• الصفحة الرئيسية

ترجمة آية الله العاملي :

المركز :

بحوث فقهيّة وعقائديّة/ اردو :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مجلّة لسان الصدق الباكستانيّة (3)
  • بحث فقهي عن الشهادة الثالثة (1)

محاضرات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرة الإمام الحجّة (عليه السلام) (121)
  • مظلوميّة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة (عليها السلام) (20)
  • شبهات وردود حول فقه السيرة الحسينية (11)
  • من هم أهل الثغور؟ (1)
  • محاضرات متفرقة (14)
  • شبهات وردود حول ظلامات سيّدتنا فاطمة عليها السلام (2)
  • الشعائر الحسينية - شبهات وردود (محرم1435هـ/2014م) (9)
  • زيارة أربعين سيّد الشهداء (عليه السلام) (2)
  • البحث القصصي في السيرة المهدوية (22)
  • سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) (6)

أدعية وزيارات ونعي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • أدعية (14)
  • زيارات (9)
  • نعي، لطميّات (4)

العقائد والتاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • شبهات وردود (458)
  • عقائدنا في الزيارات (2)

الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • إستفتاءات وأجوبة (1173)
  • أرسل سؤالك

علم الرجال :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مواضيع رجاليّة (102)

مواضيع مشتركة ومتفرقة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مراسلات زوّار الموقع للمركز (4)
  • كلمة - رأي - منفعة (20)
  • نصائح (5)
  • فلسفة ومنطق (4)
  • رسائل تحقيقيّة (3)
  • مواضيع أخلاقيّة (3)
  • فقهي عقائدي (35)
  • فقهي أصولي (11)
  • فقهي تاريخي (6)
  • شعائري / فقهي شعائري (26)
  • مواضيع متفرقة (22)
  • تفسيري (15)

مؤلفات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مؤلفات عقائديّة (15)
  • مؤلفات فقهيّة (13)

بيانات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • بيانات وإعلانات (35)

المؤلفات والكتب :

 
 
 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

 
 • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم وأهلك أعداءهم • 
  • القسم الرئيسي : الفقه .

        • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .

              • الموضوع : هل يوجد دليل من كلام أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) على إعطاء الخمس للفقيه في زمن الغيبة الكبرى؟ .

هل يوجد دليل من كلام أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) على إعطاء الخمس للفقيه في زمن الغيبة الكبرى؟

الإسم: ***** 

النص: 
السلام عليكم سماحة الشيخ العاملي:
 (1): هل يوجد دليل من كلام أهل البيت عليهم السلام على إعطاء الخمس للفقيه في زمن الغيبة ؟.
 (2): ماحكم ذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة و التشهد الوسطي والأخير على نحوا (نحوي) الوجوب ؟.
 
 
الموضوع الفقهي: هل يوجد دليل من كلام أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) على إعطاء الخمس للفقيه في زمن الغيبة الكبرى؟ / لا يشترط في توزيع سهم السادة أخذ الإذن من الفقيه الجامع للشرائط / تقرير الخلاف في وجوب إيصال سهم الإمام المعظَّم القائم المهديّ عليه صلوات الله (أرواحنا له الفداء) إلى الفقهاء العدول الأتقياء / نظرنا في المسألة هو الاحتياط الوجوبي جمعاً بين الأدلة / لا ملازمة بين وجوب إيصال السهم الشريف للفقيه المتبرئ من أعدائهم وبين وثبوت ولاية عامة له على الأموال والأعراض والدماء / لا يتساوى الفقيه العادل بالمؤمن العادل / الاستدلال على ما ذهبنا إليه بعدة وجوه مهمة / الشروط المعتبرة في الفقيه / يتعيَّن وجوب الإيصال إلى الفقيه في ثلاثة موارد فقط / الظاهر عندنا بالأدلة وجوب الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة / كيفية صيغة الشهادة الثالثة وتوابعها في تشهد الصلاة.  

