• الصفحة الرئيسية

ترجمة آية الله العاملي :

المركز :

بحوث فقهيّة وعقائديّة/ اردو :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مجلّة لسان الصدق الباكستانيّة (3)
  • بحث فقهي عن الشهادة الثالثة (1)

محاضرات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرة الإمام الحجّة (عليه السلام) (121)
  • مظلوميّة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة (عليها السلام) (20)
  • شبهات وردود حول فقه السيرة الحسينية (11)
  • من هم أهل الثغور؟ (1)
  • محاضرات متفرقة (14)
  • شبهات وردود حول ظلامات سيّدتنا فاطمة عليها السلام (2)
  • الشعائر الحسينية - شبهات وردود (محرم1435هـ/2014م) (9)
  • زيارة أربعين سيّد الشهداء (عليه السلام) (2)
  • البحث القصصي في السيرة المهدوية (22)
  • سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) (6)

أدعية وزيارات ونعي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • أدعية (14)
  • زيارات (9)
  • نعي، لطميّات (4)

العقائد والتاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • شبهات وردود (458)
  • عقائدنا في الزيارات (2)

الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • إستفتاءات وأجوبة (1173)
  • أرسل سؤالك

علم الرجال :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مواضيع رجاليّة (102)

مواضيع مشتركة ومتفرقة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مراسلات زوّار الموقع للمركز (4)
  • كلمة - رأي - منفعة (20)
  • نصائح (5)
  • فلسفة ومنطق (4)
  • رسائل تحقيقيّة (3)
  • مواضيع أخلاقيّة (3)
  • فقهي عقائدي (35)
  • فقهي أصولي (11)
  • فقهي تاريخي (6)
  • شعائري / فقهي شعائري (26)
  • مواضيع متفرقة (22)
  • تفسيري (15)

مؤلفات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مؤلفات عقائديّة (15)
  • مؤلفات فقهيّة (13)

بيانات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • بيانات وإعلانات (35)

المؤلفات والكتب :

 
 
 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

 
 • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم وأهلك أعداءهم • 
  • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .

        • القسم الفرعي : شبهات وردود .

              • الموضوع : قاعدة الإعانة على الإثم والعدوان وقاعدة الإلزام .

قاعدة الإعانة على الإثم والعدوان وقاعدة الإلزام

 

الإسم: الشيخ .....
النص: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سماحة المرجع الديني المجاهد ايه الله .... الشيخ محمد جميل حمود العاملي دام ظلّه
ارجو من سماحتكم الاجابه عن هاتين القاعدتين الفقهيتين بالتفصيل الذي لا يمكن رفضه عند اهل العلم من العلماء والمجتهدين في حوزتنا في النجف الاشرف
القاعده الاولى /حرمة الاعانه على الاثم والعدوان ؟
القاعده الثانيه / قاعده الالزام ؟

* ملاحظه / اريد التفصيل استدلالياً على هاتين القاعدتين
ولدكم الشيخ .....

بسمه تعالى


     الحمد لله والصلاة والسلام على سادة رسله رسول الله وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين واللعنة الأبدية على أعدائهم والمنكرين لولايتهم وإمامتهم ومعارفهم وظلاماتهم والناصبي العداوة لشيعتهم.... جعلنا وإياكم الله تبارك اسمه  من أعوان إمام العصر وناموس الدهر بقية الله الأعظم ولي الأمر صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه وصلى الله عليه وآله وأن يمكننا من أعدائه البترية النواصب المتلبسين بثوب الإسلام والتشيع، ونتمنى لإبننا الفاضل الشيخ المجاهد حسين الحمدي دام توفيقه برعاية صاحب الأمر عليه السلام وعجل الله تعالى فرجه الشريف  كما نتمنى لزملائه من أهل العلم ممن ساروا على نهج سفن النجاة ومصابيح الدجى كلَّ خير وتوفيق وأن يكون طلب العلم للذود عن آل الله تعالى هو غايتهم وأن يكون رضاهم هو عين الحياة والفوز بالنجاة لأن طلب العلم إذا كان مقروناً بالقربة إلى الله تعالى وإلى حججه المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين يبلغ بصاحبه إلى أوج الإخلاص والزلفى لدى الأطهار والفلاح في الدنيا والنجاح في الآخرة، نتمنى لكم جميعاً التوفيق والتسديد بمحمدٍ وأهل بيته الطيبين المطهرين من كل دنس ورجس وترك أولى....وبعد..
  لقد سألتمونا عن قاعدتي حرمة التعاون على الإثم والإلزام، وها نحن نفصّل لكم تينك القاعدتين بما سنحت لنا الظروف الموضوعية وبالتالي نترك المجال لوقت آخر لا سيما في بحوثنا على العروة الوثقى في مستقبل الأيام إن اعطانا الله تعالى العمر والتوفيق، ولكن الآن لكم ما طلبتم على قاعدة:" ما لا يدرك جله لا يترك كله" ونحن هنا نبدأ بالقاعدة الأولى وهي قاعدة" حرمة التعاون على الإثم" وبه نستعين وهو حسبنا ونعم الوكيل.
 

