٌ من هذا ليس حاصلاً. ومهما يكن، فالإشكال يبقى على حاله ــــ سواء قدَّمنا رواية الحميري أم رواية أبي القاسم الكوفي ـــ وهو: هل أنَّ الفتاتين المنسوبتين إلى رسول الله قد تزوَّجتا بعتبة وأبي العاص أم لا؟.
 ويشهد أنَّهُنَّ لم يتزوَّجن بعتبة وأبي العاص ما يلي:
     1ـــــ أنَّ أغلبَ المصادر التّاريخيّة تذكر أنَّ جميع أولاد النبيّ وُلدوا في الإسلام إلّا عبد مناف ولد في الجاهليّة حسبما ورد في رواية عامّيَّة ضعيفة.
قال المقدسي: "عن سعيد بن أبي عروة، عن قتادة، قال:
ولَدَت خديجة لرسول الله: عبد مناف في الجاهليّة، وولدَت له في الإسلام غلامين وأربع بنات: القاسم، وبه كان يُكنَّى أبا القاسم، فعاش حتّى مشى ثُمَّ مات وعبدُ الله مات صغيراً، وأم كلثوم وزينب ورقيّة، وفاطمة".
وقال القسطلاني والدياربكري: "وقيل وُلِدَ له قبل البعثة ولدٌ يُقال: عبد مناف فيكونون على هذا اثني عشَر، وكلُّهم سوى هذا ولدوا في الإسلام بعد المبعث".
وقال الزّبير بن بكار وغيره: بأنَّ عبد الله، ثمَّ أم كلثوم، ثُمَّ فاطمة، ثم رقيّة، قد ولدوا كلُّهم بعد الإسلام.
وقال السهيلي: "كلّهم ولدوا بعد النبوّة".
     فإذا كانتا ـــ أي رقيّة وأم كلثوم ــــ قد ولدتا بعد الإسلام، فكيف يصحّ أن يقال أنَّهما تزوَّجتا في الجاهليّة بكافرين؟!.
     2ـــــ تشير بعض المصادر: أنَّ رقيّة كانت أصغر بنات النبيّ، حتّى من الصّدّيقة الطّاهرة فاطمة عليها السَّلام، بل إنَّ بعضهم يعتقد أنَّ أمّ كلثوم كانت هي الأصغر من الكلّ.
     فإذا صحَّ ذلك فكيف يُقال إنَّهما تزوَّجتا قبل الإسلام، لا سيَّما أنَّ أشهر الرِّوابات نصَّت أنَّ الصّديقة الزّهراء عليها السّلام وُلدت في السنة الخامسة بعد البعثة، وعليه فكيف تكون "رقيّة قد تزوَّجَت في الجاهليّة بابن أبي لهب، ثُمَّ لمّا بُعِثَ رسول الله أسلَمَت، فطلَّقها زوجها ليتزوَّجَها عثمان، فتحمل وتُسقِط في السّفينة حين الهجرة إلى الحبشة في السّنة الخامسة بعد البعثة "؟.
     3ـــــ يوجد اضطّرابٌ في الأخبار بشأن أم كلثوم ورقيّة، فبعضٌ منها ينصّ على أنَّ عثمان تزوَّجَ أم كلثوم فماتت ولم يدخل بها، ثُمَّ زوَّجَهُ النبيّ أختها رقيّة بعد معركة بدر، وبعضٌ ينصّ على أنَّه تزوَّج رقيّة في مكّة وهاجر بها إلى الحبشة، وهذا الإضطراب يوجب الإختلال في تقديم طائفة على طائفة، لكون الطائفتين من الرّوايات أخبار آحاد لا يُعوَّل عليها.
     هذا مُضافاً إلى اضطّراب ما ذكروا: من أنَّ أبا لهب قد أمرَ ولديه بطلاق بنتي الرَّسول بعد نزول سورة "تبَّت يدا أبي لهَبٍ" بحجَّة أنَّ هاتين البنتين قد صبتا في دين أبيهما، ثُمَّ إنَّ عثمان تزوَّج رقيّة وهاجر بها إلى الحبشة، وهذا بدوره يتنافى مع قولهم أنَّ السّورة قد نزلت حينما كان المسلمون محصورين في شعب أبي طالب عليه السلام، لأنَّ بدايةَ الحِصار في الشَّعب كان في السّنة السادسة من البعثة أي بعد الهجرة إلى الحبشَة بسنة!
     وعليه، إذا كانت رقيّة وأم كلثوم قد وُلدَتا بعد البعثة، وإذا كان أبو لهب قد أمَرَ بطلاق البتين بعد نزول سورة "المسد" في العام السّادس للبعثة أي يومَ حصارِ شعبِ أبي طالب، فكيف يمكنُ الجمْعُ بين ولادة البنتين بعد البعثة وبين نزول السّورة في العام السّادس للبعثة؟!!
     بل الأعجبُ من ذلك كيف يمكن أن يجمع العامّة بين ولادة البنتين بعد البعثة وبين الزّواج من ابنَي أبي لهَب قبل البعثة، ثُمَّ الطّلاقُ منهما، ثُمَّ زواج رقيّة من عثمان ومهاجرتها إلى الحبَشة في السّنة الخامسة للبعثة؟!!
     هذا مُضافاً إلى وجود روايات تُشير إلى أنَّ نزول سورة "تبَّت" في السّنة الثّالثة للبعثة بعد نزول آية إنذار العشيرة (وأنذِر عشيرَتَكَ الأقربين)، فعلى هذا القول أيضاً، يتأكَّدُ استحالةُ الجمع المذكور.
     4ـــــ إنَّ القول بزواج رقيّة وأمِّ كلثوم بابني أبي لهب يتوقَّف على أن تكون خديجة قد تزوَّجت برسول الله وفي وقتٍ مُبَكِّر قبل البعثة، والآراءُ في ذلك ستّة:
 1ـــــ قبل البعثة: بعشرين سنة.   2ــــــ قبل البعثة بستّة عشَرَ سنة.  3ـــــ قبل البعثة: بخمسة عشَرَ سنة. 4ـــــ قبل البعثة بعشْرِ سنين. 5ـــــ قبل البعثة: بخمس سنين.   6ـــــ قبل البعثة: بثلاث سنين.
     أرجح الأقوال هو السّادس وذلك لأنَّ عمر خديجة عليها السّلام يوم وفاتها خمسونَ سنةً على الأصحّ. وبقيّة الأقوال لا تساعد عليها القرائن وذلك:
     أمّ على الرّأي الأوّل فيكون عمرها عليها السّلام يوم ماتت 72 عاماً لأنَّ عمرها يومَ تزوَّجَت ـــــ حسبما عليه جمهور العامّة ـــــ أربعون عاماً، يُضافُ إليها عشرون قبل البعثة، ثُمَّ اثنا عشَرَ ما بعد البعثة، فيكون المجموع ما ذكرنا، وهو خلاف المشهور من أنَّ عمرها يوم ماتت خمسون عاماً.
     وعلى الرّأي الثّاني يكون مجموع عمرها يوم ماتت 68 عاماً، وعلى الرأي الثّالث، عمرها 67 عاماً، وعلى الرّابع 62 عاماً، وعلى الخامس 57 عاماً، فيكون عمر رقيّة وأمّ كلثوم حدود الأربعة أو خمسةِ سنين.
     ويرجِّحُ ما قلنا أنَّهم قالوا: إنّها عليها السّلام لم تلِد في الجاهليّة إلا عبد مناف، هذا مُضافاً إلى "تأكيد الدولابي والدّياربكري: أنَّ عثمان قد تزوَّجَ رقيّة في الجاهليّة، ومعنى ذلك أنَّ ما يذكرونه من زواج بنتي رسول الله بابنَي أبي لهب لا يصحّ، إذا لوحِظَ ما يذكرونهُ من سبب طلاقهما إيّاهما.
     فالقول بأنَّ رقيّة وأمّ كلثوم قد ولدتا في الجاهليّة، ثُمَّ كَبُرَتا، وتزوَّجتا بابني أبي لهب، ثُمَّ بعثمان، يصبحُ موضعَ شكٍّ وريب". بل هو باطلٌ قطعاً لأنَّ زواج عثمان متأخّرٌ عن زواج ابني أبي لهب وذلك بملاحظة ما وردَ من أنَّ رقيّة وأمّ كلثوم كانتا أصغر من الصّدّيقة الطّاهرة التي ولدت في السّنة الخامسة من البعثة على أرجح الأقوال، هذا مُضافاً إلى أنَّ جماعةً من المؤرِّخين ــــ أمثال القسطلاني والمقدسي والسهيلي ــــ نصّوا على أنَّ أولاد النبيِّ كلّهم قد وُلِدوا بعد النبوّة باستثناء عبد مناف بحسب بعض الأقوال.
     5ـــــ لم يَروِ التّاريخ أنَّ أمّ كلثوم أو زينب اللَّتان يُدَّعى أنَّهما ابنتا النبيّ وأنَّهما طُلِّقتا وأنَّ عثمان قد تزوَّجَ بإحداهنَّ بعد الهجرة بسنوات... إنَّ لهاتين البنتين ذكراً حين الهجرة إلى المدينة، وحينما حمل أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام معه الفواطم وأمّ أيمن وجماعة من ضعَفاءِ المؤمنين.
     وليس ثمّة أيّة إشارة إلى أم كلثوم أو زينب، فهل هاجرَتا قبل ذلك أو بعد؟ ومع مَن؟ ولماذا؟ أو أنَّها جُعِلَت في جملة الضّعفاء؟ فلماذا إذن أُفرِدَت عن أختها الصّدّيقة الزَّهراء عليها السلام، وعن أمّ أيمن، وجُعِلَت في جملة ضعفاء المؤمنين؟ وهل أنَّ أم أيمن أفضل من بنات النبيّ حتّى أُفرِدَت عنهُنَّ؟!.
     6ـــــ دلَّتِ الأخبارُ المستفيضة أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلَّم نفى مصاهرة غير أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، حيثُ وردَ أنَّهُ صلّى الله عليه وآله وسلَّم قال:
     "يا عليّ أُوتِيتَ ثلاثاً لم يُؤْتَهُنَّ أحدٌ ولا أنا، أوتِيتَ صِهراً مثلي ولم أوتَ أنا مثلي، وأُوتِيتَ صدّيقةً مثل ابنتي ولم أوتَ مثلها، وأوتِيتَ الحسن والحسين من صلبِكَ ولم أوتَ من صلبي مثلهما ولكنَّكم منّي وأنا منكم.
     فلو كان عثمان أو أبو العاص قد تزوَّجا بنات رسول الله لم يصِحَّ منهُ (صلى الله عليه وآله) ذلك القول، لا سيَّما وأنَّ هذا الكلام صدَرَ منهُ صلّى الله عليه وآله وسلَّم بعد ولادة الإمامين الحسنين عليهما السّلام فلا مجال لدعوى: أنَّ عثمان قد يكون تزوَّجَ بإحدى بناته (صلى الله عليه وآله) بعد صدور هذا القول منه (صلى الله عليه وآله).
     قد يُقال: إنَّ قوله صلّى الله عليه وآله وسلَّم "أوتيتَ صِهراً مثلي ولم أوتَ أنا.." يُرادُ منهُ أنَّهُ (صلى الله عليه وآله) لم يُرزَق بصهرٍ يحملُ صفاتٍ روحيّةً لا يحملها أحدٌ من النّاس حتّى أصهرته الآخرين كعثمان.
     قلنا: هذا التّوجيه مردود وإلا لكان قال: أوتيتُ صهرَين لم أُوتَ مثلهما ــــ لا سيَّما وأنَّ القوم أصبَغوا عليه لقبَ ذي النّورين ـــ هذا مُضافاً إلى أنَّ عبد الله بن عمر احتجَّ على مَن قال له في فتنة ابن الزُّبير: "... فما قولك في عليّ وعثمان؟
قال: أمّا عثمان، فكان الله عفا عنه، وأمّا أنتم فكرِهتُم أن تعفوا عنه، وأمّا عليّ، فابنُ عمِّ رسول الله وخِنتُه، وأشار بيده، فقال: هذا بيتُهُ حيثُ ترون".
     فلو كان عثمان صِهراً لرسول الله لكانَ المُناسبُ لابن عمر أن يستدلَّ به على السّائل، بل كان أنسَبَ من غيره، وذلك للحاجة الماسّة إلى كلِّ ما من شأنه أن يُظهِرَ قُربَهُ من النبيّ ومقامه منه ــــ لو كان ــــ بغيةَ دفع الشُّبهة عن عثمان حين فرَّ في أُحُد. فلو كان عثمان صهراً للنبيِّ كأمير المؤمنينَ عليّ لما أجَّلَ ابنُ عُمر ذكر هذه المنقَبة لعثمان!.
     وأمّا الأمرُ الثّاني: 
     فلا نقطع بصحّة ما قيل من أنَّ لرسول الله بناتٍ غيرَ الصّدّيقةِ الطّاهرة فاطمة عليها السّلام، وما ورَدَ في خبرٍ واحد في مصادرنا لا يُعوَّلُ عليه بعدما عرَفتَ من القرائن في الأمر الأوَّل، هذا مُضافاً إلى موافقته لأخبار العامّة القائلين بصحّة ذلك لينسبوا فضيلةً لعثمان بن عفّان، وما كان مُوافِقاً لأخبارهم لا حجيَّة فيه عندنا، بل على فرض التّسليم بصحّة الخبر الذي دلَّ على وجود بناتٍ لهُ صلّى الله عليه وآله وسلَّم فيُحمَل على كونهِنَّ ربائب قامَ النبيّ (صلى الله عليه وآله) بتربيَتهنَّ، وقد كان العرَبُ يُطلقون على ربيبة الرَّجُل: إنَّها إبنته، كما هو معروف، ولو قلنا بأنَّهُنَّ بناتٌ له حقيقةً لا ادِّعاءاً "فلَعلَّهُنَّ مُتنَ وهُنَّ صغار"، ممّا حمَل القصّاصون الأمويّون على أن ينسِبوا أمر تزويجهنَّ لعثمان.
     لكنَّ الأخيرَ غيرُ سديد لعدم وجود دليلٍ عليه، فالأرجح أنَّهُنَّ ربائبه وذلك لأمور:
     الأوَّل: ما أفاده المحدِّث الثّقة الجليل أبو القاسم الكوفي المتوفّى عام 352 هــــ : "روى مشايخُنا من أهل العلم عن الأئمّة من أهل البيت عليهم السَّلام، والرّوايةُ صحيحةٌ عندنا عنهم، أنَّهُ كانت لخديجة بنت خُويلد من أمّها أختٌ يُقالُ لها "هالة" قد تزوَّجَها رجُلٌ من بني مخزوم، فولَدَت بنتاً اسمها هالة، ثُمَّ خلَفَ عليها بعد أبي هالة رجُلٌ من تميم يُقالُ له أبو هند، فأولدها إبناً كان يُسمّى هنداً ابن أبي هند، وابنَتين، فكانتا هاتان الإبنتان منسوبتين إلى رسول الله صلّى الله عليه آله وسلَّم: زينب ورقيّة من امرأةٍ أخرى قد ماتت، ومات أبو هند، وقد بلَغَ ابنهُ مبالِغَ الرِّجال، والإبنتان طِفلتان، وكان في حدثان تزويج رسول الله بخديجة بنت خويلد، وكانت هالة أخت خديجة فقيرة، وكانت خديجة من الأغنياء الموصوفينَ بكَثرة المال، فأمّأ هندُ ابنُ أبي هند فإنَّهُ لحِقَ بقومه وعشيرته بالبادية وبقيت الطّفلتان عند أمِّهما هالة أخت خديجة، فضمَّت خديجة أختها هالة مع الطِّفلتين إليها، وكفِلَتهُم.
     وكانت هالة أخت خديجة هي الرَّسول بين خديجة وبين رسول الله في حال التَّزويج، فلمّا تزوَّجَ رسول الله بخديجة، ماتت هالة بعد ذلك بمدَّةٍ يسيرة، وخلفت الطّفلتين زينب ورقيّة في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحجر خديجة فربّياهما، وكان من سُنَّة العرب في الجاهلية مَن يُربّي يتيماً يُنسَب ذلك اليتيمُ إليه، وإذا كانت كذلك لم يستَحِل لِمَن يُربيها تزويجها لأنَّها كانت عندهم بزعمهم بنت المربّي لها، فلمّا ربّى رسول الله وخديجة هاتين الطّفلتين الإبنتين، ابنتي أبي هند زوجُ أختِ خديجة، نُسِبَتا إلى رسول الله وخديجة ولم تزل العربُ على هذه الحال..".
     وقال ابن شهرآشوب:
     "تزوَّجَ ـــــ أي النبيّ محمَّد صلّى الله عليه وآله وسلَّم ــــ بمكّة أوّلاً خديجة بنت خويلد.. وروى أحمد البلاذري، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما، والمرتضى في الشّافي، وأبو جعفر في التَّلخيص: أنَّ النبيَّ تزوَّجَ بها وكانت عذراء، ويُؤكِّد ذلك ما ذُكِرَ في كتابَي الأنوار والبدع، أنَّ رقيّة وزينب كانتا ابنتَي هالة أخت خديجة".
     ونقل صاحبُ البحار عن المناقب قال: وفي الأنوار والكشف واللمع وكتابُ البلاذري أنَّ زينب ورقيّة كانتا ربيبَتيْهِ من جحش..".
     فما ذكرَهُ أبو القاسم الكوفي وغيره يكفي في إثباتِ كون البنتَين ربيبَتين وأمُّهُما هالة أخت خديجة، وأنَّ خديجة لم تتزوَّج بأحدٍ قبل البعثة سوى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما ادَّعاه القومُ من زواجها برجُلٍ غير النبيّ مخدوشٌ به لا يصلح أن يكون دليلاً لاضطراب المعلومات التي يقدِّقمها مُدَّعو تزويجها بغير النبيّ، فقد جاءت هذه المعلومات متناقضةً ومتضاربة، هل اسمُ أبي هالة الّذي تزوَّجته خديجة هو "النباش بن زرارة" أو "زرارة بن النباش" أو اسمه "هند" أو "عتيق" أو مالك بن النباش بن زرارة التميمي الأسدي، إلى ما هنالك من اختلافاتٍ واضطراباتٍ كثيرة لا يُمكن الجمعُ بينها، ممّا يستلزم سقوطها عن الحجيَّة.
     الثاني: قال أبو القاسم الكوفي أيضاً:
     "إنَّ خديجة لم تتزوَّج بغير رسول الله، وذلك لأنَّ الإجماع من الخاصّ والعامّ من أهل الآنال (الآثار ظ) ونقلَةِ الأخبار على أنَّهُ لم يبقَ من أشرافِ قريش ومن ساداتهم وذوي النَّجدة منهم إلّا مَن خطَبَ خديجة ورامَ تزويجَها فامتنعت على جميعهم من ذلك، فلمّا تزوَّجها رسول الله غضِبَ عليها نساءُ قريش وهجرنَها وقُلنَ لها خطَبَكِ أشرافُ قريش وأمراؤهُم، فلم تتزوَّجي أحداً منهم؟ وتزوَّجتِ محمَّداً يتيمَ أبي طالب، فقيراً، لا مال له؟
     فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة يتزوَّجُها أعرابيٌّ من تميم، وتمتنع من سادات قريش وأشرافها على ما وصفناه؟! ألا يعلم ذوو التَّمييز والنَّظَر أنَّهُ من أبيَنِ المُحال، وأفظع المقال؟! ولمّا وجَبَ هذا عند ذوي التَّحصيل ثبُتَ أنَّ خديجة لم تتزوَّج غير رسول الله..".
     وعليه فكيف تقبل خديجة الزّواج من أعرابي مجهول النَّسَب، وتتركُ ذوي الشّرفِ والمكانة من قبيلة قريش المعوفة بغطرستها وجبروتها، ألم تكن الفرصةُ سانحةً يومذاك لكي تنتقم قريش من امرأةٍ لم تكترث بهم ولا بزعامتهم، ورفضَت عروضهم، وتقرُّبَهُم منهم؟!.
     الثالث: دعوى أنَّ خديجة قد تزوَّجَت برجُلين قبلَ النبيّ خطَّةٌ صنَعَتها السّياسةُ الأمويّة لتكريس فضيلةٍ لعائشة التي لم يتزوَّج رسولُ الله بكراً عليها، لذا نلاحظُ الإطراءَ والمديحَ من أصحابِ التّراجم على عائشة عندما يُصنِّفُها بالبكر الوحيدة التي تزوَّجَها النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلَّم، هذا مُضافاً إلى تسجيلهم منقبةً لعثمان حيثُ حرصَ مُحبّوه على إبقاء هاتين البنتين باكرتين فلا يدخل بهما ابنا أبي لهب ــــ حسبما تفيد بعض مرويّاتهم ـــــ رغم أهليّة البنتين وأهليَّة زوجيهما لذلك، وعدم وجود مانع أو رادع.
     نعم، لا بدَّ من إبقاءهما كذلك لينال عثمان الشَّرف الأوفى في هذا المجال!! لذا يروون أنَّهُ لمّا ماتت أم كلثوم قال رسول الله: "لو كُنَّ عشراً لزوَّجتُهُنَّ عثمان" أو قوله فيما أخرجَهُ ابنُ عساكر: "لو أنَّ لي أربعينَ بنتاً لزوَّجتُكَ واحدةً بعد واحدة حتّى لا تبقى منهنَّ واحدة".
     أو قوله فيما جاء به ابن عساكر من طريق أبي هريرة قال: "إنَّ رسول الله لقي عثمان بن عفّان على باب المسجد فقال: يا عثمان! هذا جبريلُ يخبرني أنَّ الله قد زوَّجَكَ أم كلثوم بمثل صداق رقيّة على مثل مصاحبتِها".
     وكما في رواية عن أبي هريرة قال: "دخلتُ على عقبة، فأخبرته: أنَّ رسول الله كان عندها آنفاً، وسأَلها كيف تجِدُ عثمان؟ فقالت: بخير، قال: أكرميه فإنَّهُ من أشبَه أصحابي بي خُلُقاً".
     ليتَ شعري! كيف يصف النبيُّ عثمان بهذه الأوصاف التي قلَّ نظيرُها في البشر، ثُمَّ في نفس الوقت يحرِّم عليه الدّخول في قبر رقيّة، لأنَّهُ رفَثَ جاريةً في نفس ليلة وفاتها؟ أوليس عثمان هو الّذي قتل رقيّة؟ وها من الأخلاق النبويّة أن يختليَ عثمان بجاريةٍ ليلة وفاة حليلته وعقد شرفه بصهر رسول الله، حتّى ولو كانت مقارفة ــ أي مقاربة ــ النّساء على الوجه المحلَّل فهي من منافيات المروءة ومن لوازم الفظاظة والغلظة، فأيُّ إنسانٍ تُحبِّذُ له نفسه التَّمتُّع بالجواري في أعظم ليلةٍ عليه هي ليلة تصرُّم مجده، وانقطاعِ فخْرِه وانفِصامِ عُرى شرفِه، فكيفَ هانَ ذلك على الخليفة المزعوم عثمان؟! وحيثُ إنَّ رسول الله منَعَ عُثمان من النّزول في قبر رقيّة وكان أحقَّ النّاس بذلك لأنَّهُ كان بعلَها، وسكَتَ عثمان ولم يقُل أنا عندما قال النبيّ: "أيُّكُم لم يُقارِفِ اللَّيلة أهلهُ" لأنَّ عثمان كان قد قارفَ ليلةَ ماتت رقيّة بعضَ نساءهِ ولم يشغَلهُ الهمُّ بالمصيبةِ وانقطاع صهره من النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن المقارفة، فحُرِمَ بذلك ما كان حقّاً له وكان أولى من أبي طلحة وغيره ممَّن نزل في قبرها ليدفنها، حسبما ادَّعى العامّة، وإن كُنّا نشكّ بصحّة ذلك، إذ كيف يسمَحُ النبيّ لرجُلٍ أجنبيٍّ أن يُلامسَ جسَدَ إمرأةٍ مسلمة حتّى ولو كان من وراء الثّوب، فلِمَ لم ينزل النبيّ (صلى الله عليه وآله) في قبرها ما دامت رقيّة هي ابنته؟!.
     وزبدة المقال: أنَّ رقيّة وأمّ كلثوم هُما ربيبَتا رسول الله من غير خديجة، وقد كان العرب يُطلقون على ربيبة الرَّجُل: إنَّها إبنته، وعليه يصحّ أن يُقال لمن يتزوَّج تلك الرَّبيبة: أنَّه صِهْرٌ لذلك الرَّجُل.
     من هنا يتَّضِح لنا وجهُ القول الّذي نُسِبَ إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ــــ على فرض صحَّتِه ـــــ حينما قرَّرَ لعثمان أنَّ نسبتَهُ إلى رسول الله أكثر من نسبة سلفيه أبي بكر وعمر إليه، فقال له: "وقد نلتَ من صهره ما لم ينالا".
     ومع هذا لم يَقُم ذاكَ الصِّهرُ على تينِكَ الرَّبيبتين بواجبه تجاه الرَّجُلِ الّذي أكرمَهُ بتزويج ربيبتيه له.
     فإن قيل: كيف يجوز أن يُنكِحَ الرَّسول ربيبتيـــــه مَن يعرف من باطنـــه خـــلاف الإيمـــان؟.   
     قلنا: أنَّ تزويجه ربيبتيه لعثمان مع ما عُلِمَ من حاله على فرْضِ حصول ذلك الزَّواج لا يخلو من أمرين:
     1ـــــ إمّا أن يكون زوَّجهُ على ظاهر الإسلام، بمعنى أنَّ الله تعالى قد أباحَ له مناكحةً مَن ظاهرهُ الإسلام وإن عَلِم من باطنه النِّفاق، وخصَّهُ بذلك ورخَّصَ له فيه كما خصَّه في أن يجمع بين أكثر من أربع حرائر في النّكاح، وأباحه أن ينكح بغير مَهْر، ولم يُحظِّر عليه المواصلة في الصِّيام ولا الصَّلاة بعد قيامه من النّوم بغير وضوء، وأشباه ذلك ممّا خُصَّ به وحُظِّرَ على غيره من عامّة النّاس.
     2ـــــ وإمّا أن يكون زوَّجَهُ إيّاها تأَلُّفاً له على الإسلام، كما تزوَّحَ هو صلّى الله عليه وآله وسلَّم من حفصة وعائشة وبنت أبي سفيان، فكان زواجهُ منهنَّ تأليفاً للقلوب إلى الإسلام فما الضَّير أن يزوِّجَ مَن عرَفَ من باطنه خلاف الإيمان لما ذكرنا، ولمصلحةٍ لم نُدرك كُنهها؟.
     إذن، ربَّما يكون إصرار الآخرين على بنوَّة رقيّة وأم كلثوم وزينب لرسول الله وإرسال ذلك إرسالَ المُسلَّمات من دون أي تحقيق أو تمحيص، رغم وجود ما يقتضي التَّأمُّل والإحتياط، ربَّما يكون ذلك راجعاً إلى الحرص على إيجاد منافسين لأمير المؤمنين عليّ عليه السَّلام في فضائله الخارجيَّة، لذا نجِدُ العامّة قد أطلقوا على عثمان لقَب "ذي النّورين" ولم يُطلقوه على سيّدة النساء فاطمة مع اعترافهم بأنَّها أفضل من رقيّة وأم كلثوم وزينب بل وخديجة أمّها عليهما السّلام. فلِمَ لم يُطلقوا على الإمام عليّ عليه السّلام لقب "ذي النّور" كما فعلوا بعثمان؟! إنّا لنَشُكّ أنَّ وراء تلك النّسبة أصابع سياسيّة اختلَقَت تلك المنقبة كما اختلَقوا منقبة أخرى لعمر بن الخطّاب حيثُ أضافوا على سجلِّ مناقبه زواجه من أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام.
 