بسمه تعالى
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استعراض الفتاوى والإجابة عليها بشيء من الاستدلال كما هو دأبنا في الإجابات:
  السؤال الأول: هل يوجد دليل من كلام أهل البيت عليهم السلام على إعطاء الخمس للفقيه في زمن الغيبة ؟.
   الجواب على السؤال الأول: لا يخفى على المؤمن التقي، فضلاً عن العالم اللبيب أن الخمس ينقسم إلى سهمين: سادة وإمام (على صاحبه آلاف التحية والسلام)؛ فيصرف سهم السادة على مستحقيه من دون إذن  الفقيه الجامع للشرائط، لأن سهم السادة حقّ خاصٌ بهم يوزعه المالك بنفسه بمقتضى الإطلاق في آية الخمس والأخبار وجرت على ذلك السيرة القائمة على توزيع المالك سهم السادة لمستحقيه بنفسه، فلا وجه ــ في توزيع سهم السادة ــ لوساطة أحدٍ ما لم يدل الدليل على اشتراط الإذن، وإن كان الأحوط في سهم السادة الدفع إلى المجتهد الورع أو يستأذن منه، لأنه أعرف من العامي بمواضع ومواقع صرفه على الفقراء والمرجحات التي ينبغي ملاحظتها والتي منها: تدقيقه في موارد الصرف وتمييزه الفقراء المستحقين من المدَّعين، وكيفية ترجيحه فقيرٍ على آخر من حيث التدين وعدمه، والتقي من غيره، ونوع الحاجة وجنسها وفصلها، وكيفية صرف الفقير للسهم الشريف، وخبرته في الأنساب غالباً؛ لأن العوام كثيراً ما يغترون بكلّ من نسب نفسه إلى النسب العلوي الطاهر، وينجرفون وراء العناوين البراقة وما شابه ذلك؛ والإذن للمالك بجواز توزيع سهم السادة على المستحقين بنفسه، مشروطٌ بأن يكون على دراية تامة في صرف السهم الشريف على مستحقه من السادة الأشراف المعروفين بسيادتهم وعدالتهم؛ أي: يجب أن يكون صاحب الخمس على يقين أن المستحق لسهم السادة هو من السادة الأشراف؛ فالفقير المشكوك كونه سيِّداً هاشميّاً، لا يجوز له إعطاؤه من سهم السادة؛ من هنا يتميّز الفقيه الورع عن العامي في كونه أعرف منه بمواضع صرفه على الفقراء. 
 وأما سهم الإمام الحُجَّة القائم المهديّ (عليه السلام) الخاص به روحي له الفداء ، فلا بدَّ فيه أيضاً من إيصاله إلى مستحقه من المؤمنين الموالين؛ ولكن وقع الخلاف بين الأعلام قديماً وحديثاً حول اشتراط إيصاله إلى نائبه العام في عصر الغيبة الكبرى أو طلب الإذن منه في توزيعه على مستحقيه، فمنهم من قال بعدم الاشتراط كعامة الأخباريين وبعض الأصوليين؛ ومنهم من قال بوجوب الاشتراط وهو المشهور بين المتأخرين من الأصوليين، وحجة الأوائل أنه لا يوجد دليلٌ عام أو خاص يوجب إيصال سهم الإمام عليه السلام إلى الفقيه العادل، وهو خطأ محض كما سوف نبيِّن؛ بينما المشهور اعتمدوا على أدلة عامة تدل على وجوب إيصال السهم الشريف إلى الفقيه ضمن شروط معينة سيأتي بيانها، وإن أمكن الخدشة في بعضها، لكنها غير كافيةٍ في رد البعض الآخر، إلا أن الاحتياط الشرعي والعقلي يقضيان بوجوب إيصال السهم الشريف الخاص بالإمام أرواحنا له الفداء إلى الفقيه العارف بأهل البيت عليهم السلام والمتبرئ من أعدائهم لعنهم الله تعالى؛ ذلك كلّه ضمن شروطٍ معيّنة كما سوف نبيِّن، وهو الصواب الذي لا محيدَ عنه؛ ووجه الاحتياط هو الجمع بين ظواهر بعض الأخبار الشريفة ــ الدالة على أن الوكلاء في الغيبة الكبرى كالوكلاء في جمع الأموال وبيان الأحكام في عصر حضور الأئمة المطهرين عليهم السلام ــ وبين العمومات والاطلاقات الدالة على عدم وساطة أحد في توزيع سهم الشريف للإمام سلام الله عليه (وأرواحنا له الفداء) على المستحقين؛ وإن كنا لا نعوِّل على تلك العمومات لما فيها من الخدشة والضعف سوى ما دل على إحراز رضا الإمام (صلوات الله عليه) في جواز التصرف بسهمه الشريف كما سوف ترى ؛ ولكن القول بالاحتياط أسلم في النجاة يوم ترجف فيه الأفئدة والقلوب والعقول، وتزل فيه الأقدام والألسن والأقلام (نعوذ بالله تعالى من غضبه وحلول نقمته)؛ ونستدل على الاحتياط بوجوب إيصال السهم الشريف إلى الفقيه الجامع للشرائط بالوجوه الآتية: 
 (الوجه الأول): لقد دلت صحيحة عليّ بن مهزيار على وجوب إيصال الخمس إلى وكيل الإمام عليه السلام، وابن مهزيار من أجلاء أصحاب الإمام الرضا والجواد عليهما السلام، وكان وكيلاً عنهما في بعض النواحي، وخرجت إلى الشيعة بحقه توقيعات جليلة تدل على وفور تقواه وحسن عقيدته؛ وقد جاء في روايته أن الإمام الجواد عليه السلام فصَّل له كيفية الخمس في الأموال التي يحصل عليها الشيعة من المغانم والفوائد والميراث الذي لا يحتسب ومجهول المالك وغيرها، وتفصيله ذلك له، ليس قضيةً في واقعة ــ أي: ليست قضية خارجية خاصة بفرد معيَّن ــ بحيث لا ينصرف إلى غيره من المكلَّفين؛ بل هو قضية حقيقية تشمل عامة الأفراد في كلّ عصرٍ ومصر؛ فما ثبت لوكيله الخاص، يثبت لوكيل الإمام الحجة القائم (أرواحنا له الفداء) في عصر الغيبة الكبرى، والثبوت ليس على وجه الولاية العامة للفقيه، بل هو على قاعدة:" أن الوكيل أمين" على الأموال والأحكام، وهو شيء يختلف بطبيعته الشرعية عن الولاية العامة التي ادَّعاها النراقي ومن لحقه من العلماء،وقد فندناها في بحثنا الاستدلالي في النقد على ولاية الفقيه العامة في كتابنا الجليل:"ولاية الفقيه العامة في الميزان".
