هل صحيح ما جاء في تفسير الإمام العسكري (سلام الله عليه) من أن الآية (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) هي بيان في فضيلة لرسول الله وأمير المؤمنين علي (سلام الله عليهما)؟
الإسم: الشيخ عباس*****
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سماحة المرجع آية الله... الشيخ محمد جميل حمود العاملي حفظكم الله ورعاكم
تقبل الله صيامكم واستجاب الله دعاءَكم أعاده الله عليكم بالخير والبركة والفرج ، لم ننساكم من الدعاء في هذا الشهر الكريم ونسأل الله عز وجل أن يحفظكم من كل مكروه وسوء ..نود أن نحصل على إجابة على هذا السؤال لحاجة المومنين إليه وهو ما يلي:
ورد في تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني:قال الإمام العسكري (عليه السلام): « قال الله تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل إِذْ قُلْنَا لأسلافكم: ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ- و هي أريحا من بلاد الشام، و ذلك حين خرجوا من التيه- فَكُلُوا مِنْها من القرية حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً واسعا، بلا تعب ولا نصب وَادْخُلُوا الْبابَ باب القرية سُجَّداً؛ مثل الله عز وجل على الباب مثال محمد (صلى الله عليه و آله) و[أمير المؤمنين] علي (عليه السلام) وأمرهم أن يسجدوا تعظيما لذلك المثال، و يجددوا على أنفسهم بيعتهما، وذكر موالاتهما، وليذكروا العهد والميثاق المأخوذين عليهم لهما. وَقُولُوا حِطَّةٌ أي قولوا: إن سجودنا لله تعالى تعظيماً لمثال محمد وعلي (صلوات الله عليهما).
جزاكم الله خير الجزاء
خادمكم عباس *****
الموضوع التفسيري: هل صحيح ما جاء في تفسير الإمام العسكري (سلام الله عليه) من أن الآية (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) هي بيان في فضيلة لرسول الله وأمير المؤمنين علي (سلام الله عليهما)؟.
التفاصيل: لم يكن أمر الله تعالى لبني إسرائيل بالسجود تجاه باب أريحا في فلسطين إلا لأجل تعظيم مثال رسول الله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (سلام الله عليهما) / الرواية الشريفة من روايات الفضائل العالية التي لا يؤمن بها إلا الخواص من المؤمنين العارفين / جاء في الخبر المستفيض أن أمر آل البيت (سلام الله عليهم) صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبيٌّ مرسل أو عبد امتحن الله قلبه بالإيمان/ السجود للمعصوم عليه السلام ليس شركاً إذا كان بأمرٍ من الله تبارك اسمه/ شواهد قرآنية على صحة السجود للمعصوم من باب كونه قبلة إلى الله تعالى/ الملائكة سجدت للنبيّ آدم عليه السلام/ النبي يعقوب وزوجته وأولاده سجدوا للنبي يوسف عليه السلام.
بسمه تعالى
جناب العلامة الشيخ عباس... دامت تأييداته..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكر دعاءكم الشريف للعبد الحقير، راجياً من المولى العليّ القدير أن يمنَّ عليكم بالعافية والسلامة، وأن يجعلكم وإياي من خدام دين آل محمد (سلام الله عليهم) ومن الواقفين على الثغر الذي يلي إبليس وعفاريته لصدّهم عن هراشهم وتكالبهم على معالم التشيع المبين..حفظكم الله وسدد خطاكم بالنبيّ وآله الأطهار (سلام الله عليهم أجمعين).
والجواب:
إن رواية فضائل خاتم الرسل رسول الله محمد وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (صلى الله عليهما) الدالة على أن الله تعالى مثّل مثالاً على صورة النبي وأمير المؤمنين عليهما السلام على باب أريحا وأمر بني إسرائيل بالسجود لها تعظيماً لهما وامتثالاً لأمر المولى تبارك ذكره، فصحيحة أيضاً ولا ريب في صحتها باعتبارها من روايات الفضائل الكبرى التي لا يؤمن بها المشككون والمنافقون والنواصب والبتريون (قاتلهم الله أنى يؤفكون)، وما المانع من السجود لهما إذا كان بأمر الله تعالى ؟! وقد أمر الله تعالى الملائكة بالسجود للنبي آدم عليه السلام كما أمر تعالى النبي يعقوب عليه السلام وزوجته وأولاده بالسجود للنبي يوسف عليه السلام..
إن السجود للمعصوم ليس شركاً إذا كان بأمرٍ من الله تعالى، والسجود للمعصوم عليه السلام لا يعني بالضرورة أنه يعبد المعصوم، بل إن سجوده له من باب كونه قبلةً إلى الله تعالى، ولو كان السجود للمعصوم يستلزم العبادة لكانت الملائكة والنبي يعقوب وأولاده هم أول من أشرك بالله تعالى، وحاشا لله تبارك اسمه أن يأمر بعبادة غيره..بل كان أمره بالسجود لمن أشرنا إليهم من باب تعظيم المسجود له وكونه قبلة إليه.. وقد استهجن الوهابيون لعنهم الله تعالى سجود المؤمنين على عتبات المراقد المقدسة بدعوى أنهم يعبدون أئمتهم الأطهار عليهم السلام، وقد فندنا ضلالهم في بحوثنا الأخرى، بعض منها منشور على موقعنا الإلكتروني؛ ومما ذكرناه هناك: إنه يشترط في العبادة لغير الله تعالى أن يكون السجود للمعصوم بنية العبادة، ولا واحد من الشيعة يسجد على أبواب المراقد بنية عبادتهم، بل يسجدون نحو الضرائح المقدسة بنية كون ذويها قبلة إلى الله تعالى تماماً كسجود الملائكة للنبي آدم عليه السلام وكسجود النبي يعقوب وزوجته وأولاده للنبي يوسف عليه السلام..فأين الشرك يا تُرى في فعل الملائكة والنبي يعقوب وأولاده لا سيما وقد جاءت الآية كالصاعقة على رؤوس الوهابيين ولا يعرفون الطريق للهروب من تفسيرها وهي قوله تعالى في أوائل سورة (إذ قال يوسف لأبيه يا أبتِ إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين..)
والحاصل: لقد جاء في الأخبار المستفيضة عن أمير المؤمنين وحفيديه الإمامين الصادقين الباقر وابنه الصادق عليهما السلام قالوا:" إنّ أمرنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلَّا ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان " . ومن تلك الأخبار ما رواه الشيخ حسن بن سليمان الحلَّيّ : في كتاب ( الغيبة ) عن أمير المؤمنين عليه السلام : أنه قال :" والله ، لو دخلت على عامّة شيعتي الذين بهم أُقاتل الذين أقرّوا بطاعتي ، وسمّوني أمير المؤمنين واستحلَّوا جهاد من خالفني ، فحدثتهم ببعض ما أعلم من الحقّ في الكتاب الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمَّد صلى الله عليه وآله : لتفرّقوا عنّي ، حتّى أبقى في عصابة من الحقّ قليلة ". إلى أن قال سلام الله عليه: " إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يعرفه ولا يُقرّ به إلَّا ثلاثة: ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد مؤمن نجيب امتحن الله قلبه للإيمان ". الخبر .
وجاء عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:" إن أمرنا صعب مستصعب ، لا يحمله إلا عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، ولا يعي حديثنا إلا صدور أمينة وأحلام رزينة..".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأطهار ....
حررها كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد
العبد الأحقر محمد جميل حمُّود العاملي
بيروت بتاريخ 10 شوال 1438 هجري