* شبهة زواج عمر من سيدتنا أم كلثوم عليها السلام
 

     من المسائل التي انتشر صيتُها كسابِقَتها، زواج عمر بن الخطّاب من إبنة أمير المؤمنين عليّ عليه السَّلام، ورُبَّ مشهور لا أصلَ له، ونحن نشكّ بصدور هذا الزَّواج، لا سيّما أنَّ الأخبار تُشير إلى أنَّ زواجَهُ منها كان قهراً عن أمير المؤمنين عليه السّلام، من هنا نستنكر كما استنكرَ قبلنا علماء أمثال المفيد وغيره ما نُسِبَ إلى أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام بشأنِ هذا الزَّواج المُفتَعَل، ونحن لا نطمئن إلى خصوص خبر الثّقة لوحده من دون الرّجوع إلى القرائن والشّواهد التي تُثبِت فحواه، وذلك لكثرة الدّسّ الموجود بين رواياتهم الصّحيحة الصّادرة عنهم عليهم السّلام، لا سيّما وأنَّ بني أميّة ركَّبوا الأسانيد على المتون، من هنا ورَدَ عنهم عليهم السّلام: "أعرُضوا أخبارنا على كتاب الله، فإن لم تجِدوا شاهداً من كتاب الله فاعرُضوه على أخبار العامّة فما وافقها فاضربوا به عرض الجدار".
     لذا، فإنَّ خبر الثّقة لوحده غير كافٍ للأخذ به، بل لا بُدَّ من عرضه على الكتاب وأخبار العامّة، وما نميل إليه هو الأخذُ بالخبر الموثوق صدورُه عن المعصوم عليه السّلام لا خصوص خبر الثّقة للنكتة التي ذكرناها، ولأنَّهُ لا ملازمة بين وثاقَةِ الرّاوي وكون الخبر موثوقاً بالصّدور، بل ربّما يكون الرّاوي ثقة، ولكن القرائن والإمارات تشهد على عدم صدور الخبر من الإمام عليه السّلام وأنَّ الثّقةَ قد التبَسَ عليه الأمر، وهذا بخلاف ما لو قلنا بأنَّ المَناط هو كون الخبر موثوق الصّدور، إذ عندئذٍ تكون وثاقة الرّاوي من إحدى الإمارات على كون الخبر موثوق الصّدور، ولا تنحصر الحجيّة بخبر الثّقة، بل لو لم يُحرِز وثاقة الرّاوي ودلَّت القرائن على صدْقِ الخبر وصحّته يجوز الأخذُ به، وهذا غيرُ بعيدٍ بالنَّظر إلى سيرة العقلاء على الأخذ بالخبر الموثوق الصّدور وإن لم تحرز وثاقة المخبر، لأنَّ وثاقة المخبر طريقٌ إلى إخراز صدْقِ الخبر.
     وعليه، لا نعوِّل على صحّة السَّنَد ما دامَت هناك قرائن تُثبِت عكسَ فحواه، ومن هذا القبيل ما ورَدَ من أنَّ أمير المؤمنين زوَّجَ إبنته أم كلثوم لعمر، فقد وردَ في مصادرنا خبَرانَ حسَنان سنداً، وقد أوردَهُما ثِقة الإسلام الكليني في الكافي باب تزويج أم كلثوم هما:
     1ــــــ روى حمّاد عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السّلام: في تزويج أم كلثوم فقال: "إنَّ ذلك فَرْجٌ غصِبناه".
     2ـــــ روى محمَّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: لمّا خطب إليه، قال له أمير المؤمنين إنَّها صبيّة، قال: نلقي العبّاس فقال له: مالي أبي بأسٌ؟
قال: وما ذاك؟ قال: خطبتُ إلى ابن أخيك فردَّني أما والله لأُعَوِّرَنَّ زمزم، ولا أدَعُ لكم مكرُمةً إلا هدمتُها ولأقيمنَّ عليه شاهدين بأنَّهُ سرَق ولأقطّعنَّ يمينه، فأتاهُ العبّاس فاخبره وسألهُ أن يجعل الأمر إليه فجعلَهُ إليه.
     والجواب:
     1ـــــ ورد في بعض الأخبار ما ينفي الخبرين المتقدمين، مثل ما رواه القطب الراوندي عن الصّفّار بإسناده إلى عمر بن أُذينة، قال: "قيلَ لأبي عبد الله عليه السّلام: إنَّ النّاس يحتجّون علينا ويقولون: إنَّ أمير المؤمنين عليه السّلام زوَّجَ فلاناً ــــ أي عمر ـــــ ابنتَهُ أم كلثوم، وكان مُتَّكِئاً فجلَس، وقال: أيقولون ذلك؟
إنَّ قوماً يزعمون ذلك لا يهتدون إلى سواء السَّبيل، سبحان الله ما كان يقدِرُ أميرُ المؤمنين عليه السّلام أن يحول بينهُ وبينها فيُنقذها، كذبوا ولم يكُن ما قالوا، إنَّ فلاناً خطَبَ إلى عليٍّ عليه السّلام بنتَهُ أم كلثوم فأبى عليٌّ عليه السّلام، فقال للعبّاس: والله لئِن لم تُزوِّجني لأنتزِعَنَّ منك السقاية وزمزم، فأتى العبّاس عليّاً فكلَّمهُ فأبى عليه فألحَّ العبّاس فلمّا رأى أمير المؤمنين مشقَّة كلامِ الرَّجُلِ على العبّاس، وأنَّهُ سيفعل بالسّقاية ما قال، أرسل أمير المؤمنين إلى جنّيَّةٍ من أهل نجرانَ يهوديّةٌ يُقال لها سحيقة بنت جريريّة فأمرَها فتمثَّلَت في مثال أمّ كلثوم، وحُجِبَت الأبصارُ عن أمّ كلثوم وبعثَ بها إلى الرَّجُل، فلَم تزَل عندهُ حتّى استَرابَ بها يوماً، فقال: ما في الأرض أهلُ بيتٍ أسحَرُ من بني هاشم، ثُمَّ أرادَ أن يُظهِرَ ذلك فقُتِل، وحَوَتِ الميراثَ وانصرَفَت إلى نجران، وأظهرَ أميرُ المؤمنين عليه السّلام أمَّ كلثوم".
     قال المحدِّث الشّيخ المجلسي رحمه الله تعالى:
     "هذان الخبران لا يدلان على وقوع تزويج أم كلثوم رضي الله عنها من عمر ضرورة وتقيّة ووَرَدَ في بعض الأخبار ما يُنافيه ـــــ ثُمَّ استشهَدَ بما رواه عن القطب الرّاوندي ـــــ إلى أن قال: ولا تَنافي بينها وبين سائر الأخبار لأنَّها قصَّةٌ مخفيّة اطَّلَعوا عليها خواصُّهُم، ولم يكن يُهتَمُّ بخبر تزويج عمر بأُمّ كلثوم عليها السلام، لا لاحتجاجٍ على المُخالفين، بل ربَّما كانوا يحترزون على إظهار أمثال تلك الأمور لأكثر الشّيعة أيضاً لئلا تقبله عقولهم، ولئلا يغلوا فيهم، فالمعنى: غُصِبناهُ ظاهراً وبزعم النّاس إن صحَّت تلك القصّة.
إستنكار وردّ: 
     إستنكرَ السّيِّد علي الميلاني في كرَّاسةٍ له على مفاد هذا الخبر بحجَّة أنَّ النّاس لا يُصدِّقون بها فقال: " يشتمل ـــــ أي الحديث المذكور ــــــ على ما لا نصدِّق به، أو لا يصدِّق به كثيرٌ من النّاس، وذلك أنَّ المرأة التي تزوَّجَ بها عمر كانت من الجنّ، ولمّا خطَبَ عمر أم كلثوم، أرسلَ الله سبحانهُ جنّيَّةً وسُلِّمَت إلى عمر، وهذه الأشياء لا يصدِّق بها كثيرٌ من النّاس".
     يرد عليه: 
     أوّلاً: لم يأتِنا صاحب الإستنكار بحجَّةٍ على نفيِه حتّى نُسلِّمَ به مُذعِنين، وعدم تصديقه له وكذا عدم تصديق الكثير من النّاس بمفاده، واستبعادهم له، لا يصلح دليلاً على النّفي، ومتى كان الإستبعاد الإعتباري النّاتج عن ضعف الإيمان دليلاً عند المتشرِّعة حتّى يتمسَّك به صاحب الدّعوى؟! ولو كان الإستبعاد دليلاً على المُدَّعى لاستلزَمَ ذلك طرحَ الكثير من الكرامات والمعاجز التي جرَت على أياديهم الطّاهرة، ومتى كان استبعاد الأكثريّة ميزاناً ومناطاً لقبول الأخبار والتَّسليم بالكرامات؟ وهل يستبعد المستنكر المذكور ولايتهم التّكوينية التي دلَّت عليها الآيات والأخبار؟ وإذا كان الجنّ مُسخَّراً للنبيِّ سليمان عليه السَّلام فلِمَ لا يسخَّر لمولى الثّقلين أمير المؤمنين وسيِّد الموحدين الإمام الأكبر عليّ بن أبي طالب صلى الله عليه وآله ؟!.
     ثانياً: وهل خرجَ العلامة الشيخ محمَّد باقر المجلسي والصفّار والراوندي ومَن حذا حذوَهُم عن طوْرِ العقل لمّا رووا هذا الخبر وأذعَنوا بفحواه؟ بل إنَّ المجلسي أعلى الله مقامه جعل خبرَ الجنيّة مُعارضاً للخبرين المتقدِّمَين، ولولا صحّة اعتقاده به لما جعلَهُ مُعارِضاً لهما.
     هذا مُضافاً إلى أنَّهُ لو دارَ الأمر بين الأخذ بالخبر المذكور وبين الظّنون والإستحسانات الشّخصيَّة، وجَبَ حينئذٍ تقديمُ الخبر على المظنونات ما دام لا يُخالف ـــــ أي الخبر المذكور ـــــ أحكام العقل والكتاب المجيد، فعدَمُ التَّصديق بالخبر يستلزِم إنكارَ المعجزة أو الكرامة ولو بنسبة ضئيلة تجرُّهُ إلى أعلى منها، وهذا بدوره مؤشِّرٌ خطير يترتَّب عليه طرحُ الكثير من المفاهيم الغيبيّة التي جاء بها الأولياء والأنبياء عليهم السّلام ممّا يعني إلغاءَ المِئات من النّصوصِ المبثوثة في أسفارنا ومصادرنا التّريخيّة، ولا يوافق على هذا إلّا مُغرِضٌ أو ضعيفُ الإيمان بكرامات أولياء الله تعالى.
     وصدَقَ صاحبُ البحار حينما قال: "إنَّها قصَّةٌ مخفيَّةٌ اطَّلعوا عليها خواصُّهُم لئلا تقبلهُ عقولهم ولئلا يغلو فيهم".
     وفي موثّقة أبي عبيدة الحذّاء قال: "سمعتُ أبا جعفر عليه السّلام يقول: والله إنَّ أحبَّ أصحابي إليَّ أورعهُم وأفقههم وأكتمهُم لحديثنا، وإنَّ أسوأهُم حالاً وأمقتَهُم لَلّذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروي عنّا فلم يقبلهُ واشمأزَّ منه وجحدَهُ وكفَّرَ مَن دانَ به وهو لا يدري لعلَّ الحديث من عندنا خرَج وإلينا أُسنِد، فيكون بذلك خارجاً عن ولايتنا".
     وفي معتبرة عمّار بن مروان عن جابر قال: "قال أبو جعفر عليه السّلام: قال رسول الله إنَّ حديث آل محمَّد صعبٌ مستصعَب لا يُؤمن به إلا ملَكٌ مُقرَّب أو نبيٌّ مُرسّل أو عبدٌ امتحنَ الله قلبه للإيمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمَّد فلانَت له قلوبكم وعرفتموه فاقبَلوه، وما اسمأزَّت منه قلوبكم وأنكرتموه فردّوه إلى الله وإلى الرَّسول وإلى العالِم من آل محمَّد وإنَّما الهالِك أن يُحدِّثَ أحدكم بشيئٍ منه لا يحتمله فيقول: والله ما كان هذا، والله ما كان هذا، والإنكار هو الكفر".
     وصدَقَ الرَّسول إذ يقول: "مَن عمل بالمقائيس فقد هلَكَ وأهلَك.."، وقال تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيْطُوا يِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِيْ تَأْوِيْلُهُ}.
     2ـــــ قد دلَّت القرائن والشّواهد على بُطلان ما ذُكِر بالوجوه التالية:
     (الوجه الأول) ـــــ كان بمقدور أمير المؤمنين عليه السّلام أن يرفض طلب عمر للزواج من أم كلثوم رضيَ الله عنها بحجّة أنَّ ابنتهُ كارهةٌ له، والإكراهُ على الزّواج مُبطِلٌ له، ولا يجوز في شريعة الرسول الاكرم محمَّد صلّى الله عليه وآله وسلَّم، فلا يُمكن حينئذٍ أن يُصرَّ على الزَّواج منها، لأنَّهُ لو فعلَ لكان ذلك حجَّةُ للإمام عليه السّلام على عمر بن الخطّاب أمام جموع المسلمين، ولا يمكن لعمر ــــ لو فعل الإمام عليه السّلام ما قلنا ـــــ أن يُخالف إرادة الله ورسوله ـــــ ظاهراً ــــــ أمام المسلمين.
     (الوجه الثاني) ـــــ كما أنَّ أم كلثوم بنت أبي بكر رفضت الزَّواج من عمر، وكذا غيرها، كان يمكن لأمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين أن ترفض ويحتجَّ حينئذٍ والدها على عمر بذلك، ولمّا ذلك لم يحصل علمنا أنَّ القضيّة لفَّقَها بنو أميّة، لينسبوا فضيلة مصاهرة عمر للإمام عليّ عليه السّلام، فيحرِفوا وجهة الخلاف بينهُ وبين الإمام عليه السّلام، حتّى لا يُقال أنَّ عمر غصَبَ الخلافة، ولو كان الإمام غاضباً عليه كيفَ يزوِّجُهُ ابنته؟.
    قال ابن الأثير:
      "وخطَبَ ــ أي عمر بن الخطاب ــ أم كلثوم بنت أبي بكر الصّدّيق إلى عائشة، فقالت أم كلثوم: لا حاجةَ لي فيه، إنَّهُ خشِنُ العيش شديدٌ على النّساء، فأرسلَت عائشة إلى عمرو ابن العاص، فقال: أنا أكفيك، فأتى عمر فقال: بلَغَني خبرٌ أعيذُكَ بالله منه، قال: وما هو؟
قال: خطبتَ أم كلثوم بنت أبي بكر؟ قال: نعم، أفرغبتَ بي عنها أم رغبتَ بها عنّي؟ قال: ولا واحدة، ولكنه حدثةٌ نشأت تحت كنَفِ أمير المؤمنين في لينٍ ورفق، وفيكَ غلظة، ونحن نهابُك وما نقدر أن نرُدَّكَ عن خلُقٍ من أخلاقك، فكيف بها إن خالفتك في شيئٍ فسطَوتَ بها كنتَ قد خلَفتَ أبا بكر في وُلدِهِ بغير ما يحقُّ عليك".
     وأخرجَ ابنُ الأثير الجزري عن معتمر بن سليمان عن أبيه، عن الحسن: أنَّ عمر بن الخطّاب خطَبَ إلى قومٍ من قريش بالمدينة فردّوه، وخطَبَ إليهم المغيرة بن شعبة فزوَّجوه.
     وقال ابن عبد ربّه:
     "إنَّ عمر خطَبَ امرأةً من ثقيف، وخطبَها المغيرة، فزوَّجوها المغيرة".
    قال ابن الأثير:
     "وخطَبَ أمَّ أبان بنت عُتبة بن ربيعة فكرِهَته، وقال: يُغلقُ بابهُ، ويمنعُ خيره، ويدخل عابساً ويخرج عابساً".
     وقال ابنُ قتيبة:
     "قال أبو اليقظان: خطب عمر بن الخطّاب أم أبان بنت عتيبة بن ربيعة بعد أن مات عنها يزيد بن أبي سفيان، فقالت: لا يدخل إلا عابساً يُغلق بابه، ويُقل من خيره."
     وأخرج المتقي الهندي عن علي بن يزيد أن عاتكة بنت زيد كانت تحبّ عبد الله بن أبي بكر، فماتَ عنها واشترَطَ عليها ألا تُزوَّجَ بعده فتٌبُتِّلَت وجعلت لا تُزوَّج، وجعل الرِّجال يخطبونها، وجعلت تأبى فقال عمر لوليِّها: اذكرني لها فذكرَهُ لها، فأبَت على عمر أيضاً، فقال عمر: زوِّجنِيها، فزوَّجهُ إيّاها، فأتاها عمر فدخل عليها فعاركها حتّى غلَبَها على نفسها... فلمّا فرَغَ قال:
أف أف أف ثُمَّ خرجَ من عندها وتركَها لا يأتيها فأرسلَت إليه مولاةً لها أن تعال فإنّي سأتهيَّأ لك.
     * فإن جاز لهؤلاء النِّسوة أن يرفضن عمر لخشونته ورعونته، ويُبدينَ رأيهُنَّ فيه، فتُعبِّر عنه بنت أبي بكر أم كلثوم بأنَّهُ خشِنُ العيش، شديد على النّساء، جازَ أيضاً لابنة أمير المؤمنين عليه السّلام أن تُستَشارَ وتُبدي رأيها، لا سيَّما وأنَّ الأمير عليه السّلام لم يكن موافقاً على مثل هذا الزَّواج، فكان إبداءُ رأيها فرصةً سانحةً له عليه السّلام للتَّملُّص من طلب عمر، وبالتالي يكون رَفضُها رضيَ الله عنها كاللاواتي رفَضنَه، فما بالُ الخليفة المزعوم يفرض سلطته على الإمام عليه السَّلام ليزوِّجَهُ ابنته قهراً، ولا يفرضه على غيره، مع أنَّ مدينة علم رسول الله لا تخفى عليه خافية، كيف وهو المحنَّك المُدرَّب؟ لا أظُّن أن تنطَلي هكذا أمور على مولى الثّقلين وباب حطّة وقاضي الأمّة والعروة الوثقى؟.
     فإذا لم يكن الإمام عليه السَّلام راضياً ـــــ حيسبما جاء في الأخبار ــــ ولا ابنته كذلك، فما هو وجهُ الصِّحّة في إيكالِه الأمر إلى العبّاس بن عبد المطَّلِب؟ وهل يُصحِّحُ الوكيلُ عدم الرِّضا عندَ الموكّل؟ وهل عدم الرِّضا بالزّواج يحتاج إلى توكيلٍ لإمضاء الزواج؟! لا أظنُّ عاقلاً يصدِّق ذلك.
     (الوجه الثالث) ـــــ الإضطّرابُ والإختلاف في الأحاديث، وهذا الإختلاف ممّا يُبطِل الحديث، من أجلِ هذا أنكرَ الشّيخُ المفيد رحمهُ الله تعالى أصلَ هذا الزَّواج، فقال: (إنَّ الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين عليه السّلام ابنته من عمر غير ثابت، وطريقه من الزبير بن بكر، ولم يكن موثوقاً به في النَّقل، وكان مُتَّهماً فيما يذكره، وكان يُبغِض أمير المؤمنين عليه السَّلام، وغير مأمون فيما يدَّعيه على بني هاشم. وإنَّما نشَرَ الحديثَ إثباتُ أبي محمَّد الحسن بن يحيى صاحب النَّسَب ذلك في كتابه، فظنَّ كثيرٌ من النّاس أنَّهُ حقَّ لرواية رجلٍ علويّ له، وهو إنَّما رواه عن الزبير بن بكار.
     والحديث بنفسه مختلف، فتارةً يُروى، أنَّ أمير المؤمنين عليه السَّلام تولّى العقد له على ابنته.
وتارةً يُروى أنَّ العبّاس تولّى ذلك عنه.... وتارة يُروى: أنَّهُ لم يقع العقد إلا بعد وعيد عمر وتهديدٍ لبني هاشم....وتارة يُروى: أنَّهُ كان عن اختيارٍ وإيثار.
ثُمَّ إنَّ بعضَ الرُّواة يذكر أنَّ عمر أولَدَها ولداً أسماهُ زيداً.... وبعضهم يقول: إنَّهُ قُتِلَ قبلَ دخوله بها.
وبعضهم يقول: إنَّ لزيد بن عمر عقباً.
ومنهم مَن يقول: إنَّهُ قُتِلَ ولا عقب له.
ومنهم مَن يقول: إنَّهُ وأمُّهُ قُتِلا.
ومنهم مَن يقول: إنَّ أمَّهُ بقيَت بعده.
ومنهم مَن يقول: إنَّ عمر أمهَرَ أم كلثوم أربعين ألف درهم.
ومنهم مَن يقول: مهرُها أربعةُ آلافِ درهم.
ومنهم مَن يقول: كان مهرها خمسمائة درهم.
     وبُدُوُّ هذا الإختلاف فيه يُبطل الحديث، فلا يكون له تأثير على حال ثُمَّ إنَّهُ لو صحَّ لكان له وجهان لا يُنافِيان مذهبَ الشّيعة في ضلال المتقدِّمين على أمير المؤمنين عليه السَّلام.
     أحدهما: أنَّ النّكاح إنَّما هو على ظاهر الإسلام الذي هو: الشهادتان، والصّلاة إلى الكعبة، والإقرار بجملة الشريعة.
     وإن كان الأفضل مناكحة مَن يعتقد الإيمان، وترك مناكحة مَن ضمَّ إلى الإسلام ضلالاً لا يخرجه عن الإسلام، إلا أنَّ الضَّرورة متى قادَت إلى مناكحة الضّالّ مع إظهاره كلمة الإسلام زالت الكراهةُ من ذلك، وساغَ ما لم يكن بمُستحَبٍّ مع الإختيار، وأميرُ المؤمنين عليه السّلام كان محتاجاً إلى التّأليف وحقْنِ الدّماء، ورأى أنَّهُ إن بلَغَ مبلغُ عمر عمّا رغِبَ فيه من مناكحةِ ابنته أثَّرَ ذلك الفسادُ في الدّين والدُّنيا، وأنَّهُ إن أجابَ إليه أعقَبَ صلاحاً في الأمرين، فأجابه إلى ملتمِسِه لما ذكرناه.