قاعدة الإعانة على الإثم والعدوان


   وقبل الخوض في إعطاء رأينا الفقهي في موضوع القاعدة المذكورة لا بدَّ من الإشارة إلى أن هذه القاعدة من أكثر القواعد جدلاً من بين بقية القواعد الفقهية، فقد تعددت في فهمها النظريات وتشعبت عليها الأرآء الفقهية فصارت محط نظر بين المتقدمين والمتأخرين، وذلك بسبب أهميتها على الصعيد الإستنباط الفقهي فقد تفرعت عليها الكثير من المسائل الفرعية، وكل فقيه يستنبط حكماً منها بحسب محط نظره إلى تنقيح موضوعها وتحديد مفهومها.. فهي قاعدة رئيسية تمسك بها الأعلام قديماً وحديثاً في مقام الإفتاء في جملة من كليات الابواب الفقهية لتطبيقها على المسائل الفقهية الفرعية، ولتوضيح حالها ينبغي لنا بسط الكلام فيها من عدة جهات:
  (الجهة الأولى):
في بيان حقيقة الإعانة ومفهومها وأركانها:
 معنى الإعانة لغةً هو المساعدة والمعين والمعاون للإنسان هو المساعد له في فعله وأعماله، كما أن المراد بالإثم معناه الإصطلاحي المعروف وهو مخالفة الحكم التكليفي الإلزامي أي ترك الواجب أو فعل الحرام.. أو بعبارة :الإثم هو العصيان الشرعي، والمراد بحرمة الإعانة على الإثم هل هو مجرد الإثم الذي يصدر منه بإيجاد جميع المقدمات من الحرام أو إيجاد بعضها؟ وهل يحتاج في صدق الإعانة قصد ترتب الحرام الذي يرتكبه الآثم على هذه المقدمة أم لا؟ وهل يحتاج في تنقيح القاعدة أن نفس قصد الحرام من دون إرتكابه في الخارج أم أنه خاص بما ارتكبه الآثم من المخالفة الخارجية ؟ ويمكننا أن نجمل الصور التي تدخل الإعانة في صلب موضوعها، وهي على أربع صور:
الصورة الأولى: إذ قد تكون الإعانة فيما إذا قصد المعين الإعانة على الإثم مع وقوع الإثم.،،هذه الصورة هي القدر المتيقن من صدق الإعانة.
الصورة الثانية: فيما إذا لم يقصد المعين الإعانة على الإثم ولم يقع الإثم.... هذه الصورة أيضاً هي المقدار المتيقن أيضاً من عدم صدق الإعانة فيها، إلا أنها تدخل في ضمن بحث المتجري.
الصورة الثالثة: فيما لو قصد الإعانة على الإثم ولم يقع.... والأقوى في هذه الصورة دخولها في التجري أيضاً بل الظاهر عندنا القول بوقوع الحرام بسبب التجري الذي هو القطع بالحرام مع عدم مصادفة الواقع، فالمتجري يستحق العقاب عقلاً ومن الناحية الكلامية من جهة هتكه وطغيانه على المولى، ولا يبعد الحكم بحرمة التجري شرعاً لظهور بعض الأدلة الإجتهادية على حرمته، فهو منكر وليس إعانة، ونحن مع بعض الأكابرالذين ذهبوا إلى إستحقاق المتجري العقاب لأن استحقاقه إنما على قصد العصيان المنتهي إلى الشقاوة الذاتية دون نفس الفعل الصادر تجرياً ... ولسنا هنا للبحث في حقيقة التجري وإنما تعرضنا له عرضاً. 
الصورة الرابعة: وقع الإثم في الخارج من شخص  وأوجد شخص آخر بعض مقدماته الذي يتوقف على وجود ذلك الإثم عليه ولكن لم يُقصد.... وهذه الصورة هي محل خلاف بين الأعلام، فبضهم قال بعدم صدق الإعانة مع عدم القصد ومنهم الشيخ الأنصاري، وذهب فريق إلى صدق تحقق الإعانة ولو لم يقصد، وذهب فريق ثالث إلى التفصيل إلى آخر الأقوال التي سنعرضها عليكم.
ما أثرناه أعلاه ــ قبل بيان الصور المتعددة لتركيبة مفهوم الإعانة ــ من الأسئلة المتعددة حول قاعدة حرمة الإعانة على الإثم سنجيب على هذه الأسئلة بما يقدره لنا الباري تعالى ذكره...لذا نقول وبه نستعين:  لقد تعددت الأنظار في هذه القاعدة حتى بلغت زهاء ثمانية أقوال هي الآتي:
القول الأول:
وهو لمشهور أعلام الإمامية من أن الإعانة على الإثم إنَّما تتحقق بإيجاد مقدمة من مقدمات فعل الغير مع العلم بكونه مقدمة لفعل الحرام حتى لو لم يقصد حصول الفعل من غيره.
القول الثاني: أن الإعانة على الإثم هي إيجاد مقدمة من مقدماته مع قصد الفعل من الغير كمن يعطي العنب ليعمله خمراً .
القول الثالث: الإعانة هي وجود الفعل المعان عليه خارجاً، مع قصد إيجاد الفعل الحرام.
القول الرابع: المدار على وقوع الفعل المعان عليه في الخارج أو عدمه، فإن وقع تحققت الإعانة وإلا فلا، وكل ما في الأمر أنه يكون متجرياً، وثمة خلاف في المتجري هل أنه يستحق العقاب أم لا؟ فله بحث آخر، ويظهر من السيد الخوئي أنه لا يستحق العقاب وبالتالي فإن الإعانة على الإثم لا يتحقق في حال لم يقع الفعل المعان عليه خارجاً، وهذا مختار السيد الخوئي رحمه الله تعالى في مصباح الفقاهة.
القول الخامس: إن الإعانة لا تتحقق إلا بقصد وقوعها خارجاً أو بما يعتبره العرف إعانة على الإثم، وهذا مختار الأردبيلي رحمه الله تعالى، فقد علَّق الإعانة على أمرين: أحدهما :القصد إلى فعل الحرام، وثانيهما: أن المدار على الصدق العرفي وإن لم يقصد الوقوع خارجاً.
القول السادس: الإعانة لا تتحقق إلا بإيجاد المقدمات القريبة لا البعيدة ، فيتحقق مفهوم الإعانة على صدق الإعانة على المقدمات القريبة دون المقدمات البعيدة وهو مختار البجنوردي رحمه الله في كتابه القواعد الفقهية.
القول السابع: الإعانة تتحقق في حال وجود تفرقة بين المقدمة التي فائدتها منحصرة عرفاً في المعان عليه كإعطاء العصا بيد الضارب عند إرادة الضرب، وبين ما ليس كذلك كبيع العنب لمن يعمله خمراً .
القول الثامن: وجود تفرقة بين ما فيه القصد فهو حرام قطعاً وما ليس فيه فهو يدور مدار الصدق عرفاً .
  فهذه ثمانية أقوال، وثمة أمران هما الجامع بينها، الأول: وقوع الإثم في الخارج، والثاني: القصد إلى فعل الغير.
كما أن هناك عناصر تدخل في تركيبة مفهوم الإعانة وهي على أربعة أنحاء:
الأول:
القصد إلى الحرام.
الثاني: إيجاد مقدمة من مقدمات فعل الغير.
الثالث: تحقق الفعل المعان عليه في الخارج.
الرابع: الصدق العرفي حتى لو لم يقصد وقوع الإثم خارجاً ولكنه وقع.
  والتحقيق أن يقال: أن أوجه هذه الأقوال هو الخامس للأردبيلي رحمه الله تعالى ويتوافق مع القول الأول وهو رأي المشهور مع زيادة الصدق العرفي، ونحن نمزج بين القول الأول والخامس، فيكون مفهوم الإعانة متقوم بإيجاد الحرام خارجاً بقصدٍ  أو غير قصد ما دام العرف يرى أنه إعانة بوقوع الفعل الحرام خارجاً شريطة أن يكون الفعل الصادر عن الغير الجزء الأخير من العلَّة التامة...فقد قيَّدنا مفهوم الإعانة بقيدين: القصد الشخصي أو القصد النوعي المعبَّر عنه بالصدق العرفي... فما ذهبنا إليه تتحقق فيه العناصر الأربعة المتقدمة، فيكون تعريفاً جامعاً مانعاً، وهو الأوفق والأقرب إلى الأخبار المطلقة. 
  وتقرير ما ذهبنا إليه هو أن نقول: أن الإعانة من العناوين القصدية وغير القصدية أيضاً للصدق العرفي أو لأن القصد قد يحصل قهراً كمن أعطى العصا لظالم معروف بظلمه للناس ، فهو وإن كان لا يقصد من إعطائه العصا بأن يظلم الناس مع ذاك الظالم ولكن العرف يفهم منه الإعانة على الظلم، ويعتبرونه معاوناً للظالم في ظلمه، وقصده قهريٌّ، وكذلك بيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمراً أيضاً فإن القصد هنا قهريٌّ فلا ينفك عن قصد الإعانة.
  بالإضافة إلى ذلك فإنه يعتبر  في صدق عنوان الإعانة أن يكون مقدمة قريبة بل لو كانت الوسائط كثيرة بشرط العلم بأن الإعانة تشمل البعيد، كمن أعطى عنباً لغيره يعلم أنه يغرس حباته لتكون في المستقبل عنباً يبيعه لمن يعمله خمراً، فبيع العنب لمن يعلم أنه يغرس حباته لاجل بيع عنبها لكي تصنع خمراً في المستقبل هو من المقدمات القريبة إلا أن تصنيعه خمراً مقدمة بعيدة فهي حرام لا تجوز الإعانة عليها لصدق الإعانة على الإثم مع كثرة الوسائط...فالمعتبر في صدق الإعانة هذه الأمور الأربعة: القصد، إيجاد مقدمة تحت يد غيره، وأن تكون المقدمة قريبة مع تعدد الوسائط، وقوع الفعل المعان عليه خارجاً حتى مع عدم وجود قصد بل مجرد تحقق الوقوع عرفاً وهو ما نسميه الصدق العرفي.
 ونستدل على اعتبار القصد بأنه من الامور الإختيارية تنتسب إلى فاعلها لجهة ظهور نسبة كل فعل إختياري إلى فاعله أنه صدر منه بقصده... وأما اعتبار المقدمية فهو واضح ليس بحاجة إلى تفصيل لأن مقدمة الحرام حرام لا سيما مع تحقق الحرام خارجاً... وأما اعتبار كون المقدمة قريبة لاجل صحة سلب هذا العنوان عن المقدمات البعيدة وإلا لزم العلم الإجمالي بحرمة بعض أفعالنا دائماً لكونها بالواسطة إعانة لبعض المظالم....وأما اعتبار وقوع المعان عليه بقصد الوقوع أو بدونه مع تحقق الصدق العرفي إذ لا فرق بين وقوع الإثم بين أن يقطع المعاون بعدم وجود قصد لديه ولكنه تحقق، وبين أن يرى العرف صدق الإعانة عليه، بداهة أن الإعانة قد تصدق عرفاً في موارد عدم وجود القصد مثل أن يطلب الظالم العصا من شخصٍ لضرب مظلوم فيعطيه إياها أو يطلب القلم لكتابة ظلم فيعطيه إياه ونحو ذلك مما يعدُّ معونةً عرفاً وقد دلت الأخبار على هذا النوع من الإعانة من دون إشتراط القصد بل أطلقت بحيث تشمل عدم القصد، ففي النبويّ المروي في باب الأطعمة من الكافي كما في موثقة السكوني عن مولانا الإمام المعظَّم الصادق صلوات الله عليه وآله قال:" من أكل الطين فقد أعان على نفسه " وفي خبر القداح عن الإمام الصادق عليه السلام قال:"قيل لأمير المؤمنين عليه وآله الصلاة والسلام في رجلٍ يأكل الطين فنهاه فقال:" لا تأكله فإن أكلته ومت كنت قد أعنت على نفسك" والمقصود من الطين هنا هو غير طين قبر الإمام المعظم مولانا وسيدنا أبي عبد الله عليه السلام وكذا قبور أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام فإن ذلك خارج حكماً وموضوعاً عن حرمة أكل الطين.