 وإليكم ما جاء في صحيحة ابن مهزيار بما يلي: روى المحدث الشيخ الجليل محمد بن الحسن العاملي بإسناده عن الشيخ الجليل محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد وعبد الله بن محمد جميعاً، عن علي بن مهزيار قال : كتب إليه [ الإمام] أبو جعفر عليه السلام : وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة قال : إن الذي أوجبت في سنتي هذه وهذه سنة عشرين ومأتين فقط لمعنى من المعاني أكره تفسير المعنى كله خوفاً من الانتشار ، وسأفسر لك بعضه إن شاء الله؛ إن موالي أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم ، فعلمت ذلك فأحببت أن أطهرهم وأزكيهم بما فعلت من أمر الخمس في عامي هذا ، قال الله تعالى : * خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم * ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم * وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون *؛ ولم أوجب عليهم ذلك في كل عام ولا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله عليهم ، وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليهما الحول ، ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة إلا في ضيعة سأفسر لك أمرها تخفيفاً مني عن موالي ومنَّاً مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم ، فأما الغنائم والفوايد فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى : " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير " فالغنايم والفوايد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء ، والفائدة يفيدها ، والجايزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر ، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ، ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله ، ومثل مال يؤخذ ولا يعرف له صاحب ، وما صار إلى موالي من أموال الخرمية الفسقة فقد علمت أن أموالا عظاما صارت إلى قوم من موالي ، فمن كان عنده شئ من ذلك فليوصله إلى وكيلي ، ومن كان نائياً بعيد الشقة فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين ، فان نية المؤمن خير من عمله ، فأما الذي أوجب من الضياع والغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمؤنته ، ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك . راجع: وسائل الشيعة ج 6 ص 349 ح 5 باب 8 من أبواب وجوب الخمس فيما يفضل عن مؤنة السنة له ولعياله.
  الشاهد في هذه الصحيحة المتقدِّمة هو أمر الإمام الجواد عليه السلام بإيصال الخمس إلى وكيل الإمام عليه السلام بقوله الشريف:" فمن كان عنده شيءٌ من ذلك، فليوصله إلى وكيلي..."؛ فإن مالك الخمس لا يمكنه التصرف بالخمس مع وجود وكيل الإمام عليه السلام في مدينته؛ بل لا بدَّ من إيصاله إلى الوكيل؛ وهو القدر المتيقن من منطوق الخطاب، وغيره مشكوك فيه، فننفيه بالأصل؛أي:إن غير الوكيل  خارج عن منطوق الخطاب باعتبار أن الشك في وجوب كون مالك الخمس له ولاية على التوزيع من دون مراجعة الفقيه الموالي، هو من باب الشكّ في المكلَّف به؛ فننفيه بأصالة عدم وجود ولاية له على التفرد بالتوزيع.
 وبالرغم من وضوحها في وجوب إيصال الخمس إلى وكيل الإمام عليه السلام، فإن هناك مِنَ الفقهاء مَنْ تغافل عنها قصوراً أو تقصيراً، لا سيّما أولئك الذين لم يروا للفقيه نيابة عامة في الأمور المالية، بحجة أن الرواية المتقدمة نصٌّ خاص في الوكلاء الخواص لدى الإمام عليه السلام، فلا بدَّ من الجمود على ظاهره بحدود نطاقه الخاص، وهو خطأٌ محض؛ وذلك لأن لأمرين:
 (الأمر الأول):اعتقاد المشهور بعدم وجود ولاية عامة للفقيه على الأموال والدماء والأعراض حقٌّ لا مرية فيه ولا شبهة تعتريه، لعدم نهوض الأدلة على وجود ولاية للفقيه في الأمور المذكورة،إلا أن وجوب الاستئذان من الفقيه في توزيع السهم الشريف على المستحقين، لا يستلزمُ وجودَ ولايةٍ وسلطةٍ للفقيه على السهم الشريف باعتباره من الأموال التي لا سلطة للفقيه عليها؛ بل إن وجوب الإيصال إليه من باب كونه مؤتمناً على رعاية معالم الدين وتبليغ أحكام سيِّد المرسلين وأهل بيته المطهرين (سلام الله عليهم)، تماماً كائتمانه على الدماء والأعراض مع عدم وجود ولاية له عليها، ولكنه مؤتمنٌ على المحافظة عليها ورعايتها، ولا يعني هذا بالضرورة أن له سلطة عليها يطلق من يشاء ويزوّج من يشاء، ويسفك دم من يشاء ويطلق سراح من يشاء...بل له ولاية جزئية تسمى بالولاية الحسبية التي يؤتى بها حسبةً وقربةً إلى الله تعالى كما هو مفصَّل في بحوث الاستدلال المطوّل.
 والفقيه الورع حينما يدل الدليل على وجوب إيصال السهم الشريف إليه لكي يوزعه على الفقراء ويقوم بالمرجحات التي ينبغي ملاحظتها في توزيع السهم الشريف، لا يعطيه ذلك حقّ الولاية العامة بالتصرف في السهم الشريف كيفما كان واتفق بحسب مصالحه الشخصية...كلا ثمَّ كلا؛ بل الأمر يختلف عمَّا ظنه بعض المحققين الأعلام كصاحب الحدائق (رضي الله عنه) وغيره، بل هو ما أشرنا إليه؛ ولو فرضنا أن الإيصال إلى الفقيه من باب الولاية إلا أنها ولاية جزئية في التوزيع على المستحقين كولايته على الأمور الحسبية  ــ كأموال اليتامى والأوقاف التي يعتقد بثبوتها للفقيه المحقق البحراني وغيره من الأعلام الذين لا يرون ولاية عامة للفقيه وهو الحق الذي لا نحيد عنه أبداً ــ وليست ولاية كليَّة تستلزم التصرف المطلق بالأموال والأعراض، وشتان من بينهما من الفوارق التي لا تخفى على المدقق الخبير والعالم النحرير... 