     والوجه الآخر: أنَّ مناكحة الضّالّ (كجحْدِ الإمامة، وادِّعائِها لمَن لا يستحقُّها) حرامٌ إلا أن يخافَ الإنسانُ على دينه ودمِه، فيجوزُ له ذلك، كما يجوزُ له إظهار كلمة الكفر المُضادّة لكلمة الإيمان، وكما يحلُّ لهُ أكلُ الميتةِ والدَّم ولحم الخنزير عند الضّرورات، وإن كان ذلك محرَّماً مع الإختيار.
     وأميرُ المؤمنين عليه السّلام كان مضطراً إلى مناكحة الرَّجُل لأنَّهُ يُهدِّدُهُ ويُواعده، فلم يأمَنهُ أميرُ المؤمنين عليه السَّلام على نفسه وشيعته، فأجابَهُ إلى ذلك ضرورةً كما قلنا، لأنَّ الضرورة تُشرِّع إظهار كلمة الكفر، قال تعالى: {إلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيْمَانِ}. ..) إنتهى كلام المفيد في المسائل السروية ضمن مجموعته الكبرى ج7ص90.
     يلاحظ على الشيخ المفيد رحمه الله تعالى قوله" بجواز مناكحة من ضم إلى ظاهر الإسلام ضلالاً لا يخرجه عن الإسلام " مع إعترافه في مطاوي كتابه المقنعة باب تغسيل الميت المسلم "بأن المخالف كافر لا يجوز تغسيله.." وحكم في نفس الكتاب باب حرمة مناكحة الناصبية ونكاح أمثالها في الكفر والضلال.." وهل ثمة ضلال أو كفر أعظم من كفر منكر الضرورات القطعية في الكتاب والسنة المحمدية العلوية..؟! وهل يخرج من التخصيص الذي ذكره المفيد من العمومات الناهية عن تزويج الكافرين والنواصب..؟! وهل يخرج عمر من النصب والعداوة حتى يجوز إنكاحه مؤمنة طاهرة مطهرة فلا يكون عمر بحسب كلام المفيد خارجاً من ظاهر الإسلام وقد قتل سيدة النساء الزهراء البتول وقرة عين الرسول..؟! وأين النصب يا تُرى إذا لم يكن أبرز مصاديقه الإعتداء على الإمام الأكبر وزوجته بضعة المصطفى ومهجة قلب المرتضى..؟!
    لقد أخطأ المفيد حينما برر زواج  الضال عمر بالمسلمة فيما لو كان ضلاله غير مخرج له عن الإسلام...وذلك لأن ضلال عمر كان مخرجاً له عن الإسلام فلا تجيزالضرورة مناكحته وإلا لجازت مناكحة المشركين والملحدين وعبدة الأوثان مع أن مناكحة هؤلاء من أعظم المحرمات في شريعة الإسلام...  وبالغضّ عن كلِّ ما تقدَّم، فإن التهافت حاصل حتى في المهر المكتوب لأم كلثوم وفي عدد أولادها من عمر(والعياذ بالله) ثم زواجها من غير عمر بعد موته ثم الإختلاف في عدد الأزواج أيضاً.... ما يسقط القضية عن الإستدلال وبالتالي نفيها من الأساس، فقد روى اليعقوبي: أنَّ عمر أمهرَها عشرة آلاف دينار. وقال العسقلاني: "إنَّ عمر أمهرها أربعين ألفاً، وأنَّها ولدَت لعمر ابنيه: زيد ورقيّة، وبعد وفاة عمر تزوَّجَها عوف (عوف ظ) بن جعفر بن أبي طالب، وذكرَ الدارقطني في كتاب الأخوة أنَّ عوفاً مات عنها فتزوَّجَها أخوه محمَّد ثُمَّ مات عنها فتزوَّجَها أخوه محمَّد ثُمَّ مات عنها فتزوَّجَها أخوه عبد الله بن جعفر فماتت عنده، وذكر ابنُ سعد نحوه وقال في آخره، فكانت تقول إنّي لأستَحي من أسماء بنت عميس ولَداها عندي فأتخوَّفُ على الثّالث قال: فهلَكَت عنده ولم تلِد لأحدٍ منهم". وممّا يزيد في القضيّة اضطراباً ما يُروى أنَّ الإمام عليه السّلام بعثَ ابنته أم كلثوم ليراها ولم يأتِ عمر إليها بل هي زحَفَت إليه لتريه جمالها فإن وافق قبِلَتْ به وإلا فالخيار لهُ وليس لها، قال ابن الأثير الجزري: "خطَبَها عمر بن الخطّاب إلى أبيها عليّ، قال: إنَّها صغيرة، فقال عمر: زوِّجنيها يا أبا الحسن فإنّي أرصدُ من كرامتها ما لا يرصده أحد، فقال له عليّ: إنّي أبعثُها إليك، فإن رضيتها فقد زوَّجتُكَها، فبعَثَها إليه ببُرْد، وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك، فقالت ذلك لعمر، فقال: قولي له: قد رضيت رضيَ الله عنك، ووضع يده عليها، فقالت: أتفعل هذا؟ لولا أنَّك أمير المؤمنين لكسرتُ أنفك، ثُمَّ جاءَت أباها فأخبرَتهُ الخبر، وقالت له: بعثتَني إلى شيخ سوء، قال: يا بُنيَّة إنَّهُ زوجك، فجاء عمر فجلس إلى المهاجرين في الرَّوضة ـــــ وكان يجلس فيها المُهاجرون الأوّلون ـــــ فقال: رفئوني، فقالوا: بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوَّجتُ أم كلثوم بنت عليّ، سمعتُ رسول الله يقول: "كلُّ سَببٍ وصهْرٍ ينقطعُ يوم القيامة إلّا سببي وصهري" وكان لي به عليه الصَّلاة والسّلام النسَبُ والسَّبب، فأردتُ أن أجمعَ إليه فرفئوه، فتزوَّجها على مهْرِ أربعينَ ألفاً، فولدَت له زيد بن عمر الأكبر ورقيّة".
     وقال العسقلاني:
     "قال ابنُ ابي عمر المقدسي، حدَّثني سفيان عن عمرو عن محمّد بن علي: على أنَّ عمر خطَبَ إلى عليّ إبنته أم كلثوم، فذكَرَ له صغَرها، فقيل له: إنَّهُ ردَّكَ فعاوِده، فقال له عليٌّ: أبعثُ بها إليك، فإن رضيتَ فهي امرأتُك، فأرسَلَ بها إليه فكشَفَ عن ساقها، فقالت: مه! لولا أنَّكَ أميرُ المؤمنين للَطمتُ عينيك".
     واعجباه! ... لا أصدِّق ما أقرأ، أنَّ إمام المتقين عليّاً أمير المؤمنين عليه السّلام يصل به الحال والإضطرار ـــــ كما يدَّعي الحشوية ــــــ إلى أن يرخصَ عندهُ الشَّرفُ والغيرة، فيَعرِضُ ابنته ــــ التي لطالما حرصَ على أن لا يراها رجُل ــــ على عمر، فيكشف ساقَها ليرى هل هو أبيض أم أسمر أم ضعيف أم سمين؟ ولا أصدِّق أنَّ أم كلثوم التي لم يبرُد غليلُها ممّا فعلَهُ ابنُ الخطّاب من الظلم العظيم بأمِّها الصِّدّيقة الطّاهرة عليها السلام ـــــ حينما دخل دارها وهتَكَ سترها ولطَمَ خدَّها حتّى تناثر قرطُها وهشَّمَ أضلاعها ـــــ أن تقبَلَ به زوجاً، وتشاطرَهُ البسمات! وهل أنَّ أم كلثوم نسيَت كلَّ هذا؟!.... حاشاها من كلّ ذلك... ولكنَّ يد الدس والمكر والظلم لفقت عليها ما هي منه برآء....فواللهِ إنَّ شيئاً من هذا لم يحصل، حاشا أمير المؤمنين عليّ الذي ما عرف إلا الحقَّ والشّهامةَ والغيرة والحميَّةَ على العِرْضِ والدين، وحاشا أم كلثوم ابنة الطّهر وسيّدة العفاف كأمِّها الصّدّيقة الظَّاهرة فاطمة عليها السّلام.
     والأنكى من ذلك أنَّها لم تُستأمَر لزواجها من عمر، ثُمَّ بعد ذلك يستأمِرُها أبوها لزواجها من عون بن جعفر فلا تقبل به حتّى يقهرها أبوها على القبول حيثُ قال لها: "أي بنيَّة، إنَّ الله عزَّ وجلّ قد جعل أمرَكِ بيدك، فأنا أحبُّ أن تجعليه بيدي، فقالت: أي أبة، إنّي لامرأةٌ أرغبُ فيما يرغب فيه النّساء، وأحبُّ أن أصيب ممّا تُصيبُ النّساءُ من الدّنيا، وأنا أريد أنظر في أمر نفسي، فقال: لا والله يا بنيَّة ما هذا من رأيك، ما هو إلا رأيُ هذين ــــ أي الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام ـــــ ثُمَّ قام فقال: والله لا أكلِّمُ رجُلاً منهما أو تفعلين، فأخذا بثيابه، فقالا: إجلس يا أبه، فوالله ما على هجرتك من صبر، إجعلي أمركِ بيده، فقالت: قد فعلت، قال: فإنّي قد زوَّجتُكِ من عون بن جعفر وإنَّهُ لغلام".
  ملاحظة هامة: واضح عند الأعلام المحققين من الإمامية ما في هذا الخبر من الدس والإفتراء على أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام لما فيه من جرأة الأولاد على أبيهم (والعياذ بالله تعالى) مع كونهم مطهرين من الرجس ومعصومين عن الدنس فلا حاجة بنا للتطويل بالإستدلال على فساده بعد مخالفته لعصمة أولاد أمير المؤمنين عليه السلام بنص آية التطهير والمباهلة وغيرها من الآيات والأخبار التي فاقت التواتر بمرات.....
     وفي أخبارٍ أخرى يوجدُ خلَطٌ واضطّراب، فخبرٌ يقول أنَّها تزوَّجت بعد عمر بثلاثة رجال هم: عون بن جعفر ثُمَّ محمَّد بن جعفر ثُمَّ عبد الله بن جعفر.
     وخبرٌ يقول: إنَّ أمير المؤمنين عليه السَّلام زوَّجَها من كثير بن عبّاس بن عبد المُطَّلِب، لكنَّ المشهور والمُتسالَم عليه على أنَّها لم تتزوَّج بعد عون أحداً، وذلك لأنَّ محمَّداً وعوناً قُتِلا في كربلاء مع اللإمام الحسين عليه السّلام، وكان عون آنذاك زوجاً لها، زوَّجَهُ إيّاها أميرُ المؤمنين لمّا بلَغَ مبلغ الرِّجال فكيف ينسبُ الخبران المتقدِّمان أنَّها تزوَّجت بمحمَّد وكثير؟ ... بل إنَّ الشّهيد الثّاني يعتقد أنَّ محمَّد بن جعفر قُتِل في صفّين.
     وعليه، لمّا علمنا أنَّ الإمام عليه السَّلام زوَّج ابنته لابن أخيه عون بن جعفر وهو يافع وبقي معها إلى زمن شهادته مع الإمام الحسين عليه السّلام هو وأخوه محمَّد، فنقطع حينئذٍ أنَّ ما جاء خلاف ذلك باطل.
     إذن هذا الإضطراب يستلزم نسف القضية من أساسها ، ولو سلَّمنا جدَلاً وقوعها، فإنَّ تهديد عمر بن الخطّاب ـــــ بأنَّهُ سيعور زمزم ولا يدَع لآل البيت مكرُمة إلا هدَمها، وليَقطعنَّ يدَ الإمام عليّ لتهمة السّرقة ـــــ كانت القشّة التي قصمت ظهر البعير، حيثُ اجتثَّتهُ قدرة الإمام عليه السّلام بتضرُّعِهِ إلى الله تعالى ليصرف عنه كيدَ مَن أراد بأهله سوءاً، وكان الذي كان من ضربة أبي لؤلؤة الموفَّقة فلم يبقَ إلا ليالٍ.   
إشكال:
     لقد جاء بواسطة خبرين ــــــ صحيحين سنداً ـــــ أنَّ أم كلثم رضي الله عنها تزوَّجَها عمر، فكيف لم يطَّلِع عليهما الشّيخ المفيد ومَن حذا حذوَهُ حيثُ أنكرَ أصلَ الواقعة؟ ونحن استشهدنا بالشيخ المفيد رحمه الله تعالى لأن بعض مرضى النفوس لا يؤمنون إلا بالاسماء اللامعة من المتقدمين، لذا ذكرناه من باب المثال كي نورد عليهم بما به يؤمنون ومن أجله يتنافسون. 
     والجواب:
     هنا احتمالات:
     (1) إمّا أنَّ الشَّيخَ ومَن وافقه لم يطَّلِعوا على هذين الخبرين، وهذا بعيدٌ جدّاً في حقِّ مشايخ الطّائفة، لا سيَّما وأنَّ لهم مصنَّفاتٍ في جمع الأخبار.
     (2) وإمّا أن يكونوا قد اطَّلَعوا ولكنَّهم لم يأخذوا بمفادهما.
     (3) وإمّا أنَّ الخبرينِ ما كانا موجودَين في المصادر الحديثية بل وجِدا بعد عصر المفيد.
     أوجه هذه الإحتمالات هو الثّاني، أمّا الأوَّل فقد عرفتَ وجهه، وأمّا الثّالث فمدفوعٌ بالأصل حيثُ لو لم يكونا قبل عصر المفيد ثُمَّ وُجِدا في بعض الكتب بعده لبَانَ وظهر من خلال المقارنة بالنُّسَخِ القديمة السّابقة على عصره، مع أنَّ الخبرين رواهما الشّيخ الكليني في الكافي وهو متقدِّمٌ زمناً على الشّيخ المفيد، فالإحتمال ساقطٌ من أساسه.
     فلا يبقى مجالٌ إلا أن نقول: إنَّ الشّيخَ وأمثاله لم يأخذوا بنظرِ الإعتبار صحَّةَ هذين الخبرين لأحد أمرين:
     إمّا لاعتقادهم بأنَّ هذين الخبرين مصدرهما العامّة، وأنَّ الرّاوي لهما بالأصل هو أبو محمَّد الحسن بن يحيى صاحب النسب ـــــ حسبما عبَّر الشّيخُ المفيد نفسه عن ذلك ــــ وإمَّا لكثرة الإختلاف والإضطّراب في أصل القضيّة المرويّة بالأخبار المختلفة، ممّا أوجَبَ اختلالها وعدم الوثوق بشيئٍ منها، وذلك يستلزم سقوطها عن الحجيَّة.
     (الوجه الرابع) ــــــ إنَّ الخبرين المتقدّمين يتعارضان أيضاً مع ما أورده صاحبُ البحار نقلاً عن النّوبختي في كتابه "الإمامة" من أنَّ أم كلثوم كانت صغيرةً ومات عمر قبل أن يدخل بها؛ وكذا ما رواه الزرقاني المالكي ـــــ وهو من علماء العامّة ــــــ من أنَ عمر مات عنها قبل بلوغها.
  هذا بالإضافة إلى معارضة ما رواه الزّرقاني وغيره لما ورد في مصادرهم  من أنَّ عمر تزوَّجها وبنى بها وأنجبَ منها ولداً. والحاكم النيسابوري قال إنَّهُ تزوَّجَ بها. فمع هذا التّعارض الموجود في مصادرهم، بل وفي مصادرنا حيثُ يتعارض خبر سليمان بن خالد وصحيحة عمار مع صحيحة هشام بن سالم حيثُ وردَ فيها أنَّ أمير المؤمنين عليه السَّلام تعلَّلَ بالمنع من تزويجها بأنَّها صبيَّةٌ وحُرمةُ نِكاح الصغيرة من أبدَهِ البديهيّات في شريعتنا والشّرائع السّماويّة برُمَّتها بل حرمتها مقطوعٌ بها عند عامّة العقلاء، فما بالُ أميرِ المؤمنين ـــــ وحاشاه ـــــ يزوِّجُ ابنته الصّغيرة لشيخٍ هدَّدَهُ بتهمة السّرقة ضارباً كلَّ القيَم عرض الجدار!! لا أظنُّ عاقلاً ينسب لأمير المؤمنين (الذي لا تأخذه في الله لومة لائم ) ما نسبَت إليه هذه المرويّات المكذوبة على إمام المتقين وإبنته أُم كلثوم عليهما السلام، اللهمَّ إلا أن يُقال: أن تزوُّجَهُ منها كان لأجل حصول البرَكة ومصاهرة النبيّ ـــــ حسبما جاء في الرّواية المتقدمة عن ابن الأثير الجزري والقسطلاني ـــــ لكنَّهُ مردودٌ لأنَّ البركة لا تُطلَب عن طريق الحرام، ومَن يدَّعي محبَّةَ رسول الله محمَّد فيحبّ مصاهرته لا يقهرُ حفيدتهُ على القبول به رغماً عنها وعن أبيها ويتوعَّدُه بأليم العذاب وسوء العقاب. هذا مُضافاً إلى أنَّ هذا القولَ يصطدم مع النّقولاتِ المضطربة والمشوَّشة والتي أُلصِقَت بها ما لم يُلصَق بجاريةٍ أو أمَةٍ من الإماء، كما ألصقوا بأبيها ما لم يلصقوه بأرذل النّاس حيثُ عرَضَ ابنته وزيَّنها ببُردة وهي صبيَّةٌ صغيرة لكي يهواها عمر بن الخطّاب وتنالَ إعجابهُ ويكشف عن ساقها ويضع يده عليها!!.
     تنبيـــــه:  
     قد يُقال إنَّ المراد من كونها صغيرة هو عدَم نُضجها بحيثُ لا يُؤهِّلُها للزَّواج وإن كانت بالغةً آنذاك لكونها وُلِدت بعد العام الخامس الهجري وقبل الثّامن، فهي بالقياس إلى عمره آنذاك الذي كان بحدود ابن ثلاثٍ وستّين عاماً وأشهراً ـــــ حسب رواية المشهور عند العامّة ـــــ لا تصلح حينئذٍ للزَّواج منه، ولكنَّ هذا التّعليل الوارد في الرّواية من أنَّها صغيرةٌ غير ناجع، ولا أظنُّ أنَّ أمير المؤمنين عليّاً قصَدَهُ لعلمه الرَّبّاني بأنَّ ابن الخطّاب سيرُدُّه، بل لا أعتقد أنَّ الإمام عليه السَّلام يَخفى عليه التَّعليل بكونها كارهةً له وغير راضية بأن يكون عمر لها زوجاً بعد أن رأَت ماذا فعل بأبيها وأمّها عليهما السّلام، بالإضافة إلى علمها صلوات الله عليها بنفاقه وإنكاره للقطعيات التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله.. كل ذلك يجعل من شبهة التزويج في مهب الريح ولا يعدو كونها من قصص المدرسة العمرية للتغطية على ظلم عمر بن الخطاب لسيّدة النساء وبعلها أمير المؤمنين عليهما السلام فوجدت لها أنصاراً قديماً وحديثاً من قبل النواصب والبترية من الشيعة المتحللين ـــ من قيود الولاية والبرائة ــ الذين يجمعون بين حبّ أبي بكر وعمر وإمامة الأئمة الطاهرين عليهم السلام طمساً لمعالم الدين وإنكاراً لظلامات إمام المتقين وسيدة نساء العالمين صلوات الله عليهما وآلهما الطاهرين ، ]ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون[.
     وزبدة المقال:
     إنَّ قصّة التّزويج هذه من المُفتَعلات ولا أساس لها من الصّحّة لقيام القرائن على كذبها، ووجودُ خبرين أو ثلاث في مصادرنا وإن كانت أسانيدها صحيحة إلا أنَّ ذلك لا يُصحِّح نسبة دلالتها إلى أئمّة أهل البيت عليهم السّلام لكثرة الدَّسِّ في أخبارهم، لذا ورَدَ عنهم وجوب عرض الأخبار المنسوبة إليهم على كتاب الله وأخبار العامّة "فما وافقَ أخبارهم وكان أميَلَ إلى حكّامهم وقُضاتهم فيُترَك لأنَّ الرُّشدَ في خلافهم" فكيف يمكن حينئذٍ الإعتماد على هكذا أخبار لها خلفيّات عمرية وأمويّة، ألَم يُركِّب بنو أميّة الأسانيدَ على المتون؟! ألَم يقلبوا كلَّ فضيلةٍ كانت لأمير المؤمنين عليّ إلى ضدِّها إلا ما حفظَتهُ الصّدورُ الأمينة؟ ألَم يغلو في أبي بكرٍ حتّى جعلوه الصّدّيق وجعلوا عمر الفاروق وعثمان ذا النّورين؟، بل "جعلوا أبا بكر وعمر سيِّدَي كهولِ أهل الجنّة ووزيرَي رسول الله في الأرض كما أنَّ جبرائيلَ وميكائيلَ وزيراهُ في السّماء، ولو كان بعده نبيٌّ لكان عمر بن الخطّاب وأنَّ الشيطانَ ليخاف من عمر" إلى ما هنالك من فضائل ومكرمات لم تكُن لأحدٍ من الأوّلين والآخرين... .
     بعد كلِّ هذا كيفَ يمكن الإطمئنانُ إلى قصّة التّزويج تلك؟!! لا ندري كيف انطَلَتِ اللعبة على البعض فصدَّقَ بما نفثَهُ بنو أميّة في أخبارنا، اللهُمَّ أنتَ الحكَمُ والفصلُ يومَ تشخَصُ فيه القلوب والأبصار.
  والحمد لله ربّ العالمين وسلام على سادة رسل الله الأولياء العظام محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام سيما ناموس الدهر الإمام الأعظم القائم الحجة بن الحسن عليهما السلام وجعلنا الله وإياكم من خيرة شيعته وأعوانه ومقوية سلطانه وخدامه والممهدين له بحقهم عنده تعالى...والسلام عليكم ورحمته وبركاته.