  ومما يدل على صدق الإعانة على الإثم  بدون القصد غير واحد من الأخبار مما ورد في أعوان الظلمة حيث إن دلالتها واضحة بحرمة إعانة الظلمة وكلها خالية عن اعتبار قصد الإعانة في تحقق مفهومها خارجاً ، ففي بعضها :" من مشى إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج عن الإسلام" وفي آخر قال:" إذا كان يوم القيامة ينادى مناد: أين أعوان الظلمة أين أشباه الظلمة حتى من برى لهم قلماً أو لاق لهم دواة فيجتمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في نار جهنم خالداً مخلداً" بل وردت النهي عن معونة الظالمين حتى في بناء المساجد كما في رواية يونس بن يعقوب عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" لا تعنهم على بناء مسجد" وقوله عليه السلام:ط ما أحب أني عقدت لهم عقدة أو وكيت لهم وكاء وأن لي ما بين لابتيها لا ولا مدة بقلم إن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يفرغ الله من الحساب" وقد أفتى المشهور بعدم حرمة معونتهم في المباحات حيث قيدوا الحرمة بكونها في الظلمن والأقوى التحريم مطلقاً وفاقاً للشيخ الأنصاري رحمه الله تعالى مع عدّ الشخص من الأعوان، فإن مجرد بناء المسجد ليست محرمة بما هو مسجد إلا على نحو الإعانة العرفية فإن العرف يفهم من معاونتهم في بناء مسجد أنه من أعوانهم فيقال: فلان معمار للظالم أو بنى لهم بناءً ولو في خصوص المساجد...وقد أجاد أحد الأكابر حيث قيل له: إني رجل خياط أخيط للسلطان فهل تراني في أعوان الظلمة ؟ فقال له: المعين لهم من يبيعك الإبر والخيوط، وأما أنت فمن الظلمة أنفسهم...
  فيتحصل مما ذكرنا: أن الإعانة المحرمة على قسمين: أحدهما الإعانة لهم على ظلمهم، والثاني ما يكون بنظر العرف من أعوانهم والمنسوبين إليهم بأن يقال: هذا خياط السلطان وهذا معماره وبناءه وحلاقه وكاتبه...إلخ.
  وما أشكل عليه الشيخ الأنصاري رحمه الله تعالى على المولى الأردبيلي رحمه الله تعالى بدعوى أن صدق الإعانة مع عدم القصد كما ذهب إليه الأردبيلي لا يصدق عليه بأنه إعانة من الفاعل باعتبار أن الفاعل لم يكن من قصده وصول الغير إلى مقصده ولا إلى مقدمة من مقدماته بل يترتب عليه الوصول من دون قصد الفاعل فلا يسمى إعانة كما في تجارة التاجر بالنسبة إلى أخذ العشور ومسير الحاج بالنسبة إلى أخذ المال منه ظلماً ..إلى آخر كلامه .
 وفيه ما لا يخفى عند التدقيق فإن أخذ الظالم من الحاج العشور أو المكوس لم يكن صادراً من الحاج بإختياره بل قهراً عليه وإرغاماً له بخلاف من باع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمراً، فالبائع وإنْ لم يكن قاصداً إلا أنه أوجد للبائع مقدمات الحرام.. كما أنه لا يصدق على التاجر والحاج أنهما معونان للظالم في إعطاء العشور إضطراراً أو إكراهاً فإن ذلك منصرف بالبداهة عن أعوان الظلمة، فإن غرض التاجر هو إنفاق سلعته، والحاج غرضه من السفر إلى مكة هو أداء فريضة الحج الواجبة عليه وليسا قاصدين بذلك إعانة الظالم في ظلمه وإن كان ذلك ملازماً لدفع العشر أو الضريبة وكان الدفع ملازماً أيضاً لتقوية شوكة الظالم إلا أن عدم الذهاب للحج بحجة أن دفع الضريبة ملازمة لتقوية شوكة الظالم يستلزم ترك الحج وهو من الكبائر ولم يعهد من أئمتنا الطاهرين عليهم السلام أنهم تركوا الحج لتلك الوسوسة القائلة بأن دفع العشور تقوية للظالم وإلا لو كان ذلك تقوية لأدى ذلك إلى تعطيل الحرف والصناعات مع أن أصحابها لا يقصدون من عملهم هذا الإعانة على الإثم والعدوان كما أن العرف لا يعتبر ذلك إعانة، ولو كان عملهم إعانة لأنه يسبب أخذ العشر والضريبة فلازمه رفع اليد أعمالهم الضرورية المستلزمة لبقاء الحياة وإلا لتعطلت التجارات والصناعات وهو مستلزم للحرج وإختلال النظام الإجتماعي وهو مرفوع عن أُمة رسول الله وآله الطاهرين عليهم السلام... بالإضافة إلى ذلك فإن المراد من الصدق العرفي وإن لم يقصد ليس معناه مما أخذ رغماً عنه كما نظَّر له شيخنا الأنصاري رحمه الله في مثال الحاج والتاجر، فإن هذين يدفعان العشور وهما مرغمان على فعل ذلك وليس  بإختيارهما كما في البائع للعنب لمن يعلم أنه يعمله خمراً فإنه يبيعه بإختياره لا أنه مرغم على ذلك ، وكلامنا إنما هو في الإختيار لا في الإضطرار أو الإكراه، وبينهما بون شاسع فتأمل. 
(الجهة الثانية): بيان مدرك القاعدة ومستندها الشرعي:
  نستدل على حرمة الإعانة على الإثم والعدوان بالشرطين المتقدمين وهما القصد الشخصي أو القصد النوعي حتى لو لم يكن قصد (الصدق العرفي) بالوجوه الآتية:
الوجه الأول: الإطلاق في قوله تعالى﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾المائدة 2.
 فلم تقيِّد الآيةُ مفهوم الإعانة على القصد الشخصي بل أطلقت حرمة الإعانة على غير القصد الشخصي وليس ثمة ما يقيِّد هذا الإطلاق، فيبقى الإطلاق منعقداً بالظهور، وإحتمال التقييد بالقصد الشخصي يبقى مجرَّد إحتمال وهو لا يغني شيئاً في الإستدلال على قاعدة:" عند الإحتمال يبطل الإستدلال" فلا يصلح الإحتمال أن يكون مؤيداً فضلاً عن أن يكون دليلاً مستقلاً برأسه، كما أنه ليس ثمة إنصراف ذهني إلى القصد والإلتفات الشخصيين فقط حتى يدَّعى تقييد الإطلاق به وذلك لتساويه ــ على فرض وجوده ــ بعديله وهو الصدق العرفي، كما أن الإنصراف يمكن الذهاب إليه في حال لم يكن ثمة ما يمنع منه وهو إطلاقات الأخبار وعموم الآية الظاهر في حرمة المعاونة على الإثم والعدوان مطلقاً من دون تقييد.
  وقد استشكل بعض الأكابر في دلالة الآية على حرمة الإعانة على الإثم بأن" النهي في الآية تعلق بعنوان التعاون لا المعاونة فإن التعاون بنظره هو عبارة عن اجتماع عدة أشخاص لإيجاد أمر من الخير أو الشر ليكون صادراً من جميعهم كنهب الأموال وقتل النفوس وبناء المساجد والقناطر، وهذا بخلاف الإعانة فإنها من الأفعال وهي عبارة عن تهيئة مقدمات فعل الغير مع إستقلال ذلك الغير في فعله، وعليه فالنهي عن المعاونة على الإثم لا يستلزم النهي عن الإعانة على الإثم فلو عصى أحد فأعانه الآخر فإنه لا يصدق عليه التعاون بوجه فإن باب التفاعل يقتضي صدور المادة من كلا الشخصين، ومن الظاهر عدم تحقق ذلك في محل الكلام" .
 والتحقيق أن يقال: أن كلامه لا يخلو من خدشة بينة وهي: أن أمره تعالى بالتعاون على البر والتقوى وكذلك نهيه عن التعاون على الإثم والعدوان لم يكن متوجهاً إلى طرفين بما هما طرفان بل كان النهي منحلاً إلى كل فرد فرد على نحو إنحلال العموم إلى افراد بما هم أفراد مستقلين لا بما هم مجموع واحد يشكل عموماً واحداً على نحو الإرتباط المجموعي .
 وبعبارة أخرى: إن النهي عن التعاون على الإثم والعدوان ليس كما تصوره صاحب الدعوى ذلك لأن النهي عن التعاون ليس باعتبار فعل واحد وقضية واحدة وفي واقعة واحدة بل الخطاب متوجه إلى عموم المؤمنين والمسلمين بأن يكون كل واحد منهم عوناً للآخر في البر والتقوى ولا يكون عوناً لأحد في الإثم والعدوان، فالعموم إنحلالي كما أشرنا أعلاه وليس عموماً مركباً لا يمكن إنحلاله...وهذا نظير عموم الخطابات الناهية عن إغتياب المؤمن وقذفه وبهتانه وحرمة ترويعه أو الإنتقاص منه أو التشهير به، فلم يعلق النهي فيها على وجود طرفين متوافقين على إرتكاب الحرام بل الملاحظ في تحديد موضوع الخطابات المذكورة هو وجود طرف واحد مرتكب للحرام وليس ثمة طرفين من الجهتين يرتكبان الحرام بل أحدهما آثم والآخر بريء... فإنها خطابات لم تراعَ فيها وجود طرفين مجرمين كما أشرنا،  فالصحيح هو أنه لا قصور في مفاد الآية على ما أفدناه، وكل دعوى مخالفة له مردودة بما أفدنا ولا تنهض أن تكون دليلاً لإثبات معاكسه.
ودعوى أن وحدة السياق في الآية  بدليل أن التعاون على البر والتقوى ليس واجباً فليكن الأمر سيان بالنسبة إلى النهي عن التعاون على الإثم والعدوان فيحمل النهي في الجملة الثانية على الكراهة في حين تحمل الجملة الأولى على الإستحباب.. وهو حمل غريب وعجيب نرده بأمرين:
الأمر الأول:
إن وحدة السياق إنما يمكن الأخذ بها فيما لو كانت كل واحدة من الجملتين مشتملة على أمر واحد أو نهي واحد نظير ما لو قال المولى:" اغتسل للجمعة والجنابة" و" لا تبل في الماء الراكد" و" لا تشرب الماء في الليل قائماً" فههنا أمرٌ واحد لغسلين هما الجمعة والجنابة وليس ثمة أمر ونهي في جملة واحدة بل هما في جملتين منفصلتين كما هو في الآية :" تعاونوا" و " ولا تعاونوا" فالأمر غير النهي، فحينما أمر بالبر والتقوى يمكن حمله هنا على الإستحباب ولكن النهي لا يمكن أن يحمل على الكراهة لعدم وجود سياق متفق في الجملتين وعلى نسق واحد فيهما، فشروط السياق مختلة في البين فلا يمكن الركون إليه والإعتماد عليه، لأن الجملتين في الآية مختلفتين من حيث المفاد والمضمون، فواحدة مشتملة على الأمر والأخرى مشتملة على النهي أي أن إحداهما مفادها البعث على إيجاد شيء والأخرى مفادها الزجر عن شيء آخر، فلا يكون مورداً للأخذ بوحدة السياق.
الأمر الثاني: أن الجملتين المذكورتين في الآية تعتبر كلُّ واحدة منها جملة مستقلة في مفادها أو دلالتها وفي مقام بيان أمر آخر يختلف بطبيعته عن دلالة ومفاد الجملة الأخرى...بمعنى أن كلَّ واحدة منهما بصدد بيان مطلبٍ لا ربط له بالمطلب الآخر الذي هو مفاد الجملة الأخرى، ومجرد كون الجملتين في سياق واحد لا يدلان على كونهما من طبيعة واحدة أو سنخ متحد.
الوجه الثاني: الأخبار الواردة في المقام تدل على حرمة الإعانة على الإثم والعدوان وهي على قسمين:
القسم الأول: ما يدل على القصد في تحقق الإثم والعدوان وأخباره كثيرة جداً ولا يبعد تواترها بمرات.
القسم الثاني: ما يدل على عدم القصد الشخصي ولكنها بعمومها دالة على صدق الإعانة على الحرام بالصدق العرفي كما اشرنا فيما مضى، ومنها ما ورد من قول رسول الله صلى الله عليه وآله:" من أعان على قتل مؤمن ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله" بتقريب أن الإعانة المطلقة حرام شرعاً سواء أكانت بقصد أم بغير قصد ، ونريد بذلك عدم الفرق بين القصد الشخصي أو النوعي، فقد أشارت الرواية إلى أن المعين على قتل المؤمن ولو بشطر كلمة لا يقصد مباشرة الإعانة عليه وإنما يقصد بطريق غير مباشري أو أن العرف يفهم من الإعانة عليه بشطر كلمة انها توجب العقاب... وهذا الوعد بالعقاب دلالة واضحة على حرمة الإعانة على الإثم والعدوان فثبت المطلوب... وكذلك ما ورد على لسان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله قال:" من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم الإسلام" ومن المعلوم أن التبسم في وجه المبتدع لم يقصد منه المباشرة بالإعانة على هدم الإسلام بل المقصود الهدم غير المباشري، وعلى كل حال فإن الروايتين المذكورتين تدلان على حرمة التعاون على الإثم ... وكذلك ما ورد الكافي كتاب المعيشة ج5ص277 في حرمة إجارة داره لأن يباع فيها الخمر كخبر جابر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يواجر بيته فيبتاع فيه الخمر ؟ قال عليه السلام:" حرام أجرته"... ومن الواضح أن من يؤجر بيته لبيع الخمر لم يؤجره بيته لكي يباع فيه الخمر لا سيما إذا كان متديناً وعارفاً بمعالم الدين ــ كجابر السائل للإمام عليه السلام يريد أن ينقل للآخرين حكم الإمام عليه السلام في مؤاجرة بيته لبياع الخمر، وكذلك ما فعله عمرو بن حريث أبو أحمد الصيرفي الأسدي من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في الرواية التالية ـــ بل أجرَّه لأجل المال، فهو غير قاصدٍ للحرام ولكنه في الخبر جعله في مصافّ المذنبين، فإن العرف يفهم منه الإعانة ويعده معونة حقيقية....وفي صحيحة عمرو بن حريث قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التوت أبيعه يصنع به الصليب والصنم؟ قال: لا " وكذا مكاتبة عمر بن أُذينة عن الإمام الصادق عليه السلام سئل عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه صلبان؟ قال: لا "... ومنها ما رواه الكليني عن جابر عن مولانا الإمام أبي جعفر عليه السلام قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله في الخمرة عشرة غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها" فقد عدَّ ما عدا شاربها من جملة الملعونين من جهة كونهم معاونين على الإثم فضلاً عن شاربها.
    فقد ظهر من مطاوي جميع ما ذكرناه: أن المدار في عنوان الإعانة هو الصدق العرفي سواء أكان قاصداً الإعانة أم لم يكن قاصداً، فالمهم هو الصدق العرفي، وعليه فلا يفرق في ذلك بين المقدمات القريبة والبعيدة أيضاً، ولذلك صحَّ إطلاق المعين على من تسبب في قضاء حوائج الغير ولو بوسائط بعيدة، فكما يصدق على المتصدق على ألف فقير أنه معينهم كلهم على البر والتعاون كذلك يصدق على ألف ممن عاونهم على الإثم والعدوان، فلا يفرق بين آخر واحد في سلسلة الألف في صدق المعونة عليه من قبل الآثم كما يصدق على الأول من سلسلتها....وبهذا يتضح أن الفقيه يستظهر من مجموع تلكم الأخبار المتفرقة في أبوابها المتعددة حرمة الإعانة على الإثم . 
  وخلاصة ما تقدَّم: أنه لا يعتبر في تحقق مفهوم الإعانة علم المعين الشخصي بها ولا اعتبار الداعي إلى تحققها ما دام يصدق عرفاً عليه أنه معين على الإثم لبداهة صدق الإعانة بالإثم على من أعطى العصا لمن يريد ضرب اليتيم وإن لم يكن إعطاؤه العصا بداعي وقوع الحرام فلا يكفي القول بأني لم أقصد أذية اليتيم، ولو نظرنا إلى واقع النفس لوجدنا أن أكثر ما يصدر منها لا يكون إلا على وجه القصد الشخصي أو الصدق العرفي.
إشكال وحلٍّ: ذكرتم بعض الأخبار التي هي ظاهرة في حرمة بيع العنب أو الخشب أو التوت لمن يعمله خمراً مع أنها معارضة بأخبار أخرى تجوز ذلك منها ما رواه الحر العاملي في الوسائل أبواب ما يكتسب به ج12ص168باب59في جواز بيع العصير والعنب والتمر ممن يعمله خمراً وقد حملها المتأخرون على عدم قصد البائع بأن تصنع خمراً، وقال العلامة الأنصاري رحمه الله تعالى في مكاسبه المحرمة:" يحرم بيع العنب ممن يعمله خمراً بقصد أن يعمله وكذا بيع الخشب بقصد أن يعمله صنماً أو صليباً لأن فيه إعانة على الإثم والعدوان ولا إشكال ولا خلاف في ذلك، أما لو لم يقصد ذلك فالأكثر على عدم التحريم للأخبار المستفيضة .." والشيخ الأنصاري أعلى الله مقامه ممن يقول بمقالة المشهور، وثمة فريق آخر من أعلام الإمامية ذهبوا إلى خلاف ذلك، إعتماداً على الأخبار المانعة التي أشرنا إلى بعضها، وقد وقع تعارض بين كلا الطائفتين فحملها المشهور على الكراهة جمعاً بين الأخبار المجوزة والمانعة، ولكن الفريق الآخر لم يرتضِ ذلك ونحن نميل إليهم بالدليل والبرهان، وقد نقحنا الموضوع بما يقتضيه فضل الحجج الطاهرين عليهم السلام على ما أسبغوه على عبدهم الفقير المستكين المحتاج إليهم صلوات الله تعالى عليهم... وها نحن نورد على دليل المشهور بعونه تبارك شأنه وعون وليّه الأعظم أرواحنا فداه بالنقاط التالية:
 (النقطة الأولى):
عند وقوع أي تعارض بين طوائف الأخبار، فإن القاعدة تقتضي تمييز الأخبار المختلفة بعرضها على القرآن الكريم للأخذ بما يتوافق معه وهجر أو طرح ما يخالفه، وحيث أن الله تعالى ذم الخمر والمتاجر به بل أنه نهى عن الجلوس على طاولة عليها خمر، وقد عبَّر عن الخمر بالرجس الذي يجب الإجتناب عنه بكافة مصاديقه القريبة والبعيدة من زرع العنب ليعمل خمراً وسقيه وتخميره وبيعه .... فالموافق للكتاب هو الأخبار المانعة، وأما الأخبار المجوزة لبيع العنب لمن يعمله خمراً مخالفة للكتاب الكريم فتطرح وتقدم الطائفة المانعة باعتبارها أوفق بالكتاب وبعدها عن حكام بني أمية وبني العباس الذين كانوا ولا يزالون يستحلون الخمر.
   فالتحقيق أن يقال: بأن الموافق لعمومات الكتاب والأصول الثابتة من السنة الشريفة هم تقديم أخبار المنع من بيع العنب وما شابهه لكي يصنع خمراً أو صليباً....
 ودعوى أن الأخبار المجوزة موافقة لعمومات الكتاب الكريم كآيات حلية البيع كقوله تعالى﴿ أحل الله البيع﴾ وبيع العنب أوالخشب لكي يصنعان خمراً أو صليباً داخلان في مفهوم البيع الجائز في الآية الشريفة... مردودة جملة وتفصيلاً وذلك لأمرين:
أحدهما:
إن مفهوم البيع مقيَّد بما يجوز شرعاً بيعه ولا ينصرف إلى عامة البيوع، فبيع العنب والخشب والتوت وما شابههما وإن كان جائزاً بالعنوان الأولي باعتباره عنباً أو خشباً إلا أن عمومات الكتاب والسنة الشريفة منعت من بيع المواد المحرمة أو مواد مباحة ولكن  يمكن تحويلها إلى مواد محرمة، من هنا وردت تخصيصات لعدة من البيوع المحرمة مع كونها من مصاديق البيع، فليس كل بيع جائز وإنما بشرطها وشروطها والحلية أحد شروطها.
 ثانيها: دعوى أن الأخبار المجوزة موافقة لعمومات حلية البيع متعارضة مع عمومات قرآنية أخرى متقدمة عليها وهو عموم حرمة الإعانة على الإثم وعمومات دفع المنكر.