 (الأمر الثاني):إن مفهوم الوكالة الجزئية على توزيع السهم الشريف مطلقٌ، ولم يقيده الإمام الجواد عليه السلام في وكلائه على جمع الأموال في عصره، بمعنى أن توكيلهم بجمع الأموال ليس منحصراً ومقيَّداً بجمع الأموال فحسب دون غيرهم من الوكلاء بالوكالة العامة في عصر الغيبة الكبرى (على صاحبها آلاف التحية والسلام)، بل هو عام يشمل تبليغ الأحكام وأداء الأمانات وقضاء حوائج الإخوان؛ ولا يقتصر ذلك على عصر الإمام الجواد عليه السلام فحسب، بل يتعداه إلى عصر الغيبة الكبرى (على صاحبها آلاف التحية والسلام)، باعتبار أن الإمام (صلوات الله عليه) مشرِّعاً لحكم إيصال الخمس إلى الوكلاء الموثوقين الأمناء على حلال الله وحرامه؛ ولو كان مراد الإمام عليه السلام هو الوكلاء الخواص في عصره فقط دون بقية العصور اللاحقة له ـ مع كونه عليه السلام إمام العصور وليس العصر الذي كان حيَّاً فيه فحسب؛ إذ إنه إمام على فقهاء عصر الغيبة أيضاً ـ لكان نصب قرينة على أن مراده الوكالة في عصره فقط كأن يقول:" فليوصله إلى وكيلي فلان ما دمت حياً.."؛ وحيث لم ينصب قرينة على التعيين، بل أطلق؛ دل ذلك على أن المراد من الوكالة التوسعة بحيث تشمل عصر ما بعد رحيله في إيصاله إلى الإمام من بعده عبر وكيله الخاص الذي قد يعزله الإمام اللاحق للإمام الذي سبقه.
 إن وكالته للفقهاء هي وكالة حفظ ورعاية وأمانة على توزيع الأموال، وليست وكالة تصرف كما يتصرف عليه السلام بالأموال والأعراض والدماء؛ فلم يكن لوكلائه في عصره عليه السلام ولاية على الأعراض والدماء، وبالتالي لم تكن لهم ولاية على التصرف المطلق بالأموال، بل كانت وكالتهم وكالة حفظ وأمانة كما أشرنا أعلاه...
  زبدة المخض: إن ما أشرنا إليه أعلاه، لا يعني بالضرورة كون الفقهاء الأتقياء المرابطين على الثغر الذي يلي إبليس وجنوده في عصر غيبة إمامنا المعظَّم الحجَّة القائم عليه سلام الله (وأرواحنا له الفداء) وكلاء خاصين من قبله، لهم ما للوكلاء الخواص من الاحكام والآثار الشرعية والوضعية...كلا ثم كلا ! بل هم وكلاء بالوكالة العامة في التبليغ وأداء الأمانات والحقوق لأصحابها، فكلُّ فقيه ورع تنطبق عليه الصفات العامة التي يجب توفرها في الفقيه المنصوب من قبلهم على رعاية معالم دينهم، هو وكيل من جهتهم (صلوات الله عليهم؛ وهو ما أشار إليه مولانا الإمام الصاحب عليه السلام في التوقيع الصادر منه الدال على وجوب الرجوع إلى رواة الأحاديث الذين هم حجج الإمام المهدي عليه السلام في حفظ معالم التشيع وأداء الأمانات إلى أهلها، ومنها توزيع الأخماس والزكوات على مستحقيها، إما بمباشرته ذلك بنفسه أو عبر أخذ الإذن منه الذي يعد بمثابة الوكيل عنه . 
ولا أحد من الفقهاء يتجرأ بالقول إن الإمام عليه السلام شرَّع إيصال الخمس إلى وكيله في حياته وترك توزيع الخمس للشارد والوارد بعد شهادته، ولو كان ذلك هو المطلوب، لكان الأولى أن يفسح الإمام عليه السلام المجال للمكلَّفين في حياته أن يوزعوا الخمس على مستحقيه من دون مراجعة وكلائه الخاصين الموزعين في المدن، ليكون ذلك سنَّةً يقتدى به فيها، لا أن يترك الأمة تسرح وتمرح في توزيع الخمس في حياته وبعد رحيله من هذه الدنيا....كما أن الإمام روحي له الفداء لم يسمح للأمة أن تسلّم رقبتها وأموالها لكلّ عالم وفقيه لكي يتلاعب بخمسهم ويصرفه على بطنه وبطون المحسوبين عليه من بطانته وعشيرته وذوي قرابته وحولهم أكباد تحنُّ إلى القدّ (اللحم المجفف بالشمس)؛ فقد جاء عن إمامنا أبي جعفر ( عليه السلام ) عن آبائه ( عليهم السلام ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « من أفضل الأعمال عند الله إبراد الكباد الحارة ، وإشباع الكباد الجائعة ، والذي نفس محمد بيده لا يؤمن بي عبد يبيت شبعاناً وأخوه أو قال جاره المسلم جائع » .
  وجاء عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « ليس بالمؤمن الذي يشبع وجاره إلى جنبه جائع » .
  وفي كتاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى عامله عثمان بن حنيف : « أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرى ، أو أكون كما قال القائل :
وحسبك داءً أن تبيت ببطنةٍ      وحولك أكبادٌ تحنُّ إلى القدِّ 
وعن فرات بن أحنف قال : قال الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) : « من بات شبعان وبحضرته مؤمن جائع طاو قال الله عز وجل :" يا ملائكتي أشهدكم على هذا العبد أنني أمرته فعصاني وأطاع غيري وكلته إلى عمله وعزتي وجلالي لا غفرت له أبداً ".
  بالإضافة إلى ذلك: إن من كان مأموناً على التشريع والدماء والأعراض ــ طبقاً لما جاء عنهم (سلام الله تعالى عليهم) من وجوب رجوع الأُمَّة إلى الفقهاء الثقات الأُمناء على الحلال والحرام وحفظ حوزة التشيع الحقّ ــ كيف لا يؤتمن على الأموال في توزيعها على مستحقيها من فقراء الشيعة الموالين..؟! وهل يُعْقَل بحكمة العقل والنقل أن يترك الإمامُ (سلام الله عليه) الأمرَ للمكلّف في توزيع سهمه الشريف عليه السلام كيفما سنحت للمكلَّف عاطفته ونفسه الأمارة بالسوء، في حين أنَّه قديته بنفسي قد أوصى بالرجوع إلى الفقهاء المأمونين على الحلال والحرام وحراسة حياض الإسلام...؟! كلا وألف كلا !!.وهل يصح إعطاءُ ولايةٍ لمالك الخمس في توزيعه بالرغم من ضعف مداركه المعرفية والسلوكية، ولا تُعْطَى تلك الولايةُ للفقيه الورع مع أنهم قد أعطوه ولايةً كبرى على استنباط الأحكام الشرعية من مداركها ثم تبليغها إلى الشيعة...؟!؛ مع التأكيد على أن ولاية استنباط الأحكام أهم وأخطر من مهمة توزيع الفقيه الأموال على مستحقيها..! 