 

. السؤال الثاني: ما هو موقفکم الشريف حول هذه الأحاديث:

أ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ سلام الله عليه فِي الحديث قَالَ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَسِلَ مِنْ غُسَالَةِ الْحَمَّامِ فَفِيهَا تَجْتَمِعُ غُسَالَةُ الْيَهُودِيِّ وَ النَّصْرَانِيِّ وَ الْمَجُوسِيِّ وَ النَّاصِبِ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ هُوَ شَرُّهُمْ فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ خَلْقاً أَنْجَسَ مِنَ الْكَلْبِ وَ إِنَّ النَّاصِبَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لَأَنْجَسُ مِنْهُ[3].
الجواب على رواية غسالة الحمام من الناصبي:
هذه الرواية صحيحة السند ودلالتها واضحة في نجاسة غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصبي وهو أشر من الثلاثة المتقدمين عليه في الخبر، ولها نظائر متعددة في أخبار كادت تبلغ التواتر، وقد عمل بها عامة أعلام الإمامية، وهي رد على من قال بالنجاسة المعنوية فقط لأهل الكتاب في حين أنها أشركت معهم نجاسة غسالة الناصبي الذي اعتقدوا بنجاسته المادية من دون أن يحكموا بنجاسة أهل الكتاب، ما يعني الفصل بين أهل الكتاب وبين النواصب فيستلزم ذلك فصلاً من دون دليلٍ وخلاف فقرات الرواية نفسها حيث حكمت بنجاسة الأربعة من دون أن تفصل بالحكم بين أهل الكتاب والنواصب، فالجميع محكومون بالنجاسة المادية والمعنوية، هذا هو الصحيح عندنا، وما عداه خلاف الأدلة، والله العالم.
بـ - قَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ: اعْرِضُوا حُبَّ عَلِيٍّ سلام الله عليه عَلَى أَوْلَادِكُمْ فَمَنْ أَحَبَّهُ فَهُوَ مِنْكُمْ وَ مَنْ لَمْ يُحِبَّهُ فَاسْأَلُوا أُمَّهُ مِنْ أَيْنَ جَاءَتْ بِهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّي الله عليه و آله و سلّم يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ سلام الله عليه لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ أَوْ وَلَدُ زِنْيَةٍ أَوْ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَ هِيَ طَامِثٌ[4].
تـ - عَنْ عَلِيٍّ سلام الله عليه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّي الله عليه و آله و سلّم مَنْ لَمْ يُحِبَّ عِتْرَتِي فَهُوَ لِإِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا مُنَافِقٌ وَ إِمَّا لِزَنْيَةٍ وَ إِمَّا امْرُؤٌ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فِي غَيْرِ طُهْرٍ[5]. جـ - عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ سلام الله عليه أَنَّهُ قَالَ مَنْ وَجَدَ بَرْدَ حُبِّنَا عَلَى قَلْبِهِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ لِأُمِّهِ فَإِنَّهَا لَمْ تَخُنْ أَبَاهُ[7].
حـ - عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيِّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّي الله عليه و آله و سلّم يَقُولُ لِعَلِيٍّ سلام الله عليه لَا يُبْغِضُكُمْ إِلَّا ثَلَاثَةٌ وَلَدُ زِنًا وَ مُنَافِقٌ وَ مَنْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ وَ هِيَ حَائِضٌ[8].

 الجواب على هاتين الروايتين: 
  هذان الخبران يشيران إلى العلّة التي تدعو إلى بغض أمير المؤمنين عليّ وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام وأن سبب البغض أمور ثلاثة: النفاق ــ الزنا ـــ مجامعة الزوجة في الحيض...وفي أخبار أخرى عدم أداء الخمس،والمأبون في دبره وعدم التسمية والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم عند الجماع... وهذه المحرمات تلعب دوراً بارزاً في تولد النطفة من المال الحرام والطعام الحرام والنكاح الحرام، وهذه الأمور لا تستلزم الجبر وسلب الإختيار بل يبقى المكلّف مختاراً وقادراً على عدم سلوك طريق الشر ومنه بغض أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، وقد فصلنا ذلك في بحثنا حول العلّة الداعية إلى بغض أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام في رسالة خاصة منشورة على موقعنا فراجعوه... وهذه الأخبار من جملة الأخبار المتواترة بشأن بغض أولاد الزنا والحيض لأهل البيت عليهم السلام ...والسلام.
ثـ - عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ آدَمَ قَالَ إِنِّي لَعِنْدَ الرِّضَا سلام الله عليه إِذْ جِي‏ءَ بِأَبِي جَعْفَرٍ سلام الله عليه وَ سِنُّهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَأَطَالَ الْفِكْرَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا بِنَفْسِي فَلِمَ طَالَ فِكْرُكَ فَقَالَ فِيمَا صُنِعَ بِأُمِّي فَاطِمَةَ أَمَا وَ اللهِ لَأُخْرِجَنَّهُمَا ثُمَّ لَأُحْرِقَنَّهُمَا ثُمَّ لَأُذْرِيَنَّهُمَا ثُمَّ لَأَنْسِفَنَّهُمَا فِي الْيَمِّ نَسْفاً فَاسْتَدْنَاهُ وَ قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي أَنْتَ لَهَا يَعْنِي الْإِمَامَةَ[6].
الجواب على هذه الرواية:

لا إشكال في صحة هذا الخبر الشريف الدال على ظلامة مولاتنا الصدِّيقة الكبرى المظلومة الشهيدة الزهراء البتول عليها السلام، وقد أشار الخبر المذكور بأن مولانا الإمام الجواد عليه السلام سيخرج قاتلي مولاتنا المطهرة السيدة الزهراء عليها السلام ــ وهما أبو بكر وعمرلعنهما الله تعالى ـــ من قبريهما ليكمل لهما العذاب الذي يعاينانه منذ ماتا إلى الآن وإلى يوم القيامة، والظاهر من الخبر الشريف يشير إلى أن نفس الإمام الجواد عليه السلام سوف يخرجهما من قبريهما في حين أن الأخبار الأخرى تشير أيضاً إلى أن مولانا الإمام المعظم القائم أرواحنا فداه سوف يخرجهما من قبريهما ليقيم الحجة عليهما مع عائشة وليكمل تعذيبهما حتى يكونوا عبرة لغيرهم، وعامة من فسر هذا الحديث اقتصروا على أن الإمام القائم عليه السلام هو الوحيد الذي يقوم بتعذيبهما... وحملوا تعذيب الإمام الجواد عليه السلام على المجاز من حيث إن ما يقوم به حفيده الإمام المهدي عليه السلام من تعذيب ذينك المنافقين منزَّلاً منزلة الإمام الجواد عليه السلام فما يقوم به الإمام القائم كأن الإمام الجواد عليه السلام قد قام به، ولا ندري لماذا حملوه على هذا الحمل، ولكن يظهر أنهم فعلوا ذلك لظنهم بأن عملية الأخذ بالثأر إنما هي خاصة بالإمام المنتظر أرواحنا فداه، ولعلّ البعض يذهب إلى أن هناك تعارض بين خبر الإمام الجواد عليه السلام وبين الأخبار الأخرى الحاصرة لعملية التعذيب بشخص الإمام القائم عليه السلام، ولكنه ظنٌ فاسد لا شاهد عليه ولا قرينة تثبته، فالتحقيق عندنا هو أن نقول:
  أنه لا يوجد أخبار تحصر عملية تعذيب المنافقين بشخص الإمام القائم عليه السلام، كما لا يوجد تعارض بين الخبر المذكور وبين الأخبار الأخرى باعتبار أن هذه الأخبار كلها من المثبتات ولا يقع التعارض بين المثبتات، لذا فإن الظاهر لدينا من خلال محاولتنا للجمع بين هذه الأخبار بأن نحمل خبر مولانا الإمام الجواد عليه السلام على قيام الإمام الجواد عليه السلام بتعذيبهما يوم الرجعة، ونحمل الأخبار القائمية الدالة على أن مولانا الإمام القائم أرواحنا فداه يقوم بتعذيبهما بأنه يتولى أيضاً عملية التعذيب يوم ظهوره الشريف، فيكون تعذيبهما مرتين، الأولى على يد مولانا القائم عليه السلام، والثانية على يد مولانا الإمام الجواد عليه السلام يوم الرجعة...والله تعالى العالم، والسلام.
خـ - قَالَ الصَّادِقُ سلام الله عليه إِنَّ النَّاصِبَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لَا يُبَالِي صَامَ أَمْ صَلَّى زَنَى أَمْ سَرَقَ إِنَّهُ فِي النَّارِ إِنَّهُ فِي النَّارِ[9].
الجواب على هذه الرواية:

 العلَّة في تعذيب الناصبي حتى ولو كان من العباد الزهاد هي تركه ولاية آل الله تعالى التي هي أصل أصيل في أصول العقيدة عندنا نحن الإمامية حيث يترتب عليها بقية الأصول إذ لولاها لما صحت بقية الاصول والفروع من حيث الأسس والأجزاء والشرائط ... ومن المقطوع به أن الولاية داعية إلى التوحيد الخالص والتنزيه الكامل لساحة الله تعالى عن الظلم والحيف في الحكم وتنزيه الأنبياء عن المعاصي والأخطاء وغيرها من العقائد والاحكام التي اضطرب فيها المخالفون وسلكوا طريق الإعتساف ونسبوا إلى الله تعالى خلف الوعيد والظلم والجسمية وأنه يُرى يوم القيامة كرؤية القمر في ليلة كماله، كما نسبوا إلى الأنبياء الكفر قبل البعثة وبعد التبليغ بل وحال التبليغ أيضاً كما في قصة سهو النبي (وحاشاه من ذلك) في صلاة الظهر ونومه عن صلاة الصبح ... إلى آخر ما في طواميرهم العقائدية والفقهية من مخالفات قطعية لأصول التوحيد والشرائع والسنن والأحكام، كما لا يخفى ما صدر من طواغيتهم الذين جعلوهم خلفاء فحرموا حلال الله وحللوا حرامه ولبوا دين الله تعالى رأساً على عقب ليرجعوا الإسلام إلى عهد القرون الاولى وجاهلية العرب وتقاليد العجم والتي منها بدعة عمر بن الخطاب بالتكفير وهو تكتيف اليدين بوضع إحداهما على الأخرى على البطن أو الصدر حال الصلاة....وقد ابتدعها لما دخل عليه أسارى العجم فاستحسنها في الصلاة وغيرها من بدعه وبدع فصيليه أبي بكر وعثمان....والحاصل :إن الله تعالى يسأل العبد عن عقيدته قبل أن يسأله عن عمله، والصوم والصلاة وبقية الأحكام هي فروع وليس أصولاً، فلا يصح عقلاً أن يسأله عن الفرع وهو تارك للأصل فإنه قبيح يتنزه عنه المولى تبارك ذكره..... والله العالم.

د - عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ سَمِعْتُ مَوْلَايَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سلام الله عليه يَقُولُ مَنْ ضَحِكَ فِي وَجْهِ عَدُوٍّ لَنَا مِنَ النَّوَاصِبِ وَ الْمُعْتَزِلَةِ وَ الْخَارِجِيَّةِ وَ الْقَدَرِيَّةِ وَ مُخَالِفِ مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ وَ مَنْ سِوَاهُمْ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ طَاعَةً أَرْبَعِينَ سَنَةً[10]
الجواب على هذه الرواية:

الأخبار في كفر المخالفين فاقت التواتر ـــ وقد فصّلنا ذلك في بحثنا الفقهي الإستدلالي في كتابنا معنى الناصبي فليراجع ـــ والكافر لا يقبل الله تعالى منه صوم وصلاة وغيرهما من العبادات وأعمال البر، لان الثواب على الإيمان وحيث لا إيمان عند المخالف باعتباره منكراً للضرورات الدينية القطعية عندنا فلذا يحكم بكفره وعدم قبول شيءٍ من عباداته ... وحيث إن النواصب أشر خلق الله تعالى فمجرد التبسم بوجه واحد منهم بنية الرضا عنه يستوجب حبط عمل أربعين سنة، ولا يراد من الحبط عدم الثواب مطلقاً بل يراد منه تنقيص الثواب الكامل، أو لعلَّه يراد منه بطلان الثواب عن عمل أربعين سنة ـــ إبطالاً حقيقياً لا كمالياً ــ شريطة أن يكون الضاحك بوجه الناصبي بنية رضاه عن إعتقاده الخبيث ببغضه لأهل البيت عليهم السلام، وهو ما نراه اليوم من أكثر بترية هذا العصر من الشيعة النواصب الذين نصبوا للموالين العداوة وتقربوا من أعداء آل الله تعالى وشيعتهم، فجعلوهم إخوةً لهم لموافقتهم لهم في عقائدهم كما نلاحظه اليوم في أتباع الوحدة في إيران ولبنان والعراق والبحرين والكويت فإن هذه البلدان تأثرت كثيراً بدعوة النظام الإيراني ــ أقصد نظام ولاية الفقيه القائمة على سحق الولاية لأهل البيت عليهم السلام وتبديل أحكامهم ـــ الى الوحدة بين الشيعة والمخالفين فباء وا  بغضب من الله وسوء المصير وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون...
وأما الجواب عن بقية الأخبار فبما يلي:

ذ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زِيَادٍ وَ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى قَالَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ سلام الله عليه أَسْأَلُهُ عَنِ النَّاصِبِ هَلْ أَحْتَاجُ فِي امْتِحَانِهِ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ تَقْدِيمِهِ الْجِبْتَ وَ الطَّاغُوتَ وَ اعْتِقَادِ إِمَامَتِهِمَا فَرَجَعَ الْجَوَابُ مَنْ كَانَ عَلَى هَذَا فَهُوَ نَاصِبٌ[11].
الجواب:
هذا الخبر الشريف منضماً إليها صحيحة عبد الله بن سنان عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحداً يقول أنا أبغض محمداً وآل محمد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا" وفي معتبرة المعلى بن خنيس قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:" ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحداً يقول أنا أبغض آل محمد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وتتبرأون من أعدائنا"...هذه الأخبار الشريفة وأمثالها هي المحددة للمفهوم العام للنصب والعداوة لأهل البيت عليهم السلام وأنه أعم من كونه معادياً لذوات أهل البيت عليهم السلام فحسب بل يتعداه إلى من نصب لشيعتهم العداوة والبغضاء لإنتسابهم إليهم صلوات الله عليهم، وليس هناك أخبارٌ أوضح منها في تحديد ماهية الناصبي،فالعجب ثم العجب ممن لم يجعلها دليلاً على نصب عامة المخالفين إلا المستضعفين منهم ،ـــ والمستضعف هو من لم يوالِ خلفاء الجور ولا يعادي أهل البيت عليهم السلام ولا شيعتهم ـــ  وقد أفصحت الأخبار عن تحديد مفهوم المستضعف في أصول الكافي الجزء الثاني منه وقد فصّلنا حقيقة الناصبي في بحثنا الفقهي الموسوم بــ( معنى الناصبي وحرمة التزاوج معه) وهو منشور على موقعنا فراجعوه... وقد عممنا الحكم بالنصب والعداوة لجميع المخالفين إلا ما استثناه الدليل وهو المستضعف الذي نقحنا مفهومه طبقاً لما جاء في أخبارنا الشريفة التي هجرها فقهاء عُرِفوا بشهرتهم الكبيرة وكثرة أتباعهم ولكنهم عند الله تعالى وحججه الطاهرين عليهم السلام صغار جداً، قلنا قال: آل الله تعالى، وقال هؤلاء العلماء: قالت عقولنا الموافقة للمخالفين، وصدق ما جاء في الصحيح عن مولانا الإمام المعظم الحسن العسكري عليه السلام كاشفاً لأبي هاشم الجعفري عن حقيقة فقهاء آخر الزمان قال:" يا أبا هاشم الجعفري سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة متكدرة، السنة فيهم بدعة والبدعة فيهم سنة، المؤمن بينهم محقر والفاسق بينهم موقر، امراؤهم جاهلون جائرون  وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء وأصاغرهم يتقدمون على الكبراء وكل جاهل عندهم خبير وكل محيل عندهم فقير لا يعرفون الضأن من الذئاب، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض لأنهم يميلون إلى الفلسف والتصوف، وأيم اللهِ إنهم من أهل العدول والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا ويضلون شيعتنا وموالينا، إن نالوا منصباً لم يشبعوا عن الرشاء وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين فمن أدركهم فليحذرهم وليصن دينه وإيمانه...." مستدرك الوسائل باب الجهاد حديث رقم 13308.......والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمته وبركاته
ر - نَصْرُ بْنُ صَبَّاحٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ بَشَّارٍ الْوَشَّاءِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: دخلت [دَخَلَ‏] الْكُمَيْتُ فَأَنْشَدَهُ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ وَ يَكْرَهُ سَفْسَافَهَا فَقَالَ الْكُمَيْتُ يَا سَيِّدِي أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَ كَانَ مُتَّكِئاً فَاسْتَوَى جَالِساً وَ كَسَرَ فِي صَدْرِهِ وِسَادَةً ثُمَّ قَالَ سَلْ فَقَالَ أَسْأَلُكَ عَنِ الرَّجُلَيْنِ فَقَالَ يَا كُمَيْتَ بْنَ زَيْدٍ مَا أُهَرِيقَ فِي الْإِسْلَامِ مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ وَ لَا اكْتُسِبَ مَالٌ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ وَ لَا نُكِحَ فَرْجٌ حَرَامٌ إِلَّا وَ ذَلِكَ فِي أَعْنَاقِهِمَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا وَ نَحْنُ مَعَاشِرَ بَنِي هَاشِمٍ نَأْمُرُ كِبَارَنَا وَ صِغَارَنَا بِسَبِّهِمَا وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُمَا[12].
الجواب:
لا غبار على مضمون الرواية المتقدمة باعتبار موافقتها للأصول عندنا حيث إن أبا بكر وعمر بدلا أحكام الله تعالى فحللا حرامه وحرما حلاله وأفسدا دينه وظلما عباده، ولو لم يكن إلا اعتداؤهما على أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين عليهما السلام لكفى في إخراجهما من الإسلام مع أنهما لم يكونا مسلمين باطناً بل كانا كافرين يعبدان الأصنام ويشربان الخمور ويرتكبان الفجور، ومن كان بهذا المستوى من الإفساد والإضلال والظلم والنصب والعداوة  فيجوز الإنتقاص منه  ولعنه وتجب البراءة منه، والإنتقاص هو السب....والسلام.
السؤال 4: ما هو موقفکم الشريف بشأن من يشکّک في ظلامات صدّيقة الشهيدة سلام الله عليها کالسيّد محمّد حسين فضل الله و من يدعم هذا الخطّ الباطل؟.
الجواب:
كلُّ من يشكك في ظلامات سيّدة النساء الصدّيقة الكبرى الشهيدة المظلومة صلوات الله عليها ولعن الله ظالميها هو فاسقٌ وضال مضل،بل هو مرتد عن دينهم وداخل في دين غيرهم وكافر بظلاماتهم وذواتهم الشريفة وأخبارهم، وما الحكم عليه بالإرتداد والكفر إلا لإنكاره الأخبار الكثيرة الكاشفة عن شهادة وظلامات مولاتنا الطاهرة الزكية عليها السلام وتبرئة قاتليها وهما أبو بكر وعمر... وإنكار الظلامات تماماً كإنكار الفضائل يوجبان الكفر فلا فرق بين المنكر للظلامة وبين المنكر للفضيلة، فكلاهما سيان في الكفر بسبب ما يستبطنان من الإنكار الموجب للكفر كما تواترت به الأخبار المؤيدة لآيات الكتاب الكريم... وما إنكار الظلامة إلا لحسن الظن بأبي بكر وعمر  لا سيَّما محمد حسين فضل الله حيث له سوابق كثيرة في إنكاره للضرورات القطعية عندنا نحن الإمامية، فله منهج فقهي وعقدي أشعري وهابي، فالرجل لا علاقة له بالمنهج الإمامي، فهو بنظرنا كافر وكل من يسلك طريقه هو مثله في الضلالة والكفر...والسلام عليكم.
5. الخصال (مؤسّسة النشر الإسلاميّة)، الجزء1، باب الثلاثة، من لم يحب عترة النبي صلّي الله عليه و آله و سلّم فهو لإحدى ثلاث، الصفحة110، الحديث82
الجواب:
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من لم يحب عترتي فهو لإحدى ثلاث إما منافق وإما لزنية وإما امرءٌ حملت به أمه في غير طهر"... وهذا الحديث وما بعده من أحاديث وردت في أسئلتكم الكريمة كلها تصب في خانة واحدة وهي أن مبغض سادة الورى وسفن النجاة هو خبيث الولادة لما ورد في الأخبار من أنه لا يحبهم إلا طاهر المولد ولا يبغضهم إلا خبيث المولد لأن الطاهر لا يهوى إلا طاهراً ، والخبيث لا يهوى إلا الخبيث قال تعالى] الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم[ .
 

السؤال الرابع:هل ترون الولاية للفقاء الکرام زيد عزّهم العالي في عصر الغيبة، هل ترون الولاية للفقيه الواحد أم للفقهاء، و هل ولاية الفقيه أو الفقهاء مطلقة أم مقيّدة، و هل يجوز لفقيه منع فقيه آخر من إبداء وجهة نظره في المسائل الفقهيّة و الإجتماعيّة و السيّاسيّة، و اذا کان الفقيه حاکماً علي المسلمين و بيده زمام السلطة هل يجل علي غيره من الفقهاء أن يطيعوا حکمه، ما هو نوع الحکم في الإسلام، و هل يجوز الإستبداد في الحکم، و کيف تتعامل الدولة الإسلاميّة مع الدُوَل المجاورة؟

بسمه تعالى
 

      الظاهر بل الاقوى عندنا أنه لا ولاية مطلقة أو عامة للفقيه الواحد كما لا ولاية للفقهاء المتعددين كمجموع في الشورى الولايتية، بل الثابت من الولاية له هو الولاية المقيدة بأمور خاصة أو الجزئية على الأمور الحسبية التي تؤتى قربةً وحسبةً إلى الله تعالى كتولي الأوقاف التي لا وليّ لها وولاية شؤون الايتام الذين لا معيل لهموما شابه ذلك، ولا يجوز شرعاً لفقيهٍ أن يمنع فقيهاً آخر من إبداء وجهة نظره في المسائل الفقهية والإجتماعية وغيرها بمقتضى قوله تعالى ] لا إكراه في الدين[ ] وأمرهم شورى بينهم[ فالآية الأولى تدل على حرية إبداء النظر الفقهي والعقدي من دون إجبار أو إستبداد، والآية الثاني تدل على جواز إبداء النظر في الأمور السياسية والإجتماعية وكل ما فيه خير ومصلحة تيسر أمور الناس إلى الأحسن....  ولا يجوز للحاكم الذي ينسب نفسه للفقاهة أن يستبد بالفقهاء الآخرين، والحاكم الحالي في إيران ليس فقيهاً أصلاً ونعرف ذلك من فقهه المعوج الذي تضحك منه الثكلى، وعلى فرض كونه فقيهاً ــ وفرض المحال ليس محالاً ــ فإنه ليس عادلاً حتى على الموازين الظاهرية بسبب ما صدر منه من ظلمٍ وحيف على المستضعفين في بلدكم  وبلدنا،  فلا يجوز للفقهاء إطاعته، بل يجب أن يهبوا للإنكار عليه لما يرتكبه من ظلامات بحقّ الشيعة في إيران وخارجها وقد انكوينا بناره في لبنان ولكنَّ الله تعالى غالبٌ على أمره فلقد وقفنا لوحدنا ولا زلنا ـــ بعون الله تعالى وعون الحجج الطاهرين عليهم السلام ـــ للتصدي لحزبه المشؤوم الذي يستبد بالشيعة ومقدراتها بأمرٍ ممن يسمي نفسه بهتاناً وزوراً بوليّ أمر المسلمين.....يجب على الفقهاء والعلماء وبقية شرائح المجتمع الشيعي في عالمنا الشيعي الوقوف بوجه الطغاة من العلماء الشيعة الذين ينسبون أنفسهم إلى العلم والفقاهة..ولا يجوز التهاون والضعف أمام هؤلاء المستبدين.
  وأما نوعية الحكم في الإسلام في غيبة سيِّد الأنام القائم المنتظر عليه السلام وأرواحنا فداه فهو قائم على موازين العدل الإجتماعي وحرمة الظلم وإعطاء كل ذي حق حقه وتأمين فرص العمل والتكافل الإجتماعي والإقتصاص من الظالمين والمجرمين بما يوجب ردعهم بحسب القانون المتبع بين الدول الديمقراطية، ونحن لا نحكِّم القانون الوضعي على قانون الشرع المبين ...حاشا وكلا ولكننا عندما رأينا أن إقامة الحدود الشرعية في إيران الشيعية لم تطبق كما أراد الله تعالى وحججه الطاهرون عليهم السلام،  ووجدنا القائمين على نظامها أناساً طبقوا الحدود على مخالفيهم من الشيعة في ولاية الفقيه تشفياً وإنتقاماً لبسط سلطانهم ــ فقتلوا بعض المخالفين لصاحب السلطة الولايتية أو بعض مَنْ رد عليه بفتوى أو رأي ــ وعفوا عمَّن ارتكب جرائم بحق الأبرياء والمستضعفين من النساء والرجال والاطفال بل ثبت لدينا أن السلطات غضت الطرف عن قتلة بعض النساء في سجن إيفين في طهران بعد اغتصابهن وتعذيبهن....
  (والحاصل): إن إقامة الحدود في عصر الغيبة خاصة بالإمام القائم عليه السلام ولم يفوضها لأحد على الإطلاق كما لم يرد نصوص من أئمتنا الطاهرين عليهم فيها شيءٌ مما يدّعي أصحاب نظرية ولاية الفقيه، وما اعتمدوه من أدلة على مدَّعاهم فليست سوى إحتمالات وظنون لا تفيد الظنَّ المعتبر العقلائي والعرفي فضلاً عن الإطمئنان، وقد فندنا نظرية الولاية العامة والمطلقة في بحثنا حول نظرية ولاية الفقيه في الميزان.... ونوعية الحكم في عصر الغيبة تقوم على مبدء التكافل الإجتماعي واحترام الحريات العامة وتأمين فرص العمل كما هو الحال في البلاد الديمقراطية... فإقامة الحدودفي عصر الغيبة ــ كقتل الزانية المحصنة أو جلد غير المحصن والمحصنة وغيرها من الفواحش التي تحتاج إلى شهود وإقتصاص شرعي ــ موكول إلى إمامنا الحجة المنتظر أرواحنا فداه ولا ينوب عنه أحد في إقامة الحدود مهما علا شأنه ولم نرَ إلى الآن من أقام العدل من العلماء في إيران ولبنان ممن حكموا وبسطت لهم الولاية والسلطة بل كان ظلمهم على الموالين من الشيعة أكثر من ظلم عهود بني أمية وبني العباس، فأولئك ظلموا الأجساد وهؤلاء ظلموا الأرواح والتشيع وقلبوا الحلال إلى حرام والحرام إلى حلال تحت عنوان التشيع والدين وحكموا على كل مخالف لحاكمهم بالمروق من الدين والكفر..... فها هو نظام الخامنئي في إيران يساعد نظام البعث السوري في إبادته لكل من ناواه من بقية الطوائف حتى لو كانوا شيعة أو علويين.... وها هو حزب الخامنئي في لبنان يقتل ويعاقب كل من خالفه في رأيٍ أو قول أو فعل.... ويدعمون الكفرة من عبدة الأوثان والسلفية المؤيدين لمقاومتهم في مقابل الشيعة المستضعفين..... فقد استبد هؤلاء في الحكم كما استبد زعيمهم بالشيعة في إيران دون خوف من الله تعالى ولا خجلٍ وحياء من الناس مع وضوح حرمة الإستبداد في الشريعة وقبحه العقلي لدى عامة العقلاء، ولكن هؤلاء استبدوا بالحكم طبقاً للقاعدة التي سنها لهم قادة ولاية الفقيه ومن قبلهم عمر بن الخطاب "الغاية تبرر الوسيلة" كيف لا ؟! وهو ــ أي الخامنئي ـــ أحد دعاة حزب الدعوة الإسلامي المنبثق من حزب الإخوان المسلمين في مصر ولا يخفى على العلماء في إيران ما قام به هذا الرجل من ترجمته لكتاب سيد قطب "في ظلال القرآن" وسيد أحد أركان حزب الإخوان وكتابه مليء بالاضاليل والزندقة وتكفير الشيعة ...فالفرع يحن إلى أصله ..وإن الطيور على أشكالها تقع... وأما سؤالكم عن كيقية تعامل الدولة الإسلامية مع الدول المجاورة لها فجوابه: أين هي الدولة الإسلامية اليوم حتى نجيبكم على حكم تعاونها مع جيرانها بل ومع شعبها...؟! فليس لنا دولةإلا بظهور الحجة عليه السلام، وكل راية تخرج قبل ظهور الإمام الصاحب عليه السلام فصاحبها طاغوت يُعبد من دون الله تعالى كما دلت على ذلك أخبارنا المقدسة التي عبر عنها الخميني بأنها لو كانت مئة رواية لضرب بها عرض الجدار ظناً منه أن بمقدوره أن يقيم حكم الله تعالى كما أقامه أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وكما سيقيمه الإمام القائم أرواحنا فداه..ولكن هيهات ثم هيهات أن تقرن الظلمة بالنور المطلق...!!! والسلام.
 