  (النقطة الثانية): مع قطع النظر عن التعارض المذكور فلا بدَّ للفقيه من إرجاع علم الأخبار المجوزة إلى أهل الذكر بمقتضى الأخبار الآمرة برد الأخبار المتشابهة التي لم يقدر على فهمها إلى أهل الذكر من آل الله تعالى، هذا فيما إذا لم يمكن حملها على الضرورة أو التقية على فرض التسليم بصحة صدورها عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، بالإضافة إلى معارضتها للأصول والنصوص المعتضدة بالعقول السليمة.
  وبعبارة أخرى: أن الأخبار المجوزة في مقابل الأصول والقواعد الأصيلة من الكتاب الكريم والسنة المطهرة كقاعدة حرمة الإعانة على الإثم وقاعدة حكم العقل بوجوب التوصل إلى دفع المنكر مهما أمكن، بل إن تقديم أخبار الجواز فيه إشكال عظيم إذ كيف لأخبار الجواز أن تقابل هذه الأصول المسلمة والقواعد المقررة، فإن بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمراً أو الخشب ممن يصنعه صنماً هو عين المنكر فيجب دفعه بحكم العقل، وعلى ضوء الحكم العقلي وردت الأخبار المانعة.
  (النقطة الثالثة): إن الأخبار المانعة حاكمة على الأخبار المجوزة باعتبارها نصاً محكماً في الحرمة بخلاف أخبار الجواز فإنها متشابهة الدلالة فضلاً عن موافقتها للمخالفين وحكامهم، كما أن الأخبار المجوزة تخالف سيرة المتدينين المتصلة بسيرة الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم، فمن القبيح بل والإفتراء عليهم بأنهم كانوا يستحلون بيع العتب ممن يعلمون أنه يعمله خمراً وإلا لما كان وصلتنا الأخبار المانعة، من هنا لم يطق المحدث البحراني أعلى الله مقامه بأن تكون الأخبار المجوزة متقدمة على الأخبار المانعة فقال:" وما ذكره الأصحاب من الكراهة في موضع التحليل وإن كان جيداً في حد ذاته إلا أن ظواهر الأخبار لا تساعده"  فإستمرار عمل الأئمة الأطهار عليهم السلام بالمنع من بيع العنب ليعمل خمراً والخشب ليعمل صنماً أو صليباً ومن البعيد جداً إستمرار عملهم على الكراهة لمخالفتها لما أشرنا إليكم للقواعد والأسس التشريعية في الكتاب والسنة الطاهرة على أصحابها آلاف السلام والتحية.
  كما أنه من البعيد جداً ان يجوِّز أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام لأبي كهمس وأمثاله ممن جاءت الأخبار بالتجويز لهم ببيع العنب ليعمل خمراً مع ضعفهم الديني وكذلك ضعف الرواية التي رواها أبي كهمس الناقل عن الإمام عليه السلام بهتاناً وزوراً بأنه قال:" هوذا نحن نبيع تمرنا ممن نعلم أنه يصنعه خمراً" معاذ الله تعالى أن يكون أئمة الهدى ومصابيح الدجى يبيعون تمورهم لمن يعلمون بأنه يصنعها خمراً ..!! أليس هذا ترويجاً للحرام وتشجيعاً على الإنكباب عليه والترغيب فيه..؟؟!!
الوجه الثالث: حكم العقل بقبح المساعدة على إتيان ما هو مبغوض عند المولى العرفي أو الرباني وما فيه مفسدة سواء أكان الصادر بقصد الإعانة أم بغير قصد شخصي ما دام العرف يفهم منه أنه معين على الإثم والعدوان، ومن هذا القبيل أيضاً حرمة بيع السلاح لأعداء الدين لما فيه من الإعانة على الظلم من الناحية العرفية ولو لم يقصد البائع تقويتهم على المؤمنين والأبرياء الآمنين من أي طائفة أو دين، ذلك لأن الغالب في أعداء الدين كالنواصب مثلاً هو استعمال السلاح بظلم المؤمنين من الموالين فحتى لو لم يكن البائع قاصداً إعانتهم على قتل المؤمنين فإن مجرد البيع يكون حراماً بنظر العرف والعقل ويعتبران ذلك مساعدة لهم على العدوان لغلبة الإستعمال عندهم بالحرام، من هنا ورد في الأخبار حرمة بيع السلاح إذا خرج اليماني من صنعاء اليمن وهو ممن يقوم بنصرة مولانا الإمام الأكبر الحجة بقية الله تعالى الأعظم أرواحنا فداه وصلى الله عليه وآله فحرمة بيع السلاح عند خروجه حتى لا يلتوي أحد عليه حتى لو كان البائع لا يقصد الإعانة عليه يرجى التأمل جيداً.
 وهل تشمل القاعدة المقدمات البعيدة أم أنها خاصة بالمقدمات القريبة؟ لا يبعد شمولها للمقدمات البعيدة أيضاً وذلك لصدق الإعانة وأنه لا يفرق فيها بين المقدمات القريبة والبعيدة ما دام القصد للحرام موجوداً ولو كان على نحو الألف واسطة، فمن تزوج لكي ينجب ولداً عاصياً يكون زواجه إعانة على الإثم وكذلك لو تزوج بقصد أنه يولد له ولد يبيع الخمر أو يتزوج ليخرج من صلبه حفيداً خماراً أو آثماً أو يكون زواجه لأجل أن ينجب ولداً عشاراً مثلاً يكون تزويجه إعانة على الإثم وإن كان من المقدمات البعيدة، ومن هذا القبيل يحمل لعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لغارس العنب لأجل الخمر، فهو وإن كان من المقدمات البعيدة إلا أنه يقصد بزرعه للعنب أن يبيعه لخمار أو يصنعه خمراً...  كما أن المقدمات القريبة تعد إعانة على الإثم عرفاً ولو لم يكن بقصد ترتب ذلك لما انتخبناه من تعريف القاعدة كما أشرنا إليه فيما سبق.
(والحاصل): أن العقل مستقل بقبح مخالفة المولى وإتيان ما هو مبغوض عنده، كذلك مستقل في الحكم بقبح المساعدة على إتيان الغير ذلك المبغوض للمولى وما فيه مفسدة، فلا فرق بين المخالفتين.
الوجه الرابع: قيام الإجماع بين فقهاء الإمامية قديماً وحديثاً على حرمة الإعانة على الإثم وإن إجماعاً مدركياً يعتمد على تعليل حرمة بعض الأفعال بأنه إعانة على الإثم لا يكون حجةً شرعية، لذا يكون ذكره من باب الإستئناس وليس من باب الحجية باعتباره ليس إجماعاً دخولياً أو تعبدياً .
 يتضح من خلال ما قدَّمنا: أن الإعانة على الإثن تتحقق بقصد أو بغير قصد شخصي أي بالقصد النوعي، بل حتى لو لم يقصد بالقصد الشخصي أي أنه لم يقصد صدور الحرام عن ذلك الغير ولكنه يستلزم إيجاد الحرام فيكون بمنزلة الجزء الأخير من العلة التامة لأنه ليس لوقوع الحرام حالة مرجوة ومنتظرة سوى وجود هذه المقدمة، فكيف لا يعتبرها العرف بأنها إعانة بل العكس هو الصحيح إذ أنه يراها إعانة، ومن هذا القبيل ما ورد من بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمراً فإنه بتسليمه العنب يكون قد هيئ له الجزء الأخير من العلة التامة حتى لو لم يقصد من بيعه أن يصنعه المشتري خمراً لكن علم البائع في ذلك يعتبر محفزاً بالجزء الأخير من العلة التامة، ولا يكفي مجرد نيتة البائع بيع عنبه ليأخذ الثمن وإلا لكان جاز بيع الخمر بنية تحصيل الثمن وليس بنية الإسكار مع أن الأدلة القطعية جزمت بضرس قاطع على حرمته بحيث لم يختلف على حرمة بيعه غثنان من أعلام الإمامية، ودعوى أن أن البائع لم يكن يقصد التخمير ببيعه للعنب ولكن يعلم البائع أن هذا العنب لو انتقل إليه يحدث فيه بعد ذلك إرادة صنع الخمر لما يعلم أنه سيحدث له دواعي هذا الفعل ففي هذه الصورة لا يصدق على ذلك البيع عنوان الإعانة على الإثم إلا مع قصده ترتب صنع الخمر على بيعه... أي أن البائع يبيع العنب ثم أن المشتري يصنعه خمراً مع علم البائع بما سيفعله المشتري ....ليست سوى كلاماً شاعرياً لا خلفية شرعية له إلا تحكيم العقول البائرة، باعتباره ينسف مفهوم الإعانة على الإثم الذي ناضل كثيراً من أجله أصحاب هذه الدعوى معتبرين أن أركان قاعدة الإعانة على الإثم متقوم بوجود طرفين، فيكون أحد الطرفين عوناً للآخر في فعله، وهو متحقق بالفعل لأن البائع باعتباره عالماً بما سيحدثه المشتري فصار جزء علَّة في تحقق الفعل الأخير وهو التخمير فثبت المطلوب في صدق الإعانة...وهكذا بالنسبة إلى إجارة الدار أو الدكان لصنع الخمر أو لبيعه أو ليكون محل الشرب، فيجري فيه التفصيل الذي تقدم في بيع العنب من كونها إعانة على الإثم مطلقاً سوىء أكانت النية بقصد الحرام على هذه الإجارة أو لم يقصد  شريطة الصدق العرفي أو أن يكون صدور الحرام عن الغير بمنزلة الجزء الأخير للعلة التامة لوقوع ذلك الحرام والإثم أي كانت بعد تحقق إرادة المباشر للإثم وعزمه عليه بحيث لا تكون له حالة منتظرة إلا وجود مكان للإشتغال بهذا المحرم من دكان أو دار أو ما يشبههما فتكون إعانة على الإثم... ومن الأمثلة أيضاً بيع الخشب أو أي مادة أخرى لمن يعلم أنه يصنع صليباً أو صنماً على التفصيل المتقدم المتقدم لأنهما من واد واحد ومناط الحكم فيهما واحد.
  هذا ما أحببنا الإشارة إليه جرياً على عادة الفقهاء القدامى والجدد حال الطلب منهم تفصيل بعض المطالب الفقهية والكلامية وما أثبتناه بالرغم من كفايته العلمين في إظهار نظرنا الفقهي اتجاه القاعدة المبحوث عنها في هذه الكراسة إلا أننا لم نشبع نهمنا للتفصيل أكثر ولكن صوارف الزمان وتعير مزاجنا من نواصب الزمان جعلنا نقتصر البحث بما ترون ونترك التفاصيل المملة لأوقات أخرى بإذن الله تعالى وتفضل الحجج الطاهرين على عبدهم الفقير إليهم والواقف على جنابهم وطارقاً على بابهم الكريم ومتمسكاً بحبلهم المتين وراكباً سفينة نجاتهم، جعلنا الله تعالى وإياكم من خدام وليِّه الأعظم الإمام الأكبر بقية الله الأكبر حجة الزمان وولي العصر أرواحنا فداه، والسلام عليكم وجميع إخواننا من أهل العلم التابعين لمصابيح الهدى نواميس الدهر وسفن النجاة وروح الحياة آل الله تعالى محمد وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.