    إن كون الفقيه أو المحدّث وكيلاً عن الإمام عليه السلام في حضوره الشريف في قبض الحقوق المالية، لا يلغي بالضرورة حكم الوكالة عنه بعد الممات حتى يعزله الإمام الذي بعده؛ لأن الإمام السابق عليه السلام إمام حيَّاً وميتاً؛ كما أن تعيين الوكلاء في وقت الحضور، لا يلغي تعيينهم في غيبة الإمام الحجة القائم روحي له الفداء عليه السلام، وذلك لأن الإمام المهدي (سلام الله عليه) قد أوجب على الأمة الرجوع إلى رواة الأحاديث في كلّ المواضيع التي يترتب عليها حكم شرعي إلا ما استثناه الدليل كرؤية الهلال وتشخيص الموضوعات الصرفة المعلوم حكمها بالضرورة الدينية، وما دون ذلك يجب الرجوع إلى الفقهاء العدول في معرفة الأحكام والمفاهيم العقائدية، وتوزيع الأخماس على الفقراء والمساكين وطلبة العلوم الدينية الذين تركوا الأحبة والخلان من أجل التفرغ لتحصيل المعرفة ومن ثم تبليغها إلى الجهال....وكذلك طباعة كتب التراث وغيرها مما له علاقة بالدفاع عن حياض التشيع وقادته من آل محمد عليهم السلام في حال لم يتوفر مال من غير الأخماس لطباعتها.
   ولا يبعد أن يكون الأمر بوجوب الرجوع إلى الفقهاء العدول في النص الوارد عن إمامنا الحجة القائم أرواحنا له الفداء بقوله الشريف: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم) مؤسساً لحكمٍ بوجوب الرجوع إليهم في توزيع الخمس على المستحقين في بلده، وذلك من جهتين:
 (الجهة الأولى): من حيث إن الخمس هو من جملة الموضوعات التي يتطلب معرفة حكم التصرف فيها ــ بالتوزيع والإعطاء ــ إلى الفقيه الورع في غياب الإمام المهديّ (عليه السلام)؛ لأن الفقيه الورع مقصود من قبل الفقراء، حيث يرون فيه أنه أمين على الأموال وأبٌ لليتامى والفقراء، باعتباره وكيلاً عاماً في الأمور الحسبية في عصر الغيبة (على صاحبها آلاف التحية والسلام) ، فيطلبون منه إعانتهم وسد رمقهم، ولا يمكنه الفرار منهم بدعوى عدم امتلاكه للأموال مع كونه محط نظر الفقراء، فضلاً عن نظر أهل الثروة ممن في رقبتهم حقٌّ معلوم للسائل والمحروم.
 (الجهة الثانية):إن الفقيه العادل أفضل عند الله تعالى من المؤمن العادل الذي يقوم لوحده بصرف الخمس على مستحقه، فلو دار الأمر بين المؤمن العادل والفقيه العادل، يجب تقديم الثاني على الأول، لأن العالم أفضل من الجاهل، والمجاهد أفضل من القاعد؛ ومعنى المجاهد هو العالم العامل بعلمه المتفرغ في خدمة الإمام عليه السلام في غيبته يترصد أعداءه ويذب عنه الأعداء والنواصب، فهذا خير من العطال البطال، بل لا يستويان عند الله تعالى(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)؛ فترك أمر توزيع الخمس للمؤمن العادي دون الفقيه العامل يعتبر ترجيحاً بلا مرجحٍ...كما يعتبر تقديماً للمفضول على الفاضل وهو قبيح شرعاً وعقلاً..! فما معنى أن تُعْطَى الولايةُ في توزيع الخمس للمؤمن العادل وهو أدنى مرتبة من المؤمن الفقيه العادل، ولا تعطى للفقيه العادل الذي أوصى الإمام عليه السلام بالرجوع إليه بما هو أهم من الخمس وهو حراسة حياضهم المقدَّسة والحفاظ عن حلالهم وحرامهم...!؟.
 وبعبارة أُخرى: لا يعقل أن يعطي الإمام عليه السلام ولاية جزئية للفقهاء في استنباط الأحكام الشرعية ويأتمنهم على حفظ الحلال والحرام وما شابه ذلك، ولا يأتمنهم على استلام الحقوق الشرعية ودفعها إلى المستحقين وصرفها فيما يوجب نصرتهم عليهم السلام ورفع معالم دينهم...!.
    كما أن التوقيع الآخر الصادر عن إمامنا الحسن العسكري عليه السلام:" أما من كان من الفقهاء حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه) يفيد نفس مفاد التوقيع الصادر عن ابنه الإمام الحُجَّة القائم عليه السلام؛ إذ إن معنى تقليده هو البخوع إليه في كل ما يتعلق بالتشريع، ومنه توزيع الخمس على مستحقيه بحسب ما لديه من مرجحات تستوجب ترجيح فقير على آخر، لا سيما بعض طلبة العلوم الدينية ــ لا كلّهم، إن إن منهم الفساق والمشككون ويميلون إلى الوحدة الفاسدة ويحسنون الظن بأعداء آل محمَّد ــ الذين تركوا أوطانهم وذويهم وتفرغوا لتحصيل العلم للذود عن حياض آل محمد عليهم السلام، فالفقيه مسؤول عن طلبة العلوم بشرطها وشروطها، فضلاً عن غيرهم من ذوي الحاجة والمسكنة؛ وإذا لم تجبى إليه الأخماس فمن أين يأتي بالأموال ليؤسس حوزات تربي رجالاً يذودون عن حياض الإيمان والإسلام...؟؟! فهل يلتجئ إلى السلطان ليعطيه الأموال، فيكون أداة طيعة له في بسط سلطانه وتوسيع إجرامه..!؟ كلا ثم كلا ! بل لا بدَّ أن تكون يده مبسوطة بأموال الإسلام باعتباره الأمين على توزيعها ورعاية شؤون طلابها وفقرائها، ولا يعني هذا بالضرورة تضخيم كروش بعض المرجعيات البترية بالأموال والأخماس على حساب الفقراء، فإن هؤلاء خارجون حكماً وموضوعاً عن وجوب إيصال الأخماس إليهم؛ لأنهم خرجوا عن جادة الصراط واتبعوا خطوات الشيطان؛ بل يجب على المكلف عندما يرى ذلك أن يحجم عن الإعطاء، ويستعيض عنهم بفقهاء أمناء على تلكم الأموال يصرفونها حيث أمر أئمة الهدى والعروة الوثقى (سلام الله عليهم)، وإذا لم يتوفر ذلك، فإن على المكلف أن يصرف السهم أو السهمين بنفسه وليكن أميناً على الخمس، فلا يحابي الأقرباء دون الغرباء، ولا البطانة دون ذوي الحاجة والمسكنة، ولعلَّ الحكمة في عدم وجود نصوص خاصة صريحة وقطعية تدل على وجوب الرجوع إلى الفقيه العادل مردُّه معرفتهم عليهم السلام بحال الشيعة في عصر الغيبة الكبرى التي سيختلط في فتنها المظلمة الكثيرُ من العلماء والعوام، وأن الشيعة سيبتلون بفقهاء الضلالة، وأنهم سيحكمون وتبسط لهم الدنيا ــ كما هو معلوم بوضوح في زماننا هذا ــ وسيتلاعبون بالعقائد والأحكام والأموال والدماء والأعراض، فلا يجوز مدهم بحقوق الأئمة الأطهار عليهم السلام التي فرضها الله تعالى لهم ومن ثم تنازلوا (عليهم السلام) عنها للفقراء من العوام من شيعتهم الموالين الثقات العدول، وهي ضابطة عامة منهم في توزيع الحقوق الشرعية (السهمين الشريفين) على كلِّ شيعي فقير سواء أكان فقيهاً أو عامياً ما دام العنوان منطبقاً على كلا الفريقين؛ ولا يجوز إعطاؤهما إلى من لا تنطبق عليه شروط الاستحقاق الشرعي وهي التالي: الإيمان بالله تعالى وبرسوله وبهم والولاء لهم والبراءة من أعدائهم/ الفقر/ العدالة/ صرفه في سد الحاجة والضرورة .