5. هل هناک فرق بين السبّ و اللعن؟

الجواب: هناك فرق بينهما فالأول هو الشتم والسب والإنتقاص بلا فرق بين من يستحقه أو لا يستحقه، وأما اللعن فهو الطرد من الرحمة لمن استحقه وأبعده الله تعالى عن رحمته من الكافرين والمنافقين والظالمين، وقد لعن الله تعالى في القرآن الكريم فئات متعددة من الناس كقوله تعالى]  إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً[ ] ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين[ ] ألا لعنة الله على الظالمين[ ] يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار[ ]أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون[.
   والسب واللعن جائزان إلا أن اللعن أهم من السب باعتبار أن اللعن يستبطن إعلان البراءة من الظالم والكافر بسبب ما اختاراه من الإنحراف والسلوك العداوني والإجرامي الذي اقترفاه ولا يستهدف الإنتقاص الشخصي من المجرم والظالم وإن كان الإنتقاص منه جائزاً كما ورد في الكتاب الكريم حيث إنه تعالى انتقص من العالم التارك للعمل فشبهه بالكلب والحمار،  قال تعالى ]واتل عليهم نبأ الذي أتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا..[ ] مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين[ وعبر عن الناس المنحرفين بأنهم دواب لا يعقلون وأنهم شر دواب على ظهر الأرض]إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون[ فالمؤمن يقتدي بكتاب الله تعالى والسنة القطعية للنبيّ وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام، وكل حديث ينهى عن السب  لا بد من حمله على محامل تصرفه عن ظاهره ومنه الحديث المروي بأنه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام نهى أصحابه عن ان يكونوا سبابين وما شابه ذلك، فنحمله على الإرشاد وليس الحرمة فنصرفه إلى ما لو أدى السب إلى سب الله تعالى وحججه الطاهرين عليهم السلام بمقتضى قوله تعالى ]ولا تسبوا الذين كفروا فيسبوا الله عدواً بغير علم[ فالسب أدنى رتبة من اللعن فإذا جاز اللعن جاز السب بطريق أولى بالعنوان الأولي شريطة عدم مقابلة الطرف الآخر بالسب وإلا حرم بالعنوان الثانوي بحسب الآية المتقدمة]ولا تسبوا الذين كفروا[ نعم يستثنى من حرمة السب الإبتدائي ما لو كان السب متعمداً من قبل الطرف الآخر المخالف للشيعة فلا يحرم حينئذٍ مقابلتهم بالسب من باب العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم ولقوله تعالى]فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم[، ولما ورد بالمستفيض عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام لمّا سبّه أحد الخوارج أراد أصحاب الإمام عليه السلام أن يقتلوه فقال لهم:" رويداً إنَّما هو سبٌ بسبٍ أو عفو عن ذنبٍ " فقد أجاز لنا صلوات الله عليه أن نسب من يباشر بسبه لما أشرنا إليه من باب المقابلة بالمثل.
  الأخبار نهت نهي كراهة عن السب الإبتدائي ولم تنهَ عن اللعن مع أن السب أعظم من اللعن من حيث الإنتقاص بالمسبوب بعبارات الذم والقدح، وما ذلك إلا لأن متعلق السب دنيوي، واما متعلق اللعن فأخروي باعتباره دعاءً إلى الله تعالى بأن يطرد الملعون من رحمته الأخروية ويدخله في عذابه، والحمد لله رب العالمين..والسلام عليكم.
 

ما هي أهمّية فدک بالنسبة للخلافة؟
 

الجواب
تكمن أهميتها من نواحٍ ثلاث:

(الناحية الأولى): فضح الصحابَين المنافقين وتعريتهما على حقيقتهما لمَّا اغتصبا منها فدكاً التي هي حقٌّ شخصي لمولاتنا الصدِّيقة الكبرى الشهيدة المظلومة عليه السلام، فلم يكتفيا بإغتصاب فدك حتى  كذباها وطلبا منها شهوداً لإثبات كونها ملكاً خاصاً لها من أبيها وكانت تحت يدها ولها وكيل عليها، وقد كان اغتصابهما لفدك وتكذيبهما لسيّدة النساء صلوات الله عليها فضيحة كبرى لهما بسبب إهانتهما وتكذيبهما للسيدة الكبرى الطاهرة عليها السلام التي نزهها الله تبارك شأنه في كتابه الكريم عن الخطأ والكذب في آية التطهير والمباهلة وسورة الدهر، كما نزهها تعالى على لسان نبيِّه محمد صلى الله عليه وآله وأنها بضعة منه وأن الله تعالى يرضى لرضاها ويسخط لسخطها... ومع كل هذا فقد كذباها وقتلاها عليهما لعنة الله تعالى والملائكة والناس أجمعين.
(الناحية الثانية): أن مطالبة السيدة الصديقة الكبرى عليها السلام لأبي بكر بردّ فدكٍ المغصوبة تستلزم ردّ الخلافة المغصوبة، فكلاهما ــ أي فدك والخلافة ــ مغصوبان ، وكلاهما حقان شخصيان باعتبر أن الخلافة حق خاص بأمير المؤمنين والأئمة الأحد عشر من ولده جعله الله تعالى لهم فلا يجوز لغيرهم تقمصه وإدعائه.. من هنا ورد بأن سبب مطالبة مولاتنا الزهراء عليها السلام بفدك إنما كان وراءه مطالبتها برد الخلافة لأصحابها.... وهو ما كرره مولانا الإمام المعظم موسى بن جعفر عليهما السلام على الحاكم العباسي المهدي لما أعلن رد المظالم إلى أهلها دخل عليه الإمام موسى الكاظم عليه السلام ولم يرد مظالم الإمام الكاظم عليه السلام فقال له: ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال العباسي: وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: فدك، قال: حدها لي، فقال له: حدٌّ منها جبل أحد وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل، فقال له العباسي: كل هذه حدود فدك؟ قال الإمام عليه السلام: نعم...فتغير العباسي وبدا الغضب على سحنات وجهه فقد أعلن له الإمام عليه السلام أن جميع أقاليم المملكة الإسلامية قد أخذت منهم، فانطلق المهدي العباسي قائلاً: هذا كثير أنظر فيه.."... وهكذا كان موقف سيدتنا الصدّيقة الكبرى عليها السلام فإنها أرادت من وراء مطالبتها لفدك شيئاً أعظم من فدك وهي الخلافة التي تقمصوها كذباً وظلماً.
(الناحية الثالثة): إظهار جهلهما بكتاب الله وسنة نبيِّه الكريم صلى الله عليه وآله حيث إنهما ــ أي أبي بكر وعمر ــ إدّعيا الخلافة الربانية وهما جاهلان بأبسط الأحكام الفرعية وهي توريث البنت من تركة أبيها حتى لو كانت التركة درهماً واحداً، فقد ورثت إبنتاهما منهما في حين منعا إبنة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله من وراثة أبيها، وورَّثا نساءَ النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله ومنعا الإرث عن إبنة النبيّ التي هي أقرب إليه منهن.... فكيف ترث النساء الأباعد من الناحية النسبية وتمنع إبنته التي هي أقرب بالنسب منهن بل انحصر نسبه بها إذ ليس له منهن أولاداً، فليس عنده إلا سيدتنا الحوراء فاطمة عليها السلام...!!؟؟ فأرادت صلوات الله عليها كشف زيفهما وأنهما من أجهل المسلمين بأحكام الله تعالى وبالتالي فكيف ينصبان نفسيهما خليفتين بعد النبي محمد صلى الله عليه وآله وهما لا يعرفان حكماً شرعياً نزل فيه قرآن ووضحته السنة وعمل به المسلمون.... ؟!.
  ما أشرنا إليه من النواحي الثلاث على أهمية المطالبة بفدك هي أهم ما يمكن إستنباطه من فعل سيدتنا الطاهرة الزكية صلوات الله عليها، وثمة نواحٍ أخرى يمكن إستخراجها من خلال التأمل بفعلها المحكم الدال على عظيم حكمتها وجلالة أمرها وشدة طهارتها وكبر عصمتها... فلعن الله تعالى ظالميها وقاتليها والراضين بسنّ الظلم عليها وإنكار ظلاماتها.... اللهم ثبتنا على ولايتها واجعلنا فرسان الهيجاء للذود عن حياضها وظلاماتها وعصمتها بالقائم من أولادها الطاهرين عليهم السلام...والسلام عليكم ورحمته وبركاته.

7. ما هو نظرکم الشريف حول زيارة الجامعة، هل هي ثابتة عندکم؟
 

بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمته وبركاته

     الزيارة الجامعة الشريفة صحيحة سنداً ودلالة، وتغني دلالتها عن البحث في سندها لما في الدلالة من قوة الإعجاز البلاغي الذي لا يقدر عليه إلا الرسل المطلعين على عوالم الغيوب، ومع كلّ ذلك فنحن نصحح السند بسبب ضعفٍ وقع في الراوي موسى بن عبد الله النخعي عند بعض الرجاليين، وتصحيحنا له على وجه الخصوص وللسند على وجه العموم من خلال وجوه:
(الوجه الأول):
من جهة تصحيح موسى بن عبد الله النخعي الذي صححه الصدوق الراوي للزيارة الجامعة الشريفة حيث آلى على نفسه أن لا يروي إلا عن الثقاة حيث جعل كتابه "من لا يحضره الفقيه" حجةً بينه وبين الله تعالى، فإعتماده على على الزيارة الجامعة من المرجحات عندنا بل هي من القرائن المقوية لصحة سندها، والإعتماد على القرائن المقوية والمصححة هي أحد الالأمور المرجحة للأخذ بالرواية سنداً ومتناً.
(الوجه الثاني): جهالة موسى بن عبد الله النخعي عند الرجاليين لا يستلزم دائماً طرح الرواية، إذ ليس كلُّ خبرٍ ضعيفٍ سنداً يجوز طرحه وإهماله فإن ذلك من المحرمات بحسب ما ورد في الأخبار الناهية عن طرح الخبر الضعيف سنداً ما دام لا يخالف كتابَ الله تعالى وسنَّةَ نبيّه وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام، فإن الأخبار امرت بعرض متون الأخبار على كتاب الله تعالى ولم تأمر بعرض السند وإن لقوة السند إعتبار في نسبة الأخبار إليهم ولكنه إعتبار نسبيٌّ بالقياس إلى متن الخبر وموافقته للأصول عندنا نحن الإمامية، فالحجية دائماً للدلالة وليست للسند، من هنا جاء في  صحيحة أبي عبيدة الحذاء المروية في أصول الكافي /الجزء الثاني باب الكتمان ح 7 عن مولانا الإمام المعظم أبي جعفر عليه السلام قال:" والله إن أحبَّ أصحابي إليَّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا وإن أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم للذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يقبله إشمأز منه وجحده وكّفر من دان به وهو لا يدري لعلَّ الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند فيكون بذلك خارجاً عن ولايتنا".... فليس كل خبر ضعيف يجب طرحه بل الواجب طرحه إنما هو الخبر المخالف للكتاب والسنة المطهرة والمتوافق مع أخبار العامة العمياء، وعلى فرض التسليم بوجوب طرح كل خبر ضعيف سنداً فهو خاص بأخبار الفقه المتعلق بالفروع ولا يشمل أخبار الفضائل والظلامات والمعاجز والكرامات وغير ذلك مما ليس له علاقة بالحكم الشرعي الفرعي.. كل هذا على مسلك القائلين بحجية الخبر الثقة دون الخبر الموثوق الصدور الذي نعتبره حجة شرعية في الفروع والأصول كما سوف نطلعكم عليه في الوجه الثالث.
  وبما تقدَّم يتضح لكلّ منصف ومتأمل بأن سند الزيارة ليس عائقاً بوجوب الأخذ بمتنها المعجز الذي يجبر ضعفها السندي على فرض حصوله لدى البعض، فلا يجوزلهم التغاضي عن المتن بحجة ضعف السند وما ذلك إلا لقلة بضاعتهم العلمية وضعف إدراكاتهم الإعتقادية بأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام.
(الوجه الثالث): يكفي في تصحيح سند الزيارة الجامعة الكبرى على صاحبها آلاف السلام والتحية هو أن نقول بأن الحجية ليس في الخبر الثقة حتى يدَّعى ضعف سندها بالنخعي، والحجية إنّما هي في الخبر الموثوق الصدور الذي دلت عليه القرائن والمرجحات وهو مسلك المتقدّمين من أعلام الإمامية وهو الموافق للكتاب والأخبار الشريفة والسيرة العقلائية التي جرت على الأخذ بالخبر الموثوق الصدور وإن لم تحرز وثاقة الراوي لأن وثاقة المخبر طريق إلى إحراز صدق الخبر، ولا ملازمة بين وثاقة الراوي وكون الخبر موثوقاً بالصدور، إذ ربَّما يكون الخبر رواه الثقة ولكنه ليس موثوقاً بصدوره لقيام الأدلة على بطلانه أو لمخالفته الصريحة لكتاب الله وسنَّة نبيّه الكريم صلَّى الله عليه وآله...وبالتالي فإن الحجية تدور مدار الوثوق بالصدور الكاشف عن صحة صدوره من المعصوم عليه السلام، ومن هذا القبيل ما نحن بصدده بشأن الزيارة الجامعة  التي أفصحت الفاظها العالية المضامين وما تحويه من أسرار عظيمة في المعارف الإلهية والولوية بحيث يقطع العارف بأصول البلاغة والمعاني والعقيدة بأنها من إنشاء المعصوم عليه السلام ولا يمكن صدور مثلها عن غيره...
(الوجه الرابع): جهالة سند الزيارة بموسى بن عبد الله النخعي مجبور بعمل المشهور  للقاعدة الأصولية المعمول بها لدى المشهور ومفادها :" إن الخبر الضعيف ينجبر بعمل المشهور " ونفس عملهم يعتبر توثيق عملي للمخبر به فيثبت به كونه ثقةً، فنفس العمل بالخبر هو قرينة لإثبات صحته إلا أن يصادم الكتاب أو السنة القطعية فيطرح ساعتئذٍ.....
  بما تقدَّم يتضح بأن الزيارة الجامعة صحيحة سنداً ودلالةً ن والدعوى بضعفها دونها خرط القتاد، والسلام عليكم ورحمته وبركاته

8. ما رأيکم الشريف في التطبير و اللطم، هل التطبير و اللطم داخل تخت عنوان البدعة لأنّ المعصومين: لم يلطموا و لم يطبّروا، هل التطبير و اللطم يشوه المذهب، هل حکمهما يغيّر بتعييب المخالفين و المعاندين؟
 

بسمه تعالى
السلام عليكم

 

     الظاهر من الأدلة هو جواز التطبير واللطم بل الأقوى عندنا أنهما من مصاديق إحياء أمر الإمام المعظم سيِّد الشهداء أبي عبد الله الحسين صلى الله عليه وآله ومن مصاديق الشعائر الحسينية على صاحبها آلاف السلام والتحية، وقد تميزنا عن غيرنا من الأعلام في تنقيح الشعيرة والإحياء في كتابنا الموسوم بــ :" ردّ الهجوم عن شعائر الإمام الحسين المظلوم عليه السلام "  ولا علاقة للبدعة بما ثبت شرعاً وبالدليل على صحة اللطم والتطبير ، فهما داخلان في ضمن الأدلة المستنبطة لا أنهما خارجان منها حتى يدَّعي بعض الجهلة بأنهما بدعة، فتعريف البدعة هو: إدخال شيءٍ في الدين ليس هو من الدين أو إخراج شيء من الدين هو من الدين" وحيث إن التطبير واللطم جائزان بمقتضى الأدلة الدالة على جوازهما ــ كما أشرنا ـــ فلا يعدان بدعة، بل من ادّعى بدعتهما هو من جاء بالبدعة لإخراجه لهما من الدين من دون دليلٍ معتبرٍ شرعاً ونعت المفتين بحليتها بأنهم مبدعون لا لشيءٍ سوى لأن التطبير لم يكن معهوداً في عصور الأئمة الطاهرين عليهم السلام، ولو  لاحظنا دليله على دعواه الساذجة نرى وضوح هشاشتها ما يستلزم عدم تحصيله وعدم إدراكه لمعنى البدعة وعدم خبرته في قضايا الإستدلال والإستنباط، وقد فندنا دعواه في كتابنا رد الهجوم.... بالإضافة إلى أن مجرد عدم تطبير المعصومين عليهم السلام في عصورهم لا يستلزم الحرمة عقلاً وشرعاً، إذ ليس ثمة ملازمة بين عدم تعاطيهم للتطبير وبين حرمته، فليس كل ما لم يكن موجوداً في عصورهم يجب أن يكون محرّماً وإلا لحرم كثير من الموضوعات التي لم يكن أئمتنا الطاهرون عليهم السلام يتعاطونها أو يدعون إليها، فدعوى تحريم التطبير لأنه لم يكن يتداوله الأئمة الطاهرون عليهمالسلام أو أحد شيعتهم يجب أن تنقلب عليه بسبب عدم تداول الكثير من فتاويه التي أفتى بحليتها مع أنها لم تكن متداولة في عهودهم...!  فالعجب منه كيف يفتي بحليتها مع تداول الأئمة عليهم السلام لها..؟؟! بل لاحظنا بعض فتاويه ثبتت حرمتها بالدليل القطعي من الكتاب والسنة وسيرة المتشرعة والمتدينين ومع هذا كله فقد حللها من دون دليل كتحليله للشطرنج الذي دلت على حرمته الأخبار المتواترة، فقبل أن ينعتنا بالبدعة فلينعت نفسه بالبدعة وتحليل حرام الله تعالى وتحريم حلاله..؟؟!!.
    ودعواه على حرمة اللطم  بدعوى أن أهل البيت عليهم السلام لم يلطموا مصادرة على المطلوب بل العكس هو الصحيح لأنهم عليهم السلام أمضوا لشيعتهم جواز ما هو أعظم من اللطم وهو خمش الوجوه ونطح الرؤوس.... وقد روى أصحاب المقاتل ما ذكرناه بمرأى من نظر الإمام السجاد عليه السلام الذي أمضى كل ما صدر من عماته وأهل بيته بل أنه أمضى ما فعله أهل المدينة حيث نتف الرجال لحاهم وخمشت النساء وجوههن ولطمن خدودهن لمَّا وصل موكب السبايا إلى المدينة، ولم ينكر الإمام السجاد عليه السلام ذلك عليهم ، وهذا يدل على تقريره لما فعلوه وأنه عمل جائز ومطلوب شرعاً... بالإضافة إلى إمضاء بقية أئمتنا الطاهرين عليهم السلام جميع ما صدر من السبايا وغيرهن حزناً على الإمام المظلوم عليه السلام من اللوازم المترتبة على الحزن على سيد الشهداء عليه السلام.....مع ما ورد من ندبة مولانا الإمام الأعظم بقية الحجة بن الحسن عليهما السلام وأرواحنا فداه صباحاً ومساءً ويبكي جده بدلاً من الدموع دماً... بالإضافة إلى كل ما ذكرنا فإن الأصل المحكم قاضٍ بحلية اللطم والتطبير في حال الشك بالحرمة ما لم يأتنا دليلٌ قطعيّ بالحرمة، فإن الأشياء بحسب طبيعتها الأولية محكومة بالحلية حتى يرد العكس لما ثبت في الأخبار بقولهم عليهم السلام:" كلُّ شيءٍ لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه" ، فأصالة الحل محكمة في موارد الشبهات الحكمية بالإجماع والنص ... وأما دعواه بأن التطبير يشوّه المذهب، حيث ربط تحريم التطبير بتشويه المذهب بنظر المخالفين، فدونها خرط القتاد، وذلك لأنه لا ملازمة بين التشوية وبين التحريم مطلقاً، ولبداهة بطلان التلازم المذكور إذ لو فرضنا أن الصلاة أوجبت تشويهاً للمذهب فهل كان على صاحب الدعوى أن يحرم الصلاة لأنها تشوه المذهب أو الدين ؟؟! فليس كل ما يكون مشوهاً بنظر الآخرينيكون محرماً لأن التشويه ليس مطرداً على كل حالات المجتمع الإنساني برمته، إذ ربَّما يكون طقساً من الطقوس أو شعيرة من الشعائرمقبولاً ورائجاً في بلدٍ ولكنَّه غير مقبولٍ عند مجتمع آخر لا يعتقد بشعيرة المجتمع الآخر الرائجة فيه، فوجود طقسٍ أو شعيرة في بلد لا يكون حراماً بالقياس للبلد الذي يحرمها وإلا لحرَّمنا كلَّ عاداتنا وتقاليدنا التي لا يرغب بها غيرنا من المجتمعات الأخرى، وكذلك لحرَّم البلدُ الآخر كلَّ تقاليده وشعائره القومية والدينية لأن المجتمعات الأخرى لا تعتقد بها ، وهو أمر لا يقره عاقل ولا يتفوه به إنسانٌ سويٌّ.، فضلاً عن أن يكون عالماً....!!! فليس لمفهوم التشويه ضابطة كلية حتى يمكن الحكم بواسطتها على كافة المصاديق من الشعائر القومية والدينية في كل مجتمع أو دين أو مذهب... ولماذا لا يحرم المخالفون شعائرهم التي يتداولونها مع أننا لا نعتقدها بل نسخر منهم بسببها، ومع هذا كله لم نسمع عالماً منهم يفتي بحرمة شعيرة ثابتة عندهم لأن الشيعة يسخرون منهم بسببها..!! فلماذا تريد بعضُ القيادات الشيعية التي زعمت لنفسها المرجعية الدينية والفقاهة الشرعية بأن نحرِّم بعض شعائرنا لا لشيءٍ سوى أن المخالفين يسخرون منها مما يوجب تشويه الدين بسبب سخريتهم منا بسببها..؟! فهل لأن التشويه يدور مع شعائرنا ولا يدور مع شعائر غيرنا..؟! ولماذا لا يصغي إلينا المخالفون وتريد هذه القيادات أن نصغي إليها فنحرم ما أحلّه الله تعالى ... أليس التحريم لأجل عيون المخالفين تلاعباً بالدين ومسخ شريعة سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين ؟! وهل هناك سلطة شرعية للعالم أن يحرم ما تجود عليه قريحته لمجرد أن المخالفين ينتقصون منا بسبب بعض شعائرنا..؟؟! مع أن المخالفين ينتقصون من مجمل عقائدنا وأحكامنا فهل يكون ذلك مبرراً لتلك القيادات أوعلماء الوحدة أن يحرموا ما ثبت بالدليل حليته..؟! كلا ثم كلا .... فإن تنقيص المخالفين لشعائرنا لا يبرر لأيّ فقيهٍ كان أن يحرّم ما أحله الله تعالى أو يحلل ما حرّمه الله تعالى،فحلال محمد رسول الله  حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، وليس ثمة فقيه حقيقي يحرم حلال الله بل ما نراه أن المحرمين للتطبير واللطم ليسوا سوى أدعياء للعلم والفقه..... كما أن تعيير المخالفين لنا لمجرد تداولنا لشعيرة من الشعائر لا يغيِّر حكمَ الله تعالى ولا يبدله إلى حكم آخر وإلا لتلاعبت الناس بالأحكام الشرعية فلا يبقى حكم إلا ووقع عليه حكم آخر مناهض لحكمه الأولي تحت عنوان:" أننا علينا أن نحرّم بعض الشعائر دفعاً لتعيير المخالفين لنا " وقس عليها من الهرج والمرج بسبب التحريم لأجل إرضاء المخالفين وهو عين الزندقة والمروق من الدين.... والسلام عليكم ورحمته وبركاته.  