العبد الفقير محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت 13محرم الحرام 1432هــ 

                                   

قاعدة الإلزام


بسم الله الرَّحمان الرَّحيم


     قاعدة الإلزام من أهم القواعد الفقهية التي تسهل على المؤمن الكثير من الأحكام المبتلى بها مع المخالفين لا سيما في موارد محدودة من أبواب متعددة مثل النكاح والطلاق والميراث وغيرها من أبواب الفقه التي لم تنقح بشكل أكثر سعة ودقة، فهي قاعدة تعطي المؤمن المزيد من الكسب والربح وتحلله من اللوازم القاهرة الطارئة عليه بفعل العوامل القسرية....وكلامنا فيها  نقسمه إلى نحوين:
النحو الأول:
المدارك التي تعتمد عليها القاعدة.
النحو الثاني: مضمونها وحدودها.
أما النحو الأول: مضمون القاعدة وحدودها:
     عمدة الإستدلال على إثبات هذه القاعدة إنما هو الأخبار المتضافرة في أبواب مختلفة في الفقه كالطلاق والإرث والنكاح والبيع وغيرها من الموارد الفقهية، ولم يستدل الأعلام قديماً وحديثاً بكتاب الله تعالى لإثبات المدرك القرآني لهذه القاعدة، ظناً منهم عدم وجود آية تدل عليها تصريحاً أو تلويحاً، وما ذاك إلا لعدم تجشمهم عناء التعب والتحقيق لكشف الحقائق القرآنية وإرجاع الأخبار الدالة على مدارك القواعد الفقهية إلى الكتاب الكريم، فجمدوا على الأخبار التي في متناول أيديهم ـــ شكر الله تعالى سعيهم وجهودهم المباركة ــ لكنَّ الأمر ليس بهذه البساطة لأن وظيفة الفقيه أعظم بكثير مما نتصوره أو نظنه، فهو يقوم بدور المستكشف والباحث عن الحقائق العلمية والحكمية من مصدر العلم وهما الكتاب والسنة المطهرة المتمثلة بأخبار نبينا الكريم وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام، وقد وفقنا الله تبارك شأنه لآيتين تدلان على المطلوب سوف نتعرض لهما قبل الإستدلال بالأخبار.
 (والحاصل): إن القاعدة قد قام الإجماع على صحتها ولكنه ليس دليلاً برأسه لإحتمال إستناده في حجيتها إلى أدلة أخرى غير التي وصلتنا عبر إستدلالاتهم المعتمدة على آرائهم وفتاويهم طبقاً لما جاء في بعض الأخبار المحدودة في أبواب معينة فلا يكشف حقيقة عن وصول شيء إليهم من ناحية المعصومين عليهم السلام مما لم يصل إلينا، ولكن العبرة بفهمنا للأخبار التي وصلتنا وهي كافية في المقام على حجية مدلولها وتسالم الأصحاب عليه، وإن كنا بحاجة إلى تحقيق أكثر لفهم شموليتها لعامة الأبواب وهو غير بعيد بحسب ما فهمناه في أخبارها مع أن غيرنا اقتصر على موارد محدودة دلت عليها الأخبار، مع ان التحديد لا يستلزم التقييد بأبواب دون أبوابٍ أخرى، وفي المجال العقيدي كما هو الحال في المجال الفقهي، فإننا لم نقصر موضوعها على الموارد الفقهية فحسب بل تخطيناه إلى المجالات الأرحب والأوسع مما اقتصر عليه  المشهور مع أن موضوعها بحسب تتبعنا لمختلف الأبواب غير الفقهية أوسع بكثير مما ظنه هؤلاء قدراً متيقناً مع وضوح عموم موردها إلى قضايا العقيدة والتاريخ والسياسة... فمن حدد عليه أن يأتينا بدليل على التحديد غير ما ذكروه مما سمّوه قدراً متيقناً، وما ذلك إلا لأجل عدم سعيهم بجهد متواصل في النصوص العقائدية والتاريخية أو ربما لعدم إلتفاتتهم إلى ما عثرنا عليه بفضل الله تعالى وحججه الطاهرين عليهم السلام، وظهورقاعدة الإلزام بكثرة في بعض الأبواب الفقهية دون غيرها من أبواب متفرقة إنَّما كان لأجل عموم البلوى بها وليس للتقييد....وهو ما ألزمنا بالتعمق قليلاً للبحث عن سعة مفادها من خلال الآيات والأخبار.
 الإستدلال بالكتاب الكريم:
     لا شك أن الكتاب الكريم فيه الكليات الكبرى الدالة على مدارك الأحكام والفرائض فلا يخلو منه بيان الحكم عما يجب معرفته على المكلَّف، بمقتضى قوله تعالى ﴿ ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾ وقوله تعالى ﴿ فيه آيات محكمات وأُخر متشابهات..﴾ وقوله تعالى﴿ ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء﴾ وقد جاء في الأخبار الكثيرة ما يدل على هذه الحقيقة الناصعة بمضامين متعددة في سياق الحديث عن سعة الكتاب في بيان المطالب الدينية حسبما ورد في بعضها كما في خبر المعلى بن خنيس قال: قال الإمام أبو عبد الله عليه السلام:" ما من أمر يختلف فيه إثنان إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال" وفي خبر مرازم عن الإمام الصادق عليه السلام قال:" إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن الكريم تبيان كل شيء حتى واللهِ ما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد إلا بيَّنه للناس حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا نزل في القرآن غلا وقد أنزل الله فيه "... بالإضافة إلى ما ورد عنهم:" أعرضوا أخبارنا على كتاب الله،  فما كان موافقاً له فخذوه..." إلى غيرها من نصوص طاهرة تبيِّن عظمة الكتاب الكريم وأنه مصدر التشريعات مع السنة المباركة.
   فإذا ما كان هذا هو حال الكتاب الكريم عند أئمتنا الطاهرين عليهم السلام فلا يجوز الركون إلى دعوى أن الكتاب خال من بيان الكليات الكبرى على المطالب بأجمعها، وعدم إهتدائنا إليها لا يستلزم عدم وجودها بل ليس ذلك إلا لأجل قصورنا أو تقصيرنا في البحث والتنقيب والتدبر مع الإتكال على الله تعالى وطلب المعونة منه والإستغاثة بحججه المطهرين الذين يدلفون على قلوب شيعتهم من عسلهم المصفى وكأسهم الأوفى الفياض بحقائق الإيمان والتشريع، فعدم فهمنا وقصورنا وقلة بضاعتنا أدى إلى عدم وضوح الرؤية التشريعية عندنا، وإلا فإن الكتاب مليء بالإشارات والرموز والتنبيهات والتلويحات نستنبط منها أحكام الحوادث والموضوعات ليهتدي بها المكلفون إلى المعارف والعقائد والتشريعات.
  (الحاصل): إن في الكتاب الكريم آيتين كريمتين تدلان على قاعدة الإلزام ولو نقبنا وتدبرنا أكثر لوجدنا أكثر من آيتين، وما عثرنا عليه كافٍ ووافٍ بحمد الله تعالى لبيان المستند على القاعدة هما:
(الآية الأولى):
قوله تعالى﴿  ألم تر إلى الذي حاجَّ إبراهيم في ربِّه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحيي وأُميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب فبُهِت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين﴾ دلت الآية المباركة على أن نبيَّ الله خليل الرَّحمان على نبينا وآله وعليه أفضل السلام وأزكى التحيات قد استعمل إسلوب الجدل المنطقي لإسكات الخصم وأخذ منه الإقرار بضعفه والتسليم لأمره والبخوع لقوله من باب قاعدة الإلزام، فقد ألزمه بأن ما يدَّعيه النمرود كان باطلاً، حيث تمسك خليل الرحمان عليه السلام بالمسلمات العقلية التي كان النمرود يعتقد بها كغيره من الناس بأنه مخلوق وليس إلهاً كما يزعم، لأن من كان إلهاً يحيي ويميت كما ادَّعى نمرود لعنه الله تعالى فإنه يكون قادراً بطريق أولى أن يأتي بالشمس من المغرب كما تشرق من المشرق لأن الشروق والغروب شيئان حادثان بحاجة إلى من يوجدهما من العدم ويفيف عليهما حركة الشروق والغروب ، فكما أن الله تعالى هو الموجد لهما فهو يأتي بالشمس من المشرق فلماذا لا تأتي بها يا نمرود من المغرب ؟! فبهت نمرود أي تحيَّر وانقطعت حجته بدعواه الربوبية...! وفي ذلك دلالة على إقراره على نفسه بالضعف وتسليمه بما أفحمه به النبي إبراهيم عليه السلام وهو موافق لمفاد قاعدة الإلزام التي تعني إقرار الخصوم بما هو الحق عندنا كما أقر نمرود بأن الحق مع خليل الله إبراهيم عليه السلام، فتأملوا جيداً .
(الآية الثانية): قوله تعالى﴿ يا معشر الجنّ والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم يقصون عليكم ىياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا ! قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كاذبين﴾ الأنعام 130.
 الآية المباركة واضحة الدلالة على أمرين: أحدهما شهادة الجن والإنس على أنفسهم بأن الرسل ــ سواء أكانوا أنبياء أم أولياء ــ سفراء الله وحججه لما جاءوا به من الحجج الإلهية والمعاجز الربانية للتدليل على صحة دعواهم الحقّة، فقد أقر الجن والإنس بذلك، وإقرارهم على أنفسهم إلزام لهم بأن الرسل على حق..وثانيهما شهادتهم على أنفسهم بأنهم كانوا كاذبين بإنكارهم رسل الله تعالى، وهذه شهادة ثانية على تكذيب أنفسهم الأمارة بالسوء.. ألا يعني هذا الإقرار أنهم ألزموا أنفسهم بالحق وهو عين ما تريده قاعدة الإلزام..
  فاتضح من خلال ما ذكرنا أن الآيتين واضحتان في مفادهما المطابق لقاعدة الإلزام التي توافقت مع كتاب الله تعالى وهو ما أمرنا أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام به بأن نعرض أخبارهم على كتاب الله تعالى فما وافقه نأخذ به وإذا لم نلتفت إلى الكتاب فلم نجد حكماً منه لتثبيت موضوع من الموضوعات فلا يجوز رد الأخبار بحجة أننا لم نجد، فعدم الوجدان ليس دليلاً على عدم الوجود، وسبب عدم الوجدان: إما الغفلة عن المراد، وإما قلة البضاعة والتدبر... والله تعالى وليُّ التوفيق.
 الإستدلال بالأخبار:
     والأخبار الدالة على صحة قاعدة الإلزام على نحوين: أخبار عامة وأخبار خاصة، وظاهرها الوجوب إلا ما دلت عليه القرائن الصارفة، بمعنى أن الظاهر من أخبار قاعدة الإلزام هو كون الإلزام للوجوب كما هو صريح قولهم صلوات الله عليهم:" ألزموهم" وقولهم :" خذوا منهم كما يأخذون منكم " وفي خبر محرز ناقلاً قول زرارة أحد أوتاد الإمام الصادق عليه السلام:" خذهم بحقك في أحكامهم" لا سيما في المجال العقيدي والتاريخي من باب إفحامهم وتبكيتهم حتى لا يسترسلوا في إبطال حججنا وبيناتنا الحقة، كما أن الإلزام في الفقه واجب إلا ما دلت عليه القرينة الصارفة حسبما أشرنا،لأن الغاية من القاعدة هي تحصيل الحق المالي أو الإرثي أو الحقوق الأخرى الإعتبارية والشرعية التي لا يمكن تحصيلها إلا بما يدينون به أنفسهم، فإقرارهم بما عندهم يكون أبلغ في العذر وآكد في الحجية والإنكار عليهم على قاعدة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتبكيتهم وإبهاتهم بقاعدة الإلزام هو أحد مصاديق الإنكار على الفاسدين والظالمين وفي نفس الوقت انتزاع الإعتراف منهم بفضائل أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام لتثبيت ولايتهم في نفوس الضعفاء والغلبة عليهم بما هو عندهم على قاعدة:" والفضل ما شهدت به الأعداء " فيرجى التدبر جيداً بنا أشرنا فإنه دقيق...ولنرجع إلى تلكم الأخبار المؤسسة للقاعدة الشريفة المبحوث في مفادها...