 فلا يجوز صرفه على الأغنياء والبطانة والعشيرة لكي تقوى على غيرها ظلماً وعدواناً، ولا على المخالفين ممن يتولون أعمدة السقيفة، ولا على أحدٍ من الشيعة المنكرين لإمامتهم وولايتهم وغير المتبرئين من أعدائهم، كما لا يجوز صرفه على المرجعيات التي شغلها السياسة والتحزب وعسكرة المجتمع الشيعي لأجل الحكم والتسلط على العباد، وكذلك لا يجوز صرفه على المرجعيات التي تنفق السهمين على قنواتها الفضائية لأجل الترويج الإعلامي إلى مرجعياتهم وبسط نفوذهم وهناك فقراء من الشيعة يعدون بالملايين في بلاد الشيعة، لا سيما في العراق وإيران وباكستان والهند... ومن هذا القبيل لا يجوز صرفه على المتحزبين والسياسيين والقادة العسكريين وغيرهم ممن لا علاقة لأهل البيت عليهم السلام بهم من قريب ولا بعيد....كما لا يجوز صرفه على من يستقوي على الفكر الإمامي الذي يمثله العلماء المجاهدون الذين يقفون على الثغر الذي يلي إبليس وجنوده لحفظ التراث الشيعي، فإن الحرب ضروسٌ بيننا وبين الوحدويين البتريين؛ لأن البتريين يشنون حملة علينا لأجل ولائنا لأهل البيت والبراءة من أعدائهم...! فهؤلاء لا تنطبق عليهم العناوين التي أشرنا إليها آنفاً وبالتالي لا يجوز مدهم بالأخماس ومطلق الأموال، ومن يفعل ذلك يلقَ آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً .
   (الوجه الثاني): عند دوران الأمر بين التخيير والتعيين، يُقَدَّم الثاني على الأول، وذلك لقاعدة الاشتغال؛ توضيح ذلك:
 لو فرضنا أنَّ المكلّف مخيّرٌ بين أمرين: إمّا أن يدفع السهم الشريف إلى الفقراء؛ وإمَّا أن يسلّمه إلى الفقيه الورع، فالاحتياط يقتضي وجوب تسليمه إلى الفقيه الجامع للمواصفات والشروط؛ وذلك لأن الفقيه الورع ينوب مناب الإمام عليه السلام في حفظ الأحكام وأداء الأمانات؛ وذمة المكلَّف مشغولة بإيصال الخمس إلى الإمام عليه السلام أو نائبه؛ وحيث إن تخيير المكلَّف وتمكينه من صرف الخمس لا دليل عليه برواية خاصة، فهو ــ إذاً ــ مشكوك به، فالأصل عدمه، فيتعيَّن دفع السهم إلى مَنْ ائتمنه الأئمة الطاهرون عليهم السلام على الحلال والحرام وبيان الأحكام وحفظ حياض الإسلام، وهو القدر المتيقن، وإلا فإن تفويض غيرهم يستلزم عدمَ وثاقةِ الفقهاء العدول فيما ائتمنوهم عليه من بيان الحلال والحرام وأداء الأمانات إلى أهلها، وهو خلف الوثاقة والأمانة التي أولوها للفقهاء العارفين بهم والمتبرئين من أعدائهم...!
  وبعبارةٍ أُخرى: إن سهم الإمام عليه السلام يدور بين أن يعطَّل رأساً، أو يصرفه المالك في موارد رضاه عليه السلام، أو يرجع فيه إلى نوابه الأمناء، والأخير من أقرب طرق إحراز رضاه (عليه السلام) في التصرف في حقه (عليه السلام)، بل لا يحرز رضاه (عليه السلام) غالباً إلا بذلك، وأنَّى للعوام أن يحرزوا رضا الإمام (أرواحنا له الفداء) وأغلبهم منغمسون إلى أخمص أقدامهم في الشبهات والخوض في الحرام...!.
  بالإضافة إلى ذلك: إن مقتضى أصالة عدم جواز التصرف في مال الغير إلا برضاه، وقاعدة الاشتغال تعيِّن إيصال الخمس إلى صاحبه وهو الإمام عليه السلام حال حضوره، وإلى نائبه حال غيابه، لأن حصول العلم برضاه في التصرف في ماله (عليه السلام) من دون مراجعة نوابه الأمناء مشكلٌ، بل ممنوع، فمقتضى قاعدة الاشتغال عدم فراغ الذمة إلا بذلك، ويمكن دعوى بناء العقلاء عليه أيضاً، لأنهم إذا لم يتمكنوا من الرجوع إلى المنوب عنه فيما يتعلق به، يرجعون بفطرتهم إلى نائبه الذي يحكي أقواله ويتبع أفعاله، وإذا رأوا في فقيه اعوجاج فإنهم يعدلون عنه إلى غيره كما هو معروف في الوسط الشيعي المتقي...ودع عنك سيرة من لا يبالي بحال الفقيه بين أن يكون نقي السيرة، طاهر النفس ونظيف الكفين، لا يبالي بأموال الناس ولا يطلب رضاهم ليستأكل بأموالهم، وبين الفقيه المتحلل من القيود، ومنكب على جمع الأموال ليصرفها على بطنه وبطون بطانته ومحازبيه...! 
  (الوجه الثالث): إن سهم الإمام (عليه السلام) يجري عليه حكم مجهول المالك الذي يرجع فيه إلى الحاكم الشرعي ليتصدق به على الفقراء نيابة عن الإمام عليه السلام باعتباره المالك الحقيقي للسهم الشريف، نظراً إلى أن المناط في جواز التصدق بالمال عن مالكه ليس هو الجهل بالمالك، بل عدم إمكان الوصول إليه، سواء أعلم به أم جهله كما هو ظاهر في صحيحة علي بن مهزيار في قوله عليه السلام" فليوصله إلى وكيلي، ومن كان نائياً بعيد الشقة، فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين.."، فإن الأمر بوجوب إيصاله إلى وكيله بسبب عدم إمكان مالك الخمس من الوصول إلى الإمام عليه السلام، فالمالك جاهل بمكان الإمام عليه السلام لبعده عنه وإن كان عارفاً بشخصه بطبيعة الحال، فيكون الإيصال إلى الحاكم الشرعي حينئذٍ نوعاً من الإيصال إليه، لأن الفقيه نائب عنه بالنيابة العامة ــ لا الخاصة ــ بمقتضى قول الإمام الحجة القائم (عليه السلام):" فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليهم".  