 

9. هناک بعض طلبة العلم يشککّون في جواز اللعن و لذلک ينکرون ورود اللعن في زيارة عاشوراء، فما قولکم في ذلک؟. ما حکم التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص، و هل يجوز أن نسلّم لهم الحقوق الشرعيّة و الکفّارات و النذور و ما أشبه ذلک؟ 11. هل اللعن داخلٌ تحت البراءة من أعداء آل محمّد سلام الله عليهم أجمعين؟

بسمه تعالى
السلام عليكم


     التشكيك بورود اللعن في زيارة عاشوراء الشريفة يستلزم التشكيك بأصل الزيارة، لأن أغلب فقراتها مليءٌ باللعن بل هي زيارة خاصة بلعن قتلة أهل بيت العصمة والطهارة والبرائة من أعدائهم، ومن يشكك ليس عنده دليل يثبت لنا فيه عدم صحة اللعن الوارد فيها، فالثابت شرعاً بأن الزيارة بما هي في جميع فقراتها مروية عن أئمتنا الطاهرين عليهم السلام من دون زيادة ونقصان، واللعن الموجود فيها يتوافق مع آيات الكتاب الكريم والأحاديث الطاهرة الدالة على جواز لعن الظالمين والفاسقين، فما الضير في لعن يزيد وعمر بن سعد والشمر والأصنام الأربعة..؟! اللهم إلا أن يكون المانعون من اللعن يحنون إلى أصولهم العمرية واليزيدية فيستشكلون بوروده في الزيارة كما صرنا نسمع اليوم فتوى الخامنئي بحرمة لعن الصحابة والتعرض لهم ولعائشة، وما ذاك إلا لأن هذا الرجل من الدعاة إلى دين العامة والمتأثرين بفقههم وعقائدهم.... والشك حالة عدمية هي بمنزلة الكفر لأن الكفر هو الإنكار، ولغةً هو الستر والتغطية، وكأن المنكر للعن في زيارة عاشوراء يستر ويغطي على الظالمين ظلمهم ويبرءهم من ظلمهم لآل محمد عليهم السلام، فيجب على المتصف بها أن يرفعها من نفسه وإلا أوصلته إلى ما هو أعظم من الشك في فقرات اللعن في زيارة عاشوراء، ومتى كان الشكُّ قاعدة أو أصلاً فقهياً أو عقدياً حتى يبنوا عليه أحكاماً شرعية فينكرون اللعن لمجرد شكهم بوروده في الزيارة..؟؟! ألم يدرسوا القواعد الفقهية والأصولية التي مفادها عدم جواز العمل بالشك الطارئ على الحالات الوجودية الشرعية..؟! أليس الأصل يقتضي نفي الشك في حالة عروضه والعمل بعكسه وكأنه لم يكن هناك شك..؟! فالثابت منذ عهود أئمتنا الطاهرين عليهم السلام هو وجود اللعن في الزيارة وعليه جرت سيرة المتشرعة والمتدينين ولمينكر واحد منهم ذلك، ما يعني أن هذه السيرة المتصلة بسيرة الأئمة الطاهرين الذين واظبوا على لعن أعدائهم وحثوا شيعتهم على لعن المبغضين لهم ولشيعتهم، ويشهد على ما قلنا كثرة الأخبار بورود اللعن على الأربعة وغيرهم ممن ظلمهم وظلم شيعتهم ويكفي ما ورد في دعاء صنمي قريش الذي لعن فيه أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أبا بكر وعمر وإبنتيهما... فهل ينكر أولئك المشككون تلكم الأخبار أيضاً مع إنكارهم لدعاء صنمي قريش ..؟؟! وإذا أرادوا إنكار كل ذلك فلِمَ لا ينكرون الآيات الآمرة بلعن الظالمين والشجرة الملعونة في القرآن وهي كما جاء في بعض الأخبار أبو بكر وعمر وبنو أمية...؟! .
 وكلُّ من يفتي أو يعتقد بحرمة لعن الظالمين أو يستشكل أو يشك بورود اللعن في زيارة عاشوراء لا يجوز إعطاؤه فلساً واحداً من الحقوق الشرعية والكفارات والنذور إذا كانت مقيدة بالمؤمنين، وذلك لفسق المفتي أو الشاك، بل وكفره أيضاً لإنكاره الضرورة بالبرائة من أعدائهم وإنكار الأخبار المتواترة بلعن أعدائهم لا سيَّما الأصنام الأربعة وحفصة وعائشة، والكافر لا يستحق أن يأخذ من الحقوق الشرعية لتقييدها بالمؤمن الموالي، وغير الموالي لا يسمى مؤمناً، فلا يستحق الإنفاق عليه من حقوقهم المباركة التي لا تنالها إلا النفوس الطاهرة الدؤوبة على ولايتهم والبراءة من أعدائهم، فالشاك بلعن أعدائهم كافر بهم عليهم السلام فهو خارج من ولايتهم عليهم السلام وداخل في ولاية أعدائهم لأن الشك في لعن أعدائهم يساوق إنكار أهل البيت عليهم السلام كما ورد ذلك الوسائل باب حد المرتد عن مولانا الإمام المعظم الصادق المصدَّق عليه السلام قال:" من شكَّ في كفر أعدائنا والظالمين لنا فهو كافر " فمن شك بلعن أعدائهم هو شاك في أخبارهم المتواترة فلا يصدق عليه أنه من شيعتهم لأن الشيعي هو من اتصف بحبهم والولاية لهم مع البرائة من أعدائهم، والبراءة تستلزم لعن أعدائهم لا الشك بورود اللعن لأعدائهم، فالشك في ورود اللعن يقتضي حسن الظن بأعدائهم، ]ومن يفعل ذلك يلق آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً [.... وأما سؤالكم عما إذا كان اللعن داخلاً تحت البراءة من أعدائهم... فجوابه: نعم هو داخل في مصاديق البراءة من أعدائهم بل هو من أبرز مصاديق البراءة ولا تتحقق البراءة إلا بلعن أعدائهم والظالمين لهم ولشيعتهم الموالين، وهو ما أشارت إليه فقرات متعددة من زيارة عاشوراء الشريفة والزيارة الجامعة المطهرة كما في قول مولانا الإمامالهادي عليه السلام في الزيارة الجامعة:] برأت إلى الله من أعدائكم ومن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم الجاحدين لحقكم والمارقين من ولايتكم والغاصبين لإرثكم الشاكين فيكم المنحرفين عنكم ومن كل وليجة دونكم وكا مطاع سواكم ومن الأئمة الذين يدعون إلى النار... [ فهل ثمة عبارة أبلغ من براءة الإمام عليه السلام من الشاكين فيهم وفي ظلم من ظلمهم الغاصبين لحقوقهم..؟! والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
 

12کيف ينظر الإسلام إلي السجين؟ 
 

بسمه تعالى
السلام عليكم

 

     لقد خالف المسلمون شرائع الدين في المعاملات والعبادات، لا سيما القيمون من حكام الشيعة في عصرنا الحاضر فلم يراعوا الأحكام مع أن المشرفين على الحالة الشيعية اليوم هو اناس يعتبرون أنفسهم علماء ولكنهم في الواقع أصحاب سطوة وجبروت لا تعرف قلوبهم الرحمة، فبطشوا بمعارضيهم اشدَّ البطش ونكلوا بهم تنكيلاً حتى صار السجن عند السجين أقرب إلى الموت من الحياة في حين أن الإسلام اعطى كل الحقوق للسجين ولم يحرمه من حريته وإختياره في جميع المعاملات  من بيع وشراء ورهن وزواج وطلاق وغير ذلك من معاملات يمكن غجراؤها مباشرة في السجن أو عبر وكيله،كما لا يحرم من الزواج في السجن فتأتيه زوجته في السجن الذي هو عبارة عن منزل وليس قفصاً حديدياً كما نلحظه في عامة سجون الدول حتى التي تدعي الإسلام والإيمان والولاء لأهل البيت عليهم السلام وشتان ما بينها وبين أهل البيت عليهم السلام.....إن الإسلام الكريمعزز من معنويات السجين واراد أن يستبدل صفاته الذميمة بصفات حسنة، من هنا أوجب على الحكومات التي تحمل إسم الإسلام أن تقوم بدور المعلّم والمتكفل للسجين بما يرفع النقص عنه فأوجب على القيمين أن يعلموا السجين القراءة والكتابة وبقية الصناعات والحرف التي تؤمن للسجين حال خروجه من السجن حالة الإكتفاء والعيش الكريم من دون أن يلتجئ إلى التسول والإستعطاء من الأغنياء، كما أوجب على الحكومات الإسلامية أن ينفقوا على السجين وعلى عياله لا أن يتركوهم فقراء يمدون أيديهم إلى الناس، كما يجب على الحكومات الإسلامية لا سيما الشيعية منها أن تقوم بتأمين الفرص للعاطلين عن العمل ومنهم المساجين، كما يجب عليها تأمين طلبة العلوم بكل ما يحتاجونه في سبيل خدمة الدين وما نراه اليوم من تحقيرهم لأهل العلم في الحوزات الدينية تقشعر منه القلوب والأفئدة إلا من كان قريباً منهم ومتملقاً لسلطانهم..... فلا طلبة العلوم والعلماء الأتقياء محترمين عند السلطان ولا المساجين ولا عامة الناس المستضعفين ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
لقد كرّم الإسلامُ السجين أفضل تكريم فلم يحبسه في الطوامير أو الغرف المغلقة تحت الأرض بل أمر بسجنه فيما لو استحق السجن لمدة يسيرة بأن يكون في منزل وليس في قفص أو غرفة مغلقة لا ترى النور والهواء الطلق وما شابه ذلك وليس هناك خبر واحد يدل على وجود سجون في حكومة رسول الله وأمير المؤمنين عليّ عليهما السلام، ويشهد لما قلنا بأن إمام المتقين وسيّد الموحدين مولانا أمير المؤمنين عليه السلام قد أمر أولاده بأن يطعموا قاتله إبن ملجم من طعامه ويسقوه من شرابه، كما أمرهم بالإحسان إليه وأنه إذا مات فليقتلوه بضربةٍ واحدة على رأسه كما فعل هو بأمير المؤمنين عليه السلام حيث ضربه على رأسه فقال لإبنه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام كلمته المشهورة:" اضربه ضربةً بالسيف حتى يموت فيها" وفي رواية أخرى قال له :" يا حسن إذا متُّ فاقتله بسيفه" ولم يروِ لنا التاريخ بأنهم عذبوه أو منعوه من حرية التعبير عن رأيه أو استعملوا معه وسائل الضغط النفسي والجسدي كما نشاهده اليوم في سجون من يدّعي أنه على خطى أمير المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام حيث يلاط بالمساجين وتغتصب النساء في سجون المخالفين والبترية من حكام الشيعة في عصرنا الحاضر..... وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين، والسلام عليكم.


13. أغلب الجامعات و الکليّات في هذا العصر تجمع عامل الإختلاط بين الرجل و المرأة و حيث التبرّج و عدم التعفّف من جانبٍ و ضرورة طلب العلم و التواصل العلمي و الحصول علي شهادة للرجل من جانب آخر فما هو الحکم الشرعيّ، ما رأيکم في إلتحاق المرأة بهذه الجامعات؟
 

بسمه تعالى
السلام عليكم

 

     لا يجوز شرعاً إختلاط النساء بالرجال لأن الإختلاط مقدمة لدخول الشيطان بين الجنسين من خلال النظرة والإبتسامة واللقاء والمفاكهة وغير ذلك من مقدمات تدعو للريبة، وقد أمر الله تعالى المرأة بالقرن ــ أي السكون والإستقرار ــ في البيوت في سورة الأحزاب كما أمرهنّ بالحجاب الكامل وهو الجلباب في قوله تعالى ] يا أيها النبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين...[ وأمرهن بالخمار في سورة النور.... فقد أمرهن في كلا الآيتين بستر الوجه حتى لا يُعرفن فلا يؤذين حفاظاً عليهن من أن يهيجنّ الرجال من خلال النظر إلى وجوههن ومحاسنهن فضلاً عن إثارتهن للرجال بكلامهن الناعم وحركاتهن المثيرة، من هنا أوصد الشرع المبين على الرجال وعليهن طريق الريبة ومسالك الرذيلة من خلال الإجتماع المؤدي في أغلب الحالات إلى النظرة ثم الإبتسامة ثم الموعد ثم اللقاء، فحتى لا يقع الطرفان في الحرام أوصد عليهنّ باب الإختلاط سواء في المصانع والمؤسسات والجامعات والمدارس والمساجد والحسينيات والأسواق ....ولم يجز لهنّ  دخول الجامعات المختلطة لأجل تحصيل الشهادة العلمية، نعم لا يمنع الشرع من التعلم في جامعات خاصة بالنساء ، ووجود نسوة في الجامعات لا يمنع الرجل من الدراسة فيها شريطة أن يلتزم بحدود الله تعالى ولا يدخل معهن بأحاديث جانبية تؤدي إلى الإثارة والريبة، هذا كلّه في حال عدم وجود جامعات أخرى لا إختلاط فيها وإلا فلا يجوز له الدخول إلى هذه الجامعات المختلطة..والله تعالى هو العالم.... والسلام عليكم ورحمته وبركاته.

14. ما هو رأيکم الشريف حول الشهادة الثالثة (أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللهِ) و الشهادة بالمعصومين سلام الله عليهم أجمعين في الأذان و الإقامة؟ (مع بيان أدلّتکم التفصيليّة)
15.ما هو رأيکم الشريف حول الشهادة الثالثة و الشهادة بالمعصومين سلام الله عليهم أجمعين (و أشهد أنّ أمير المؤمنين و أولاده المعصومين و فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين حجج الله صلوات الله و سلامه علیهم أجمعين) في التشهّد الصلاة؟ (مع بيان أدلّتکم التفصيليّة.