     أما الأخبار العامة: فمنها ما رواه الشيخ الطوسي رحمه الله تعالى في التهذيب عن عليّ بن أبي حمزة البطائني عن مولانا الإمام المعظم أبي الحسن عليه السلام سأله علي بن أبي حمزة عن المطلقة على غير السنَّة أيتزوجها الرجل ؟ فقال عليه السلام :" ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم وتزوجوهنَّ فلا بأس بذلك ". فقد جاء في هذا الخبر عموم الأخذ بما اعتقده المخالفون من أحكام وعقائد وغير ذلك للإحتجاج عليهم ولدفع الضرر الملزم على الشيعي رجلاً كان أو إمرأة، وصدر الخبر وإن كان وارداً في مسألة طلاق المرأة من المخالف إلا أن المورد لا يخصص الوارد كما هو معلوم عند عامة الأصوليين وقد حققنا هذه القاعدة الأصولية في بحثنا على ولاية الفقيه في كتابنا "ولاية الفقيه العامة في الميزان" وفندنا هناك ما ادّعاه الشيخ المنتظري بشأن القاعدة فليراجع.
  الرواية حكمها عام لا خصوصية لطلاق غير السنة بل تشمل كل ما ألزم المخالفون به أنفسهم، وهذا ما استفاده أكثر أعلام الإمامية منها، بقرينة قوله:" ما ألزموه أنفسهم " والإشكال في سريان العموم إلى غير باب الطلاق في غير محله لأجل أن أكثر الأحكام وردت في موارد خاصة ولكنها عامة من حيث شموليتها لكل الأحكام التي لا خصوصية لمقام نزولها في موردها تماماً كالآيات التي نزلت في قوم ولكنها عامة من حيث موردها وإلا لماتت الآية بموت من نزلت فيهم ..وهكذا الخبر فإنه لا يموت بموت من كان الخطاب موجهاً إليه ولكنه ليس مقصوداً به بل يقصد به غيره في كثير من الأحيان وبالتالي فإن الأخبار بمجملها محمولة على القضايا الحقيقية وليس القضايا الخارجية.....بالإضافة إلى أن الإستناد إلى الإلزام في القاعدة التي نبحث في مفادها دليل على أن المعيار هو هذه القاعدة من غير خصوصية للمقام، فإلغاء الخصوصية من هذه الجهة عن مورد الرواية لا بُعد فيه، كما أن الإشكال في ضعف سند الرواية لا يوجب الركون إليه ههنا لأن روايات القاعدة متضافرة. 
  ومن الأخبار العامة أيضاً ما ورد في صحيحة محمد بن مسلم عن مولانا الإمام المعظم أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: سألته عن الإحكام ؟ قال عليه السلام:" تجوز على كلِّ ذي دين ما يستحلون " فقد دلت الصحيحة على عموم القاعدة وشمولها لكافة الأحكام والسنن والعقائد والتاريخ والظلامات والمعاجز والكرامات المتعلقة بأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام ــ لإظهار الحق ولدفع الضرر المتوجه إلى الشيعي فيلزم الخصوم بما يعتقدون ويفتون كما أشرنا أعلاه ــ بدلالة قوله عليه السلام:" ما يستحلون" فإنه عام يشمل كافة الأبواب الفقهية كما أنه يشمل العقائد والتاريخ بما يتوافق مع أصولنا والإحتجاج عليهم بما ورد عندهم بما يثبت حق أئمتنا الطاهرين وسيدة نساء العالمين التي ألزمت أبا بكر بما أقر به بأن الكتاب حكم بتوريث عامة المسلمين بلا تخصيص لأحد على أحد ولا التقييد بأنس دون آخرين، فآيات الميراث مطلقة تشمل النبي وآله مع عامة المسلمين فكما أن أولاد المسلمين يرثون من آبائهم كذلك فإن مولاتنا السيدة الطاهرة المطهرة سيدتنا ومولاتنا المعظمة المظلومة فاطمة الزهراء لعن الله تعالى قاتلها وظالمها من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين...كما أنه قد جاء في الصحيحة التعبير بلفظ "دين " ما يعني شمولية كل معتقد بدين سواء أكان سماوياً أم أرضياً ما دام صاحبه معتقداً بكونه من الله تعالى ولو كان اعتقاده باطلاً وافتراءاً عليه تعالى كما هو حاصل بفرق الضلالة من المخالفين والديانات الباطلة،   فسواء أكان الدين بمعنى الشرع المبين أو غيره من القوانين الوضعية لشمولية لفظ الدين بمعناه اللغوي، ودعوى أن القدر المتيقن هو بمعنى الشرع أو من يتعبد بشريعة دينية دون غيره من المشركين والملحدين...مردودة بوجود بعض النصوص الصارفة للإحتمال المناهض للقدر المتيقن، وقد عقد الحر العاملي في وسائله باباً خاصاً "فيمن اعتقد شيئاً لزمه حكمه وجاز الحكم عليه به" ففي خبر قال عليه السلام:" إن كلَّ قوم دانوا بشيء يلزمهم حكمه"... فهو واضح الدلالة على ما ذكرناه من عمومية الإعتقاد بشيء حتى لو كان غير سماوي أو لا علاقة للسماء به، وهل أن الأديان المحرفة سماوية ؟ وهل أن ديانة المخالفين لوصايا رسول الله بإبنته وابن عمه وأهل بيته هي من الدين حتى يدَّعى لهم ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر..؟!!.
 ومن الأخبار العامة أيضاً ما رواه الطوسي في التهذيب بأسناده ‘اى عبد الله بن محرز عن مولانا الإمام المعظم الصادق عليه السلام قال: قلت له رجل ترك إبنته وأخته لأبيه وأمه؟ قال: المال كله لإبنته، وليس للأُخت من الأب والأم شيء ـــ الأصح أو الأم وهو تصحيف عن والأم ــ فقلتك إنَّا قد احتجنا إلى هذا الرجل والرجل الميت من هؤلاء الناس، وأخته مؤمنة عارفة؟ قالك فخذ لها النصف، خذوا منهم ما يأخذون منكم في سنتهم وقضائهم وأحكامهم، قال: فذكرت ذلك لزرارة، فقال: إن على ما جاء به إبن محرز لنوراً، خذهم بحقك في أحكامهم وسنتهم كما يأخذون منكم فيه".. فالعموم واضح في دلالتها فلا حاجة لنا بيانه.
  وأما الأخبار الخاصة: في باب الطلاق والميراث فكثيرة منها أيضاً منها: ما رواه صاحب الوسائل الحر العاملي رحمه الله تعالى في باب الطلاق والميراث فلتراجع ولكننا ننقل لكم خبرين في هذه العجالة:
الخبر الأول:
ما رواه عبد الرحمان البصري عن مولانا الإمام المعظم الصادق عليه السلام قال: قلت له امرأة طلقت على غير السنَّة؟ فقال عليه السلام: تتزوج هذه المرأة لا تترك بغير الزوج" فالخبر يحمل على المخالف الذي يعتقد صحة الطلاق من دون شاهدين عدلين، فلو طلق زوجته الشيعية بغير شاهدين فيمكنها أن تتزوج بعد إكمال العدة منه ولو رجع إلى إعتقادها كشيعية فلا يجوز لها الرجوع إليه ما دام ملتزماً بدينه فتكون المرأة خلية منه.
الخبر الثاني: صحيحة بزيغ قال: سألت الإمام الرضا عليه السلام عن ميت ترك أمه واخوة وأخوات، فقسم هؤلاء ميراثه فأعطوا الأم السدس وأعطوا الإخوة والأخوات ما بقي، فمات الأخوات فأصابني من ميراثه فأحببت أن أسألك هل يجوز لي أن آخذ ما أصابني من ميراثها على هذه القسمة أم لا ؟ فقال: بللى، فقلت: إن أم الميت فيما بلغني قد دخلت في هذا الأمر أعني الدين فسكت قليلاً ثم قال: خذه..".
 ومن الواضح أن أخذ الإخوة والأخوات الميراث مع أنهم من الطبقة الثانية مع وجود الأم وهي من الطبقة الأولى لا يصح على مذهبنا الحق، وإنما يصح على مذهب المخالفين، فحكم له الإمام عليه السلام بأخذ ما وصله من الأم التي دخلت في ديننا.
(والخلاصة): أن القاعدة لا تقتصر على مورد الطلاق والميراث والنكاح بل تشمل أبواب متعددة في الفقه نظير باب الوصية والوقف والهبة والبيع والشراء وإحياء الموات والحيازة وغيرها من الأبواب، ولا نرى ثمة مانع من شمولها لعامة الأبواب الفقهية بعد عموم الأدلة وشمول الإطلاقات وعدم وجود دليل على تخصيصها، فلو أن واحداً من المخالفين أوصى بوصية صحيحة في مذهبه ولكنها باطلة عندنا، فلا ريب في شمول هذه الوصية أصنافاً منا، فأي مانع حينئذٍ من الأخذ بمقتضى وصيته والإنتفاع بها بعد عموم قوله"ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم" وكذلك لا مانع شرعاً أن يأخذ الشيعي ما يهبه المخالف على مقتضى مذهبه ولكنها باطلة عندنا فيجوز للشيعي التصرف فيه بعنوان الهبة وهكذا في أبواب المضاربة والإجارة والمزارعة والمساقاة يجوز أخذهم بمقتضى ما يلتزمون به من أحكامهم كما يأخذون منا عند قدرتهم... ولعلّ السائل يسأل : لماذا لم يعمل الفقهاء بعموم هذه الأبواب أو لم يتعرضوا لها في تلكم الأبواب التي ذكرتموها ما دمتم تقولون أن القاعدة عامة تشمل جميع أبواب الفقه؟ .
     والجواب:
لعلَّ عدم تعرض الفقهاء لهذه الفروع في كلماتهم مرده عدم الإبتلاء به كثيراً في غير أبواب النكاح والطلاق والميراث، وعدم تعرضهم لها لا يكون دليلاً على عدم قبولهم لها مع عموم الأدلة وإطلاق الفتاوى أيضاً .
 والقاعدة تشمل حتى باب العقائد والتاريخ كما سبق منا مراراً وتكراراً وقد استخدمها ملك البلاغة والإمام الأكبر مولانا وسيدنا أمير المؤمنين علي عليه أفضل السلام وأزكى التحيات في مواضع متعددة إحتجاجاً على المغتصبين الكافرين ممن آذوه وزوجته الطاهرة الميمونة الزهراء المظلومة أرواحنا فداها فقد احتج عليهم لما قادوه كالجمل المخشوش إلى البيعة التي تمت صفقتها بالقرابة فأنكر عليهم لزوم البيعة عليه لأنه أقرب الأقربين إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، حيث قال لهم :( أنا أحقُّ بهذا الأمر منكم لا أُبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الانصار واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله فأعطوكم المقادة وسلّموا إليكم الإمارة وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون..) وقال صلى الله عليه وآله في موضع آخر في نهج البلاغة:( واعجباً أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة النسبية..) فكأنه يستنكر عليهم بأنه إذا كان هكذا فلماذا لا تعطونيها لأنني أحق بها منكم طبقاً لما تدعون من الصحبة للنبي وقرابتكم منه مع أنني من أفضل صحابته بإعتقادكم كما أنني من قرابته ولا أحد ينكر ذلك... فكان إنكاره واحتجاجه عليهم من باب قاعدة(ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم) إتماماً للحجة وإبلاغاً للمحجة.. وبهذا يتضح لكم إن شاء الله تعالى أن قاعدة الإلزام صالحة للإستدلال بها في المجال العقائدي لإثبات الخلافة والإمامة والولاية والإمارة والفضائل والكرامات والصحبة والقرابة من رسول الله، وهكذا تكون القاعدة صالحة أيضاً لإثبات مثالب أعدائهم بما يروونه من مثالب أبي بكر وعمر وعثمان وخالد ومعاوية ويزيد وعائشة وحفصة وبقية الأوباش والمجرمين الذين هتكوا الدين وأبادوا عترة رسول رب العالمين، وقاعدة الإلزام هي من باب ( من فمك أدينك).
 