  (الوجه الرابع): إن صحيحة علي بن مهزيار المتقدمة دالة على وجوب إيصال الخمس إلى وكيل الإمام عليه السلام، ومرسلة حماد ومرفوعة أحمد بن محمد (الواردتين في الباب الأول من أبواب قسمة الخمس ح 8 و9) تشيران إلى وجوب إيصال الخمس إلى الإمام عليه السلام لكي يصرفه في المصارف المقررة، والإيصال إلى الإمام عليه السلام أو الوكيل هو القدر المتيقن، وما دونه مشكوك، فينفى بالأصل؛ فكذلك يكون حال الفقيه باعتباره نائباً عن الإمام عليه السلام ووكيلاً عنه في توزيع الحقوق الشرعية على مستحقيها؛ فتخطيه إلى غيره محل إشكال وتوقف.
    تبقى مسألة مهمة جداً وهي: إن القول بوجوب إيصال السهم الشريف إلى الفقيه الجامع للشرائط التي أشرنا إليها، لا يستلزم أن يكون الإيصال واجباً مطلقاً وفي كلّ الأحوال وكيفما كان ، كما لا يستلزم أن يفوَّض الفقهاء وكلاءهم على الخمس وكأنهم أولياءٌ عليه، يتصرفون به كيفما تحلو لهم شهواتهم ونزواتهم كما هو ملاحظ في الوسط الشيعي حيث أطلق بعض المراجع اليوم يد وكلائهم على الأخماس، فأُتخمت كروشهم من حقوق الفقراء من السادة والعوام ؛ بل لا بدَّ من أن يكون الإيصال إلى الفقيه في ثلاثة موارد فقط، هي الآتية:
(المورد الأول): في حال كان الفقيه محتاجاً لسهم الإمام عليه السلام لتوزيعه على الفقراء من السادة والعوام، وطلب من مقلده الإعطاء لأجل توزيعه على المحتاجين في بلده، وفي حال كان هناك فقراء في بلد المعطي، لا يجوز للفقيه التفرد بأخذ السهم كاملاً، بل لا بد من التنصيف بينه وبين صاحب الخمس لكي يوزع الثاني نصفه على فقراء بلده وإلا فإن تفرد الفقيه بكامل السهم مع علمه بوجود فقراء في بلد صاحب الخمس يعتبر إجحافاً بحقهم ومنع السبيل عنهم وهو من أعظم المحرمات.
(المورد الثاني): في حال لم يكن هناك فقراء في بلد المعطي، فيعطيه المكلف للفقيه المؤتمن على الدين والدنيا لأجل صرفه على المحتاجين في بلد الفقيه؛ لأن الغاية من الخمس هي سد رمق الفقراء، وحيث لا فقراء في بلد المعطي، فلا بدَّ _ والحال هذه _ من إعطائه للفقيه المؤتمن لكي يصرفه على المحتاج في بلده؛ أي: بلد الفقيه؛ وقد جرت السيرة في ذلك بين المتدينين منذ القدم إلى يومنا هذا.
(المورد الثالث): في حال شك المكلَّف في براءة ذمته في صرف السهمين (سادة وإمام) على مستحقه، فهنا يتعين عليه إرساله إلى الفقيه المأمون بالشروط التي قدمناها لكم.
  هذه الموارد الثلاثة هي الفيصل في وجوب إعطاء السهم الشريف للفقيه المؤتمن بحسب ما جاء في الأدلة العامة المبثوثة في الأخبار الشريفة والسيرة العملية؛ وذلك لأن الفقيه نائب عن الإمام عليه السلام في صرف السهم على مستحقيه، باعتباره الممثل للإمام المهدي عليه السلام في غيبته المقدّسة، فإذا كان مأموناً على استنباط الأحكام والأعراض، فلِمَ لا يكون مأموناً على الأموال...؟ فهو بمنزلة الوكيل عن الموكل الإمام عليه السلام لكي يصرفه على الفقراء، والوكيل أمين، فلا يجوز له الغدر والخيانة....ويجب على الفقيه أن يسأل صاحب الخمس عما إذا هناك فقراء في بلده ليأذن له في توزيع قسماً منه عليهم أو كلّه فيما لو لم يكن الفقيه محتاجاً إليه لسد رمق طلبة العلوم الدينية وبقية الفقراء في بلده... وقد يستدل على ذلك بسيرة الأئمة الأطهار عليهم السلام الذين عينوا وكلاء لهم في جمع الأخماس والزكوات لينفقوها على المستحقين، وكان الوكلاء يستجيزون منهم عليهم السلام في الإذن لهم بالصرف على المستحقين...وفي غير الموارد التي أشرنا إليها، ليس هناك ما يثبت وجوب إعطاء السهم الشريف إلى الفقهاء، وكل من يدَّعي خلاف ما أشرنا إليه، فهو مخطئ أو مدلس وآكل لأموال الإمام الحجة القائم روحي فداه بغير حقٍّ، وحسابه عند الإمام سلام الله عليه وأرواحنا له الفداء...!.
 وهناك تفاصيل أُخرى تركناها خوف الملل والإطالة، وإن كنا قد ذكرنا شطراً منها في أجوبتنا على مسائل الخمس، يجدها من تتبعها في موقعنا الإلكتروني، فليراجع.
 والله تعالى هو الموفق للصواب والهادي إلى الصراط المستقيم، فهو حسبنا ونعم الوكيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
السؤال الثاني: ماحكم ذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة والتشهد الوسطي والأخير على نحوي الوجوب؟.
   الجواب على السؤال الثاني: التشهد بالشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وتشهد الصلاة واجب عندنا على الأقوى بالعنوان الأولي ــ لا الثانوي كما هو نظر السيِّد محسن الحكيم رحمه الله في الأذان فقط من باب صيرورته من شعار التشيع ــ بمقتضى العمومات والإطلاقات الدالة على وجوب اقتران الشهادة الثالثة بالولاية لأمير المؤمنين عليه السلام بعد الشهادة لله تعالى ولرسوله؛ وهي صريحة في  بعص الصحاح التي هجرها الفقهاء القشريون، وهو ما فصلناه بإسهابٍ في بحثنا الفقهي الاستدلالي حول الشهادة الثالثة وقد ترجم إلى اللغتين: (الأُردية والفارسية ) فليراجع عبر موقعنا الالكتروني.
 ويجزي في صيغة الشهادة الثالثة في الصلاة:" أشهد أن عليَّاً أميرَ المؤمنين وليُّ الله"، وينبغي أن تكون كاملة هكذا:" وأشهد أنَّ عليَّاً أميرَ المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين أولياءُ الله وحُجَجُهُ...اللهم صلِّ على محمَّدٍ وآلِ محمَّد ". والحمد لله ربِّ العالمين وهو حسبنا ونعم الوكيل، يا قائم آل محمَّد أغثنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
حررها كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد
محمَّد جميل حمُّود العاملي
بيروت بتاريخ 11 ذي القعدة 1437 هجري