بسمه تعالى

الجواب

السلام عليكم ورحمته وبركاته
الجواب على السؤال الأول: الدائر حول بيان حكم الشهادة الثالثة لأمي المؤمنين وأبنائه الطاهرين عليهم السلام في الأذان والإقامة... فنقول وبه نستعين:
   الأقوى عند العبد الفقير محمد بن جميل بن عبد الحسين حمود العاملي لزوم إقتران الشهادة الثالثة لمولانا أمير المؤمنين وإمام المتقين عليه السلام بالشهادتين في الأذان والإقامة وغيرهما مطلقاً بل هي شرط في صحة وقبول الأعمال، ونستدل على ذلك  بالوجوه الآتية:
  (الوجه الأول): العمومات والإطلاقات في الكتاب والسنّة المطهرين يدلان على وجود ترابط وتلازم بين فضائل النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، فقد ثبت بالأدلة والبراهين العقلية والنقلية وجوب هذا الترابط الذاتي الذي لا ينفك أبداً لا في أذان وإقامة ولا في تشهد صلاة أو تشهد خارجها.... بل الترابط لا ينفك بين الشهادات الثلاث أبداً، وهو ما أكدت عليه آيات الكتاب الكريم كآية المباهلة"وأنفسنا" وآية التطهير، وآية الإطاعة،بل إن وجوب الشهادة الثالثة هي المقومة للشهادتين السابقتين للثالثة وجوداً ولكنهما متأخرتان عن الشهادة الثالثة رتبةً من حيث إرتباط التوحيد والنبوة والرسالة بحيثية الولاية، إذ لولا الولاية لأمير الموحدين وسيد العارفين وقبلة السائرين مولانا وإمامنا المعظَّم أبي الحسن عليّ أرواحنا فداه وعليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، لما وحّد الله تعالى حقّ توحيده ولولاها لما عُبِد الله تعالى حق عبادته كما في الأخبار الكثيرة، وبالتالي فإن أصل التوحيد والنبوة منبتهما معارف الولاية المترشحة من مولى الثقلين الإمام الأكبر عليّ بن أبي طالب عليهما السلام وبالتالي فإن التساوي بالمكرمات والفضائل يستلزم القول بوجوب تلازم الشهادات الثلاث بلا فصل وطبقاً لقانون التساوي بينهما في الكرامات والمكرمات فإن كلَّ مكرمة كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله ثبتت أيضاً لوصيّه وخليفته وإمام الزمان بعده أمير المؤمنين عليّ عليه السلام  وهو ما أشار إليه ما رواه البرقي عن فيض بن المختار عن مولانا الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله قال:] وما أكرمني الله بكرامة إلا اكرمك بمثلها..[ .
 والحق أن يقال: أن مقتضى مفهوم الحصر هو عموم المكرمة لمولانا الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، ومن مصاديقها الجلية إعلان الولاية له في كل الأوقات والازمنة وفي كل وقت ولا يخرج من عموم المكرمة إلا النبوة التشريعية فقط للحديث المشهور الموسوم بحديث المنزله وهو قول النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله :] يا عليّ أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي[ وهو يتوافق مع آية المباهلة الدالة على أنهما بالدرجة والمنزلة واحدٌ بلا تخصيص، فما يكون للرسول هو للوليّ بلا فصل وإلا لما كانا نفساً واحدة بالفضائل لا بالروح لوضوح أنهما روحان ..!. 
  والحاصل: يتضح لمن تدبر وتأمل في الآيات والأخبار الدالة على فضائل رسول الله وأمير المؤمنين عليهما السلام يحصل له القطع واليقين بمحبوبية التلازم الشرطي في الفضائل بين الشخصين المباركين ولا يمكن الفصل لمجرد ان الشيخ الصدوق أفرط في الطعن على القائلين بالشهادة الثالثة ونعتهم بالمفوضة الغلاة وطعن بالأخبار التي اعتمدها القائلون بالشهادة الثالثة لآل محمد خير البرية في الأذان.... فقد جعلوا فتوى الصدوق كأنها وحيّ يوحي مع علمهم بما اعتقده بحق المعصوم فنسب إليه السهو ونعت المنزهين للمعصوم عن السهو بأنهم صعدوا أول درجة في الغلو... فلست أدري على أي أساس صار وفي أي إتجاه سلك فنسى اعتقاده الباطل بإثبات السهو للمعصوم ثم في ذات الوقت شنَّ حملة شعواء على من اعتمد على الأخبار الدالة على صحة الشهادة الثالثة..!! فيا سبحان الله كيف صارت فتواه كأنها سهم لا يخيب وشمس لا تغيب ونور لا يطفأ ..!!.
  (الوجه الثاني):  ما رواه الطبرسي في الإحتجاج بأسناده عن القاسم بن معاوية قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هؤلاء يروون حديثاً في معراجهم أنه لما أسري برسول الله رأى على العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله أبو بكر الصديق، فقال:" سبحان الله غيّروا كلَّ شيء حتى هذا! قلت: نعم، قال عليه السلام:" إن الله عزَّ وجلَّ لما خلق العرش كتب عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌّ أمير المؤمنين، ولما خلق الله عز وجل كتب في مجراه: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌّ أمير المؤمنين ،ولما خلق الله عز وجل الكرسي كتب على قوائمه: لا إله إلا الله محمد رسول الله ، عليٌّ أمير المؤمنين ، ولما خلق الله عز وجل اللوح كتب فيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌّ أمير المؤمنين، ولما خلق الله عز وجل إسرافيل كتب على جبهته: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليّ أمير المؤمنين، ولما خلق الله عز وجل جبرائيل كتب على جناحيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليّ أمير المؤمنين،....إلى أن قال عليه السلام: فإذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل عليٌّ أمير المؤمنين عليه السلام..".
   ونحن نستفيد من هذه الرواية الجليلة وجوب التلازم بين الشهادة الثالثة والشهادتين المتقدمتين عليها، بخلاف غيرنا من الأعلام حيث استفادوا منها الإستحباب باعتبارها مرسلة محذوفة السند إلا من القاسم بن معاوية المجهول بنظرهم، ونحن كنا قد تماشينا معهم في ذلك ولكننا بعد التدبر والتأمل وجدنا عكس ما ذهبنا سابقاً وذهبوا، وذلك لأن الظاهر من القاسم بن معاوية هو القاسم بن بريد بن معاوية العجلي وهو من أجلاء أصحاب الإمام الصادق عليه السلام وقد وثقه عامة الأصحاب، ومما يؤكد ما أشرنا إليه ــ من أن القاسم بن معاوية هو القاسم بن بريد بن معاوية العجلي ــ هو أمور ثلاثة:
   (الأمر الأول): كثرة رواية القاسم بن بريد العجلي عن الإمام الصادق عليه السلام من دون أن يكون للقاسم بن معاوية ذكر في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، فعند إطلاق لفظ" القاسم بن معاوية" يتبادر منه إبن بريد بن معاوية، لإنحصار لفظ القاسم بن معاوية بالقاسم بن بريد باعتباره الوحيد من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام المسمّى بهذا الإسم، فإطلاقه يوجب إنصراف لفظ القاسم بن معاوية إلى إبن بريد وليس إلى شخصٍ آخر غيره حتى يُدَّعى جهالته وبالتالي إسقاط روايته عن مقام الإستدلال وإقحامها في أخبار التسامح في أدلة السنن، ولم يلتفت الأعلام المنكرين لوثاقة الراوي القاسم بن معاوية إلى أن مورد هذه الرواية الشريفة هو تثبيت ولاية أمير المؤمنين عليه السلام على العرش والكرسي واللوح والماء وجبهة إسرافيل وجناح جبرائيل والسماوات والأرضين والجبال والشمس والقمر ... وهو أمرٌ يضر بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية فاستدعى أتباعهم إلى تحريف مضمون حديث معراج رسول الله بل أنكروا معراجه الجسمي وقالوا بالمعراج الروحي لأجل دفع المكرمة الخاصة بأمير المؤمنين عليّ عليه السلام حتى وصل التحريف إلى دعاء الندبة فاثبت بعض الشيعة عبارة" وعرجت بروحه إلى سمائك" بدلاً من "وعرجت به إلى سمائك" فإذا ما وصل الأمر إلى دعاء الندبة وغيره من الأخبار الدالة على علو فضل أهل البيت عليهم السلام لا سيَّما مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فكيف يطمئن هؤلاء الأعلام إلى تبسيط الأمور غير مبالين إلى عنصر تحريف الأسانيد والتلاعب بها ليسهل النيل من دلالات الأخبار الدالة على علو فضل امير المؤمنين عليه السلام على سائر الخلق أجمعين حتى الملائكة الكروبيين..؟؟!! كما لم يأخذوا بعين الإعتبار عنصر عرض الخبر على بقية الكتاب الكريم والأخبار القطعية الدالين على وجوب ولاية أمير المؤمنين وآله الطيبين الطاهرين وطاعتهم على الخلق أجمعين حتى على جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وجبرائيل وعامة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، فأهملوا الدلالةَ واعتنوا بسند الرواية وهي بضاعة المرضى والكسالى في تحصيل منابع الفقه والعقيدة من مصدرها الحقيقي وهو الكتاب والأخبار الموثوقة الصدور كما سوف نلمح إليه عما قريب بإذن الله تعالى....سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على سادة المرسلين محمد وآله المطهرين عليهم السلام..!!.
   (الأمر الثاني): إن تداول العرف العام لإسم المترجم له إلى القاسم بن معاوية بدلاً من القاسم بن بريد بن معاوية للإختصار هو ما أوجب وقوع الأعلام في الحكم على الرجل بالجهالة، حيث كان العرف العام ينسب الرجل إلى جدّه لأمرين: إما للإختصار والإختزال فيحذفون الأب ويبقون على الجد، وإما لكي يُعرَف أكثر لأن  الشخص قد لا يكون أبوه معروفاً مثلاً ولكن جده يكون معروفاً فينسبونه إلى جده لكي يُعرف، وعلى هذا جرت السيرة العقلائية كما هو متداول اليوم بين العائلات والأسر حيث ينادون الشخص بإسمه وإسم عائلته التي هي على إسم جدّ العائلة نظير عائلة حمود حيث تنسب عائلتنا إلى الجد الأعلى لعائلتنا وهو حمود المتفرع عن النسب الإدريسي في بلاد المغرب العربي، وهكذا نرى اليوم ينادى الشخص بإسمه الفردي منضماً لإسم جد عائلته أو مدينته أو عشيرته.... وهذا الأمر موجود أيضاً في كتب الحديث كما في كثير من الترجم الرجالية التي تُذكر بألقاب أجدادها وتحذف أسماء آبائها نظير إبن الزيات وهو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، وابي الخطاب هو زيد ويكنى محمد بأبي جعفر الزيات، فقد ذكر محمد بلقبه.. وهكذا محمد بن الحسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلي الملقب بفخر المحققين حيث غلب عليه إسم جده الأعلى "مطهر الحلي" لشهرته ... ونظير غطلاق إسم فاطمي أو علوي أو حسيني أو حسني أو موسوي على كل سيد فينسبه العرف إلى جده الأعلى أو جدته العليا كما في الأمثلة العلوية والفاطمية والحسنية ... فيقال: هذا سيدٌ علوي أو هذا فاطمي أو حسني.... من دون أن ينسب إلى أبيه الصلبي المباشري بل ينسب إلى أبيه الجد الأعلى تشريفاً أو تعظيماً أو إختصاراً وما شابه ذلك وقد أكدته الأخبار كما في رواية الكافي باب من ادعى الإمامة وليس بإمام عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام مفسراً لقوله تعالى] ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة[ قال:" .. كل من زعم أنه إمام وليس بإمام، قال الراوي له: وإن كان فاطمياً علوياً؟ قال عليه السلام:" وإن كان فاطمياً علوياً".... وقد يكون حذف إسم الأب وإستبداله بإسم الجد تصحيفاً من قبل الراوي سهواً أو عمداً.....
  والحاصل: إن كثرة تداول إسم الجد للمحامل التي أشرنا إليها توجب جهالته في كثير من الأوقات فيذكره العرف بإسم جده دون أبيه الصلبي المباشري، فيجب التدقيق بتشخيص الأسماء من خلال القرائن المعينة والمحددة لهوية المترجم له حتى لا يسقط عن الإعتبار بناءً على مسلك إشتراط الوثاقة بأسانيد الأخبار.
   (الأمر الثالث):  بالغض عمّا حكم به أولئك الأعلام من تضعيفهم للقاسم بن معاوية، فلا ريب عندنا بوثاقته وجلالته لما ذكرنا في الأمر الأول، ولأننا نسلك سبيل المتقدمين القائلين بحجية الخبر الموثوق الصدور التي دلت القرائن من الآيات والأخبار على صحته، فالعمل بالخبر لا لأجل قوة سنده بل لأجل قيام القرينة على صحته وهو ما أكدت عليه أخبار العرض على الكتاب واخبار العامة، فما وافق الكتاب فيؤخذ به وما خالفه فيعرض على أخبار العامة فما وافقهم يُضرب به عرض الجدار وما خالفهم يؤخذ به....وقد فصّلما لجنابكم الكريم فيما سبق منهجنا في العمل بالأخبار الموثوقة الصدور لا الأخبار الثقة فحسب، وهو المسلك الحق المتوافق مع الكتاب والأخبار الآمرة بالعرض أي عرض دلالة الخبر على الكتاب ثم على أخبار العامة وليس عرض السند وإن كان السند الصحيح من جملة القرائن المعينة على قبول الخبر ولكنه ليس علَّةً تامةً للقبول بل جزء علّة،فالسند يرشد إلى الدلالة بمعونة القرينة  لا أنه مؤسس للدلالة، يرجى التأمل فإنه دقيق.
  (الأمر الرابع): بالإضافة إلى ما ذكرنا آنفاً، فإن الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليه السلام في خبر الإحتجاج يشير إلى حكمٍ عقائدي وليس إلى حكمٍ شرعيٍّ فرعيٍّ كي يدّعى أنه لا يحتج بالخبر المذكور في الفقه بسبب إرساله كما أومأ إليه أولئك الأعلام... فإنه خطأ فادح وقع فيه الأعلام كلّهم، بل ما تفضل به علينا ربنا العظيم بفضل تثبيت ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والحجة القائم عليهما السلام هو أن الشهادة الثالثة تقع في خانة العقائد لا الفقه، والأمر العقدي لا يحتاج إلى قوة سند الخبر ما دام الكتاب مجاهراً بوجوب الولاية لأمير المؤمنين عليّ وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام كما في آيتي البلاغ والإكمال وغيرهما من الآيات الدالة على وجوب الإعتقاد بولايته وأن المنكر لها كافر، لذا لا حاجة إلى رخصة خبرٍ صحيح ما لو زاد على الشهادتين ما يلازمهما من الأقوال الدالة على عظمة الشهادة لله تعالى ورسوله، فلو زاد المتشهد على الشهادة الأولى:" إلهاً أحداً فرداً صمداً حيّاً قيوماً أبداً سرمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً...إلخ لم يكن مأثوماً ولا عند الله تعالى ملوماً بسبب زيادته التنزيهية لله رب العالمين، وكذا لو زاد على الشهادة الثانية قوله:" ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله.. وأشهد أنه رحمة للعالمين والسراج المبين وعصمة الدين ورسول رب العالمين...إلخ لم يكن أيضاً مأثوماً بسبب تعظيم رسول الله بما هو حقٌ ونور وتعدُّ الزيادة من لوازم الشهادتين، وكذا الشهادة الثالثة هي من لوازمهما بل إن الشهادة لرسوله ولأمير المؤمنين وأهل بيتهما الطاهرين عليهم السلام من لوازم الشهادة الاولى التوحيدية، فإذا جاز تفريع الشهادة الثانية على الأولى باعتبار الثانية جزءٌ من الأولى، فيجوز حينئذٍ تفريع الثالثة على الثانية باعتبارها منبثقة عن الأولى والثانية، وهذا نظير آية الإطاعة بقوله تعالى] أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ فإطاعة الرسول متفرعة من إطاعة الله، وإطاعة الوليّ عليه السلام متفرعة من إطاعة الرسول....فالتفريع هنا فقهي بخلاف التفريع بالشهادة الثانية والثالثة فهو عقديٌّ، فلو أخذنا العنصر العقائدي المتقدم بنظر الإعتبار فلن نحتاج إلى إستعمال القواعد الرجالية والفقهية لإعلان الولاية لأمير المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام لأن الإعلان بوجوب الولاية قد دل عليه الدليل القرآني والأخبار التي فاقت التواتر فلا حاجة لأن نستدل بخبر أو خبرين على صحة الإعلان بالولاية في الأذان والإقامة وغيرهما بل إن الأمر العقائدي يجب إعلانه في الصلاة والأذان والإقامة وفي كل الأحوال، ومن هنا لا يبعد أن يكون أبو ذر وسلمان صلوات الله عليهما قد أعلنا الولاية لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام تحت عنوان الولاية العقائدية لا تحت عنوان فقهي تشريعي، والفرق واضح بين الحكم العقائدي وبين الفريضة الفقهية، فإدخال الحكم العقائدي في الأذان والإقامة وتشهد الصلاة لا يكون تشريعاً محرَّماً لأننا عندما أعلناه في الموارد المذكورة لم نعلنه تشفياً وبطراً وإستحساناً حتى يكون بدعة، بل هو بذاته مقننٌ ومشرّعٌ من قبل الله تعالى في محكم آياته وسنة نبيه، بخلاف ما لو كان فريضة فقهية فإن إدخاله من دون عنوان فقهي يعتبر تشريعاً محرَّماً... وبيان الحكم العقائدي يكون واجباً في كل حين ومورد كمورنا في الشهادات الثلاث... يرجى التأمل جيداً فإنه من الألطاف ولله الحمد ولأهل بيته الفضل.
 (الأمر الخامس): إن نفس توثيق الشيخ الطبرسي لرواياته التي بثها في كتابه الإحتجاج يعتبر توثيقاً من العدل إلى الثقة وهو بنفسه يوجب قبول روايته ويخرجها من الجهالة إلى الوثاقة لما صرّح به الشيخ الطبرسي نفسه في مقدمة كتابه الجزء الأول صفحة 4 بقوله:" ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده، إما لوجود الإجماع عليه، أو موافقته لما دلت العقول إليه أو لإشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف إلا ما أوردته عن أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام فإنه ليس في الإشتهار على حدّ ما سواه وإن كان مشتملاً على مثل الذي قدمناه فلأجل ذلك ذكرت إسناده في أول جزء من ذلك دون غيره.."... فإنه رحمه الله تعالى قد آلى على نفسه بأن لا يروي إلا ما ثبت بأحد ثلاثة: الإجماع ـــ أو شهرة عظيمة ـــ أو دلالة العقول القطعية عليه بحيث يكون ضرورياً في شريعتنا، ومصيره مصير المفسر القمي وإبن قولويه القمي في كامل الزيارات حيث رويا الأخبار الصحيحة عن الثقاة تماماً كما فعل الطبرسي، وقد تسالم الكثير من الأعلام على قبول روايات علي بن إبراهيم وإبن قولويه القمي للنكتة التي أشرنا إليها فلماذا لا يكون الطبرسي مساوياص لهما في قبول رواياته التي حذف إسنادها إعتماداً منه على ما ذكر من إجماع أو شهرة أو دلالة عقل محكم..؟! فهل باء القمي وإبن قولويه تجر، وباء الطبرسي لا تجر..؟!!. 
  وبالجملة: إن رواية الإحتجاج صحيحة بنظرنا وليست مرسلة للجهات التي أشرنا إليها وبها يكمل الإستدلال بوجوب التلازم بين الشهادت الثلاث.... والله قصدنا وإليه مرجعنا والحجة القائم وسيلتنا ومعيننا.
  (الأمر السادس): إن خبر الإحتجاج صحيح سنداً على قاعدة:" إن عمل المشهور بخبرٍ ضعيفٍ سنداً يوجب جبره وتقويته" وذلك لأن نفس عملهم بالخبر الضعيف يعتبر توثيقاً عملياً للمخبر به فيثبت به كونه ثقةً، فيدخل في موضوع الحجية، أو على أقل تقدير يثبت كون دلالة الخبر مطابقة للواقع وإنْ لم يكن عملهم بالخبر توثيقاً عملياً للمخبر به، بناءً على أن الحجية للدلالة وليست للمخبر بما هو مخبر بل بما يخبر عنه، ويشهد لما قلنا ما لو أننا عرفنا كذاباً نقل لنا حديثاً عن المعصوم عليه السلام وكنا متأكدين بأن ما أخبر عنه كان صحيحاً وواقعاً فلا يجوز لنا تكذيبه ورميه بالتلفيق والتزوير بل يجب علينا تصديقه بما أخبر عنه، وليس لنا أن نصدّقه بكلِّ ما أخبر أو يخبر عنه إلا إذا كان موافقاً للواقع ودلت القرائن على إصابته للواقع والحق... فعمل المشهور يوجب الإطمئنان النوعي كما يوجب الوثوق بصدور الخبر عن المعصوم عليه السلام.
  (الوجه الثالث): الأخبار الكثيرة الدالة على لزوم الشهادة الثالثة وهي على طائفتين: إحداها من العامة، وثانيها من الخاصة، فمن العامة ما رواه إبن مسعود عن النبيّ صلى الله عليه وآله في حديث طويل قال:" أنه مكتوب على أبواب الجنة: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌّ وليُّ الله، وأنه مكتوب: من أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها فليقل: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌّ وليُّ الله" رواه الحافظ جمال الدين محمد بن أحمد الحنفي الموصلي الشهير بإبن حسنويه المتوفى عام 680هـ في كتابه" بحر المناقب" ورواه النسائي المتوفى عام 303هــ في الفضائل، ورواه المؤيد الموفق بن أحمد المتوفى عام 568 هــ في كتابه " مقتل الحسين " ورواه الشهيد الثالث القاضي نور الله الحسيني التستري في كتابه الجليل" إحقاق الحق" الجزء الرابع.
  وأما الأخبار الخاصة فحدّث ولا حرج فإن الأخبار فاقت التواتر بدلالاتها على إقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين قبلها فمن أرادها فليراجع بحار الأنوار ج 27 كتاب الإمامة باب: ان أسماءهم مكتوبة على العرش والكرسي واللوح وجباه الملائكة وباب الجنة... فقد بلغت الأخبار في البحار حد التواتر فضلاً عما في غيره من مصادر الحديث.... وهذه الأخبار بدلالاتها المطلقة الدالة على إقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين المتقدمتين عليها كخبر الإحتجاج وغيره من الأخبار... وكذلك هناك أخبار خاصة تدل على أن الشهادة الثالثة من فصول الأذان ، وهذه الأخبار هي التي أفصح عنها الشيخان الصدوق والطوسي ونعتاها بالشذوذ بل زاد الصدوق على الطوسي بنعته لها بأنها من صنع المفوضة... إلى آخر تلك الإفتراءات التي لا ينبغي صدورها ممن عُرفا في الأوساط الشيعية بالتحقيق والتدقيق....!!.
  ولم يفصح لنا الصدوق والطوسي عن السبب في كون هذه الأخبار شاذة وما الداعي لأن تكون من صنع المفوضة، فتبقى دعواهما مجرد هواء في شبك لا تغني ولا تسمن من جوع، بل على عادته الصدوق ينعت كلَّ من خالفه بفقه أو معتقد بالشاذ أو المفوضي أو المغالي ويشهد لذلك نعته الأعلام القائلين بعصمة النبيّ والولي عليهما السلام عن السهو بأنه صعد أول درجات الغلو فكيف يمكننا الإعتماد على دعواه وهو يفتي بغلونا ما يعني أننا كفار نجسون بحسب فتواه...!!!.
  بالإضافة إلى ذلك فإن ضعف اسانيدها في نظر من وصفها بالشذوذ لا يعدو كونه سوى إجتهاداً شخصياً يكون حجَّةً عليهم لا علينا، كما لا يعني وصفها بالشذوذ أنها لم تكن موجودة في كتب الأوائل من أعلام الإمامية الذين سبقوا الصدوق والطوسي، كما أنه يجب التنبيه إلى انه ليس كلُّ خبرٍ شاذ يجب طرحه بل إنما يطرح فرد واحد من الأخبار الشاذة وهو المخالف للكتاب الكريم والضرورة القطعية، ومن المعلوم أن أخبار الشهادة الثالثة موافقة للكتاب ولكثير من الأخبار التي قرنت الولاية أمير المؤمنين عليه السلام بالشهادتين المتقدمتين عليها، فلا شذوذ فيها ولا ريب يعتريها فمن أين جاء الشذوذ يا تُرى..؟؟!! اللهم إلا على مبنى من يرى أن الشاذ هو المخالف لما يرويه المشهور حتى ولو كان راوي الخبر الشاذ ثقةً وهو أمر يرجع إلى إجتهاد كل فقيه فيعرِّف الشاذ بما يراه حجةً على نفسه فلا ملزم له به لغيره ....وأما نعتهما لتلكم الأخبار بالشذوذ فمبنيٌّ على صحة تعريفهما للخبر الشاذ، فهل هو الشاذ من ناحية السند أو أنه شاذ من ناحية الدلالة؟ الظاهر أن الصدوق والطوسي يقصدان المعنى الأول من تعريف الشاذ، لإعترافهما ــ كما في مطاوي كلامهما عند التعرض لفصول الأذان في كتابيهما الفقيه والإستبصار ــ بأن آل محمد خير البرية وأن أمير المؤمنين وليُّ الله لكن الزيادة الحقة من صنع الرواة المدلسون...وهنا يجب علينا توضيح معنى الشذوذ ومعالجته على فرض حصوله، فنقول وبه نستعين:
 لقد وقع الخلاف في  تفسير الشاذ من الأخبار على عدة أرآء نجملها برايين هما:
الرأي الأول:
الشاذ هو ما رواه الراوي الثقة مخالفاً لما رواه الأكثر...وهو خيرة الشهيد الثاني في رسالة الدراية ووالد الشيخ البهائي والطريحي في جامع المقال.
الرأي الثاني: أن الشاذ هو ما يكون سنده صحيحاً غير مشهور، فلو كان هناك روايتان صحيحتان سنداً ولكن واحدة مشهورة في مضمونها قد عمل بها المشهور والأخرى غير مشهورة في مضمونها لم يعمل بها المشهور، فتكون الثانية شاذة.
 وكلا الرأيين مجازفة ولا شاهد عليهما من آية أو رواية، بل هما مجرد تعريفان غير جامعين وغير مانعين، ولم أرَ من عرَّف الشاذ بتعريف يتوافق مع الكتاب والسنة الطاهرتين فكأن القوم غير معنيين بالكتاب والسنة ولا بعرض الشاذ عليهما ليروا الحقيقة متجلية لا غبار عليها، ونحن ــ بحمد الله تعالى ــ سلكنا مسلك النمرقة الوسطى بمعرفة الشاذ من الصحيح من خلال التدقيق بما ورد عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام وغيره من أئمة الهدى ومصابيح الدجى فرأينا أن الحق ساطع في معرفة الشاذ وهو :" الخبر الذي ليس عليه شاهدٌ من آية أو رواية.." بمقتضى ما جاء في أخبارنا الشريفة:]غذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة، فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه[ وفي الكافي عن إبن أبي بعفور قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الحديث: يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به؟ قال عليه السلام:" إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وإلا فالذي جاءكم به أولى به".
  لقد أشار خبر إبن أبي يعفور بوضوح بأن المعيار في قبول الخبر وطرحه إنما هو الموافقة لكتاب الله تعالى، فجعل الترجيح للخبر الموافق للكتاب ولم يرجح بالوثاقة ولم يقل للسائل: إعمل بما تثق به دون ما لا تثق به مع كون السؤال عن الإختلاف الناشئ عن رواية الثقة وغير الثقة...   وبتعريفنا المتقدم نكون قد أخرجنا أخبار الشهادة الثالثة عن الشذوذ.... 
  والحاصل: أن الأخبار الخاصة المطلقة التي ربطت الشهادة الثالثة بالشهادتين والتي نعتها الطوسي بالشاذة فيها تصريح واضح بعدم إنفكاك الشهادة لأمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام(أشهد أن عليّاً وليّ الله وآل محمد خير البرية) عن الشهادتين، وهي أخبار شهد بلزومها في الأذان نفس الشيخ الطوسي والعلامة والشهيد وغيرهم وأقروا بورود الأخبار بها ولكنهم نعتوها بالشذوذ كما أشرنا، ونعتهم لها بالشذوذ لا يخرجها عن الحجية وأنها من فصول الأذان والإقامة، ومجرد هجرانهم لها لا يستلزم عدم العمل بها في عصرهم وعصرنا وما بعده.
   ومن الأخبار الخاصة الدالة على أن الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليه السلام هي من فصول الأذان ويؤتى بها بعد الشهادتين بعنوان الجزئية ما رواه مستفيضاً العالم المستبصر النحرير العلامة الشيخ عبد الله المراغي المصري ــ من علماء القرن السابع الهجري ــ في كتابه السلافة في أمر الخلافة:" أن سلمان الفارسي رضي الله عنه ذكر في الأذان والإقامة الشهادة بالولاية لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام بعد الشهادة بالرسالة في زمن النبيّ صلى الله عليه وآله بعد حجة الوداع، وذلك أنه دخل رجل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله سمعت أمراً لم أسمع قبل ذلك، فقال صلى الله عليه وآله: ما هو؟ فقال: سلمان يشهد في اذانه بعد الشهادة بالرسالة الشهادة بالولاية لعليّ، فقال صلى الله عليه وآلهك سمعتم خيراً".
  وروي عنه أيضاً في كتابه المتقدم بأن رجلاً دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: يا رسول الله: أن أبا ذر يذكر في الأذان بعد الشهادة بالرسالة، الشهادة بالولاية لعليّ ويقول: أشهد أن عليّاً وليّ الله، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: كذلك أو نسيتم قولي في غدير خم: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه؟ فمن ينكث فإنما ينكث على نفسه".
 والأخبار في هذا المضمون كثيرة لا يسعنا الوقت لإسعافكم بها والتعقيب عليها ولكننا نختمها بروايتين : الأولى ما رواه الكليني في أصول الكافي  الجزء الأول باب مولد النبي صلى الله عليه وآله ح8 في موثقة طريف عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" إنَّا أول اهل بيت نوّه الله بأسمائنا إنه لمّا خلق السماوات والأرض أمر منادياً فنادى أشهد أن لا إله إلا الله ثلاثاً ــ أشهد أن محمداً رسول الله ثلاثاً ــ أشهد أن عليَّاً أمير المؤمنين حقاً ثلاثاً .
والثانية: ما رواه الصدوق في كمال الدين ص 258 ح 3 باب 24 بسنده المتصل إلى أبي حمزة الثمالي عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حدثني جبرائيل عن ربّ العزة جلّض جلاله قال:" من علم أن لا إله إلا أنا وحدي وأن محمداً عبدي ورسولي وأن عليًّ بن أبي طالب خليفتي وأن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي أو شهد بذلك ولم يشهد أن محمداً عبدي ورسولي أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي وصغّر عظمتي وكفر بآياتي".
 فلو لاحظ المتأمل بعين البصيرة في هاتين الروايتين ــ فضلاً عن غيرهما ــ لوجد أن الإطلاق فيهما تام من حيث وجوب إقتران الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين بالشهادتين في كل الموارد من دون تخصيص، فهي تدور مدار الشهادتين فحيثما كانتا تكون الشهادة الثالثة معهما، وبهذا يندفع ما يقال بأن الشهادة الثالثة من قبيل المستحب العام في الخاص لأنها ليست من هذا القبيل ــ أي المستحب العام في الخاص المدلول عليه بالدليل العام ــ وإنما للأمر بها في الأخبار الظاهر في الوجوب والتلازم والإقتران على نحو الإقتران الشرطي فيلزم الإتيان بها كلما ذُكِر  رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله حتى لو كان المورد مستحباً كما لو ذُكر ت الشهادتان في مجلس عام أو خاص، فيلزم ذكر الشهادة الثالثة معهما..... ولو لم يستظهر الفقيه منهما لزوم الإقتران فعلى الأقل يتعيّن عليه الإحتياط بوجوب الإجهار  بالشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وغيرهما...والله العالم.
  وبالجملة:  إن الشهادة للأئمة الطاهرين من أبناء أمير المؤمنين عليهم  السلام أمرٌ مطلوب شرعاً سواءٌ أكان في الأذان والإقامة أم في غيرهما بمقتضى الإطلاق الوارد في الروايتين المتقدمتين وغيرهما من الروايات الآمرة بالإجهار بولايتهم المقدَّسة ... هذا من ناحية النصوص وأما من ناحية الأصل العملي فأيضاً يجوز الشهادة لهم منضمين إلى شهادة جدهم أمير المؤمنين عليهم السلام إذ لا يوجد دليلٌ أو أصلٌ آخر أقوى يعارض الأصل القاضي بجواز ذكرهم، وإذا جاز الكلام خلال فصول الأذان والإقامة كالحمد والشكر والدعاء للمؤمنين فبطريق أولى يجوز ذكر ائمتنا الطاهرين وسيدة نساء العالمين ضمن الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليهم السلام، لأن الشهادة لهم أهم من الدعاء للنفس وللمؤمنين بل إن أصل وجوب ولايتهم مقدمة على أصل الأذان والإقامة والصلاة والصوم والحج والزكاة بمقتضى الحديث المستفيض:" بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية لم ينادَ بشيء ما نودي بالولاية" وفي نصٍ آخر فيه تصريح واضح بولاية الائمة الطاهرين عليهم السلام كما في موثقة محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" بني الإسلام ... إلى أن قال: وولاية أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام".  فقد قرنت هذه النصوص الولاية ـــ مع أنها أصل من أهم الأصول ــ بالفروع كالصلاة والصوم والحج والزكاة لأجل التدليل على أن هذه الفروع مرتبطة بالأصل الولائي لأهل البيت عليهم السلام ومن دون الولاء لهم لا تقبل هذه الفروع عند الله تعالى.
وأما جوابنا على السؤال الثاني: وهو بيان الحكم في الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة منضماً إليها الشهادة لسيدة النساء عليها السلام وأولادها الطاهرين عليهم السلام فنقول وبه نستعين:
  قد عرفتم بيان حكم الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام وهي لزومها مقترنةً بالشهادة لله تعالى ولرسوله فلا تنفك عنهما أبداً لا في أذان وإقامة ولا في تشهد صلاة أو غير صلاة فهي لازمة في كل الأحوال والأزمانن وهي القدر المتيقن من الأخبار الموجبة لذكره عليه السلام، وأما ذكر زوجته الطاهرة الصدّيقة الكبرى وأولادها الطاهرين عليهم السلام فالأحوط بل لا يبعد أقوائية ذكرهم منضمين إلى الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليهم السلام بأي صيغة كانت والأفضل بالصيغة التالية:] وأشهد أن عليَّاً أميرُ المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين حجج الله وأولياؤه[ والأفضل منه ذكرهم بأسمائهم كأن يقول:]وأشهد أن عليّاً أميرُ المؤمنين وزوجته الصديقة الكبرى فاطة الزهرة سيدة نساء العالمين والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة القائم المهدي حجج الله وأولياؤه..اللهم صلِّ على محمد وآل محمد[ والسر في أقوائية إنضمامهم إلى الشهادة الثالثة هو أن قسماً وافراً من الأخبار أكدت على الشهادة الثالثة ورواية إكمال الدين التي أشرنا إليها في أواخر جواب السؤال الأول وهي قول مولانا الإمام الصادق عليه السلام عن رسول الله عن الله تعالى قال:".. ومن لم يشهد أن محمداً عبدي ورسولي أو شهد بذلك ولم يشهد أن عليَّ بن أبي طالب خليفتي أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي وصغر عظمتي وكفر بىياتي وكتبي، إن قصدني حجبته وإن سألني حرمته وإن ناداني لم أسمع نداءه وإن دعاني لم أستجب دعاءه وإن رجاني خيبته وذلك جزاؤه مني وما أنا بظلام للعبيد" إكمال الدين الباب 24ص258ح3. 
 فالرواية بعمومها الواضح تشمل الشهادة للحجج الطاهرين عليهم السلام، فيخرج عنه مولاتنا الصديقة الكبرى ولكن حيث إنها نفس أمير المؤمنين وأن ولايتها من ولاية رب العالمين وأنها عرضت على الأنبياء والمرسلين والأوصياء أجمعين وأنها حجة الحجج عليهم السلام فلا بد من ضمها إلى الشهادة الثالثة لدخولها في مفهوم قوله تعالى] إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا..[ والحصر في ولاية أمير المؤمنين باعتبار أن الآية نزلت فيه عليه السلام لا ينافي ولايتها وولاية أولادها الطاهرين عليهم السلام لأن ولايتها وولايتهم هي ولايته عليه السلام ، فهذه الرواية الشريفة وغيرها من الروايات الدالة على أن طاعتهم واحدة وأنهم بالعصمة والولاية في درجة واحدة، كل ذلك يقتضي إنضمامهم إلى الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة والتشهد وإن ورد تأكيد في رواية فقه الإمام الرضا عليه السلام ــ التي نقلت بعدة نسخ لكثرة الدس فيها لتحريفها عن مسارها باعتبار ما فيها من التصريح بالولاية لأمير المؤمنين ـــ على الشهادة لمولانا عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وفي آخرها تسليم على آل إبراهيم وهم آل محمد كما يوجد فيها صلاة خاصة على الصديقة الكبرى سيدتنا الزهراء عليها السلام وأئمة الهدى ومصابيح الدجى وسفن النجاة عليهم السلام، فمن باب تنقيح المناط أيضاً يجوز الإقرار بالشهادة لسيدة النساء وأولادها الطاهرين عليهم السلام فضلاً عن الإطلاقات الدالة على وجوب الإجهار بولايتهم مطلقاً من دون تقييد أو تخصيص بوقت دون آخر وبشيء دون شيء..... وأما الإشكال علينا بأن المحدثين عقدوا باباً خاصاً في كيفية التشهد وهو الشهادتان لا الشهادات الثلاث، فلا يقدح بما اعتقدناه من وجوب الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين وأهل بيته المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين للأمر بها في الأخبار حسبما اشرنا فيما تقدم، ولا يحمل هذا الأمر على الإستحباب وذلك لأن الظاهر من الأمر هو الوجوب لا الإستحباب كما أثبته الدليل العقلي حتى تأتينا قرينة تصرفه إلى الإستحباب وهو مفقود في البين... كما أنه لا ينبغي أن يغيب عن بالنا مورد التقية الذي فُرِض على ائمتنا الطاهرين عليهم السلام، فمن كان يعيش تحت سنابك التقية كيف يجوز له أن يفتي للمؤمنين بوجوب الجهر بالولاية في الأذان والإقامة وغيرهما..؟! بالإضافة إلى ذلك فإن الأخبار التي اقتصرت على الشهادتين في التشهد معروفة التوجه من حيث التقية، ولكن الإطلاقات الأخرى في الأخبار الأخرى تقيِّد التشهد بالشهادة الثالثة، فيكون من باب دوران الأمر بين المطلق والمقيّد، فنحمل المطلق على المقيَّد، فيكون قول الأئمة عليهم السلام "أدنى ما يجزي من التشهد الشهادتان" محمولاً على ترك الشهادة الثالثة لأجل التقية، فتكون الشهادتان أدنى ما يجزيه في التشهد ولكن الأمر يختلف في حال عدم التقية فلا بد من ذكر الشهادة الثالثة وهو ما قيدته الأخبار كما في صحيحة القاسم بن بريد بن معاوية في الإحتجاج وموثقة سنان بن طريف المروية في أصول الكافي ج1ص441ح8 ورواية الإكمال ص257ح3....والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
 