     هذه الرسالة الوجيزة في الإستدلال على قاعدتي حرمة الإعانة على الإثم والإلزام جاءت تلبية لطلب ولدنا فضيلة الشيخ المجاهد ......... دام حفظه وجعله ذخراً لنصرة إمامنا الأكبر المولى المعظم الحجة بن الحسن صلوات الله عليهما وعجل الله تعالى فرج مولانا القائم بقية الله ...والسلام عليكم ورحمته وبركاته.


حررها العبد الفقير إلى الله تعالى والحجة المفدى الإمام بقية الله الأعظم روحي فداه الأحقر محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ يوم الأحد الموافق 1432هجري على صاحبها رسول الله وآله أفضل الصلاة والسلام.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/13   ||   القرّاء : 10950




أحدث البيانات والإعلانات :



 لقد ألغى سماحة لمرجع الديني الكبير فقيه عصره آية الله الحجّة الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي ( دام ظلّه الوارف ) كلّ الإجازات التي منحها للعلماء..

 الرد الإجمالي على الشيخ حسن المصري..

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1443 هجري / 2022 ميلادي

 الرد الفوري على الشيخ البصري

 إحتفال الشيعة في رأس السنة الميلاديّة حرام شرعاً

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1441 هجري / 2020 ميلادي

 بيان هام صادر عن المرجع الديني آية الله الشيخ محمّد جميل حمُّود العاملي

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 هل كان أمير المؤمنين عليٌّ صلّى الله عليه وآله موجوداً مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الإسراء والمعراج..؟

 ما هو حكم الدم المعفى عنه في الصلاة..وكم هو مقداره..؟

 حكم الرعاف في شهر رمضان...

 البتريون كالنواصب نجسون دنسون..

 هل الملعون نجس؟

 تحية السلام على المصلي...

 حكم العدول من سورة الى سورة في الصلاة الواجبة..

ملفات عشوائية :



 هل يجوز للزوج أن يعزل ماءه عن زوجته ؟

 الطواف فوق الجسر المدور باطل

 كيف يعرف المؤمن منتصف الليل..؟ / أوقات الفضيلة للصلوات الخمس الواجبة

 يجب ستر حجم العورة وليس لونها فحسب

 دعاء الندبة

 علاجنا الفقهي للخلاف الروائي في تحديد رأس السنة

 ــ(85)ــ إشكالات السيد الصدر على الجزيرة الخضراء والإيراد عليها ــ(الحلقة الحادية عشرة)ــ

جديد الصوتيات :



 الإيراد على الوهابيين غير المعتقدين بالتوسل بالأنبياء والأولياء من آل محمد عليهم السلام - ألقيت في عام 2008 ميلادي

 محطات في سيرة الإمام محمّد الجواد عليه السلام - 26تموز2007

 محاضرة حول الصدقة (حديث المنزلة..وكل الانبياء أوصوا الى من يخلفهم..)

 السيرة التحليليّة للإمام علي الهادي عليه السلام وبعض معاجزه

 لماذا لم يعاجل الإمام المهدي (عليه السلام) بعقاب الظالمين

 المحاضرة رقم ٢:( الرد على من شكك بقضية إقتحام عمر بن الخطاب لدار سيّدة الطهر والقداسة الصديقة الكبرى فاطمة صلى الله عليها)

 المحاضرة رقم 1:(حول ظلامات الصدّيقة الكبرى..التي منها إقتحام دارها..والإعتداء عليها ارواحنا لشسع نعليها الفداء والإيراد على محمد حسين..الذي شكك في ظلم أبي بكر وعمر لها...)

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 11

  • الأقسام الفرعية : 36

  • عدد المواضيع : 2195

  • التصفحات : 19214073

  • المتواجدون الآن : 1

  • التاريخ : 29/03/2024 - 00:21

||   Web Site : www.aletra.org   ||   
 

 Designed, Programmed & Hosted by : King 4 Host . Net