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/21   ||   القرّاء : 7283




أحدث البيانات والإعلانات :



 لقد ألغى سماحة لمرجع الديني الكبير فقيه عصره آية الله الحجّة الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي ( دام ظلّه الوارف ) كلّ الإجازات التي منحها للعلماء..

 الرد الإجمالي على الشيخ حسن المصري..

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1443 هجري / 2022 ميلادي

 الرد الفوري على الشيخ البصري

 إحتفال الشيعة في رأس السنة الميلاديّة حرام شرعاً

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1441 هجري / 2020 ميلادي

 بيان هام صادر عن المرجع الديني آية الله الشيخ محمّد جميل حمُّود العاملي

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 هل كان أمير المؤمنين عليٌّ صلّى الله عليه وآله موجوداً مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الإسراء والمعراج..؟

 ما هو حكم الدم المعفى عنه في الصلاة..وكم هو مقداره..؟

 حكم الرعاف في شهر رمضان...

 البتريون كالنواصب نجسون دنسون..

 هل الملعون نجس؟

 تحية السلام على المصلي...

 حكم العدول من سورة الى سورة في الصلاة الواجبة..

ملفات عشوائية :



 رأينا في الفلسفة والعرفان

 يجوز الإستعانة بالملائكة والجن لا على نحو التسخير

 لا يصح الإعتماد على الابراج بشكل مطلق/ بعض الاخبار تضمنت ذكر القمر في برج العقرب وبرج المحاق

 مسجد الكوفة أفضل من المسجد الاقصى بآلاف المرات

 النبي عيسى عليه السلام لا زال حياً، والتوفي الوارد في الآية بحقه هو بمعنى الإنتقال والملاقاة

 معنى الإستخارة / الأدلة المشروعة على جواز الإستخارة / موارد الإستخارة / الحكمة في تشريع الاستخارة

 لا يجوز النظر إلى جسد المرأة الأجنبيّة مطلقاً إلاّ في حال الضرورة

جديد الصوتيات :



 الإيراد على الوهابيين غير المعتقدين بالتوسل بالأنبياء والأولياء من آل محمد عليهم السلام - ألقيت في عام 2008 ميلادي

 محطات في سيرة الإمام محمّد الجواد عليه السلام - 26تموز2007

 محاضرة حول الصدقة (حديث المنزلة..وكل الانبياء أوصوا الى من يخلفهم..)

 السيرة التحليليّة للإمام علي الهادي عليه السلام وبعض معاجزه

 لماذا لم يعاجل الإمام المهدي (عليه السلام) بعقاب الظالمين

 المحاضرة رقم ٢:( الرد على من شكك بقضية إقتحام عمر بن الخطاب لدار سيّدة الطهر والقداسة الصديقة الكبرى فاطمة صلى الله عليها)

 المحاضرة رقم 1:(حول ظلامات الصدّيقة الكبرى..التي منها إقتحام دارها..والإعتداء عليها ارواحنا لشسع نعليها الفداء والإيراد على محمد حسين..الذي شكك في ظلم أبي بكر وعمر لها...)

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 11

  • الأقسام الفرعية : 36

  • عدد المواضيع : 2195

  • التصفحات : 19213340

  • المتواجدون الآن : 1

  • التاريخ : 28/03/2024 - 20:49

||   Web Site : www.aletra.org   ||   
 

 Designed, Programmed & Hosted by : King 4 Host . Net