15. [و أمّا أدلّتنا حول جواز الشهادة الثلاثة و الشهادة بالمعصومين سلام الله أجمعين فی کتب الروائيّة المعتبرة (فلاحظ): تفصيل وسائل الشيعة إلي تحصيل مسائل الشريعة(طبع مؤسّسة آل البيت)/الجرء6/تتمة کتاب الصلوة/أبواب التشهّد/باب3: کيفيّة التشهّد و جملة من أحکامه/الصفحة393 -و- باب4: وجوب الشهادتين في التشهّد/الصفحة396 - مستدرک الوسائل و مستنبط المسائل(طبع مؤسّسة آل البيت)/الجزء5/تتمّة کتاب الصلوة/أبواب التشهّد/باب2: کيفيّة التشهّد و جملة من أحکامه/الصفحة6 -و- باب3: وجوب الشهادتين في التشهّد/الصفحة10 - يک دوره فقه کامل فارسي(طبع مؤسّسة و انتشارات فراهاني)/کتاب دوّم: مقاصد الصلوة/باب پنجم: در أفعال صلوة/الصفحة31 - الحدائق الناظرة في أحکام العترة الطاهرة(طبع دفتر انتشارات اسلامي)/الجزء8/تتمة کتاب الصلوة/الباب الثاني: في الصلوة اليوميّة و ما يلحق بها/المقصد الأوّل/الفصل التاسع: في التشهّد/المورد الثاني: أفضل التشهّد/الصفحة450 - جواهر الکلام في شرح شرائع الإسلام(طبع دار إحياء التراث العربي)/الجزء10/تتمّة القسم الأوّل: في العبادات/تتمّة کتاب الصلوة/تتمّة الرکن الثاني: في أفعال الصلوة/تتمّة الواجبات/السابع: التشهّد/الصفحة245]
16. هل هذا الکلام صحيح حول الفساد في نسب عمر بن الصهاک لعنة الله تعالي عليه: «عَنِ الصَّادِقِ سلام الله عليه أَنَّهُ قَالَ كَانَتْ صُهَاكُ جَارِيَةً لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ كَانَتْ ذَاتَ عَجُزٍ وَ كَانَتْ تَرْعَى الْإِبِلَ وَ كَانَتْ مِنَ الْحَبَشَةِ وَ كَانَتْ تَمِيلُ إِلَى النِّكَاحِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا نُفَيْلٌ جَدُّ (فُلَانٍ) فَهَوَاهَا وَ عَشِقَهَا مِنْ مَرْعَى الْإِبِلِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِالْخَطَّابِ فَلَمَّا أَدْرَكَ الْبُلُوغَ نَظَرَ إِلَى أُمِّهِ صُهَاكَ فَأَعْجَبَهُ عَجُزُهَا فَوَثَبَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِحَنْتَمَةَ فَلَمَّا وَلَدَتْهَا خَافَتْ مِنْ أَهْلِهَا فَجَعَلَتْهَا فِي صُوفٍ وَ أَلْقَتْهَا بَيْنَ أَحْشَامِ مَكَّةَ فَوَجَدَهَا هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْوَلِيدِ فَحَمَلَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ وَ رَبَّاهَا وَ سَمَّاهَا بِالْحَنْتَمَةِ وَ كَانَتْ مَشِيمَةُ الْعَرَبِ مَنْ رَبَّى يَتِيماً يَتَّخِذُهُ وَلَداً فَلَمَّا بَلَغَتْ حَنْتَمَةُ نَظَرَ إِلَيْهَا الْخَطَّابُ فَمَالَ إِلَيْهَا وَ خَطَبَهَا مِنْ هِشَامٍ فَتَزَوَّجَهَا فَأَوْلَدَ مِنْهَا (فُلَان) وَ كَانَ الْخَطَّابُ أَبَاهُ وَ جَدَّهُ وَ خَالَهُ وَ كَانَتْ حَنْتَمَةُ أُمَّهُ وَ أُخْتَهُ وَ عَمَّتَهُ[13]».

بسمه تعالى
السلام عليكم

     روى صاحب البحار في الجزء الواحد والثلاثين باب 24 في نسب عمر بن الخطاب ناقلاً عن كتاب عقد الدرر بأسناده عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن إبن الزيات عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: كانت صهاك جارية لعبد المطلب وكانت ذات عجز وكانت ترعى الإبل وكانت حبشية تميل إلى النكاح فنظر إليها نفيل جد عمر...".
الرواية المتقدمة صحيحة سنداً من جهتين:
الجهة الأولى: رواية عليّ بن إبراهيم رحمه الله تعالى لها، وهو لا يروي إلا عن ثقة، بل إن كلَّ رواتها ثقاة بدءً بالمفسر القدير عليّ بن إبراهيم وأبيه وإنتهاءاً بإبن الزيات، فلا مغمز في سندها بل هي صحيحة قطعاً.
الجهة الثانية: وجود الحسن بن محبوب الثقة الجليل المعروف من أصحاب الإجماع المحكوم بصحة كل من يروي من جاء بعدهم، مع كون الزيات من الثقاة الممدوحين والأجلاء المرموقين وهو نفسه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الجليل القدر والكثير الرواية.
 وعلى كلا الجهتين لا غبار على الرواية من ناحية السند ومن ناحية الدلالة الحاكية عن النسب العاطل والفاسد لعمر بن الخطاب، وقد رواها ثلة من علماء العامة كعبد البر في الإستيعاب  والكلبي في كتاب المثالب كما لا يخفى على جنابكم كما أشار صاحب البحار في الجزء 31 الذي أشرتم إليه، وقد استفاض نقلها في المصادر الشيعية أيضاً، ومما يدل على صحتها فضلاً عما أشرنا إليه هوأن عمر بن الخطاب من ألد أعداء أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين عليهما السلام، وقد تواترت الأخبار بأن كلَّ مبغض لهم عليهم السلام فهو مقدوح النسب وأنه إبن زنا ، فكيف بمن تسلسل في الزنا ونكاح السفاح أي المحارم حيث إن أباه نكح أمه فأولدت عمر بن الخطاب كما أفادت الصحيحة المتقدمة، والله الغالب على أمره، والسلام.


17. ما هو نظرکم الشريف حول دعاء صنمي قريش «اللَهُمَّ الْعَنْ صَنَمَيْ قُرَيْشٍ وَ جِبْتَيْهَا وَ طَاغُوتَيْهَا وَ إِفْكَيْهَا وَ ابْنَتَيْهِمَا اللَذَيْنِ خَالَفَا أَمْرَكَ وَ أَنْكَرَا وَحْيَكَ وَ جَحَدَا إِنْعَامَكَ وَ عَصَيَا رَسُولَكَ... [14]» ، هل هو ثابتٌ عندکم؟

الموضوع: دعاء صنمي قريش من أنفس الأدعية الولائية.
بسمه تعالى

الجواب
     دعاء صنمي قريش من أهم الأدعية وأنفسها وهو من أدعية البراءة من أعداء أمير المؤمنين وإمام المتقين وزوجته سيِّدة نساء العالمين صلوات الله عليهما أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وقد رواه الكفعمي رحمه الله في البلد الأمين عن عبد الله بن عباس عن أمير المؤمنين عليه السلام، وجاء عنه أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يدعو به في قنوته على الظالمين  له ولزوجته الطاهرة الزكية الحوراء الإنسية صلوات الله عليها، وجاء عنه قوله:" أن  الداعي به كالرامي مع النبيّ صلى الله عليه وآله في بدر وأُحد وحنين بألف ألف سهم"... وقد شرحه الكثيرون من علماء الإمامية لأهميته في سماء الولاية لأهل بيت العصمة والطهارة والبراءة من أعدائهم الظالمين لهم لا سيما أبي بكر وعمر وأعوانهما وأشياعهما من الأولين والآخرين....وأغلب هذه الشروحات مخطوطة لأن الغلبة في يومنا هذا لأنصار أبي بكر وعمر في عالمنا الشيعي، نسأل الله تبارك شأنه ان يوفقنا لشرحه أو أن يسخر من يشرحه ويطبعه من العلماء الأخيار وما ذلك على الله تعالى بعزيز.
   ولا يهمنا إرساله ما دام مشهوراً شهرة عظيمة تكاد تصل إلى حد القطع بصدوره عن أمير المؤمنين عليه السلام، وتكفي دلالته على صحته، بالإضافة إلى أن مضامينه العالية تغني عن البحث في سنده مع أن البحث في الأسانيد إنما تجب في مسائل الفقه والعقيدة ولا تشمل الأدعية والزيارات وقضايا التاريخ وحوادث التكوين كعلائم الظهور والمغيبات والكرامات والمعاجز وما شابه ذلك ... فيكفي الإتيان بها برجاء المطلوبية، ونحن نؤمن بهذا الدعاء ومطمئنون إلى أنه صادر من مولانا أمير المؤمنين عليّ عليه السلام لموافقة فقراته للشواهد القرآنية والأخبار النبوية والعلوية... وما كان موافقاً للكتاب والسنة يجب الأخذ به لأن الحجية ــ كم أشرنا مراراً ــ إنَّما هي للدلالة الموثوق بها وليس لنفس الخبر الثقة بما هو ثقة من دون أن يترتب على وثاقته ما يوجب الوثوق.... وحيث إن الدعاء يزرع محبة أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين ويبغض بمغتصبي حقه في القلوب فإنكم لن تجدوا له أنصاراً وأعواناً في حوزاتنا العلمية ومجتمعاتنا الشعبية لكثرة ما فيها من العفاريت المبغضين للولاية العلوية والمتقربين من الولاية البكرية والعمرية... فمن أجل هذا وذلك وذاك... نحكم بصحته وننصح بالمواظبة على قراءته لما فيه من تفريج الكروب وتنفيس الهموم والتشرف بلقاء الحجة المستور صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، وعجل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا من أعوانه ومقوية سلطانه بمحمد وآله الأنوار المقدسين.... والسلام عليكم

 

18. هل وجوب الحجاب من ضروريّات الإسلام، و هل يحکم بإرتداد من ينکره، و ما حکم من لا يعتني بهذا الدستور الإلهي خاصّة من المجتمعات الإسلاميّة، متي يجب علي البنت أن تتحجّب بالحجاب الشرعيّ؟
 

بسمه تعالى
السلام عليكم

 

    وجوب الحجاب إنما هو على المرأة المسلمة التي أكملت من العمر تسعة سنين هلالية وهو من أعظم الواجبات في الإسلام ومن الضروريات القطعية التي دل عليها الكتاب الكريم وسنة النبيّ وأهل بيته الطيبين الطاهرين وإجماع الأمة.... ومنكره عن سابق تصور وتصميم يعتبر كافراً، ونعني بالإنكار هو جحود كونه مفروضاً من عند الله تعالى، فالمنكر بهذا المعنى يعتبر خارجاً من الدين لأجل إنكاره ضرورة قطعية من ضروريات الدين الحنيف، أما منكره تهاوناً به من الناحية فهو فاسق ولا يخرج بفسقه عن الإسلام بل يجب عليه التوبة والإنابة..والسلام عليكم.

 

19. ما هو نظرکم الشريف حول الألقاب الّتي إبتدأت بالکلب نحو: کلب الرقيّة، کلب الزهراء و أمثال ذلک للشعيان الکرام؛ هل إستعمال هذا الألقاب جائز في نفسه أم لا؟

 

بسمه تعالى 

السلام عليكم ورحمته وبركاته

     سحق النفس الأمارة بالسوء تحت أقدام ترابهم صلوات الله عليهم مطلوب شرعاً باعتارهم سادة الخلق ورعاة البلاد وساسة العباد، ونحن عباد مخطئون وعن جنابهم معرضون... فأين نحن من الكلب المعروف بإخلاصه لسيّده المنعم عليه حيث يتفانى من أجله فلا يرى سوى سيده قبلة ومنهاجاً فيضحي من أجله ولو أدّى إلى قتله لشدة الحب والإخلاص والمقابلة بالإحسان، فأما العباد العصاة واللئام الجناة فإنهم يأكلون من خيراتهم عليهم السلام وينحرفون عن طاعاتهم....فإمتهان النفس في جنب ذواتهم المقدَّسة يعتبر مطلوباً من الناحية الشرعية، فقد جاء في خبر البحار ج19ص81باب الهجرة ومباديها ح34عن التفسير المنسوب إلى مولانا الإمام الحسن العسكري عليه السلام عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأبيه أمير المؤمنين عليّ عليه السلام:] أرضيت إنْ طلبت فلا أُوجد وتوجد فلعلَّه أن يبادر إليك الجهال فيقتلوك؟ قال: بلى يا رسول الله رضيت أن يكون روحي لروحك وقاءً ونفسي لنفسك فداءً بل رضيت أن يكون روحي ونفسي فداءً لأخٍ لك أو قريبٍ أو لبعض الحيوانات تمتهنها وهل أُحب الحياة إلا لخدمتك..[على فرض صحة هذه الرواية يريد بعبارته الأخيرة أنه عليه السلام يتمنى أن تكون نفسه فداء من أجل رسول الله حتى ولو قدّمه لحيوان يمتهنه وما ذلك إلا لأجل محبته المخلصة لرسول الله، فكيف بنا نحن وما الضير في أن نكون كلاباً لهم وإن كانت الكلاب أفضل منا..فنحن في الإخلاص لهم أقل بكثير من إخلاص الكلب لسيده، فرزقنا الله تعالى وإياكم إخلاص الكلاب لسادة الورى وسفن النجاة آل الله تعالى ومصابيحه في الدجى كما كان كلب أهل الكهف حيث ضرب الله تعالى به المثل القرآني بقوله تعالى] وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد[ فكان مترصداً لأعدائهم على باب الغار لم يأكل ولم يشرب حباً لهم لأجل محبة سيده الراعي لهم..فليتأمل المؤمنون المحبون لأهل البيت عليهم السلام حيث يجب عليهم أن تكون محبتهم لآل الله تعالى ولشيعتهم الموالين اكثر من محبتهم لعيالهم واقربائهم وقادتهم الذين يتاجرون بهم بدراهم بخس...ولا حولا ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم والعاقبة للمتقين.. والسلام عليكم ورحمته وبركاته
 

كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد حقيرهم وتراب نعال أقدامهم عبدهم المسكين محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ 9 جمادى الآخرة 1433هــ.

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/21   ||   القرّاء : 22793




أحدث البيانات والإعلانات :



 لقد ألغى سماحة لمرجع الديني الكبير فقيه عصره آية الله الحجّة الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي ( دام ظلّه الوارف ) كلّ الإجازات التي منحها للعلماء..

 الرد الإجمالي على الشيخ حسن المصري..

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1443 هجري / 2022 ميلادي

 الرد الفوري على الشيخ البصري

 إحتفال الشيعة في رأس السنة الميلاديّة حرام شرعاً

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1441 هجري / 2020 ميلادي

 بيان هام صادر عن المرجع الديني آية الله الشيخ محمّد جميل حمُّود العاملي

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 يحرم حبس الطيور والحيوانات بغير حقٍّ..

 المرض هو من مسوغات الإفطار في شهر رمضان..

 ما حكم المادة الدهنية التي تفرزها الأُذن في صحة الغسل..؟

 تجب على المسافر زكاة الفطرة

 على من تجب زكاة الفطرة...؟

 كيف نقتدي بالإمام الأعظم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلَّى الله عليه وآله في يوم شهادته المقدَّسة..؟..

 هل كان أمير المؤمنين عليٌّ صلّى الله عليه وآله موجوداً مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الإسراء والمعراج..؟

ملفات عشوائية :



 لا يجوز للمسلم الزواج من الدرزيّة

 معني عيبة الله

 أفضل الكتب العقائدية التي تربط المؤمنين بإمام الزمان عليه السلام

  كيفية توزيع تركة الزوجة (وهي سبعة ملايين ديناراً ) على الأُم والزوج وولديه

 السجاد الكبير يطهر بماء فوق الكر أو بالماء الكثير دلكاً لا عصراً

 حرمة تناول اللحم المُقتطَع من حيوانٍ حيٍّ ثم تكبيره مكروبياً

 صلاة الآيات عند كل مخوف سماوي

جديد الصوتيات :



 كيف نقتدي بالإمام الأعظم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلَّى الله عليه وآله في يوم شهادته المقدَّسة..؟..

 الإيراد على الوهابيين غير المعتقدين بالتوسل بالأنبياء والأولياء من آل محمد عليهم السلام - ألقيت في عام 2008 ميلادي

 محطات في سيرة الإمام محمّد الجواد عليه السلام - 26تموز2007

 محاضرة حول الصدقة (حديث المنزلة..وكل الانبياء أوصوا الى من يخلفهم..)

 السيرة التحليليّة للإمام علي الهادي عليه السلام وبعض معاجزه

 لماذا لم يعاجل الإمام المهدي (عليه السلام) بعقاب الظالمين

 المحاضرة رقم ٢:( الرد على من شكك بقضية إقتحام عمر بن الخطاب لدار سيّدة الطهر والقداسة الصديقة الكبرى فاطمة صلى الله عليها)

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 11

  • الأقسام الفرعية : 36

  • عدد المواضيع : 2201

  • التصفحات : 19391418

  • المتواجدون الآن : 1

  • التاريخ : 19/04/2024 - 14:41

||   Web Site : www.aletra.org   ||   
 

 Designed, Programmed & Hosted by : King 4 Host . Net